logo
'كين لوتش'.. سينما لخدمة العدالة الاجتماعية والقضية الفلسطينية

'كين لوتش'.. سينما لخدمة العدالة الاجتماعية والقضية الفلسطينية

الجزيرة١١-٠٥-٢٠٢٥

مع افتتاح مهرجان بافتا السينمائي الشهير في بريطانيا، كان المخرج المخضرم 'كين لوتش' يخطو بثبات على السجادة الحمراء في قاعة المهرجان الملكية، وحين وصل إلى مكان التقاط الصور توجه إلى الكاميرات، ثم رفع لوحة تطالب بوقف المجازر التي تخلفها الحرب على غزة، وكان بجواره رفيقه كاتب السيناريو 'بول لافيرتي'، وعدد من رفاقهما في دورة عام 2024 من المهرجان، التي انطلقت في العاصمة البريطانية لندن.
ومع أن مواقف 'لوتش' المؤيدة للقضية الفلسطينية معروفة، فإن وكالات الأنباء طيرت صوره واتخذتها خبرا، مصحوبة بتصريحاته المطالبة بالفائزين في المهرجان بأن يطالبوا بوقف فوري لإطلاق النار في غزة. وقد استشهَد 'لوتش' يومئذ بالفائزين في نسخة المهرجان التي تقام في أسكتلندا، فقد طالبوا بوقف الحرب على غزة.
تأييد لفلسطين يتجاوز التصريحات الإعلامية
في انحيازاته ومواقفه، لم يرسم 'لوتش' فرقا بين ما هو سياسي وما هو سينمائي أو فني، فالكل عنده واحد، فهو يغترف من معين قصص الناس، لينسج منها أفلاما، ويتفاعل مع الأحداث الجارية كأنه شاب في مقتبل العشرين لا كهل تجاوز التسعين من العمر.
يرى 'لوتش' السينما فنا جماعيا غير ممكن من دون تجمع الناس مع بعضهم كما في المسرح، فهي عنده تجربة جماعية لا فردية. ولذا فإن من واجباتها أن تكون معبرة عن الطبقة العاملة.
ولهذا فإن تأييده للقضية الفلسطينية يتعدى التصريحات الإعلامية إلى الدعم المالي المباشر لحملات مقاطعة إسرائيل. فبعد أن سُئل عن سبب عرض فيلمه 'أنا، دانييل بليك' (I, Daniel Blake) في إسرائيل أنكر موافقته على ذلك، وأعلن تبرعه بكل عائدات عرض الفيلم هناك لحركة 'المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على إسرائيل' (BDS).
'جيرمي كوربن'.. دعم الرجل القادم من المقاعد الخلفية
يدافع 'كين لوتش' بشراسة عن استقلاليته واستقلالية أعماله وأفكاره، لهذا اشتُهر بمواقفه الرافضة تدخلات الشركات الكبرى في السياسة والإعلام، ودافع عن دور الفن في التغيير الاجتماعي.
ولم يمنعه ذلك من الانضمام لحزب العمال البريطاني، والوقوف بجوار صديقه 'جيرمي كوربن' إبان الفوز التاريخي، الذي أحرزه برئاسة حزب العمال في مفاجأة كبيرة عام 2016، حين انتقل من مقاعد الحزب الخلفية إلى المقاعد الأمامية.
حينها لم يجد بأسا من أن يصبح مخرج أفلام وثائقية، ويسخر عمله وموهبته لخدمة حملة 'كوربن' لرئاسة الحزب، فأخرج فيلم 'حوار مع جيرمي كوربن' (2016)، الذي وثق جلستين له مخصصتين للرد على أسئلة الجمهور بمدينتي لندن وشيفيلد في إنجلترا خلال الحملة.
وحين سئل عن سبب إخراج مثل هذا الفيلم أجاب برغبته في توثيق شعور التفاؤل والأمل، الذي يحدو كثيرين، ويُفسّر استعداد كثيرين للنضال من أجل الرؤية الجديدة التي يطرحها 'جيرمي كوربن'.
'حانة البلوط العتيق'.. فيلم التقاعد عن السوريين
من المفارقات أن 'كين لوتش' لم يتناول القضية الفلسطينية قط في أعماله الفيلمية، مع أنه مدافع شرس عنها، بل إنه لم يتناول أي قضايا عربية، وربما يعود ذلك لصراعات دخلها أثناء عمله في قسم الدراما بهيئة الإذاعة البريطانية، أثناء عقدي الستينيات والسبعينيات، وسنعرضها لاحقا في هذه المقالة.
فقد انتُقد يومئذ بأنه يستغل الأفلام الفنية لتقديم رؤية سياسية، وهو أمر ما فتئ يتبرأ منه، ويقول إنه يقدم أفلاما وثائقية، وليست أعمالا سياسية، بل رؤية فنية خالصة نابعة من عقله ووجدانه وتقييمه ونظرته للواقع.
وفي عام 2023، قدم مفاجأتين لمتابعيه ومشاهديه، الأولى أنه سيعتزل الإخراج السينمائي وستكون مباراة اعتزاله فيلم 'حانة البلوط العتيق' (The Old Oak). والمفاجأة الثانية أن الفيلم سيكون عن اللاجئين السوريين، وطبيعة حياتهم واندماجهم في المجتمع البريطاني، وذلك استثناء واضح من جل أفلامه التي كانت غارقة في قضايا المواطن البريطاني المحلية.
ففي هذا الفيلم، ذهب 'لوتش' بعيدا إلى أقصى شمال إنجلترا، وتحديدا بلدة 'دورهام' بالقرب من أسكتلندا، واختار حانة قديمة لتمثل مركز الأحداث في الفيلم.
والحانة في المجتمع البريطاني والغربي عموما هي المركز الاجتماعي الأهم في المدن والقرى، ففيها محل النقاش واللقاء بين الأصدقاء، وهي فضاء أشبه بالمقاهي في البلدان العربية، أو يفوق أهميتها، ذلك لأن شرب الخمر طقس اجتماعي تشاركي، له مركزية كبيرة في الغرب، بعكس احتساء القهوة في المجتمعات العربية والمسلمة.
ولهذا كانت الحانة وروّادها يمثلون في الفيلم الطبقة الشعبية العاملة في بريطانيا، تلك الطبقة التي فقدت كثيرا من مميزاتها إبان حقبة رئيسة الوزراء 'مارغريت تاتشر' فقد أغلقت مناجم هذه المدن الصناعية، ومنها مدينة 'دورهام'، فأورث ذلك مرارة نفسية توارثها السكان، فأصبحوا يصبون غضبهم على المهاجرين، ولا سيما السوريين الذي جاؤوا ليعيشوا في المدينة.
يتعاطف 'تومي' مع اللاجئين السوريين، ولا سيما الشابة يارا اللاجئة التي تهوى التصوير، لكنه يجد نفسه في موقف صعب، بمواجهة بني جلدته المعادين للاجئين. وعند تصاعد التوتر، قرر أن يفتح الحانة أمام كلا الفريقين، على أمل خلق تفاهم أفضل بين الطرفين، فاندلعت مواجهات بين اللاجئين ومن يعادونهم من السكان ويرونهم سبب مشاكلهم الحياتية.
وهنا يستخدم 'لوتش' الصورة الفوتوغرافية لتعلب دورا في نسيج الفيلم، فهي نقطة التلاقي بين ثقافتين، وجسر الحوار بين المتخاصمين. فيارا السورية ترى مستقبلها المشرق من خلال عدسة الكاميرا، وهي تحلم أن تكون مصورة تجوب العالم وتلتقط الصور، وأما 'تومي' فيزين جدران حانته بصور بالأبيض والأسود.
تجول عينا يارا على صور الحائط، تسجل بعينيها ذاكرة البلدة، وتسأل 'تومي' عن الناس والأحداث، وتبقى الكاميرا في يد يارا طول الفيلم، تذكرنا بتسجيل اللحظة الراهنة والقادمة، أو بالأحرى الحاضر والمستقبل، كما تبقى الصور على الحائط في خلفية المشاهد تذكرنا بتسجيل اللحظة السابقة أو ظلال الماضي.
والفيلم هو امتداد لأسلوب 'كين لوتش' الشهير، وهو التماس المباشر مع القضايا الاجتماعية الشعبية، باستخدام ممثلين غير محترفين أحيانا، إمعانا في الواقعية. وهو هنا يجسد مشاعر الحياة اليومية البسيطة لدى رجل الشارع الإنجليزي، غير أنه لا ينجرف وراء مشاعر الغضب الناتج عن التهميش والفقر، بل يغوص في جذور مشكلة العنصرية، بصفتها نتاجا للمعاناة الاقتصادية لا الكراهية. كما أنه يفتح نافذة أمل للتضامن الإنساني برغم كل الصعوبات.
رائد الدراما الوثائقية التلفزيونية
تدين صناعة التلفزيون والسينما في بريطانيا بكثير من الفضل للمخرج 'كين لوتش'، فقد كان أحد الرواد الذين أخرجوا الدراما التلفزيونية من الأستديو إلى الشارع في حقبة الستينيات، فالشارع يمثل لديه الواقع بلا تزييف ولا تزوير.
ما فتئ 'لوتش' يحاول التفاعل مع الواقع ومشاكله من بوابة الدراما، ثم من بوابة السينما، وكان قد درس القانون في جامعة أوكسفورد العريقة، وبرغم البون الشاسع بين ما درسه وما عمل به، فإن أيام الجامعة كانت خصبة جدا له على الصعيد الفني، لأنه التحق بنادي المسرح التجريبي في الجامعة، وكانت فرصة له للتشبع بهذا الفن، قبل أن يلتحق بهيئة الإذاعة البريطانية 'بي بي سي' في وقت لاحق.
ولم يزل -حتى بعد عقود كثيرة- وفيا لتجربته المسرحية على صعيد فلسفة أداء الممثل، والحضور الجماعي للجماهير، التي يراها جزءا لا يتجزأ من تجربة السينما.
'عودي للبيت كاثي'.. ضجة تغير قانون الرعاية الاجتماعية
كان 'كين لوتش' ممن برز على أيديهم مصطلح الدراما الوثائقية في بريطانيا، فكان يعمل في قسم الدراما بهيئة الإذاعة البريطانية، ولم يكن طموحه يومئذ يقف عند هذا الحد، فكان يريد أن تحقق الدراما التي يخرجها نسب مشاهدة نشرة الأخبار، من دون أن يتقيد بقيود العمل الإخباري.
ولهذا أحدث عمله الدرامي التلفزيوني الأشهر 'عودي للبيت كاثي' (Cathy Come Home) عام 1966 ضجة كبيرة، تجاوزت موضوع الدراما التي تناولت الخلل بمنظومة الرعاية الاجتماعية في بريطانيا، إلى إشعال موضوع هوية الأنماط الإنتاجية التلفزيونية، وحدود الفوارق بين ما حقيقي وما هو خيالي.
اجتاز 'عودي للبيت كاثي' المسافة الفنية بكل جرأة، بين ما هو إخباري وما هو درامي، فكان فيه معلق صوتي، ونصوص مكتوبة على الشاشة، ناهيك عن هذه القضية الشائكة التي تناولها، وأحدث بها هزة في المجتمع البريطاني، وقد تغير قانون الرعاية الاجتماعية على إثرها.
'أيام الأمل'.. إسقاطات سياسية من التاريخ
بعد عقد من الزمان أعاد 'لوتش' الكرة مرة أخرى، ولكن هذه المرة مع حدث تاريخي آخر هو دراما 'أيام الأمل' (Days of Hope) عام 1975.
خلال حقبة بث هذه الدراما في السبعينيات، كانت بريطانيا تعاني من أزمات اقتصادية، وفي الوقت نفسه قامت ثورة تقنية في عالم التلفزيون، فظهر التلفزيون الملون أول مرة.
حينها قفز 'لوتش' قفزة أخرى تتجاوز اللحظة الاقتصادية والسياسية الراهنة، وذهب بعيدا إلى التاريخ، وتحديدا إلى عام 1926، حين حدثت أكبر أزمة اقتصادية تموج بها البلاد، وأفضت إلى 'الإضراب الكبير'. وقد جسد تلك اللحظة التاريخية بلا إحالة مباشرة للواقع البريطاني الاقتصادي والاجتماعي المعاصر لوقت عرضه.
ومع ذلك كانت الإسقاطات التاريخية واضحة، ولم يحتج المشاهد إلى قدر عال من الذكاء، ليربط السياق الاقتصادي والاجتماعي في بريطانيا خلال منتصف السبعينيات بأجواء عام 1926، مما عزّز تفاعل الجمهور معه، ليس فقط بوصفه عملا دراميا، بل نافذة تعكس هموم الطبقة العاملة وصراعاتها مع الأزمات الاقتصادية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترحيب فلسطيني واستياء إسرائيلي من بيان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا
ترحيب فلسطيني واستياء إسرائيلي من بيان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

ترحيب فلسطيني واستياء إسرائيلي من بيان قادة بريطانيا وفرنسا وكندا

رحبت الرئاسة الفلسطينية وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان المشترك الصادر عن قادة بريطانيا وفرنسا وكندا، والذي دعا إسرائيل إلى وقف حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة ولوح باتخاذ إجراءات ضد تل أبيب إذا لم توقف حرب. في حين انتقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو البيان واعتبره جائزة كبرى لهجوم السابع من أكتوبر /تشرين الأول 2023 على حد وصفه. ونقلت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) عن الرئاسة وصفها لبيان القادة بالشجاع وقولها إنه ينسجم مع موقفها الداعي إلى إنقاذ وتنفيذ حل الدولتين، والوقف الفوري للعدوان، وإطلاق سراح المحتجزين والأسرى، وانسحاب قوات الاحتلال من غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية، ومنع التهجير. واعتبرت الموقف بمثابة دعوة من المجتمع الدولي لوقف العدوان المتواصل على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، بما فيها القدس. وجددت الرئاسة الفلسطينية تأكيدها على ضرورة تولي دولة فلسطين المسؤولية المدنية والأمنية في قطاع غزة. كما رحب حسين الشيخ نائب الرئيس الفلسطيني، على حسابه بمنصة إكس، بالبيان داعيا الدول الثلاث إلى الاعتراف بدولة فلسطين. من جانبها قالت حركة حماس في بيان، إنها ترحب بالبيان المشترك "الذي عبّر عن موقف مبدئي رافض لسياسة الحصار والتجويع التي تنتهجها حكومة الاحتلال الفاشي ضد أهلنا في قطاع غزة، وللمخططات الصهيونية الرامية إلى الإبادة الجماعية والتهجير القسري". واعتبرت الحركة هذا الموقف خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو إعادة الاعتبار لمبادئ القانون الدولي، التي سعت حكومة نتنياهو إلى تقويضها والانقلاب عليها. ودعت حماس إلى ترجمته بشكل عاجل إلى خطوات عملية فاعلة تردع الاحتلال، وتضع حدا للمأساة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وناشدت الحركة الدول العربية والإسلامية، والاتحاد الأوروبي، وسائر دول العالم الحر، إلى التحرك العاجل واتخاذ مواقف حازمة وإجراءات ملموسة "لوقف العدوان الصهيوني الهمجي، ولجم جرائم الاحتلال المتواصلة". وطالبت حماس بمحاسبة إسرائيل، ومعاقبة قادتها كمجرمي حرب، بما يضمن حماية المدنيين، ووضع حد للاحتلال وحرب الإبادة والتطهير العرقي التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. في المقابل قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن قادة بريطانيا وكندا وفرنسا يقدمون ما سماه جائزة كبرى لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول من خلال مطالبة إسرائيل بإنهاء حربها على غزة على حد زعمه. بيان القادة الغربيين وفي وقت سابق هدد قادة فرنسا وبريطانيا وكندا أمس الاثنين في بيان مشترك باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال القادة في بيانهم "سنتخذ إجراءات إذا لم توقف إسرائيل هجومها بغزة وترفع القيود عن المساعدات". وقال القادة "نعارض بشدة توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، إن مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يطاق". ونص البيان على أنه "إذا لم توقف إسرائيل هجومها العسكري الجديد وترفع القيود التي تفرضها على المساعدات الإنسانية، فإننا سوف نتخذ خطوات ملموسة أخرى ردا على ذلك". وشدد البيان على رفض توسيع المستوطنات في الضفة الغربية". وأضاف "قد نتخذ إجراءات بينها العقوبات". وأكد أن رفض إسرائيل تقديم المساعدات الأساسية للمدنيين في غزة غير مقبول. وطالب القادة الغربيون إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في غزة والسماح الفوري بدخول المساعدات. وجاء في البيان أن إعلان إسرائيل السماح بدخول كمية ضئيلة من الغذاء إلى غزة غير كاف على الإطلاق. وجاءت هذه التطورات بعدما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي أول أمس الأحد إطلاق عملية برية في عدة مناطق داخل قطاع غزة في إطار بدء ما سماها عملية عربات جدعون، في تصعيد خطير ضمن حرب الإبادة المتواصلة على القطاع منذ 20 شهرا. ومنذ الثاني من مارس/آذار الماضي، تواصل إسرائيل سياسة تجويع ممنهج لنحو 2.4 مليون فلسطيني بغزة، عبر إغلاق المعابر بوجه المساعدات المتكدسة على الحدود، ما أدخل القطاع مرحلة المجاعة وأودى بحياة كثيرين. وفي وقت سابق أمس الاثنين، توعد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، بتجويع وتدمير ما تبقى من قطاع غزة، وتهجير الفلسطينيين من جنوبه. وبدعم أميركي ترتكب إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت أكثر من 174 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، بجانب مئات آلاف النازحين.

ما دلالة تزايد أعمال المقاومة وفشل عملية الاحتلال؟ الدويري يجيب
ما دلالة تزايد أعمال المقاومة وفشل عملية الاحتلال؟ الدويري يجيب

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

ما دلالة تزايد أعمال المقاومة وفشل عملية الاحتلال؟ الدويري يجيب

قال الخبير العسكري والإستراتيجي اللواء المتقاعد فايز الدويري إن تزايد عمليات المقاومة الفلسطينية ضد قوات الاحتلال في قطاع غزة أمر متوقع في هذه المرحلة من الحرب، مع بدء جيش الاحتلال الإسرائيلي التوغل بعملية عربات جدعون إلى عمق المناطق المبنية. وأضاف أن طبيعة هذه المرحلة تفرض على فصائل المقاومة اعتماد تكتيكات الكرّ والفرّ، من خلال نصب كمائن مركبة تشمل الاستطلاع، والاستدراج، ثم تفجير العبوات الناسفة والألغام، واستخدام الأسلحة القصيرة مثل "التاندوم" و"الياسين"، يليها الاشتباك المباشر ثم الانسحاب إلى العقد القتالية في الأنفاق أو المباني المدمرة. وشدد في تحليل للمشهد العسكري في قطاع غزة على أن هذه الكمائن لن تكون الأولى ولن تكون الأخيرة، متوقعا تكرارها خلال الأيام المقبلة في مختلف مناطق قطاع غزة، في ظل ما سماه "ديناميكية المقاومة" التي تتطور وفق قدراتها المتاحة. وكانت الأيام الأخيرة قد شهدت تصاعدا لافتا في وتيرة العمليات النوعية التي نفذتها فصائل المقاومة، تزامنا مع إعلان الاحتلال عن توسيع عملياته الميدانية جنوبي القطاع، خاصة في مدينة رفح، حيث يواجه مقاومة عنيفة في محيط معبر كرم أبو سالم ومخيم الشابورة. وقد أقرت مصادر عسكرية إسرائيلية بمقتل وإصابة عدد من الجنود خلال هجمات مباغتة تعرضت لها قواتها. عمليات مستقلة وفي تعليقه على العمليات الثلاث التي وقعت خلال اليومين الأخيرين، أوضح الدويري أن كل واحدة منها جرت في مكان مختلف ومن قبل فصيل مقاوم مختلف، مما يدل على استقلالية التخطيط والتنفيذ وتوزع العمل الميداني. وأشار إلى أن عملية محاولة اختطاف القائد الميداني في ألوية الناصر صلاح الدين، أحمد كامل سرحان، ب خان يونس جنوبي قطاع غزة، نُفذت على الأرجح عبر وحدة إسرائيلية خاصة تتبعت تحركاته بعد عودته إلى منزله، مرجحا تورط وحدات مثل "دوفدوفان" أو "شَلداغ". ويرى الخبير العسكري أن يقظة القائد في ألوية الناصر صلاح الدين ورفضه الوقوع أسيرا أدى إلى فشل العملية، رغم استشهاده، لافتا إلى أن أسره لو تم كان سيكون مكلفا جدا للفصائل الفلسطينية لما يحمله من معلومات حساسة. وقد نشرت ألوية الناصر بيانا نعت فيه قائدها الميداني، وأكدت أن فشل الاحتلال في أسره يمثل "هزيمة استخباراتية وميدانية"، في حين أكدت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أنها تراقب بدقة أداء القوات المتوغلة ولن تسمح لها بالتمركز في المناطق المدنية. كمين معقد أما العملية الثانية، فكانت كمينا معقدا نفذته كتائب القسام في بيت لاهيا، وذكّر بأساليب عمليات "كسر السيف" و"أبواب الجحيم"، من حيث التخطيط الذي شمل استطلاعا ميدانيا، واستدراجا للقوة المقتحمة، وتفجير حشوات ناسفة، ثم الاشتباك المباشر، وتأخر نشر تفاصيل الكمين حتى عودة المقاومين إلى مواقعهم الآمنة. وبثت كتائب القسام لاحقا مشاهد مصورة للعملية أظهرت تفجير عبوات ناسفة وإطلاق نار كثيف من مسافة قريبة، وهو ما أكده جيش الاحتلال لاحقا معلنا مقتل عدد من جنوده خلال الاشتباك. العملية الثالثة، وفق الدويري، تمثلت في تفجير حقل ألغام زرعته سرايا القدس في أحد المحاور التي تمر منها آليات الاحتلال، وتم تفجيره لحظة عبورها، مما أدى إلى تدمير عدة آليات وإصابة من فيها، بحسب ما نشرته السرايا في بيانها. وتأتي هذه التطورات في وقت تزداد فيه التساؤلات داخل الأوساط الإسرائيلية حول فاعلية العمليات البرية، لا سيما مع اعتراف تقارير أمنية بوجود "محدودية في الإنجاز التكتيكي"، و"ثغرات في التنسيق بين الوحدات"، في مقابل تصاعد أداء الفصائل الفلسطينية على الصعيدين الاستخباراتي والميداني.

مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية
مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية

الجزيرة

timeمنذ 8 ساعات

  • الجزيرة

مقرر أممي: خطط إسرائيل لتوزيع الغذاء بغزة سياسية لا إنسانية

قال المقرر الأممي المعني بالحق بالغذاء مايكل فخري إن المناطق التي اقترحتها إسرائيل لتوزيع الغذاء في قطاع غزة سياسية وليست إنسانية، مؤكدا أنها تشن حملة تجويع ضد أطفال غزة. وأكد فخري -في حديث للجزيرة- أن إسرائيل تقوم بتطهير عرقي في غزة، وتجوع أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع المحاصر. وشدد على أن القطاع بحاجة إلى إدخال ألف شاحنة على الأقل يوميا، في تباين كبير بين عدد الشاحنات المطلوبة وبين ما أدخلته إسرائيل أمس الاثنين. وأعلنت إسرائيل، أمس، عن دخول أول دفعة من شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى غزة منذ الثاني من مارس/آذار الماضي، في حين وصفت الأمم المتحدة السماح بدخول 9 شاحنات أغذية للقطاع بأنه "قطرة في محيط" . وقال فخري إن إسرائيل "لو كانت مهتمة بأطفال غزة لما شنت حملة تجويع ضدهم". في السياق ذاته، دعت 23 دولة إلى جانب مسؤولين رفيعي المستوى في الاتحاد الأوروبي -في بيان مشترك- إسرائيل إلى السماح الفوري باستئناف دخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذرين من خطر المجاعة وانتقدوا خطط إسرائيل بشأن توزيع المساعدات. وأمس، هدد قادة فرنسا وبريطانيا وكندا في بيان مشترك باتخاذ إجراءات ضد إسرائيل إذا لم توقف حرب الإبادة الجماعية التي تشنها على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. وقال القادة في بيانهم إن "مستوى المعاناة الإنسانية في غزة لا يطاق"، وأكدوا أن إعلان إسرائيل السماح بدخول كمية ضئيلة من الغذاء إلى غزة غير كاف على الإطلاق. وجاء بيان القادة الثلاثة بعد إعلان ديوان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الموافقة على إدخال المساعدات إلى قطاع غزة بناء على توصية الجيش من أجل توسيع نطاق العملية العسكرية. وكان برنامج الأغذية العالمي قد قال إن تحليلات الأمن الغذائي في قطاع غزة تشير إلى أنه في سباق مع الزمن لتفادي المجاعة ، داعيا المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لاستئناف تدفق المساعدات. وبالتوازي مع الحصار والإغلاق المشددين، تشن إسرائيل على مدار الساعة قصفا جويا ومدفعيا على الأحياء السكنية والمرافق المدنية، مما يؤدي لسقوط أعداد كبيرة من الشهداء كل يوم. وأعلنت إسرائيل، الأحد الماضي، بدء عملية عسكرية جديدة في القطاع سمتها "عربات جدعون"، وتتضمن خططا لاحتلال القطاع بالكامل، وذلك رغم دخول مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية في الدوحة مرحلة وُصفت بالحاسمة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store