logo
هل يخلف  اليورو الدولار؟

هل يخلف اليورو الدولار؟

الدستورمنذ يوم واحد

منذ أن صدر اليورو عام 1999، تشكّلت حوله تطلعات كبيرة، ليس فقط كعملة موحدة لدول الاتحاد الأوروبي، بل كمرشح جدي لمنافسة الدولار الأمريكي في عرش النظام النقدي العالمي. فبعد أن فرض الدولار هيمنته منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وأصبح العملة الاحتياطية الأولى في العالم، بدا أن أوروبا، باتحادها النقدي، تمتلك من المقومات ما يمكن أن يجعل عملتها الموحدة بديلاً عالمياً ذا وزن وتأثير.
في مشهد الاقتصاد العالمي اليوم، لا يمكن إنكار الحضور البارز لليورو. فحسب بيانات صندوق النقد الدولي، يحتفظ العالم بنسبة تقارب 20% من احتياطياته الرسمية بهذه العملة، وهي المرتبة الثانية بعد الدولار الذي يستحوذ على أكثر من 58% من تلك الاحتياطيات. وتستخدم نحو 32% من المدفوعات العالمية اليورو، حسب بيانات شبكة «سويفت»، بينما يُستخدم الدولار في نحو 42% منها. أما في إصدار السندات الدولية، فقد أصبح اليورو العملة الأساسية في نحو 23% من تلك الإصدارات، وهو ما يعكس مستوى عالياً من الثقة العالمية به.
ما يعزز هذا الحضور هو الحجم الهائل لاقتصاد منطقة اليورو، الذي يزيد ناتجه المحلي الإجمالي عن 14 تريليون دولار، مع سوق موحدة تضم أكثر من 440 مليون مستهلك. ويأتي هذا في سياق تميز البنك المركزي الأوروبي باستقلاليته وقدرته على ضبط التضخم والحفاظ على الاستقرار النقدي، وهو ما أكسب العملة الأوروبية مصداقية في الأسواق الدولية.
لكن هذه القوة الكامنة لا تعني أن الطريق أمام اليورو معبّد للوصول إلى قمة النظام النقدي العالمي. على العكس، فإن الطريق محفوف بتحديات بنيوية وسياسية واقتصادية تجعل من مهمة إزاحة الدولار عن موقعه التاريخي مهمة معقدة.
ففي الوقت الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة سوق سندات ضخمة وموحدة وآمنة، تظل منطقة اليورو تفتقر إلى سوق موحدة مماثلة، حيث تصدر كل دولة ديونها السيادية بشكل مستقل، مما يؤدي إلى تباين في مستويات المخاطر والعوائد. كما أن غياب اتحاد مالي وسياسي حقيقي يقيّد من قدرة البنك المركزي الأوروبي على التحرك الموحد والفعال، ويجعل من القرارات الاقتصادية مسألة خاضعة للتجاذبات السياسية الداخلية بين الدول الأعضاء.
الاختلافات الاقتصادية الكبيرة بين شمال وجنوب أوروبا تخلق فجوات هيكلية، تجعل من استقرار العملة الأوروبية عرضة للتقلبات الداخلية، كما حدث خلال أزمة الديون السيادية في العقد الماضي. وتضاف إلى ذلك الانقسامات السياسية التي تظهر بوضوح في القضايا الدولية الكبرى، مما يُضعف صورة الاتحاد الأوروبي ككتلة موحدة قادرة على تقديم بديل قوي وفعال للهيمنة الأمريكية.
لكن في المقابل، تتزايد الفرص أمام اليورو في سياق عالمي جديد يتسم بإعادة ترتيب موازين القوة النقدية. تراجع الثقة في الدولار، بسبب ارتفاع الديون الأمريكية وتزايد استخدامه كسلاح جيوسياسي، يدفع العديد من الدول إلى تنويع احتياطاتها والبحث عن بدائل أكثر توازناً. وفي هذا السياق، يبدو اليورو خياراً معقولاً ومدعوماً بمؤسسات قوية وسوق ضخمة.
كما أن التحول العالمي نحو العملات الرقمية، وبدء البنك المركزي الأوروبي في تطوير «يورو رقمي»، يفتح آفاقاً جديدة لاستخدام العملة الأوروبية في التسويات العابرة للحدود، خاصة في الاقتصادات الناشئة التي تسعى إلى تقليل اعتمادها على الدولار.
يبقى أن مستقبل اليورو كعملة احتياطية عالمية أولى لا يُبنى على المقومات الاقتصادية وحدها، بل على قدرة الاتحاد الأوروبي على استكمال مشروعه السياسي والمالي، وتعميق التكامل بين أعضائه، وتجاوز التناقضات الداخلية التي تعيق التحرك الموحد. وإذا ما تحققت هذه الشروط، فقد لا يكون استبدال الدولار أمراً وشيكاً، لكنه لن يكون مستحيلاً.
إن صعود اليورو لا يعني بالضرورة أفول الدولار، بل ربما يؤشر إلى ولادة نظام نقدي عالمي جديد، متعدد الأقطاب، تتوزع فيه القوة بين عملات كبرى، ويصبح فيه اليورو ركناً أساسياً في بنية مالية عالمية أكثر توازناً وعدالة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترمب غداة تعليقها
محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترمب غداة تعليقها

خبرني

timeمنذ 2 ساعات

  • خبرني

محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترمب غداة تعليقها

خبرني - أعادت محكمة استئناف اتحادية أميركية، الخميس، فرض الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد يوم من حكم محكمة تجارية بوقف تنفيذها بأثر فوري قائلة إن ترامب تجاوز سلطته بإصدار هذه الرسوم. ولم يقدم قرار دائرة محكمة الاستئناف الاتحادية في واشنطن أي رأي أو تعليل، وإنما وجّه المدعين في القضية باتخاذ إجراء بحلول الخامس من حزيران والإدارة الأميركية بحلول التاسع منه. وكان الحكم المفاجئ الصادر عن محكمة التجارة الدولية الأميركية الأربعاء قد هدد بإلغاء الرسوم أو على الأقل تأجيل فرضها على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بالإضافة إلى رسوم الاستيراد على السلع من كندا والمكسيك والصين والمتعلقة باتهامه الدول الثلاث بتسهيل تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق اليوم هون مسؤولون كبار في إدارة ترامب من شأن التأثير الناجم عن قرار محكمة التجارة، وعبروا عن ثقتهم في إلغاء القرار بعد الطعن وأكدوا وجود سبل قانونية أخرى يمكن استخدامها حتى صدور قرار جديد. وشهدت الأسواق المالية، التي تذبذبت بشدة مع كل منعطف في حرب ترامب التجارية الفوضوية، تفاؤلا حذرا اليوم. وطعنت إدارة ترامب فورا على الحكم وطلبت من محكمة استئناف وقفه والسماح ببقاء نظام الرسوم الجمركية ساريا. ووضع ترامب الرسوم الجمركية في القلب من جهوده لانتزاع تنازلات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بما في ذلك الحلفاء التقليديون مثل الاتحاد الأوروبي. وفي مقابلة مع فوكس بيزنس الخميس، عبر المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت عن ثقته في أن الحكم سيُلغَى في نهاية المطاف. وقال إن الأمر لن يعوق توقيع اتفاقات تجارية جديدة. وقال هاسيت "إذا كان هناك عراقيل صغيرة هنا أو هناك بسبب قرارات يتخذها قضاة يتصرفون مثل النشطاء السياسيين، فالأمر غير مقلق على الإطلاق، وبالتأكيد لن يؤثر ذلك على المفاوضات". وفي مقابلة مع بلومبرج قال المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، وهو من أشد المؤيدين لزيادة الرسوم الجمركية، إن إدارة ترامب ربما تعتمد على قوانين أخرى لتطبيق رسوم الاستيراد إذا ظل قرار المحكمة ساريا. واستند ترامب في قراراته إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة، وهو قانون يهدف إلى مواجهة التهديدات في أثناء حالات الطوارئ الوطنية، لفرض رسوم جمركية على كل شريك تجاري للولايات المتحدة تقريبا، مما أثار مخاوف من حدوث ركود عالمي. وعلق الرئيس العديد من الرسوم الجمركية حتى أوائل تموز بعد أن شهدت الأسواق حالة من الاضطراب.

محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترامب غداة تعليقها
محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترامب غداة تعليقها

سرايا الإخبارية

timeمنذ 5 ساعات

  • سرايا الإخبارية

محكمة أميركية تعيد فرض رسوم ترامب غداة تعليقها

سرايا - أعادت محكمة استئناف اتحادية أميركية، الخميس، فرض الرسوم الجمركية الشاملة التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، وذلك بعد يوم من حكم محكمة تجارية بوقف تنفيذها بأثر فوري قائلة إن ترامب تجاوز سلطته بإصدار هذه الرسوم. ولم يقدم قرار دائرة محكمة الاستئناف الاتحادية في واشنطن أي رأي أو تعليل، وإنما وجّه المدعين في القضية باتخاذ إجراء بحلول الخامس من حزيران والإدارة الأميركية بحلول التاسع منه. وكان الحكم المفاجئ الصادر عن محكمة التجارة الدولية الأميركية الأربعاء قد هدد بإلغاء الرسوم أو على الأقل تأجيل فرضها على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، بالإضافة إلى رسوم الاستيراد على السلع من كندا والمكسيك والصين والمتعلقة باتهامه الدول الثلاث بتسهيل تدفق الفنتانيل إلى الولايات المتحدة. وفي وقت سابق اليوم هون مسؤولون كبار في إدارة ترامب من شأن التأثير الناجم عن قرار محكمة التجارة، وعبروا عن ثقتهم في إلغاء القرار بعد الطعن وأكدوا وجود سبل قانونية أخرى يمكن استخدامها حتى صدور قرار جديد. وشهدت الأسواق المالية، التي تذبذبت بشدة مع كل منعطف في حرب ترامب التجارية الفوضوية، تفاؤلا حذرا اليوم. وطعنت إدارة ترامب فورا على الحكم وطلبت من محكمة استئناف وقفه والسماح ببقاء نظام الرسوم الجمركية ساريا. ووضع ترامب الرسوم الجمركية في القلب من جهوده لانتزاع تنازلات من الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، بما في ذلك الحلفاء التقليديون مثل الاتحاد الأوروبي. وفي مقابلة مع فوكس بيزنس الخميس، عبر المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض كيفن هاسيت عن ثقته في أن الحكم سيُلغَى في نهاية المطاف. وقال إن الأمر لن يعوق توقيع اتفاقات تجارية جديدة. وقال هاسيت "إذا كان هناك عراقيل صغيرة هنا أو هناك بسبب قرارات يتخذها قضاة يتصرفون مثل النشطاء السياسيين، فالأمر غير مقلق على الإطلاق، وبالتأكيد لن يؤثر ذلك على المفاوضات". وفي مقابلة مع بلومبرج قال المستشار التجاري للبيت الأبيض بيتر نافارو، وهو من أشد المؤيدين لزيادة الرسوم الجمركية، إن إدارة ترامب ربما تعتمد على قوانين أخرى لتطبيق رسوم الاستيراد إذا ظل قرار المحكمة ساريا. واستند ترامب في قراراته إلى قانون الصلاحيات الاقتصادية الدولية الطارئة، وهو قانون يهدف إلى مواجهة التهديدات في أثناء حالات الطوارئ الوطنية، لفرض رسوم جمركية على كل شريك تجاري للولايات المتحدة تقريبا، مما أثار مخاوف من حدوث ركود عالمي. وعلق الرئيس العديد من الرسوم الجمركية حتى أوائل تموز بعد أن شهدت الأسواق حالة من الاضطراب.

شراكة عمانية إماراتية لتطوير اقتصادية الروضة في السلطنة
شراكة عمانية إماراتية لتطوير اقتصادية الروضة في السلطنة

الدستور

timeمنذ 5 ساعات

  • الدستور

شراكة عمانية إماراتية لتطوير اقتصادية الروضة في السلطنة

مسقط - مصطفى أحمد وقّعت سلطنة عُمان ممثلة بالهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة وشركة محضة للتطوير (شراكة عُمانية إماراتية) اتفاقية تطوير وتشغيل المرحلة الأولى من المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة باستثمارات تتجاوز ملياري دولار بشراكة عمانية اماراتية بولاية محضة بمحافظة البريمي بحضور صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب، وسمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة. وقّع الاتفاقية نيابة عن الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة بالسلطنة المهندس أحمد بن حسن الذيب نائب رئيس الهيئة، وعن شركة محضة للتطوير وقّعها سلطان أحمد بن سليم، رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لمجموعة موانئ دبي العالمية «دي بي ورلد». وقال المهندس الذيب إن المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة صُمِمَت لتحقيق الأهداف التنموية ذات الأولوية، والتي من بينها توفير فرص العمل، وجذب المعرفة والتقنيات الحديثة، وتوفير بيئة أعمال محفزة تساعد على تحقيق التنمية المستدامة. وهذه جميعها أهداف بلورتها رؤية عُمان المستقبلية 2040 مشيرًا إلى أنه من المتوقع أن يصل حجم الاستثمار في المرحلة الأولى بالمنطقة إلى حوالي 2 مليار دولار أمريكي. من جانبه، قال سليم إن منطقة الروضة الاقتصادية الخاصة تمثل فصلاً جديداً في العلاقة الاقتصادية بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة، فمن خلال العمل المشترك مع الهيئة العامة للمناطق الاقتصادية الخاصة والمناطق الحرة والشركاء العُمانيين، ستعزز هذه المنطقة روابطنا التجارية الوثيقة وتعكس طموح الجانبين المشترك لتحقيق نمو اقتصادي مستدام ومتنوع». بدوره أكد الدكتور حمد بن أحمد البوسعيدي محافظ البريمي أن مشروع المنطقة الاقتصادية الخاصة بالروضة سيُحدث نقلة اقتصادية في ولاية محضة بشكل خاص ومحافظة البريمي بشكل عام عبر استقطابه لشركات عالمية ومصانع مما سيتيح فرص عمل توظيفية في ولاية محضة والولايات الأخرى بالمحافظة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store