
أصداء الأحداث الأخيرة
الصخب في كل مكان. فرقعة القنابل في غزة مختلطة بصراخ وعويل الأمهات. أصوات مئات الصحفيين والمصورين تحاول جذب الانتباه. صفارات الإنذار تدوّي في مدن وسط إسرائيل مختلطة بفرقعات صواريخ ترتطم ببعضها، اليمن الحوثية تحاول تسجيل حضورها، طرابلس الغرب تنعى للعالم نهاية الهدوء المصطنع في الحالة الليبية. القتل والتخريب والدمار في السودان ينتقل جميعها إلى أقصى الشرق في بورسودان وأقصى الغرب في الفاشر مروراً بالأبيض في حرب منسية، الاستقرار ضل طريقه إلى عدد متزايد من الدول العربية، لبنان حيث الآمال كبرى والخطط تدبر والمستقبل يلوح بتفاصيل غامضة، سوريا وليست غزة الوحيدة المستفيدة من ترامب، صخب غطى على اهتمامات القمة.
ما سبق ليس أكثر من عينات لانطباعات عديدة تشكلت لدى مراقبين اختاروا متابعة أحداث الشرق الأوسط في الآونة الأخيرة. يدفعهم الإدراك أو اليقين ربما بأن مستقبلاً للشرق الأوسط و«النظام العربي» يجري طبخه بعناية فائقة وكلفة باهظة وتحت صخب شديد وفي ظل قلق رهيب. يزيد من القلق تطورات أو صدف وأحداث لا تبدو مترابطة أو مدبرة أعرض فيما يلي لبعض منها:
*أولاً: ليست المرة الأولى، ولن تكون الأخيرة، التي يحاول فيها طرف أجنبي نقل إقليم من موقع النظام الفرعي إلى موقع النظام الإقليمي. وليست المرة الأولي في السنوات الأخيرة تجتمع قمة عربية بدون مشاركة أطراف عربية.
ثانياً: ليست المرة الأولى التي تمر بها المنطقة العربية بأحداث مسّ أكثرها صلب الوجود العربي بشكل عام أو على الأقل وتحديداً «وجود» دول بعينها. لم يحدث من قبل أن انتقل التهديد بالوجود من عدمه من الحالة الإسرائيلية إلى حالة أو حالات عربية. سمعنا من معلق أجنبي أن الصورة التي تكونت لدى الرئيس ترامب منذ ولايته الأولى، ومن خلال تأمله الأعمق لمصالحه الشخصية والعائلية، شجعته على التفكير في بدائل لإقليم الشرق الأوسط تخرج عن المعتاد أو المتوقع وبعضها يمسّ قضايا وجودية.
ثالثاً: مرة أخرى تثير تطورات دولية وإقليمية سؤالاً مشروعاً ومحقاً. هل استفادت كل من جمهورية جزر القمر وجمهورية الصومال من انضمامها إلى، ولا أقول اندماجها في، النظام الإقليمي العربي؟ يمكننا بطبيعة الحال ضم السودان لهذا السؤال. السودان التي فقدت شطراً جنوبياً عظيم الفائدة ودخلت حرباً قد تنتهي بفقدان شطر آخر لا يقل أهمية. حدث هذا ويحدث والسودان دولة عضو في المنظومة العربية. قيل لهذه الدول إن الدولة «العربية» المنضمة إلى النظام العربي تكسب بالانضمام جاهاً ومكانة في النظام الدولي، قول أعترف بأنه يستحق البحث لإثباته من خلال دراسة تطور السياسة الخارجية والمكانة الدولية والإقليمية للدول الأعضاء.
نحن نعرف الآن أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تحصد علاقات أفضل وأقوى في سياستها الخارجية مع دول من خارج الاتحاد الأوروبي مثل دول العالم العربي أو مع الصين. دليلنا على أهمية ما نعرف هو التطور المذهل حقيقة في العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي بشكل يوحي بأن الإنجليز نادمون على خروجهم من الاتحاد أو على الطريقة التي خرجوا بها. ومع ذلك لا يجوز تجاهل حقيقة اكتشاف أن الولايات المتحدة مقبلة على مرحلة عزلة نسبية عن بعض أنشطتها الخارجية وهو الأمر الذي لا شك يقلق بريطانيا غير المرتبطة بالاتحاد الأوروبي ولا بأي نظام إقليمي آخر.
رابعاً: ننفرد في «النظام العربي» بوضع خاص. حيث صار النظام الإقليمي العربي النظام الوحيد الذي ما زال شعب فيه يقع تحت حكم أو هيمنة مستوطنين أجانب. صار وجود المستوطنين على أراضٍ عربية نقيصة أو ذنب التصق بسمعة وقدرات النظام العربي بأسره وبأعضائه عضواً عضواً. هذا الوجود صار أيضاً سبباً في نشوب نزاعات بين الدول الأعضاء في هذا النظام.
صار هذا الوجود الاستيطاني دافعاً لأن يطلب المستوطنون من أمريكا ومن النظام الأوروبي الالتزام بنزع سلاح الشعب العربي تحت الاستيطان في الحال وفي المستقبل. هنا يصبح نزع السلاح سلاحاً في حد ذاته كالتجويع والإبادة، إذ يترك بدون تحديد ماهية السلاح ونوعه ابتداءً من سكين مطبخ وانتهاءً بصاروخ عابر للقارات أو قنبلة نووية.
واقع الحال في المفاوضات الدائرة حول مستقبل غزة والضفة يشير بكل جلاء إلى نية دولة الاستيطان وحلفائها المتاخمين والقريبين استخدام طرق أربع أولها النزع الفعلي للسلاح وما شابهه في غزة والضفة تحت إشراف إسرائيل المباشر، ثانيها العمل على قصر مصادر السلاح للدول العربية الأخرى على أمريكا والحلفاء الغربيين وتطبيق العقوبات على الدولة المخالفة، وثالثها عدم المساس بواقع احتكار إسرائيل للسلاح النووي، ورابعها الاستمرار في تنفيذ مخططِ شنِّ حروبٍ سريعة ودورية ومفتعلة ضد مختلف دول النظام العربي، بعدت الدول أو قربت.
يجب الاعتراف بأن غزة قدمت للعالم، وللدول العربية بخاصة، مثالاً نموذجياً، وهو القدرة الأسطورية على تحمل الجوع والحرمان والقتل رفضاً للهجرة والتخلي عن الأرض.
صحيح طالت الحرب علينا، ولكن طالت أيضاً عليهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
بعد هجوم واشنطن.. ساعر: التحريض ضد إسرائيل يجب أن يتوقف
وأوضح ساعر، خلال مؤتمر صحفي، أن هذه العملية "نتيجة مباشرة للتحريض ضد السامية منذ السابع من أكتوبر ضد إسرائيل واليهود حول العالم". وأضاف: "التحريض المعادي للسامية يتم من قبل قادة ومسؤولي العديد من الدول والمنظمات الدولية وخاصة في أوروبا". واعتبر الوزير أن "قادة العالم خضعوا للدعاية الفلسطينية، ودانوا إسرائيل بدلا من إدانة حماس التي تتحمل المسؤولية كاملة عن الضرر والمعاناة التي تلحق بالفلسطينيين والإسرائيليين معا". كما أشار إلى أن "معاداة السامية تنتشر في الجامعات ومنصات التواصل الاجتماعي". وبيّن ساعر أن "هناك خطا مباشرا بين التحريض على السامية وبين عملية القتل، حيث جرى التحريض من دبلوماسيين وناطقين رسميين باسم حكومات، هم يتحدثون عن الإبادة وقتل الأطفال، وهذا الحديث يمهد الطريق لهذه العمليات". وتابع قائلا: "نواجه موجة غير مسبوقة، من العمليات ومحاولات تنفيذ العمليات ضد السفارات الإسرائيلية في أوروبا، وممثلو إسرائيل هم أهداف لمعاداة السامية التي تخطت كل الخطوط الحمراء". وطالب ساعر "القادة بوقف التحريض والاتهامات الباطلة ضد إسرائيل، ودعمها في الحرب التي تخوضها في الشرق الأوسط". من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، اليوم الخميس، عن صدمته من الهجوم الذي أسفر عن مقتل موظفين اثنين بالسفارة الإسرائيلية في إطلاق نار قرب المتحف اليهودي في واشنطن. وصرّح نتنياهو بأنه "مصدوم من جريمة القتل المروعة المعادية للسامية لاثنين من موظفي سفارة إسرائيل بواشنطن"، مضيفا: "سيتم تعزيز الأمن في السفارات الإسرائيلية حول العالم". واعتبر أن "إطلاق النار في واشنطن دليل على (التحريض العنيف) ضد إسرائيل"، حسبما نقلت "فرانس برس". وأعلنت الشرطة الأميركية أنها حددت هوية المشتبه به في تنفيذ الهجوم، قائلة إنه إلياس رودريغيز ويبلغ من العمر 30 عاما.

سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
لقاء ألماني-أميركي في بانف يعيد الأمل لحل النزاعات التجارية
وقال الوزير المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي على هامش اجتماع وزراء مالية مجموعة السبع في منتجع بانف الكندي الخميس إنه يرى في نظيره الأميركي مساعٍ بناءة للغاية وموجهة نحو الحلول. وأضاف: "هذه علامة جيدة"، مشيرا إلى أنه لم يكن من الواضح في كثير من الأحيان خلال الأسابيع الأخيرة ما إذا كان الأميركيون يريدون إيجاد حل. كما أجرى كلينغبايل محادثات ثنائية مع نظيره الأميركي سكوت بيسنت في بانف. ووصف كلينغبايل محادثاته بأنها بداية جيدة، مضيفا أنه تم الاتفاق على عقد اجتماعات أخرى، وقال: "كنا متفقين على وجه الخصوص على أننا نريد إيجاد حلول"، مضيفا أنه تبقى الآن بضعة أسابيع يتعين خلالها تحقيق ذلك من خلال المفاوضات بين المفوضية الأوروبية والجانب الأميركي. وفرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسوما جمركية مرتفعة على السلع من جميع أنحاء العالم، وتسبب في حالة إضافية من عدم اليقين بسبب التراجع عن بعضها. وتضم مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا واليابان وكندا والولايات المتحدة. وقال كلينغبايل إن الاجتماع أوضح أيضا أن أوكرانيا يمكن أن تعتمد على التضامن والدعم الكبير من دول مجموعة السبع، وأضاف: "هذه أيضا علامة مهمة على التضامن والتعاون"، مشيرا إلى أن هناك أيضا استحسانا لخطط الحكومة الألمانية الجديدة لإعادة ألمانيا إلى مسار النمو.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
الإمارات تدين بشدة إطلاق القوات الإسرائيلية النار على وفد دبلوماسي دولي في جنين
أدانت دولة الإمارات بشدة حادثة إطلاق النار، الذي تعرض له وفد دبلوماسي دولي عند مدخل مخيم جنين في الضفة الغربية، من قبل القوات الإسرائيلية. وأكدت وزارة الخارجية، في بيان لها، أن هذا العمل يمثل خرقا واضحا للقوانين وللمواثيق والأعراف الدولية، التي تضمن الحماية الكاملة للدبلوماسيين وللبعثات الدبلوماسية، مؤكدة أن مثل هذه التصرفات تفاقم من الوضع المتدهور في المنطقة وتعيق الجهود الدولية الرامية لتحقيق السلام والاستقرار. ودعت الوزارة إلى ضرورة التحقيق في مثل هذه الانتهاكات بشكل مستقل وشفاف وبمعاقبة المتسببين.