مساعي استخدام الفحم قد تتحول إلى رماد
في الأشهر القليلة الأولى من ولاية ترمب الثانية، وقّع عدة أوامر تنفيذية وخصص تمويلًا فيدراليًا يهدف إلى إنعاش قطاعي تعدين الفحم والطاقة.
لكن شركات المرافق العامة الأمريكية لا تزال تُعطي الأولوية لإضافة مصادر الطاقة المتجددة والبطاريات والغاز والطاقة النووية على حساب الطاقة الجديدة التي تعمل بالفحم، وذلك بناءً على التكلفة والكفاءة.
حتى سوق تصدير الفحم لا يتمتع إلا بإمكانات نمو محدودة، حيث تتمتع إندونيسيا وأستراليا - وهما مصدران أكبر بكثير - بإمكانية وصول أسرع وأرخص بكثير إلى المشترين الرئيسيين في آسيا، وهي المنطقة الوحيدة التي تشهد زيادة مستدامة في الطلب على الفحم.
هذا يعني أنه حتى مع الدعم القوي من الحكومة الفيدرالية، قد لا يزال قطاع الفحم الأمريكي يواجه صعوبة في تحقيق أي نمو مستدام على المدى القريب والمتوسط، مع استمرار توجه أنظمة الطاقة العالمية نحو إمدادات طاقة أنظف.
الشيخوخة:
شهد هذا القرن توقف تشغيل محطات الطاقة العاملة بالفحم ستة أضعاف عدد محطات الطاقة التي شُيّدت في الولايات المتحدة، مما يُبرز حجم التحدي الذي يواجه حتى أكثر مُؤيدي الفحم حماسةً في محاولتهم لهندسة إحياء هذه الصناعة.
بين عامي 2000 و2024، تم إيقاف تشغيل ما يقرب من 166,000 ميجاواط من سعة الفحم القديمة في الولايات المتحدة، وفقًا لبيانات من جلوبال إنرجي مونيتور.
وعلى الرغم من إنشاء نحو 26000 ميجاوات من محطات الفحم الجديدة في الولايات المتحدة منذ عام 2000، فإن أحدثها، محطة ساندي كريك للطاقة في تكساس - دخلت الخدمة منذ أكثر من عقد من الزمان، وتسبب هذا في انخفاض إجمالي قدرة توليد الطاقة بالفحم في الولايات المتحدة بنحو 42% في الربع الأخير من القرن الماضي، إلى نحو 194 جيجاوات، وفقًا لإمبر.
يُظهر معدل التقاعد السريع عمر شبكة طاقة الفحم في الولايات المتحدة، حيث تم بناء أكثر من 80% من جميع محطات الطاقة التي تعمل بالفحم في الولايات المتحدة بين عامي 1950 و1990، وفقًا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية. وأكثر من 75% من المحطات المتبقية يبلغ عمرها بالفعل 40 عامًا أو أكثر، متجاوزًا عمرها الافتراضي المتوقع.
أرجأت عديد من شبكات الطاقة إغلاق بعض المحطات القديمة على أساس أن إبقائها قيد التشغيل سيجنب نقصًا محتملًا في الطاقة.
وقد أعفت إدارة ترمب عديدا من محطات الفحم من معايير الانبعاثات الجديدة التي كانت ستجبرها على الإغلاق في غضون العقد المقبل. مع ذلك، يتناقص استخدام الفحم في قطاع توليد الطاقة مع إحالة مزيد من المحطات إلى التقاعد واستبدالها بأنواع أخرى من التوليد.
في الواقع، منذ 2000، انخفضت كمية الفحم المستخدمة في قطاع الطاقة بنسبة 65%، وفقًا لبيانات معهد الطاقة، وبالتالي، لا توجد رغبة كبيرة لدى شركات المرافق العامة في بناء محطات جديدة تعمل بالفحم، نظرًا لوفرة البدائل المتاحة لها والتي يمكنها توليد الطاقة بسرعة أكبر وبتكلفة أقل وبانبعاثات أقل.
عكاز الفحم:
أدى انخفاض إنتاج الطاقة من الفحم في الولايات المتحدة إلى انخفاض حاد في إنتاج مناجم الفحم المحلية، الذي انخفض بأكثر من النصف منذ 2000 ليصل إلى ما يزيد قليلاً عن نصف مليار طن قصير في عام 2024، وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
كانت ولايات وايومنج (237 مليون طن)، وغرب فرجينيا (85 مليون طن)، وبنسلفانيا (43 مليون طن)، وكنتاكي (28 مليون طن) أكبر الولايات إنتاجًا للفحم في 2023. أدى انخفاض إنتاج المناجم إلى انخفاض حاد في عدد العاملين في تعدين الفحم، والذي بلغ ذروته هذا القرن في 2011 عند نحو 91,600، لكنه تقلص إلى نحو 45,500 بحلول 2023، وفقًا لبيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية.
تأثرت جميع ولايات تعدين الفحم الرئيسية بعمليات تسريح العمال، وكان بعضها أكثر تضررًا من غيرها. شهدت كنتاكي انخفاضًا في أعداد موظفي الفحم بأكثر من 70% منذ عام 2011، بينما شهدت بنسلفانيا وفرجينيا انخفاضًا في أعداد الموظفين بنحو النصف.
تحدي التصدير:
ساعدت الصعوبات الناجمة عن عمليات التسريح الجماعية هذه في تحويل قطاع تعدين الفحم، الذي يوجد بشكل أساسي في الولايات الجمهورية "الحمراء"، إلى قوة سياسية مؤثرة، حيث يتطلع المرشحون إلى الترويج لمؤهلاتهم الداعمة للصناعة.
وهذا هو الحال بالتأكيد مع ترمب، إضافة إلى تشجيع شبكات الطاقة على زيادة استخدام الفحم في توليد الطاقة، وافقت إدارة ترمب أخيرًا على توسعات المناجم على الأراضي الفيدرالية، بهدف تعزيز الإمدادات للتصدير إلى اليابان وكوريا الجنوبية.
يُعد استهداف آسيا أمرًا منطقيًا نظرًا لأن مشتري المنطقة يمثلون بالفعل أكثر من نصف جميع شحنات الفحم الحراري الأمريكية، وفقًا لبيانات كبلر، إضافة إلى 80% من استهلاك الفحم العالمي.
ومع ذلك، لا يمكن لحصة السوق الأمريكية في المنطقة أن تنمو كثيرًا، حيث ما يزال المصدرون المنافسون مثل إندونيسيا يتمتعون بميزة كبيرة من حيث أوقات الشحن والتكلفة.
كاتب ومحلل محلل واقتصادي في وكالة رويترز
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق السعودية
منذ دقيقة واحدة
- الشرق السعودية
لجان ترمب تراكم مئات الملايين استعداداً لانتخابات التجديد النصفي
في خطوة غير مسبوقة، نجح الرئيس الأميركي دونالد ترمب في جمع مبلغ مالي ضخم قبيل انتخابات التجديد النصفي، رغم أنه غير قادر على الترشح مجدداً، ما يفتح له المجال لاستخدام هذا الصندوق المالي في العام 2026 لتعزيز فرص الجمهوريين، بحسب ما أفادت مجلة "بوليتيكو" الأميركية. وقالت المجلة إن اللجان السياسية المرتبطة بترمب لم تبدأ بعد في إنفاق هذه الأموال بشكل واسع، بل اختارت حتى الآن التركيز على بناء صندوق مالي يمكن للرئيس استخدامه في دعم مرشحين مفضلين لديه خلال الانتخابات التمهيدية، أو لتعزيز فرص الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي المقبلة. وأشارت المجلة إلى أن ترمب أبدى اهتماماً كبيراً بانتخابات عام 2026، حيث تدخّل البيت الأبيض لدعم بعض أعضاء الحزب الجمهوري الحاليين للحفاظ على مقاعدهم، كما سعى إلى دفع مرشحين محتملين للخروج من السباقات التمهيدية. وذكرت "بوليتيكو" أن ترمب طلب من الجمهوريين في ولاية تكساس رسم دوائر انتخابية جديدة بهدف زيادة عدد المقاعد التي قد يفوز بها الحزب. فاعل سياسي ووفقاً للمجلة، فإن امتلاك ترمب لملايين الدولارات تحت تصرفه، وهو مبلغ غير مسبوق لرئيس لا يملك الحق في الترشح مجدداً، قد يمنحه القدرة على أن يصبح أحد أبرز الفاعلين السياسيين بشكل فردي في انتخابات التجديد النصفي العام المقبل، إلى جانب كيانات جمهورية تقليدية مؤثرة مثل "صندوق قيادة الكونجرس"، وهي لجنة عمل سياسي تدعم الحزب الجمهوري في انتخابات مجلس النواب، و"صندوق قيادة مجلس الشيوخ"، وهي لجنة مماثلة تُعنى بدعم الجمهوريين في انتخابات مجلس الشيوخ. وقد يستخدم ترمب هذه الأموال لدعم مرشحيه المفضلين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، أو لضخ الأموال بكثافة في السباقات التنافسية للانتخابات العامة، في محاولة لمساعدة الحزب على الحفاظ على السيطرة على الكونجرس، بحسب المجلة. ويمتلك ترمب عدداً من الكيانات السياسية، من بينها "لجنة ترمب الوطنية"، وهي لجنة جمع تبرعات مشتركة رئيسية، أنفقت نحو 17 مليون دولار على نفقات تشغيلية، في حين حوّلت أكثر من 20 مليون دولار إلى كل من "اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري" ولجنة Never Surrender. ولا تزال مجموعة من اللجان السياسية الأخرى، بما في ذلك لجان حملات ترمب الانتخابية السابقة في عامي 2016 و2020، تنفق مبالغ صغيرة نسبياً من المال وتحصل على تحويلات مالية من لجان جمع التبرعات المشتركة الأقدم، لكنها ليست نشطة بشكل كبير في جمع الأموال أو بناء الصناديق المالية. أما لجنة العمل السياسي الرئيسية الحالية لترمب فهي لجنة Never Surrender، التي انفصلت عن لجنة حملته الانتخابية لعام 2024. وأغلقت اللجنة شهر يونيو الماضي وهي تمتلك في حسابها 38 مليون دولار نقداً، بعد أن أنفقت 16.8 مليون دولار، كان معظمها نفقات متبقية من حملة ترمب الانتخابية في العام الماضي. رقم قياسي في المقابل، سجّلت لجنة العمل السياسي المستقلة MAGA Inc، وهي اللجنة الرئيسية المؤيدة لترمب، رقماً قياسياً في الأموال المجمعة، حيث أعلنت عن امتلاكها مبلغ 196 مليون دولار نقداً، بعد إنفاقها بضعة ملايين فقط. وتجدر الإشارة إلى أن هذه اللجنة المستقلة، التي لا تخضع للقيود المفروضة على التبرعات، استفادت من حملات جمع التبرعات التي شارك فيها ترمب ونائبه جي دي فانس خلال الربيع الماضي، وجمعت أموالًا من مجموعة من كبار المانحين الجمهوريين الداعمين للرئيس الأميركي، بالإضافة إلى مستثمرين في قطاع العملات الرقمية. وتبرع الملياردير الأميركي الداعم للحزب الجمهوري جيف ياس بمبلغ 16 مليون دولار، فيما قدّمت مجموعة Securing American Greatness، التي تُصنّفها "بوليتيكو" ضمن جماعات الأموال المشبوهة، تبرعاً بقيمة 13.75 مليون دولار. كما تبرعت شركة Energy Transfer Partners بمبلغ 12.5 مليون دولار، إضافة إلى تبرع رئيسها التنفيذي كيلسي وارن بنفس المبلغ. وقدّمت شركة Foris DAX, Inc، للعملات الرقمية تبرعاً بقيمة 10 ملايين دولار، في حين تبرعت شركة المتخصصة في العملات الرقمية أيضاً بمبلغ 5 ملايين دولار، كما تبرع الملياردير إيلون ماسك، الذي خاض صراعات علنية مع ترمب في الأشهر الأخيرة، بمبلغ 5 ملايين دولار. وأشارت المجلة إلى أن لجنة العمل السياسي المستقلة تلقت أيضاً بعض التبرعات بعملة البيتكوين، إحدى العملات الرقمية الشهيرة. وفي يونيو الماضي، وقَّع ترمب على مشروع قانون تاريخي حظي بتأييد صناعة العملات المشفرة، وسرعان ما وسّعت إمبراطوريته التجارية أنشطتها في هذا المجال.


مباشر
منذ 5 دقائق
- مباشر
تايوان: الرسوم الجمركية الأمريكية 20% مؤقتة ونسعى لخفضها
مباشر- قال لاي تشينغ-ته رئيس تايوان اليوم الجمعة إن معدل الرسوم الجمركية الجديد البالغ 20 بالمئة الذي حددته إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على السلع المستوردة من الجزيرة "مؤقت" وإن الحكومة تتوقع التفاوض على نسبة أقل. تابع في إفادة صحفية "معدل الرسوم الجمركية البالغ 20 بالمئة لم يكن أبدا هدفا لتايوان منذ البداية. سنواصل المفاوضات ونسعى جاهدين للتوصل إلى معدل ملائم أكثر لتايوان". وأضاف لاي أن العمل لا يزال جاريا لتحديد نسب للرسوم على منتجات أشباه الموصلات والإلكترونيات وكذلك تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من بلاده. ومن المتوقع أن تختلف معدلات رسوم هذه الفئات عن المعدل الإجمالي للرسوم الجمركية على السلع التايوانية. وتشكل هذه الفئات عصب الاقتصاد التايواني وهي أيضا أساسية لجهود الولايات المتحدة للحفاظ على تفوقها التكنولوجي على الصين. وأصدر ترامب أمس الخميس أمرا تنفيذيا يفرض رسوما جمركية تتراوح بين 10 و41 بالمئة على الواردات الأمريكية من عشرات الشركاء التجاريين. ورغم أن معدل 20 بالمئة لتايوان أقل من معدل 32 بالمئة الذي هدد به ترامب في أبريل نيسان، لكنه يتجاوز معدل 15 بالمئة المفروض على السلع من اليابان وكوريا الجنوبية والاتحاد الأوروبي. ووصف مسؤول أمريكي تصريح لاي بشأن استمرار المفاوضات بأنه "دقيق". وقال المسؤول، الذي طلب عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية المسألة "المعدل المؤقت أقل من الأصلي، وهو أقل بكثير من النسبة المفروضة على شركاء تجاريين رئيسيين آخرين تجري مفاوضات معهم. يمكننا تفسير ذلك على أنه ترحيب بعرض تايوان واقترابها من التوصل إلى اتفاق نهائي".


الاقتصادية
منذ 31 دقائق
- الاقتصادية
خفض الرسوم مقابل التزامات دفاعية .. معادلة جديدة للتجارة في عهد ترمب
التصدي للصين وإعادة تشكيل القواعد العالمية جزآن من معادلة جديدة تخدم مصالح الولايات المتحدة واشنطن تربط بشكل علني الأمن الوطني بنجاح الصفقات أبرم البيت الأبيض اتفاقات مع إندونيسيا والفلبين واليابان تمنحها رسوماً جمركية أقل مقابل تعهدات بشأن الدفاع والأمن الوطني يُعدّ التصدي للصين وإعادة تشكيل القواعد العالمية بما يخدم الولايات المتحدة جزءاً من هذه المعادلة لقد دخلنا عصراً مظلماً لاتفاقات التجارة، حيث باتت واشنطن تربط بشكل علني الأمن الوطني بنجاح الصفقات، وإذا أرادت الدول الحصول على . تؤتي هذه الإستراتيجية ثمارها، فقد أبرم البيت الأبيض الأسبوع الماضي اتفاقات مع إندونيسيا والفلبين واليابان، مانحاً إياها رسوماً أقل من تلك التي هدّد بها ترمب، وفي المقابل، اضطرت هذه الدول إلى توقيع التزامات بصياغات غامضة تتعلق بالدفاع والأمن الوطني . قائمة الدول التي انخرطت في مفاوضات مع واشنطن قبل الموعد النهائي في 1 أغسطس يشير بوب سافيتش، رئيس قسم استشارات التجارة الدولية والعقوبات في "معهد السياسات العالمية " (Global Policy Institute) في لندن، إلى أنّ هذا يمثّل تحولاً حاداً عن الأعراف الدبلوماسية التقليدية. وقال لي: "أعادت إدارة ترمب تعريف السياسة الأمريكية من خلال ربط الاتفاقات الاقتصادية بشكل صريح بالأمن الوطني". معادلة جديدة لخدمة مصالح أمريكا وأضاف أنّ "الهدف الأساسي للبيت الأبيض هو استغلال القوة الاقتصادية الأمريكية لحماية مصالحها الإستراتيجية وتعزيزها". ويُعدّ التصدي للصين وإعادة تشكيل القواعد العالمية بما يخدم الولايات المتحدة جزءاً من هذه المعادلة . تحقق هذه الإستراتيجية مكاسب على المدى القصير، خصوصاً في مواجهة الصين، لكنها تأتي بتكلفة على المدى الطويل، فقد أضعفت الثقة بالقيادة الأمريكية، ونفّرت الحلفاء، وسرّعت وتيرة إنشاء تكتلات اقتصادية منافسة. ويُعدّ توسيع مجموعة "بريكس" للدول الناشئة المثال الأحدث على ذلك. فالمجموعة، التي أُنشئت أصلاً كبديل للنظام الدولي الذي تقوده . ويُبدي القادة الآسيويون استياءً خفياً من أساليب البيت الأبيض القسرية، وفي اجتماع وزراء الخارجية الأخير في كوالالمبور، ومن دون الإشارة صراحة إلى الولايات المتحدة، قال رئيس وزراء ماليزيا، أنور إبراهيم، "إنّ العالم يشهد الآن عصراً تزعزع فيه القوة المبادئ، وإنّ "الأدوات التي كانت تُستخدم سابقاً لتحقيق النمو باتت تُستغل الآن للضغط والعزل والاحتواء". عملية تفاوض فوضوية كما فعل مع الهند وباكستان، تدخّل ترمب أيضاً في الصراع بين تايلاندا وكمبوديا، الذي أودى بحياة العشرات وشرّد عشرات الآلاف، محذّراً من أنه لن يُبرم اتفاقاً تجارياً مع أي من البلدين في حال استمر النزاع. ويوم الإثنين، اتفق الطرفان على وقف الأعمال العدائية والعمل على التوصّل إلى حل دبلوماسي . وتتّسم عملية التفاوض الحالية بالفوضى وتُقابَل كثيراً بالاعتراضات، كما يتضح في المحادثات بين الولايات المتحدة واليابان. فقد تباهى الرئيس الأمريكي على وسائل التواصل الاجتماعي بأنّ طوكيو وافقت على شراء "معدات عسكرية وغيرها بقيمة مليارات الدولارات"، إلا أنّ كبير أمناء مجلس الوزراء الياباني يوشيماسا هاياشي قال "إنّ مشتريات معدات الدفاع الأمريكية الإضافية ليست طلبيات جديدة، بل تستند إلى سياسة المشتريات الحالية" . وظهر نمط مُربك مماثل مع الفلبين. فقد قال ترمب "إنّ البلدين سيعملان معاً عسكرياً". ولاحقاً، أوضح السفير الفلبيني لدى الولايات المتحدة، خوسيه مانويل روموالديز، أنّ المناقشات تدور حول إنشاء مصنع للذخيرة في خليج سوبيك، الذي كان في وقت من الأوقات ثاني أكبر منشأة عسكرية أمريكية خارج البلاد. ويقول الزعيم الأمريكي "إنّ المشروع سينتج ذخيرة أكثر من إنتاج أي دولة على الإطلاق". فوائد الاتفاقات مائلة لصالح واشنطن مرة أخرى، تبدو الفوائد في الغالب مائلة لصالح كفة واشنطن. أما بالنسبة إلى مانيلا، فإنّ هذا يُمثّل تراجعاً حاداً عن قرارها إخراج القوات الأمريكية من سوبيك 1992. ومن غير المرجّح أن يتفهم الرأي العام المحلي الرئيس فرديناند ماركوس الابن، الذي تحاول حكومته الترويج للأمر كإنجاز، رغم المخاوف بشأن استفزاز . أيضاً، تطرّق اتفاق إندونيسيا إلى قضايا الأمن الوطني، حيث وافق الجانبان على تعزيز سلاسل الإمداد ومواجهة "الممارسات التجارية غير العادلة" - وهي عبارة مشفّرة تُشير إلى الصين. وبينما لم تؤكد فيتنام رسمياً بعد شروط اتفاقها (رغم أنّ ترمب قد أعلن بالفعل نسخته الخاصة)، تُبرز وثيقة اطّلعت عليها "بلومبرغ نيوز" مدى تركيز السياسة الجمركية الأمريكية على كبح نفوذ بكين . يبدو أنّ النموذج المتّبع في ذلك هو الاتفاق بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، المُوقّع في مايو، والذي يُعدّ أولى الصفقات التي تعهد بها ترمب. وقد تضمّن متطلبات أمنية صارمة لصناعات الصلب والأدوية البريطانية، بذريعة إبعاد الصين. وفي المقابل، جاء الاتفاق التجاري بين . الولايات المتحدة المصدر الأكبر للاستثمار الأجنبي المباشر في دول رابطة آسيان في 2023 قد تبدو الدول الآسيوية منسجمة مع هذا النهج في الوقت الحالي، لكنها تدرس خيارات أخرى. فالولايات المتحدة تُعدّ مصدراً رئيسياً للاستثمار الأجنبي المباشر في منطقة رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تضمّ 10 أعضاء، حيث تنشط أكثر من 6 آلاف شركة أمريكية في المنطقة . ليست عاصفة عابرة مع ذلك، فقد نمت التدفقات التجارية بين الصين وآسيان خلال السنوات الـ15 الماضية، وأصبح كل طرف الشريك التجاري الأكبر للطرف الآخر. كما تنمو الروابط التجارية بين اليابان وكوريا الجنوبية والهند بوتيرة قوية أيضاً . يصعب استبدال المستهلك الأمريكي، لكن الدول تتأقلم. فهي تُراعي الأولويات الأمريكية في الأمن الوطني بشكل انتقائي في مجالات مثل أشباه الموصلات والمعادن الحيوية، بينما تسعى للحفاظ على مصالحها الذاتية حيثما أمكن. وكما قال لي أحد رجال الأعمال الإندونيسيين: "هذا يُشبه الاستعمار. نحن نفعل ما تريده الولايات المتحدة - كارهين" . من غير المرجّح أن يعود العالم إلى النموذج القديم للتجارة المنفصلة عن الجغرافيا السياسية. فقد قال أنور، رئيس وزراء ماليزيا: "هذه ليست عاصفة عابرة، بل هي المناخ الجديد لعصرنا، وعلينا جميعاً أن نتأقلم مع هذا المناخ المتغير، والعواصف المقبلة التي سترافقه" . كاتبة عمود في "بلومبرغ" تغطي السياسة الآسيوية مع التركيز بشكل خاص على الصين. كانت مذيعة "بي بي سي" الرائدة في آسيا وعملت لدى "بي بي سي" في جميع أنحاء آسيا وجنوب آسيا لمدة عقدين من الزمن سابقا. خاص بـ "بلومبرغ"