logo
وقف ألمانيا تصدير أسلحة لإسرائيل- نهاية مبدأ المصلحة العليا؟ – DW – 2025/8/12

وقف ألمانيا تصدير أسلحة لإسرائيل- نهاية مبدأ المصلحة العليا؟ – DW – 2025/8/12

DWمنذ 3 أيام
أعلن المستشار الألماني ميرتس عن وقف إمداد إسرائيل بأسلحة يمكن استخدامها في قطاع غزة. لذلك يتهمه النقاد بالتخلي عن إسرائيل. بيد أنَّ هذا التوقف ربما لا يوجد له أي تأثير يُذكر.
صحيفة "بيلد" الشعبية الأوسع انتشارًا في ألمانيا، أصدرت حكمها منذ فترة طويلة على المستشار فريدريش ميرتس (من الحزب المسيحي الديمقراطي): "المستشار المنعزل أعلن خطأه الأكبر"، كما كتبت الصحيفة. وكانت تقصد بذلك قرار رئيس الحكومة الألمانية التوقف عن إمداد إسرائيل بأسلحة يمكن استخدامها أيضًا في حرب غزة. وذكرت صحيفة "بيلد" أنَّ ميرتس اتخذ هذا القرار بمفرده تقريبًا، ولم يُبلغ به حتى الحزب البافاري الشقيق، حزب الاتحاد المسيحي الاجتماعي. وأنَّ جميع أوساط حزبه المحافظ قد عبّرت عن عدم تفهمها لهذا القرار.
وأعلن ميرتس في يوم الجمعة الثامن من آب/ أغسطس عن قراره هذا كتابيًا: وكما يبدو في رد على خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو احتلال مدينة غزة، كتب المستشار ميرتس، وهو زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي المحافظ أيضًا، أنَّ: "الحكومة الألمانية لا تزال تشعر بقلق عميق بشأن استمرار معاناة الأهالي المدنيين في قطاع غزة". وأضاف أنَّه: "مع هذا الهجوم المخطط، تتحمل الحكومة الإسرائيلية مسؤولية أكبر من ذي قبل عن توفير احتياجاتهم". ثم جاءت الجملة التي أثارت جدلًا سياسيًا في برلين: "في ظل هذه الظروف، لن توافق الحكومة الألمانية حتى إشعار آخر على تصدير أية معدات عسكرية يمكن استخدامها في قطاع غزة".
هل تتخلى ألمانيا بهذا القرار عن إسرائيل؟ الدولة التي تعتبر في ألمانيا "كمصلحة عليا للدولة"؛ أي الدفاع الشديد من قبل كل حكومة ألمانية عن حق إسرائيل في الوجود وأمنها؟ المُبرَّر بمسؤولية ألمانيا التاريخية عن الهولوكوست، وإبادة النازيين لنحو ستة ملايين يهودي؟
في نهاية الأسبوع، وجد ميرتس نفسه مضطرًا بعد انتقادات واسعة إلى تبرير قراره مرة أخرى. وقال يوم الأحد في القناة التلفزيونية الأولى الألمانية إنَّ مبادئ السياسة الألمانية تجاه إسرائيل لم تتغير. وأضاف "سنواصل مساعدة هذا البلد في الدفاع عن نفسه" ولكن الحكومة الألمانية "لا تستطيع توريد أسلحة لصراع يودي بحياة مئات الآلاف من الضحايا المدنيين. وتبقى ألمانيا صديقة لإسرائيل، ولكن مثل هذا الخلاف الحالي يمكن للصداقة تحمله".
لم يُسمع في البداية الكثير من الأعضاء القياديين في الحزب المسيحي الديمقراطي - لا انتقاد ولا دعم لميرتس. وهكذا فقد صمت مثلًا زعيم الكتلة البرلمانية المؤثر ينس شبان. بينما جاءت انتقادات لاذعة من الحزب المسيحي الاجتماعي، الحزب الشقيق في بافاريا. وحول ذلك قال شتيفان ماير، خبير السياسة الخارجية للحزب في البرلمان (البوندستاغ)، لصحيفة "تاغس شبيغل" إنَّه يرى معاناة نحو مليوني إنسان في قطاع غزة: "لكن السؤال إن كان قرار الوقف الجزئي لتوريد الأسلحة هو الرد الصحيح على ذلك. أنا والعديد من الزملاء الآخرين رأينا مختلف".
وكذلك وضع ماير قرار المستشار ميرتس ضمن سياق واردات الأسلحة من إسرائيل إلى ألمانيا، والتي يمكن أن يتم خفضها الآن، وهو ما قد يكون بحسب رأيه كارثيًا: "إذا عرفنا مدى اعتماد ألمانيا على واردات الأسلحة من إسرائيل، وخاصة فيما يتعلق بهذه المجالات المهمة مثل الدفاع السيبراني، ومضادات الطائرات المسيرة، والمظلات الدفاعية، والتعاون الاستخباراتي".
وكتب خبير السياسة الخارجية في الحزب المسيحي الديمقراطي، رودريش كيزفيتر، على منصة إكس: "مصداقية المصلحة الألمانية العليا تُقاس خاصة بالتعاون الأمني والالتزام بحماية الحياة اليهودية ودولة إسرائيل".
وكذلك هيمن على النقاش في نهاية الأسبوع السؤال حول كيفية الوصول إلى هذا القرار المفاجئ يوم الجمعة. وهل تأثر ميرتس أيضًا باستطلاعات الرأي الأخيرة، مثل الاستطلاع الذي أجرته القناة التلفزيونية الأولى الألمانية في برنامج "دويتشلاند تريند" ونشره قبل أيام معهد "إنفراتست ديماب"؟ حيث أظهر هذا الاستطلاع أنَّ أغلبية واضحة نسبتها 66 بالمائة من الأشخاص المستطلعة آراؤهم يعتقدون أنَّ المستشار يجب عليه زيادة الضغط لإجبار إسرائيل على تغيير سلوكها.
وفي السابق أكد دائمًا كل من المستشار ميرتس وسلفه، أولاف شولتس من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، على أنَّ ألمانيا لا تزال لديها مسؤولية خاصة تجاه وجود إسرائيل. ولكن من بين الأشخاص المستطلعة آراؤهم في برنامج "دويتشلاند تريند" على القناة الألمانية الأولى لا يزال 31 بالمائة فقط يؤيدون بذلك، أي أقل بنسبة 5 بالمائة عن النسبة السابقة. والناس لا يثقون كثيرًا بحكومة ميرتس، التي لم يمضِ على توليها السلطة 100 يوم: إذ أن 69 بالمائة غير راضين عن أدائها.
ويوم الاثنين هيمن على مؤتمر الحكومة الصحفي السؤال حول الأسلحة التي لن يتم توريدها لإسرائيل. وقد فاجأ متحدثٌ باسم وزارة الدفاع الألمانية الجميع بملاحظته أنَّ ألمانيا على أية حال لم تعد ترسل لإسرائيل أية أسلحة وذخائر منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول/ أكتوبر 2023. وأشار إلى تصريح سابق لوزير الدفاع بوريس بيستوريوس. وفي مقابلة صحفية قال رئيس مكتب المستشار، تورستن فراي (من الحزب المسيحي الديمقراطي)، إنَّ ألمانيا ستواصل توريد الأسلحة لإسرائيل، وخاصةً "... كل ما يخدم دفاع إسرائيل عن نفسها، مثلًا في مجال الدفاع الجوي والدفاع البحري".
ومن جهة أخرى حصل ميرتس على دعم من شريكه في الائتلاف، الحزب الاشتراكي الديمقراطي. وفي هذا الصدد قالت زعيمة الحزب، وزيرة العمل الألمانية، بيربل باس، للقناة الأولى الألمانية: "اتهام فريدريش ميرتس بخيانة إسرائيل أمر مبالغ فيه". ويبدو أنَّ المستشار نفسه يريد حاليًا تهدئة الوضع وعدم الإدلاء بمزيد من التصريحات. وقد ورد يوم الاثنين أنَّه لا توجد خطط لإجراء محادثة أخرى مع بنيامين نتنياهو.
وحول ذلك أعلن نتنياهو يوم الأحد بحسب مكتبه أنَّه أعرب عن "خيبة أمله" في محادثة هاتفية مع المستشار. وأضاف أنَّ المستشارة يكافئ بهذه الخطوة حركة حماس، المصنفة في الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي ودول أخرى كمنظمة إرهابية.
أعده للعربية: رائد الباش
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تنديد فلسطيني عقب زيارة بن غفير لمروان البرغوثي في سجنه – DW – 2025/8/15
تنديد فلسطيني عقب زيارة بن غفير لمروان البرغوثي في سجنه – DW – 2025/8/15

DW

timeمنذ 14 ساعات

  • DW

تنديد فلسطيني عقب زيارة بن غفير لمروان البرغوثي في سجنه – DW – 2025/8/15

انتقدت الخارجية الفلسطينية زيارة وزير الأمن القومي الإسرائيلي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير للقيادي بحركة فتح مروان البرغوثي السجين منذ عام 2002 وذلك بعد يوم من توعد مسؤول متطرف آخر "بدفن" فكرة الدولة الفلسطينية. نددت وزارة الخارجية الفلسطينية اليوم الجمعة (15 أغسطس/آب 2025) "بأشد العبارات" بالزيارة التي قام بها إيتمار بن غفير وزير الأمن الوطني الإسرائيلي المنتمي إلى اليمين المتطرف إلى القيادي الفلسطيني البارز مروان البرغوثي في السجن. وأظهر مقطع فيديو الزيارة التي قام بها بن غفير للبرغوثي، حيث قال له: "لن تنتصروا"، بعد يوم من توعد وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش "بدفن" فكرة الدولة الفلسطينية. ونشر بن غفير مقطع الفيديو على حسابه على منصة إكس اليوم الجمعة، ويظهر فيه وهو يقول للبرغوثي إن أي شخص يهدد إسرائيل سيقضى عليه. ويعتبر البرغوثي، المسجون منذ أكثر من عقدين، من الشخصيات المحتملة لتوحيد الفلسطينيين. وقام بن غفير بالزيارة إلى السجن قبل أيام لكنها أُعلنت بعدما قال سموتريتش أمس الخميس إن العمل سيبدأ في مشروع استيطاني من شأنه عزل القدس الشرقية عن بقية الضفة الغربية. وقال مكتب سموتريتش إن هذه الخطوة "ستدفن" فكرة إقامة دولة فلسطينية. وأضافت وزارة الخارجية الفلسطينية أنها "تحمّل الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة والمباشرة عن حياة الأسير مروان البرغوثي والأسرى كافة...". وقال بن غفير في مقطع الفيديو على إكس الذي أظهر البرغوثي نحيفاً وهزيلاً: "لن تنتصروا. أي شخص يعبث مع شعب إسرائيل، أي شخص يقتل أطفالنا، أي شخص يقتل نساءنا، سنبيده". وأضاف: "عليكم أن تعرفوا هذا، على مر التاريخ". وأرفق بن غفير الفيديو بتعليق جاء فيه "هذا الصباح (الجمعة)، قرأت أن العديد من +كبار المسؤولين+ في السلطة الفلسطينية لم يُعجبهم كثيراً ما قلته للإرهابي الأكبر مروان البرغوثي... لذا سأكرر ذلك من دون أي اعتذار: كل من يعتدي على شعب إسرائيل، كل من يقتل أطفالنا، كل من يقتل نساءنا، سنمحوه. بمشيئة الله". وقالت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان: "تدين وزارة الخارجية والمغتربين بأشد العبارات اقتحام الوزير المتطرف بن غفير لأقسام العزل في سجن ريمون وتهديده المباشر للأخ القائد مروان البرغوثي، وتعتبره استفزازاً غير مسبوق". ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو متحدث باسم بن غفير بعد على طلب للحصول على تعليق. ولم يتطرق فيديو بن غفير الى السجن الذي يقبع فيه حالياً البرغوثي. لكن مقرباً من الوزير قال رداً على استفسار لوكالة فرانس برس، إن المواجهة بين الرجلين حصلت "بالصدفة" أثناء زيارة قام بها بن غفير الى سجن غانوت. ولم يحدد المصدر - الذي طلب عدم كشف هويته - تاريخ الزيارة والفيديو. وأثار الفيديو التي انتشر بدايةً على منصات التواصل الاجتماعي ليل الخميس، تنديداً فلسطينياً واسعاً. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وحُكم على البرغوثي في 2004 بخمسة أحكام بالسجن المؤبد والسجن 40 عاماً بعد أن أدانته المحكمة بتدبير كمائن وهجمات انتحارية على الإسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية. ولطالما نفى البرغوثي التهم الموجهة إليه. وخاطبته زوجته في منشور على فيسبوك، قائلة عن الزيارة التي ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أنها تمت هذا الأسبوع "ما زالوا يا مروان بطاردوا فيك وبلاحقوك حتى في زنزانة انفرادية بتعيش فيها من سنتين". ويقول مؤيدو البرغوثي إنه المرشح الأوفر حظا لخلافة محمود عباس (89 عاماً) في رئاسة السلطة الفلسطينية في يوم من الأيام، ويصورونه على أنه شخصية شبيهة بنيلسون مانديلا الذي يمكنه تحفيز المشهد السياسي الفلسطيني المنقسم وتوحيده.

غوتيريش "يحذر" إسرائيل بسبب اتهامات عنف جنسي ضد فلسطينيين – DW – 2025/8/13
غوتيريش "يحذر" إسرائيل بسبب اتهامات عنف جنسي ضد فلسطينيين – DW – 2025/8/13

DW

timeمنذ 3 أيام

  • DW

غوتيريش "يحذر" إسرائيل بسبب اتهامات عنف جنسي ضد فلسطينيين – DW – 2025/8/13

عبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن قلق بالغ إزاء "معلومات موثوقة عن انتهاكات جنسية" ارتكبها الجيش الإسرائيلي وقوات الأمن بحق فلسطينيين في سجون عدة ومركز احتجاز. وجه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، تحذيراً لإسرائيل بشأن ما وصفه بـ"معلومات موثوقة" حول مزاعم بارتكاب القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية أعمال عنف جنسي ضد أسرى فلسطينيين. وقال غوتيريش في رسالة موجهة إلى سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة، داني دانون، ونشر الأخير مضمونها على منصة إكس الثلاثاء (12 آب/أغسطس 2025): "أنا قلق بشدة من معلومات موثوقة عن انتهاكات ارتكبتها القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية بحق فلسطينيين في عدة سجون ومركز احتجاز وقاعدة عسكرية". وذكر دانون في المنشور أن الاتهامات لا أساس لها وقائمة على معلومات منحازة. وكانت الرسالة، المؤرخة يوم الاثنين، قد أرسلت قبيل نشر التقرير السنوي للأمم المتحدة بشأن العنف الجنسي المرتبط بالنزاعات. وأوضح غوتيريش فيها أنه "بسبب الرفض المتكرر للسماح لمراقبي الأمم المتحدة بالوصول، كان من الصعب تحديد أنماط واتجاهات ومنهجية العنف الجنسي بشكل قاطع". وأضاف: "مع ذلك، أضع القوات المسلحة والأمنية الإسرائيلية تحت المراقبة تمهيداً لاحتمال إدراجها في دورة التقرير القادمة، نظراً للمخاوف الكبيرة من أنماط بعض أشكال العنف الجنسي التي وثقتها الأمم المتحدة باستمرار". ودعا أنطونيو غوتيريش الحكومة الإسرائيلية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة "لضمان الوقف الفوري لجميع أعمال العنف الجنسي"، مؤكداً أنه يتوقع من إسرائيل أيضاً "وضع وتنفيذ التزامات محددة زمنياً"، بما في ذلك إصدار أوامر ضد العنف الجنسي والتحقيق في جميع الادعاءات الموثوقة. من جانبه، انتقد دانون رسالة غوتيريش، قائلا إن الأمين العام اعتمد على "مزاعم لا أساس لها تستند إلى منشورات منحازة"، مضيفاً أن على الأمم المتحدة التركيز على "جرائم الحرب المروعة التي ارتكبتها حماس، والإفراج الفوري عن جميع الرهائن"، مؤكداً أن إسرائيل ستواصل حماية مواطنيها والعمل وفقاً للقانون الدولي. تحرير:ف.ي

100 يوم على حكومة ميرتس .. تحولات في السياسة الألمانية  – DW – 2025/8/13
100 يوم على حكومة ميرتس .. تحولات في السياسة الألمانية  – DW – 2025/8/13

DW

timeمنذ 3 أيام

  • DW

100 يوم على حكومة ميرتس .. تحولات في السياسة الألمانية – DW – 2025/8/13

تولى فريدريش ميرتس منصب المستشار قبل 100 يوم، استطاع خلالها إسماع صوته على المستوى الدولي ودعا أيضًا إلى سياسة هجرة متشدّدة. كما أن الائتلاف الحاكم بقيادته مهدّد بفقد الثقة بين أعضائه بسبب نزاع حول المحكمة الدستورية. عندما اجتمع البرلمان الاتحادي الألماني (بوندستاغ) في 6 أيار/مايو لانتخاب زعيم الحزب المسيحي الديمقراطي، فريدريش ميرتس، مستشارًا لألمانيا، تحدَّث بعض المراقبين عن "الفرصة الأخيرة" للديمقراطية الألمانية. وقالوا إن حدوث صراع يدوم سنوات، مثل الصراع الذي شهدته الحكومة السابقة المكونة من الحزب الاشتراكي الديمقراطي وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الليبرالي، قد يُمزّق المجتمع نهائيًا ويؤدي إلى صعود اليمين الشعبوي وزيادة الغضب من النخب السياسة إلى مستويات لا تُطاق. وفي الانتخابات الاتحادية في شباط/فبراير 2025، تمكن حزب البديل من أجل ألمانيا (AfD)، اليميني المتطرف في بعض أجنحته، من مضاعفة نتيجته أخيرًا بحصوله على 20.8 بالمائة من أصوات الناخبين. والآن أراد المحافظون من حزب فريدريش ميرتس والاشتراكيون الديمقراطيون من الحزب الاشتراكي الديمقراطي العمل معًا لضمان الهدوء والموثوقية. ولكن البداية فشلت فشلاً ذريعًا: فقد خسر فريدريش ميرتس في البداية التصويت على منصب المستشار. وكانت تنقصه ستة أصوات من حزبه، وهو أمر لم يحدث قبل ميرتس قط لأي مرشح لمنصب المستشار. ولكن في الجولة الثانية تم انتخابه مستشارا جديدا لألمانيا في 6 أيار/مايو 2025. وعلى مدى المائة يوم منذ ذلك الحين، كان ميرتس حاضرًا قبل كل شيء في السياسية الخارجية. فبعد انتخابه بفترة قصيرة، قام بزيارة رفيعة المستوى إلى أوكرانيا برفقة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وأكد تضامنه للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي. وفي بداية حزيران/يونيو، زار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في البيت الأبيض، وحظي بمعاملة طيبة على العكس من زوار آخرين كثيرين. To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وكذلك ترك ميرتس انطباعًا جيدًا في قمتي الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو. وأثار ضجة أحيانًا باختياره غير الدبلوماسي لكلماته، مثل تصريحه بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران في 13 حزيران/يونيو: "هذا هو العمل القذر الذي تقوم به إسرائيل نيابة عنا جميعًا. نحن أيضًا نعاني من هذا النظام. نظام الملالي جلب الموت والدمار إلى العالم بهجمات واغتيالات وسفك للدماء من خلال حزب الله وحماس". ولكن قبل ذلك، انتقد ميرتس إسرائيل بشكل صريح غير معتاد، وقال إنَّه لم يعد يفهم ما هي الاستراتيجية التي يتبعها الجيش في عملياته داخل قطاع غزة. لقد تحدث ميرتس كثيرًا حول قضايا السياسة الخارجية لدرجة أنَّ وزير خارجيته، يوهان فاديفول، غالبًا ما كان يتراجع إلى خلفية المشهد. أما على صعيد السياسة الداخلية فقد ركزت الحكومة الجديدة منذ البداية على مسألة الهجرة: ومن خلال رفض دخول المهاجرين وإعادتهم عند الحدود، أراد وزير الداخلية الجديد ألكسندر دوبرينت (من الحزب المسيحي الاجتماعي البافاري)، الحد من الهجرة غير النظامية. وحتى من خلال رفض طالبي اللجوء وإبعادهم عن ألمانيا، وهو عمل ينتهك قانون الاتحاد الأوروبي، بحسب رأي العديد من المنتقدين. وبعد أن أعادت ألمانيا فرض الرقابة والتفتيش على حدودها مع بولندا، ردت بولندا من جانبها بالمثل، مما أدى إلى اختناقات مرورية طويلة على جانبي الحدود. ودافع دوبرينت كثيرًا عن سياسة الهجرة التقييدية قائلًا: "أوروبا منطقة منفتحة على العالم. والاتحاد الأوروبي منطقة منفتحة على العالم. وسنظل كذلك. لكننا لا نريد أن تقرّر عصابات التهريب الإجرامية من يدخل إلى منطقتنا. نحن نريد أن تحدد القرارات السياسية الطرق القانونية للدخول إلى أوروبا، وألا نتركها للعصابات الإجرامية". أثارت الحكومة الجديدة ضجة كبيرة حتى قبل توليها مهامها: فقد شكلت مع حزب الخضر أغلبية الثلثين في البوندستاغ وألغت القواعد الألمانية الصارمة لكبح الديون. وبالتالي ستتوفر لدى ألمانيا في السنين القادمة 500 مليار يورو إضافية لإعادة تسليح الجيش الألماني، و500 مليار يورو أخرى لتجديد البنية التحتية والطرق والسكك الحديدية والمدارس وحماية المناخ. وهذا مع أنَّ ميرتس والمحافظين كانوا قد وعدوا خلال الحملة الانتخابية بالالتزام بقواعد كبح الديون. وحول ذلك قال في البوندستاغ وزير المالية الجديد لارس كلينغبايل، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إنَّ "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية وصندوق النقد الدولي والمفوضية الأوروبية ومجموعة السبع - جميعهم دعوا ألمانيا مرارًا وتكرارًا في السنين الأخيرة إلى زيادة الاستثمار وجعل قواعد الاقتراض أكثر مرونة. وحتى الآن كان ذلك غير ممكن. ولكننا هنا في البرلمان أزلنا أخيرًا هذه القيود، وأصبحنا نستثمر في مستقبل بلدنا أكثر بكثير من السابق". أجرت DW (دويتشه فيله) الأسبوع الماضي استطلاع رأي عشوائي في شوارع برلين حول السؤال: كيف وجد الناس بداية الحكومة الجديدة؟. وأجاب شاب: "الأمور تتقدم إلى الأمام وأتمنى أن تستمر على هذا النحو". وقالت شابة: "يجب أن أقول بصدق إنَّني لم أنتخب ميرتس ولن أنتخبه". بينما قال رجل مسن حول الديون الجديدة الكثيرة التي اقترضتها الحكومة: "أعتقد أنَّه عمل سيء عندما يتم نكث الوعود المقدمة قبل الانتخابات". وأخيرًا قال شاب: "أنا لست من المعجبين كثيرًا بالحزب المسيحي الديمقراطي والحزب الاشتراكي الديمقراطي ولم أنتخبهما أيضًا، ولكنني آمل أن يتمكنا من الحافظ على ألمانيا". واتضح خاصة خلال الأسابيع الأخيرة أنَّ الحكومة باتت متأثر من جديد بآراء محافظة: فقد كان علم قوس قزح يرفرّف دائمًا في الأعوام السابقة فوق مبنى البرلمان في مسيرة "كريستوفر ستريت داي" لدعم مجتمع الميم، لكن هذه المرة منعت ذلك رئيسة البوندستاغ الجديدة يوليا كلوكنر (من الحزب المسيحي الديمقراطي). مما أثار انتقادات كثيرة، على الرغم من أنَّ كلوكنر سمحت برفع علم قوس قزح في اليوم العالي لمناهضة رهاب المثلية في 17 أيار/مايو. ولذلك سارع ميرتس مجددًا ليساعد رئيسة البرلمان بتصريح اختار فيه كلمات جريئة: "البوندستاغ طبعًا ليس خيمة سيرك يمكن أن يرفع عليها أي علم. يوجد يوم واحد في السنة، هو 17 أيار/مايو، يُرفع فيه علم قوس قزح. وفي جميع الأيام الأخرى يُرفع العلم الألماني والعلم الأوروبي فوق البوندستاغ الألماني". To view this video please enable JavaScript, and consider upgrading to a web browser that supports HTML5 video وعلى الرغم من هذه الجدالات فقد سار عمل الحكومة في البداية بهدوء - حتى اليوم الأخير في البوندستاغ قبل عطلته الصيفية: فقد كانت الحكومة تريد التصويت على تعيين عدد من المرشحين كقضاة جدد في المحكمة الدستورية الاتحادية. وفي الماضي كانت الأحزاب الحاكمة تحاول دائمًا شغل المناصب المهمة بالتراضي ومن دون خلافات، وذلك حتى لا تضر بسمعة أعلى محكمة ألمانية. ولكن هذا لم ينجح هذه المرة: فقد رفض الكثير من النواب المحافظين التصويت لصالح مرشحة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، القانونية الشهيرة من مدينة بوتسدام، فراوكه بروسيوس-غيرسدورف. وقبل ذلك تم التحريض ضد هذه المرشحة، خاصة في قنوات التواصل الاجتماعي اليمينية. وبعد إلغاء عملية الانتخاب، تحدث الحزب الاشتراكي الديمقراطي عن خرق خطير للثقة. ومن المؤكد أنَّ هذا الخلاف سيهيمن أيضًا على فترة ما بعد العطلة الصيفية، لأنَّ الحزب الاشتراكي الديمقراطي ما يزال مصرًا على مرشحته. وحاليًا يلقي الخلاف حول قضاة المحكمة الدستورية الاتحادية بظلاله على سجل عمل الحكومة بعد مائة يوم من توليها مهامها. أعده للعربية: رائد الباش / تحرير: صلاح شرارة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store