
اقتصادات «تحت الدرع».. سباق تسلّح بلا سند تنموي
تم تحديثه السبت 2025/6/28 10:47 م بتوقيت أبوظبي
للمرة الأولى منذ عقود، يشهد العالم الغني موجة غير مسبوقة من إعادة التسلّح. مدفوعة بالحروب في أوكرانيا وغزة، وتصاعد التوتر حول تايوان، وسلوك الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي يثير قلق حلفاء واشنطن.
وقد اتفق أعضاء الناتو مؤخرًا، في 25 يونيو/حزيران، على رفع هدف الإنفاق الدفاعي إلى 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي، مع إضافة 1.5% أخرى لإنفاق أمني عام. وإذا تحقق هذا الهدف بحلول عام 2035، فسيعني إنفاقًا إضافيًا بنحو 800 مليار دولار سنويًا.
ووفقًا لتحليل نشرته مجلة "الإيكونوميست"، فإن هذه الطفرة لا تقتصر على الناتو؛ إذ أنفقت إسرائيل أكثر من 8% من ناتجها المحلي على الدفاع في العام الماضي، وتعتزم اليابان -رغم تاريخها السلمي- رفع مخصصاتها العسكرية. هذا التوجه يعيد تشكيل الاقتصادات الكبرى، ويثير نقاشًا واسعًا حول أثره على النمو والاستقرار المالي والاجتماعي.
من جهتهم، يدافع السياسيون عن إعادة التسلح باعتبارها فرصة لتعزيز الاقتصاد وخلق الوظائف. ووعد رئيس وزراء بريطانيا، كير ستارمر، بـ"جيل جديد من الوظائف الجيدة"، بينما تتحدث المفوضية الأوروبية عن فوائد اقتصادية للدول كافة. لكن هذه الروايات، رغم جاذبيتها سياسيًا، تفتقر إلى الأسس الاقتصادية الصلبة.
ووفقا للتحليل، فلا شك أن العالم دخل عصرًا جديدًا من التسلّح، مدفوعًا بالتحولات الجيوسياسية. لكنّ الدفاع، رغم ضرورته، لا ينبغي أن يُسوّق كأداة معجزة للنمو الاقتصادي. الإنفاق العسكري لا يخلق وظائف كثيرة، ويضغط على المال العام، ولا يغني عن الحاجة إلى تخطيط اقتصادي رشيد.
الضغط على المالية
وأول آثار إعادة التسلح هو الضغط على المالية العامة. فمعظم دول الناتو تواجه ديونًا مرتفعة وأعباء سكانية متزايدة، إلى جانب ارتفاع أسعار الفائدة. وباستثناء الولايات المتحدة، يتعين على الدول الأعضاء زيادة الإنفاق العسكري بنسبة 1.5% من الناتج المحلي، ما يعني تراجعًا في الإنفاق الاجتماعي أو اتساعًا في العجز. وفي ظل هذا الوضع، يصبح الادعاء بأن التسلح يعزز الاستقرار الاقتصادي محل شك.
وقد يخلق الإنفاق العسكري دفعة قوية مؤقتة، خصوصًا إذا كان ممولًا بالعجز. لكن في بيئة تتسم ببطالة منخفضة وتضخم مرتفع، فإن هذه الدفعة تصبح محدودة وغير مرغوبة. كما أن الإنفاق على السلاح لا يحسن بشكل مباشر مستوى معيشة المواطنين، خلافًا للاستثمار في الصحة أو التعليم.
لكن بحسب المجلة، فما يستحق الاستثمار حقًا هو الأبحاث والتطوير الدفاعي. فالتاريخ يثبت أن تمويل الدفاع يمكن أن يولّد ابتكارات مدنية كبرى مثل الإنترنت والطاقة النووية. وتشير دراسات حديثة إلى أن زيادة 1% في الإنفاق الدفاعي على البحث والتطوير ترفع إنتاجية القطاع بنحو 8.3% سنويًا. لذا، فإن الحكومات مطالبة بدعم هذا المجال، بدلًا من مجرد شراء العتاد.
أما الحجة بأن التسلّح يحلّ أزمة التصنيع الغربي، فهي مضللة. فصناعة الأسلحة اليوم تعتمد على الأتمتة وتوظف عمالة أقل من الصناعة المدنية. وحتى مع زيادة محتملة في إنفاق الناتو، لن يُخلق سوى نحو نصف مليون وظيفة جديدة في أوروبا—وعدد ضئيل مقارنة بـ30 مليونًا يعملون في قطاع التصنيع.
وفي سياق متصل، تظهر الحروب الحديثة مثل تلك في أوكرانيا أن التكنولوجيا، كالمسيرات والذكاء الاصطناعي، هي العامل الحاسم، مما يقلل من الحاجة إلى العمالة ويزيد من تركّز الأرباح لدى شركات التكنولوجيا المتقدمة.
تزايد الضغوط المحلية
كذلك، يهدد تضخم الميزانيات العسكرية بكفاءة الإنفاق والعدالة. فحين تزداد الأموال، تبدأ الضغوط المحلية -من شركات ونقابات- لتحويل الإنفاق لصالحها، مما يؤدي إلى تبديد الموارد، كما في أوروبا التي تمتلك 12 نوعًا من الدبابات مقارنة بنوع واحد في الولايات المتحدة.
وأمام الحكومات مهمة صعبة: كيف تضمن الأمن دون إنهاك الميزانيات؟ والخيارات محدودة—ضرائب أعلى، عجز أوسع، أو تقليص الإنفاق الاجتماعي—وكلها تمسّ حياة المواطنين. وربط التسلّح بتحقيق أهداف اقتصادية ونمائية متعددة دون وضوح في الأولويات، يؤدي إلى نتائج غير فاعلة.
والمطلوب اليوم، بحسب التحليل، هو الشفافية، أي أن إنفاق الضرائب يجب أن يوجه للأمن أولًا، وأي فوائد اقتصادية تأتي لاحقًا تُعد مكاسب ثانوية. كما ان الأهداف الأمنية يجب أن تكون واضحة، مثل ردع الخصوم وتعزيز التعاون العسكري، مع صرف الأموال بأعلى كفاءة ممكنة لتحقيق هذه الأهداف.
aXA6IDkyLjExMy4yNDMuNzUg
جزيرة ام اند امز
ES

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 2 ساعات
- البوابة
المندوب الأمريكي الدائم لدى "الناتو": الحلفاء اشتروا أسلحة بقيمة 21 مليار دولار من واشنطن عام 2024
أكد الممثل الدائم للولايات المتحدة لدى حلف "الناتو" ماثيو ويتكر أن حلفاء واشنطن في الحلف اشتروا أسلحة مختلفة من الولايات المتحدة بحوالي 21 مليار دولار في عام 2024. قال ويتكر، معلقا على قمة الحلف في لاهاي وقرار الدول الأعضاء بزيادة الإنفاق الدفاعي: "عندما تستثمر أوروبا في دفاعها، فإنها تدعم أيضا بشكل مباشر خلق فرص العمل في الولايات المتحدة، وتعزز قاعدتنا الصناعية، وتعزز الدفاع الجماعي لحلف الناتو". وأعرب عن أمله في أن "يدعم" حلفاء الولايات المتحدة التزاماتهم بهذا الشأن "بالعمل". وأضاف أنه "في عام 2024 وحده، اشترى حلفاء "الناتو" معدات عسكرية من الولايات المتحدة بقيمة 21 مليار دولار، مما دعم التصنيع وخلق فرص عمل محلية". وأشار ويتكر إلى أن الولايات المتحدة تتفوق على حلفائها من حيث الابتكار في مجال إنتاج الأسلحة. وأكد أنه يجب على الحلف أن "يعتمد على التكنولوجيا الأمريكية" في قطاع الدفاع، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي "لضمان ردع موثوق". وجاء في بيان صدر عقب قمة "الناتو" التي عُقدت في لاهاي يومي 24 و25 يونيو أن قادة الحلف اتفقوا على زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي.


الإمارات اليوم
منذ 3 ساعات
- الإمارات اليوم
وزارة الدفاع الألمانية تُنفّذ عملية توسعة هائلة في صناعة الأسلحة
خلال فترة ولايته الأولى وزيراً للدفاع في ألمانيا، واجه بوريس بيستوريوس، صعوبة في تأمين التمويل اللازم لإصلاح القوات المسلحة التي عانت الإهمال طويلاً. لكن بعد أن منحته الحكومة الجديدة، هذا الأسبوع، مبلغاً ضخماً قدره 650 مليار يورو للسنوات الخمس المقبلة، سيبقى التحدي الرئيس أمامه هو إنفاقه. ويتعين على بيستوريوس، التعامل مع بيروقراطية المشتريات التي كانت تستغرق في السابق، سبع سنوات لاختيار بندقية هجومية رئيسة جديدة، وأكثر من عقد لشراء خوذة لطياري المروحيات. وسيتعين عليه الإشراف على عملية توسعة هائلة في صناعة الأسلحة التي تعاني بالفعل نقصاً في الطاقة الإنتاجية. ويجب تخصيص مليارات الدولارات لمهام، مثل تحديث الثكنات التي يعاني بعضها حالة «كارثية» بسبب «الجص» المتهالك والعفن، وفقاً لهيئة الرقابة على القوات المسلحة. وصرح بيستوريوس هذا الأسبوع، بأن البلاد «ستتمكن أخيراً من تأمين ما تحتاج إليه»، بعد أن أعلنت برلين أن ميزانية الدفاع الألمانية ستصل إلى 162 مليار يورو بحلول عام 2029، بما في ذلك الدعم المقدّم لأوكرانيا، بزيادة قدرها 70% على هذا العام، لكنه حذّر قائلاً: «كل هذا ينبغي أن يعزز القدرة الإنتاجية الصناعية بسرعة، ويوسع نطاقها ويُكيّفها مع احتياجاتنا وطلباتنا». وتضع هذه الخطط، ألمانيا على المسار الصحيح لتحقيق هدف حلف شمال الأطلسي (الناتو) الجديد، المتمثل في إنفاق 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع الأساسي بحلول عام 2029، أي قبل ست سنوات من الموعد النهائي المتفق عليه حديثاً للتحالف العسكري الغربي. ويعتقد العديد من الخبراء أن ألمانيا التي تُخطط لإدخال الخدمة العسكرية التطوعية، ستضطر في النهاية إلى اعتماد نموذج إلزامي، وهو أمر قدّر معهد «إيفو»، ومقره ميونيخ، أنه سيكلف الحكومة 3.2 مليارات يورو سنوياً. وأحرزت ألمانيا بالفعل تقدماً في إصلاح الجيش الألماني منذ بدء الحرب في أوكرانيا عام 2022، عندما كشف المستشار آنذاك، أولاف شولتس، عن صندوق خاص بقيمة 100 مليار يورو لتجهيز الجيش. وحذّر قائد الجيش في ذلك الوقت من أن قواته «ليس لديها أي سلاح تقريباً». وأصبح الإنفاق على نطاق جديد ممكناً، بفضل قرار المستشار الجديد فريدريش ميرتس، بالسماح بالاقتراض غير المحدود لإعادة ترسيخ ألمانيا كأقوى جيش تقليدي في أوروبا. وستقترض البلاد 380 مليار يورو من الآن وحتى عام 2029، لتغطية تكاليف هذا الإنفاق الباهظ. لكن إنفاق هذه المبالغ الضخمة سيُشكل تحديات هائلة لنظام المشتريات الدفاعية الألماني. وكان مكتب المشتريات الضخم التابع للجيش الألماني في كوبلنز - الذي يضم 11 ألفاً و800 موظف - معروفاً في الماضي باتباعه الدقيق للأنظمة الوطنية، وأنظمة الاتحاد الأوروبي، ووضع متطلبات جمركية معقدة. وكانت وزارة المالية في برلين عائقاً آخر أمام عمليات الشراء السريعة، حيث ناقش مسؤولون يفتقرون إلى الخبرة العسكرية، عدد الغواصات التي تحتاج إليها البحرية الألمانية بالفعل. وقد حقق بيستوريوس، فعلاً، بعض النجاح في تغيير الثقافة، داعياً إلى السرعة بدلاً مما أسماه «حلولاً مطلية بالذهب». وقد استخدمت ألمانيا صندوق الـ100 مليار يورو لطلب سلسلة من المنتجات باهظة الثمن، بما في ذلك طائرات مقاتلة من طراز «F-35»، وطائرات هليكوبتر من طراز «شينوك»، ونظام دفاع جوي من طراز «أورو 3» من إسرائيل. ومع ذلك، لاتزال هناك إحباطات. ويقول أحد كبار المسؤولين: «في بعض الأحيان، قد يستغرق مجرد وضع عقد، عاماً كاملاً». وحتى بعد طلب المنتجات، قد يتأخر المورّدون في التسليم وسط اختناقات صناعية هائلة. وقال المسؤول الكبير، في إشارة إلى نظام الدفاع الجوي الأميركي: «عندما تطلب نظام باتريوت اليوم يقولون: شكراً لك على طلبك، سوف تتلقاه في عام 2028». ويقول مسؤول تنفيذي في شركة ألمانية متوسطة الحجم لتصنيع الأسلحة: «عندما تنظر إلى الأرقام المتداولة حالياً في برلين، تجد أنها أمر يدعو للقلق». ويحذر المحللون من مخاطر قرارات الشراء السيئة والهدر، ومن التلاعب بالأسعار من قِبل المنتجين، وسط ارتفاع الطلب بشكل كبير. ويقول الزميل البارز في مركز «بروغل» للأبحاث الاقتصادية، ومقره بروكسل، غونترام وولف: «كلما احتجنا إلى صرف الأموال بسرعة، زاد خطر استخدامها في أسهل التقنيات وأكثرها كلفة، والتي قد تكون قديمة أيضاً». ويضيف أن ألمانيا - بتركيزها على أولوياتها الوطنية - أضاعت فرصة تطوير حلول أوروبية شاملة. ولايزال ميرتس يعارض الاقتراض المشترك من الاتحاد الأوروبي الذي من شأنه أن يساعد الدول الأصغر على زيادة إنفاقها العسكري. وتختلف الجهات الفاعلة في الصناعة «القديمة»، مثل شركة «راينميتال» لإنتاج المدفعية والذخيرة، مع شركات ناشئة، مثل شركة «هيلسينغ»، مطورة الذكاء الاصطناعي وصانعة الطائرات دون طيار، حول الدروس المستفادة من الصراع في أوكرانيا، وكيفية تقاسم غنائم ميزانية الدفاع. وصرح الرئيس التنفيذي لشركة «راينميتال»، أرمين بابرغر، الذي تلقت شركته 42 مليار يورو من صندوق الـ100 مليار يورو، بأن «الحرب التقليدية قد عادت». لكن المؤسس المشارك لشركة «هيلسينغ»، غوندبرت شيرف، يقول: «لازلنا نحصي الدبابات والسفن والطائرات. هذه عقلية خطأ». وصرحت نائبة الرئيس الأولى في صندوق مارشال الألماني، كلوديا ميغور، بأن «هذا التناقض خطأ. في النهاية نحتاج إلى الحصول على المزيج المناسب، المزيج الذي يتكيف مع أسلوب (الناتو) في القتال، وعلينا الحصول عليه بسرعة». عن «فايننشال تايمز»


الإمارات اليوم
منذ 3 ساعات
- الإمارات اليوم
أوكرانيا تتذيل أولويات القمة السنوية لحلف «الناتو»
يبدو أن موضوع حرب روسيا على أوكرانيا، وهو الموضوع الرئيس لقمم حلف شمال الأطلسي (الناتو) الأخيرة، قد تراجع إلى أسفل قائمة أولويات القمة السنوية للحلف هذا العام، التي انتهت يوم الأربعاء الماضي. ففي هذه القمة لم يُحتفَ بالرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، كما كان الحال في السنوات الماضية، بل حتى لم يكن محور الاهتمام. وبدلاً من ذلك، استقطب الرئيس دونالد ترامب كل الأضواء في المنصة الرئيسة في لاهاي، حيث عُقدت القمة. ولم يُخفِ ترامب ازدراءه لحلف «الناتو»، ورغبته في أن يتوقف الأعضاء عن الاعتماد بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي، وإعجابه بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ولم يذكر الإعلان الرسمي للقمة شيئاً عن انضمام أوكرانيا إلى الحلف، وهي نقطة نقاش قائمة منذ فترة طويلة. ولم يُسفر الاجتماع بين زيلينسكي وترامب عن أي وعود محددة بشأن محادثات السلام، على الرغم من أن ترامب قال إن من الممكن أن ترسل الولايات المتحدة المزيد من أنظمة الدفاع الجوي «باتريوت» إلى أوكرانيا. ويقول المستشار السابق لـ«الناتو»، مايكل جون ويليامز، الذي يشغل حالياً منصب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة «سيراكيوز»، والذي حضر القمة: «أعرب الأوروبيون، خصوصاً البريطانيون، عن مدى التزامهم تجاه أوكرانيا، وهو أمر ليس مفاجئاً، ولكن كانت هناك أيضاً محاولة حقيقية لإبعاد القضايا الخلافية عن طاولة النقاش. لم تكن أوكرانيا محور النقاش كما كانت دائماً». وبدا أن الجميع في الاجتماع، الذي استمر يومين، يحاولون إرضاء ترامب، حتى إن زيلينسكي ارتدى سترة سوداء للقاء به، في تخلٍ نادر عن زيه العسكري، وهو الذي لطالما أزعج ترامب وحلفاءه في الماضي. واجتمع الزعيمان لمدة 50 دقيقة، وكان هذا هو اجتماعهما الثاني منذ لقائهما الكارثي في البيت الأبيض في أواخر فبراير، عندما انتقد ترامب الرئيس الأوكراني علناً. وقال زيلينسكي إن «المحادثات كانت طويلة وذات مغزى، وشكر ترامب». وقال الرئيس الأميركي، إن زيلينسكي كان في غاية اللطف، لكنه أضاف أنهما لم يناقشا وقف إطلاق النار. ولم تُعلن الولايات المتحدة، التي كانت في السابق أكبر داعم لأوكرانيا، عن أي حزم مساعدات عسكرية جديدة لها منذ ما يقرب من خمسة أشهر، منذ تولي ترامب منصبه. ومن المتوقع أن تنفد المساعدات العسكرية المُصرّح بها في عهد الرئيس السابق، جو بايدن، هذا الصيف. وقد وعد الحلفاء الأوروبيون بمزيد من المساعدة، وتُنتج أوكرانيا المزيد من أسلحتها الخاصة، خصوصاً الطائرات بدون طيار، لكن خبراء عسكريين يقولون إن هذه الأسلحة لا تكفي لسد الفجوة. ولشهور، كان الأوكرانيون يأملون أن يضغط ترامب على روسيا لإنهاء الحرب، ولكن بعد أشهر من التعثر والتراجع، تعثرت محادثات السلام. وقبل شهر تقريباً، في 28 مايو، منح ترامب الرئيس بوتين مهلة أسبوعين إضافية، عندما سُئل عما إذا كان يعتقد أن الزعيم الروسي يريد حقاً إنهاء الحرب. وانتهى هذا الموعد النهائي من دون نتيجة. وقال أحد النواب الأوكرانيين، واسمه أوليكساندر ميريزكو، إنه شعر وكأن ترامب يُلقي باللوم على أوكرانيا في الحرب التي بدأتها روسيا. وقرر ميريزكو، الذي رشح ترامب لجائزة نوبل للسلام في نوفمبر، سحب هذا الترشيح يوم الإثنين. وقال إن ترامب، مارس معايير مزدوجة بمهاجمته إيران. وأضاف أن «ترامب حاسم في رد فعله ضد إيران، لكنه لا يفعل شيئاً من هذا القبيل في ما يتعلق ببوتين، وبالنسبة لي، هذا ليس عدلاً». وكان التناقض بين قمة «الناتو»، العام الماضي في واشنطن، وقمة هولندا، لافتاً للنظر. ففي العام الماضي، اتفقت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوروبيون على ضرورة منح أوكرانيا مساراً «لا رجعة فيه» نحو عضوية الحلف، أما في قمة هذا العام، فلم يكن هناك أي ضمان من هذا القبيل، ويرجع ذلك على الأرجح إلى معارضة ترامب لذلك. وصرّح الأمين العام لحلف «الناتو»، مارك روته، في مؤتمر صحافي، بأن الحلف يواصل دعم أوكرانيا «في مسارها الذي لا رجعة فيه نحو عضوية (الناتو)»، لكن الإعلان الرسمي ركز على إعادة تأكيد «الالتزامات السيادية الدائمة للحلف بتقديم الدعم لأوكرانيا، التي يُسهم أمنها في أمننا». وفي العام الماضي، قتلت الصواريخ الروسية ما لا يقل عن 41 مدنياً في أوكرانيا في اليوم السابق لبدء القمة. وأدان الأمين العام لحلف «الناتو» آنذاك، ينس ستولتنبرغ، صراحة «الهجمات الصاروخية المروعة على المدن الأوكرانية، والتي أسفرت عن مقتل مدنيين أبرياء، بمن فيهم أطفال». وأصدر «مجلس (الناتو)-أوكرانيا»، المؤلف من رؤساء دول وحكومات، بياناً أدان فيه «بأشد العبارات الممكنة الهجمات الروسية المروعة على الشعب الأوكراني». أما هذا العام، فلم يُدن حلفاء «الناتو» الهجوم الصاروخي الروسي على «دنيبرو»، الثلاثاء الماضي، وهو اليوم الأول من القمة. فإضافة إلى مقتل 20 شخصاً وإصابة 300 آخرين، ألحق الهجوم أضراراً بنحو 50 مبنى سكنياً، و40 مؤسسة تعليمية، وثماني منشآت طبية، وقطار واحد. وأدانت بعض الدول، مثل فرنسا، الهجوم. ويوم الإثنين، حذّر روته من أن روسيا لاتزال تُشكّل التهديد الأكبر للحلف. ويوم الأربعاء الماضي، في مؤتمر صحافي، قال ترامب، إن «من المحتمل أن يكون لدى بوتين طموحات تتجاوز أوكرانيا»، لكنه رفض وصف الرئيس الروسي بالعدو. وقال ترامب: «أعتبره شخصاً، على ما أعتقد، مُضلّلاً». واختُتمت قمة هذا العام بالتزام من معظم حلفاء «الناتو» برفع إنفاقهم العسكري إلى 5% من ناتجهم الاقتصادي على مدى السنوات الـ10 المقبلة. وقال دانيلو ياكوفليف، البالغ من العمر 30 عاماً، وهو جندي في الجيش الأوكراني، إنه في حال سقوط كييف، ستكون الأهداف التالية دولاً مثل إستونيا ولاتفيا وليتوانيا ومولدوفا وبولندا. وأضاف أن على أوروبا أن تُكثّف جهودها. وأضاف: «في نهاية المطاف، يجب أن نعتمد على أنفسنا أولاً وقبل كل شيء. لا يمكننا افتراض أن أحداً سيأتي لإنقاذنا، ولكن في الوقت نفسه، علينا أن نوضح تماماً لجميع الدول الأخرى أنه إذا سقطت أوكرانيا، فقد تكون هي التالية، وقد لا يكون لديها حتى مستقبل». عن «نيويورك تايمز» زيادة الاستثمارات في الجيوش وافقت الدول الأوروبية على زيادة استثمارها في جيوشها، بعد أن تمتعت بـ«عائد السلام» منذ نهاية الحرب الباردة. كما تسعى لردع عدوان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مع دخول حربه الشاملة في أوكرانيا - وهو أكبر صراع مسلح على الأراضي الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية - عامها الرابع. ويتعين على المخططين العسكريين الألمان إنفاق عشرات المليارات على أنظمة الدفاع الجوي، والأسلحة بعيدة المدى، والمركبات المدرعة، والحرب السيبرانية، للوفاء بالتزاماتهم الجديدة تجاه «الناتو». كما يسعون إلى تطوير أنظمة أقمار اصطناعية لتعزيز قدرات أوروبا في مجال الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع، وسط مخاوف من الاعتماد على واشنطن. ويقول المحلل بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، بن شراير: «يتسابق الأوروبيون لسد الفجوة، لكن الأمر يتطلب جهداً كبيراً. وسيستغرق الأمر وقتاً، ويكلف الكثير من المال». كما ستتضخم تكاليف الأفراد مع سعي برلين إلى توسيع حجم قواتها المسلحة المحترفة من نحو 180 ألف جندي إلى 260 ألف جندي بحلول منتصف ثلاثينات القرن الـ21، وهي مهمة شاقة لجيش يكافح بالفعل لملء الشواغر. . الحلف يواصل دعم أوكرانيا في مسارها الذي لا رجعة فيه نحو عضوية «الناتو». . لم يُخفِ ترامب ازدراءه لحلف «الناتو»، ورغبته في أن يتوقف الأعضاء عن الاعتماد بشكل كبير على الدعم العسكري الأميركي.