
«في البدء كان الكلمة» في لبنان
هناك صعوبات هائلة جديدة أو متجددة في بقاء الكلمة في لبناننا «صاحبة الجلالة» الحرّة المحورية الحكيمة والبسيطة الصريحة الباحثة عن المستقبل السليم والمريح والحضاري، بعيداً من كوارث الدماء والقذائف والحروب، لا يمكن أن تتحمَّل الكلمة مسؤولية قصف ظهر البعير كي لا نقول قصف ظهر الوطن وجرّه نحو الحروب الداخلية، للكلمة أن تأخذ طريقها نحو الصورة المشرقة لهذا الوطن الصغير، الذي ذاق ويذوق في تاريخه المُعاصر ما لا تتسع له الكتابات وأذواق الصحافة.
لماذا هذه المقدّمة؟
لأنَّ تكرار الصحفي وليد عبّود (وهو بالمناسبة كان من طلاّبي البارزين في كليّة الإعلام والتوثيق) لمقدمة البرنامج الحواري بعنوان: «سجال بين لبنانين» عبر شاشة تلفزيون لبنان الرسمي وفيها استعاد: «حلّوا عنّا أنتم وسلاحكم ومسيراتكم وأبواقكم.. ومحوركم.. نريد أن نعيش..» قالها غسّان تويني يوماً في الأمم المتّحدة: «دعوا شعبي يعشْ» كادت المقدمة لمئة سبب وأسف أن تُشعل النيران في محيط محطة «تلّة الخيّاط» ولبنان لولا نباهة الصديق القانوني الدكتور بول مرقص وزير الإعلام اللبناني وحكمته الذي أمرَّ بوقف البرنامج.
سبق أن بثّ عبّود الحلقة عبر برنامجه على شاشة ال«أم تي في» لكنها سرعان ما تحوَّلت عبر التلفزيون الرسمي إلى مادة ملتهبة غصّ بها لبنان ووسائل التواصل ونسي الرأي العام الأحداث الضخمة والخطِرة والحروب الهائلة التي كانت تفتح العيون المحلية والعالمية على الحروب الصاروخية والفضائية الهائلة.
صحيح أن ردود الأفعال وترهيب أصحاب الرأي مرفوض، لكنّ وسائل التواصل الاجتماعي قفزت بحرية لبنان بلا ألف ولام نحو تشويه المناخات العامة وتدفق الغرائز الطائفية المكبوتة في وطنٍ لبناني لا حدود فيه للتعبير ولا نوافذ أو أبواب ولا حتى بدايات أو نهايات بل الاستغراق في الصراعات، دار بيني وبين وزير الإعلام حوار سريع عاقل وموزون درءاً لردود الأفعال واتّفقنا بأن لبنان سيبقى عريقاً بنظامه الديمقراطي مع أنّ حرّية الإعلام في لبنان علامة فارقة سبقت ربّما وسائل التواصل قبل أن يتبوأ أعقد وزارة لبنانية وكلانا ومعظمنا يعرف أنّ الفيلسوف «مونتسكيو» حدّد الأنظمة الديمقراطية للثورة الفرنسية بسلطات أربع «البرلمانية والتنفيذية والقضائية وجاءت الإعلامية في المرتبة الرابعة».
سؤال: لماذا البحث عن رأس مونتسكيو وقد قطعت الحرية رأسه في عصر الفضاء؟
باسم ماذا ومن؟ باسم الحرية.. المطلقة. نعم! وإلى أين من هنا؟
ألم تتابع العيون العالمية أخيراً سلوك زوجات بعض رؤساء الدول العظمى مع أزواجهن الرؤساء في أمريكا وفرنسا إذ نُشرت الصور الفضائية الصادمة فوراً، لكأنّ العيون العالمية مقيمة في شاشات أجهزة التواصل؟
ألا نكابد المرارة حيال أولادنا وأحفادنا يتمرسون بأصابعهم الطرية الحرية المطلقة التواصلية بلا ألف ولام نقطع أي رأس أو لسان أو نص لا يحلو لنا لكأن مشاعية التصوير والتعبير صارت هم السلطات الثلاثة المطلقة؟
أذكّر بالقائد نابليون بونابرت وعلى سبيل الطرفة والظرافة فقط، إذ كان شديد الوعي والانتباه لسلطات الصحافة يُتابعها وقد كان يثير غضبه أي نقد بسيط. تصوروا أنّ نابليون بعث يوماً برسالة إلى «جوزيف فوشيه» وزير البوليس الإداري في فرنسا وفيها: «اقمع الصحف.. لا شيء يُثير قلقي ويؤلمني أكثر مما تفعله الصحافة»، بعيدون في لبنان عن نابليون أضعاف ابتعادنا عن «فرنسا الحنونة» مع أنّنا نتباهى أبداً بفرادتنا وحرياتنا لكأننا رحم أول للحريات المختلفة. نتباهى بوطننا الديمقراطي الجامع والرائد والمانع الرصين والمعروف ب«الميديا ستيت» لكننا لا نتباهى بتأبط ميزان الحكمة في القول والفعل عند تدفّق الكوارث والحروب العابرة للقارات، ضماناً للسلام المعقول والطمأنينة وإنجاح الانطلاقة نحو المستقبل، الذي بات ينتظره اللبنانيون في الخارج أقوى من الداخل كما تنتظره وتعمل له معظم دول العرب المحبة للبنان والعالم.
اللبنانيون يعيشون الخطورة ملتمسين الحكمة في تاريخنا المعاصر لا يعنيهم سوى المستقبل السلمي والعمراني يكابدون تفكيك عقد المخاطر الشديدة المستوردة والمربكة بل المتجددة مذهبيّاً مسكونين عبر هذا الزمن الخطِر بحماية حريات الإعلاميين التعبير والنشر بهدف التغيير إذ «في البدء كان الكلمة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الخليج
منذ 21 دقائق
- صحيفة الخليج
مجلس القضاء وجامعة الشارقة يتعاونان لدعم المبادرات البحثية
الشارقة: «الخليج» شهد سمو الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي، نائب حاكم الشارقة، رئيس مجلس القضاء، رئيس جامعة الشارقة، صباح أمس الاثنين، توقيع مذكرة تفاهم بين مجلس القضاء وجامعة الشارقة، وذلك في إطار تعزيز التعاون المؤسسي وتكامل الأدوار بين المؤسسات التعليمية والقضائية في إمارة الشارقة، وبهدف بناء شراكة متطورة في مجالات التعليم الأكاديمي والتدريب القضائي، وتبادل الخبرات العلمية والمعرفية، ودعم المبادرات البحثية التطويرية للمناهج والبرامج التعليمية والتدريبية. وقّع الاتفاقية، التي أقيمت مراسمها بمقر الجامعة كل من: الشيخ فيصل بن علي المعلا أمين عام مجلس القضاء، والدكتور عصام الدين عجمي مدير جامعة الشارقة. وتتضمن الاتفاقية تأسيس مركز للعلوم القانونية والقضائية يُعنى بتنفيذ الأبحاث العلمية والدراسات القانونية والقضائية، مع تسهيل الوصول إلى مصادر المعلومات المختلفة من مؤلفات وأبحاث علمية لخدمة أهداف مجلس القضاء، والبحث في إمكانية تأسيس كرسي أستاذية في مجال الدراسات القضائية والقانونية. كما تشمل المذكرة إنشاء برامج أكاديمية مشتركة منها برنامج ماجستير في الدراسات القضائية، وبرنامج خبير قانوني في كلية القانون، بجانب تطوير برامج تدريبية مشتركة للتدريب العملي لطلبة الجامعة، مع توفير الدعم الأكاديمي والتقني لموظفي المجلس من خلال ورش العمل والدورات التدريبية المتخصصة، والتعاون في تأسيس برنامج مشترك لتأهيل القادة في المجال القضائي والقانوني، وكذلك التعاون في تنظيم المؤتمرات والملتقيات العلمية المتخصصة، وتبادل التجارب المؤسسية والخبرات والزيارات الميدانية بين الطرفين. وتعكس هذه الخطوة التزام الطرفين بتكامل الجهود في تطوير الكفاءات القانونية والقضائية في إمارة الشارقة، وتوفير بيئة علمية داعمة للتدريب العملي، كما تمثل الاتفاقية محطة مهمة في مسار التعاون بين جامعة الشارقة ومجلس القضاء، والتي ستسهم في تطوير البنية المعرفية والتأهيلية، وتعزيز التكامل بين الجوانب الأكاديمية والتطبيقية، بما يواكب تطلعات إمارة الشارقة في ترسيخ منظومة عدلية رائدة تقوم على المعرفة والكفاءة والشفافية.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
سلطان بن أحمد يشهد توقيع اتفاقية تعاون بين مجلس القضاء وجامعة الشارقة
وذلك في إطار تعزيز التعاون المؤسسي وتكامل الأدوار بين المؤسسات التعليمية والقضائية في إمارة الشارقة، وبهدف بناء شراكة متطورة في مجالات التعليم الأكاديمي والتدريب القضائي، وتبادل الخبرات العلمية والمعرفية، ودعم المبادرات البحثية التطويرية للمناهج والبرامج التعليمية والتدريبية. والتعاون في تأسيس برنامج مشترك، لتأهيل القادة في المجال القضائي والقانوني، وكذلك التعاون في تنظيم المؤتمرات والملتقيات العلمية المتخصصة، وتبادل التجارب المؤسسية والخبرات والزيارات الميدانية بين الطرفين.


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
استعراض التعاون بين الإمارات وترينيداد وتوباغو
وحمّلت رئيسة وزراء جمهورية ترينيداد وتوباغو السفير تحياتها إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، وتمنياتها لدولة الإمارات حكومة وشعباً بالمزيد من التطور والنماء. كما التقى السفير بعدد من الوزراء خلال الزيارة الرسمية التي استمرّت لمدة يومين. وتم خلال اللقاءات استعراض مجالات التعاون بين دولة الإمارات وجمهورية ترينيداد وتوباغو، وبحث سبل تنميتها وتطويرها، بما يحقق مصالح وطموحات البلدين والشعبين الصديقين.