logo
القاسم المشترك بين ترمب وخامنئي

القاسم المشترك بين ترمب وخامنئي

Independent عربيةمنذ يوم واحد
لا طرف في حرب يوقف إطلاق النار فجأة إن لم يكن ذلك في مصلحته. ولا شيء يتقدم في حسابات الأطراف على أحد أمرين، إما الحفاظ على مكاسب قد تتعرض للخسارة إذا طالت الحرب، وإما الحد من الخسائر في ظل خلل كبير في موازين القوى.
وإذا كان المحللون الاستراتيجيون في الأمور العسكرية يرون أن كل قتال بعد وصول الحرب إلى "الذروة" هو مراوحة في المكان وضياع للجهد وخسائر، فإن حرب إسرائيل وأميركا مع إيران توقفت قبل أن تصل إلى الذروة.
كان المشهد بالغ التعبير، فما إن إنتهت أميركا من قصف المنشآت النووية الإيرانية حتى عمل الرئيس دونالد ترمب على وقف النار برغبة إسرائيلية وإيرانية. لكنه أوقف النار من دون أي شيء بعده، خلافاً للمألوف. هدنة معلقة في الهواء. "سلام على حد السكين" بحسب صحيفة "اعتماد". ولا أحد يعرف متى تسقط الهدنة أو متى تتحول إلى اتفاق سياسي على صفقة نووية وسياسية واقتصادية، بالتالي جيوسياسية.
فكل طرف لجأ إلى التصعيد في المواقف. إسرائيل تهدد بـ"اليد الطويلة" في طهران، ولا تطالب بما هو أقل من إنهاء البرنامج النووي الإيراني والبرنامج الصاروخي والأذرع الإيرانية والمشروع الإقليمي وصولاً إلى نهاية النظام. وطهران ترفع سقف الموقف مع أميركا بعد الضربة العسكرية وتطالب بضمانات وتعويضات قبل معاودة المفاوضات على البرنامج النووي، وتتمسك بشعار "إزالة إسرائيل" وتتشدد في رفض التخلي عن سلاح "حزب الله" وبقية الأسلحة المرتبطة بالحرس الثوري وتستعجل إقرار قانون "الحشد الشعبي" في البرلمان العراقي واخراج القوات الأميركية من بلاد الرافدين. وأميركا تعيد التذكير بأنها لم تشأ اغتيال المرشد الأعلى علي خامنئي مع أنها قادرة، وتصر على إيران بلا تخصيب يورانيوم ولا قنبلة وتتحدث عن شرق أوسط جديد من دون النفوذ الإيراني ودور طهران "المزعزع للاستقرار".
ولعبة عض الإصبع مستمرة، فخامنئي في حاجة إلى صفقة لرفع العقوبات عن إيران واقتصادها، لكنه يوحي أنه ليس في عجلة من أمره، وترمب يريد صفقة تقوده إلى جائزة "نوبل للسلام" وتفتح إيران أمام الاستثمارات الأميركية وتريح إسرائيل، لكنه يوحي أيضاً أنه غير مستعجل، وبنيامين نتنياهو الذي يستغل فرصة مفتوحة أمام التوسع الإسرائيلي في لبنان وسوريا وغزة والضفة ويفاخر بأنه "غيّر الشرق الأوسط"، يحتاج إلى وقت لإكمال حرب بالتقسيط.
ولا ترمب ونتنياهو يشعران بالقلق حيال تخصيب اليورانيوم إلى درجة القدرة على صنع قنابل نووية، بعد الضربة الأميركية لمنشآت نطنز وفوردو وأصفهان، ولا طهران قادرة حالياً على معاودة التخصيب بعد الدمار الذي حل بالمنشآت.
ومستشار خامنئي يقول "إن اللعبة لم تنتهِ والمواد المخصبة لا تزال سليمة"، وزعيم "كتائب سيد الشهداء" أبو آلاء الولائي يتوعد بـ"حرق الشرق الأوسط وإذلال أميركا"، وترمب يصف إيران بأنها "أكبر قوة تدميرية في الشرق الأوسط وعليها وقف الحروب بالوكالة ولا مجال لامتلاك سلاح نووي". لكن اللعبة أشد تعقيداً من هذه المواقف، فما كان محل غموض وراء أقنعة بات واضحاً تماماً، الجانب العسكري من المشروع النووي حقيقي لا خيالي ولا ادعاءات أعداء، والفصائل الشيعية في لبنان والعراق واليمن المرتبطة بالحرس الثوري تقاتل من أجل مشروع ولاية الفقيه في الشرق الأوسط وأبعد منه انطلاقاً من إيران.
لكن المشهد الواسع في المنطقة تبدل بصورة كبيرة، فأميركا تندفع شبه وحيدة، بعدما كانت تعمل لتخفيف الالتزامات في الشرق الأوسط والتوجه إلى الشرق الأقصى، حيث روسيا مشغولة بحرب أوكرانيا، وطموحات الصين تحتاج إلى وقت لتسبق أميركا اقتصادياً وعسكرياً. والحقبة العربية في الصراع مع إسرائيل تراجعت بعد نصف قرن من الحروب لتحرير فلسطين وجاءت تجربة حركة "حماس" في غزة كارثية على أهلها. وحقبة الإسلام السياسي على مدى ثلث قرن اصطدمت بالوقائع القاسية، عبر الطبعة السنية من خلال تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"الإخوان المسلمين"، والطبعة الشيعية من خلال إيران وأذرعها. ومن المبكر تقدير مضاعفات السقوط المدوي لنظام الأسد في سوريا وبروز إدارة جديدة تسيطر عليها "هيئة تحرير الشام" وبقية الفصائل السلفية الجهادية، سواء على صعيد التنافس التركي- الإسرائيلي أو على صعيد الدعم الأميركي والعربي لإدارة الرئيس أحمد الشرع من دون أن يوفر الانفتاح على المجتمع السوري المتنوع، مع تحقيق أمرين، العداء لإيران والتفاوض مع إسرائيل.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
والتناقض بين أميركا وإيران كبير في كل شيء، باستثناء أمر واحد يجمع ترمب وخامنئي هو اللغة الانتصارية، فترمب تعلم من والده ومن تجاربه في المقاولة العقارية الإصرار على إنكار الخسارة والهزيمة وإعلان الربح والانتصار في كل الأحوال، وخامنئي يتغاضى عما حدث لإيران في الحرب وما انكشف خلالها من نقاط ضعف، ويقول "إن إيران أظهرت أثناء الحرب التي استمرت 12 يوماً قوتها فضلاً عن الانتصارات الكبرى". وهو يختصر موقف الغرب من إيران بالقول إنه "يعادينا بسبب العلم والدين" مع أن الغرب كان حليف إيران الشيعية أيام الشاه وهو الذي ساعدها في بدء المشروع النووي كما فتح جامعاته أمام طلابها. والواقع أن واشنطن لم تحقق كل ما تريد، وطهران خسرت أشياء وربحت شيئاً مهماً هو الوحدة الوطنية عبر وقوف المعارضين مع الوطن ضد الأعداء في الحرب إلى جانب النظام. ولكن نظام الملالي لم يوظف موقف المعارضة الوطني في الانفتاح عليها بمقدار ما شدد من القمع. ويسجل غولنار نيكبور في كتاب "السجون والحياة العامة في إيران" أن "في السجن نحو ربع مليون إيراني"، ويقول "كل السياسيين والمثقفين المعاصرين يعدون أنفسهم سجناء سياسيين" بمعنى المرور بتجربة السجن.
والمعادلة معروفة، ليس هناك انتصار إن لم تجرِ ترجمته إلى ربح سياسي عبر اتفاق، وليس هناك نصر كامل في حرب جوية. وهذا هو الوضع في وقف النار بعد حرب إسرائيل وأميركا مع إيران. وإذا كانت طهران تجنبت هزيمة كاملة، فإنها لا تستطيع تجاهل الهزيمة النسبية مهما رفعت الصوت بالانتصارات.
وقديماً قال المؤرخ الإغريقي توسيديدس إن "الأقوياء ليسوا قادرين دائماً على فعل ما يريدون، والضعفاء يجدون طرقاً للتمرد والحفاظ على حق القرار لأنفسهم".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية
طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية

سعورس

timeمنذ 7 دقائق

  • سعورس

طهران تتهم واشنطن بنسف المفاوضات النووية

وقال المساعد الأول للرئيس الإيراني محمد رضا عارف، خلال كلمته في مؤتمر الدول الحبيسة النامية المنعقد في تركمانستان: إن بلاده فقدت الثقة تمامًا في الولايات المتحدة ، مشيرًا إلى أن واشنطن لم تكتفِ بتعطيل الحوار، بل شاركت بشكل مباشر في الهجوم على منشآت نووية إيرانية سلمية، على حد وصفه. وأضاف عارف أن بعض الدول قدمت الدعم لإسرائيل خلال ضرباتها الأخيرة على إيران ، بدلًا من إدانة ما وصفه بالعدوان، معتبرًا أن هذا الموقف يزيد من تعقيد الأوضاع الإقليمية، ويقوّض فرص التهدئة. وأكد المسؤول الإيراني أن واشنطن"دمّرت طاولة المفاوضات" قبيل عقد الجولة السادسة من المحادثات النووية التي كانت مرتقبة، وهو ما أدى– بحسب تعبيره– إلى تعميق أزمة الثقة الدولية في التزامات الولايات المتحدة ، خاصة في ما يتعلق بالقضايا النووية الحساسة. تأتي تصريحات عارف في ظل تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة عقب حرب يونيو الماضي، التي استمرت 12 يومًا بين طهران وتل أبيب، والتي قالت إيران: إن الولايات المتحدة شاركت فيها عبر استهداف منشآت نووية داخل أراضيها. وكانت طهران وواشنطن قد عقدتا خمس جولات من المفاوضات غير المباشرة بوساطة سلطنة عُمان، قبل أن تُعلّق بسبب التطورات العسكرية الأخيرة. وواجهت المحادثات خلافات رئيسية؛ أبرزها إصرار الولايات المتحدة على وقف تخصيب اليورانيوم داخل إيران بشكل كامل، وهو ما ترفضه طهران بشكل قاطع. وفي وقت سابق، أشار سعيد خطيب زاده، مساعد وزير الخارجية الإيراني ، إلى أن إيران"لا تستعجل الدخول في أي نوع من التفاعل أو التفاوض مع واشنطن"، في إشارة إلى غياب الثقة بجدية الولايات المتحدة في إنجاح أي اتفاق مستقبلي. ومع تزايد التصريحات المتبادلة وغياب أفق واضح لاستئناف الحوار، يرى مراقبون أن فرص العودة إلى طاولة المفاوضات باتت أكثر تعقيدًا، خاصة في ظل استمرار التوترات الميدانية والانقسام الإقليمي بشأن الملف الإيراني.

وزير الخارجية الأمريكي: سنقرر بشأن العقوبات على روسيا قريباً
وزير الخارجية الأمريكي: سنقرر بشأن العقوبات على روسيا قريباً

عكاظ

timeمنذ 4 ساعات

  • عكاظ

وزير الخارجية الأمريكي: سنقرر بشأن العقوبات على روسيا قريباً

أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، اليوم (الأربعاء)، أن أمريكا ستقرر بشأن العقوبات على روسيا قريباً، موضحاً أنه أنهى اتصالاً بالمبعوث الأمريكي إلى روسيا ستيف ويتكوف المتواجد في موسكو وسيجري المزيد من النقاشات اليوم. وقال روبيو: «نأمل أن تكون هناك بعض الإعلانات قريباً، ربما تكون إيجابية، وربما لا»، وعند سؤاله عما إذا كانت العقوبات ضد روسيا ستدخل حيز التنفيذ هذا الأسبوع، قال وزير الخارجية الأمريكي، إنه سيدلي بمزيد من التصريحات في وقت لاحق اليوم. وتأتي تصريحات ربيو قبل أقل من 48 ساعة من انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لروسيا بالـ8 من أغسطس الجاري للوصول إلى اتفاق بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا. ونقل موقع «أكسيوس»، عن مصدر مطلع قوله: ترمب يتحدث حالياً عبر الهاتف مع نظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، وهي ثاني مكالمة بين الطرفين هذا الأسبوع. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد استقبل في وقت سابق اليوم المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف في الكرملين، بعد أن اعتبرت موسكو أن تحسين العلاقات بين موسكو وواشنطن «سيستغرق وقتاً». ووصف الكرملين اجتماع بوتين ويتكوف بأنه «مفيد وبنّاء»، وبحسب مساعد الرئيس الروسي لشؤون السياسة الخارجية يوري أوشاكوف فإن الجانبين ناقشا الحرب في أوكرانيا، وإمكانية تحسين العلاقات الأمريكية-الروسية، موضحاً أن موسكو تلقت «إشارات» محددة من ترمب وبعثت برسائل في المقابل. وفي سياق متصل، وقع الرئيس الأمريكي، في وقت سابق اليوم، أمراً تنفيذياً بمضاعفة الرسوم الجمركية على الواردات من الهند إلى 50%، وذلك بسبب مواصلة نيودلهي شراء النفط الروسي، في خطوة تمهد لاتخاذ إجراءات مماثلة ضد دول أخرى. من جهتها، أكدت نيودلهي، أنها لن توقف وارداتها من النفط الروسي، واتهمت الدول الغربية بـ«النفاق» بسبب علاقاتها الاقتصادية مع موسكو. أخبار ذات صلة

الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تشكك في نوايا طهران «النووية»
الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تشكك في نوايا طهران «النووية»

الشرق الأوسط

timeمنذ 4 ساعات

  • الشرق الأوسط

الناشطة الإيرانية نرجس محمدي تشكك في نوايا طهران «النووية»

أبدت الحاصلة على جائزة «نوبل» للسلام الإيرانية نرجس محمدي، الأربعاء، شكوكاً جدية في نوايا طهران النووية، وحذرت في الوقت نفسه من أن «الإغراء» الذي تتعرض له الدول لامتلاك أسلحة نووية يتزايد، بعد 80 عاماً من إلقاء القنبلة الذرية على هيروشيما. وقالت الناشطة في مجال حقوق المرأة التي تحدثت عبر الفيديو من إيران في مؤتمر نظمته لجنة «نوبل» في أوسلو بالنرويج: «ادعاءات السلمية» في السياسية النووية الإيرانية «ليست سوى خطاب سياسي». كما أعربت عن أسفها لأن البرنامج النووي لم يحسن الظروف المعيشية للإيرانيين، قائلة: «نواجه نقصاً واسع النطاق في الكهرباء والمياه في جميع أنحاء البلاد. مناطق بأكملها لا تزال تعاني الشلل لساعات، بل لأيام، دون كهرباء أو ماء»، مضيفة: «في الوقت نفسه، يمتلك النظام 400 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المائة، وهو الآن مضطر لإخفائها». وأشارت نرجس محمدي إلى أن «البعض يعتقد أن مستوى النزاع والتوتر ارتفع إلى حد كبير لدرجة أنه ربما فات الأوان (...) لمنع سباق التسلح النووي في الشرق الأوسط». وتداركت: «لكن لحل هذه الأزمة بشكل حقيقي، نحتاج إلى إجماع عالمي وإرادة جماعية لمعالجة جذور هذه التوترات، والعمل على الحد منها». نرجس محمدي (رويترز) وقالت إنه «في عالم تسعى فيه حكومات تسلطيّة إلى امتلاك الأسلحة النووية لضمان بقائها، وحيث أصبح غزو دولة لدولة أخرى شائعاً، وحيث تفقد المؤسسات الدولية مثل الأمم المتحدة تأثيرها تدريجاً، أصبح ميل الدول للحصول على الأسلحة النووية قوياً بشكل متزايد». وقالت اللجنة إن محمدي أفرج عنها موقتاً منذ ديسمبر (كانون الأول) لأسباب طبية، وتعرضت مذاك لتهديدات تهدف إلى إسكاتها، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية». وجاء الخطاب فيما اجتمعت نحو 100 دولة في هيروشيما باليابان، ملتزمة دقيقة صمت في الوقت نفسه الذي ألقيت فيه القنبلة الذرية على المدينة قبل 80 عاماً، ما أسفر عن مقتل 140 ألف شخص. وقد حوكمت محمدي مراراً بسبب حملاتها ضد الاستخدام الواسع لعقوبة الإعدام في إيران، وضد قانون الحجاب الإلزامي للنساء. وفازت بجائزة «نوبل» أساساً لنضالها ضد اضطهاد النساء في إيران، حيث تسلم الجائزة نيابة عنها أبناؤها في أثناء وجودها في السجن. تم تكريم محمدي عام 2023 «لنضالها ضد قمع المرأة في إيران وتعزيز حقوق الإنسان والحرية للجميع». ودينت نرجس محمدي وتعرضت للسجن على مدى 25 عاماً بسبب نشاطها ضد الحجاب الإلزامي وعقوبة الإعدام، وأمضت جزءاً كبيراً من العقد الماضي في سجن إوين بطهران.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store