
الشعوذة الأميركيّة في لبنان
وضعت أمامي كل التصريحات التي أدلى بها المبعوث الرئاسي الأميركي توماس براك. شيء ما أقرب الى الشعوذة السياسية، والشعوذة الديبلوماسية. كلام بحاجة الى خبير في فك الطلاسم. لا تدري، أيذهب بك الخيال الى التفاؤل أم الى التشاؤم، الى الحرب أم الى السلم ؟ هكذا مسرحيات اللامعقول لدى صمويل بيكت. هذه هي أميركا الآن. ديبلوماسية اللامعقول أم استراتيجية اللامعقول في مقاربة البيت الأبيض لمشكلتنا؟
حام حول الضاحية، من القصر الى السراي، ومن عين التينة الى بكركي، ومن معراب الى كليمنصو، ليتناول الترويقة الفاخرة، الترويقة الملكية، على مائدة النائب فؤاد مخزومي لعلها تشق الطريق أمامه الى الرئاسة الثالثة. ما كان يمنعه أن يدخل من الباب ويزور الضاحية، حيث أمبراطورية حزب الله تهدد الأمن الاستراتيجي لأميركا العظمى؟
فاجأنا أنه فوجئ بكل الذين التقاهم خارج نطاق المسؤولين، وهم من خط واحد، ومن خندق واحد، يرغبون في التطبيع مع "اسرائيل" كسبيل وحيد لانقاذ لبنان. انقاذه ممن...؟
بالفم الملآن لا ضمانات. وفي الزوايا أحاديث ديبلوماسية. تابعوا المسار السوري والى أين يصل، تعرفون ما ينتظركم. صراع تركي ـ سعودي ـ "اسرائيلي" حول سوريا التي تعرف بحساسيتها الجيوسياسية كما بحساسيتها الجيوستراتيحية، وحيث أظهرت المذابح الأخيرة أنها بعيدة عن منطق الدولة السوية، والدولة الموحدة، ما دامت تحكمها تلك الفصائل ـ القبائل، بتشكيلها الفسيفسائي وبايديولوجيا السواطير. كل ابناء الطوائف الأخرى، بمن فيهم السنّة من دعاة الحداثة والعلمانية، خراف بشرية في ايدي من يفترض أن يحملوا الجثث على ظهورهم للسماح لهم بالدخول الى الجنة.
بالطبع الحالة اللبنانية، كدولة مركبة، امتداد عضوي وديناميكي للحالة السورية كدولة مركبة. أين ايران هنا؟ وهل بقي لها من أثر في هذه الحلبة؟ بعدما تعالت الاصوات التي تلقي عليها مسؤولية شن "حرب الاسناد"، وكانت بمثابة "الساعة الكبرى" التي ينتظرها ويتوقعها بنيامين نتنياهو، بالأحرى دونالد ترامب، لتغيير الشرق الأوسط. وهو التغيير الذي قال مايكل هاكابي ، سفير الولايات المتحدة في "اسرائيل"، أنه سيكون "بأبعاد توراتية". سبق وكتبنا عن "يهوه" الهاً للشرق الأوسط. في الليتورجيا اليهودية "اله الكون"، وهو من جعل بني "اسرائيل" "شعب الله المختار"، دون أن نعلم لماذا حدد فلسطين بالذات أرض الميعاد، ولماذا انتقى الفلسطينيين ليكونوا القرابين التي تبشر بظهور "الماشيح" المخلص؟...
منذ السبعينات من القرن الفائت، تحدث هنري كيسنجر عن المنطقة التي اختارت البقاء على تخوم الغيب، ليرى الصراع، كصراع ابدي، بين نصف الله والنصف الآخر. حتى اللحظة الأرجحية للنصف اليهودي.
تريدون أن تعرفوا ما حال المسلمين (ولم نعترف يوماً بوجود عالم اسلامي)، وما حال العرب، ولطالما قلنا إن العروبة لم تعد تصلح علفاً للدجاج، انظروا الى موقف هؤلاء وأولئك حيال ما يحدث في غزة. غيبوبة اسلامية مطلقة، العرب في اجترارهم التاريخي لثقافة داحس والغبراء، ان لم نقل لثقافة قايين وهابيل.
كنا نتمنى وجود تلك القوة العربية التي تحمي سوريا، وتحمي لبنان، وحتى تحمي العراق كجزء من "الخارطة التوراتية"، التي يرى فيها الأميركيون الخارطة الالهية. ولكن ماذا حين تكون العروش صناعة أميركية، ويكون بقاؤها رهن ذلك الرقص السيزيفي حول الهيكل؟ لاحظنا كيف كانت الدبابات "الاسرائيلية" تزحف الى أبواب دمشق، في حين تنهمك الفصائل في مهمتها المقدسة. ذبح الكفرة، واطلاق النار على أطفالهم، وسبي نسائهم. وهي المفارقة الكبرى بين هؤلاء الذئاب وأولئك العمالقة، الذي يواجهون بأداء اسطوري لا مثيل له في التاريخ، وفي ظروف مستحيلة، الأرمادا "الاسرائيلية"، بل والأرمادا الأميركية بأهوالها التي تتعدى الخيال البشري.
بطبيعة الحال، نتمنى لسوريا الاستقرار والازدهار. وها أن السعودية تبعث بوزير الاستثمار فيها، وبجيش من لوردات الاستثمار، الى سوريا، التي كانت "الفايينشال تايمز" قد توفعت عام 2009، أن تغدو "نمر غربي آسيا". ولكن من يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن تنتهي اليه سوريا بالمطرقة "الاسرائيلية"؟ ولكن هل كان للسعوديين أن يجازفوا لولا الضوء الأخضر الأميركي؟ حتى اللحظة الضوء الأحمر "الاسرائيلي". لا دولة قادرة ولو على المستوى الاقتصادي، في سوريا التي، بالتأكيد مصير لبنان مرتبط بمصيرها. لنأخذ بالاعتبار ما حدث من صراع بين الحلفاء ابان الحرب على الأرض السورية، وهو ما قد نشهده الآن بعدما أصبح الزمام في أيدي من صنعوا تلك الحرب.
هذا ما يجعلنا نسأل ما كانت اليد العليا (وهي حتماً ليست للسعودييين ولا للأتراك) لدونالد ترامب الذي تخرج النيران من اذنيه، كما كتب بوب ودورد وروبرت كوستا، أم لبنيامين نتنياهو الذي تخرج النيران حتى من قدميه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الديار
منذ 29 دقائق
- الديار
حماس تشيد بالموقف الفرنسي: خطوة مهمة نحو الاعتراف بمعاناة شعبنا
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب أشادت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالموقف الصادر عن وزارة الخارجية الفرنسية، الذي وصف أعمال العنف التي يرتكبها المستوطنون "الإسرائيليون" في الضفة الغربية المحتلة بـ"الإرهابية"، واعتبرته "خطوة مهمة في الاتجاه الصحيح نحو الاعتراف الكامل بحقيقة ما يعانيه الشعب الفلسطيني". وأكدت الحركة في بيان أن "هذا التصريح الفرنسي يعكس صدق وعدالة الرواية الفلسطينية، ويعزز من مشروعية مطالبنا بإنهاء الاحتلال ومحاسبة مرتكبي الجرائم بحق المدنيين الفلسطينيين". ودعت حماس باقي دول العالم إلى "اتخاذ مواقف مماثلة وأكثر قوة تجاه الاحتلال والمستوطنين"، مشددة على ضرورة "تجاوز حدود الإدانة اللفظية نحو إجراءات عملية تضمن حماية شعبنا". وطالبت الحركة المجتمع الدولي بـ"فرض عقوبات على المستوطنين والجهات الداعمة لهم"، معتبرة أن "وقف العنف المنهجي بحق الفلسطينيين يتطلب تحركًا حقيقيًا لكبح جماح المستوطنين وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي".


الديار
منذ 29 دقائق
- الديار
"هي أعمال إرهابية"... باريس تُدين جرائم المستوطنين وتطالب بوقف الإفلات من العقاب في الضفة
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب إعتبرت وزارة الخارجية الفرنسية أن "أعمال العنف التي يرتكبها مستوطنون إسرائيليون في الضفة الغربية المحتلة هي أعمال إرهابية"، بعد عملية "قتل" ناشط مناهض للاحتلال نُسبت إلى مستوطنين، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ناطق باسم الوزارة: "تشجب فرنسا جريمة القتل هذه بأشد العبارات، فضلاً عن كل أعمال العنف المتعمدة التي يرتكبها مستوطنون متطرفون بحق الفلسطينيين والتي تكثر في أرجاء الضفة الغربية"، مضيفًا: "أعمال العنف هذه هي أعمال إرهابية". وهذا التوصيف هو الأول من نوعه لسلوك المستوطنين الإسرائيليين من قبل الدبلوماسية الفرنسية. وأوضح المتحدث: "لقد قتل المستوطنون أكثر من 30 شخصًا منذ مطلع العام 2022. يتعين على السلطات الإسرائيلية تحمل مسؤوليتها ومعاقبة مرتكبي أعمال العنف المتواصلة هذه في ظل إفلات تام من العقاب، على الفور، وحماية المدنيين الفلسطينيين". وكانت السلطة الفلسطينية قد أعلنت أنّ "ناشطًا مناهضًا للاحتلال الإسرائيلي قُتل في الضفة الغربية المحتلة برصاص مستوطنين، بينما أشارت الشرطة الإسرائيلية إلى تحقيق جارٍ من دون تأكيد وقوع جريمة قتل". وقالت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية في منشور عبر صفحتها في فيسبوك إنّها "تنعي والأسرة التربوية الشهيد المربّي عودة محمد الهذالين". وأضافت أنّ المعلّم البالغ 31 عامًا "ارتقى برصاص مستوطنين اليوم الإثنين أثناء اعتدائهم على قرية أم الخير" قرب الخليل جنوبي الضفة الغربية. ويعيش في الضفة الغربية المحتلة حوالى ثلاثة ملايين فلسطيني إلى جانب ما يقرب من نصف مليون إسرائيلي يقيمون في مستوطنات غير قانونية بموجب القانون الدولي.


الديار
منذ 29 دقائق
- الديار
حماس: سنواجه تصعيد الاحتلال بكل أشكال المقاومة المشروعة دفاعا عن أرضنا وحقوقنا الوطنية ومقدساتنا، والاحتلال يتحرك لفرض سيادته على الضفة والقطاع عبر الاستيطان والضم ضمن خطط نتنياهو الاستعمارية.
Aa اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب اشترك بنشرة الديار لتصلك الأخبار يوميا عبر بريدك الإلكتروني إشترك عاجل 24/7 19:12 رئيس الحكومة نواف سلام يعلن تأجيل جلسة مجلس الوزراء التي كانت مقررة الخميس إلى يوم الثلاثاء المقبل، بسبب الدعوة إلى جلسة تشريعية يوم الخميس، تزامنا مع الموعد الأسبوعي لجلسة مجلس الوزراء ومشاركة الحكومة فيها. 18:59 هآرتس: محكمة تفرج عن المستوطن الذي قتل الفلسطيني عودة الهذالين خلال هجوم أمس جنوب الضفة مع إقامة جبرية بمنزله. 18:58 حماس: تصريحات سموتريتش بإعادة احتلال غزة واستئناف الاستيطان تهديد بالإبادة والتهجير، ونطالب المجتمع الدولي والجنايات الدولية بمحاسبة قادة الاحتلال وعلى رأسهم سموتريتش وبن غفير. 18:58 10 قتلى بإطلاق نار "إسرائيلي" تجاه طالبي المساعدات في شمال غرب غزة. 18:57 حماس: سنواجه تصعيد الاحتلال بكل أشكال المقاومة المشروعة دفاعا عن أرضنا وحقوقنا الوطنية ومقدساتنا، والاحتلال يتحرك لفرض سيادته على الضفة والقطاع عبر الاستيطان والضم ضمن خطط نتنياهو الاستعمارية. 18:30 40 ديمقراطيا في مجلس الشيوخ بينهم يهود في رسالة إلى روبيو وويتكوف: الوضع في غزة كارثي رغم دخول بعض المساعدات، ومؤسسة غزة الإنسانية فشلت في معالجة الأزمة