logo
خصخصة الإبادة: شبكة من الشركات الأمريكية والأمريكيين الإسرائيليين دعموا مؤسسة غزة الإنسانية على أمل التربح منها

خصخصة الإبادة: شبكة من الشركات الأمريكية والأمريكيين الإسرائيليين دعموا مؤسسة غزة الإنسانية على أمل التربح منها

القدس العربي ٢٢-٠٧-٢٠٢٥
لندن- 'القدس العربي':
كشفت صحيفة 'واشنطن بوست' في تقرير أعدته كارين دي يونغ وكيت براون عن شبكة التربح من إبادة غزة والجهات التي تأمل من تحقيق الأرباح من استمرار عمل المؤسسة الغامضة والمثيرة للجدل 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي أصبحت المشروع الأمريكي- الإسرائيلي البديل عن منظمات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة والجهات الدولية الإنسانية الأخرى.
وقالت الصحيفة إن موضوع استمرار غزة الإنسانية هي مشكلة عالقة في المفاوضات للتوصل إلى وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل، حيث تصر الأولى على عودة منظمات الأمم المتحدة وتصر الأخيرة على استمرار المشروع الذي تنتقده المنظمات الإنسانية والأمم المتحدة بأنه عجلة لدفع الفلسطينيين السفر عبر مناطق خطيرة وتنظيف شمال القطاع من السكان ودفعهم للهجرة.
وقُتل أكثر من 800 فلسطيني منذ بداية المشروع المثير للجدل العمل في شهر أيار/ مايو، وذلك جراء إطلاق النار من الجنود الإسرائيليين المحيطين بمراكز التوزيع الأربعة والوحيدة في جنوب القطاع والتي تحرسها وتديرها جماعات مرتزقة أمريكية، عادة ما تطلق الرصاص التحذيري على القادمين إلى المراكز ورذاذ الفلفل لمنع الازدحام.
وتقول الصحيفة إن مؤسسة غزة الإنسانية أصبحت في مرمى المحادثات الأخيرة. وتريد حماس عودة نظام الأمم المتحدة الذي طبق في القطاع على مدى عقود. وتزعم إسرائيل أن حماس أفسدت النظام هذا. وتريد حكومة نتنياهو السيطرة الكاملة على المساعدات الإنسانية من خلال مؤسسة غزة الإنسانية. وهو ما يجعل مجتمع الإغاثة الإنسانية، بما فيه الأمم المتحدة شاكا في أغراض هذه المؤسسة وأنها خلقت من أجل تعزيز أهداف الحرب الإسرائيلية وتقديم المساعدات بشكل انتقائي وغير كاف وإجبار سكان غزة على تعريض حياتهم للخطر من أجل الحصول على رزمة مؤن.
وكما هو الحال مع الكثير مما يحدث داخل غزة، حيث منعت إسرائيل المراسلين الدوليين إلا في جولات قصيرة ينظمها الجيش لإسرائيلي، لا تزال جذور وعمليات مؤسسة غزة الإنسانية غامضة. والأكثر غموضا هو تمويلها، حيث تقول المؤسسة إنها تلقت حوالي 100 مليون دولار كأموال لبدء التشغيل من حكومة رفضت الكشف عن هويتها.
وفي أواخر حزيران/ يونيو، قالت إدارة ترامب إنها ستقدم 30 مليون دولار لعمليات مؤسسة التمويل الدولية. وتكشف وثائق التخطيط الداخلية أن الإمارات العربية المتحدة كانت ستتبرع بمبلغ كبير للمؤسسة، وهو ما لم يتحقق حسب الخطط التي اطلعت عليها صحيفة 'واشنطن بوست'، ونفت الحكومة الإسرائيلية أن يكون لها يد في تمويل هذه المؤسسة.
وتقف وراء مؤسسة غزة الإنسانية المسجلة كمنظمة غير ربحية تقف وراءها شبكة مترابطة من الأفراد الأمريكيين والإسرائيليين والشركات الأمريكية الخاصة، بما فيها تلك الشركات التي تأمل في نهاية المطاف بتحقيق الأموال من جهود الإغاثة، وفقا لوثائق عامة وخاصة اطلعت عليها 'واشنطن بوست' ومقابلات مع 12 مسؤولا أمريكيا وإسرائيليا وممثلي أعمال وغيرهم من المعنين بالمشروع، وكلهم تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
ومن بين الجهات المهيأة للاستفادة من عقود 'مؤسسة غزة الإنسانية' شركة أسهم خاصة في شيكاغو اسمها 'ماكنالي كابيتال' التي ساعدت واحدة من شركاتها وهي 'أوربيس أوبريشنز' في إنشاء 'مؤسسة غزة الإنسانية' وكذا 'سيف ريتش سوليوشنز'، شركة التعهدات الأمنية التي تشرف على عمليات 'مؤسسة غزة الإنسانية' في غزة، وهي شركة أنشئت العام الماضي لهذا الغرض.
ويملك شركة 'سيف ريتش سوليوشنز' صندوق ائتماني مقره في ولاية وايومينغ، تعتبر شركة 'ماكنالي كابيتال' المستفيد الأول منه.
كما شاركت شركة 'بوسطن كونسالتينغ غروب' في جهود إنشاء 'مؤسسة غزة الإنسانية' على افتراض أنها مؤسسة غير ربحية. ففي آذار/مارس وقعت هذه الشركة عقدا مدته شهران بأكثر من مليون دولار مع شركة ماكنالي، لمواصلة مساعدة شركة 'سيف ريتش سوليوشنز' وتمديد للعقد في أيار/مايو. وكانت صحيفة 'فايننشال تايمز' أول من كشف عن تورط مجموعة بوسطن. وقد انسحبت هذه الشركة من الترتيبات. وقالت المتحدثة باسم الشركة إنه لم يتم قبول أي مال، مقابل الخدمات.
وبدأت غزة الإنسانية عملياتها في نهاية أيار/ مايو، حيث قدمت وجبات معدة في صناديق كافية لإطعام 5.5 شخص لمدة 3.5 يوم، لكن تناقص الموارد حد من عدد الشاحنات المتاحة لإحضار الطعام إلى القطاع إلى حوالي 70 إلى 80 شاحنة يوميا، مقارنة بالخطط المبكرة لأكثر من 300 شاحنة، حسب أشخاص على معرفة بالخطط.
وتم تأجيل إنشاء مراكز جديدة بسبب نقص التمويل والعمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة والحاجة إلى إزالة الذخائر غير المنفجرة في جميع أنحاء غزة. كما أدت المشاكل المالية والنتيجة غير المعروفة لمفاوضات وقف إطلاق النار إلى تعليق خطط لتقديم اقتراح أكثر شمولا، ومثيرة للجدل، لنقل سكان غزة، والذي تم تلخيصه في عرض تقديمي من 19 صفحة تم توزيعه في السفارة الأمريكية في تل أبيب في أيار/ يناير، وفقا لعدة أشخاص.
بالإضافة إلى توزيع الغذاء، تضمنت الخطط إنشاء مجمعات سكنية واسعة النطاق داخل غزة، وربما خارجها، حيث يمكن لسكانها الإقامة فيها أثناء 'نزع سلاح القطاع وإعادة إعماره'. وأشارت الشرائح المقدمة في الخطة إلى أن هذا النهج سيسمح للمؤسسة كسب ثقة سكان غزة، وهي فرصة يمكن استغلالها 'لتسهيل رؤية الرئيس ترامب' للقطاع المتضرر من الحرب.
وتقول الصحيفة إن فكرة 'مؤسسة غزة الإنسانية' كانت جزءا من جهد أكبر قامت به مجموعة من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين ورجال الأعمال الإسرائيليين والشركاء الأجانب لدعم الجهود العسكرية الإسرائيلية والتخطيط لمستقبل غزة.
وقد بدأ أفراد المجموعة لقاءاتهم بعد وقت قصير من بدء الهجوم الإسرائيلي على غزة وفي أعقاب هجوم حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر. وقد قطعت المساعدات الإنسانية عن القطاع مع بدء الحرب، حيث بررت حكومة نتنياهو التي طالما كانت غير واثقة من الأمم المتحدة، التي نسقت عمليات تسليم الغذاء والوقود والإمدادات الطبية، الحصار بزعم أن حماس تسيطر على توزيع المساعدات وتستفيد منها.
ورغم ضغوط إدارة بايدن والمنظمات الإنسانية وتحذيرها من منع المساعدات عن القطاع والذي سيعتبر جريمة حرب إلا أن مسؤولا مطلعا أخبر الصحيفة قائلا: 'كانت هناك حاجة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة'، لكن كان من الضروري أن يتم ذلك 'بطريقة غير تابعة للأمم المتحدة'.
وأشارت الصحيفة إلى جهود مجموعة العمل الخاصة بغزة، حيث طلبت في كانون الثاني/يناير 2024، المشورة من مايكل فيكرز، وهو جندي سابق في القوات الخاصة الأمريكية وعضو سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (سي أي إيه)، ووكيل وزارة الدفاع لشؤون الاستخبارات خلال إدارة أوباما. كان فيكرز عضوا في مجلس إدارة شركة 'أوربيس أوبيريشنز'، وهي شركة استشارية مقرها ماكلين، فرجينيا، أسسها خبراء سابقون في الأمن القومي والجيش والاستخبارات، واشترتها ماكنالي كابيتال عام 2021. وكان رد فيكرز على المجموعة التي طلبت مشورته: 'لست الشخص المناسب، لكنني أعرف من يمكنه التحدث إليكم'، وذلك حسب شخص مطلع على الخطة. وأضاف فيكرز أن الشخص الذي يحتاجونه هو نائب رئيس شركة' أوربيس' آنذاك، فيليب رايلي، وهو ضابط عمليات بارز سابق في وكالة المخابرات المركزية الأمريكية يتمتع بخبرة واسعة في عمليات الأمن الخاصة.
وسرعان ما اكتسب رايلي ثقة الجيش الإسرائيلي ومجموعة التخطيط لحرب غزة، وقضى معظم عام 2024 منغمسا في تفاصيل الحرب. ولم يجب فيكرز ولا رايلي على استفسارات حول مشاركتهما في مبادرة غزة.
وتشير الصحيفة إلى أن إدارة بايدن كانت تعرف أن الحكومة الإسرائيلية وإسرائيليين وأمريكيين من القطاع الخاص، كانوا يعملون معها على خطة لفرض نظام جديد لإيصال المساعدات. وبينما أبدى بعض أعضاء الإدارة دعمهم، كان معظمهم متشككا. لكنهم لم يتدخلوا مباشرة في المشروع.
وبحلول خريف ذلك العام، كانت الخطوط العريضة لخطة مساعدات بديلة جاهزة في دراسة جدوى مطولة أعدتها شركة 'سيلات تكنولوجيز'، وهي شركة تابعة لأوربيس. وتصورت إنشاء كيان غير ربحي، هو 'مؤسسة غزة الإنسانية'، 'لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة بأمان'. وذكرت وثائق التخطيط الموزعة على مدى الأشهر القليلة التالية أن قيادة المؤسسة ستشمل شخصيات إنسانية مرموقة مثل ديفيد بيزلي، الرئيس السابق لبرنامج الغذاء العالمي، وتوني بلير، رئيس الوزراء البريطاني السابق الذي يدير الآن معهدا لتقديم المشورة للقادة السياسيين. وعلى الرغم من وصف الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة غير الحكومية الرئيسية العاملة بالفعل في غزة بأنها جزء لا يتجزأ، إلا أن دورها المقترح لم يكن واضحا. وسيشمل برنامج متطور للتواصل على وسائل التواصل الاجتماعي والعلاقات العامة التواصل مع صحافيين مختارين لتقديم صورة إيجابية عن مؤسسة غزة الإنسانية.
وبناء على التصور، ستعين المؤسسة متعهدا 'رئيسيا' لتنظيم والإشراف على بناء المواقع وعملية الإغاثة داخل غزة. وبعد ذلك، تقوم هذه الشركة بالتعاقد مع شركة أمنية خاصة، ويفضل أن يكون مقرها في الولايات المتحدة، لتكون هي الحارس والمنقذ على الأرض، وتحرس المساعدات أثناء نقلها إلى مراكز التوزيع وحماية المراكز نفسها. وشملت الشركات الخاصة التي اصطفت لخدمة المؤسسة المخطط لها أيضا 'بوسطن كونسالتينغ غروب'حيث كان كل من رايلي وفيكرز مستشارين رئيسيين لها. وتوقعت مجموعة بوسطن التي صرحت لاحقا بأن خدماتها الأولية كانت تقدم مجانا، ملياري دولار كتكاليف تشغيل أولية لمؤسسة غزة الإنسانية. وفي تشرين الثاني/نوفمبر، تم تسجيل شركة جديدة في جاكسون بولاية وايومينغ باسم 'سيف ريتش سوليوشنز'، ووضعت تحت إدراة صندوق إئتماني وهو 'تو اوشين تراست'، وبينما لم تشر معلومات في وثائق التسجيل إلى طبيعة عمل الشركة الجديدة أو من يديرها أو من ستوظفه أوالمستفيد من الصندوق الائتماني أو الأموال التي ستجنيها. ورفض متحدثون باسم 'تو أوشين تراست وسيف ريتش سوليوشنز التعليق. ولكن ماكنالي كابيتال قالت في بيان للصحيفة إنها 'لم تستثمر في سيف ريتش سوليوشنز ولم تدرها بنشاط'، لكنها قالت إن لديها 'مصلحة اقتصادية' فيها. وقد أسس وورد ماكنالي من عائلة راند ماكنالي، الشركة عام 2008 وهي مختصة في الاستحواذ على شركات الطيران والدفاع والتكنولوجيا.
وترى الصحيفة أن عملية نتساريم أثناء وقف إطلاق النار الهش كانت بمثابة اختبار تجريبي لعملية توزيع الغذاء، وكانت 'يو جي' و'سيف ريتش شوليوشنز' في وضع جيد لتوليها نيابة عن 'مؤسسة غزة الإنسانية' التي سجلت في 2 شباط/ فبراير، كمنظمة إنسانية غير ربحية في سويسرا وديلاوير. وكان لدى حكومة نتنياهو كل الأسباب للاعتقاد بأن ترامب سيدعم المبادرة.
وعندما انهار وقف إطلاق النار في 18 آذار/مارس، واستأنف الجيش الإسرائيلي العمليات البرية والغارات الجوية، منعت إسرائيل مجددا جميع المساعدات الإنسانية من دخول غزة. ومع مرور الأيام والأسابيع، تراكمت آلاف الأطنان من المواد الغذائية والسلع في مستودعات خارج حدودها وبدأ برنامج الأغذية العالمي وغيره من الجهات الفاعلة الإنسانية في إحصاء تقارير المجاعة في الداخل.
وبحلول أوائل أيار/ مايو، تعرضت إسرائيل لضغوط دولية متزايدة لإنهاء حصارها للمساعدات، وكان ترامب يتطلع إلى إحراز تقدم بشأن وعده بإنهاء الحرب بينما كان يستعد لرحلة إلى الخليج العربي. وفي مؤتمر صحافي في 9 أيار/مايو عقده السفير الأمريكي في تل أبيب، مايك هاكابي زعم أن مؤسسة غزة الإنسانية هي 'مبادرة' من ترامب.
وسعى ممثلون أمريكيون، بمن فيهم أرييه لايتستون، وهو مسؤول يعمل الآن مع المبعوث الأمريكي الخاص، ستيف ويتكوف، وشغل سابقا منصب مساعد لديفيد فريدمان عندما كان سفيرا للولايات المتحدة لدى إسرائيل، إلى إقناع الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيين بالتوقيع على الخطة. لكن المعارضة للخطة تزايدت ورفضت الأمم المتحدة ومعظم شركاء الإغاثة، وأدانوا علنا الاقتراح باعتباره غير أخلاقي ويهدف إلى تعزيز خطط إسرائيل الحربية ضد حماس من خلال 'عسكرة' المساعدات لأكثر من مليون مدني محصورين في 'مناطق آمنة' متقلصة باستمرار حددها الجيش الإسرائيلي في جنوب غزة.
لم يوافق بيزلي ولا بلير على العمل معها. وعشية بدء عمليات غزة الإنسانية، نشر جيك وود، المدير التنفيذي الجديد للمؤسسة، وهو جندي مخضرم في مشاة البحرية الأمريكية ورئيس مجلس إدارة مشارك مؤسس لفريق روبيكون، وهي منظمة إنسانية تعمل في مناطق الكوارث، عن استقالته، حيث قال في بيان إن بعض الخطط لا تتوافق مع 'المبادئ الإنسانية المتمثلة في الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية'. كما استقال ديفيد بيرك، وهو زميل ذو خبرة في مشاة البحرية وموظف سابق في فريق روبيكون، والذي عين رئيسا للعمليات في مؤسسة غزة الإنسانية.
وقامت مؤسسة غزة الإنسانية بترقية جون أكري، المسؤول السابق في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والذي عين في البداية رئيسا لعمليات المؤسسة داخل غزة، إلى منصب المدير التنفيذي المؤقت للمؤسسة.
أثار افتتاح المواقع مشاكل جديدة، حيث اندفع عشرات الآلاف من سكان غزة اليائسين نحو الطعام الموعود. في الأسبوع الأول من عمليات مؤسسة غزة الإنسانية ، قال شهود عيان إن القوات الإسرائيلية أطلقت النار باتجاه الفلسطينيين المصطفين خارج مواقع التوزيع المسيجة ثلاث مرات على الأقل.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أوروبا واتفاقها التجاري مع ترامب في مهبّ الرياح
أوروبا واتفاقها التجاري مع ترامب في مهبّ الرياح

العربي الجديد

timeمنذ 41 دقائق

  • العربي الجديد

أوروبا واتفاقها التجاري مع ترامب في مهبّ الرياح

باتت أوروبا في مهبّ رياح عاتية محمّلة بأتربة سوداء ونار مستعرة، مع الاتفاق التجاري الأخير الذي توصلت إليه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب بداية الأسبوع. رياحٌ ربما تهزّ اقتصاد دول القارة وعملتها الموحّدة وصادراتها وأسواقها ومعيشة مواطنيها، وتساهم في إضعافها مالياً وتجارياً وربما سياسياً، وتعمق خلافاتها مع روسيا، خاصّة وأن الاتفاق يضع نهاية لتدفق الغاز والنفط الروسيَين نحو دول القارة، وهو ما تعتبره موسكو حرباً اقتصادية جديدة تضاف إلى الحروب المالية والعقوبات التي تشنّها القارة منذ اندلاع حرب أوكرانيا. وفي نظرة لبنود الاتفاق التجاري الأميركي الأوروبي نجد أنه لا يقف عند حدّ تقديم أوروبا تنازلات مهينة ومذلة وغير مسبوقة لترامب وإداراته، في محاولة لطيّ أسوأ نزاع تجاري تواجهه، ولا عند الخسائر المالية الضخمة التي سيتكبّدها الاقتصاد الأوروبي جرّاء تنفيذ بنود الاتفاق، ومنها سداد ما يزيد عن تريليون دولار هي كلفة استيراد الغاز والسلاح والوقود النووي الأميركي، وضخ استثمارات في الولايات المتحدة بقيمة 600 مليار دولار، ولا عند حدّ زرع ترامب فتنةً كبرى بين دول الاتحاد الأوروبي لدرجة تدفع دولة في ثقل فرنسا الاقتصادي للخروج علناً واصفةً الاتفاق بأنه "يوم أسود" لأوروبا، وأن تشتعل الخلافات العميقة بين قادة ألمانيا بشأن تقييم الاتفاق، لكن الخطر الأكبر يكمن في بنود الاتفاق الغامضة، وآليات تنفيذه، والضمانات المقدّمة من الطرفَين، ومدى التزام ترامب بالبنود المتّفق عليها، وعدم الانقلاب عليها مستقبلاً، وممارسة تهديدات جديدة خاصّة مع انتهاء الفترة الزمنية. من بين الأسئلة : هل ستعود أوروبا لشراء الغاز الروسي، أم ستواصل الاعتماد على الغاز الأميركي، ومَن يتحمل فاتورة استيراد الوقود الأكثر كلفة من الولايات المتحدة مقابل الغاز الروسي الرخيص؟ الاتفاق يطرح عشرات الأسئلة التي قد لا يجد كثيرون إجابةً شافية لها، وفي مقدمتها؛ ما هي الواردات الأوروبية الخاضعة للرسوم الجمركية الأميركية البالغة 15%، وهل تقتصر على السيارات وأشباه الموصلات والمستحضرات الصيدلانية والأدوية، وهل هذه هي النسبة الأعلى، ومَن هي الجهة المسؤولة عن ضخّ استثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الاقتصاد الأميركي؛ القطاع الخاص الأوروبي أم الحكومات، وما هو الموقف في حال امتناع المستثمرين الأوروبيين عن ضخّ كل تلك الاستثمارات في فترة حكم ترامب؟ من بين الأسئلة أيضاً: هل ستعود أوروبا لشراء الغاز الروسي بعد مرور ثلاث سنوات هي فترة الاتفاق مع ترامب، أم ستواصل الاعتماد على الغاز الأميركي، ومَن يتحمل فاتورة استيراد الوقود الأكثر كلفة من الولايات المتحدة مقابل الغاز الروسي الرخيص، وما هي مخاطر اعتماد أوروبا كلياً على الطاقة الأميركية؟ موقف التحديثات الحية ليلة تركيع أوروبا أمام السمسار ترامب وهل هناك إطار قانوني ملزم للطرفيين ببنود الاتفاق، وما هي صادرات الاتحاد الأوروبي المعفاة من الرسوم التي جرى الاتفاق عليها، هل مثلاً الطائرات ومكوّناتها والسلع الضرورية مثل الأدوية غير المسجّلة والسلع الغذائية والرقائق ومستلزمات الذكاء الاصطناعي وأشباه الموصلات، وبالتالي تجري حماية المستهلك الأوروبي من خطر التضخم، أم تقتصر على السجائر والنبيذ والمشروبات الكحولية؟ ماذا عن واردات الصلب والألمنيوم الأوروبية التي لا تزال الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية عالية عليها وبنسبة 50%؟ صحيح أنّ توقيع الاتفاقية بين واشنطن وبروكسل وضَعَ، وإن مؤقتاً، حداً لحرب تجارية شرسة كادت أن تندلع بين أكبر اقتصادَين في العالم، وأنّ أوروبا تفادت بتوقيع الاتفاق الدخول في نزاع تجاري شرس مع إدارة ترامب المتعطّشة لحصد الأموال من كل صوب وحدب، لكن المشكلة تكمن في التفاصيل التي لم يحسمها لقاء ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين في اسكتلندا يوم الأحد الماضي.

أوروبا تخصص 17 مليار يورو لتحديث الطرق للجيش... هل تستعد للحرب؟
أوروبا تخصص 17 مليار يورو لتحديث الطرق للجيش... هل تستعد للحرب؟

العربي الجديد

timeمنذ 41 دقائق

  • العربي الجديد

أوروبا تخصص 17 مليار يورو لتحديث الطرق للجيش... هل تستعد للحرب؟

في خطوة تعبّر عن تحوّل كبير في أولويات البنية التحتية في أوروبا، حذّر مفوض النقل في الاتحاد الأوروبي ، اليوناني أبوستولوس تزيتزيكوستاس، من أن الطرق والجسور والسكك الحديدية في أنحاء القارة غير مؤهلة لتحمّل متطلبات النقل العسكري الثقيل، مثل الدبابات والمركبات القتالية، في حال اندلاع حرب مع روسيا. وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوترات الأمنية في القارة، واستجابة مباشرة لما يعتبره الاتحاد الأوروبي ضرورة استراتيجية لتعزيز "قابلية التنقل العسكري" عبر الدول الأعضاء، بما يشمل الدعم اللوجستي الفوري في حال نشوب نزاع مسلّح في شرق أوروبا أو البلطيق. وأعلن تزيتزيكوستاس في مقابلة مع صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، نشرت اليوم الثلاثاء، عن إطلاق خطة تحديث واسعة للبنية التحتية بقيمة 17 مليار يورو لرفع جاهزية الطرق والجسور لمتطلبات حركة القوات والمعدات العسكرية الثقيلة، وأضاف: "لدينا جسور قديمة بحاجة إلى تحديث، وأخرى ضيقة يجب توسيعها، وأماكن لا توجد بها جسور إطلاقاً، ما يتطلب بناءها من الصفر". هذا الاستثمار العسكري لن يصبح حكراً على الدفاع فحسب، بل سيمد شبكة النقل المدني ببنية تحتية محسنة تحمّل أوزاناً أكبر، ومن المتوقع أن يستفيد قطاع البناء، وصيانة السكك، والتقنيات الذكية للنقل من عقود طويلة الأجل. في الواقع، اقترحت ميزانية الاتحاد المقبلة أن يزيد التمويل للنقل بمعدل عشرة أضعاف مقارنة بالأطر المالية السابقة، مع حصة بطول عقد تصل إلى 17.65 مليار يورو لخيار "الانتقال العسكري" ضمن صندوق Connecting Europe Facility. اقتصاد دولي التحديثات الحية إعادة هيكلة كبرى في أوروبا.. موازنة مقترحة بقيمة 2.3 تريليون دولار تعاون وثيق مع الناتو حدّدت المفوضية الأوروبية نحو 500 مشروع بنية تحتية ذات أولوية عسكرية، موزعة على أربعة ممرات نقل رئيسية في القارة، بالتعاون مع حلف شمال الأطلسي (ناتو)، لضمان القدرة على الانتقال السريع للقوات عبر الحدود دون عراقيل. وأكد المفوض أن أحد التحديات الحاسمة ليس فيزيائياً فحسب، بل هو إداريّ أيضاً؛ "فعلينا ضمان ألّا تتعطل حركة الدبابات في المعابر الحدودية بسبب الروتين أو البيروقراطية". ينضوي هذا الجهد في سياق خطة العمل على التنقل العسكري ، ضمن مبادرة الهيكل الدائم للتعاون الدفاعي (PESCO)، التي أُقرّت عام 2024. وتنص قانونياً على ضرورة تضمين متطلبات التنقل العسكري ضمن شبكة " TEN‑T (شبكة النقل الأوروبية)، بحيث تخدم البنية الطرقية والسككية أغراضاً مدنية وعسكرية معاً. يأتي هذا التحوّل في إطار استراتيجية أوروبية أوسع لإعادة التسلّح وتعزيز الردع، وسط ما يعتقدون أنه تهديدات متزايدة من روسيا وتوسيع عضوية الناتو، كما يتماشى مع الخطط الألمانية والهولندية والفرنسية لإعادة هيكلة جيوشها لتكون أكثر مرونة وانتشاراً. وبحسب تقارير اقتصادية، فإن الاستثمار في "البنية التحتية العسكرية مزدوجة الاستخدام" (المدني والعسكري) قد يخلق أيضاً فرصاً للشركات العاملة في قطاع البناء، وتكنولوجيا النقل، والذكاء الصناعي المرتبط باللوجستيات، ما يربط الأمن القومي بمكاسب اقتصادية محتملة. هذا الاتجاه نحو عسكرة البنية التحتية يطرح تساؤلات جوهرية حول التوازن بين الاستثمار في الحرب والتنمية الاقتصادية المستدامة. ففي حين ترى المفوضية أن الأمن شرط أساسي للاستثمار والنمو، يرى مراقبون أن أولويات مثل التحول الأخضر أو رقمنة الاقتصاد قد تتراجع لصالح المشاريع ذات الطابع العسكري. اقتصاد دولي التحديثات الحية الاتحاد الأوروبي: موازنة ضخمة قدرها 2.3 تريليون دولار لست سنوات تأثير مباشر على قطاع النقل الأوروبي من المتوقع أن يُحدث هذا الاستثمار العسكري تحوّلاً نوعياً في قطاع النقل الأوروبي، إذ سيدفع نحو تحديث شامل للشبكات البرية والسككية والجسور، بما يتجاوز الاستخدام العسكري إلى تعزيز الكفاءة اللوجستية المدنية أيضاً. فالشركات العاملة في مجالات الهندسة المدنية، وصيانة السكك الحديدية، وتكنولوجيا البنية التحتية الذكية، ستستفيد من العقود العامة طويلة الأجل التي تنفّذ ضمن هذه الخطة. وقد يؤدي تحسين قدرة الطرق والجسور على تحمّل أوزان ثقيلة إلى تطوير أنظمة النقل الصناعي والتجاري، بما فيها حركة الشحن بين الدول الأوروبية. كما يُتوقّع أن تنمو الاستثمارات في القطارات السريعة وأنظمة الملاحة المتقدمة، التي يمكن استخدامها لغايات عسكرية ومدنية على حد سواء. وهذا ما قد يُعزّز التكامل بين شبكات النقل الوطنية ويُسرّع في تنفيذ "السوق الأوروبية الموحدة للوجستيات". في المقابل، عبّر بعض الخبراء في مجال البنية التحتية عن قلقهم من أن الأولوية العسكرية قد تُزاحم مشاريع النقل العام المستدام، خاصة تلك الموجهة نحو تحقيق أهداف المناخ وخفض الانبعاثات بحلول 2030، ويؤكّد محللون أن نجاح الخطة يتوقف على تحقيق توازن ذكي بين الأغراض الدفاعية والتجارية، لضمان ألّا يؤدي "اقتصاد الحرب" إلى تهميش مصالح الركاب والمستهلكين العاديين.

الرئيس اللبناني في الجزائر لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية.. أول زيارة رسمية منذ 2002
الرئيس اللبناني في الجزائر لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية.. أول زيارة رسمية منذ 2002

العربي الجديد

timeمنذ 41 دقائق

  • العربي الجديد

الرئيس اللبناني في الجزائر لمناقشة قضايا سياسية واقتصادية.. أول زيارة رسمية منذ 2002

وصل الرئيس اللبناني جوزاف عون ، اليوم الثلاثاء، إلى الجزائر في زيارة رسمية تستمر يومين، استجابة لدعوة كان وجهها له الرئيس عبد المجيد تبون في التاسع من فبراير/ شباط الماضي، وهي الأولى من نوعها لرئيس لبناني منذ 23 عاماً. وسيلتقي الرئيسان لبحث قضايا تخص العلاقات بين البلدين، والمجالات التي يمكن فيها للجزائر مساعدة لبنان، وبخاصة في الشق السياسي المرتبط بدور جزائري في الأمم المتحدة، وفي قطاع الطاقة، إضافة إلى حزمة التطورات الصاخبة التي تشهدها المنطقة العربية. وأعلنت رئاسة الجمهورية اللبنانية، عبر حسابها على منصة إكس، وصول عون إلى مطار هواري بومدين "في مستهل زيارة رسمية وكان في استقباله رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون". وأعرب عون عن سعادته بزيارة الجزائر "التي كانت دائماً حاضرة إلى جانب لبنان في أصعب الظروف"، وفق ما نقلته الرئاسة، مشيراً إلى أنّ "الجزائر لم تتأخر يوماً عن دعم لبنان، سواء في المحافل الدولية أو من خلال المساعدات الميدانية المباشرة". الرئيس عون من الجزائر: • أعرب عن سعادتي بزيارة الجزائر الشقيقة، التي كانت دائمًا حاضرة إلى جانب لبنان في أصعب الظروف. • الجزائر لم تتأخر يومًا عن دعم لبنان، سواء في المحافل الدولية أو من خلال المساعدات الميدانية المباشرة. — Lebanese Presidency (@LBpresidency) July 29, 2025 ويرافق الرئيس اللبناني وزير الخارجية يوسف رجي، ووزير الإعلام بول مرقص، والمستشار المكلف بإعادة الإعمار علي حمية، ويتوقع أن يجري خلالها توقيع عدد من اتفاقات التعاون في مجال الطاقة والتجارة والنقل والإنشاءات التحتية، تشمل مساعدة الجزائر في إعادة إعمار لبنان عبر تمويل إعادة بناء بعض المنشآت، وإرسال هبة من النفط الجزائري لصالح لبنان. وتعد هذه أول زيارة رسمية لرئيس لبناني إلى الجزائر، منذ زيارة الرئيس إيميل لحود في يوليو/ تموز 2002، فيما كان الرئيس ميشال سليمان قد توقف في الجزائر لساعات فقط في مارس/ آذار 2013. وتأتي أهمية هذه الزيارة في توقيت حساس يرتبط بالتطورات القائمة في المنطقة العربية، ولا سيما في لبنان وسورية والأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث تبدي الجزائر انشغالاً مستمراً بالدفاع عن مصالح ووحدة لبنان ضد العدوان الإسرائيلي، كما تؤكد وجود قناعة لدى الجانب اللبناني، بحيوية الدور الجزائري على الصعيد العربي، والدور الجزائري المتقدم لصالح لبنان في مجلس الأمن. وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، عيّنت الجزائر سفيراً جديداً لها في بيروت، وهو كمال بوشامة الذي نُقل من سورية إلى لبنان. طاقة التحديثات الحية الرئيس الجزائري يأمر بإرسال شحنات عاجلة من الوقود للبنان وتتيح زيارة الرئيس اللبناني إلى الجزائر، مناقشة ملف التعاون في مجال الطاقة بين البلدين، لا سيما أنّ شركة سوناطراك الجزائرية كانت ترتبط بعقد مع الوزارة اللبنانية للطاقة والمياه منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2005، لتوفير الديزل وزيت الوقود لفائدة مؤسسة كهرباء لبنان، غير أنّ العقد تعطل تنفيذه في عام 2020، بسبب قضية ما يُعرف بـ"الفيول المغشوش"، الذي تورط فيه وسطاء من الجزائر وأجانب، قبل أن تُجرى مشاورات بشأن تجديد الاتفاق نهاية عام 2022. وفي نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي أبدت وزارة الطاقة اللبنانية رغبتها في أن "تكون علاقة الشراكة مع مؤسسات الدولة الجزائرية ومنها سوناطراك ممتازة، ودعم جهود الحكومة اللبنانية لاستكمال مسار إعادة إحياء علاقة الشراكة ضمن الأطر القانونية التي ترعى مصالح البلدين". وكحسن نية من الجانب الجزائري، أرسلت الجزائر نهاية العام الماضي، حمولة من الوقود تُقدَّر بحوالي 30 ألف طن من مادة الفيول إلى لبنان للمساعدة في تشغيل محطات الكهرباء، تطبيقاً لقرار أصدره الرئيس تبون لتدعيم لبنان بالطاقة ومساعدته على تجاوز أزمته، والوقوف بجانبه في ظل الظروف الصعبة التي عاشها بسبب العدوان الإسرائيلي، من خلال تزويده بشكل فوري بكميات من الفيول، من أجل تشغيل محطات توليد الطاقة الكهربائية، وإعادة التيار الكهربائي في البلاد. وتبرز في سياق العلاقات بين البلدين، مسألة مهمة بالنسبة للجزائر خاصة، تتعلق بالتعاون في مجال مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، إذ يُعد لبنان واحداً من الدول التي تسعى الجزائر للتعاون معها في هذه المجال، حيث كانت الجزائر وبيروت قد وقعتا في إبريل/ نيسان 2022 على اتفاقين يخصان تسليم المطلوبين للعدالة في البلدين، والتعاون القضائي بين الجزائر ولبنان في المجال الجزائي والإنابات القضائية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store