logo
ماذا يعني حذف 4 أصفار من الريال الإيراني؟

ماذا يعني حذف 4 أصفار من الريال الإيراني؟

الجزيرةمنذ 7 ساعات
اعتمدت الحكومة الإيرانية مؤخرا حذف 4 أصفار من قيمة عملتها المحلية (الريال)، وذلك بعد أن أقر برلمانها قانونا بهذا الأمر. ويأتي هذا القرار وسط أزمة اقتصادية حادة تعانيها البلاد جراء العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها من قبل أميركا والاتحاد الأوروبي، بسبب البرنامج النووي الإيراني.
وقد أوردت الحكومة الإيرانية في بيانها بهذا الشأن، أنه سيكون هناك فترة انتقالية بوجود طبعتين من العملة المحلية، إحداهما الحديثة والتي ستكون قيمة الريال منها تعادل 10 آلاف ريال من العملة القديمة، في حين ستستمر العملة القديمة في التداول بالسوق لحين سحبها تدريجيا من السوق.
ومما عانت منه إيران خلال السنوات الماضية، ارتفاع التضخم بمعدلات كبيرة، ووجود سوق سوداء لسعر الصرف ، ففي ظل الأزمات، يتجه الأفراد للعمل على تقليل خسائرهم قدر المستطاع، ويهربون من انخفاض قيمة العملة الوطنية إلى الاحتفاظ بمدخراتهم بالعملات الأجنبية أو الذهب أو شراء الأصول.
بينما تتجه الحكومات، إلى محاولة إحكام قبضتها على سوق الصرف والتحكم في قيمة العملة، بل وفي حركة النقود داخليا وخارجيا، ولكن هذا الأمر عادة ما يأتي على حساب الأفراد.
ولا تعد إيران هي الدولة الأولى أو الوحيدة، التي قامت بحذف بعض الأصفار من عملتها، فقد سبقتها دول عدة، منها على سبيل المثال تركيا، التي حذفت 6 أصفار من عملتها في 2005. كما أن إيران ليست الدولة الوحيدة التي تعاني من انخفاض قيمة عملتها أمام العملات الأجنبية بشكل كبير، فالأزمة الأضخم في هذا الإطار، تخص فنزويلا، وكذلك أفغانستان.
وبعد دخول قرار الحكومة الإيرانية حيز التنفيذ مؤخرا، ما انعكاساته على الحياة الاقتصادية هناك؟ وما إيجابيات وسلبيات هذا القرار؟
لمزيد من الإيضاح حول هذه الخطوة في إيران، نطرح مجموعة من الأسئلة والإجابة عليها، لنتيح للقارئ أكبر قدر ممكن من المعرفة الخاصة بهذه المسألة.
متى تدهورت قيمة العملة الإيرانية؟
إبان قيام الثورة الإسلامية في إيران 1979، كان سعر صرف الدولار أمام العملة المحلية "الريال" 70.4 ريالا، إلا أنه في عام 1990 تحسن سعر صرف الريال ليصل إلى 65.5 ريالا للدولار الواحد، ويرجع ذلك لتخفيف حدة التوترات السياسية، بعد التوصل لوقف الحرب الإيرانية العراقية.
وأرقام قاعدة بيانات البنك الدولي ، التي تم الرجوع إليها لرصد حركة سعر صرف الريال الإيراني خلال الفترة 1979 – 2023، توضح أن سعر صرف الدولار في عام 2000 بلغ 1753 ريالا، وفي عام 2010 بلغ 10254، وفي عام 2023 بلغ 42000 ريالا.
في حين أن الأسعار في السوق السوداء كانت تحلق في آفاق أعلى بكثير عن السعر الرسمي، قدرت في عام 2024 بنحو 148 ألف ريال لكل دولار أميركي، وقد تم تجاوز هذه المستويات في ظلال الإعلان عن تداعيات تدهور العلاقات الأميركية الإيرانية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أمر مهم، وهو أنه مع زيادة حدة أزمة العقوبات الاقتصادية على إيران، تراجعت قيمة عملتها بشكل كبير، نظرا لاعتماد الاقتصاد الإيراني على الخارج في سلع إستراتيجية على رأسها المعدات والآلات ووسائل الانتقال، والتكنولوجيا.
وكان لارتفاع معدلات التضخم في إيران العامل الأكبر في انخفاض قيمة عملتها، ففي حين أعلن عن معدل تضخم بـ32.5% في عام 2024، فإنه كان في عام 2023 بحدود 43.5%، وهي أرقام حكومية، قد تكون أقل من الواقع الحقيقي لمستوى المعيشة في إيران، ويدلل على ذلك المظاهرات التي خرجت غير مرة في السنوات السابقة، منذ عام 2019 وحتى فترة قريبة، تعترض على السياسات الاقتصادية، وسوء مستوى الدخل والمعيشة.
كيف يحدد سعر الصرف في إيران؟
تحديد قيمة سعر الصرف لأي عملة، لا تحكمه آلية واحدة، فهناك دول تتبع سعر الصرف الحر، الذي تحكمه قواعد العرض والطلب، كما هو الحال في شأن العملات الدولية الرئيسة (الدولار، اليورو، الين الياباني، الجنيه الإسترليني، الدولار الكندي، الدولار الأسترالي، اليوان الصيني).
وهناك دول تتبع آلية التسعير الإداري، بأن تحدد قيمة عملتها أمام العملات الأجنبية بقرار إداري من السلطة النقدية، وفق ما تراه من سعر توازني يحقق مصالحها الاقتصادية، وهو الواقع الموجود في دول الخليج العربي، وكثير من الدول النامية.
وهناك ما يعرف بسعر الصرف المدار، بحيث تتحكم السلطة النقدية في سعر الصرف صعودا وهبوطا، كلما اقتضت الحاجة، وبما لا يحدث أزمات في توفير النقد الأجنبي، أو يحدث خللا في الأداء الاقتصادي من وجهة نظر السلطة النقدية. وعادة ما يكون هذا الأمر في الدول التي تتبع ما يعرف بحماية سعر الصرف، وإذا تم التوسع في آلية "حماية سعر الصرف" فإن الثمن، هو تراجع احتياطيات النقد الأجنبي بالبنوك المركزية.
وبالنسبة لإيران، فإنه يتم تحديد سعر الصرف، وفق قرار إداري، وبخاصة أن البلاد تعيش أزمة منذ فترة طويلة، بسبب العقوبات الاقتصادية، التي زادت في عام 2012، وتفاقمت أكثر بعد عام 2018، بعد انحساب أميركا من مفاوضات (5+1) الخاصة ببرنامج إيران النووي.
لماذا اقتصر الحذف على الأصفار الأربعة؟
كما ذكرنا أن سعر الصرف في إيران، يتم تحديده وفق قرار إداري من السلطة النقدية (البنك المركزي)، وبالتالي فهو لا يخضع لقاعدة علمية معينة، أو قواعد العرض والطلب، ليكون سعر الصرف حرا، بل يخضع لما تراه السلطة النقدية في صالح تحقيق التوازن الاقتصادي للبلاد.
والقاعدة التي يمكن القياس عليها في تحديد قيمة العملة لأي بلد، هي ما تمتلكه من ثروات، وما تحقق من أداء في الناتج المحلي ، وكذلك ما يتوفر لديها من ذهب ونقد أجنبي. ولكن الظروف التي تمر بها إيران استثنائية، لا تتناسب مع ما تملكه من مقدرات اقتصادية معتبرة، فهي تعيش تحت سقف العقوبات.
وسواء زاد عدد الأصفار المحذوفة عن أربعة، أو قل عن ذلك، فهو لا يعبر عن واقع اقتصادي ومالي حقيقي، بقدر ما يعبر عن رغبة إدارية، تحاول حل مشكلات حسابية ومحاسبية، تتعلق بمشكلات انخفاض قيمة عملتها.
ما الإيجابيات والسلبيات لقرار حذف الأصفار الأربعة؟
تدني قيمة العملة المحلية بشكل كبير، يعقد أمور النشاط الاقتصادي، في تدول العملة، وفي إجراء العمليات المحاسبية، وبخاصة في ظل مجتمع يعتمد على التداول الورقي بشكل كبير، ويؤدي تدني قيمة العملة المحلية إلى زهد الأفراد في امتلاكها، فحملها والاحتفاظ بها تكلفة وعبء، ولذلك يتجه الناس في مثل هذه الحالة، التي تشهدها إيران منذ فترة إلى العملات الأجنبية أو الذهب، أو امتلاك الأصول.
ولعل من أبرز الإيجابيات التي يمكن تحقيقها من حذف الأصفار من الريال الإيراني، وبعد الحصول على العملة الجديدة، واستبدال القديمة، هو الوقوف على حجم الثروات الحقيقية لدى الأفراد، ومعرفة أصحاب الثروات المختلفة، كما يساعد في تحسين العوائد الضريبية في ظل الكشف عن الحجم الحقيقي للثروات، سواء بالنسبة للأفراد، أو المؤسسات.
ويُعتقد أن الإيجابية الأكبر في حذف الأصفار في أي عملة محلية، لم تتحقق في الحالة الإيرانية، لأن الاقتصاد الإيراني لم يشهد أي أداء إيجابي خلال المرحلة السابقة، بل بالعكس يعاني من أزمة حادة بسبب العقوبات الاقتصادية، والتي يتوقع لها أن تزداد خلال الفترة القادمة، ما لم تصل إيران إلى تفاهمات مع أميركا والاتحاد الأوروبي بشأن برنامجها النووي.
هل الأمر انعكاس لتحسن اقتصادي بإيران؟
الاقتصاد الإيراني يصنَف على أنه، اقتصاد متنوع، يجمع بين أنشطة اقتصادية متعددة، منها الصناعي والزراعي والخدمي، فضلا عن امتلاك إيران ثروة كبيرة من النفط والغاز وتُعد صاحبة أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في منطقة الشرق الأوسط ، ولديها مقومات سياحية ضخمة.
وتعاني إيران من أداء غير طبيعي للصادرات والواردات، بسبب العقوبات، فالأرقام الخاصة بالبنك الدولي تظهر أن صادرات إيران السلعية في عام 2024 بلغت 105 مليارات دولار، بينما وارداتها السلعية بلغت 65.5 مليار دولار.
ولا يعكس هذا الفائض التجاري ميزة، بقدر ما يظهر عجزا في الأداء الاقتصادي الإيراني، فالصناعة الإيرانية تعاني من نقص في العدد والآلات، كما تعاني من التخلف التكنولوجي أما حقول النفط والغاز فتعاني من تهالك الآلات والمعدات، ونفس الشيء بالنسبة لقطاع الطيران في إيران، فهو يعجز عن تجديد طائراته، فضلا عن مشكلات كبيرة تتعلق بنقص قطع الغيار.
وبالتالي فميزان التجارة السلعية في إيران، لا يعبر عن أداء طبيعي، ولقد رأينا في مطلع عام 2017، حين أُعلن عن رفع مبدئي للعقوبات الاقتصادية عن إيران، في ظل عهد الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما، فقد سعت إيران لتوقيع اتفاقيات تفاهم مع العديد من الدول الأوربية وأميركا تصل لمئات المليارات من الدولارات، وتعلقت الآمال بانتعاش قطاع السياحة الإيرانية، ولكن حال دون ذلك قرار ترامب بالانسحاب من التفاوض مع إيران عام 2018.
كيف تحمي إيران قرار حذف الأصفار الأربعة؟
علينا أن نسلم بأن إيران تعيش أوضاعا غير طبيعية، وستظل الأمور الخاصة بالجوانب المالية والنقدية غير مستقرة، ما دامت حالة التوتر هذه مستمرة. وإذا أرادت إيران أن تحافظ على قرارها بحذف الأصفار من قيمة عملتها المحلية، وأن يكون هناك تحسن حقيقي في قيمتها فعليها أن تتبع الآتي:
إعلان
أولا، العمل على سد العجز في احتياجاتها من الخارج، لتقليص العجز المالي، وانخفاض معدلات التضخم، لتكون أقل من 10%. كما أن عليها أن تزيد من القيمة المضافة لناتجها المحلي، والتخلي عن الاقتصاد الريعي الذي يعتمد بشكل رئيس على عوائد النفط، والموارد الطبيعية من الزراعة والصناعات الاستخراجية.
والأكثر أهمية أن تخرج من تحت مظلة العقوبات الاقتصادية، التي تنهك اقتصادها منذ سنوات، وأن تعود لساحة الاقتصاد العالمي، وسط أداء طبيعي، يختبر قدرتها على الاندماج، ويضعها في مضمار التنافسية الدولية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

كوناتي مدافع ليفربول يقترب من ريال مدريد
كوناتي مدافع ليفربول يقترب من ريال مدريد

الجزيرة

timeمنذ 17 دقائق

  • الجزيرة

كوناتي مدافع ليفربول يقترب من ريال مدريد

يقترب الفرنسي إبراهيما كوناتي مدافع ليفربول الإنجليزي خطوة أخرى من الرحيل عن ناديه والانضمام إلى ريال مدريد الإسباني في سوق الانتقالات الصيفية الحالية. وذكرت صحيفة "آس" الإسبانية أن ليفربول تعاقد يوم الجمعة الماضي مع قلب الدفاع الشاب جيوفاني ليوني من بارما الإيطالي في صفقة بلغت 35 مليون يورو، وذلك في خطوة استباقية للخروج المحتمل لكوناتي. وقالت الصحيفة إن ليفربول "يحتفظ أيضا بخيار التعاقد مع مارك غيهي من كريستال بالاس، وهما لاعبان يمثلان الحاضر والمستقبل للريدز، في خطة لمرحلة ما بعد كوناتي". وينتهي عقد كوناتي مع ليفربول في يونيو/حزيران 2026، واسمه حاضر بقوة على طاولة ريال مدريد الذي ترك مكانا شاغرا لصفقة محتملة خلال "الميركاتو" الحالي، بعد قيد الأرجنتيني فرانكو ماستانتونو مع فريق الشباب "الكاستيا". وتسعى إدارة ليفربول لتجنّب سيناريو خروج ترينت ألكسندر أرنولد المجاني قبل أشهر إلى ريال مدريد، لذا لن تمانع بيع كوناتي إذا أصر على عدم التجديد. ويتقاضى كوناتي حاليا راتبا أسبوعيا يصل إلى 81 ألف يورو أسبوعيا، وقد اشترط زيادة راتبه إلى 230 ألفا أسبوعيا من أجل التجديد، وهي مطالب يرفضها ليفربول. على الجانب الآخر، لا يُستبعد أن يستغل ريال مدريد هذه الظروف ويقدّم عرضا خلال الأيام المتبقية من الانتقالات الصيفية، ويخطط لدفع 20 أو 25 مليون يورو فقط على اعتبار أن عقد كوناتي مع ليفربول ينتهي بعد عام واحد فقط. ولا يزال أمام ريال مدريد 17 يوما على إغلاق السوق، وفيه سيبقى الباب مفتوحا لإمكانية ضم كوناتي (26 عاما) في أي لحظة، في وقت يطالب فيه بطل الدوري الإنجليزي بمبلغ 46 مليون يورو (40 مليون جنيه إسترليني) من أجل التخلي عن مدافعه الفرنسي. وترى "آس" أن انطلاق منافسات الموسم الجديد والمباريات الأولى قد تكشف عن احتياجات ملحّة تدفع إلى تسريع الصفقات وحسم القرارات. يُذكر أن كوناتي شارك في مباراة ليفربول الأولى في الموسم الجديد من البريميرليغ 2025-2026 ضد بورنموث يوم الجمعة الماضي على ملعب أنفيلد، والتي انتهت بفوز حامل اللقب بنتيجة 4-2. وانضم كوناتي إلى ليفربول صيف عام 2021 قادما من لايبزيغ الألماني في صفقة بلغت 40 مليون يورو. ومنذ ذلك الوقت لعب 134 مباراة بجميع البطولات بما فيها مواجهة برونموث الأخيرة، سجل خلالها 5 أهداف وقدّم لزملائه 4 تمريرات حاسمة وفق بيانات موقع "ترانسفير ماركت" الشهير. وتوج كوناتي مع ليفربول بـ5 ألقاب هي: الدوري الإنجليزي الممتاز (1)، كأس الدرع الخيرية "السوبر الإنجليزي" (1)، كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة (2)، كأس الاتحاد الإنجليزي (1).

‫ العمل الإنساني العالمي.. مفاهيم راسخة تمثل الضمير الحي للبشرية
‫ العمل الإنساني العالمي.. مفاهيم راسخة تمثل الضمير الحي للبشرية

العرب القطرية

timeمنذ 3 ساعات

  • العرب القطرية

‫ العمل الإنساني العالمي.. مفاهيم راسخة تمثل الضمير الحي للبشرية

قنا يعد اليوم العالمي للعمل الإنساني، الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2008 ويُصادف 19 أغسطس من كل عام، مناسبة لتذكير البشرية بقيم العمل الإنساني وأهمية استحضارها دائما. ويهدف هذا اليوم إلى تقدير جهود العاملين في المجال الإنساني الذين ينقذون الأرواح في أكثر الأماكن خطورة، ورفع الوعي العالمي حول القضايا الإنسانية ومعاناة المتضررين، إلى جانب الدعوة لدعم العمل الإنساني ماليا وسياسيا في ظل التحديات المتزايدة. واختارت الأمم المتحدة شعارا لليوم العالمي للعمل الإنساني لعام 2025 بعنوان "تعزيز التضامن العالمي وتمكين المجتمعات المحلية"؛ بهدف توحيد الشركاء الإنسانيين في الدعوة إلى حماية وكرامة ورفاهية الأشخاص المتضررين من الأزمات، وضمان سلامة عمال الإغاثة. وفي السياق، وفي ظل المعاناة الإنسانية المستمرة والمتنوعة التي تعيشها البشرية جراء ويلات الحروب والصراعات والكوارث الطبيعية والفقر في عدد من مناطق العالم، يبقى العمل الإنساني شعلة الأمل التي لا تموت، تقدم العون لكل الضحايا. ويبقى عمال الإغاثة والمساعدات الإنسانية يخاطرون بحياتهم في سبيل إنقاذ المحاصرين من دوائر الخطر أو تخفيف المعاناة عن الكثير ممن يحتاجها. وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن أعداد الأشخاص الذين هم بحاجة إلى المساعدات الإنسانية حول العالم يزداد في كل عام، وتواجه العمليات الإنسانية جملة من التحديات مثل: انعدام الأمن، ونقص التمويل، والقيود السياسية والبيروقراطية، كما أنه يتم في بعض الأحيان استهداف العاملين الإنسانيين في مناطق النزاع المختلفة في ميدان العمل الإنساني حول العالم. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت منذ حلول العام الحالي نداء عاجلا لجمع ما يزيد عن 47 مليار دولار لمساعدة ما يقرب من 190 مليون شخص عبر 72 دولة حول العالم. وحسب الأمم المتحدة، فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحتاج إلى 15.9 مليار دولار؛ وذلك لتلبية الاستجابة العاجلة والزيادات الكبيرة للتمويل المطلوب في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولبنان، وهو ما يمثل 34 في المائة من الحاجة العامة للعمل الإنساني العالمي. وقد أدى تصاعد الأزمة في السودان إلى زيادة متطلبات التمويل في شرق وجنوب إفريقيا إلى 12 مليار دولار بعد وصول أعداد كبيرة من اللاجئين السودانيين إلى تشاد ودول أخرى، في حين تمثل الحاجة للتمويل في غرب ووسط إفريقيا 7.6 مليار دولار، فيما تظهر الحاجة في منطقة آسيا والمحيط الهادي في الوقت الراهن إلى 5.1 مليار دولار وبشكل خاص في ميانمار، في حين تحتاج أوروبا إلى 3.3 مليار دولار، لا سيما في أوكرانيا. وفي هذا الإطار، تحدث توم فلاتشر، وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، عن العقبات التي تعترض العمل الإنساني على مستوى العالم، قائلا إن 400 مليون طفل يعيشون في مناطق النزاعات حول العالم، وأن طفلا من بين كل خمسة أطفال يفرون من هذه المناطق طلبا للنجاة، وغالبا ما تكون الفئات الضعيفة من النساء والفتيات هن الأكثر تضررا، وسط عدم كفاية الرعاية وتفشي العنف القائم على النوع الاجتماعي. وأضاف أن العقل الإنساني لا يتصور إن تكون كل المعاناة الإنسانية التي نعايشها هي من صنع الإنسان، فالحروب في كل من غزة والسودان وأوكرانيا تتسم بضراوة القتال وشدته. وفي الاتجاه ذاته، ومع استمرار وقوع الحروب والصراعات المسلحة، يصبح الملايين في حاجة ماسة للمساعدات الغذائية والطبية، بينما يواجه عمال الإغاثة صعوبات بالغة في الوصول إلى المتضررين، مع أخطار عالية على سلامتهم. وقد انتهجت الأمم المتحدة الدبلوماسية الإنسانية كأداة رئيسية لتعزيز السلام والأمن والتنمية عبر الحوار والوساطة والتعاون الدولي، مع التركيز على حماية حقوق الإنسان وتطبيق المبادئ الإنسانية، التي تهدف إلى منع الصراعات وحل النزاعات سلميا، وتقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين، وتعزيز التنمية المستدامة. وتتجلى أهمية الدبلوماسية الإنسانية في العالم المعاصر من خلال دورها الحيوي في تعزيز العمل الإنساني، والاستجابة للاحتياجات الملحة للمجتمعات المتضررة، فهي تسهم في تيسير الوصول إلى المناطق المتأثرة، بما يفتح القنوات اللازمة لتقديم المساعدات الإنسانية، لا سيما في مناطق النزاعات والصراعات، وتعزز الاحترام للقانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين وضمان سلامة المساعدات أثناء النزاعات. كما تعمل الدبلوماسية الإنسانية على بناء الثقة مع الفاعلين المحليين والدوليين لتسهيل التنسيق والتعاون في تقديم المساعدات بكفاءة، وتوفير الحماية للعاملين في المجال الإنساني من الأخطار والاعتداءات عبر التفاوض والعمل مع الجهات المختلفة. إضافة إلى ذلك، تعزز الدبلوماسية الإنسانية الاستجابة السريعة للأزمات من خلال وضع آليات فعالة للتدخل الطارئ، وتعزيز التعاون الدولي وتبادل المعلومات، ما يسهم في تحقيق استجابة أكثر تنظيما وفاعلية للأزمات العالمية وحماية حقوق المتضررين والعاملين في مجال الإغاثة. وفي الإطار ذاته، قدمت دولة قطر جهودا متعاظمة في الدبلوماسية الإنسانية، مثل المساعدات الإنسانية الكبيرة في العديد من الأزمات حول العالم، مثل الأزمة في غزة والسودان وسوريا، وغيرها، كما لعبت قطر دورا مهما في الوساطة في العديد من النزاعات. وكانت دولة قطر، قد وقعت اتفاقية مع الأمم المتحدة لإنشاء مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في الدوحة، لتعزيز التعاون في مجال المساعدات الإنسانية. ومن أنصع جهود الدبلوماسية الإنسانية الراقية ما يقدمه منتدى الدوحة، والذي يعد منبرا عالميا رائدا في تناول القضايا الدولية المعاصرة، وواحدة من أكبر المنصات الدولية للدبلوماسية والحوار والتنوع، حيث يجمع المنتدى سنويا نخبة من رؤساء الدول والحكومات، وصناع السياسات، وقادة الرأي، إلى جانب ممثلين عن القطاع الخاص والمجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام من مختلف أنحاء العالم. ويعقد المنتدى سنويا في الدوحة، بمشاركة محلية ودولية كبيرة، وتحدد اللجنة المنظمة للمنتدى شعارا سنويا لكل دورة من دوراته تندرج تحته العديد من موائد الحوار والنقاش والجلسات التي تخدم أهدافه، والتي تتركز في إطلاق حوار حول التحديات الحرجة التي تواجه العالم، وتعزيز تبادل الأفكار وصناعة السياسات وتقديم التوصيات القابلة للتطبيق. وقد أسهمت مخرجات منتدى الدوحة بنسخه كافة، في رسم الخطوط والمؤشرات وإعداد برامج العمل للتحركات الدبلوماسية الكفيلة بمعالجة المشاكل والتحديات المعاصرة، وتمهيد الأرضية والطريق لإيجاد أفضل الحلول للقضايا والأزمات التي تؤرق العالم وتهدد حياة الملايين؛ من أجل العبور بالبشرية إلى بر الأمان انطلاقا من الإيمان بأن مستقبل الإنسانية المشترك رهين بالاستقرار والأمن وحق الجميع في الوجود. وفي الاتجاه ذاته، يبذل الهلال الأحمر القطري جهودا مكثفة في مجال الدبلوماسية الإنسانية لتعزيز التعاون والتفاهم بين الدول والمنظمات الإنسانية العالمية، حيث يعتبر الهلال الأحمر القطري عضوا ناشطا في الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر، مما يساهم في تعزيز دوره الدبلوماسي من خلال الشراكات والاتفاقيات مع المنظمات الإنسانية الأخرى؛ بهدف تحقيق السلام والاستقرار والتنمية المستدامة في المجتمعات المتضررة. وذلك من خلال جملة من الأهداف؛ أهمها بناء قدرات الهلال في مجالات المناصرة والمفاوضات والدبلوماسية الإنسانية، وزيادة فرص الوصول إلى صانعي القرارات والتأثير والتعاون معهم لما هو في مصلحة المستضعفين باحترام المبادئ الإنسانية الأساسية، وتحديد القضايا الإنسانية المهمة وترتيبها حسب الأولوية، ووضع وتنفيذ خطط الدبلوماسية الإنسانية للقضايا الإنسانية المهمة، بحيث تتضمن الأهداف، والجمهور المستهدف، والشركاء، والرسائل الرئيسية والمواد الداعمة، إلى جانب إقامة تواصل فعال مع الجهات الفاعلة والمؤثرة للمناصرة، وحشد التأييد والدعم للقضايا الإنسانية. وحسب الخبراء والمهتمين بمجالات العمل الإنساني، وفي ضوء التحديات العالمية المتزايدة، تظل الدبلوماسية الإنسانية أداة حيوية لا غنى عنها لدعم الاستقرار وتخفيف معاناة الناس، ويظهر الدور الشامل والمتعدد الأبعاد لها في تعزيز التعاون والتضامن لمواجهة الأزمات الإنسانية المتباينة، ويتطلب تحقيق هذا الهدف التزاما جماعيا من قبل الدول والمجتمعات والمنظمات الدولية والمحلية، فالتحديات الإنسانية لا تعترف بالحدود الجغرافية، ولا تعتبر ذكرى اليوم العالمي للعمل الإنساني مجرد احتفال، بل هو دعوة مفتوحة لتقدير الجهود الإنسانية حول العالم، ودعم من يهتمون ويقفون في الصفوف الأولى لمساعدة البشر في أشد لحظات ضعفهم وحاجتهم.

‫ 215 مليار ريال فائض الميزان التجاري.. 346 مليار ريال إجمالي الصادرات القطرية في 2024
‫ 215 مليار ريال فائض الميزان التجاري.. 346 مليار ريال إجمالي الصادرات القطرية في 2024

العرب القطرية

timeمنذ 3 ساعات

  • العرب القطرية

‫ 215 مليار ريال فائض الميزان التجاري.. 346 مليار ريال إجمالي الصادرات القطرية في 2024

الدوحة- قنا منطقة آسيا تتصدر قائمة الشركاء التجاريين بنحو 319,432 مليار ريال الصين في الترتيب الأول لدول المقصد للصادرات القطرية بـ 68,889 مليار ريال شهدت التجارة الخارجية لدولة قطر تطورا ملحوظا من حيث اتساع عدد الشركاء التجاريين وتنوع عمليات التصدير والاستيراد؛ إذ تشير البيانات إلى أن حجم التجارة الخارجية للدولة ارتفع 1.3 بالمئة في العام الماضي، ليصل إلى 476,281 مليار ريال، مقارنة بـ 470,224 مليار ريال في 2023. وأظهرت بيانات المجلس الوطني للتخطيط أن إجمالي قيمة الصادرات القطرية، بما في ذلك الصادرات من السلع المحلية وإعادة التصدير، بلغ 345,961 مليار ريال في عام 2024، قياسا بـ 355,815 مليار ريال في العام السابق له، فيما بلغت قيمة الواردات القطرية مستوى 130,319 مليار ريال في العام الماضي، مقارنة بـ114,409 مليار ريال في العام 2023، وبلغ فائض الميزان التجاري السلعي للدولة «الفرق بين إجمالي الصادرات والواردات» خلال العام الماضي 215,642 مليار ريال. وفيما يتعلق بالميزان التجاري السلعي حسب المناطق الاقتصادية أو الشركاء التجاريين، تصدرت منطقة آسيا قائمة الشركاء التجاريين لدولة قطر بحجم تجارة ناهز 319,432 مليار ريال في العام الماضي، بواقع صادرات بلغت 267,077 مليار ريال، أي ما يعادل 77,2 بالمئة من إجمالي صادرات الدولة، فيما سجلت الواردات مستوى 52,355 مليار ريال، أي ما يعادل 40,2 بالمئة من إجمالي واردات البلاد، وتبعا لذلك بلغ فائض الميزان التجاري مع آسيا 214,722 مليار ريال. ووفقا لبيانات المجلس الوطني للتخطيط، التي حصلت عليها وكالة الأنباء القطرية «قنا»، حلت دول الاتحاد الأوروبي في المرتبة الثانية على قائمة أبرز الشركاء التجاريين لدولة قطر؛ إذ بلغ حجم التبادل التجاري معها 60,892 مليار ريال، بواقع صادرات بلغ 27,914 مليار ريال، أي ما يعادل نسبة 8,1 بالمئة من إجمالي الصادرات، فيما سجلت واردات قطر مستوى بلغ 32,978 مليار ريال، بنسبة 25,3 في المئة من إجمالي الواردات، وبلغ عجز الميزان التجاري 5,064 مليار ريال. وجاءت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في المرتبة الثالثة من حيث قائمة المناطق الاقتصادية لدولة قطر، حيث بلغ حجم التبادل التجاري 52,080 مليار ريال، بحجم صادرات بلغ 37,183 مليار ريال، أي ما يوازي نسبة 10,7 بالمئة من إجمالي صادرات قطر، بينما بلغت الواردات مستوى 14,897 مليار ريال بنسبة 11,4 من إجمالي الواردات، في حين سجل فائض الميزان التجاري مع دول مجلس التعاون 22,287 مليار ريال. وحلت الولايات المتحدة الأمريكية في المرتبة الرابعة، إذ سجل حجم التبادل التجاري معها مستوى 22,328 مليار ريال، بواقع صادرات بلغت 5,475 مليار ريال ما يعادل 1,6 بالمئة من إجمالي صادرات قطر، وواردات بلغت 16,853 مليار ريال، ما يوازي نسبة 12,9 بالمئة من إجمالي الصادرات، فيما سجل عجز الميزان التجاري مستوى 11,377 مليار ريال. وجاءت دول أوروبية أخرى في المرتبة الخامسة بحجم تجارة بلغ 5,883 مليار ريال، ودول أمريكية أخرى في المرتبة السادسة بحجم تجارة بلغ 4,437 مليار ريال، فيما حلت الدول العربية الأخرى في المرتبة السابعة بتبادل تجاري بلغ 4,176 مليار ريال، وجاءت أوقيانوسيا في المرتبة الثامنة بحجم تجارة بلغ 3,150 مليار ريال، وأفريقيا باستثناء الدول العربية بتبادل تجاري بلغ 2,442 مليار ريال، وفي المرتبة العاشرة حلت دول أخرى غير محددة بحجم تجارة بلغ 1,460 مليار ريال. وحول بيانات دول المقصد الرئيسية للصادرات القطرية، حلت الصين في الترتيب الأول بواقع صادرات بلغت 68,889 مليار ريال، تليها كوريا الجنوبية بواقع 46,680 مليار ريال، والهند 40,593 مليار ريال، واليابان 24,459 مليار ريال، وسنغافورة 24,271 مليار ريال، ودول أخرى 141,069 مليار ريال. وفيما يتعلق بأهم دول المنشأ الرئيسية للواردات القطرية، تصدرت الصين بواقع واردات بلغت 19,668 مليار ريال، والولايات المتحدة الأمريكية بواقع 16,853 مليار ريال، وإيطاليا 7,401 مليار ريال، والهند 7,078 مليار ريال، واليابان 6,715 مليار ريال، ودول أخرى 72,605 مليار ريال. وأظهرت بيانات المجلس الوطني للتخطيط تصدر الوقود المعدني وزيوت التشحيم والمواد المشابهة قائمة الصادرات بواقع 289,776 مليار ريال في العام 2024، حسب أقسام التصنيف الدولي الموحد، تليها المواد الكيميائية ومنتجاتها بواقع 27,625 مليار ريال، والآلات ومعدات النقل بقيمة 12,535 مليار ريال. كما تصدرت الآلات ومعدات النقل قائمة واردات دولة قطر بواقع 53,155 مليار ريال في العام 2024، ارتفاعا من 45,625 مليار ريال في 2023، تلتها مصنوعات متنوعة بقيمة 19,933 مليار ريال، فيما سجلت قيمة واردات الأغذية والحيوانات الحية 13,688 مليار ريال.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store