
قادة التيغراي أسقطوا الحكومة المؤقتة فأصبحوا أمام عقوبات أميركية
أفادت صحيفة "الأيكونوميست" البريطانية، نقلاً عن مسؤول أميركي، بأن الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على قياديين من حزب "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، و"قوات دفاع تيغراي"، على خلفية مزاعم عن إسهامهم في زعزعة استقرار المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا، وذلك إثر سحب الجبهة تفويضها للحكومة المؤقتة للإقليم برئاسة جيتاشوا رضا، وتحركها ميدانياً لعزل مسؤولين في الإدارات المحلية من دون العودة إلى الحكومة المؤقتة. ويتهم القرار الأميركي الذي تجري دراسته، قياديين في "قوات دفاع تيغراي" (TDF)، بتأجيج الصراع بين جناحي الجبهة، بدعم من رئيس الجبهة، دبرصيون جبر ميخائيل، مما أدى إلى إسقاط الحكومة المؤقتة.
وكان رئيس حكومة الإقليم قد غادر تيغراي نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في ظل مخاوف من اعتقاله، فيما ترجح مصادر إعلامية انتقاله أخيراً إلى الولايات المتحدة، لممارسة مزيد من الضغوط على الطرف المتحكم الآن بالسلطة داخل الإقليم.
البرلمان على خط الأزمة
من جهة أخرى، عدّل مجلس نواب الشعب الإثيوبي (البرلمان) الأربعاء الماضي، إعلاناً يسمح بتمديد الإدارات المؤقتة مرتين، كل منهما لمدة تصل إلى عام واحد. ويتيح هذا التعديل تمديد إدارة تيغراي المؤقتة، التي انتهت ولايتها أخيراً، لعام إضافي.
ويراجع هذا التعديل الإعلان رقم 359/2003، المتعلق بنظام تدخل الحكومة الاتحادية في الأقاليم، والذي ينظّم التدخل الاتحادي في الولايات الإقليمية. وقد أُقرّ التعديل بغالبية الأصوات، وهو ينقل أيضاً سلطة تمديد الإدارة المؤقتة من مجلس الاتحاد إلى رئيس المجلس.
ونصّ الإعلان السابق على أن للحكومة الفيدرالية الحق في التدخل في شؤون أي ولاية إقليمية عندما "تعجز عن الحفاظ على السلام والأمن"، أو عندما "تقع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتفشل في معالجتها"، أو عندما "يكون النظام الدستوري في خطر". كما سمح بإنشاء إدارة مؤقتة "مسؤولة أمام الحكومة الفيدرالية" من خلال تعليق عمل مجلس الدولة والجهاز التنفيذي الأعلى في المنطقة.
ومع ذلك، حدد الإعلان مدة الإدارة المؤقتة بعامين، مع إمكانية تمديدها لمدة ستة أشهر "إذا لزم الأمر".
وأشار النص التوضيحي المُرفق بالتعديل إلى أن هذا الإطار الزمني "لا يتماشى مع الواقع الحالي"، مشدداً على أن حل "المشكلات الأمنية والسياسية بالغة التعقيد" يتطلب مرونة. وتشير المذكرة إلى منطقة تيغراي كمثال، لافتةً إلى أنه "حتى بعد مرور عامين، لم تُهيأ الظروف اللازمة لإنشاء حكومة إقليمية منتظمة من خلال الانتخابات".
يبرر الإعلان المعدّل هذا التغيير أيضاً بالإشارة إلى أن مجلس الاتحاد يجتمع "مرتين في السنة فقط"، وأن أعضاءه يتحملون "مسؤوليات حكومية عالية ومتداخلة" في مناطقهم. ونظراً إلى هذه القيود، يُوضح أنه "عندما يصبح من الضروري تمديد فترة إدارة مؤقتة، يصعب عقد اجتماع ومناقشة واتخاذ قرارات في وقت قصير". ولمعالجة هذا الوضع، يمنح التعديل رئيس مجلس النواب سلطة الموافقة على التمديدات، مع النص على وجوب عرض القرار والموافقة عليه خلال الدورة العادية للبرلمان.
وينص التعديل أيضاً على أنه إذا رفض مجلس النواب تمديد المدة، "يجب إجراء انتخابات خلال أربعة أشهر من تاريخ رفض القرار، ويجب إنشاء إدارة حكومية إقليمية منتظمة".
علاوةً على ذلك، ينص التعديل على أن القرارات التي يتخذها رئيس مجلس النواب أو مجلس النواب في شأن الإدارات المؤقتة "قد تشير إلى قضايا ينبغي للإدارة التركيز عليها"، وتوصف بأنها "إجراءات ضرورية للقضاء بشكل دائم على الوضع الذي تسبب في تدخل الحكومة الفيدرالية وتعزيز النظام الدستوري".
ويأتي هذا التعديل بعد تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام المشرّعين، أعرب فيها عن رغبته في تمديد ولاية حكومة تيغراي المؤقتة، التي انتهت فترتها أخيراً، لعام آخر. كما أشار إلى "احتمال حدوث تغييرات" في قيادتها.
وأكد أحمد أن تمديد ولاية الإدارة المؤقتة يتطلب تعديلات قانونية، لكنه أشار إلى ضرورة إجراء تقييم إضافي قبل إجراء أي تعديلات. وأضاف، "بناءً على هذا التقييم، وبما يتوافق مع اتفاقية بريتوريا للسلام، ستواصل الإدارة المؤقتة عملها حتى الانتخابات المقبلة".
يُذكر أنه مر عامان منذ إنشاء الإدارة المؤقتة لإقليم تيغراي كجزء من اتفاقية بريتوريا لوقف الأعمال العدائية (COHA)، الموقعة بين جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF) والحكومة الفيدرالية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وعينت الحكومة الفيدرالية جيتاتشو رضا رئيساً لإدارة الإقليم.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إشكاليات قانونية ودستورية
بدوره، يرى المختص في الشأن التيغراوي محاري سلمون أن "التعديل الذي صادق عليه البرلمان الإثيوبي يفتقد إلى أساس قانوني، إذ يتناقض مع المبدأ الدستوري الحاكم باستقلالية الأقاليم الفيدرالية وسيادتها في إدارة شؤونها وانتخاب ممثليها وحكوماتها الإقليمية". ويضيف أن "ثمة إشكالية قانونية أخرى تتعلق بأن الشعب التيغراوي غير ممثل بالبرلمان الوطني، وذلك نظراً إلى عدم مشاركة الإقليم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومن ثم حتى إذا تغاضينا عن الخلل الدستوري فلا يمكن تجاوز الجانب المتعلق بعدم مشاركة ممثلي الشعب التيغراوي في إقرار تعديل يخص إقليمهم الفيدرالي، مما يطرح إشكالية التمثيل، ومن ثم فإن الحكومة التي يراد إقامتها في الإقليم ستفتقد الشرعية القانونية والتمثيلية. وعلى الجانب الثالث فإن الحكومة المؤقتة في تيغراي وخلافاً للأقاليم الأخرى فإنها خاضعة لمعاهدة بريتوريا للسلام والتي تنص على ضرورة تعيين رئيس الحكومة من خلال اقتراع سري يجري داخل اللجنة المركزية لحزب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وتتم المصادقة عليها من قبل رئيس الوزراء، ولا يحق لأي طرف من طرفي المعاهدة تشكيل حكومة أو تسمية الرئيس وفقاً لمقررات اتفاقية بريتوريا"، مشيراً الى أن "الجبهة الشعبية برهنت التزامها ببنود الاتفاقية حتى آخر لحظة، فعلى رغم سحب تفويضها من الرئيس السابق جيتاشوا رضا، وإبلاغها للحكومة المركزية بذلك، فإنها ظلت ملتزمة بالتعاطي مع حكومته نظراً لرفض رئيس الوزراء آبي أحمد قرار سحب التفويض. كما عملت على ترشيح نائب رئيس الإقليم وقائد قوات دفاع تيغراي، الجنرال تادسي ورديّ، لرئاسة حكومة الإقليم بخاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء بالتمديد لحكومة الإقليم لمدة عام آخر، إلا أن الترشيح لم ينل موافقة أديس أبابا".
ويرى محاري سلمون أن "الموقف في هذه الحالة يتطلب إعادة ملف الترشيح إلى الجبهة لتسمية شخص آخر من بين أعضاء اللجنة المركزية للحزب، وفقاً لبنود اتفاقية بريتوريا وليس اتخاذ قرارات أحادية أو تعديل برلماني يتناقض مع نصوص وروح الدستور الفيدرالي وأحكام اتفاقية بريتوريا".
ويُقدّر المختص التيغراوي أن "الحكومة المركزية في أديس أبابا فاقمت الأزمة السياسية في تيغراي من خلال مشروع القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان في مخالفة للدستور ونصوص المعاهدة الموقعة بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي"، مضيفاً أن "قرارات أديس أبابا تفتقد إلى الحكمة والحنكة السياسية، فضلاً عن افتقادها لمسوغ قانوني ودستوري".
وفي رده على سؤال "اندبندنت عربية" حول مشروع القرار الأميركي المحتمل بفرض عقوبات على قادة الجبهة، رأى محاري أن "إدارة ترمب تحاول ممارسة ضغوط مكثفة على الجبهة لتنفيذ اتفاقية بريتوريا وإحباط احتمالات قيام حرب جديدة، لكنها لسوء الحظ تعاقب الطرف الملتزم ببند الاتفاقية عوض معاقبة الطرف المتسبب في هذه الأزمة"، مشيراً أن "ثمة ازدواجية واضحة في التعاطي مع الأزمة الإثيوبية عموماً والأزمة السياسية في إقليم تيغراي بوجه الخصوص"، مشيراً إلى "تقارير الاتحاد الأفريقي حول التزام الجبهة بكافة بنود الاتفاقية، فضلاً عن تقارير المبعوث الأميركي السابق إلى المنطقة السفير مايك هامر". واعتبر أن "فريق إدارة ترمب المكلف بمتابعة هذا الملف، لا يتمتع بالقدر الكافي من الكفاءة والحياد، إذ لم يبن على تقارير سلفه".
وضع استثنائي
بدوره يرى المحلل السياسي الإثيوبي بيهون غيداون، أن "الدستور الفيدرالي الإثيوبي يسمح للبرلمان باتخاذ تدابير استثنائية في شأن الأوضاع في الأقاليم الفيدرالية"، مشيراً إلى بنود دستورية عدة تنص صراحةً على حق الحكومة المركزية بالتقدم بنصوص قانونية للبرلمان في حالات استثنائية، بالتدخل في شؤون أي إقليم في حال وقوع أحداث تهدد "السلم والأمن"، وللبرلمان حق سيادي بتقدير مدى تهديد الحالة للأمن والسلم الوطنيين، كما يمنح الدستور الحق للبرلمان الوطني المنتخب أحقيةً استثنائية لاتخاذ التدابير اللازمة، في حال قدّر وقوع أحداث تهدد النظام الدستوري في أي إقليم فيدرالي، وذلك من خلال مشروع قانون ينظم كيفية التدخل سواء في تشكيل الحكومة أو فرض الأمن والسلم، وهذا ما حدث سابقاً في الإقليم الصومالي عندما جرى انقلاب ضد حكومة الإقليم، إذ فوض البرلمان الحكومة المركزية التدخل عسكرياً".
ويضيف غيداون أن "الانشقاقات التي حدثت في الجبهة استتبعت تطورات قدرت السلطة التشريعية بأنها تهدد الأمن والسلم، فضلاً عن إمكانية وقوع أحداث أخرى تهدد النظام الدستوري، ومن ثم فإن التعديل الجديد يحتكم إلى بنود الدستور الفيدرالي، بخاصة وأنه لن يُتخذ بمرسوم رئاسي بل عبر تعديل برلماني تمت المصادقة عليه بغالبية ساحقة من الأصوات، لا سيما بعد تأكد شغور منصب رئيس الحكومة المؤقتة في تيغراي، علاوةً على تحركات قوات الدفاع التيغراوي وفرضها للأمر الواقع في المجالس البلدية والإدارات المحلية، مما استدعى اللجوء إلى الهيئة التشريعية في البلاد، بخاصة وأن تيغراي إقليم إثيوبي وليس دولة مستقلة بذاتها".
من جانب آخر، يرد غيداون على الحجج المتعلقة بعدم وجود تمثيل لإقليم تيغراي في البرلمان، مؤكداً أن "هذا الوضع خلقته الجبهة الشعبية من خلال إجرائها انتخابات أحادية غير معترف بها، ومن دون رقابة قانونية، مما ولّد وضعاً استثنائياً حاولت اتفاقية بريتوريا معالجته".
ويشير إلى أن "الاتفاقية أقرت بعدم شرعية تلك الانتخابات وعدم الاعتداد بها، وأسست لمرحلة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات على المستوى الوطني يشارك فيها الإقليم".
ويُقدّر غيداون أن "الإشكالية الأخرى تتعلق بشرعية الجبهة إذ إنها لم تسوِ بعد وضعها القانوني لدى لجنة الأحزاب والانتخابات الوطنية، وفقاً لأحكام الدستور الفيدرالي والقوانين المنظمة لعمل الأحزاب السياسية، ومن ثم فإن الحديث عن تمثيلها وأحقيتها في تشكيل الحكومة يخضع لمقررات اتفاقية بريتوريا وليس الدستور الفيدرالي".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- Independent عربية
حزب جديد في تيغراي... معارضة أم قناع سلطة؟
أعلن الرئيس السابق لإقليم تيغراي جيتاشوا ردا تأسيس حزب جديد تحت اسم "حزب تيغراي الليبرالي الديمقراطي"، في ما يبدو أنه محاولة للرد على الانتقادات الواسعة التي طاولت تعيينه مستشاراً لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لشؤون دول شرق أفريقيا بدرجة وزير، وهو ما عده مراقبون متناقضاً مع متطلبات منصبه الرسمي كوزير في حكومة أديس أبابا. وكان حزب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي سحب تفويضه لجيتاشوا كرئيس للحكومة الموقتة في إقليم تيغراي، بعد تصاعد الخلافات بينه وقيادة الحزب حول المؤتمر الـ14 للحزب التاريخي وعلاقته بالحكومة المركزية، وبخاصة في ما يتعلق بملفات التنسيق الأمني، وذلك إثر تسليمه أديس أبابا عشرات الأسرى من الضباط الإثيوبيين المتهمين بممارسة جرائم حرب داخل الإقليم، من دون التنسيق مع الحزب أو قوات الدفاع التيغراوية. وعلى رغم اتفاق الحكومة المركزية في أديس أبابا والجبهة الشعبية لتحرير تيغراي على تنصيب الجنرال تادسي وريدي خليفة لجيتاشوا، فإن الخلافات بين الإقليم والعاصمة تصاعدت، وبخاصة بعد ضم اثنين من الأعضاء المنشقين عن الجبهة إلى مجلس الوزراء الإثيوبي، فضلاً عن تجاهل أديس أبابا الحملات التي شنها جيتاشوا رداً ضد قيادة الجبهة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، على رغم منصبه الوزاري. ويشير مراقبون إلى أن تأسيس المنشقين عن الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي حزباً جديداً يضعهم أمام خيارات عدة وفق الأوضاع السياسية القائمة في إثيوبيا، وبخاصة في ظل العلاقة المضطربة بين الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي وحزب الازدهار الحاكم في أديس أبابا، فإما أن يتحالف الحزب الجديد مع حزب الازدهار بقيادة آبي أحمد ويصبح جزءاً من الأحزاب المشاركة في السلطة، أو أن يعمل داخل تيغراي ضمن أحزاب المعارضة التيغراوية الأربعة ("بايتونا" و"سالساي وياني" و"عرينا" و"استقلال تيغراي")، وهي أحزاب تعارض الجبهة الحاكمة في الإقليم، لكنها تفتقد التأثير الفعلي على الأوضاع السياسية في ظل سيطرة الجبهة على مقاليد السلطة خلال العقود الثلاثة الماضية، إلى جانب قاعدتها الشعبية وامتدادها الإداري والبيروقراطي. أما الخيار الثالث، وفق المراقبين، فيتعلق بمحاولة الاستفادة من شبكة العلاقات التي بناها الرئيس السابق للإقليم داخل الجبهة الشعبية، ومن ثم العمل على سحب البساط منها وتقديم أنفسهم كامتداد إصلاحي للجبهة التاريخية، ولكن هذا الخيار يواجه تحديات عدة بعضها ذو طابع تنظيمي، إذ تتمتع الجبهة بقاعدة قوية وصارمة إلى جانب شرعيتها التاريخية، فضلاً عن تحد آخر أيديولوجي، إذ إن الحزب الجديد تخلى عن العقيدة السياسية المؤسسة للجبهة (التاريخ الثوري وسياسات التنمية الاجتماعية والعدالة والانحياز للفقراء، إلخ) بتبنيه أيديولوجية ليبرالية عوض الشرعية الثورية المستمدة من الماضي النضالي. خطوة نحو التحالف من جهته، يرى المتخصص في الشأن التيغراوي محاري سلمون أن إعلان الجناح المنشق عن الجبهة بقيادة جيتاشوا تشكيل حزبي سياسي جديد يهدف إلى نفي الاتهامات المتعلقة بانضمامهم لحزب الازدهار، لا سيما بعد الاتهامات التي وجهها رئيس الجبهة بأن الأعضاء السابقين في حزبه كانوا وكلاء للحزب الحاكم، مشيراً إلى أن استحداث مناصب وزارية لعضوين منهم في الحكومة الفيدرالية يؤكد المزاعم التي ظلت تتردد في أوساط التيغراويين. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ويقدر سلمون أن تشكيل الحزب الليبرالي الديمقراطي كمنصة للمنشقين يعد خطوة أولى نحو التحالف مع حزب آبي أحمد، مشيراً إلى أنهم من جهة يحاولون نفي التهم، ومن جهة أخرى قد يعملون من أجل الانضمام للتحالف الحاكم، لا سيما أن عضويين مؤسسين للحزب الآن يحملون حقائب وزارية. ويتوقع المحلل التيغراوي أن يهيئ قيادات الحزب الجديد الرأي العام لتلك الخطوة بعد حصولهم على الاعتماد الرسمي، لكن الأمر قد يستغرق بعض الوقت، وقد يتأخر حتى الاستحقاقات الانتخابية المقبلة في تيغراي، وبخاصة أن الجبهة الشعبية تواجه أزمة مع اللجنة الوطنية للانتخابات والأحزاب السياسية، إذ لم تحصل بعد على الاعتماد الرسمي نتيجة تداعيات الحرب وتصنيفها من قبل البرلمان الإثيوبي تنظيماً إرهابياً خلال فترة القتال. وعلى رغم مراجعة ذلك على المستوى السياسي، فإن القواعد القانونية تتطلب إعادة تقدم الجبهة بملف ومسمى جديد للجنة الانتخابات للحصول على الاعتراف كحزب سياسي معتمد، وهو ما ترفضه الجبهة معتبرة أنها حزب معتمد منذ عام 1995، ومدللة على ذلك بـ(اتفاق بريتوريا) للسلام الموقع بينها والحكومة الإثيوبية، والذي يقر بهذا الحق. ويضيف سلمون أن ثمة ثغرات قانونية تستغلها لجنة الأحزاب السياسية، فيما ترفض الجبهة تغيير اسمها أو التقدم للاعتماد كحزب جديد. وأمام هذا النزاع القانوني الذي استمر أكثر من عامين، فإن أمام الحزب الجديد الذي يقوده جيتاشوا فرصاً واعدة للاستثمار في هذه الخلافات، ومحاولة التأثير في قواعد الجبهة واستقطابها، وبخاصة أن الجبهة لا تزال تعاني تداعيات الحرب، ومزاعم تتعلق بتسبب سياساتها في النزاع الذي راح ضحيته نحو مليون تيغراوي خلال الفترة بين عامي 2020 و2022. وأشار إلى أن الحزب الليبرالي الديمقراطي بإمكانه منافسة الجبهة في تيغراي، إذ يتمتع جيتاشوا بشعبية كبيرة وبخاصة في الأوساط الشبابية المتطلعة للتغيير، بعد ثلاثة عقود ونيف من حكم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي. وفي رده على سؤال لـ"اندبندنت عربية" حول إمكانية التحالف مع حزب الازدهار وأثر ذلك في ذاكرة التيغراويين، وبخاصة بعد الحرب الضروس التي خاضها الحزب ضدهم، يقول سلمون إن "من المفارقة أن تتقارب الجبهة الشعبية مع النظام الإريتري، العدو الكلاسيكي الذي شارك في الحرب ضد تيغراي، مما يبرر إمكانية تحالف حزب جيتاشوا مع رئيس الوزراء آبي أحمد، الطرف الآخر في الحرب، فكل منهما في هذه الحال لا يمكنه المزايدة على الآخر في شأن الحرب. ويقرأ سلمون أن الحزب الجديد يحاول التخلص من البعد الأيديولوجي الذي تبنته الجبهة، إذ تشير تسميته إلى اعتناق عقيدة سياسية ليبرالية، وهو ما يتوافق مع توجهات حزب الازدهار الحاكم في أديس أبابا، مما يعزز من إمكانية التوافق والتحالف، كما أنه يبعث برسائل واضحة إلى الشركاء الدوليين، وبخاصة الولايات المتحدة والقوى الأوروبية. من رحم السلطة بدوره يرى المتخصص في الشأن الإثيوبي بيهون غيداون أن الحزب الليبرالي الديمقراطي لتيغراي، يعد بصورة غير مباشرة جزءاً من الائتلاف الحاكم، ولا يمكنه ادعاء المعارضة في ظل مشاركته المباشرة بالسلطة القائمة عبر حقيبتين وزاريتين، خصوصاً أن هناك أحزاباً في الائتلاف بحقيبة وزارية واحدة، ومن ثم فإنه غير مضطر إلى إعلان اندماجه داخل حزب الازدهار الحاكم، أو انتظار اعتماده لإعلان التحالف، إذ إنه بحكم الواقع جزء من السلطة الحالية، مما يعني أنه حزب ولد داخل رحم السلطة القائمة. ويضيف غيداون أن ثمة اتساقاً سياسياً وأيديولوجياً مع حزب السلطة، سواء من حيث منطلقاته الفكرية أو رؤيته السياسية لمستقبل البلاد، وهو أساس التناقض الذي حدث بين الجناح الذي شكل الحزب الجديد، والحرس القديم في الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، والمرتبط بالخلفية النضالية المتعلقة بالبعدين الاشتراكي والقومي. ويرى غيداون أن الجبهة غالباً ما تعزف على وتر القومية التيغراوية، وتدافع عن المادة 39 من الدستور الفيدرالي الإثيوبي، التي تنص على حق الشعوب الإثيوبية في تقرير مصيرها، لكن هذا المبدأ يُستغل في الغالب لأغراض انتخابية أكثر منه لأهداف الانفصال، إذ تدرك الجبهة أن ثمة عوائق موضوعية تحول دون استقلال الإقليم عن إثيوبيا لاعتبارات اقتصادية وسياسية ودولية. وتوقع أن يتبنى الحزب الجديد مواقف أكثر براغماتية في ما يتعلق بمبدأ تقرير المصير، إذ من المرجح أن يطالب بوحدة إثيوبيا، وبخاصة أن غالب مؤسسيه من الأكاديميين التيغراويين الذين يتمتعون بمرونة تجاه هذا المبدأ ورؤية أكثر موضوعية، ومعظمهم من الجيل الذي لم يشارك في النضال التيغراوي المسلح من أجل الاستقلال (1975-1991). ويقدر غيداون أن ثمة إمكانية امام الحزب الليبرالي لاستقطاب قاعدة جماهيرية في تيغراي، لا سيما في ظل حال الجمود والتكلس التي تعانيها الجبهة الشعبية نتيجة عدم قدرتها على التكيف مع المستجدات، فضلاً عن فقدانها قادة مؤثرين وفاعلين في الحرب الأخيرة، علاوة على عدم قدرتها على استقطاب الأجيال الجديدة، إضافة إلى تورط أعداد مقدرة من قياداتها في قضايا الفساد الإداري والمالي. ونوه إلى ضرورة تبني الحزب خطاباً متوازناً يتجاوز العاطفة القومية، وفي الوقت ذاته لا يخصم من نضالات التيغراويين، أو يتحول إلى تكرار للبروباغاندا الرسمية في أديس أبابا، بل يقدم نفسه كصوت تيغراوي داخل السلطة يطرح تطلعات الفئات التيغراوية المتضررة من الحرب، ويتعهد بتحقيق السلام والتطبيق الفعلي لـ"اتفاق بريتوريا"، وفي هذه الحال قد يمثل الحزب أملاً للتيغراويين الذين عانوا كثيراً من انفراد الجبهة بالسلطة لأكثر من ثلاثة عقود مضت.


Independent عربية
٠٤-٠٤-٢٠٢٥
- Independent عربية
قادة التيغراي أسقطوا الحكومة المؤقتة فأصبحوا أمام عقوبات أميركية
أفادت صحيفة "الأيكونوميست" البريطانية، نقلاً عن مسؤول أميركي، بأن الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على قياديين من حزب "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، و"قوات دفاع تيغراي"، على خلفية مزاعم عن إسهامهم في زعزعة استقرار المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا، وذلك إثر سحب الجبهة تفويضها للحكومة المؤقتة للإقليم برئاسة جيتاشوا رضا، وتحركها ميدانياً لعزل مسؤولين في الإدارات المحلية من دون العودة إلى الحكومة المؤقتة. ويتهم القرار الأميركي الذي تجري دراسته، قياديين في "قوات دفاع تيغراي" (TDF)، بتأجيج الصراع بين جناحي الجبهة، بدعم من رئيس الجبهة، دبرصيون جبر ميخائيل، مما أدى إلى إسقاط الحكومة المؤقتة. وكان رئيس حكومة الإقليم قد غادر تيغراي نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا في ظل مخاوف من اعتقاله، فيما ترجح مصادر إعلامية انتقاله أخيراً إلى الولايات المتحدة، لممارسة مزيد من الضغوط على الطرف المتحكم الآن بالسلطة داخل الإقليم. البرلمان على خط الأزمة من جهة أخرى، عدّل مجلس نواب الشعب الإثيوبي (البرلمان) الأربعاء الماضي، إعلاناً يسمح بتمديد الإدارات المؤقتة مرتين، كل منهما لمدة تصل إلى عام واحد. ويتيح هذا التعديل تمديد إدارة تيغراي المؤقتة، التي انتهت ولايتها أخيراً، لعام إضافي. ويراجع هذا التعديل الإعلان رقم 359/2003، المتعلق بنظام تدخل الحكومة الاتحادية في الأقاليم، والذي ينظّم التدخل الاتحادي في الولايات الإقليمية. وقد أُقرّ التعديل بغالبية الأصوات، وهو ينقل أيضاً سلطة تمديد الإدارة المؤقتة من مجلس الاتحاد إلى رئيس المجلس. ونصّ الإعلان السابق على أن للحكومة الفيدرالية الحق في التدخل في شؤون أي ولاية إقليمية عندما "تعجز عن الحفاظ على السلام والأمن"، أو عندما "تقع انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وتفشل في معالجتها"، أو عندما "يكون النظام الدستوري في خطر". كما سمح بإنشاء إدارة مؤقتة "مسؤولة أمام الحكومة الفيدرالية" من خلال تعليق عمل مجلس الدولة والجهاز التنفيذي الأعلى في المنطقة. ومع ذلك، حدد الإعلان مدة الإدارة المؤقتة بعامين، مع إمكانية تمديدها لمدة ستة أشهر "إذا لزم الأمر". وأشار النص التوضيحي المُرفق بالتعديل إلى أن هذا الإطار الزمني "لا يتماشى مع الواقع الحالي"، مشدداً على أن حل "المشكلات الأمنية والسياسية بالغة التعقيد" يتطلب مرونة. وتشير المذكرة إلى منطقة تيغراي كمثال، لافتةً إلى أنه "حتى بعد مرور عامين، لم تُهيأ الظروف اللازمة لإنشاء حكومة إقليمية منتظمة من خلال الانتخابات". يبرر الإعلان المعدّل هذا التغيير أيضاً بالإشارة إلى أن مجلس الاتحاد يجتمع "مرتين في السنة فقط"، وأن أعضاءه يتحملون "مسؤوليات حكومية عالية ومتداخلة" في مناطقهم. ونظراً إلى هذه القيود، يُوضح أنه "عندما يصبح من الضروري تمديد فترة إدارة مؤقتة، يصعب عقد اجتماع ومناقشة واتخاذ قرارات في وقت قصير". ولمعالجة هذا الوضع، يمنح التعديل رئيس مجلس النواب سلطة الموافقة على التمديدات، مع النص على وجوب عرض القرار والموافقة عليه خلال الدورة العادية للبرلمان. وينص التعديل أيضاً على أنه إذا رفض مجلس النواب تمديد المدة، "يجب إجراء انتخابات خلال أربعة أشهر من تاريخ رفض القرار، ويجب إنشاء إدارة حكومية إقليمية منتظمة". علاوةً على ذلك، ينص التعديل على أن القرارات التي يتخذها رئيس مجلس النواب أو مجلس النواب في شأن الإدارات المؤقتة "قد تشير إلى قضايا ينبغي للإدارة التركيز عليها"، وتوصف بأنها "إجراءات ضرورية للقضاء بشكل دائم على الوضع الذي تسبب في تدخل الحكومة الفيدرالية وتعزيز النظام الدستوري". ويأتي هذا التعديل بعد تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد أمام المشرّعين، أعرب فيها عن رغبته في تمديد ولاية حكومة تيغراي المؤقتة، التي انتهت فترتها أخيراً، لعام آخر. كما أشار إلى "احتمال حدوث تغييرات" في قيادتها. وأكد أحمد أن تمديد ولاية الإدارة المؤقتة يتطلب تعديلات قانونية، لكنه أشار إلى ضرورة إجراء تقييم إضافي قبل إجراء أي تعديلات. وأضاف، "بناءً على هذا التقييم، وبما يتوافق مع اتفاقية بريتوريا للسلام، ستواصل الإدارة المؤقتة عملها حتى الانتخابات المقبلة". يُذكر أنه مر عامان منذ إنشاء الإدارة المؤقتة لإقليم تيغراي كجزء من اتفاقية بريتوريا لوقف الأعمال العدائية (COHA)، الموقعة بين جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF) والحكومة الفيدرالية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وعينت الحكومة الفيدرالية جيتاتشو رضا رئيساً لإدارة الإقليم. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) إشكاليات قانونية ودستورية بدوره، يرى المختص في الشأن التيغراوي محاري سلمون أن "التعديل الذي صادق عليه البرلمان الإثيوبي يفتقد إلى أساس قانوني، إذ يتناقض مع المبدأ الدستوري الحاكم باستقلالية الأقاليم الفيدرالية وسيادتها في إدارة شؤونها وانتخاب ممثليها وحكوماتها الإقليمية". ويضيف أن "ثمة إشكالية قانونية أخرى تتعلق بأن الشعب التيغراوي غير ممثل بالبرلمان الوطني، وذلك نظراً إلى عدم مشاركة الإقليم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ومن ثم حتى إذا تغاضينا عن الخلل الدستوري فلا يمكن تجاوز الجانب المتعلق بعدم مشاركة ممثلي الشعب التيغراوي في إقرار تعديل يخص إقليمهم الفيدرالي، مما يطرح إشكالية التمثيل، ومن ثم فإن الحكومة التي يراد إقامتها في الإقليم ستفتقد الشرعية القانونية والتمثيلية. وعلى الجانب الثالث فإن الحكومة المؤقتة في تيغراي وخلافاً للأقاليم الأخرى فإنها خاضعة لمعاهدة بريتوريا للسلام والتي تنص على ضرورة تعيين رئيس الحكومة من خلال اقتراع سري يجري داخل اللجنة المركزية لحزب الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وتتم المصادقة عليها من قبل رئيس الوزراء، ولا يحق لأي طرف من طرفي المعاهدة تشكيل حكومة أو تسمية الرئيس وفقاً لمقررات اتفاقية بريتوريا"، مشيراً الى أن "الجبهة الشعبية برهنت التزامها ببنود الاتفاقية حتى آخر لحظة، فعلى رغم سحب تفويضها من الرئيس السابق جيتاشوا رضا، وإبلاغها للحكومة المركزية بذلك، فإنها ظلت ملتزمة بالتعاطي مع حكومته نظراً لرفض رئيس الوزراء آبي أحمد قرار سحب التفويض. كما عملت على ترشيح نائب رئيس الإقليم وقائد قوات دفاع تيغراي، الجنرال تادسي ورديّ، لرئاسة حكومة الإقليم بخاصة بعد تصريحات رئيس الوزراء بالتمديد لحكومة الإقليم لمدة عام آخر، إلا أن الترشيح لم ينل موافقة أديس أبابا". ويرى محاري سلمون أن "الموقف في هذه الحالة يتطلب إعادة ملف الترشيح إلى الجبهة لتسمية شخص آخر من بين أعضاء اللجنة المركزية للحزب، وفقاً لبنود اتفاقية بريتوريا وليس اتخاذ قرارات أحادية أو تعديل برلماني يتناقض مع نصوص وروح الدستور الفيدرالي وأحكام اتفاقية بريتوريا". ويُقدّر المختص التيغراوي أن "الحكومة المركزية في أديس أبابا فاقمت الأزمة السياسية في تيغراي من خلال مشروع القانون الجديد الذي صادق عليه البرلمان في مخالفة للدستور ونصوص المعاهدة الموقعة بين الحكومة الفيدرالية وجبهة تحرير تيغراي"، مضيفاً أن "قرارات أديس أبابا تفتقد إلى الحكمة والحنكة السياسية، فضلاً عن افتقادها لمسوغ قانوني ودستوري". وفي رده على سؤال "اندبندنت عربية" حول مشروع القرار الأميركي المحتمل بفرض عقوبات على قادة الجبهة، رأى محاري أن "إدارة ترمب تحاول ممارسة ضغوط مكثفة على الجبهة لتنفيذ اتفاقية بريتوريا وإحباط احتمالات قيام حرب جديدة، لكنها لسوء الحظ تعاقب الطرف الملتزم ببند الاتفاقية عوض معاقبة الطرف المتسبب في هذه الأزمة"، مشيراً أن "ثمة ازدواجية واضحة في التعاطي مع الأزمة الإثيوبية عموماً والأزمة السياسية في إقليم تيغراي بوجه الخصوص"، مشيراً إلى "تقارير الاتحاد الأفريقي حول التزام الجبهة بكافة بنود الاتفاقية، فضلاً عن تقارير المبعوث الأميركي السابق إلى المنطقة السفير مايك هامر". واعتبر أن "فريق إدارة ترمب المكلف بمتابعة هذا الملف، لا يتمتع بالقدر الكافي من الكفاءة والحياد، إذ لم يبن على تقارير سلفه". وضع استثنائي بدوره يرى المحلل السياسي الإثيوبي بيهون غيداون، أن "الدستور الفيدرالي الإثيوبي يسمح للبرلمان باتخاذ تدابير استثنائية في شأن الأوضاع في الأقاليم الفيدرالية"، مشيراً إلى بنود دستورية عدة تنص صراحةً على حق الحكومة المركزية بالتقدم بنصوص قانونية للبرلمان في حالات استثنائية، بالتدخل في شؤون أي إقليم في حال وقوع أحداث تهدد "السلم والأمن"، وللبرلمان حق سيادي بتقدير مدى تهديد الحالة للأمن والسلم الوطنيين، كما يمنح الدستور الحق للبرلمان الوطني المنتخب أحقيةً استثنائية لاتخاذ التدابير اللازمة، في حال قدّر وقوع أحداث تهدد النظام الدستوري في أي إقليم فيدرالي، وذلك من خلال مشروع قانون ينظم كيفية التدخل سواء في تشكيل الحكومة أو فرض الأمن والسلم، وهذا ما حدث سابقاً في الإقليم الصومالي عندما جرى انقلاب ضد حكومة الإقليم، إذ فوض البرلمان الحكومة المركزية التدخل عسكرياً". ويضيف غيداون أن "الانشقاقات التي حدثت في الجبهة استتبعت تطورات قدرت السلطة التشريعية بأنها تهدد الأمن والسلم، فضلاً عن إمكانية وقوع أحداث أخرى تهدد النظام الدستوري، ومن ثم فإن التعديل الجديد يحتكم إلى بنود الدستور الفيدرالي، بخاصة وأنه لن يُتخذ بمرسوم رئاسي بل عبر تعديل برلماني تمت المصادقة عليه بغالبية ساحقة من الأصوات، لا سيما بعد تأكد شغور منصب رئيس الحكومة المؤقتة في تيغراي، علاوةً على تحركات قوات الدفاع التيغراوي وفرضها للأمر الواقع في المجالس البلدية والإدارات المحلية، مما استدعى اللجوء إلى الهيئة التشريعية في البلاد، بخاصة وأن تيغراي إقليم إثيوبي وليس دولة مستقلة بذاتها". من جانب آخر، يرد غيداون على الحجج المتعلقة بعدم وجود تمثيل لإقليم تيغراي في البرلمان، مؤكداً أن "هذا الوضع خلقته الجبهة الشعبية من خلال إجرائها انتخابات أحادية غير معترف بها، ومن دون رقابة قانونية، مما ولّد وضعاً استثنائياً حاولت اتفاقية بريتوريا معالجته". ويشير إلى أن "الاتفاقية أقرت بعدم شرعية تلك الانتخابات وعدم الاعتداد بها، وأسست لمرحلة انتقالية إلى حين إجراء انتخابات على المستوى الوطني يشارك فيها الإقليم". ويُقدّر غيداون أن "الإشكالية الأخرى تتعلق بشرعية الجبهة إذ إنها لم تسوِ بعد وضعها القانوني لدى لجنة الأحزاب والانتخابات الوطنية، وفقاً لأحكام الدستور الفيدرالي والقوانين المنظمة لعمل الأحزاب السياسية، ومن ثم فإن الحديث عن تمثيلها وأحقيتها في تشكيل الحكومة يخضع لمقررات اتفاقية بريتوريا وليس الدستور الفيدرالي".


Independent عربية
٢٤-٠٢-٢٠٢٥
- Independent عربية
رئيس إثيوبيا السابق يثير المخاوف من حرب جديدة مع إريتريا
أثار مقال الرئيس الإثيوبي السابق مولاتو توشمي، الذي نشره على أحد المواقع الإخبارية، موجة كبيرة من الجدل في الأوساط السياسية الإريترية والإثيوبية على حد سواء، إذ اعتبره بعض المراقبين لشؤون المنطقة أنه بمثابة التمهيد لحرب جديدة بين إثيوبيا وإريتريا، في حين فندت الأخيرة عبر وزير إعلامها يماني قبر مسقل، الادعاءات الواردة في المقال. وكان مولاتو الذي ترأس إثيوبيا في الفترة من 2013 إلى 2018 نشر مقالاً زعم فيه أن إريتريا أضحت تمثل عامل عدم استقرار في منطقة القرن الأفريقي، من خلال تورطها في الصراعات الداخلية في إثيوبيا، - حسب قوله- وتضمن المقال الذي أتى تحت عنوان "لتجنب صراع جديد في القرن الأفريقي، الآن هو الوقت المناسب للعمل"، مجموعة من التهم ضد الحكومة الإريترية، إضافة إلى الدعوة لضرورة اتخاذ خطوات إجرائية حاسمة ضدها، إذ اتهم رئيسها بزعزعة الاستقرار في المنطقة بأسرها، مطالباً المجتمع الدولي بوضع حد لتلك "التصرفات العدوانية". وقدم الرئيس الإثيوبي السابق سردية توحي بتورط إريتريا في حرب تيغراي الأخيرة، وممارستها انتهاكات واسعة، ذلك على رغم أن الوحدات الإريترية المشاركة في الحرب كانت إلى جانب الجيش النظامي الإثيوبي، فإن مولاتو وجه اتهامات بتورط النظام الإريتري في "دعم الميليشيات وتسليحها في كل من إقليمي أمهرة وتيغراي بغرض العبث بالأمن القومي الإثيوبي". تصدير الأزمة الداخلية بدوره نشر وزير الإعلام الإريتري يماني قبر مسقل تغريدات عدة رداً على مقال رئيس إثيوبيا السابق، مؤكداً أن المقال أطلق إنذاراً كاذباً يتهم فيه إريتريا بتخطيطها لإشعال "صراع جديد في القرن الأفريقي"، موضحاً أن هذا "الادعاء يهدف إلى إخفاء وتبرير أجندة الحرب، التي يسعون إليها". ودافع الوزير الإريتري عن مواقف بلاده قائلاً "على عكس السرديات المشوهة التي حاول السيد مولاتو تسويقها حول حرب الحدود 1998 - 2000، الواقع أن النظام الإثيوبي بقيادة 'الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي' احتل أراضي إريترية ذات سيادة، بما في ذلك منطقتا بادمي وعدي مروق وأماكن أخرى، في انتهاك صارخ للقانون الدولي والمبدأ الأساس لمنظمة الوحدة الأفريقية في شأن قدسية الحدود الاستعمارية". مقال الرئيس الإثيوبي السابق مولاتو توشمي (وسائل التواصل) وأضاف حتى بعد نهاية الحرب الباهظة الثمن، وتوقيع اتفاقية السلام، وصدور قرار المحكمة الدولية في لاهاي بأحقية إريتريا بالأراضي المتنازع عليها، واصلت إثيوبيا تحدي القانون الدولي وإبقاء الأراضي الإريترية ذات السيادة تحت احتلالها لمدة 20 عاماً، بما فيها فترة رئاسة مولاتو 2013-2018 مما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي ولقرار محكمة التحكيم الدولية. وزعم الوزير الإريتري أن النظام الإثيوبي أثناء فترة رئيس الوزراء الراحل ملس زيناوي، تبنى أجندات معلنة "لتغيير النظام الإريتري" وخصص أموالاً طائلة لذلك، مضيفاً أن مولاتو أيد هذا التوجه. وفي تناوله مشاركة بلاده في حرب تيغراي، رد قبر مسقل، بالقول إن اندلاع حرب التمرد في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 2020، تضمن خططاً معلنة من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" تشمل شن هجمات واسعة النطاق ومتدرجة على إريتريا، وقد تم استهداف العاصمة الإريترية بصواريخ عدة، مشيراً إلى أن مشاركة بلاده أتت نتيجة لهذه الظروف، وبطلب رسمي من الحكومة الفيدرالية الإثيوبية، مذكراً أن "الحكومة الإثيوبية ومؤسساتها الدفاعية قد اعترفت وأشادت بالدور الذي لعبته أسمرة خلال الأيام المظلمة التي مرت بها إثيوبيا". وعلى رغم قوله إن أسمرة تدعم اتفاق بريتوريا للسلام الموقع بين أديس أبابا ومقلي، أعلن وزير الإعلام الإريتري، أنه اتفاق يخص الطرفين. وأضاف أن ما قاد علاقات البلدين للوضع الحالي ليس اتفاق بريتوريا، بل المساعي المعلنة لرئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد للاستحواذ على الموانئ والأراضي البحرية "بصورة قانونية إذا كان ذلك ممكناً، وعسكرياً إذا لزم الأمر"، منوهاً أن تلك المساعي أعلنها آبي أحمد خلال كلمة برلمانية. ولفت إلى أن إثيوبيا تشهد حروباً داخلية شرسة في أقاليم عدة، ومن ثم فإن الاضطرابات التي تعانيها المنطقة تنبع وتجد محورها في أديس أبابا، وليس في أي مكان آخر، واعتبر أن معالجتها لا تكمن في تقديم التبريرات للعنف، أو إلقاء اللوم على إريتريا، واصفاً تلك المحاولات بتصدير الأزمات الداخلية للخارج. مصادر غربية عدة أكدت أن السفن الثلاث كانت تحمل معدات عسكرية مختلفة لإثيوبيا (أ ف ب) هل تقرع الطبول لحرب جديدة؟ من جهته علق السياسي الإثيوبي جوهر محمد، على مقال مولاتو تحت عنوان "هل يقرعون الطبول لحرب أخرى"، مؤكداً أنه سبق أن حذر منذ أسابيع أن إدارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تستعد لحرب أخرى ضد إريتريا، وتابع "إذا كانت لدى أي شخص شكوك، فإن المقال المنشور تحت اسم الرئيس السابق مولاتو تيشومي، يعزز وجهة نظري!". وشكك السياسي الإثيوبي المعارض أن يكون محتوى المقال يخص مولاتو وحده، مشيراً إلى أنه يعبر عن وجهة النظام الحاكم في أديس أبابا. وقال جوهر أثناء تدشينه كتاباً جديداً في الولايات المتحدة الأميركية، حول فترة الانتقال السياسي في إثيوبيا، إن البلاد على وشك الانهيار بسبب الانقسامات الداخلية والصراعات المسلحة وغياب الأمل للأجيال الجديدة، معتبراً أن آخر ما تحتاج إليه أثيوبيا الآن هو حرب خارجية أخرى. ودعا إدارة آبي أحمد إلى التركيز على حل أزماتهم الداخلية عوض اختلاق الروايات الدعائية لشن حروب جديدة قد تفضي إلى تفكك البلاد. بدوره قال المتخصص في الشأن الإثيوبي يلقال جيتنت، إن المقال الأخير للرئيس الإثيوبي السابق كشف حجم التوتر الذي بلغته علاقات البلدين، على رغم التحسن الكبير الذي شهدته في الأعوام التي تلت وصول آبي أحمد لسدة الحكم في أديس أبابا، ثم تحالفهما في حرب تيغراي الأخيرة. وأضاف "أتصور أن الدافع الرئيس للمقال لا يتعلق بالتوترات في منطقة القرن الأفريقي كما يشير العنوان، بل بمستجدات أخرى حدثت خلال الشهرين الماضيين"، مشيراً إلى أن السرديات التي صاغها مولاتو تتناقض مع التصريحات الرسمية التي ظل يكررها رئيس الوزراء آبي أحمد خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وبخاصة أثناء حرب تيغراي، إذ وصف النظام الإريتري بأنه عامل استقرار في عموم المنطقة، وثمّن مشاركته في حرب "إنفاذ القانون" معتبراً أن دوره كان حاسماً في الحفاظ على وحدة إثيوبيا. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) دوافع المقال الحقيقية ويرجح جيتنت أن المقال أتى كنتيجة لأزمة السفن الأذرية التي أوقفتها إريتريا واستولت على الشحنة العسكرية التي قيل إنها كانت في طريقها لإثيوبيا. وأضاف على رغم عدم اعتراف إثيوبيا بصورة رسمية بملكيتها لحمولة تلك السفن، فإن مصادر غربية عدة أكدت أن السفن الثلاث كانت تحمل معدات عسكرية مختلفة لإثيوبيا، بعد توقيع الأخيرة على صفقة تسليح مع باكو في مايو (أيار) 2024 بين نائب رئيس الوزراء الإثيوبي تمسغن طرونه ورئيس وزراء أذربيجان علي أسدوف، أثناء زيارة الأول للعاصمة الأذرية. ويتصور المحلل الإثيوبي أن ثمة إشكاليات في محتوى المقال، وبخاصة أنه موقع باسم رئيس سابق لإثيوبيا، مما يتناقض مع مبدأ التحفظ، الذي تنص عليه القوانين الإثيوبية، إذ لا يسمح لمن تبوأ هذا الموقع بالإدلاء بهكذا تصريحات أو الانخراط في العمل السياسي، مذكراً بحال الرئيس السابق لإثيوبيا نقاسوا جيدادا الذي تعرض لعقوبات قانونية قاسية نتيجة مواقف مشابهة، وذكر أن الأعراف القانونية الإثيوبية تحذر من ترأس البلاد بعد عام 1994، من ممارسة أي نشاط سياسي بعد إنهاء مهماته الرئاسية. ومن ناحية أخرى يرى جيتنت أن تصوير الرئيس الإريتري على أنه من خلق أزمات إثيوبيا بعيد عن الحقيقة، إذ إن تلك الأزمات قائمة منذ أكثر من أربعة عقود، وتسبق تاريخ استقلال إريتريا كدولة جديدة في إقليم القرن الأفريقي. ويرجح المحلل الإثيوبي أن الهدف الأساس لهذا المقال وغيره من الحملات التي تشارك فيها إدارة رئيس الوزراء آبي أحمد بصورة مباشرة أو غير مباشرة، يتعلق بممارسة مزيد من الضغوط على النظام الإريتري، من خلال مخاطبة المجتمعين الدولي والإقليمي، وليس بالضرورة الدخول في حرب مباشرة معه. ويضيف "لا أعتقد أن الوضع الداخلي في إثيوبيا يسمح بخوض حروب جديدة، سواء على المستوى اللوجستي والمالي أو على مستوى الروح القتالية للجيش الإثيوبي المنهك نتيجة حرب تيغراي الأخيرة، ومن ثم أتصور أن الهدف يتعلق بإنهاك النظام الإريتري وعزله إقليمياً ودولياً، وتصوير إثيوبيا كضحية لهذا النظام المناوئ للأنظمة العربية، وبخاصة بعد اتخاذ إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراراً يقضي بتعليق المساعدات الموجهة لإثيوبيا.