logo

أسباب تحرير الاقتصاد السعودي من تقلبات النفط

الاقتصاديةمنذ 2 أيام
بموجب المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي، يقوم الصندوق سنويا بمراقبة السياسات الاقتصادية والمالية وسياسات أسعار الصرف لأعضائه لضمان فاعلية عمل النظام النقدي الدولي. وللوصول إلى التقييم المناسب يبعث الصندوق فريق من الخبراء للدولة العضو، لجمع البيانات وتحليلها وإجراء مناقشات مع مسؤولي الحكومة. هذه المنهجية والمناقشات تتسم بالجدية التامة والصرامة العملية والعلمية وتأخد المناقشات مسارات عدة، وقد تشرفت خلال عملي في مجلس الشورى بالمشاركة في بعض هذه الاجتماع بحكم عضويتي في اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس، لذلك فإن تقرير خبراء الصندوق ينظر إليه دائما باهتمام، لما يتضمنه من جوانب، قد نتفق معها أحيانا وقد نختلف.
وفي 28 يوليو الماضي، اختتم صندوق النقد الدولي دراسة مشاورات المادة الرابعة مع السعودية وتم نشر البيان الصحفي ذي الصلة على الموقع الإلكتروني للصندوق. وقد جاءت تأكيدات خبراء الصندوق متوافقة إلى حد بعيد مع الوقائع التي يشهدها الاقتصاد السعودي حاليا، فقد أكد صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي يتمتع اليوم بقوة في مواجهة الصدمات، والمقصود بالصدمات هنا - غالبا – هي الصدمات التي تتسبب فيها تقلبات أسعار النفط، وهذه المسألة كانت من أكثر القضايا التي عاناها الاقتصاد السعودي منذ بدء إنتاج النفط، فقد كانت الدورات الاقتصادية السعودية تبدأ وتنتهي مع كل موجة من ارتفاع وانخفاض أسعار النفط، بل حتى المشاريع التنموية كذلك، وكانت أهم وعود رؤية السعودية 2030 وما تبعها من تغيرات هيكلية مالية وإدارية هو الوصول إلى فصل صحي بين تقلبات أسعار النفط وبين نمو الاقتصاد السعودي، ويمكن القول اليوم وبشهادة خبراء الصندوق أن الاقتصاد يتمتع بهذه الميزة، وأن الرؤية قد أوفت بما وعدت.
وأننا قد نجونا بحمد الله مما يسمى بالمرض الهولندي، ويعود السبب الأساس كما جاء في تقرير الصندوق إلى استمرار نمو الأنشطة الاقتصادية غير النفطية واحتواء التضخم، وهنا سوف أقف مع كلمة استمرار، فهذه العبارة لا تستخدم عادة في التقارير الاقتصادية كتعبير عن حالة راهنة بل عن مسار واتجاه، فالاستمرار في نمو القطاعات غير النفطية الذي تحقق من خلال جهود تنويع بقطاعات التجزئة والضيافة والبناء لكي ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي غير النفطي في 2024، بنسبة 4.5%، وذلك برغم كل الصدمات التي شهدتها أسعار النفط في السنوات الماضية وهذا ما منح خبراء الصندوق الدليل الكافي على أن الاقتصاد السعودي يتمتع اليوم بقوة أصبحت مستدامة بإذن الله لمواجهة الصدمات، خاصة إذا أضفنا إلى ذلك المشاريع الكبيرة القادمة والأحداث الكبرى مثل إكسبو الرياض 2030 وكأس العالم 2034 بما تمنحه للاقتصاد من زخم للناتج المحلي من نمو.
ووفقا للنشرة الصحفية للصندوق فإن الأسباب الكامنة الأخرى التي تقف خلف هذا الصمود والثقة الكبيرة في الاقتصاد السعودي – وهو مما أشاد به الصندوق - إبقاء التضخم تحت السيطرة، وتباطؤ زيادات إيجارات المساكن وانخفاض معدل البطالة بين المواطنين السعوديين أدنى مستوى له على الإطلاق، ولا شك أن انخفاض معدلات البطالة بين الشباب والإناث إلى النصف على مدى 4 سنوات أتي أساسا من حل المشكلة الأصلية وهي تنويع الاقتصاد فهي نتيجة وإن بدت سببا.
ومن الأسباب الكامنة لهذا النجاح استقرار صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي السعودي عند 415 مليار دولار أمريكي، مُغطيًا 187% من معيار كفاية الاحتياطيات لصندوق النقد الدولي والتحسن الملحوظ في شفافية المالية العامة، والجهود الجارية لتحليل المخاطر، ما قاد إلى زيادة في ثقة المستثمرين باستدامة السياسات المالية.
من الأسباب كذلك قوة النظام المصرفي مع ما يتمتع به من رأسمال جيد وربحية جيدة، وسيولة ملائمة، مع يقظة البنك المركزي في رصد المخاطر المحتملة، ومن الأسباب أيضا التحسينات في البيئة التنظيمية وبيئة الأعمال، ورأس المال البشري، ومشاركة المرأة في العمل، والحوكمة، ووصول الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى التمويل، والتكامل التجاري الإقليمي، ومن الأسباب التقدم المستمر في تعميق سوق رأس المال المحلي، وهو ما أسهم في تنويع مصادر التمويل.
هذه النجاحات تحققت – كما قال الصندوق - بدعم من الإصلاحات الجارية في ظل "رؤية السعودية 2030" لتنويع نشاط الاقتصاد السعودي وفي وقت يواجه العالم أجمع حالة عدم اليقين بل صدمات مرعبة ليس أقلها تلك التي ارتبطت بالرسوم الجمركية.
باحث اقتصادي وأكاديمي
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"سواني" السعودية تدشن مزرعة نموذجية بطاقة إنتاجية نصف مليون لترٍ من الحليب شهريا
"سواني" السعودية تدشن مزرعة نموذجية بطاقة إنتاجية نصف مليون لترٍ من الحليب شهريا

الاقتصادية

timeمنذ 20 دقائق

  • الاقتصادية

"سواني" السعودية تدشن مزرعة نموذجية بطاقة إنتاجية نصف مليون لترٍ من الحليب شهريا

أعلنت شركة "سواني"، المالكة للعلامة التجارية "نوق" المملوكة لـ "صندوق الاستثمارات العامة السعودي"، المتخصصة في حليب الإبل ومنتجاته، تدشين المزرعة النموذجية، ومصنع حليب الإبل على الصعيد العالمي، بالتعاون مع شركة (GEA) الألمانية المتخصصة في أنظمة المحالب الحديثة. وأوضح رئيس قطاع الزراعة والإبل، فوزان الماضي، عن قدرة المنشأة الاستيعابية، التي تصل إلى أكثر من 10 آلاف متن من الإبل مع قدرة إنتاجية شهرية تصل إلى ما يقارب 500 ألف لترٍ من الحليب. وأفاد الماضي، بأنه تم تصميم هذه المنشأة، وفق أعلى معايير الجودة والسلامة الغذائية، وبأعلى التقنيات الحديثة، مبينًا أن الشركة كانت قد أطلقت خلال الفترة الماضية منتجات من حليب الإبل طويلة الأجل بعدة أحجام ونكهات، تستهدف كافة شرائح المستهلكين بما فيهم الأطفال، والبدء بتوزيعها في مناطق السعودية وتصديرها للأسواق الخارجية، وذلك لما يمتلك حليب الإبل من قيمة وعناصر غذائية عالية للإنسان. وتمتلك السعودية بحسب إحصائية وزارة البيئة والمياه والزراعة أكثر من 2.2 مليون متن من الإبل متوزعة في مناطق المملكة الجغرافية، وتعدُّ المملكة من أكبر الدول على الصعيد العالمي في أعداد الإبل، وهي من أبرز بلدان العالم في الإبل، سواءً من حيث العدد أو التنوع الجيني والتراث الثقافي المرتبط بها، مع دور اقتصادي واضح في منتجات اللحوم والحليب. وتعمل شركة "سواني" على تطوير سلالات الإبل المنتجة للحليب؛ بهدف زيادة الطاقة الإنتاجية للمتن الواحد، وتعزيز مكانة المملكة في قطاع حليب الإبل، حيث تسعى الشركة ضمن إستراتيجيتها إلى بناء منظومة إنتاج متكاملة ومستدامة، تعتمد على أحدث الممارسات التشغيلية والبيطرية؛ لرفع كفاءة الإنتاج وجودته. ويتوقع خبراءٌ في مجال الحليب أن تخطو الشركة خطواتٍ واسعةٍ، نحو توفير حليب الإبل في السوق المحلية؛ لتوفير خيار صحي من الحليب المنتج وفق أعلى معايير الجودة الغذائية. يشار إلى أن "سواني" تطمح خلال السنوات القادمة إلى تغطية احتياجات السوق المحلي من حليب الإبل ومشتقاته، وتوفيره عبر منافذ البيع ليصبح في متناول الجميع، في خطوةٍ تعزز مكانتها كعلامةٍ وطنية رائدة، في هذا القطاع الحيوي، كما تسعى إلى التوسع إقليميًا ودوليًا، بما يتناسب مع طموحاتها لأن تكون مسهمًا رئيسًا في سوق منتجات حليب الإبل، مستفيدةً من العمق التاريخي للمنتج السعودي وامتلاك المملكة إحدى أكبر الثروات الإبلية في العالم.

نتنياهو: إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل قطاع غزة
نتنياهو: إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل قطاع غزة

الشرق السعودية

timeمنذ 20 دقائق

  • الشرق السعودية

نتنياهو: إسرائيل تعتزم السيطرة على كامل قطاع غزة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، إن إسرائيل تعتزم السيطرة العسكرية على كامل قطاع غزة، زاعماً أنها لا تريد الاحتفاظ بالقطاع وإنما تريد "محيطاً أمنياً". ورداً على سؤال عما إذا كانت إسرائيل ستسيطر على كامل القطاع قال نتنياهو لشبكة FoxNews: "نعتزم ذلك. لا نريد الاحتفاظ به. نريد إقامة محيط أمني. لا نريد أن نحكمه. لا نريد أن نكون هناك كجهة حاكمة". وأضاف: "نريد تسليم غزة لقوات مسلحة تحكمها بشكل ملائم". وتأتي تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي قبيل اجتماع مرتقب لمجلس الوزراء الأمني المصغر الذي من المقرر أن يبحث خطته للسيطرة على كامل القطاع. وفي وقت سابق الخميس، قال نتنياهو لشبكة CNN18 الهندية، إن إسرائيل لا تريد ضم قطاع غزة، مشيراً إلى وجود خطط لنقل حكم القطاع إلى "جهة مؤقتة". وتابع: "الحرب يمكن أن تنتهي بسرعة (غداً) إذا ألقت حركة حماس سلاحها وأفرجت عن جميع المحتجزين الإسرائيليين دون قيد أو شرط".

بيوت ثقافية جديدة تربط مجتمعات المدن السعودية بنوافذ المعرفة
بيوت ثقافية جديدة تربط مجتمعات المدن السعودية بنوافذ المعرفة

الشرق الأوسط

timeمنذ 20 دقائق

  • الشرق الأوسط

بيوت ثقافية جديدة تربط مجتمعات المدن السعودية بنوافذ المعرفة

دشّنت هيئة المكتبات نشاطات «بيت الثقافة» في 5 مدن سعودية جديدة، من أصل 153 مكتبة وبيت ثقافي تجهز الهيئة لافتتاحها في مختلف المدن والمناطق، ضمن خطة وطنية تستهدف تطوير وتأهيل المكتبات العامة وإعادة تعريف دورها وحضورها في المجتمعات المحلية، وتحويلها إلى منصات معرفية تفاعلية تحتضن الثقافة والمجتمع، وتُعزز من دور المكتبة مركزاً حيوياً للحياة الثقافية والتعليمية. وأطلقت هيئة المكتبات، (الأربعاء)، المرحلة التجريبية من مبادرة تطوير وتأهيل المكتبات العامة بيوتاً ثقافية، في 5 مدن جديدة، تشمل بريدة، حائل، سكاكا، نجران، جيزان، وفتحت أبوابها لجذب فئات متنوعة من الزوار، وتقديم تجربة ثقافية شاملة تمزج بين القراءة، والتعلّم، والفنون، والمشاركة المجتمعية، وتعزيز وظيفة المكتبات غير التقليدية بوصفها بيئات حاضنة للإبداع والتعلّم مدى الحياة. إنجازات تتكامل... وأرقام تعكس الأثر!نُسلط الضوء على أبرز نتائج الربعين الأول والثاني من عام 2025، ضمن مسيرة #هيئة_المكتبات في بناء قطاع معرفي متطور ومؤثر✨ — هيئة المكتبات (@MOCLibraries) August 6, 2025 جاءت المبادرة بعد دراسة ميدانية أجرتها الهيئة لواقع المكتبات في السعودية (هيئة المكتبات) وتعود القصة إلى منتصف يونيو (حزيران) 2020، عندما أطلقت وزارة الثقافة في السعودية، مبادرةً لتطوير المكتبات العامة في البلاد، وتحويلها إلى منصاتٍ ثقافية بمفهوم اجتماعي شامل وحديث، تلتقي فيه جميع أنماط الإبداع الثقافي ويجد فيه الأفراد من مختلف شرائح المجتمع المعرفة والمشاركة والتفاعل. وجاءت المبادرة بعد دراسة ميدانية أجرتها الهيئة لواقع المكتبات في السعودية، ووضعت استناداً إليها خطة تطوير تمتد حتى عام 2030 تستهدف من خلالها إنشاء مكتبات عامة في جميع المناطق، تعتمد في أدائها على مفهوم البيوت الثقافية، الذي يوائم بين الأدوار المعرفية للمكتبات والثقافية لهذه البيوت. تلتقي في بيوت الثقافة أنماط الإبداع الثقافي ويجد فيها الأفراد المعرفة والمشاركة والتفاعل (هيئة المكتبات) في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، قال الدكتور عبد الرحمن العاصم، رئيس هيئة المكتبات في السعودية، إن الهيئة ستبدأ افتتاح بيوت الثقافة في مدينتي أحد رفيدة والدمام، من أصل 153 مكتبة تستعد الهيئة لتطويرها وافتتاحها محلياً، ومع إعلان الافتتاح التجريبي لبيوت الثقافة في مدن الرياض، بريدة، حائل، سكاكا، نجران، جيزان، بالإضافة إلى أحد رفيدة والدمام، تصل مشاريع التحول في المكتبات إلى 8 مدن سعودية، فيما تترقب المجتمعات المحلية، اكتمالاً متوقعاً بوقت قريب، لمشاريع التطوير والبناء الجديدة في مدن جدة والمدينة المنورة، ومنطقة الباحة، وذلك ضمن الوعد الذي أطلقته هيئة المكتبات بخطة وطنية للتوسع. 153 مكتبة تستعد الهيئة لتطويرها وافتتاحها محلياً (هيئة المكتبات) مكتبات عامة في جميع المناطق تعتمد في أدائها على مفهوم البيوت الثقافية (هيئة المكتبات) ومنذ افتتاح هيئة المكتبات السعودية، في مايو من عام 2024، أول بيت ثقافي في البلاد، احتضنته مكتبة الدمام العامة (شرق السعودية)، بدأت مسيرة المشروع، الذي شهد منذ انطلاقه إقامة (93) فعالية حضرها أكثر من (31005) زائرين، إلى جانب تقديم (1703) برامج وأنشطة متنوعة استقطبت أكثر من (63076) مستفيداً من مختلف الفئات العمرية. ويسجل تتابع افتتاحات بيوت الثقافة، بعد تحويلها مراكز ثقافية في مختلف مدن ومناطق السعودية، وتطوير وظيفتها من أماكن لحفظ الكتب إلى منصة لتنمية جودة حياة المجتمعات المحلية، تقدماً في تجسيد الاستراتيجية الوطنية للثقافة التي تبنتها السعودية، ونجحت في بثَّ الحيوية في العديد من المجالات، ومن بينها قطاع المكتبات، حيث تواظب مؤسسات القطاع الثقافي على تعميق مفهوم الثقافة نمطَ حياة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store