
توقعات متشائمة بشأن الكهرباء... وصيف قاسٍ بانتظار العراقيين
تشير معظم التصريحات والبيانات الصادرة عن وزارة الكهرباء وبقية المؤسسات، إلى تعزيز التوقعات المتشائمة بشأن تراجع الإنتاج والتجهيز بالنسبة للطاقة الكهربائية، بعد إيقاف تدفقات الغاز الإيراني وقطع الأخيرة لثلاث خطوط ناقلة للطاقة من أراضيها إلى العراق.
وحتى مع عدم وصول البلاد إلى ذروة الطلب على الطاقة خلال موسم الصيف الذي تتجاوز درجات الحرارة فيه سقف الخمسين درجة، تعاني البلاد هذه الأيام من تراجع واضح في مستويات تجهيز الطاقة للمواطنين، الأمر الذي دفع المئات من المواطنين إلى الخروج بتظاهرات ليلية في بعض محافظات الوسط والجنوب، وإذا ما استمر التراجع في عمليات التجهيز تخشى السلطات من تفجر الأوضاع على شكل احتجاجات مطلبية تشمل معظم المحافظات على غرار ما حدث في سنوات سابقة، حيث كان النقص المزمن في تجهيز الطاقة من بين أقوى أسباب اندلاع التظاهرات.
ومع حالة التراجع في عمليات الإنتاج والتوزيع والخشية الحكومية من تداعيات ذلك على الشارع العراقي وإمكانية تفجره خلال الشهور المقبلة التي تسبق إجراء الانتخابات العامة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، قال مصدر مقرب من الأوساط الحكومية لـ«الشرق الأوسط»، إن «الحكومة تسعى للضغط على طهران عبر وسائل الإعلام لإجبارها على الإيفاء بالتزاماتها المتعلقة بتصدير الغاز».
ويقر المصدر بـ«محدودية الضغوط العراقية، لكنها قد تحرك شيئاً في الجانب الإيراني لأنهم هناك حساسون جداً من الانتقادات العلنية التي توجه لهم من قبل مسؤولين حكوميين».
ويضيف: «يبدو أن السلطات العراقية تريد أن ترمي الكرة في الملعب الإيراني وتقول لمواطنيها إنهم يتسببون في تراجع الإنتاج من خلال إيقاف إمدادات الغاز، لكن المشكلة معقدة جداً، خصوصاً في ظل الحديث عن تعليق الولايات المتحدة الأميركية قرارات السماح للعراق باستيراد الغاز الإيراني».
ودرج المتحدث باسم وزارة الكهرباء العراقية أحمد العبادي، خلال الأشهر الأخيرة على مهاجمة الموقف الإيراني الذي أوقف إمدادات الغاز رغم العقود الملزمة مع الجانب الإيراني، وهو موقف يشير إلى «سماح حكومي» له بتلك الانتقادات والهجمات ضد طهران، بحسب مراقبين.
عناصر أمن في أحد شوارع بغداد (أ.ف.ب)
وفي آخر تصريحات صحافية للعبادي، الاثنين، ذكر أن منظومة الطاقة الكهربائية فقدت 4100 ميغاواط بسبب «نزول إطلاقات الغاز الإيرانية إلى 18 مليون متر مكعب، وحسب العقد المبرم فإيران يجب أن تزودنا بـ45 مليون متر مكعب خلال شهر مايو (أيار)، ومن المفترض أن تزودنا خلال يونيو (حزيران) بـ55 مليون متر مكعب، وخلال تموز بـ60 مليون متر مكعب، وإن بقيت الأمور على نفس الإطلاقات مع زيادة الأحمال في الأشهر القادمة فسنفقد قرابة 6000 ميغاواط».
وتحدث العبادي عن «تذرع إيران منذ أشهر بعمليات الصيانة التي حالت دون إيفائها بتزويدنا بالغاز».
ويبدو أن مشكلة الكهرباء في العراق معقدة لأسباب عديدة ولا تقف عند حدود إمدادات الغاز، ومن هنا يقول العبادي: «دخلنا الصيف وإنتاجنا 22.5 ألف ميغاواط، فمحطاتنا جزء منها متوقف (بسبب نقص الغاز)، ولو حصلنا على الوقود فسيصل إنتاجنا إلى 26 ألف ميغاواط، أقصى طاقة إنتاجية نستطيع الوصول إليها (إذا حصلنا على الغاز كاملاً) هي 27-28 ألف ميغاواط، وحاجة البلد تفوق 50 ألفاً، ولا نستطيع الوصول إلى الحالة المثالية في التجهيز».
وإلى جانب توقف إمدادات الغاز، تتحدث وزارة الكهرباء عن توقف 4 خطوط ناقلة للكهرباء من إيران بشكل كامل بموجب العقوبات الأميركية، أحدها الناقل بين بصرة خرمشهر (المحمرة)، والآخر ينقل بين مدن عمارة - كرخة، وسربيل زهاب الإيرانية إلى خانقين العراقية، وهناك أيضا خط مرساد - ديالى.
كذلك تتحدث الوزارة عن وصول إشعار رسمي أميركي إلى السلطات العراقية بإيقاف استيراد الكهرباء من إيران، لكنها تؤكد عدم وجود إشعار مماثل بشأن استيراد الغاز.
في الأثناء، يقوم وزير الكهرباء زياد علي فاضل، هذه الأيام، بزيارة دولة تركمانستان لتسريع إجراءات تنفيذ عقد توريد الغاز التركماني إلى العراق لتعويض إمدادات الغاز الإيراني. ويتوقع، بحسب الوزارة، الحصول على نحو 20 مليون متر مكعب صيفاً، و10 ملايين شتاءً، لكن من غير الواضح كيف ستتم عملية الاستيراد هذه، خصوصاً مع بعد المسافة بين العراق وتركمانستان، إلى جانب أن الإمدادات ستمر أيضاً عبر الأراضي الإيرانية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
تقرير استخباراتي نمساوي جديد: إيران تواصل تطوير برنامجها النووي العسكري
أفاد تقرير استخباراتي جديد بأن إيران "تواصل العمل في برنامجها النشط للأسلحة النووية"، لافتاً إلى أن هذه الأسلحة يمكن استخدامها لإطلاق صواريخ بعيدة المدى. وتتناقض المعلومات الاستخباراتية التي جمعتها السلطات النمساوية مع تقييم مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركي، وفقا لشبكة Fox News. وكانت مديرة الاستخبارات الوطنية، تولسي جابارد، صرّحت أمام لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ في مارس الماضي بأن المجتمع الاستخباراتي الأميركي "لا يزال يقدّر أن إيران لا تقوم ببناء سلاح نووي، وأن المرشد الأعلى علي خامنئي لم يُصدر تفويضاً باستئناف برنامج الأسلحة النووية الذي علّقه في عام 2003". وكتب جهاز حماية الدستور النمساوي، النظير المحلي لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، في تقرير استخباراتي صدر الاثنين، أن "إيران تسعى، من أجل ترسيخ وتوسيع طموحاتها في النفوذ السياسي الإقليمي، إلى إعادة تسلح شاملة تشمل الأسلحة النووية، بهدف جعل النظام محصناً من أي هجوم، وتعزيز هيمنته في الشرق الأوسط وخارجه". وأضاف التقرير: "إن برنامج إيران لتطوير الأسلحة النووية متقدم إلى حد كبير، وتمتلك طهران ترسانة متنامية من الصواريخ الباليستية القادرة على إيصال رؤوس نووية لمسافات طويلة". وبحسب وثيقة استخباراتية حصلت عليها واطلعت عليها شبكة Fox News، فإن "إيران طورت شبكات متقدمة للتهرب من العقوبات، وقد استفادت منها روسيا". وقد تُعقّد هذه النتائج التي توصلت إليها الاستخبارات النمساوية جهود الرئيس الأميركي دونالد ترمب للتوصل إلى تسوية للأزمة النووية مع قادة إيران، إذ تشير البيانات الواردة في التقرير إلى أن النظام الإيراني لا يعتزم التخلي عن مساعيه للحصول على سلاح نووي. ورداً على ما ورد في التقرير الاستخباراتي النمساوي، قال مسؤول في البيت الأبيض لـ Fox News: "الرئيس ترمب ملتزم بألا تمتلك إيران سلاحاً نووياً مطلقاً، ولا حتى القدرة على إنتاجه". وسلط التقرير المؤلف من 211 صفحة، والذي يرصد أبرز التهديدات التي تواجه الديمقراطية في النمسا، الضوء على "خطورة إيران بوصفها دولة راعية للإرهاب وبرنامجها النووي غير القانوني". وجاء في التقرير أن "فيينا تحتضن واحدة من أكبر سفارات إيران في أوروبا، والتي تستخدم الغطاء الدبلوماسي لإخفاء ضباط استخبارات". وأضاف جهاز الاستخبارات النمساوي: "تُجيد أجهزة الاستخبارات الإيرانية تطوير وتنفيذ استراتيجيات التفاف تهدف إلى الحصول على المعدات العسكرية والتقنيات والمواد الحساسة المرتبطة بانتشار أسلحة الدمار الشامل". وأشار التقرير إلى واقعة عام 2021 حين أدانت محكمة بلجيكية الدبلوماسي الإيراني السابق أسد الله أسدي، الذي كان يعمل في فيينا، بالتخطيط لتفجير اجتماع للمعارضة الإيرانية عُقد عام 2018 خارج العاصمة الفرنسية باريس، بحضور عشرات الآلاف من المعارضين الإيرانيين. وكان من بين الحاضرين عمدة نيويورك الأسبق رودي جولياني، الذي كان حينها المحامي الشخصي للرئيس ترمب. التقييم الأميركي وبشأن التباين بين تقييم مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركي والتقرير النمساوي، قال الفيزيائي ديفيد أولبرايت، مؤسس ورئيس معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، لشبكة Fox News: "تقرير مديرة مكتب الاستخبارات الوطنية الأميركي عالق في الماضي، وهو انعكاس لتقدير الاستخبارات الوطنية غير الدقيق لعام 2007". وأضاف أولبرايت: "يتشابه التقرير النمساوي بشكل عام مع تقييمات كل من ألمانيا وبريطانيا. وقد أوضح البلدان، في ذلك الوقت، للمجتمع الاستخباراتي الأميركي أنهما يعتقدان بأن تقييمه كان خاطئاً بشأن إنهاء إيران لبرنامجها النووي عام 2003". وأشار إلى أن التقييم الألماني كان مستنداً إلى معلومات من رئيس جهاز الاستخبارات الألمانية (BND) في واشنطن، بينما استند التقييم البريطاني إلى مسؤول كبير في ملف عدم الانتشار كان يتناول العشاء معه في اليوم الذي نُشر فيه تقرير 2007. وقال أولبرايت إن "الألمان رأوا أن الولايات المتحدة تسيء تفسير البيانات التي كانت بحوزة الجميع". ورأى أولبرايت أن ما توصل إليه التقرير النمساوي بشأن استمرار إيران في تطوير برنامج نووي عسكري "واضح بما فيه الكفاية". وكانت Fox News قد كشفت عام 2023 عن سلسلة جديدة من تقارير الاستخبارات الأوروبية تُظهر أن إيران سعت إلى الالتفاف على العقوبات الأميركية والأوروبية من أجل الحصول على التكنولوجيا اللازمة لبرنامجها النووي، في إطار مساعٍ لاختبار سلاح نووي. وأوضحت التقارير الاستخباراتية الأوروبية أن "طهران استمرت في جهودها غير المشروعة للحصول على تكنولوجيا متقدمة لبرامجها النووية والبيولوجية والكيميائية الخاصة بأسلحة الدمار الشامل، سواء قبل عام 2015 أو بعد توقيع الاتفاق النووي". كما أشار التقرير النمساوي إلى أن "إيران تمد حركات مثل (حماس) و(حزب الله)، بالسلاح، إضافة إلى ميليشيات في سوريا". ورفض متحدث باسم مكتب مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركي التعليق، في حين لم يصدر أي رد فوري من وزارتي الخارجية أو مجلس الأمن القومي الأميركي على استفسارات Fox News.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
«يونامي» تسلم مقرها في الموصل للحكومة العراقيةواشنطن تدعم عقود غاز أميركية مع إقليم كردستان
أكدت الولايات المتحدة دعمها العقود التي أبرمتها شركات طاقة أميركية مع إقليم كردستان العراق الذي يتمتع بحكم ذاتي بعدما تقدّمت الحكومة العراقية بدعوى قضائية ضده. وأعلن رئيس وزراء الإقليم مسرور بارزاني توقيع صفقتين تُقدّر قيمتهما بعشرات مليارات الدولارات خلال زيارة إلى واشنطن، التقى خلالها الجمعة وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو. وأشاد روبيو خلال الاجتماع بالصفقتين مع شركتين أميركتين، بحسب ما أعلنت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، تامي بروس لصحافيين. وقالت "نشجع بغداد وأربيل على العمل معا لتوسيع إنتاج الغاز المحلي في أسرع وقت ممكن. يعود هذا النوع من الشراكات الاقتصادية بالنفع على الشعبين الأميركي والعراقي، ويساعد العراق على المضي قدما نحو الاستقلال في مجال الطاقة". وأضافت "نعتقد أيضا أنّ المصالح الأميركية والعراقية تتحقق على أفضل وجه من خلال أن يكون إقليم كردستان العراق قويا وصامدا ضمن عراق اتحادي سيادي ومزدهر". ورفعت الحكومة العراقية دعوى قضائية ضدّ حكومة إقليم كردستان إثر إبرام أربيل عقودا مع شركتين نفطيتين أميركيتين من دون موافقتها، وفق ما أفاد مسؤولان لوكالة فرانس برس الثلاثاء، في مؤشر جديد إلى التوتر المستمر بشأن استغلال موارد النفط والغاز في الإقليم. وأعلنت وزارة النفط في بغداد "بطلان هذه العقود استنادا للدستور العراقي وقرارات المحكمة الاتحادية"، مؤكدة أن استثمار الثروات النفطية يجب أن يمر عبر الحكومة الاتحادية. وتطلب الدعوى من "حكومة الإقليم إلغاء العقود" التي أبرمت مع شركتي اتش كي ان إنرجي (HKN Energy) وويسترن زاغروس (WesternZagros). وتتعلق الاتفاقية مع شركة ويسترن زاغروس باستغلال رقعة توبخانة التي تحتوي مع رقعة كوردامير المجاورة على ما يصل إلى 5 تريليونات قدم مكعب قياسي من الغاز الطبيعي و900 مليون برميل من النفط الخام. ويمثل ذلك إيرادات تقدر بنحو 70 مليار دولار "على مدى عمر المشروع". أما الشراكة مع اتش كي ان إنرجي فتتعلق بحقل غاز ميران الذي يُقدر أنه يحتوي على 8 تريليون قدم مكعب قياسي من الغاز الطبيعي بقيمة 40 مليار دولار على المدى الطويل. من جانب آخر، أعلن المتحدث بإسم الحكومة العراقية باسم العوادي أن الحكومة العراقية تسلمت الثلاثاء المبنى الذي كانت تشغله بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق "يونامي" في مدينة الموصل مركز محافظة نينوى 400 كم شمالي بغداد. وقال العوادي إن "هذه الخطوة تأتي تنفيذاً لخطة إنهاء عمل بعثة "يونامي" هذا العام، والمتفق عليها بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة، على أن يجري تسلم المباني المتبقية التي تشغلها البعثة". وذكر أن الحكومة تشيد بالجهود الكبيرة التي بذلتها البعثة الأممية خلال عملها في العراق، وبالتعاون الذي تبديه في تنفيذ خطة الغلق والثناء على خطط التعاون المستقبلي مع وكالات الأمم المتحدة الإنمائية والإنسانية العاملة في العراق.


الشرق الأوسط
منذ 2 ساعات
- الشرق الأوسط
التفاوض الإيراني بعزل الخليج وإسرائيل
التصريحاتُ المتفائلة حول التفاوضِ الإيراني الأميركي لا تخفي عجزَ الجانبين عن تحقيق أي تقدمٍ حقيقي، ولا يبدو أنَّهما اتفقا حتى على الحدود الدنيا. فهل هذا يعني الاكتفاء بالتهدئة التي حققتها مساعي الرئيس دونالد ترمب حتى الآن دون الحاجة إلى اتفاق سلام؟ من التجارب السابقة نعرف أنَّه عندما تخفق المفاوضات تُفتح أبواب جهنم، وتبدأ دورة عنفٍ أكبر. المفاوضات قد تتأرجح إلى ما بعد الصيف؛ فإنْ لم يحرزِ المفاوضون اختراقاً حقيقياً، وتحديداً تنازلاً إيرانياً أساسياً، فإنَّ التوتر سيرتفع، العقوباتُ الأميركية تتضاعف، والهجومُ الإسرائيلي الموعودُ يصبح أكثر احتمالاً، وينشط الوكلاء الإيرانيون. عادة يفضل المفاوضون أسلوبَ تفكيكِ القضايا المعقدة والدخولَ مباشرة بطرح الحلول والآليات، وعدم التورُّط في النقاش السياسي حول النيات والأهداف والفلسفة؛ ففي الجولة الماضية كانَ التفاوض حول تخصيب اليورانيوم من عدمه، والتفاوض كذلك على نسبته. لكن لا أحد يسأل لماذا تريد طهران تحويلَ مشروعها النووي إلى سلاح عسكري، وليس فقط لإضاءة الشوارع وإدارة المكيفات؟ فالي نصر مستشار الرئيس أوباما حينها أقنعه بأنَّ «إيران تريد امتلاك القدرة النووية ليس طريقاً للعدوان، بل وسيلة لردع تغيير النظام»، أي أنَّه دفاعي. وعزَّز ذلك بقوله إنَّ «نظام إيران يخشى من مصير صدام والقذافي». لهذا اتَّجهتِ المفاوضاتُ لطمأنة نظامِ طهرانَ على وجوده، وأُفرج عن أموالِه المجمدة في سويسرا مع أرباحها ورفعت العقوبات وفتحت التجارة. وقد يبدو هذا التحليلُ مناسباً لدول، مثل باكستان والهند، بل وحتى نظام كوريا الشمالية، التي لجأت لتطوير قدرات ردعٍ عسكرية دفاعية لردع أي تفكير للهجوم عليها من خصومها. نظامُ طهران، وعلى مدى أربعة عقود، لم يتوقف عن محاولات الزحفِ والتوسُّع والهيمنة والتغيير الإقليمي، وعملياته مستمرة في أوروبا وأفريقيا وغيرها. هنا ستكون سياسة السّلاحِ النووي لتمكين النظام من تنفيذ مشروعه بالهيمنة والتوسع. وفي الوقت ذاته حمايته من العواقب التي تستهدفه مباشرة. أي أنَّه لو كان بحوزة طهران سلاحٌ نووي لما أمكن لإسرائيل الهجوم عليها، وكانَ عليها الاكتفاء بمحاربة وكلائها فقط. وستضطر أي دولة، بما فيها الولايات المتحدة، إلى عدم مواجهة إيران النووية، إلا على أراضي الغير مثل لبنان أو اليمن. استخدام السّلاح النووي لحماية التوسع الإيراني مفهومٌ مختلف لما كانت إدارة أوباما تعتقده. وقد لعب الساسة الإيرانيون ومنظرو النظام على نظرية تدعي خوفَ طهرانَ من مؤامرة تغيير النظام، وهذا سبب سياستها العدائية وحاجتها للنووي كرادع. ودائما يلجأون للاستشهادات التاريخية انتقائياً؛ بأنَّ الولايات المتحدة تآمرت على حكومة مصدق وأسقطته في الخمسينات، وأعادت الشاه. هذه الذرائع الإيرانية لا تستند إلى الواقع اليوم. فيتنام خاضت 19 سنة حرب مع الولايات المتحدة، ومع هذا علاقة الدولتين اليوم جيدة بعد أن طوى الجانبان صفحات الماضي. تفاوضياً، يبدو أن استراتيجية طهران التفاوضية بقيادة الوزير عراقجي تبني آمالها على الخلاف الإسرائيلي الأميركي، وهم بذلك يكررون خطأ استراتيجيتهم التفاوضية التي ارتكبها فريق الوزير السابق ظريف. فقد نجح ظريف في الوصول إلى خط النهاية بالتفاوض مع إدارة أوباما بعيداً عن حلفاء واشنطن الإسرائيليين والخليجيين الذين كانوا في الظلام. وبعد الاتفاق وضعتهم أمام الأمر الواقع. اقتصر الاتفاق على معالجة الهاجس الدولي، وهو السلاح النووي الإيراني، وتجاهل المخاوف الإقليمية، حيث اعتبرها أوباما شأناً يخص دول المنطقة. لكن لم تدم طويلاً أفراح الرئيس السابق روحاني ووزيره ظريف. فقد وقَّع أوباما الاتفاق المعروف، «خطة العمل الشامل المشتركة»، في صيف 2015، وألغاه ترمب في ربيع 2018. نعم، لا نار بلا دخان... يوجد خلاف بين ترمب ونتنياهو، لكنَّه يبقى خلافاً بين حلفاء، والأرجح أننا سنرى في الأخير أن مطالب إسرائيل ستكون على رأس قائمة متطلبات الاتفاق. السؤال: هل وصلت طهران إلى الاعتراف بأنَّه سيستحيل عليها تطوير مشروعها النووي، ومن المخاطرة الاستمرار في مشروعها التوسعي والهيمنة الإقليمية، ويبقى أمامها تبني سياسة جديدة تقوم على الاحترام المتبادل مع كل دول المنطقة والتوقف عن المغامرات وإنهاء حالة الوكلاء والميليشيات والانصراف نحو تطوير بلادها داخلياً كما يفعل جيرانها الخليجيون؟