logo
هل انتهى المحور الإيراني في المنطقة؟ معهد إسرائيليّ يُجيب

هل انتهى المحور الإيراني في المنطقة؟ معهد إسرائيليّ يُجيب

ليبانون 24منذ 2 أيام

نشر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي"INSS" تقريراً جديداً تحدث فيه عن ضرورة إعادة النظر في مفهوم "المحور الشيعي" وذلك بعد إنهيار نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وتآكل نفوذ " حزب الله" في لبنان وتزايد الضغوط على الجماعات المدعومة من إيران في الشرق الأوسط.
ويقول التقرير الذي ترجمهُ"لبنان24" إنَّ التطورات الرئيسية التي شهدتها المنطقة منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة، وخاصةً في الأشهر الأخيرة، تتطلبُ إعادة النظر في مدى ملاءمة مفهوم المحور الشيعي الذي تقوده إيران"، وأضاف: "على مدى العقدين الماضيين، عملت طهران على تشكيل شبكة من الجهات الفاعلة الإقليمية، معظمها كيانات شبه حكومية، تستند إلى أيديولوجية مشتركة لمقاومة إسرائيل والغرب، بهدف توسيع نفوذها وبناء عمق استراتيجي. وبينما كان هذا المحور يُعتبر في الماضي نظاماً مركزياً ومنسقاً جيداً، فإنه يتضح الآن بشكل متزايد أنه يعمل كشبكة لامركزية ومرنة، ذات مصالح وهويات مستقلة، وتتمتع بقدر أكبر من الاستقلالية".
وأكمل: "إضافةً إلى ذلك، فإن انهيار نظام الأسد في سوريا ، وتآكل القدرات الاستراتيجية لحزب الله، وتزايد الضغوط على الجماعات المسلحة في العراق والحوثيين في اليمن، إلى جانب ضعف قدرة إيران على الردع، قد أضعف هذا المحور بشكل كبير وقوض تماسكه. في الوقت نفسه، لا تزال الشبكة التي نسجتها إيران على مر السنين تعمل بمستوى معين من التنسيق والالتزام، حيث لا تزال طهران تُزوّدها بالتمويل والأسلحة والدعم. لذلك، من المناسب النظر، مع مرور الوقت، في ضرورة تحويل تحليل هذا التجمع الإقليمي من نموذج محور هرمي إلى نموذج شبكة مرنة وديناميكية. علاوة على ذلك، من الضروري صياغة سياسات مُصممة خصيصًا لكل عنصر من عناصره، مع تحديد الخلافات الداخلية ونقاط الضعف والفرص المتاحة لإضعاف قبضة إيران على المنطقة وزعزعة العلاقات بين شركائها".
التقرير يقول إن الروابط والتعاون المتبادل تعزز بين شركاء إيران في المنطقة، موضحاً أنَّ هذا التعاون المتنامي تجلى في الإجتماعات بين كبار قادة المنظمات الإسلامية الفلسطينية وقيادة حزب الله؛ وفي التنسيق لوضع الخطط العملياتية لحزب الله وحماس للتسلل إلى الأراضي الإسرائيلية ؛ وفي مساعدة حزب الله للحوثيين والجماعات الشيعية العراقية من خلال التدريب والتوجيه.
وتابع: "في هذا السياق، لعب حزب الله وأمينه العام السابق حسن نصر الله، دوراً محورياً، نظراً لخبرة نصر الله الطويلة ومعرفته بإسرائيل، ولمكانته المرموقة ونفوذه في طهران، الذي ازداد منذ اغتيال أميركا لقاسم سليماني، القائد السابق لفليق القدس الإيراني".
وأكمل: "رغم محدودية قدرة إيران على إدارة مكونات جبهة المقاومة والتحديات التي تواجهها في إدارة هذا المحور، اغتنمت إيران الظروف الجديدة التي نشأت في الشرق الأوسط بعد اغتيال سليماني واتفاقات إبراهيم كفرصة لتعزيز التنسيق بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطينيتين والمكونات الأخرى للمحور في مواجهة عدوهم المشترك - إسرائيل. وفي إطار تنفيذ هذه الاستراتيجية، قررت إيران إنشاء غرفة عمليات مشتركة مسؤولة عن التنسيق العسكري واللوجستي والاستخباراتي الشامل بين حركتي حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني في قطاع غزة، وحزب الله في لبنان، والجماعات الموالية لإيران في سوريا، والجماعات الشيعية في العراق، وذلك بالإضافة إلى الحوثيين في اليمن".
وقال: "كان التنسيق المتزايد بين مكونات المحور واضحاً بالفعل في أيار 2021، خلال عملية حارس الأسوار التي شنها الجيش الإسرائيلي في غزة، عندما أنشأت إيران وحزب الله وحركتي حماس والجهاد الإسلامي غرفة عمليات مشتركة في بيروت. كذلك، كشفت وثائق حماس التي ضُبطت في غزة خلال حرب السيوف الحديدية عن مدى التنسيق بين القيادة الإيرانية وعناصر محور المقاومة - حزب الله وحماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني. ووفقًا لهذه الوثائق، قاد سعيد إيزادي، المسؤول الكبير في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، جهود إيران لتهريب الأسلحة وتوفير التمويل، وإجراء تدريب للمنظمات الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة، وتعزيز التعاون والتنسيق بين المنظمات الفلسطينية وحزب الله، وتنظيم العلاقات بين حماس ونظام الأسد في سوريا. ورغم أن هذه الوثائق تشير أيضاً إلى خلافات وتباين في المصالح بين عناصر المحور، إلا أنها تشهد على الشراكة الأيديولوجية والتعاون الاستراتيجي والعملياتي الواسع بين إيران وحلفائها الإقليميين في إطار هذا المحور".
وأضاف: "لقد أتاحت الحرب في غزة لإيران أول فرصة مهمة لتطبيق مفهوم وحدة الساحات - أي العمل على مستوى المحور بتزامن استراتيجي مع تقسيم العمل بين مكوناته المختلفة والتكيف مع الظروف المتطورة للحرب. وشمل تطبيق مفهوم التقارب هذا دمجاً جزئياً لحزب الله في الحملة الإيرانية؛ وهجمات شنتها الجماعات الشيعية الموالية لإيران في العراق ضد القواعد الأميركية في سوريا والعراق لفرض تكلفة على الولايات المتحدة لدعمها لإسرائيل وتسريع انسحاب القوات الأميركية من سوريا؛ ودمج الحوثيين من اليمن في الحملة ضد إسرائيل، وذلك بشكل رئيسي من خلال إطلاق الصواريخ والطائرات من دون طيار باتجاه جنوب إسرائيل، بالإضافة إلى الهجمات على السفن في البحر الأحمر بهدف فرض حصار بحري على إسرائيل وتحفيز التدخل الدولي لوقف هجمات إسرائيل على قطاع غزة".
وأكمل: "مع ذلك، كشفت الحرب أيضاً عن محدودية قدرة إيران على استغلال كامل القدرات المتاحة للمحور الموالي لها في المنطقة، لا سيما بسبب مخاوفها من الانجرار إلى صراع عسكري مباشر مع إسرائيل، وربما حتى مع الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، فشلت إيران في تحقيق هدفين رئيسيين من خلال شبكتها التابعة: إنهاء القتال في غزة لتقليل خسائر حماس، وممارسة الضغط على الولايات المتحدة لوقف دعمها غير المشروط لإسرائيل، ودفعها إلى إنهاء الحرب قبل تحقيق أهدافها".
وقال: "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الأحداث الكبرى التي شهدتها المنطقة منذ اندلاع حرب غزة شكّلت، ولأول مرة، تهديداً كبيراً لبقاء حماس نفسها، كما ألحقت أضراراً بالغة بحزب الله، أهم أصول إيران الاستراتيجية في المنطقة".
واعتبر التقرير أنَّ اغتيال معظم قادة حزب الله، بمن فيهم نصرالله، تمثل تهديداً كبيراً لأهم مشروع إقليمي عملت إيران على بنائه لعقود، مما حرمه إلى حد كبير من القدرة على ردع إسرائيل أو الرد في حال وقوع هجمات على منشآتها النووية، وتابع: "يواجه حزب الله الآن ضغوطًا متزايدة مع تآكل قدراته بسبب العمليات العسكرية المستمرة للجيش الإسرائيلي، مما يزيد من صعوبة تعافيه، إلى جانب تزايد المطالب بنزع سلاح المنظمة".
وتابع: "علاوة على ذلك، مع سقوط نظام الأسد، فقدت إيران ركيزة أساسية من ركائز عمقها الاستراتيجي وخط دفاعها الأمامي ضد إسرائيل. وفي العراق، اضطرت الجماعات الشيعية إلى وقف هجماتها ضد إسرائيل، وتتعرض لضغوط متزايدة لنزع سلاحها والاندماج في القوات المسلحة العراقية. وفي اليمن، واصل الحوثيون عملياتهم ضد إسرائيل، وخاصة منذ استئناف القتال في غزة في آذار 2025، لكنهم أيضا يتعرضون لضغوط متزايدة في أعقاب الضربات الأميركية والهجمات الإسرائيلية".
ووسط كل ما حصل، وعلى خلفية التطورات الإقليمية الأخيرة، قال باحثون في مركز تشاتام هاوس البريطاني للأبحاث في آذار 2025 إنَّ "محور المقاومة لا يزال قادراً على التكيف مع الواقع المتغير، حتى في مواجهة ضغوط خارجية شديدة".
ووفقًا لتحليل الباحثين، فإنَّ أحداث العام الماضي - بما في ذلك انهيار نظام الأسد، وتضرر حزب الله، وتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران - لا تشير بالضرورة إلى انهيار المحور الذي يعمل كشبكة ديناميكية لامركزية ومرنة نجحت سابقاً في التكيف مع مجموعة من الصدمات العسكرية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية، مستعيداً قدرتها العملياتية الفعالة في كل مرة.
وتابع: "بفضل مرونته الهيكلية والتنظيمية، يمكن للمحور تعويض الضرر الذي يلحق بأحد مكوناته، مثل حزب الله أو النظام السوري، من خلال الاستفادة من مكون آخر، مثل الميليشيات الشيعية في العراق أو الحوثيين في اليمن، وبالتالي الحفاظ على نفسه. كذلك، ساعد التحول من نموذج مركزي إلى نموذج أفقي أكثر لامركزية عقب اغتيال سليماني المحور على تجنب الاعتماد على مكون واحد، ومنح أجزائه المختلفة استقلالية أكبر. إضافةً إلى ذلك، فإن استخدام آليات اقتصادية متنوعة - بما في ذلك المؤسسات الرسمية كالبنوك المركزية، إلى جانب شبكات الصرافة وعمليات التهريب المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالمحور - منحه مرونة أكبر. علاوةً على ذلك، لا يمكن اعتبار منظمات مثل حزب الله والجماعات الشيعية في العراق والحوثيين جهات فاعلة غير حكومية بحتة، لأنها مندمجة في مؤسسات الدولة، وبالتالي تتمتع بنفوذ وقدرة أكبر على التكيف".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إسرائيل تتهمه بشنّ "حرب صليبية على الدولة اليهودية"... ماكرون: سنفقد مصداقيتنا في حال تخلينا عن غزة
إسرائيل تتهمه بشنّ "حرب صليبية على الدولة اليهودية"... ماكرون: سنفقد مصداقيتنا في حال تخلينا عن غزة

النهار

timeمنذ 2 ساعات

  • النهار

إسرائيل تتهمه بشنّ "حرب صليبية على الدولة اليهودية"... ماكرون: سنفقد مصداقيتنا في حال تخلينا عن غزة

أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة أن الغرب يخاطر "بفقدان كل مصداقيته أمام العالم" إذا "تخلى عن غزة ... وسمح لإسرائيل بأن تفعل ما تشاء". وأضاف في كلمة ألقاها خلال منتدى حوار شانغريلا الدفاعي في سنغافورة: "لهذا السبب نرفض المعايير المزدوجة"، مؤكدا أن هذا ينطبق أيضا على الحرب في أوكرانيا. في المقابل، اتهمت إسرائيل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجمعة بشنّ "حرب صليبية على الدولة اليهودية"، بعدما دعا المجتمع الدولي الى اتخاذ موقف أكثر حزما حيال الدولة العبرية ما لم يتحسن الوضع الإنساني في قطاع غزة. وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية في بيان: "لا يوجد حصار انساني. هذا كذب فاضح"، مذكرة بأنها عاودت السماح بإدخال المساعدات الى القطاع. وأضافت: "لكن عوضا عن ممارسة الضغوط على الإرهابيين الجهاديين، يريد ماكرون مكافأتهم من خلال منحهم دولة فلسطينية. لا يوجد أي مجال للشك في أن عيدها الوطني سيكون في السابع من تشرين الأول/أكتوبر"، في إشارة الى هجوم حماس عام 2023 الذي أشعل فتيل الحرب. وقال الرئيس الفرنسي إن فرنسا قد تشدد موقفها من إسرائيل إذا واصلت منع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة، مؤكدا أن باريس ملتزمة بحل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأضاف ماكرون خلال مؤتمر صحفي مشترك في سنغافورة مع رئيس وزرائها لورانس وونغ: "الحصار الإنساني يخلق وضعا لا يمكن الدفاع عنه على الأرض". وقال: "لذا، إذا لم تكن هناك استجابة مناسبة للوضع الإنساني في الساعات والأيام المقبلة، فمن الواضح أنه سيتعين علينا تشديد موقفنا الجماعي"، مضيفا أن فرنسا قد تفكر في تطبيق عقوبات على مستوطنين إسرائيليين. وتابع: "لكن لا يزال لدي أمل في أن تغير الحكومة الإسرائيلية موقفها وأن تحدث في نهاية المطاف استجابة إنسانية". وتحت ضغوط دولية متزايدة أنهت إسرائيل الأسبوع الماضي وعلى نحو جزئي حصارا استمر 11 أسبوعا على غزة، مما سمح بإيصال كمية محدودة من مساعدات الإغاثة عبر نظام تعرض لانتقادات شديدة. ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية الاتهامات بفرض حصار إنساني على غزة بأنها "كذبة مفضوحة". وأضافت أن ما يقرب من 900 شاحنة مساعدات دخلت قطاع غزة منذ تخفيف الحصار، وأن المنظومة الجديدة المدعومة من الولايات المتحدة وزّعت مليوني وجبة وآلافا من الطرود الإغاثية. وقال الرئيس الفرنسي إن باريس ملتزمة بالعمل من أجل التوصل إلى حل سياسي، وأكد مجددا دعمه لحل الدولتين لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأضاف ماكرون للصحفيين في سنغافورة، في تصريحات بثها التلفزيون الفرنسي، أن وجود دولة فلسطينية "ليس مجرد واجب أخلاقي، بل ضرورة سياسية أيضا". ويقول دبلوماسيون وخبراء إن ماكرون يميل للاعتراف بدولة فلسطينية، وهي خطوة قد تثير غضب إسرائيل وتعمق الانقسامات الغربية. ويدرس مسؤولون فرنسيون الخطوة قبل مؤتمر للأمم المتحدة تتشارك فرنسا والسعودية في استضافته في حزيران/يونيو لوضع معايير خارطة طريق من أجل دولة فلسطينية مع ضمان أمن إسرائيل. إلى ذلك، قال ماكرون إن الانقسام بين الولايات المتحدة والصين هو الخطر الرئيسي الذي يواجه العالم في الفترة الراهنة. وأضاف ماكرون: "علينا أن نختار جانبا. إذا فعلنا ذلك، فسنقضي على النظام العالمي، وسندمر بشكل منهجي جميع المؤسسات التي أنشأناها بعد الحرب العالمية الثانية للحفاظ على السلام". وقال إن آسيا وأوروبا لديهما مصلحة مشتركة في منع تفكك النظام العالمي.

لا قضاء لا مجالس تحكيمية... من يحمي عمال لبنان؟
لا قضاء لا مجالس تحكيمية... من يحمي عمال لبنان؟

المدن

timeمنذ 3 ساعات

  • المدن

لا قضاء لا مجالس تحكيمية... من يحمي عمال لبنان؟

كيف يحمي العامل حقَّه قانونياً في حال تعرّضه لإجحاف من قبل صاحب العمل؟ وأي قضاء ينظر في قضايا العمال؟ أسئلةٌ يطرحها كل عامل في لبنان يومياً، في بلدٍ لطالما غاب عنه القضاء، أو بالأحرى، تمَّ تغييب القضاء عن القضايا العامة، فكيف إذا كان الأمر يعني العمال؟ نتحدث هنا عن القضاء العمالي المعطّل، الذي أصدر آخر حكم له في العام 2015. منذ ذلك الحين، والعدالة الاجتماعية ضائعة على رفوفِ ما هو "أشبه بالمحاكم". فما الذي يحول دون وجود مرجعية قضائية للعمال في لبنان؟ وما الذي أدى إلى شلل مجالس العمل التحكيمية القضية "الفضيحة" هذه القضية "الفضيحة" بحسب ما وصفها المدير التنفيذي للمرصد اللبناني لحقوق العمال والموظفين أحمد الديراني شكّلت موضوع مؤتمر عقده المرصد اليوم تحت عنوان "العدالة المعطّلة: القضاء العمّالي خارج الخدمة!"، طالب فيه المجتمعون بمعالجة فورية للشلل الذي يصيب القضاء العمّالي واللجان التحكيمية المخصّصة للبت بقضايا العمال والعاملات. ودعا إلى تعديل شامل لقانون العمل اللبناني، مشيراً إلى أنه "يحمل مسؤولية التعطيل لمنظومة الفساد الطائفي، ولا يحملها للحكومة الحالية"، كما طالب بتحسين بدل حضور الجلسات لممثلي العمال وأصحاب العمل في مجالس العمل التحكيمية، والبالغ عددهم 63 مندوباً، ليصبح 3 ملايين ليرة لبنانية عن كل جلسة. من جهته، لفت المستشار النقابي والقانوني في المرصد النقابي عصام ريدان إلى أنّه بعد خمسين عاماً من تشكيل مجالس العمل التحكيمية، يتبيّن لنا، كمّا هائلاً من العراقيل على عدة مستويات. منطلقاً من قانون العمل، الذي يعتبر أن مجالس العمل التحكيمية هي محاكم خاصة لقضايا العمل، تنظر في القضايا بشكل مستعجل، على أن تعتمد أصول المحاكمات المدنية مؤقتاً، ريثما يُقرّ قانون خاص بأصول محاكمات العمل. لكن منذ ذلك الحين، لا تزال هذه المجالس تعتمد على أصول المحاكمات المدنية، التي هي بعيدة كل البعد عن طبيعة قضايا العمل. القانون حدّد معايير للكفاءة العلمية والاختصاص لأعضاء مجالس العمل التحكيمية، لكن في لبنان، لا تُحترم هذه المعايير، فمن الممكن أن يكون العضو "أمّيّاً"، نظراً لاعتماد التعيينات على المحاصصة السياسية والطائفية. علماً أن القانون ينص على أن هيئات ممثلي العمال وهيئات أصحاب العمل ترشّح لكل موقع 3 أشخاص، وتختار الدولة واحداً من بينهم. كما أن القانون لم ينصّ على وجود ملاك خاص بهذه المجالس يحدد القضاة أو عدد الموظفين الذين تحتاجهم، وهي "متروكة لقضاء الله وقدره". استباحة حقوق العمال لا يحق لمجالس العمل التحكيمية إصدار أحكام رادعة، بما فيها عقوبة السجن، حتى لو ثبت أن صاحب العمل لم يلتزم بتدابير السلامة العامة وأدى ذلك إلى إصابة موظف أو وفاته، بل يكتفى بإلزامه بدفع تعويض يعادل 500 يوم على أساس الحد الأدنى للأجور، وكأن الأمر لا يعدّ جرماً. كما لا يتضمن القانون أي رؤية لدور مجالس العمل التحكيمية في إرساء معايير العدالة الاجتماعية في البلد. ولا يقتصر الخلل في صلاحيات مجالس العمل التحكيمية على تلك الشوائب، بل يتعداها إلى كون القضاة غير متفرغين لمهامهم في هذه المجالس، وقد يكون أحدهم رئيساً لمحكمة جنائية ويعمل في الوقت ذاته في مجلس العمل التحكيمي، دون تدريب متخصص في قضايا العمل. وبحسب القانون أيضاً، يجب أن تصدر المجالس أحكامها خلال مهلة 3 أشهر، لكن الواقع مختلف، فقد تبقى القضايا لثلاث سنوات دون حكم. ولا تلتزم محكمة التمييز هي الأخرى بالمهلة القانونية 6 أشهر، إذ قد تمتد القضايا لسنوات. ولا تُعقد في الغالب إلا جلسة واحدة أسبوعياً لكل غرفة من الغرف، ومعظم الغرف غير مكتملة الهيئة ولا تنعقد أصلاً. وعدد الغرف الـ21 أيضاً لا يكفي لتغطية كل الاحتياجات، خصوصاً في محافظات كبرى مثل بيروت، وجبل لبنان، والشمال. وأكثر من ذلك، لا توجد قواعد عمل موحدة ومبسطة، بل هي مرهونة بمزاج القاضي. كما أن آلية تقديم الشكوى والاعتراض غير منصفة بحق العمال، حيث يُقال للعامل: إذا مضى شهر على تقديم الشكوى، تخسر حقك بالمطالبة بالتعويض عن الصرف التعسفي. محاصصات وليس كفاءة أما في الشق الإداري والتنفيذي، فاختيار أعضاء مجالس العمل التحكيمية يتم في الغالب وفق محاصصات حزبية وطائفية، وليس على أساس كفاءة عملية أو نقابية. ولا تتوفر أماكن مناسبة لعمل المجالس، بما يشمل أقلام المجالس (أمانات السر)، التي لا تملك حتى غرفاً خاصة. كما أن هذه المجالس ليست لها موازنات مستقلة، ما يعني أنها تفتقر إلى الإمكانيات المادية لتأمين التجهيزات أو المستلزمات الأساسية. أما رواتب الأعضاء من ممثلي العمال وأصحاب العمل والدولة، فهي متدنية جداً (بين 500 و600 ألف ليرة لبنانية) تُقسَّم على 4 جلسات شهرياً، وحسب الحضور، وهي لا تغطي حتى بدل النقل، ما أدى إلى تراجع الحوافز وعدم القدرة على الوصول إلى المجالس. ما يزيد الطين بلّة، أنه منذ نيسان 2023، أعلن مفوضو الحكومة الإضراب وامتنعوا عن الحضور، مطالبين بتحسين بدل حضور الجلسات، لأنهم غير مضطرين للدفع من جيوبهم للقيام بالمطالعات القانونية. وقد وعدتهم حكومة نجيب ميقاتي بتعديل هذه البدلات، وتم التعديل فعلاً، لكن الجواب كان: "ليست لدينا الإمكانية للدفع هذا العام"، ورُحّلت إلى موازنة العام الجديد. فاستمر الإضراب، وانضم إليهم ممثلو العمال وأصحاب العمل، مستغربين كيف يصدر قرار بتعديل بدلات حضور مفوضي الحكومة دون أن يشملهم، ما أدى إلى توقّف جلسات مجالس العمل التحكيمية. وبحسب دراسة لـ"الفكرة القانونية"، بلغ عدد الشكاوى المقدّمة بين عامَي 2017 و2023 نحو 5000 شكوى في مجلس العمل التحكيمي في بيروت، و6500 شكوى في جبل لبنان، ولا يزال 70% منها من دون حكم حتى تاريخه، ما أدى إلى فقدان الثقة بالقضاء العمالي وفعاليته. ختاماً دعا المرصد إلى توحيد صفوف العمال والنقابات وتضافر الجهود لإحياء المجالس التحكيمية، متحدثاً عن إنشاء تحالف عمالي ونقابي قريباً بهذا الشأن، تحت عنوان: "هيئة نقابية وطنية من أجل قضاء عمالي فاعل". وبحسب ريدان فإن "أي تحرّك من أجل تطبيق المقترحات بشأن تفعيل القضاء العمالي، سواء كان فرديًا أو جماعيًا، يحتاج إلى تجميع كافة القوى النقابية، وفي مقدّمتها الاتحاد العمالي العام، باعتباره الهيئة الأكثر تمثيلًا للعمال" ويقول: لا رغبة لدينا في استبعاد أي جهة نقابية، خاصةً أن المعركة تحتاج إلى الجميع.

حكومة سلام والوعود الزائفة… هل خدع الشعب اللبناني ؟ … عمر ابراهيم
حكومة سلام والوعود الزائفة… هل خدع الشعب اللبناني ؟ … عمر ابراهيم

التحري

timeمنذ 3 ساعات

  • التحري

حكومة سلام والوعود الزائفة… هل خدع الشعب اللبناني ؟ … عمر ابراهيم

قبل انتهاء الحرب شكليا على لبنان، بدأ اسم القاضي نواف سلام يتردد بقوة وسط حملات اعلامية وتصاريح سياسية اوحت بان الرجل يحمل معه ' مفاتيح الجنة' للشعب اللبناني الذي كان وما زال يعيش بين مطرقة الحرب وسندان الوضع المعيشي المزري. حملات صمت آذان اللبنانيين التواقين للخلاص، معززة بما تم الترويج له من اخبار عن تسوية دولية جرى الاعداد لها من لاعبين عرب وغربيين، تهدف الى انتشال لبنان من واقعه واعادته الى ' الحضن العربي'. ويمكن القول انه من كثرة ما اشيع من اجواء تفاؤلية قبيل تكليفه ومن وعود عن 'جوائز' ترضية سيحصل عليها لبنان، تبدأ بوقف العدوان كليا وصولا الى دعم مالي غير محدود يسهم بداية في اعادة اعمار ما دمره العدوان وصولا الى تحقيق الانتعاش الاقتصادي، جعلت غالبية الشعب اللبناني يترقب بفارغ الصبر وصول الرجل الى السرايا الحكومي لطي صفحة الماضي وفتح صفحة جديدة. ولعل ذلك ونتيجة الوضع المتأزم حينها في البلد كان دفع الجميع الى السير خلف تلك الاخبار ومنهم من بدأ يبني الامال، حتى الذين كانوا يشككون التزموا الصمت حينها، فالرجل سبقه ' تسونامي' من الوعود المغرية لاي بلد فكيف بحالة لبنان ، الذي يتأرجح على حافة الافلاس. لكن سلام الذي كان حصل على دعم لافت في مجلس النواب خلال جلسة تكليفه ، وعلى تسهيلات قل نظيرها في الايام العادية ساعدته في تشكيل حكومته بسرعة ووفق ما يشتهي، سرعان ما بدأ يتكشف للشعب اللبناني تدريجا زيف تلك الوعود الدولية، بعدما تبين ان لا حرب توقفت ولا دعم وصل الى البلد ولا انسحاب لجيش العدو، رغم التزام لبنان بكافة بنود الاتفاق لجهة انتشار الجيش على الحدود وتسليم حزب الله لسلاحه ومواقعه في القرى الحدودية. اشهر مرت على تكليف سلام، وكل ما قامت به الحكومة لا يعدو كونه مجرد اصلاحات ادارية وبعضها نظري، فضلا عن رفع قيمة الرسوم ومخالفات السير واخرها فرض ضريبة على المحروقات من اجل تحسين وضع العسكريين من جيوب اامواطنين ، في حين اننا حتى الان لم نسمع او نرى ذلك المال يتدفق من الدول الراعية، فهل خدع الشعب اللبناني ، ام ان مهمة سلام الحقيقية تقف عند ما يقوم به في ما يخص الشق الامني.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store