logo
خاص صراع المحيطات.. الصين تهيمن والغرب يبحث عن توازن استراتيجي

خاص صراع المحيطات.. الصين تهيمن والغرب يبحث عن توازن استراتيجي

ويعكس هذا الصراع تحولا في موازين القوى العالمية، ويعبّر عن رغبة كل طرف في تأمين نفوذه الاقتصادي والجيوسياسي عبر البحار.
وفي هذا السياق، تأتي تصريحات ناصر زهير، رئيس قسم الشؤون الاقتصادية والدبلوماسية في المنظمة الأوروبية للسياسات، خلال مقابلته في برنامج "على الخريطة" على قناة " سكاي نيوز عربية"، لتكشف أبعادا جديدة وتفسيرات معمقة لهذه المنافسة.
ويقدم زهير رؤية تحليلية توضح كيف نجحت الصين في استغلال ظروف وتحديات الاقتصاد العالمي لتعزيز مكانتها البحرية والاقتصادية، بينما يبحث الغرب عن استراتيجيات لمواجهة هذا التوسع المتسارع.
القوة الصينية في بناء السفن: صناعة عملاقة تهيمن على الأسواق العالمية
يبدأ الصراع البحري من نقطة القوة الصناعية، حيث كشفت البيانات أن الصين بنت أكثر من 250 سفينة بإجمالي 14 مليون طن في 2024، متفوقة بشكل كبير على الولايات المتحدة التي بنت 5 سفن فقط بوزن 76 ألف طن خلال نفس الفترة.
ويمتلك قطاع بناء السفن الصيني أكثر من 300 حوض بناء تحت إشراف الدولة، مقابل 4 أحواض نشطة فقط في أميركا.
ويتضح هنا أن الصين لا تركز فقط على بناء سفن تجارية ضخمة، بل أسست قاعدة صناعية ضخمة تشمل تصنيع 96 في المئة من حاويات الشحن الجافة عالميا و70 في المئة من رافعات البضائع، ما يوسع من نفوذها البحري التجاري ويعزز قدرتها على دعم أساطيلها العسكرية.
ويؤكد زهير أن هذا التفوق الصيني في الصناعة البحرية يعكس سياسة طويلة الأمد تقوم على الاستثمار المكثف والتخطيط الاستراتيجي، وهو ما يجعل الصين قادرة على استغلال الأزمات العالمية، كما حدث أثناء جائحة كورونا، لتوسيع سيطرتها على سلاسل التوريد البحرية.
لا يقتصر النفوذ الصيني على بناء السفن فقط، بل يمتد إلى السيطرة على الموانئ الاستراتيجية، حيث تمتلك الصين أو تدير استثمارات في 95 ميناءً حول العالم، من بينها موانئ رئيسية في ماليزيا (كوانتن)، سريلانكا (هامبانتوتا)، إسرائيل (حيفا)، ومصر (العين السخنة).
ويوضح زهير أن هذه الموانئ ليست فقط نقاطا لرسو السفن التجارية، بل تشكل شبكة متكاملة تتيح للصين مراقبة تدفقات التجارة العالمية، وتأمين خطوط إمدادها الاستراتيجية.
ويعد مضيق ملقا، الذي يمر عبره 70 في المئة من نفط الشرق الأوسط المتجه إلى آسيا، أحد أهم هذه الممرات التي تسعى بكين إلى تأمينها عبر استثماراتها المتزايدة.
ويضيف زهير أن هذه السيطرة على الموانئ تضع الصين في موقع مهيمن ليس فقط على الناحية الاقتصادية، بل تمنحها أيضا أداة ضغط جيوسياسي مؤثرة، إذ يمكن لهذه الشبكة أن تؤثر على حركة التجارة العالمية في أوقات التوتر.
البحرية الأميركية: تفوق تقني في مواجهة التفوق العددي
وبينما تهيمن الصين على الجانب العددي والأساسي لصناعة السفن والموانئ، تحافظ البحرية الأميركية على تفوق نوعي وتكنولوجي، حيث تمتلك 299 سفينة حربية تشمل حاملات طائرات نووية، غواصات متطورة، وأنظمة صاروخية متقدمة.
لكن زهير يشير إلى أن التحديات التي تواجهها صناعة بناء السفن الأميركية، مثل ارتفاع التكاليف ونقص العمالة الماهرة، تؤخر تحديث وتوسيع الأسطول، مما يضعف القدرة على المنافسة على المدى الطويل.
ويذكر زهير أن تحركات الإدارة الأميركية، خصوصا في عهد ترامب ، ركزت على دعم الصناعة المحلية وتقليل الاعتماد على الصين، لكنها لا تزال تواجه صعوبات كبيرة في تحقيق هذا الهدف بسبب الفوارق الصناعية والتقنية.
التعدين في أعماق البحار: ساحة جديدة للتنافس الاستراتيجي
مع تزايد أهمية المعادن النادرة المستخدمة في التكنولوجيا المتقدمة والطاقة النظيفة، يشكل التعدين البحري مستقبلا جديدا للصراع بين الصين والغرب.
وبحسب تصريحات زهير، تمتلك الصين أكبر عدد من تراخيص التنقيب في قاع البحار الدولية، حيث حصلت على 5 تراخيص تشمل مساحة تزيد عن 92 ألف ميل مربع، مما يمنحها تفوقا في الحصول على الموارد المعدنية الحيوية.
هذا التفوق يسمح للصين بالهيمنة على سوق المعادن الأرضية النادرة، والتي تمثل 95 في المئة من العرض العالمي، إضافة إلى السيطرة على 75 في المئة من إنتاج بطاريات الليثيوم.
ويرى زهير أن هذه الاستراتيجية الصينية ليست مجرد استثمار اقتصادي، بل هي تحضير لهيمنة طويلة الأمد على الصناعات المستقبلية، خاصة في ظل تصاعد المنافسة على الطاقة النظيفة والتكنولوجيا الحديثة.
وناقش زهير دور أوروبا في مواجهة التوسع الصيني، مشيرا إلى أن الاتحاد الأوروبي يشكل أحد القوى الاقتصادية الكبرى لكنه يعاني من ضعف في الاستثمار الصناعي وعدم القدرة على منافسة الصين في قطاع بناء السفن والموانئ.
وبيّن زهير أن أوروبا بدأت تلجأ إلى الأدوات التشريعية والسياسية، مثل فرض قيود على الاستثمارات الصينية وحماية صناعاتها المحلية، لكنها تواجه صعوبة في بناء بدائل فعالة لسلاسل التوريد التي تهيمن عليها الصين.
ويتابع زهير قائلا إن جائحة كورونا كانت بمثابة جرس إنذار أظهر هشاشة الاعتماد الأوروبي على الصين، مما دفع إلى خطوات إعادة تقييم السياسات الاقتصادية وتقليل الاعتماد على الصين تدريجيا، لكن التحول يستغرق وقتا وجهدا كبيرين.
التحالفات الدولية: المفتاح لمواجهة التنين الصيني
ولن تكون المواجهة مع النفوذ الصيني، وفق زهير، ممكنة دون بناء تحالفات دولية واسعة تجمع الولايات المتحدة وأوروبا والهند والدول الخليجية.
ويشدد على أن هذه التحالفات يجب أن تتخطى الأبعاد العسكرية لتشمل التعاون الاقتصادي والتكنولوجي، بهدف إعادة توجيه سلاسل التوريد وبناء قدرات صناعية مشتركة.
كما يشير إلى أن الدول النامية تلعب دورا محوريا في هذا الصراع، حيث تستخدم الصين استثماراتها الاقتصادية لتعزيز نفوذها، وهو ما يتطلب من الغرب تقديم بدائل اقتصادية جذابة لتلك الدول.
صراع المحيطات بين الصناعة والتكنولوجيا والتحالفات
يبرز من تحليل تصريحات زهير أن المعركة البحرية بين الصين والولايات المتحدة ليست مجرد تنافس على الأساطيل الحربية، بل هي صراع متعدد الأبعاد يشمل الصناعة، الاقتصاد ، التكنولوجيا، والتحالفات الدولية.
الصين بنت لنفسها قاعدة صناعية ولوجستية ضخمة تمكّنها من السيطرة على أجزاء كبيرة من التجارة البحرية والموارد الطبيعية، بينما تحافظ الولايات المتحدة على تفوقها التقني والعسكري.
في هذا السياق، يظل بناء التحالفات الدولية وتحديث الصناعات الغربية شرطا أساسيا للحفاظ على توازن القوى، خاصة في مواجهة توسع الصين المستمر.
المحيطات، التي كانت سابقا مجرد مساحات مائية، تحولت اليوم إلى مسرح حاسم للصراع الاستراتيجي في القرن الواحد والعشرين، حيث تلعب الصناعة، التقنية، والتحالفات السياسية دورا محوريا في رسم ملامح النظام الدولي القادم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

نزاع قضائي بين أم وابنتها بعد اتفاق رعاية بقيمة 680 ألف دولار
نزاع قضائي بين أم وابنتها بعد اتفاق رعاية بقيمة 680 ألف دولار

صحيفة الخليج

timeمنذ 8 دقائق

  • صحيفة الخليج

نزاع قضائي بين أم وابنتها بعد اتفاق رعاية بقيمة 680 ألف دولار

إعداد: مصطفى الزعبي أثارت قضية عائلية في الصين جدلاً واسعاً على وسائل التواصل بعد أن أمرت محكمة في بكين امرأة تُدعى 'لو' بإعادة 4.8 مليون يوان (نحو 680 ألف دولار) لوالدتها، عقب نزاع حول الالتزامات المتفق عليها بين الطرفين. تعود القصة عندما طلبت الأم جين من ابنتها ترك عملها في قوانغتشو والعودة إلى بكين لرعايتها، مقابل تعويض مالي من عائد بيع شقة الأم. ووقع الطرفان عقداً ينص على تغطية الابنة لكافة مصاريف الرعاية حتى وفاة الأم، بما في ذلك الإيجار والنفقات الطبية والمعيشة. غير أن النزاع بدأ حين اتهمت الأم ابنتها بالتقصير في دفع الإيجار لمقر إقامتها الجديد، ورفعت دعوى قانونية تطالب بإلغاء الاتفاق واسترداد الأموال. من جانبها، دافعت الابنة لو بأنها أدت واجباتها كاملة، بما في ذلك تغطية إيجارات سابقة وتوفير الطعام والرعاية. وأيدت المحكمة الشعبية المتوسطة الأولى في بكين قرار المحكمة الابتدائية، وأمرت الابنة بإعادة الأموال. وانقسم الرأي العام الصيني حول القضية، بين من اعتبر أن الابنة أخلت بالتزاماتها، وآخرين دافعوا عن تضحياتها وخسارتها الوظيفية. القضية تسلط الضوء على تعقيدات العلاقات الأسرية والمسؤوليات المتبادلة في رعاية كبار السن، وسط تغير القيم الاجتماعية في الصين.

إيلون ماسك يحذر: اصنعوا سيارات كهربائية جيدة!
إيلون ماسك يحذر: اصنعوا سيارات كهربائية جيدة!

البيان

timeمنذ 38 دقائق

  • البيان

إيلون ماسك يحذر: اصنعوا سيارات كهربائية جيدة!

في تصريح مثيرة للجدل، وجه إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، انتقادات حادة لشركة مرسيدس، داعيًا إياها إلى "صنع سيارات كهربائية جيدة" بدلاً من التركيز على التحذيرات السياسية. جاءت هذه التصريحات ردًا على تصريحات أولاف كالينيوس، الرئيس التنفيذي لمرسيدس ورئيس رابطة مصنعي السيارات الأوروبية، الذي حذر من أن خطة الاتحاد الأوروبي لحظر السيارات ذات الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2035 قد تؤدي إلى انهيار صناعة السيارات الأوروبية . في منشور على منصة "إكس" ، قال ماسك: "فقط اصنعوا سيارات كهربائية جيدة!"، مشيرًا إلى أن نجاح التحول إلى السيارات الكهربائية لا يعتمد على الدعم الحكومي أو السياسات التنظيمية، بل على جودة المنتجات التي تقدمها الشركات. هذه التصريحات تعكس وجهة نظر ماسك بأن الشركات التقليدية، مثل مرسيدس، قد تكون أكثر اهتمامًا بالتحايل على السياسات بدلاً من تحسين منتجاتها لتلبية احتياجات السوق. من جانبه، حذر كالينيوس من أن تنفيذ حظر السيارات التقليدية بحلول عام 2035 قد يؤدي إلى تراجع مبيعات السيارات الكهربائية وزيادة الطلب على السيارات التي تعمل بالوقود التقليدي قبل تطبيق الحظر. كما دعا إلى ضرورة تقديم حوافز حكومية، مثل الإعفاءات الضريبية وتخفيض أسعار الكهرباء في محطات الشحن، لتسهيل انتقال المستهلكين إلى السيارات الكهربائية . التحديات التي تواجه صناعة السيارات الأوروبية تشير التقارير إلى أن صناعة السيارات الأوروبية تواجه تحديات كبيرة، بما في ذلك المنافسة المتزايدة وارتفاع تكاليف الإنتاج، وتباطؤ الطلب على السيارات الفاخرة. كما أن مبيعات السيارات الكهربائية في الاتحاد الأوروبي لم تتجاوز 17.5% من إجمالي المبيعات في النصف الأول من عام 2025، مما يثير القلق بشأن قدرة السوق على التكيف مع التحول إلى التنقل الكهربائي . كما يفرض الانتقال من السيارات التقليدية إلى الكهربائية استثمارات ضخمة في البحث والتطوير وبناء شبكات شحن واسعة. كما تتعرض الشركات الأوروبية لمنافسة قوية من نظيراتها الصينية والأمريكية، خاصة في سوق السيارات الكهربائية منخفضة التكلفة والتقنيات الحديثة. ويرتفع الضغط على الصناعة نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج بسبب زيادة أسعار المواد الخام والبطاريات وأجور العمالة، ما يؤثر على هوامش الربح. إضافة إلى ذلك، يتغير طلب المستهلكين، حيث يتباطأ الإقبال على السيارات الفاخرة التقليدية بينما يبحث المشترون عن سيارات كهربائية موثوقة وبأسعار مناسبة. وتشكل التشريعات الأوروبية، مثل الحظر المخطط للسيارات ذات الانبعاثات الكربونية بحلول عام 2035، ضغطًا إضافيًا على الشركات لتسريع التحول وإلا فإنها قد تواجه تراجعًا في المبيعات أو غرامات مالية. وتسلط هذه التصريحات الضوء على التوترات بين الشركات التقليدية مثل مرسيدس والشركات الرائدة في مجال السيارات الكهربائية مثل تسلا. بينما يرى ماسك أن الابتكار والجودة هما السبيل للنجاح، يرى كالينيوس أن السياسات الحكومية الداعمة ضرورية لضمان انتقال سلس وفعال إلى السيارات الكهربائية.

لولا دا سيلفا يدعو ترامب لزيارة البرازيل الحقيقية التى فرض عليها الضرائب!
لولا دا سيلفا يدعو ترامب لزيارة البرازيل الحقيقية التى فرض عليها الضرائب!

البيان

timeمنذ 38 دقائق

  • البيان

لولا دا سيلفا يدعو ترامب لزيارة البرازيل الحقيقية التى فرض عليها الضرائب!

في مقطع فيديو صوِّر أثناء زراعته العنب، أحد المنتجات التي فرضت عليها الرسوم الجمركية، تحدث االرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، متوجّهاً إلى ترامب وقال: «آمل بأن تزورنا يوماً ما لنتحدث وتتمكن من التعرف على البرازيل الحقيقية، برازيل الشعب الذي يحب السامبا والكرنفال وكرة القدم، والولايات المتحدة والصين وروسيا وأوروغواي وفنزويلا، نحن نحب الجميع». وتُعد الرسوم الجمركية التي فرضت على البرازيل من الأعلى التي تلحق بشريك تجاري للولايات المتحدة، بنسبة 50 في المائة. وخلافاً للدول الأخرى، صيغت التدابير ضد البرازيل بعبارات سياسية صريحة مع إعلان الرئيس الجمهوري بأنه اتخذها لأن برازيليا تشن «حملة شعواء» ضد حليفه الرئيس السابق جاير بولسونارو. ويحاكم بولسونارو بتهمة محاولة انقلاب ضد لولا في عام 2022، وقد فرضت الولايات المتحدة أخيراً عقوبات على القاضي المكلف بالقضية إلى جانب سبعة قضاة آخرين في المحكمة العليا. وأعرب لولا عن دعمه للمحكمة العليا وتعهّد بالدفاع عن «سيادة الشعب البرازيلي». وتعهدت إدارته أيضاً بمحاربة الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب. وتؤثر هذه الرسوم التي تشمل العديد من الصادرات الرئيسية لأكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية، على العلاقات التجارية بين الولايات المتحدة والبرازيل التي يعود تاريخها إلى قرون، وعلى الفائض الذي قدرته برازيليا بنحو 284 مليون دولار العام الماضي. وكتب لولا على منصة «إكس» إنه كان يعطي مثالاً على «زرع الغذاء وليس زرع العنف أو الكراهية». وعلى الرغم من الرسوم الجمركية القاسية، فإن الضرر الاقتصادي على البرازيل قد يكون محدوداً. فالأمر التنفيذي لترامب استثنى 694 منتجاً، بما في ذلك سلع لا يمكن للولايات المتحدة الاستغناء عنها بسهولة مثل عصير البرتقال وخام الحديد والطائرات. وتشير غرفة التجارة الأميركية في البرازيل إلى أن هذه الاستثناءات تغطي نحو 43 في المائة من إجمالي الصادرات البرازيلية إلى الولايات المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store