
معركة عض الأصابع بين أمريكا والصين
حربٌ من نوع آخر، لم تكن الحرب بين أمريكا والصين – الدائرة حاليًّا – حربًا، كما نعرف، بالأسلحة، لكنها حرب من نوع آخر، حرب اقتصادية امتدت آثارها؛ ليس فحسب على مستوى الدولتين، بل على المستوى العالمى بما يهدد حركة التجارة العالمية برمتها واقتصاد العالم كله، ويُنذر بركود فى الاقتصاد العالمى لم يشهده العالم منذ الأزمة الـمالية العالمية 2008.
عالمٌ بلا عقل. لم تكن الصين مجرد دولة فى حساب دول العالم فحسب، بل إنها أصبحت مصنع العالم كله، وثانى أكبر اقتصاد على هذا الكوكب. قائم على الصناعة، الابتكار، التصنيع، وتُعد الصين أهم جزء فى معادلة سلاسل الإمداد عبر العالم، بل إنها أكبر احتياطى نقدى فى العالم، وأيضًا أكبر حائز لديون أمريكا بالدولار (تريليون دولار).
بدأت المعركة حين فرضت أمريكا رسومًا بنسبة %34 على منتجات الصين، على ظنٍّ منها أن الصين لن تردّ على مثل هذه الرسوم وستمتثل لها، لكنْ، على النقيض، قامت الصين بالرد على أمريكا وفرضت الرسوم نفسها على منتجات أمريكا، لم تكتفِ أمريكا بذلك، وجُنّ جنونها وفرضت رسومًا انتقامية بنسبة %104 على منتجات الصين، فى حين قامت الأخيرة بالرد وفرضت رسومًا جمركية بنسبة %84 على واردات أمريكا، ثم تطورت الأمور إلى أن زادت أمريكا الرسوم على الصين إلى أن وصلت إلى نسبة %145، فردّت الصين برفع الرسوم على واردات أمريكا بنسبة %125، وزادت الصين على ذلك أنها أمرت البنوك الحكومية بتقليل شراء الدولار، وبدأت بيع سندات أمريكية فعلًا، وهذا مفاده أن عوائد الديون الأمريكية ستزيد، وأن الموازنة الأمريكية ستتحمل خسائر ثقيلة جدًّا بسبب ارتفاع تكلفة الدين. ثم قامت أمريكا بتصريحات بشطب الشركات الصينية من البورصات الأمريكية ومنع التمويل عنها، ولو حدث ذلك فإن الصين ستقوم بخفض اليوان أكثر لكى تعوِّض الرسوم، والأخطر من ذلك ستبيع كميات أكبر من السندات الأمريكية، وستضرب ثقة الكثير من المستثمرين فى الدولار الأمريكى نفسه. وفى حال قررت أمريكا التصعيد أكثر، ستلعب بالورقة التى تكرهها الصين؛ وهى دعم تايوان عسكريًّا واقتصاديًّا، وساعتها ستردُّ الصين لكنْ، هذه المرة، سيكون الرد عسكريًّا. ولو صارت الأمور على نحو متزايد من التصعيد، سيكون السيناريو العسكرى واردًا وليس احتمالًا.
أهلًا بكم فى العالم الجديد… عالمٌ لا يعرف غير لغة القوة.
فى العقد الأخير، تحولت الحرب التجارية بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين من مجرد نزاع اقتصادى إلى معركة جيوسياسية كبرى تهدد بزعزعة الاستقرار المالى العالمي. بدأ الصراع بفرض رسوم جمركية متبادلة، ثم تصاعد إلى حرب تكنولوجية وحظر شركات، ووصل، اليوم، إلى سباق محموم على الهيمنة الاقتصادية والعسكرية. فما تداعيات هذا الصراع على الاقتصاد العالمي؟ وهل نحن أمام نظام اقتصادى جديد تتشكل معالمه من أنقاض العولمة؟
جذور الصراع: من التعاون إلى المواجهة
لعقودٍ، اعتمدت الولايات المتحدة على الصين كـمصنع العالم، بينما استفادت الصين من التكنولوجيا والأسواق الأمريكية. لكن مع صعود الصين كقوة اقتصادية منافِسة، بدأ التوتر يظهر فى عام 2018، حيث أشعل الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فتيل الحرب التجارية بفرض رسوم جمركية بقيمة 200 مليار دولار على البضائع الصينية، فردّت الصين بردود مماثلة، لكن الحرب لم تتوقف عند الرسوم، بل امتدت إلى الحرب التكنولوجية؛ حيث تم حظر شركات مثل هواوى وتيك توك وZTE من السوق الأمريكية.
العالم بين المطرقة والسندان
أدت الرسوم الجمركية إلى زيادة تكاليف الاستيراد، مما رفع أسعار السلع فى أمريكا والعالم. وتضررت سلاسل التوريد العالمية، خاصةً فى صناعات السيارات والإلكترونيات، وحدث انقسام للسوق العالمية إلى معسكرين، حيث بدأت الدول تختار بين التعامل مع أمريكا أو الصين، فمعسكر أمريكا وحلفائها (أوروبا، اليابان، أستراليا) يشددون القيود على الصين، فى حين تُعزز الصين تحالفاتها مع روسيا ودول أفريقيا وأمريكا اللاتينية.
مع استمرار التصعيد، تتشابه المواجهة الأمريكية الصينية مع الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، لكنْ، هذه المرة، بالاقتصاد كسلاح رئيسي. التحديات المستقبلية تشمل تسريع سباق التسلح التكنولوجى والذكاء الاصطناعى والفضاء والتأثيرات على أمن الطاقة، مع التنافس على موارد أفريقيا والشرق الأوسط، وذلك كله قد يؤدى إلى إمكانية انهيار النظام المالى العالمى بأكمله.
العالم على حافة الهاوية
فى النهاية لم تكن الحرب التجارية بين أمريكا والصين مجرد نزاع على المكاسب الاقتصادية، بل هى معركة على شكل النظام العالمى الجديد. وإذا استمر هذا التصعيد بين الدولتين، فقد ندخل عصرًا من الانقسام الاقتصادى والركود العالمي، والحل الوحيد هو التفاوض وإعادة صياغة قواعد التجارة الدولية، لكن مع تنحية الخلافات جانبًا. لكنْ يبدو أن العالم مقبل على تحولات جذرية ستغير خريطة القوى العالمية للأبد، وستشكل اقتصادات جديدة، وستختفى أخرى قائمة بالفعل، هل نحن مستعدون لعالم بلا عولـمة؟ أم أن الحرب التجارية ستشعل حروبًا أكبر؟ سنرى فى الـمستقبل القريب!
محمود الحلفاوي
* شركة/ زيلا كابيتال للاستثمارات المالية

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 10 دقائق
- الجمهورية
سعر الدولار اليوم في مصر.. تحديث الاثنين 26 مايو2025
وسجل الدولار في البنك المركزي المصري نحو 49.83 جنيهًا للشراء و49.97 جنيهًا للبيع، بحسب آخر تحديث للتداولات. وفي البنوك الكبرى، جاء السعر على النحو التالي: البنك الأهلي المصري: 49.84 جنيه للشراء و49.94 جنيه للبيع. بنك مصر: 49.84 جنيه للشراء و49.94 جنيه للبيع. بنك الإسكندرية: 49.84 جنيه للشراء و49.94 جنيه للبيع. البنك التجاري الدولي CIB: 49.84 جنيه للشراء و49.94 جنيه للبيع. بنك القاهرة: 49.84 جنيه للشراء و49.94 جنيه للبيع.


فيتو
منذ 22 دقائق
- فيتو
آخر تطورات "كارثة" كوريا الشمالية
ذكرت وكالة الأنباء المركزية الكورية الرسمية أن كوريا الشمالية تقوم بإصلاح سفينة حربية "المدمرة" تعرضت لأضرار أثناء محاولة تدشينها قبل أيام. وسبق أن قالت بيونج يانج إنها بدأت تحقيقا شاملا في "الحادث"، الذي تسبب في خسارة السفينة لتوازنها أثناء تدشينها، الأمر الذي أدى إلى تحطم أجزاء من قاع السفينة الحربية. وكان الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون موجودا أثناء وقوع الحادث، ووصفه بأنه "عمل إجرامي". وقالت وكالة الأنباء المركزية إن "العمل على استعادة توازن السفينة الحربية بالكامل يجري بنشاط، وفقا للإطار الزمني". أول إجراء عقابي وفي وقت سابق، اعتقلت السلطات في كوريا الشمالية 3 أشخاص، على خلفية حادث أدى إلى فشل تدشين سفينة حربية جديدة الأسبوع الماضي، حسبما أفادت وسائل إعلام رسمية. وأعلنت بيونج يانج عن وقوع "حادث خطير"، الأربعاء، خلال تدشين مدمرة حديثة البناء تزن 5 آلاف طن في مدينة تشونججين الساحلية الشرقية، مما أدى إلى تحطم أجزاء من قاع السفينة. وأفادت وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية أن المعتقلين هم كانج جونج شول كبير المهندسين في حوض بناء السفن في تشونججين، وهان كيونج هاك رئيس ورشة بناء الهياكل، وكيم يونج هاك نائب مدير الشؤون الإدارية. وذكر تقرير الوكالة أن المعتقلين الثلاثة "مسؤولون عن الحادث". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


الوطن
منذ 28 دقائق
- الوطن
عاجل.. التفاصيل المالية لانضمام مزيزي لنادي الزمالك
كشف مصدر خاص داخل نادي الزمالك، التفاصيل المادية الخاصة بصفقة انضمام المهاجم الدولي التنزاني كليمنت مزيزي، نجم فريق يانج أفريكانز إلى صفوف القلعة البيضاء خلال فترة الانتقالات الصيفية المقبلة. وأكد المصدر في تصريحات خاصة لـ «الوطن سبورت»، أن صفقة انضمام كليمنت مزيزي ، إلى صفوف نادي الزمالك، سوف تكلف خزينة الزمالك مليون دولار هي مصاريف انتقال اللاعب من صفوف ناديه التنزاني. وأضاف ذات المصدر، إلى أن اللاعب سوف يتقاضى راتبا سنويا، أقل من مبلغ 500 ألف دولار. وشدد المصدر، على أن اللاعب وافق على عرض نادي الزمالك ، على كافة العروض الأوروبية التي وصلته، رغم أنه كان يفضل بالبداية وفي المقام الأول الخروج للأحتراف في الملاعب الأوروبية فقط، ورفض الاستمرار في اللعب بالقارة الأفريقية. يذكر أن كليمنت مزيزي، نجح في تسجيل 4 أهداف خلال النسخة الحالية من دوري أبطال أفريقيا، من 5 مباريات خاضها مع فريقه في البطولة القارية.