logo
إدارة ترامب توقف خطط تطوير مشاريع طاقة الرياح البحرية

إدارة ترامب توقف خطط تطوير مشاريع طاقة الرياح البحرية

الجزيرةمنذ 6 أيام
ألغت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خطط تطوير مشاريع جديدة لطاقة الرياح البحرية في المياه الفدرالية، ويمثل هذا القرار خطوة أخرى تتخذها الإدارة لإضعاف نمو طاقة الرياح في الولايات المتحدة، على خلفية تراجعات في السياسات المناخية بشكل عام.
وأعلن وزير الداخلية الأميركي دوغ بورغوم أن الولايات المتحدة ستنهي المعاملة التفضيلية لمنشآت طاقة الرياح والطاقة الشمسية، التي وصفها بأنها مصادر طاقة غير موثوقة وخاضعة لسيطرة أجنبية.
وتدرس الوزارة أيضا سحب المناطق على الأراضي الفدرالية ذات الإمكانات العالية لطاقة الرياح البرية من أجل تحقيق التوازن بين تطوير الطاقة والاستخدامات الأخرى مثل الترفيه والرعي.
وكانت الإدارة الأميركية السابقة قد خصصت أكثر من 3.5 ملايين فدان لتكون مناطق لإقامة مزارع طاقة رياح، وهي المواقع البحرية الأنسب لتطوير طاقة الرياح، وتقع قبالة سواحل تكساس ولويزيانا وماين ونيويورك وكاليفورنيا وأوريغون، وكذلك في وسط المحيط الأطلسي.
وفي العام الماضي، أعلن الرئيس السابق جو بايدن عن جدول زمني مدته 5 سنوات لتأجير مناطق بحرية اتحادية لتطوير طاقة الرياح، لكن الرئيس ترامب دأب على عكس سياسات الطاقة في البلاد منذ توليه منصبه في يناير/كانون الثاني. ووقع الرئيس الجمهوري سلسلة من الأوامر التنفيذية التي تهدف إلى زيادة إنتاج النفط والغاز والفحم.
وأعرب ترامب عدة مرات عن عدائه للطاقة المتجددة، وخاصة طاقة الرياح البحرية، كما أثارت أجندته المتعلقة بالوقود الأحفوري انتقادات من علماء المناخ والمدافعين عن البيئة.
وجاءت انتقادات ترامب الأخيرة خلال زيارة إلى أسكتلندا الأسبوع الماضي، إذ وصف توربينات الرياح بأنها "وحوش قبيحة" في مؤتمر صحفي مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، وحث الزعيم البريطاني على الاعتماد على نفط وغاز بحر الشمال بدلا من ذلك.
وقبل ذلك، هاجم ترامب أيضا طاقة الرياح خلال مؤتمر صحفي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، واصفا إياها بأنها "عملية احتيال" "لا تنجح"، وهي ادعاءات مضللة تم فضحها على نطاق واسع.
وتعرضت وزارة الطاقة الأميركية الخميس الماضي أيضا لانتقادات شديدة بسبب إشادتها بالفحم، باعتبارها غير مبالية بالواقع الملح المتمثل في تغير المناخ و الاحتباس الحراري العالمي، مع تفاقم الكوارث المناخية والطقس المتطرف في جميع أنحاء العالم.
وقبل ذلك أعلن مدير وكالة حماية البيئة لي زيلدين الثلاثاء الماضي خطة الوكالة لإلغاء ما وصفه بـ"التصنيف الخطير" للاحتباس الحراري بكونه يمثل خطرا على صحة الإنسان والبيئة، ووصف هذه الخطة بأنها أكبر إجراء إلغاء للقيود التنظيمية في تاريخ الولايات المتحدة، وهو ما أثار انتقادات واسعة من المنظمات البيئية.
وإذا أُقرت هذه الخطة نهائيا، فمن شأن ذلك أن ينهي الحدود الحالية المفروضة على تلوث الغازات المسببة للاحتباس الحراري من عوادم السيارات ومحطات الطاقة والمداخن وغيرها من المصادر، كما أنه يعوق الجهود الأميركية المستقبلية لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

موسكو تحذر من "جهود جبارة" لعرقلة لقاء بوتين وترامب
موسكو تحذر من "جهود جبارة" لعرقلة لقاء بوتين وترامب

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

موسكو تحذر من "جهود جبارة" لعرقلة لقاء بوتين وترامب

قال مسؤول روسي رفيع -اليوم السبت- إن بعض الدول ستبذل "جهودا جبارة" لعرقلة اجتماع مرتقب أعلن عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس سيعقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصف الشهر الجاري. وفي منشور على تلغرام، قال المبعوث الروسي لشؤون الاستثمار كيريل دميترييف "مما لا شك فيه أن عددا من الدول الراغبة في استمرار الصراع ستبذل جهودا جبارة لعرقلة الاجتماع"، موضحا أنه يقصد بالجهود "الاستفزازات والتضليل". وأعلن الرئيس الأميركي في وقت سابق أنه سيلتقي نظيره الروسي الجمعة المقبل بولاية ألاسكا، لبحث اتفاق نهائي بين موسكو وكييف من أجل وضع حد للحرب المستمرة منذ فبراير/شباط 2022. ولم يُكشف عن مضمون الاتفاق بعد، لكنه ربما يطالب أوكرانيا بالتخلي عن مساحات شاسعة من أراضيها، وهو أمر تعارضه عدد من الدول الأوروبية. واتهم دميترييف دولا لم يحددها بالاسم بالسعي إلى إطالة أمد الحرب. ولم يسم دميترييف الدول التي يقصدها أو نوع "الاستفزازات"التي ربما تقدم عليها، في حين أكدت الرئاسة الروسية (كرملين) أيضا خطط عقد القمة. خيارات السلام وفي السياق ذاته، نقلت رويترز عن يوري أوشاكوف مساعد بوتين أن الزعيمين "سيركزان على مناقشة خيارات التوصل إلى حل سلمي طويل الأمد للأزمة الأوكرانية" المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات. وستكون قمة ألاسكا المرتقبة، الأولى بين رئيس أميركي وروسي منذ لقاء للرئيس الأميركي السابق جو بايدن وبوتين في جنيف في يونيو/حزيران 2021. وآخر لقاء جمع ترامب وبوتين كان عام 2019 خلال قمة مجموعة العشرين في اليابان إبان ولاية ترامب الأولى، لكنهما تحدثا هاتفيا مرات عدة منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي.

تمويل مراكز احتجاز المهاجرين من أموال الطوارئ يثير جدلا في أميركا
تمويل مراكز احتجاز المهاجرين من أموال الطوارئ يثير جدلا في أميركا

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

تمويل مراكز احتجاز المهاجرين من أموال الطوارئ يثير جدلا في أميركا

واشنطن – مع انقضاء المهلة التي حددتها الحكومة الفدرالية الأميركية، أمس الجمعة، أمام الولايات الراغبة في الاستفادة من مبلغ 608 ملايين دولار من أموال "وكالة الطوارئ الفدرالية" لبناء أو توسيع مراكز احتجاز المهاجرين، يتجدد الجدل حول حدود توظيف موارد الطوارئ في سياسات الإدارة الأميركية. ويأتي القرار في إطار سياسة المراجعة الشاملة للإنفاق الفدرالي التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب منذ بداية ولايته الثانية، وشملت برامج أساسية في وكالة الطوارئ، كبرنامج الغذاء والمأوى، ما أدى إلى تأخير صرف مِنَحها لأشهر. ويرى منتقدون أن تحويل أموال الإغاثة المخصصة للكوارث الطبيعية نحو مشاريع أمنية يعكس تحولا في أولويات العمل الفدرالي، ويهدد قدرة الوكالة على الاستجابة للطوارئ المستقبلية، فضلا عن تعقيد الأوضاع الإنسانية على الأرض. انتقادات ومبررات وأثارت هذه السياسات انتقادات حادة من منظمات حقوقية ترى فيها "تصعيدا للإجراءات العقابية بحق المهاجرين على حساب الحلول الإنسانية". وكشفت تقارير حديثة عن أوضاع مأساوية داخل مراكز احتجاز المهاجرين الحالية، إذ وثَّقت منظمة " هيومن رايتس ووتش" مؤخرا حالات وفاة لمهاجرين في مراكز احتجاز بولاية فلوريدا نتيجة الإهمال الطبي وغياب الرقابة، محذرة من تفاقم هذه الانتهاكات مع افتتاح المركز الجديد " أليغاتور ألكاتراز"، الذي لا تتوفر فيه شفافية إعلامية حتى الآن. ويذهب الاتحاد الأميركي للحريات المدنية إلى تشبيه التوسّع الحالي في معسكرات الاحتجاز بـ"أحلك الفصول" في التاريخ الأميركي الحديث، واصفا -في بيان صدر مؤخرا- هذا التوجه بأنه "مخزٍ ومتهور"، كما انتقد استعانة الإدارة بالجيش وقواعده لإقامة مخيمات احتجاز جماعية، واعتبر أن هذه السياسات تمثّل "اعتداء صارخا على حقوق الإنسان والقيم الأميركية الأساسية". في المقابل، ترى الولايات المؤيدة للقرار أن التمويل الفدرالي يُشكِّل "أداة دعم" حيوية لمواجهة ما تصفه بـ"أزمة حدودية خانقة". وأعلن حاكم ولاية فلوريدا الجمهوري رون دي سانتيس أنه سيطلب جزءا من هذه الأموال لتغطية تكاليف مركز الاحتجاز "أليغاتور ألكاتراز"، الذي يثير جدلا واسعا بسبب نفقاته التشغيلية التي قد تصل إلى 450 مليون دولار سنويا، وسط جدل حقوقي حول طبيعته العقابية. ويُتوقع أن تتقدم ولايات حدودية أخرى مثل تكساس و أريزونا ونيو مكسيكو بطلبات للاستفادة أيضا، خاصة تلك التي لها تاريخ طويل في معالجة تدفقات المهاجرين، رغم أن التفاصيل غير موثّقة رسميا حتى الآن. وتؤكد وزارة الأمن الداخلي أن التمويل الفدرالي عبر وكالة الطوارئ يهدف لمساعدة الولايات في مواجهة تدفقات المهاجرين ولسد النقص في مراكز الاحتجاز الحالية. وفي السياق، قالت وزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم إن "الإدارة الحالية تعمل بسرعة فائقة وبطرق مبتكرة لتنفيذ تفويض الشعب الأميركي بعمليات ترحيل جماعية للمهاجرين غير النظاميين"، مضيفة أن المرافق الجديدة ستقام في غضون أيام بتمويل جزئي من "برنامج المأوى والخدمات" التابع للوكالة. غير أن هذه المبررات لم تُقنع خبراء قانونيين يرون أن القرار يثير إشكاليات دستورية تتعلق بحدود صلاحيات الرئيس في التحكم بالإنفاق الفدرالي، ويمثل سابقة مقلقة قد تنطوي على مخالفة للأعراف القانونية والفدرالية. ويرى البروفيسور المختص في القانون الدستوري والموازنة بجامعة جورجتاون ديفيد سوبر أن هذا التوجيه يفتقر للأساس القانوني، موضحا أن قانون ستافورد -الذي يمنح الوكالة معظم صلاحياتها- صيغ بمرونة تسمح باستخدامه في مواجهة الكوارث الكبرى مثل الفيضانات والزلازل والعواصف، وحتى جائحة كورونا، لكن ادعاء الإدارة الحالية بوجود "حالة طوارئ" على الحدود يفتقر -برأيه- للأدلة الملموسة. ويحذّر سوبر، في حديث خاص للجزيرة نت، من أن هذا التوجه يضع "سلطة التحكم في الأموال" بيد الرئيس، وهي صلاحية يمنحها الدستور الأميركي للكونغرس حصريا، مضيفا أن "وزارة العدل -بوصفها الجهة المخوّلة بوقف أي إنفاق غير مصرح به- تساند الأجندة السياسية للرئيس دون مساءلة، مما يفتح الباب أمام تجاوزات أوسع". ويشبّه سوبر ما يجري حاليا بمحاولة إدارة ترامب السابقة تحويل أموال من ميزانية الجيش لبناء الجدار الحدودي، مؤكدا أن "الأساس القانوني الذي اعتمد عليه حينها كان محل شك، لكنه كان أقوى بكثير من الأساس الذي تستند إليه الإدارة في الخطوة الحالية. آثار مباشرة من جهتها، ترى المختصة الاجتماعية بولاية تكساس لونا رودريغيز أن توجيه موارد الطوارئ لبناء المزيد من مراكز الاحتجاز "يزيد تعقيد المشهد الإنساني على الأرض". وتقول للجزيرة نت إن التركيز على الحلول الأمنية واحتجاز المهاجرين يأتي على حساب المقاربات الإنسانية الواجبة، مثل تحسين ظروف الاستقبال، وتوفير المأوى والرعاية الأساسية للفارِّين من أوضاع مضطربة. وتقول رودريغيز، التي تعمل بشكل مباشر مع أسر مهاجرين من أوضاع قانونية مختلفة، إن "القرارات الجديدة خلقت مناخا من الخوف والانعزال يتجاوز المهاجرين غير النظاميين ليشمل المقيمين القانونيين والمجتمع ككل". وتضيف أن كثيرين باتوا يتجنبون القيام بمهام أساسية مثل التسوق أو زيارة الطبيب خشية التعرض للتوقيف، وهو ما يعمق -حسبها- حالة من عدم الاستقرار ويقوّض الثقة بين السكان والسلطات. وتختم رودريغيز بالقول إن "هذه البيئة، التي تغذيها الإجراءات الفدرالية المتشددة، تدفع العائلات إلى العيش في و(ضعية البقاء) الدائم، وإعادة ترتيب حياتها على أساس احتمال فقدان أحد أفرادها بأي لحظة بسبب الاحتجاز أو سوء المعاملة أو الترحيل".

هل تكون أفريقيا طوق نجاة للاقتصاد الكندي؟
هل تكون أفريقيا طوق نجاة للاقتصاد الكندي؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

هل تكون أفريقيا طوق نجاة للاقتصاد الكندي؟

مثّلت عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدة السلطة السياسية في بلاده بداية عاصفة تجارية لم تكد تنجو من تداعياتها أي من الاقتصادات العالمية، في حين كان لها وقع خاص على الأسواق الكندية التي عاشت "شهر عسل" امتد عقودا طويلة مع الجارة الجنوبية، أفاقت منه على مشهد جديد بشكل كامل. وفي ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية الأميركية، وجدت أوتاوا نفسها أمام حتمية إستراتيجية للبحث عن أسواق وشراكات جديدة وإعادة رسم خريطتها الاقتصادية العالمية التي تبرز فيها أفريقيا بكل ما توفره من فرص كجزء من الحل للمأزق الاقتصادي ل كندا. كان من الملاحظ صدور إستراتيجية كندية جديدة تجاه أفريقيا في مارس/آذار الماضي مع تزايد حالة اللايقين الناتجة عن سياسات الرئيس الأميركي. View this post on Instagram A post shared by الجزيرة الوثائقية (@aljazeeradocumentary) طعنة واشنطن غير المتوقعة لطالما كانت الولايات المتحدة أبرز الشركاء التجاريين لكندا؛ إذ تميزت العلاقة بين البلدين في هذا القطاع بدرجة عالية جدا من التكامل والترابط الذي نما عبر العقود، وهو ما أدى إلى حالة من الحساسية العالية لاقتصاد أوتاوا حيال أي تطورات مرتبطة بديناميات السوق الأميركية وسياسات واشنطن حيالها. وبلغة الأرقام، تشير ورقة بحثية ضمن "مكتبة البرلمان الكندي" إلى بلوغ حجم التجارة الثنائية في السلع بين الطرفين عام 2023 نحو 968.4 مليار دولار كندي، مثلت قيمة الصادرات الكندية منها 594.8 مليار دولار كندي، بفائض تجاري كبير لأوتاوا بلغت قيمته 221.1 مليار دولار كندي. في حين استحوذت واشنطن وحدها على 77.4% من إجمالي الصادرات الكندية و49.5% من إجمالي الواردات الكندية في عام 2023، وهذا يؤكد موقعها المهيمن كأكبر شريك تجاري لكندا في التبادل التجاري. هذه الأرقام نجد نظيراتها في قطاعات أخرى كالخدمات والاستثمار المباشر، إذ كانت كندا والولايات المتحدة أكبر وجهة أجنبية للاستثمارات المباشرة للأخرى عام 2023، فبلغ إجمالي مخزون الاستثمار الأجنبي المباشر الكندي في الولايات المتحدة 1.1 تريليون دولار كندي، والأميركي في كندا 618.2 مليار دولار كندي. وقد مثّل انتخاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب بداية لمرحلة جديدة في العلاقة مع أوتاوا تميزت بسياسات حمائية وفرض تعريفات جمركية متبادلة، شملت قطاعات كندية تمتد من منتجات الصلب والألومينيوم (50%) إلى السيارات والشاحنات الخفيفة وقطع الغيار (25%) ومنتجات الطاقة والبوتاس (10%). وتركت هذه السياسات الأميركية الحمائية آثارها على اقتصاد جارتها الشمالية؛ إذ سجلت كندا في أبريل/نيسان أكبر عجز تجاري شهري لها على الإطلاق، كما انخفضت الصادرات من الولايات المتحدة بنسبة 10 نقاط مئوية بين مايو/أيار 2024 ومايو/أيار 2025، في حين تعاني القطاعات الكندية الحساسة للتجارة التي تمثل نحو ثلث الناتج القومي من ضعف الأداء؛ إذ يندرج تحتها قطاعات كالتصنيع والطاقة والزراعة. كندا والبديل الأفريقي أمام هذه الضغوط، لا تبدو معزولةً الدعوةُ التي تنادي بضرورة البحث عن أسواق بديلة، إذ يوضح تحليل منشور على منصة "إنفستنغ" أنه بحسب بيانات حكومية جديدة، تبحث الشركات الكندية عن أسواق بديلة إضافية لتقليل اعتمادها على الاقتصاد الأميركي. وفي هذا السياق، تطالب السيناتورة عن مقاطعة كيبيك، أمينة جربا بالخروج من هذا "الوضع الهش" عبر الاستلهام من دول مجموعة السبع مثل اليابان وإيطاليا، التي ساعدت شركاتها بشكل استباقي على الاستفادة من الفرص الهائلة المتاحة في الأسواق الأفريقية الناشئة. وعبر مقالها المنشور على موقع البرلمان الكندي، تلقي جربا الضوء على العديد من المميزات التي تتمتع بها أفريقيا من قبيل أن تطبيق منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية سينشئ سوقا موحدة تضم 54 دولة وأكثر من 1.3 مليار نسمة ومن المتوقع أن يصل إلى 2.4 مليار نسمة خلال 20 عاما، إذ ستعزز هذه الاتفاقية التجارة البينية الأفريقية، والقدرة التنافسية للفاعلين الاقتصاديين في أفريقيا، وتزيد الاستثمار الأجنبي المباشر. وتحت عنوان "لماذا أفريقيا؟ بناء الروابط الاقتصادية بين كندا وأسرع قارات العالم نموا"، يشرح تحليل مطول أجرته سيورياك للاستشارات بالتعاون مع مجلس الأعمال الكندي المعنى الاقتصادي لهذه الزيادة السكانية، إذ إنه بحلول 2030 سيُصبح 212 مليون أفريقي من دول جنوب الصحراء جزءا من الطبقة المتوسطة، بزيادة 86% عن عام 2015، كما أن المتوقع نمو استهلاك الأسر من 1.4 تريليون دولار أميركي في 2015 إلى تريليوني دولار في 2025. كما يتوقع التحليل المنشور عام 2020 أنه بحلول عام 2045 سيكون عدد سكان أفريقيا الحضريين أكبر من الصين أو الهند، ما سيجعل المستهلكين الأفارقة أكثر ارتباطا بالسوق العالمية، في حين يوضح بعض الاقتصاديين أن هذا النمو سيرافقه إمكانات استثمار في قطاعات مختلفة ناشئة كالنقل والخدمات اللوجيستية والعقارات والاتصالات والتعليم والتكنولوجيا الزراعية. وإن كان التحليل السابق يتحدث عن تواريخ بعيدة نسبيا فإن البيانات المنشورة على "وان داتا" توضح أنه نتيجة ضعف الوجود التجاري الكندي في أفريقيا تفقد الشركات الكندية حاليا 1.7 مليار دولار كندي من عائدات التصدير المحتملة، مع احتمال تزايد هذه الفجوة إلى 2.7 مليار دولار كندي بحلول عام 2030 ما لم تُبذل جهود حثيثة لمعالجتها. ويطرح التحليل المذكور نماذج لمنتجات وقطاعات تملك كندا فيها ميزات تنافسية عالية، فإثيوبيا هي ثالث أكبر مستهلك للبازلاء في العالم وتأتي كندا ضمن أكبر منتجيها عالميا، كما أن من المتوقع أن يشهد استهلاك الأرز زيادة ملحوظة في دول كمدغشقر (+36.3%)، ونيجيريا (+32.6%)، ومصر (+16.7%) خلال العقد المقبل، وهو يتيح لكندا إمكانية تنويع صادراتها من الأرز بعيدا عن الولايات المتحدة. وإن ابتعدنا عن قطاع الزراعة، فإن التقديرات تشير إلى تجاوز استهلاك أفريقيا من البلاستيك والمطاط ما تستهلكه أميركا الشمالية وأوروبا بحلول عام 2035، مما يُتيح فرصة سانحة للمصدرين الكنديين. إضافةً إلى ذلك يُمكن لكندا دعم أفريقيا في إدارة النفايات البلاستيكية، نظرا لريادتها الدولية في هذا القطاع. مورِّد محتمل أيضا هذا التوسع الاستهلاكي الذي يفتح شهية الشركات الكبرى للتوجه نحو أفريقيا ليس وحده الدافع لوضعها تحت المجهر الكندي، إذ تبين بعض التحليلات أن القارة السمراء قد توفر بديلا عن المنتجات الأميركية في ظل الرسوم الجمركية المتبادلة مع الولايات المتحدة، وكذلك سعي المستهلكين والموردين الكنديين لتجنب بضائع جارتهم الجنوبية. وفي هذا السياق، تضرب البيانات المنشورة على "وان داتا" العديد من الأمثلة، فـ61% من واردات كندا من البن المحمص تأتي من الولايات المتحدة، على الرغم من أن حبوب البن تأتي أصلا من مناطق أخرى، منها دول أفريقية كإثيوبيا وأوغندا. كما تعد الشوكولاتة مثالا آخر، إذ تستورد كندا 56% من إنتاجها من هذه المادة من الولايات المتحدة التي تستورد حبوب الكاكاو الخام وتعالجها، ثم تصدر المنتجات النهائية، في حين يستطيع التجار الكنديون استيراد المادة نفسها من دول كغانا وساحل العاج اللتين تمثلان 50% من إنتاج الكاكاو العالمي. وهكذا، تستطيع كندا من خلال بناء سلاسل توريد مباشرة مع مصدري البن والكاكاو الأفريقيين، تعزيز الاستفادة من القيمة في المنشأ وتقليل الاعتماد على الوسطاء الأميركيين. الواقع الاستثماري الكندي في أفريقيا شهدت السنوات الأخيرة اهتماما كنديا متزايدا بالسوق الأفريقية، ورغم تأخر أوتاوا عن نظيراتها من دول السبع في هذا المجال فقد أظهرت الأرقام الرسمية تصاعدا كبيرا في التبادلات التجارية بين الجانبين منذ عام 2020. فقد نمت صادرات السلع من كندا إلى أفريقيا بنسبة 13% وواردات السلع من أفريقيا بنسبة 130% بين عامي 2019-2023، في حين بلغ إجمالي تجارة السلع في عام 2024 نحو 15.1 مليار دولار، بزيادة تقارب 30% في 5 سنوات. وعلى المستوى الرسمي، عززت كندا بشكل ملحوظ مشاركتها السياسية مع أفريقيا على مدى السنوات الخمس الماضية، وشمل ذلك حوارات رفيعة المستوى مع القادة ومفوضية الاتحاد الأفريقي ، وتعيين مبعوثين خاصين جدد، وإنشاء سفارة جديدة. وعام 2024 بلغ عدد مفوضي التجارة الكنديين والمحليين 50 يعملون في 22 مكتبا أفريقيا، وتنحصر مهمتهم في مساعدة الشركات الكندية على تحديد الفرص في الدول الأفريقية والسعي وراءها، كما تستفيد 40 من هذه الدول من إمكانية الوصول المعفى من الرسوم الجمركية إلى السوق الكندية على السلع كلها تقريبا من خلال التعرفة الجمركية لأقل البلدان نموا. وفي سبيل تهيئة مناخ استثماري أكثر استقرارا للقطاع الخاص الكندي، عقدت أوتاوا اتفاقيات لتعزيز وحماية الاستثمار الأجنبي مع دول، كبنين وبوركينا فاسو والكاميرون وساحل العاج ومصر ومالي. وتعد قطاعات كالتعدين والطاقة في مقدمة المجالات التي تنشط فيها الشركات الكندية في أفريقيا، كما تمتد الاستثمارات أيضا إلى النقل وتجهيز الأغذية والضيافة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بجانب الاستفادة من الخبرة الكندية في التعدين المستدام والتقنيات الخضراء. إستراتيجية كندية جديدة تجاه أفريقيا الواقع الاقتصادي الجديد مثل دافعا نحو بلورة رؤية إستراتيجية رسمية لأوتاوا فيما يخص العلاقات مع القارة السمراء تتجاوز الدور التقليدي كمانح للدعم. فقد استثمرت كندا ما يقارب 4.5 مليارات دولار كندي في برامج المساعدات الدولية الثنائية في أفريقيا على مدى السنوات الخمس الماضية، بهدف بناء الاقتصادات الأفريقية، ودعم الصحة والتعليم، وتلبية الاحتياجات الإنسانية، وقد زادت أوتاوا المساعدات الدولية المقدمة لأفريقيا بنسبة 52% خلال السنوات الثماني الماضية. وتجسد "إستراتيجية كندا لأفريقيا: شراكة من أجل الازدهار والأمن المشتركين" التي أطلقتها الحكومة الكندية في 6 مارس/آذار 2025 تتويجا لهذا التوجه الجديد، إذ هدفت إلى الانخراط بشكل أعمق مع القارة السمراء، من خلال تعاون اقتصادي أكبر، وشراكات سلام وأمن مُعززة، ومشاركة مُعززة لمجتمعات الشتات الأفريقي في كندا، ومساعدات دولية تدعم التنمية الاقتصادية وتوظيف الشباب. وبالتوافق مع "أجندة 2063: أفريقيا التي نريدها" التي أعلنها الاتحاد الأفريقي، ستعمل الإستراتيجية الكندية الجديدة في 5 مجالات رئيسية تشمل: تعزيز المشاركة الدبلوماسية عبر تعيين مبعوثين خاصين وافتتاح سفارات جديدة. وتعزيز التعاون الاقتصادي من خلال بعثة تجارية رفيعة المستوى إلى أفريقيا. وإنشاء مركز تجاري أفريقي. ودعم إضافي لتنفيذ منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية. والتفاوض على اتفاقيات تعزيز وحماية الاستثمار الأجنبي والشراكات البحثية. عوائق وتحديات بينما توفر أفريقيا فرصا استثمارية كبيرة لكندا، فإن الطريق نحو هذه المكاسب ليس ممهدا دوما، إذ تشير دراسة منشورة على "مجلة عمليات الأوراق المالية والحفظ" في خريف 2024، إلى الاستقرار السياسي كعامل رئيسي في اجتذاب الاستثمارات الأجنبية، إذ يضمن بيئة عمل قابلة للتنبؤ، واتساقا تنظيميا، في حين يخلق عدم الاستقرار السياسي، الذي تتصف به الكثير من الدول الأفريقية، حالة من عدم اليقين تثبط الاستثمار الأجنبي. ويتعلق تحدٍ آخر، كما يوضح متخصص تطوير الأعمال، ستان وايتينغ، في مقال نشره على منصة "موور جنوب أفريقيا"، بضعف البنية التحتية ونقص الخبرة في قطاع الخدمات اللوجيستية، ما يعيق عمليات استيراد وتصدير السلع والمعادن الإستراتيجية المجدية اقتصاديا، واللازمة لإنشاء أسواق وبنى تحتية جديدة. ومع تأكيد العديد من الاقتصاديين الكنديين أن بلادهم "آخر الواصلين إلى الحفلة" الأفريقية، تجد الشركات الكندية نفسها في منافسة كبيرة مع القوى العالمية الأخرى، ما يفرض عليها المزيد من الأعباء المتعلقة بتبني إستراتيجيات قوية لإدارة المخاطر والاستفادة من الدعم المتاح للتنقل في هذه البيئة التنافسية، لضمان نجاح توجهها نحو القارة. وتعد حالة الاعتمادية المتبادلة طويلة الأمد مع الاقتصاد الأميركي عائقا من نوع مختلف أمام التوجه الكندي نحو الخارج، إذ يشير تحليل منشور على موقع "سكوشيا بنك" إلى أن تنويع تجارة السلع نحو الأسواق الخارجية سيتطلب إعادة تفكير وإعادة تشكيل البنية التحتية التجارية الحالية لكندا والتخلص من "تحيزها" نحو التجارة مع الجارة الجنوبية. هذا النوع من التحول يتضمن استثمارا كبيرا في البنية التحتية البحرية والجوية، التي تمثل حاليا المنفذ لحصة كبيرة من الصادرات إلى دول غير الولايات المتحدة، بما يعني تحولا في احتياجات الإنفاق الرأسمالي نحو توسيع الموانئ والمطارات المهمة للتجارة مع الأسواق غير الأميركية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store