
بعضهم ترك مهناً "مهمة".. عمل الـ"أونلاين" يستهوي الشباب والفتيات في العراق
كانت أحمد ترتدي ملابسها الرسمية يومياً، وتتنقل بين المحاكم على أمل الحصول على قضية، إلا أن الأمر كثيراً ما كان ينتهي دون نتيجة، مما أثر سلباً على معيشتها ودفعها إلى البحث عن بديل.
بعد تفكير طويل، قررت فرح أحمد الاتجاه إلى بيع الملابس عبر تطبيق "تيك توك" بدعم من زوجها، وتقول في حديثها لوكالة شفق نيوز "كنت أنتظر ساعات طويلة أمام كُتاب العرائض، وغالباً ما أعود دون عمل، وهذا ما كان يؤلمني".
وتضيف "لفت نظري خلال تصفحي لتيك توك، وجود بث مباشر لحسابات تبيع منتجات مختلفة، فقررت خوض التجربة برأس مال بسيط، بحثت عن طريقة مناسبة لشراء الملابس، وأنشأت حساباً خاصاً وبدأت بالترويج لبضاعتي بين الجيران والأقارب".
وسرعان ما بدأت أحمد تبث يومياً في ساعة محددة، ولاحظت تزايد عدد المتابعين والزبائن الذين يطلبون منها الملابس والعطور والحقائب، حيث تؤكد أن "هذا العمل وفر عليها متاعب النهوض مبكراً، والوقوف الطويل، والتعامل مع مزاجية الزبائن في المحاكم، دون أن تتخلى كلياً عن المحاماة، التي اقتصرت لاحقاً على دائرة الأصدقاء والمعارف".
ووفقاً لحديثها، فإنها قد جرّبت سابقاً مهناً منزلية مثل الخياطة والحلاقة النسائية، لكنها لم تحقق من خلالها دخلاً كافياً، مبينة أن العمل الحالي رغم إيجابياته، إلا أنه لا يخلو من السلبيات مثل إلغاء الطلبات، أو حالات النصب، أو تلقي طلبات وهمية ومقالب مزعجة.
ومنذ العام 2019، انتشرت المهن المنزلية في بغداد وعدد من المحافظات، خاصة بعد تفشي وباء كورونا، ما أدى إلى شيوع ثقافة البيع والشراء عبر الإنترنت، بعد أن كانت الأعمال المنزلية مقتصرة على الخياطة والحلاقة النسوية.
ويسعى العديد من الفتيات والشباب إلى مزاولة أعمال تجارية بسيطة عبر الإنترنت، خاصة طالبات الجامعات والمعاهد رغبة منهن في تحقيق الاستقلال المالي دون التأثير على دراستهن.
وتقول سجى علوان، طالبة في معهد الفنون الجميلة وتبلغ من العمر 19 عاماً، إنها فكرت بعمل لا يعيق دراستها، فبدأت بإعطاء تمارين رياضية ونُظم غذائية عبر مواقع التواصل.
وتابعت علوان، خلال حديثها لوكالة شفق نيوز، قائلة إنها أنشأت حساباً خاصاً، وشاركت في دورات "أونلاين"، وأصبحت تقدم تدريبات خاصة بالرشاقة، ووجهت مشتركاتها إلى اتباع أنظمة غذائية مناسبة، ما ساعدها في تحقيق دخل جيد.
وتتابع: "أنا أدير عملي بنفسي وبمرونة تامة، دون الاعتماد على مزاج أصحاب القاعات الرياضية، مما وفر لي الوقت والدخل اللازم لإكمال دراستي دون مشاكل مادية"، مشيرة إلى "بعض التحديات مثل عدم التزام المشتركين بالدفع أو عدم رضا البعض عن نتائج التمارين".
في المقابل، يرى مختصون أن توسع الأعمال المنزلية التي تُدار عبر الإنترنت بحاجة إلى تشريعات واضحة لضمان حقوق البائعين والمستهلكين.
ويقول الخبير القانوني علاء العامري، لوكالة شفق نيوز، إن "هناك قوانين تنظم المعاملات التجارية الإلكترونية، منها قانون التوقيع الإلكتروني والمعاملات الإلكترونية رقم 78 لسنة 2012، وقانون حماية المستهلك رقم 1 لسنة 2010، لكن هذه القوانين بحاجة إلى تعديل لتواكب التطورات الحالية".
الهجرة الرقمية
تزامناً مع انتشار الأعمال المنزلية، بدأ العديد من الشباب العراقيين بمزاولة ما يُعرف بـ"الهجرة الرقمية"، أي العمل مع شركات وأفراد خارج العراق دون مغادرة البلاد، مستفيدين من التطور التكنولوجي وسوق العمل العالمي.
ويقول حسن فاروق، أحد هؤلاء الشباب، الذي ترك عمله السابق في شركة اتصالات محلية نتيجة الضغوط وسوء المعاملة، وتوجه إلى العمل عن بُعد مع شركة أجنبية متخصصة بأنظمة الحاسوب: "أنا خريج الجامعة التكنولوجية، ولم أقبل بالإهانة أو التقليل من قدراتي، فقررت ترك الوظيفة المحلية ووجدت التقدير والدخل المناسب في العمل مع شركة أجنبية".
ويضيف فاروق، في حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه يشعر الآن بالحرية والاحترام، ويتقاضى راتبه بالدولار شهرياً دون معاناة زحامات الطريق أو أعباء التنقل والطعام.
بدوره، يوضح المهندس حسن مصطفى، لوكالة شفق نيوز، أن "العمل مع شركات دولية يوفر امتيازات كبيرة من الناحية المالية والراحة النفسية"، مضيفاً أن "العالم الافتراضي أكثر واقعية مما نتصور، ولم أواجه أي مشاكل تُذكر، حيث يتم تحويل راتبي شهرياً إلى أحد البنوك المحلية".
نمو متصاعد
رغم عدم توفر بيانات رسمية بشأن "الهجرة الرقمية" أو حجم التجارة الإلكترونية في العراق، إلا أن الخبراء يرون في هذا المسار رافداً اقتصادياً مهماً يجب دعمه وتشريعه.
ويقول الخبير الاقتصادي منار العبيدي، لوكالة شفق نيوز، إن العمل المنزلي والـ"أونلاين" يمثل قيمة مضافة للاقتصاد من خلال خلق فرص عمل، لكنه لا يرفد خزينة الدولة بأي إيرادات ضريبية لكونه غير منظم قانونياً.
ويشير إلى أن قانون التجارة الإلكترونية أُقر بالفعل، وصدرت تعليماته، لكن لم يُفعّل بشكل جاد على أرض الواقع حتى الآن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
أزمة سكن في تركيا.. ملايين المنازل بلا سكان والإيجارات تلتهم الرواتب
شفق نيوز- أنقرة/ ترجمة خاصة في الوقت الذي يواجه فيه ملايين المواطنين الأتراك أزمة خانقة في السكن نتيجة الإيجارات الباهظة والنقص الحاد في الوحدات السكنية، كشفت إحصائية حديثة، عن وجود نحو 8.5 مليون منزل فارغ في مختلف أنحاء البلاد، ما يعكس تناقضاً صارخاً حوّل ملف الإسكان إلى أحد أبرز التحديات أمام حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان. وتشير تقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) إلى أن تركيا شهدت على مدى العقد الماضي زيادة بنحو 21 ضعفاً في أسعار المنازل، ونحو 15 ضعفاً في الإيجارات، متجاوزة بذلك جميع دول المنظمة. وبلغ معدل التضخم السنوي في الإيجارات 82.97% في صيف 2025، وصلت نسبة التضخم في الإيجارات إلى 82.97%، ما يعكس أزمة غير مسبوقة في القدرة على تأمين سكن لائق. فجوة بين المعروض والسكن الفعلي رغم وجود 8.5 مليون وحدة سكنية شاغرة حتى نهاية عام 2024 بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي يعيش نحو 7 ملايين أسرة في منازل مستأجرة، بينما يمتلك 56.1% فقط من السكان منازلهم، وهي نسبة آخذة في التراجع مقارنة بـ 59.7% في عام 2016. في المقابل، ارتفعت نسبة المستأجرين إلى 28%، مقابل 24.4% قبل نحو عقد. هذه الفجوة تعكس ضغطاً اقتصادياً متزايداً، حيث أظهرت بيانات عام 2024 أن 84.8% من الأسر التركية ترى أن تكاليف السكن تُثقل ميزانيتها، وهي أعلى نسبة يتم تسجيلها منذ أكثر من عقد. يُشار إلى أن تركيا على عكس أغلب الدول الأوروبية لا توفر دعماً حكومياً مباشراً للإيجار، ما يزيد العبء على المستأجرين. ووفقاً لبيانات منصة "Endeksa" العقارية، بلغ متوسط الإيجار الشهري على مستوى البلاد في حزيران/ يونيو 2025 نحو 23,402 ليرة تركية (ما يعادل 589 دولاراً)، بزيادة سنوية تبلغ 27.75%، فيما وصل في إسطنبول إلى 29,939 ليرة (767 دولاراً)، بارتفاع سنوي قدره 38.39%. أما على صعيد أسعار العقارات، فقد سجلت البلاد عموماً زيادة بنسبة 32.8%، بينما بلغت في أنقرة 42.1%، مدفوعة جزئياً بحركة نزوح داخلية بعد زلزال 6 شباط/ فبراير الماضي المدمر. كما تشير التقديرات إلى أن غالبية العمال الأتراك لا يتقاضون رواتب تتجاوز 817 دولاراً شهرياً، ما يجعل شراء منزل مستحيلاً أمام أسعار مرتفعة وقروض عقارية تنهك الدخل. وقد وصلت معدلات الفائدة على قروض الإسكان إلى 42.56% سنوياً، حيث تتطلب شقة متوسطة بسعر 4.36 مليون ليرة تركية دفع 134,774 ليرة شهرياً على مدى 10 سنوات. هذا الرقم يقفز في إسطنبول إلى ما يقارب 180 ألف ليرة شهرياً، ما يُخرج حلم التملك من متناول اليد. وقد انعكست هذه الأوضاع على سلوك السوق، حيث تراجعت نسبة مبيعات العقارات الممولة بالقروض من أكثر من 38% في عام 2020 إلى نحو 10.7% في عام 2024، قبل أن تسجل انتعاشاً طفيفاً في 2025 بنسبة 11.9%. عوائد المستثمرين ترتفع رغم الأزمة رغم تفاقم أزمة السكن، استفاد المستثمرون العقاريون من ارتفاع الأسعار، إذ انخفضت فترة استرداد رأس المال من خلال الإيجار إلى 14 عاماً في إسطنبول و13 عاماً على المستوى الوطني، ما جعل القطاع مغرياً للربح لكنه مغلقاً بوجه الطبقات المتوسطة والفقيرة. ولمواجهة هذه الأزمة المتصاعدة، أطلقت وزارة البيئة والتخطيط العمراني التركية في تموز/ يوليو 2025 نظام السندات العقارية القابلة للتداول، الذي يتيح للمواطنين الاستثمار في مشاريع الإسكان عبر سوق الأسهم، دون الحاجة إلى دفعات أولية أو قروض بنكية. المشروع بدأ بمجمع "داملاكَنت" في باشاك شهير بإسطنبول بقيمة 1.25 مليار دولار، على أن تبدأ عمليات التداول في 11 آب/ أغسطس الجاري 2025. ورغم أن البرنامج يُعد خطوة نحو الشمول المالي، إلا أنه واجه انتقادات بسبب ارتفاع أسعار الوحدات مقارنة بمتوسط السوق، حيث تجاوز سعر المتر المربع 77 ألف ليرة في بعض الشقق، بينما لا يتجاوز السعر الوسطي في باشاك شهير 55 ألف ليرة. بهذه الأثناء، أعلن وزير المالية التركي، محمد شيمشك، أن الحكومة تستعد لبناء 500 ألف وحدة سكنية اجتماعية خلال السنوات الثلاث المقبلة، بالتعاون مع وزارة التخطيط العمراني، وتمديد فترة السداد في القروض إلى 30 أو حتى 50 سنة للأسر منخفضة الدخل. هذه المبادرة تمثل نحو ثلث إجمالي ما بنته وكالة "TOKİ" الحكومية خلال العقدين الماضيين، والتي بلغت أكثر من 1.5 مليون وحدة سكنية. رؤية خبراء السوق ترى نوربانو تورغن زورلو، المتخصصة في السوق العقاري، أن نموذج السندات العقارية يشكل أداة مالية جديدة تمنح المواطنين فرصة للاستثمار دون الوقوع في فخ الديون. لكنها حذّرت من أن طول فترة القروض وحده لا يكفي، ما لم تُربط الأقساط بمستوى الدخل. كما شددت زورلو على أن تحقيق توازن بين العرض والطلب، وضبط الأسعار، واستقطاب الاستثمارات الأجنبية، يتطلب إصلاحات أعمق في السياسات الضريبية والمالية، إضافة إلى حوكمة مالية صارمة لمنع تقلبات غير مستقرة في السوق العقاري.


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
بغداد تحتضن منتدى الطاقة بمشاركة كبرى شركات عالمية
تستعد العاصمة العراقية بغداد لاستقبال منتدى الطاقة الدولي الذي سيعقد يومي 6 و7 أيلول/سبتمبر المقبل، بمشاركة عدد من أكبر الشركات العالمية في قطاع الطاقة. وبحسب بيان لوزارة النفط العراقية ورد لوكالة شفق نيوز، فقد أكدت مشاركة كبرى شركات الطاقة العالمية، بما في ذلك BP و Total Energies و Chevron و Eni و Shell، في أعمال منتدى بغداد الدولي للطاقة. وأشارت الوزارة إلى أن هذه المشاركة الواسعة تعكس اهتمام الشركات العالمية بالقطاع النفطي العراقي، وما يتيحه من فرص استثمارية وشراكات استراتيجية، إضافة إلى موقع العراق المحوري في أسواق النفط العالمية. وأضافت، سيمثل هذه الشركات وفود عليا ومدراء تنفيذيون سيشاركون في الجلسات الحوارية المتخصصة التي يتضمنها المنتدى، والتي ستركز على قضايا أسواق النفط، أمن الطاقة، والاستدامة، والتحول نحو الطاقات المتجددة. وختم البيان وزارة النفط بالقول إن المنتدى سيُعقد برعاية شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، وبحضور وزراء طاقة وخبراء دوليين، مما يجعله منصة دولية مهمة لتعزيز التعاون وبحث مستقبل الطاقة في العراق والمنطقة.


شفق نيوز
منذ 9 ساعات
- شفق نيوز
استقرار أسعار الدولار في بغداد وأربيل عند الإغلاق
شفق نيوز– بغداد/ اربيل استقرت أسعار صرف الدولار الأمريكي، في أسواق العاصمة بغداد وفي أربيل عاصمة إقليم كوردستان، مع إغلاق البورصة مساء اليوم الثلاثاء. وقال مراسل وكالة شفق نيوز إن أسعار الدولار حافظت على استقرارها في بورصتي الكفاح والحارثية في بغداد، حيث سجل سعر الصرف 139,950 دينارا لكل 100 دولار، وهي ذات الأسعار المسجلة صباح اليوم. وأضاف أن أسعار البيع في مكاتب الصيرفة بالأسواق المحلية في بغداد بلغت 141,000 دينار مقابل كل 100 دولار، فيما بلغ سعر الشراء 139,000 دينار. وفي أربيل، سجلت أسعار الدولار استقرارا كذلك، إذ بلغ سعر البيع 139,850 دينارا، وسعر الشراء 139,750 دينارا لكل 100 دولار أميركي.