
مهزلة البيت الأبيض وفخاخه: خليط من الكمائن والأكاذيب في لقاء ترامب ورامافوزا
منذ عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض لم يعد هذا الأخير ساحة للقاءات الدبلوماسية التقليدية، بل تحوّل إلى مسرح، تختلط فيه رغبة ترامب بين تصفية الحسابات السياسية والاستعراض الإعلامي. وبدا واضحاً أن مشادة ترامب مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في 28 فبراير/شباط الماضي في البيت الأبيض أيضاً، لم تكن حالة استثنائية، بل نمط دشّن فيه الرئيس الأميركي مساراً خشناً في العلاقات الدولية يشبه كل شيء سوى الدبلوماسية، كان آخرها مساء أول من أمس الأربعاء، مع الرئيس الجنوب أفريقي، سيريل رامافوزا، في مشهد اعتبره كثيرون أقرب إلى كمين سياسي منه إلى استقبال رئاسي. ولم يخل اللقاء هذه المرة من استعراض ترامب لسلسلة من الأكاذيب لم يطل الوقت قبل أن تفككها وسائل الإعلام الأميركية ووكالات الأنباء. وحضرت في اللقاء ليس قناعة ترامب فقط بأن "العالم انقلب ضد البيض" بل تضخمت، على حد توصيف صحيفة نيويورك تايمز، إلى حد "الادعاء بوجود إبادة جماعية". وهو وضع لم يمكن الوصول إليه بطبيعة الحال لولا التحريض الذي قاده على مدى أشهر إيلون ماسك، الملياردير المولود في جنوب أفريقيا، والذي كان قد وجه انتقادات حادة لحكومة جنوب أفريقيا بسبب ما سماه فشلها في حماية المزارعين البيض، واصفاً ذلك بـ"الإبادة"، فيما اكتفى أول من أمس خلال مشاركته في اللقاء بمشاهدة عرض ترامب والابتسام مراراً وتكراراً.
اللقاء المتوتر في البيت الأبيض
كما يحضر في خلفية اللقاء المتوتر في البيت الأبيض الذي حاول رامافوزا الخروج منه بأقل الأضرار وعدم وإضافة مزيد من الخسائر على العلاقات المتأزمة، موقف بريتوريا من الاحتلال الإسرائيلي، خصوصاً أنها كانت المبادرة إلى
رفع قضية ضد إسرائيل
أمام محكمة العدل الدولية، لا سيما بعد أن تم الربط بين استعراض ترامب الاتهامي لجنوب أفريقيا وتوزيعه أوراقاً تتضمن المزاعم بالإبادة الجماعية على رامافوزا والوفد المرافق له، وبين دعوى جنوب أفريقيا. وأظهر ما جرى أول من أمس استعداد ترامب الواضح لاستخدام البيت الأبيض والمكتب البيضاوي، الذي كان تاريخياً مكاناً للتعبير عن تقدير كبار الشخصيات الأجنبية، لإحراج الزوار. وقد يدفع استخدام ترامب غير المسبوق للمقر الرئاسي لمثل هذه العروض القادة الأجانب إلى التفكير مرتين قبل قبول دعواته، لما قد تحمله من احتمالات تعرضهم لإذلال علني، فضلاً عن ضخّ ترامب الأكاذيب، كما فعل بشأن أوكرانيا، حين تحدث عن أن الولايات المتحدة قدمت لها دعماً بقيمة 350 مليار دولار، لمواجهة الغزو الروسي، وهو أمر ثبت عدم صحته.
دشّن ترامب مساراً في العلاقات الدولية بعيداً عن الدبلوماسية
كما أن ترامب جادل رئيس الوزراء الكندي الجديد، مارك كارني، في البيت الأبيض في السادس من مايو/أيار الحالي، بسبب قوله إن كندا ليست للبيع أبداً في سياق رفضه دعوات ترامب لكندا إلى أن تكون الولاية الأميركية الـ51، متوجهاً إلى رئيس الوزراء الكندي ناطقاً "لا تقل أبداً". وكان من المفترض أن يكون اجتماع المكتب البيضاوي، أول من أمس، فرصة لإعادة ضبط العلاقات المتوترة بين واشنطن وبريتوريا، خصوصاً بعد
فرض ترامب رسومه الجمركية
في الثاني من إبريل/نيسان الماضي على كل دول العالم، بنسب متفاوتة. كما كان يهدف لتهدئة التوتر المتصاعد بشأن اتهاماته التي لا أساس لها من الصحة حول حصول "إبادة جماعية ضد البيض" وعرضه إعادة توطين الأقلية البيضاء. وبعد بداية ودية للاجتماع، قال ترامب للصحافيين: "تلقينا شكاوى كثيرة بشأن أفريقيا" وأماكن أخرى، مشيراً إلى أن المزارعين البيض "يفرّون من جنوب أفريقيا".
ومهّد ترامب عملياً لإشعال التوتر في البيت الأبيض بدءاً من توجيه الاتهامات لجنوب أفريقيا بممارسة "الإبادة الجماعية" بحق الأفريكانز (السكان البيض المتحدرون من جذور أوروبية، هولندية خصوصاً) في الأسابيع الماضية، كما أنه منح اللجوء لـ59 منهم في 12 مايو الحالي، رغم أنه باشر حملة ترحيل واسعة النطاق للمهاجرين غير النظاميين في الولايات المتحدة. بعدها أمر ترامب بتخفيف الأضواء وعرض مقطع فيديو ومقالات مطبوعة قُصد بها إظهار أن البيض في جنوب أفريقيا يتعرضون للاضطهاد. وبدا أن رامافوزا كان مستعداً للرد على اتهامات ترامب، لكن من غير المرجح أنه كان يتوقع مثل هذا المسرح السياسي. وظهر منتبهاً وهادئاً بينما كان يسعى إلى دحض ما قدمه مضيفه، لكنه لم يوجه انتقاداً مباشراً للرئيس الأميركي.
إعلام وحريات
التحديثات الحية
ترامب يروّج معلومات مضللة حول قتل مزارعين بيض في جنوب أفريقيا
وظهر في الفيديو الذي عرضه ترامب، جوليوس ماليما، زعيم حزب "المناضلون من أجل الحرية الاقتصادية" في جنوب أفريقيا، وهو يدلي بتصريحات اعتبرها الرئيس الأميركي داعمة للاتهامات الأميركية بشأن تعرّض المزارعين البيض لأعمال إبادة. وأثناء تشغيل الفيديو، قال ترامب عن مشهد تم عرضه: "إنه مشهد مروع، لم أرَ مثله من قبل". وسأل رامافوزا ترامب: "هل أخبروك أين هذا المكان يا سيدي الرئيس؟"، مشيراً إلى أنه يود معرفة المكان، لأنه لم يره من قبل، قبل أن يجيب ترامب: "إنه في جنوب أفريقيا".
بعد انتهاء الفيديو، قال رامافوزا لترامب إن ماليما، رغم كونه عضواً في برلمان بلاده، لا يمتلك أي سلطة ولا يشكل جزءاً من الحكومة. وتطرق ترامب إلى موضوع مصادرة الحكومة في جنوب أفريقيا الأراضي من المزارعين البيض "من دون تعويض" وفقاً له، من أجل توزيعها على السود.
مع العلم أن الحكومة في جنوب أفريقيا تسعى إلى معالجة ترسبات
الفصل العنصري
(بين عامي 1948 و1994)، عبر إنهاء عدم المساواة في ملكية الأراضي، وذلك من خلال توقيع رامافوزا على قانون نزع الملكية في يناير/كانون الثاني الماضي، بعد نقاشات برلمانية حادة، وسط معارضة من حزب التحالف الديمقراطي، أحد أعضاء الائتلاف الحاكم. ويخول القانون الحكومة مصادرة الأراضي الخاصة، بغض النظر عن عرق المالك، لأغراض عامة مثل مشاريع البنية التحتية أو إعادة توزيع الموارد بشكل عادل. وينص القانون على تعويض عادل في أغلب الحالات، لكنه يسمح بالمصادرة من دون تعويض في ظروف استثنائية.
ويأتي هذا القانون ليحل محل تشريع سابق صدر في عهد الفصل العنصري عام 1975، الذي تعرض لانتقادات بسبب غموضه وعدم وضوح آليات التعويض. لكن الحكومة لم تصادر أي أرض بعد من دون تعويض، وحاولت بدلاً من ذلك تشجيع المزارعين البيض على بيع أراضيهم عن طيب خاطر. مع ذلك، لا يزال حوالي ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية المملوكة للقطاع الخاص بجنوب أفريقيا، في أيدي البيض، الذين يشكلون أقل من 8% من السكان، بينما 4% منها مملوكة لسود جنوب أفريقيا الذين يشكلون 80% من السكان. وكان قانون "الأرض الأصلية"، الذي سنّ في عام 1913، منح معظم الأراضي الزراعية في جنوب أفريقيا للبيض، من قبل البريطانيين، تاركاً فقط 13% من الأراضي بيد السود. ثم في عام 1950، مرّر "الحزب الوطني الأفريكاني" قانوناً لطرد 3.5 ملايين مواطن أسود من أراضيهم.
اكتفى إيلون ماسك بمشاهدة عرض ترامب والابتسام مراراً
ورأى الخبير القانوني تمبكا نغوسوكايتوبي، في حديث لوكالة رويترز، أن "الفكرة من وراء قانون رامافوزا هي أن حريتنا لم تكتمل في 1994 لأن الوعد بالتحرر الاقتصادي لم يكتمل"، لافتاً إلى أن القانون يحتاج إلى 17 خطوة حتى تتم مصادرة أي أرض. أما بالنسبة إلى كيلي كريل، وهو الرئيس التنفيذي لمجموعة الضغط الأفريكانية "أفريفوروم"، فإن القانون "يخلق مخاوف من وضع اليد على الأراضي". رغم ذلك، فإن "أفريفوروم" شدّدت على رفض عرض ترامب مساعدة الأفريكانز على اللجوء إلى الولايات المتحدة، حتى إن بعض لوبيات الضغط، وأصحاب الأراضي البيض، أكدوا في تقارير صحافية أنه لم تُصادر أراض ولم يُتعرض لأصحابها. وتعدّ ملكية الأراضي الزراعية إحدى أهم القضايا التي لا تزال عالقة في البلاد منذ زمن الاستعمار (استعمرتها هولندا وبريطانيا) ثم الفصل العنصري (دام 50 عاماً) الذي انتهى عام 1994 (مع فوز المناضل التاريخي نيلسون مانديلا بالرئاسة).
وينظر المواطنون السود إلى قضية ملكية الأرض بصفتها إحدى القضايا الشائكة التي تمسّ جوهر نضالهم التاريخي ضد نظام الفصل العنصري، إذ على الرغم من دخول البلاد مرحلة الديمقراطية، إلا أن جنوب أفريقيا، التي تضم حوالي 63 مليون نسمة، لا تزال تسجل أعلى معدلات اللامساواة في العالم المرتبطة بالفوارق العرقية. وينظر الأفارقة السود إلى ذلك، غالباً، باعتباره أحد أوجه بقاء الأراضي الزراعية، بغالبيتها، بيد
الأقلية البيضاء
، التي تراكم الثروات من خلالها، علماً أن الحزب الحاكم، حزب مانديلا، أي حزب المؤتمر الوطني الأفريقي، خلق طوال أكثر من 30 عاماً في الحكم طائفة من الأثرياء السود والفاسدين. كذلك، نفت الحكومة في جنوب أفريقيا الادعاءات بقتل مزارعين بيض، فقط لأنهم بيض، بل أكدت مراراً أن مستويات الجريمة المرتفعة في البلاد تقتل من السود أكثر بكثير من البيض. ويوجد في جنوب أفريقيا واحد من أعلى معدلات القتل في العالم، بمتوسط 72 حالة في اليوم الواحد، في بلد يبلغ عدد سكانه 63 مليون نسمة. وفي عام 2024 سجلت شرطة جنوب أفريقيا 26232 جريمة قتل في أرجاء البلاد، 44 منها مرتبطة بالمجتمعات الزراعية. ومن بين هؤلاء، كان ثمانية من الضحايا من المزارعين البيض.
تقارير دولية
التحديثات الحية
حرب ترامب على جنوب أفريقيا: نظريات المؤامرة والانتقام لإسرائيل
وتطرق الرئيس الأميركي إلى القضية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية والتي تتهمها فيه بارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وقال إنه لا يتوقع من جنوب أفريقيا أي شيء بشأن هذه القضية. وخلال اللقاء هاجم ترامب صحافياً أميركياً بقوله: "عليك أن تخرج من هنا، فأنت عار على المهنة ولا تمتلك المؤهلات لأن تكون مراسلاً". وكان ترامب قد أشعل الصدام مع جنوب أفريقيا، مع
قطعه المساعدات الأميركية عنها
في فبراير/شباط الماضي، متهماً حكومتها بممارسة "تمييز عنصري" في تطبيق القانون. وجاء في قرار ترامب أن القانون يسمح بمصادرة ممتلكات المزارعين الأفريكانز من دون تعويض، وهو ما اعتبره "انتهاكاً لحقوق الإنسان".
وأوضح البيت الأبيض أن الأمر يستهدف التعامل مع ما سمّاه "الأفعال الفظيعة" في جنوب أفريقيا بشأن مصادرة أراض زراعية لأقليات عرقية، في إشارة إلى المزارعين وملّاك الأراضي البيض. ومن أسباب تعليق المساعدات بحسب ترامب، التجرؤ أيضاً على رفع دعوى ضد إسرائيل، ما يضر بـ"السياسة الخارجية" للولايات المتحدة.
وقال: إن "جنوب أفريقيا اتخذت مواقف عدوانية تجاه الولايات المتحدة وحلفائها، بما فيها اتهام إسرائيل، وليس حركة حماس، بارتكاب إبادة جماعية في محكمة العدل الدولية، وإعادة تنشيط علاقاتها مع إيران لتطوير اتفاقات تجارية وعسكرية ونووية. وعملت إدارة ترامب على طرد السفير الجنوب أفريقي إبراهيم رسول، في 14 مارس/آذار الماضي، لأنه "سياسي مثير للفتنة العرقية"، بحسب وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو.
أكد رامافوزا أن لا مصادرة قسرية تحصل لأراضي البيض
دور إيلون ماسك
من جانبه، وجه
إيلون ماسك
، الملياردير المولود في جنوب أفريقيا، انتقادات حادة لحكومة جنوب أفريقيا بسبب ما سماه فشلها في حماية المزارعين البيض، واصفاً ذلك بـ"الإبادة". كما انتقد "قوانين الملكية العنصرية" التي تعيق مشروعه للإنترنت عبر الأقمار الصناعية (ستارلينك) في البلاد، والذي يتطلب شراكات مع شركات مملوكة جزئياً لمجموعات مهمشة. وتنص هذه القوانين على التمكين الاقتصادي للسود (يجب على الشركات الأجنبية الراغبة في العمل في البلاد أن تدفع 30% من قيمة أي مشروع لصالح شركات مملوكة للسود)، لكن ماسك، الذي شارك في اجتماع البيت الأبيض الأربعاء، يرفض تماماً دفع الـ30%، وكان يعتمد على الانقسام الحاصل داخل الحكومة، بين "المؤتمر" و"التحالف الديمقراطي" الشريك في الحكم، للتملص من هذا الشرط (علماً أنه حتى داخل الحزب الحاكم، يوجد جناح يدعو للتعاون مع ماسك، وخرجت تقارير محلية أخيراً تقول إن الرئيس رامافوزا هاتف عائلة ماسك للتوسط من أجل تخفيض التوتر).
ويبدو أن مالك "إكس" و"سبايس إكس"، المقرّب جداً من ترامب، قد اختار التصعيد، إذ لم يحضر ممثلو الشركة جلسة استماع كانت مقررة مطلع فبراير الماضي لتقديم عرض وإطار عمل جديد لتطوير خدمات الستلايت في جنوب أفريقيا، من أجل الحصول على رخصة. وماسك وُلد في عام 1971 في بريتوريا عاصمة جنوب أفريقيا، ونشأ في بيئة بيضاء خلال السنوات المضطربة الأخيرة لنظام الفصل العنصري. التحق بمدرسة بريتوريا الثانوية للصبيان، وهي مؤسسة نخبوية مصممة على غرار المدارس الخاصة الإنكليزية. ووفق تقرير لصحيفة ذا غارديان البريطانية في مارس الماضي، استفادت عائلة ماسك من التسلسل الهرمي العنصري لنظام الفصل العنصري، حيث عاشت في ضواحٍ غنية ومنفصلة، بينما واجه غالبية السكان السود اضطهاداً نظامياً. أعرب والده، إيرول ماسك، عن حنينه لتلك الحقبة، مدعياً أنها كانت فترة آمنة ومنظمة، وهي وجهة نظر تتعارض مع واقع التفاوت الاجتماعي الواسع والعنف المنتشر.
(العربي الجديد، فرانس برس، رويترز)
تقارير دولية
التحديثات الحية
مجموعة جنوب أفريقية للبيض تعارض قرار ترامب قطع المساعدات وعرض اللجوء

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
الديون الأميركية وترامب يهزان الأسواق العالمية
شهدت الأسواق العالمية، أمس الخميس، هزة جديدة، مع إقرار مجلس النواب الأميركي الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق ، من شأنه أن ينفذ الكثير من أجندة سياسة الرئيس دونالد ترامب ويثقل كاهل البلاد بتريليونات الدولارات من الديون. سيُحقق مشروع القانون العديد من تعهدات ترامب الشعبوية خلال حملته الانتخابية، إذ يُقدم إعفاءات ضريبية جديدة للأثرياء، ويعزز الإنفاق على الجيش وحرس الحدود. وسيُضيف حوالي 3.8 تريليونات دولار إلى ديون الحكومة الفيدرالية البالغة 36.2 تريليون دولار على مدى العقد المقبل، وفقاً لمكتب الميزانية في الكونغرس. و"مشروع القانون الكبير والجميل" بحسب تعبير ترامب، دفع عوائد سندات الخزانة الأميركي لأجل 30 عاماً للارتفاع إلى 5.1% مقتربة من أعلى مستوى لها في عقدين، ما هبط بالأسهم والدولار، وسط قلق المستثمرين من أن مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي اقترحه الرئيس دونالد ترامب قد يؤدي إلى تضخم حاد في عبء ديون البلاد. وقالت رئيسة قسم المال والأسواق في شركة هارجريفز لانسداون، سوزانا ستريتر: "إن الجبل المتنامي من الديون الأميركية يسبب موجات من القلق في الأسواق المالية، مع وجود علامات على تردد المستثمرين في تمويل إدارة ترامب". وأشار رئيس بنك جي بي مورغان، جيمي ديمون، إلى أنه لا يستطيع استبعاد وقوع الاقتصاد الأميركي في حالة ركود تضخمي، لأنه يواجه مخاطر هائلة من العوامل الجيوسياسية والعجز وضغوط الأسعار. وشرح لقناة بلومبيرغ التلفزيونية: "لا أوافق على أننا في وضع جيد". وقال إن مجلس الاحتياطي الفيدرالي يفعل الشيء الصحيح بالانتظار والترقب قبل أن يقرر أسعار الفائدة، فيما أكدت النائبة الأولى للمدير العام لصندوق النقد الدولي، غيتا غوبيناث، أن العجز المالي في أميركا "كبير للغاية"، مشددة على ضرورة أن تتعامل البلاد مع عبء ديونها المتزايد باستمرار. وقال رئيس قسم الدخل الثابت والتداول في شركة دي دبليو إس أميركاس، جورج كاترامبون: "لا يبدو أن هذا الرئيس أو هذا الكونغرس سيُخفّضان العجز بشكل ملموس". الأسواق العالمية تتأثر وتدهورت معنويات المستثمرين تجاه سندات الخزانة الأميركية، التي تلقت ضربة قوية بعد أن جردت وكالة موديز للتصنيف الائتماني الولايات المتحدة من أعلى درجة ائتمانية لها أواخر الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تعميق عمليات بيع السندات المستمرة منذ أسابيع، في حين أن العائدات الحالية في الولايات المتحدة تتراوح بين 4% و5%، وهي قريبة من المستويات التي سادت قبل عام 2007 والأزمة المالية، فيما الديون والعجز الآن أكبر. اقتصاد دولي التحديثات الحية ترامب في 100 يوم يعيد الأسواق العالمية قرناً إلى الوراء وقالت رئيسة استراتيجية الأسهم الأوروبية في "سيتي غروب"، بياتا مانثي، لـ "بلومبيرغ": "ارتفاع عوائد السندات سيؤدي في النهاية إلى انخفاض نمو الناتج المحلي الإجمالي، لأن تمويل الديون المرتفعة للغاية في الولايات المتحدة سيكون أكثر تكلفة. إنه ليس الوضع الأمثل، في ظل الضغوط على النمو التي شهدناها بالفعل من خلال مخاطر التعريفات الجمركية". أثارت إعلانات ترامب الفوضوية عن الرسوم الجمركية، وجهوده لتقليص أو إغلاق الوكالات الحكومية، مخاوف بشأن التجارة والتضخم والبطالة والركود الاقتصادي المحتمل. وصرح مسؤولون تنفيذيون في البنوك بأن الشركات تُوقف توسعها مؤقتاً، بما في ذلك عمليات الدمج والاستحواذ المربحة التي يديرها وسطاء الصفقات في وول ستريت. وانخفضت الأسهم الأميركية بشكل حاد، أمس الخميس، فيما ارتفعت عوائد السندات الألمانية طويلة الأجل أعلى مستوى في شهرين. وتراجعت الأسهم الأوروبية، وسط انخفاض مؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية، متراجعاً أكثر عن أعلى مستوى في شهرين الذي لامسه في وقت سابق من هذا الأسبوع. وأغلق المؤشر نيكي الياباني عند أدنى مستوى في أسبوعين، وسط عزوف عن المخاطرة بعد انخفاضات حادة في وول ستريت. كذا تراجعت الأسهم في البر الرئيسي الصيني عن مكاسبها السابقة وأغلقت على انخفاض أمس. وأبقت المخاوف المالية الدولار قرب أدنى مستوى في أسبوعين. بينما ارتفعت عملة بيتكوين إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق أمس الخميس، ويعزى ذلك جزئياً إلى بحث المستثمرين عن بدائل للأصول الأميركية. كما استفاد الذهب من ذلك، حيث وصل إلى أعلى مستوى له في أسبوعين تقريباً عند 3.325 دولاراً، ليقترب من أعلى مستوى قياسي له في إبريل/نيسان الماضي بفارق 175 دولاراً.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
ما وراء طرح واشنطن "صفر تخصيب" بديلاً عن تفكيك البرنامج النووي الإيراني
تُعقد في روما وبرعاية عُمانية جولة المفاوضات الخامسة بين إيران و الولايات المتحدة حول الملف النووي. الإدارة الأميركية حرصت في الأيام الأخيرة على إبداء التفاؤل وإن بتحفظ. فهي "ما كانت لتنعقد لو لم يكن في اعتقادنا أنها تنطوي على احتمال تحقيق تقدم بشأنها"، كما قالت المتحدثة في وزارة الخارجية تامي بروس، الخميس. ويبدو أن هذا الاحتمال المفترض مبني على أساس أن تراجع الإدارة عن مطلب "تفكيك" المشروع الإيراني من شأنه أن يساهم في توسيع دائرة الحلحلة في المفاوضات ولو أنها استبدلته بشرط "وقف التخصيب". لكن الفرضية لا تستقيم، لأن الوقف التام للتخصيب هو عمليا تفكيك مؤجل. في مقابلته الشاملة مع شبكة أن بي سي في برنامج "لقاء مع الصحافة" في الرابع من مايو/أيار الجاري، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه لن يقبل بأقل من "التفكيك الكامل" للمشروع النووي الإيراني، مؤكداً أكثر من مرة هذا الشرط. في يوم 11 مايو/أيار الجاري عقدت الجولة الرابعة في مسقط وكان واضحا من تقييمات المتفاوضين والمراقبين، أنها انتهت إلى طريق مسدود. والأرجح أنها بلغت هذه النهاية بعد اصطدامها بهذا الشرط. على الأثر، نسب إلى مصادر المبعوث ستيف ويتكوف قولها إنه إذا لم تأت إيران بأفكار جديدة فإن الجولة اللاحقة "قد لا تعقد". بعدها طرحت الإدارة على طهران عرضا وطلبت الرد عليه قبيل اللقاء القادم. بالترافق مع هذا الطرح، بدأ ويتكوف يتحدث عن شرط "الصفر تخصيب" في أي اتفاق جديد. كرر ذلك في أكثر من مقابلة مع التشديد على تمسك الإدارة بهذا المطلب الذي صار بمثابة "الخط الأحمر" في هذا المجال. "حتى 1% تخصيباً لن نسمح به"، كما قال. أخبار التحديثات الحية جولة خامسة من المفاوضات الأميركية الإيرانية: التخصيب العقدة الأساسية والثلاثاء الماضي، ردد الوزير ماركو روبيو، المعزوفة نفسها أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ. قال إن "الإدارة مصرة على وقف إيران التام للتخصيب". الرئيس ترامب أكد هو الآخر هذا الحظر، مع أنه ترك موضوع "التفكيك" معلقاً حينما قال خلال زيارته الخليجية إن إدارته "لم تتخذ مثل هذا القرار بعد". لكن في الواقع كان قد جرى تجاوزه على أساس أن التمسك به يقطع الطريق على الصفقة التي يسعى إليها الرئيس ترامب والتي يبدو أنها "تمضي في المسار الصحيح لأن الرئيس يريد التوصل إلى اتفاق" كما قالت المتحدثة في البيت الأبيض. ويأتي تأكيدها هذا في أعقاب ما نقلته معلومات إسرائيلية قبل يومين بأن حكومة نتنياهو "تعدّ لضربة عسكرية تستهدف مواقع نووية إيرانية". واضح من التوقيت أن إسرائيل، لو صح الخبر، تنوي التخريب على اتفاق بات قريب المنال. الرئيس ترامب تحدث عن الاتفاق المحتمل، خلال مكالمة هاتفية أجراها، الخميس، مع نتنياهو لتقديم التعازي بمقتل اثنين من طاقم السفارة الإسرائيلية في واشنطن. وتردد أن الرئيس ترامب وافق على طلب نتنياهو بضرورة توفير "الضمان" لعدم حصول إيران على السلاح النووي. مع ذلك "احتفظ نتنياهو بحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد من يريد إزالتها". احتفاظه بهذه الورقة يحظى بتفهم ترامب الذي وضع معادلة جديدة في العلاقة مع إسرائيل تقوم على "الفصل بين المصالح الحصرية للجانبين وترك التصرف بها لصاحب الشأن مع الالتزام بالشراكة في القضايا الاستراتيجية" وفق إحدى القراءات للتباينات التي ظهرت بين الرئيس وإسرائيل في أكثر من مسألة مثل الاتفاق مع الحوثيين والتفاوض مع إيران ومع حماس. رصد التحديثات الحية "أكسيوس": إسرائيل تستعد لضرب إيران إذا انهارت مفاوضات ترامب الآن السؤال يدور حول ما إذا كان بإمكان الفريق الأميركي المفاوض حل مشكلة التخصيب مع الجانب الإيراني. تصريحات الرئيس الإيراني أمس، لا ترجح هذا الاحتمال. صفر تخصيب يعني إحالة أجهزة الطرد المركزي على التقاعد وبالتالي على تفكيك محتوم في نهاية المطاف. احتمال يستبعده أكثر من مراقب ولو أن ضغوط الجمهوريين والمحافظين خاصة في الكونغرس لا تكف عن المطالبة بمثل هذه النهاية للنووي الإيراني. وربما من هنا كلام الإدارة عن "اتفاق أقوى" من صفقة 2015، أي اتفاق يحدد مقدار التخصيب، من باب أنه ليس في الإمكان أفضل مما كان. والمعروف عن الرئيس ترامب أنه في بداية المساومة يرفع السقف، ثم يهرع إلى خفضه في اللحظة المناسبة مع الإسراع في ذات الوقت إلى إعلان النجاح في عقد الصفقة.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
اتفاق أميركي صيني على إبقاء قنوات الاتصال مفتوحة بعد بحث ملفات عدة
أجرى دبلوماسيان كبيران من الصين و الولايات المتحدة اتصالا هاتفيا الخميس لمناقشة "قضايا ذات اهتمام مشترك"، على ما جاء في وثائق رسمية. ويأتي الاتصال بين نائب وزير الخارجية الأميركي كريستوفر لاندو والنائب التنفيذي لوزير الخارجية الصيني ما تشاوشيو في فترة تشهد انفراجا في الحرب التجارية المحتدمة بين واشنطن و بكين . وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس في بيان، الخميس، إن المسؤولَين "ناقشا مجموعة واسعة من القضايا ذات الاهتمام المشترك، وأكدا أهمية الإبقاء على قنوات الاتصال مفتوحة". وأضافت أن المسؤولَين "أقرا بأهمية العلاقة الثنائية بالنسبة إلى شعبي البلدين والعالم". وفي بيان نُشر في ساعة مبكرة الجمعة في الصين، أعلنت وزارة الخارجية أن تشاوشيو ولاندو "تبادلا وجهات النظر بشأن العلاقات الصينية الأميركية وقضايا مهمة ذات اهتمام مشترك". و"اتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات"، وفق البيان. ولم يذكر أي من البيانين معلومات إضافية بشأن المحادثات. أخبار التحديثات الحية الصين تحذر من مشروع "القبة الذهبية" وروسيا تعتبره "شأناً أميركياً" وبعد تولي دونالد ترامب الرئاسة في الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني، فرضت واشنطن رسوما جمركية باهظة على السلع المستوردة من الصين في إطار حرب تجارية هزت أسواق العالم وسلاسل الإمداد. وردّت بكين بدورها بفرض رسوم جمركية على السلع الأميركية المستوردة، وهي تندد باستمرار بالتدابير الأميركية باعتبارها غير عادلة وتمييزية وتهدف إلى احتواء تنامي نفوذ الصين. وخفّض الجانبان الرسوم المفروضة على السلع التي يستوردانها أحدهما من الآخر لمدة 90 يوما في وقت سابق هذا الشهر، في خفض للتصعيد في النزاع التجاري. من جانب آخر، حذّرت الصين، الأربعاء، من أن مشروع "القبة الذهبية" الصاروخي الذي أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب "يقوّض الاستقرار العالمي"، داعية الولايات المتحدة إلى التخلي عنه. وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ إن المشروع الذي خصص له ترامب تمويلا أوليا مقداره 25 مليار دولار "يقوّض التوازن الاستراتيجي والاستقرار العالميين. تعرب الصين عن قلقها البالغ حيال ذلك". وأضافت ماو نينغ: "نحضّ الولايات المتحدة على التخلي عن تطوير ونشر نظام دفاع صاروخي عالمي في أقرب وقت ممكن". (فرانس برس، العربي الجديد)