الإمارات تتصدى للإجهاد المائي بالابتكار والشراكات المستدامة
من المتوقع أن تواجه الإمارات العربية المتحدة أعلى مستويات الإجهاد المائي عالميًا بحلول عام 2040، وفقًا لمعهد الموارد العالمية. ما الذي يعنيه ذلك لمستقبل البلاد، وما مدى ضرورة الحاجة إلى التدخل اليوم؟
يُلقي هذا التصنيف الضوء على تحدٍ طويل الأمد لطالما واجهته دولة الإمارات العربية المتحدة بجدية منذ سنوات. يشير مستوى الإجهاد المائي المرتفع إلى أن الطلب على المياه سيتجاوز بكثير حجم الموارد المتجددة المتاحة. ونظرًا لاعتماد الدولة الكبير على تحلية المياه، إلى جانب محدودية احتياطاتها من المياه الجوفية، تصبح أكثر عرضة لتداعيات تغيّر المناخ وتسارع النمو السكاني.
ومع ذلك، أظهرت الإمارات رؤية استباقية من خلال مبادرات مثل استراتيجية الأمن المائي 2036 ، التي تهدف إلى تعزيز الاستدامة، وتنويع مصادر المياه، ورفع جاهزية الاستجابة في مواجهة حالات الطوارئ. تكمن الأولوية اليوم في تسريع وتيرة التنفيذ ، لا سيما في مجالات تطوير البنية التحتية، وإعادة استخدام المياه، وتحسين كفاءة الاستهلاك عبر جميع القطاعات.
كيف يؤثر تغير المناخ على منظومة المياه في الإمارات ، من استنزاف المياه الجوفية إلى ارتفاع الطلب على التبريد؟ وما هي المخاطر المستقبلية التي يجب الاستعداد لها؟
تواجه دولة الإمارات تحديات متعددة على منظومة المياه لديها ناتجة عن تغيّر المناخ، أبرزها استنزاف المياه الجوفية ، حيث تتجاوز معدلات الاستخراج مستويات التغذية الطبيعية بفارق كبير، مما يُنذر بندرة مائية حادة في المناطق الزراعية والريفية.
في الوقت نفسه، يشهد الطلب على التبريد الحضري ارتفاعاً متسارعاً ، خصوصًا خلال أشهر الصيف. تُعد أنظمة التبريد من أكبر مستهلكي المياه في المباني التجارية والصناعية، ومن المتوقع أن تتفاقم هذه الظاهرة مع ارتفاع درجات الحرارة وطول مدة فصول الصيف في المستقبل.
ومن أبرز المخاطر المستقبلية الترابط المتزايد بين المياه والطاقة ؛ فكلما زاد الاعتماد على التبريد وتحلية المياه، ارتفع الطلب على الطاقة، ما يستدعي الحاجة إلى أنظمة فائقة الكفاءة. وهنا يكمن دور Grundfos في مواجهة هذا التحدي من خلال إيجاد حلول ذكية لأنظمة ضخ المياه المبردة، قادرة على تقليل استهلاك الطاقة بنسبة تصل إلى 40%، بفضل أنظمة تحكم تتكيف مع أنماط الاستخدام في الوقت الفعلي.
ما الدور الذي يمكن أن تلعبه التقنيات المتقدمة مثل المراقبة الآنية، والتحليلات التنبؤية، وأنظمة المضخات الذكية في دعم الإمارات العربية المتحدة على إدارة مواردها المائية بشكل أكثر استدامة؟ وهل يمكنكم مشاركة بعض الأمثلة من مشاريع محلية؟
تلعب التكنولوجيا دوراً محورياً في تعزيز استدامة الموارد المائية على نطاق واسع. وقد استثمرت شركة Grundfos بشكل كبير في تطوير مضخات ذكية، وتقنيات التشخيص عن بُعد، ومنصات الصيانة التنبؤية ، التي تهدف جميعها إلى خفض الهدر، وتفادي الأعطال، وتحسين الكفاءة التشغيلية.
لقد تمكّنا من تحقيق إنجازات بارزة في الإمارات من خلال تعاوننا مع إحدى المنشآت الحكومية الكبرى ، حيث قمنا بتركيب نظام مراقبة عن بُعد للمضخات، إلى جانب محركات ذات سرعة متغيرة. وكانت النتيجة: خفض استهلاك الطاقة بنسبة 35%، وتوفير ملحوظ في استهلاك المياه. كما ساعد هذا المشروع على التحول من الصيانة عند حدوث عطل إلى الصيانة الاستباقية، وهو ما انعكس إيجاباً على الكفاءة التشغيلية وتقليل التكاليف.
كما تعاونّا مع مشغلي أنظمة التبريد المركزي في تنفيذ حلول ضخ عالية الكفاءة تتكيف تلقائياً مع المتطلبات، ما أدى إلى تحسين الأداء وتقليل الهدر التشغيلي.
ومع توسّع الإمارات في مشاريع المدن الذكية وسعيها الحثيث نحو تحقيق أهداف الحياد المناخي، تُعد هذه التقنيات ركيزة أساسية لبناء منظومات مائية مستدامة، مترابطة، وقائمة على البيانات.
من وجهة نظركم، ما هي أهم التحسينات التي يجب أن تعتمدها دولة الإمارات خلال السنوات الخمس إلى العشر القادمة في البنية التحتية والسياسات لتعزيز مرونتها المائية؟
الأساس موجود بالفعل، وما هو مطلوب الآن هو تسريع التنفيذ وتحقيق التكامل. في هذا السياق، تبرز ثلاث أولويات رئيسية:
تحديث البنية التحتية المائية باستخدام أنظمة ذكية ومتصلة تتيح مشاركة البيانات في الوقت الفعلي بين المرافق والبلديات والجهات التنظيمية.
توسيع نطاق إعادة استخدام المياه الرمادية والمعالجة اللامركزية ، خاصة في القطاعين التجاري والصناعي، لتخفيف الضغط على إمدادات المياه العذبة.
تحفيز تحسين كفاءة الاستهلاك في المباني القائمة ، من خلال اللوائح التنظيمية أو برامج الشهادات الخضراء، ما يسهم بسرعة في تحقيق وفورات كبيرة.
أما على صعيد السياسات، فإن قيادة دولة الإمارات أرست إطارًا قويًا من خلال استراتيجية الحياد المناخي 2050، واستراتيجية الأمن المائي، والبرنامج الوطني لإدارة الطلب. وما نلاحظه عالميًا، ونشجع عليه محليًا، هو التحول من استراتيجيات الإمداد بالمياه إلى إدارة الطلب على المياه. وشركة Grundfos مستعدة لدعم هذا التحول من خلال البنى التحتية الذكية، والشراكات التعاونية التي تواكب رؤية الإمارات نحو الاستدامة.
مع بقاء معدلات استهلاك المياه للفرد من بين الأعلى عالمياً، كيف يمكن أن يسهم التعاون بين القطاعين العام والخاص في تعزيز سلوكيات مائية أكثر استدامة وتشجيع الابتكار في دولة الإمارات؟
التعاون بين القطاعين العام والخاص ليس مجرد ميزة فحسب، بل هو ضرورة حتمية. فبينما تضع الحكومة الرؤية والسياسات، يوفّر القطاع الخاص المرونة، والابتكار، والقدرة على التنفيذ.
في هذا الإطار، تُعد حملات التوعية بداية مهمة، لكن التأثير الحقيقي يأتي عندما تتكامل السياسات والتكنولوجيا والسلوكيات. فعلى سبيل المثال، تعاونت شركة Grundfos مع البلديات والمطورين العقاريين لدمج أنظمة مضخات موفرة للمياه في المباني السكنية والتجارية، مما أسهم في تقليل فواتير المياه والبصمة البيئية على حد سواء، وهو ما يُحقق قيمة مشتركة للجميع.
كما نعمل مع الجامعات والمؤسسات المهنية لبناء الجيل القادم من مهندسي المياه وخبراء الاستدامة، لأن التغيير طويل الأمد يعتمد على المهارات والتعليم بقدر ما يعتمد على البنية التحتية.
ختاماً، يمكننا القول إنه عندما تتضافر جهود القطاع الخاص والحكومة والمجتمع، يمكننا تحويل الإجهاد المائي إلى مرونة مائية وترسيخ مكانة الإمارات كدولة رائدة عالميًا في إدارة المياه المستدامة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 4 ساعات
- الإمارات اليوم
مرصد إماراتي يصور مذنبا قادما من فضاء ما بين النجوم
اكتشفت وكالة الفضاء الأميركية "ناسا" يوم 01 يوليو 2025 جرما فريدا، تبين سريعا أنه مذنب قادم من مجموعة شمسية أخرى. وقد بقي مليارات السنين سابحا في الفضاء إلى أن دخل مجموعتنا الشمسية واكتشف قبل عدة أيام. وقال المهندس محمد شوكت عودة مدير مركز الفلك الدولي إن مرصد الختم الفلكي الواقع في صحراء أبو أظبي تمكن من تصوير هذا المذنب مساء الخميس 03 يوليو، وقد كان رصد هذا الجرم صعبا نظرا لخفوت لمعانه، فهو يلمع الآن من القدر 17.5، أي أنه لا يرى إلا بالتلسكوبات الكبيرة. وقد استمرت عملية الرصد 45 دقيقة، التقط خلالها 45 صورة للمذنب، وهو يظهر داخل المربع الأصفر في الصورة المرفقة، ويبين مقطع الفيديو المرفق تحرك المذنب ما بين النجوم أثناء عملية رصده من مرصد الختم، حيث يظهر على هيئة نقطة تتحرك ما بين النجوم التي تبدو على هيئة خطوط، ونظرا لأهمية هذا الرصد، فقد أرسل مرصد الختم نتائج أرصاده إلى مركز الكواكب الصغيرة (MPC) التابع للاتحاد الفلكي الدولي (IAU)، ليكون بذلك أول مرصد عربي يجرى أرصادا علمية لهذا المذنب. وقد تم اكتشاف المذنب من قبل منظومة الرصد "أطلس" من خلال أحد التلسكوبات الواقعة في تشيلي، وأطلق عليه ابتداء الرمز "A11pl3Z" ثم الاسم "C/2025 N1 (ATLAS)"، إلى أن أطلق عليه أخيرا الاسم "3I/ATLAS" والرمز (3I) في بداية اسمه يعني أنه ثالث جرم من خارج المجموعة الشمسية (Interstellar) يتم اكتشافه، حيث اكتشف الجرم الكويكب الأول (Oumuamua) عام 2017، واكتشف المذنب الثاني (2I/Borisov) عام 2019م. وهو يقع الآن على مسافة 670 مليون كيلومتر من الشمس، ويسير بسرعة هائلة تبلغ 221 ألف كيلومتر في الساعة، ولا يشكل هذا المذنب خطرا على الأرض، إذ ستبلغ أقرب مسافة بينه وبين الأرض 240 مليون كيلومتر، في حين أنه سيصل إلى أقرب مسافة من الشمس يوم 30 أكتوبر 2025 وسيكون حينها على مسافة 210 مليون كيلومتر منها، وبلمعان يقدر أنه من القدر 11. وعند اكتشافه بدا قادما من جهة مجموعة القوس (الرامي)، وهذه الجهة التي يقع فيها قلب مجرتنا، درب التبانة. وقد تمكن الخبراء معرفة أنه قادم من خارج المجموعة الشمسية من خلال سرعته الهائلة التي لا تتناسب مع كونه مرتبط جاذبيا مع الشمس ومن خلال شكل مداره المفتوح، إذ أن مدار هذا المذنب لا يدور حول الشمس


الإمارات اليوم
منذ 5 ساعات
- الإمارات اليوم
"التربية" تستعين بأراء طلبة الحلقة الأولى في تطوير المناهج
استعانت وزارة التربية والتعليم بآراء طلبة الحلقة الأولى في تطوير المناهج و إخراج الكتب الدراسية ومحتواها العلمي واللغوي، تمهيداً لإدخال تحسينات جوهرية على الطبعات المقبلة للمنهج الوطني. وتفصيلا، أطلقت الوزارة ، استبياناً إلكترونياً موسَّعاً بعنوان «نقد المنهاج التعليمي»، يستهدف طلاب الصفوف الأول والثاني والثالث حيث جاء الاستبيان الذي يُدار عبر منصة «غوغل فورمز» واطلعت عليه "الإمارات اليوم"، مقسَّماً إلى محورين رئيسين؛ الأول يُعنى بشكل الكتاب وتصميمه، فيما يتناول الثاني جودة المحتوى والأهداف التعليمية. خطوط تحت المجهر يتضمّن القسم الأول سبعة أسئلة تبدأ بتقييم نوع الورق المستخدم وحجمه ووزنه، مروراً بجاذبية الغلاف ووضوح الخطوط داخل الصفحات، وانتهاءً برأي الطالب في تفضيل الكتاب الورقي أو النسخة الإلكترونية أو الجمع بينهما. مساحة مفتوحة كما يترك الاستبيان مساحة مفتوحة أمام الطالب لتقديم مقترحات إبداعية لتحسين شكل الكتاب أو نوعية طباعته. اللغة والأهداف أما القسم الثاني فيركز على ثلاث مستويات: اللغة، نواتج التعلّم، والتغذية الراجعة. ويقيّم الطلاب بساطة المفردات وملاءمة المصطلحات، إضافة إلى مدى توظيف الأمثلة والتوضيحات. كذلك يتقصّى الاستبيان ما إذا كان تسلسل الموضوعات متدرجاً ومنطقياً، ومدى تطابق الأسئلة مع الأهداف التعليمية المعلنة. وتختتم الفقرات بسؤال يُمكّن الطالب من اقتراح تحسينات تخص اللغة أو الأهداف أو الأنشطة الصفية. أهداف تربوية يأتي الاستبيان في إطار سياسة التحسين المستمر التي تتبناها الوزارة لتطوير المواد التعليمية وفق معايير الجودة العالمية، وتتعامل الوزارة مع جميع الردود بسرية تامة، وسيُستند إليها في صياغة خطط تطويرية قصيرة وطويلة الأجل. وتركز الوزارة على مشاركة الطلبة كونهم شركاء حقيقيين في بناء محتوى يتناسب مع احتياجاتهم ويحفّز فضولهم العلمي والإبداعي. فرز البيانات من المقرر أن تُفرَز البيانات آلياً وتُرفع إلى لجنة علمية مختصّة لإعداد تقرير تفصيلي يتضمّن توصيات قابلة للتنفيذ، وستعلن نتائج التقرير بكل شفافية ويُنشر ، مع إبراز اهم التعديلات العاجلة التي يمكن تطبيقها قبل طباعة الطبعة الجديدة للكتب. دعوة مفتوحة وحثّت الوزارة الطلاب على تعبئة الاستبيان «بعناية وصدق»، مؤكدةً أنّ كل إجابة «تمثّل لبنة أساسية في رفع جودة العملية التعليمية وتحسين تجربة التعلّم داخل الصف وخارجه». كما دعت أولياء الأمور إلى دعم أبنائهم أثناء تعبئة النموذج، لضمان دقة الملاحظات المقدَّمة. صوت الطالب بتدشين هذا الاستبيان، تُجدّد وزارة التربية والتعليم التزامها بالاستماع إلى صوت الطالب، وإشراكه في صياغة محتوى تعليمي مكتمل الأركان، يجمع بين جودة الإخراج ورصانة المحتوى، بما يخلق بيئة تعليمية محفّزة تُراعي احتياجات الأجيال الصاعدة وتطلّعات الدولة نحو اقتصاد معرفة مستدام.


البيان
منذ 7 ساعات
- البيان
مرصد إماراتي يصور مذنبا قادما من فضاء ما بين النجوم
تمكن مرصد الختم الفلكي الواقع في صحراء أبوظبي، ساء يوم أمس الخميس، من تصوير مذنب قادم من مجموعة شمسية أخرى، برغم خفوت لمعانه البالغ 17.5، ما يجعل رؤيته صعبة إلا من خلال التلسكوبات الكبيرة. واستمرت عملية رصد المذنب 45 دقيقة، التقط المرصد خلالها 45 صورة له. وأرسل مرصد الختم نتائج العملية إلى مركز الكواكب الصغيرة (MPC) التابع للاتحاد الفلكي الدولي (IAU)، ليكون بذلك أول مرصد عربي يرصد علميا هذا المذنب. وكانت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، قد اكتشفت يوم 01 يوليو 2025، هذا الجرم الذي بقي مليارات السنين سابحا في الفضاء إلى أن دخل المجموعة الشمسية، من خلال منظومة الرصد "أطلس" باستخدام أحد التلسكوبات الواقعة في تشيلي، وأطلقت عليه ابتداء الرمز "A11pl3Z" ثم الاسم "C/2025 N1 (ATLAS)"، إلى أن أطلق عليه أخيرا الاسم "3I/ATLAS"؛ حيث يعني الرمز (3I) في بداية اسمه، أنه ثالث جرم من خارج المجموعة الشمسية (Interstellar) يتم اكتشافه، يعد الجرم الكويكب الأول (Oumuamua) عام 2017، والمذنب الثاني (2I/Borisov) عام 2019م. ويقع المذنب حاليا على مسافة 670 مليون كيلومتر من الشمس، ويسير بسرعة هائلة تبلغ 221 ألف كيلومتر في الساعة، ولا يشكل خطرا على الأرض، إذ ستبلغ أقرب مسافة بينه وبينها 240 مليون كيلومتر، في حين أنه سيصل إلى أقرب مسافة من الشمس يوم 30 أكتوبر 2025 وسيكون حينها على مسافة 210 مليون كيلومتر منها.