
العبقري المتمرد: كيف غيّر بالمر لوكي وجه الصناعة العسكرية؟
منذ ظهور البارود وحتى الثورة الصناعية، كانت التكنولوجيا محركاً رئيسياً لتطوير الأسلحة والتكتيكات العسكرية. واليوم، مع ظهور الطائرات بدون طيار والذكاء الاصطناعي، دخلت الحروب عصراً جديداً يتميز بالدقة والتعقيد. ولكن في الوقت نفسه، يثير هذا التطور تساؤلات حول الأخلاقيات والقانون الدولي، حيث يطرح تحديات جديدة تتعلق بالمسؤولية عن الأفعال التي ترتكبها الأنظمة الآلية، وحقوق الإنسان، والقانون الدولي الإنساني.
في عالم صناعة التكنولوجيا العسكرية التي برزت فيها أسماء مثل "لوكهيد مارتن" و"بوينغ"، لا بد من الوقوف عند اسم بالمر لوكي، الشريك المؤسس لشركة "أندوريل". فما ميز شركة لوكي هو إمكانية تقديم منتجات عالية التقنية وذكية، مع الحفاظ على تكاليف أقل مقارنة بالمنافسين. ذلك على الرغم من التخوف من صراحته الصارخة أن غايته ليست الخير تماماً، إذ يقول "أنا لست مناضلاً من أجل الحقيقة كما يتخيل الناس، بل مناضل من أجل الانتقام"! هذه كلمات مخيفة من رجل يمتلك تقنيات خطيرة قد تهدد البشرية.
لوكي معروف بأسلوبه غير التقليدي، ففي سن مبكرة، قرر أن يكسر القواعد وأن يبني مستقبله بنفسه. فابتكر "أوكيولوس ريفت" التي بيعت لـ"فايسبوك". ولد عام 1992 في كاليفورنيا، ومنذ صغره أظهر شغفاً بالتكنولوجيا، حيث بدأ في تصنيع أجهزة الواقع الافتراضي بعمر 16 سنة.
وفي الوقت الذي تعاني فيه الشركات الكبرى في المجال العسكري من ارتفاع تكاليف التطوير ومشاكل في الإنتاج، استطاع لوكي أن يقدم حلولاً مبتكرة تعتمد على الكفاءة والسرعة وبأسعار تنافسية. هذا النهج المختلف جعل شركة "أندوريل" تبرز كمنافس قوي في السوق العالمي والأميركي على وجه الخصوص.
أعلنت "أندوريل"، الشركة التي تعمل على تطوير طائرات بدون طيار وطائرات وغواصات مستقلة وتقدر قيمتها بـ 14 مليار دولار، أنها تخطط لاستثمار "مئات الملايين" لتطوير منشأة "أرسنال-1". ووعدت بأن المنشأة ستوظف آلاف الأشخاص وستكون قادرة على إنتاج "عشرات الآلاف من الأنظمة العسكرية المستقلة سنوياً". وتهدف الشركة إلى أن تستخدم المنشأة في الغالب مكونات متوفرة تجارياً وتصميمات بسيطة، ما يسمح بالتكيف بشكل أسرع.
برنامج الذكاء الاصطناعي "لاتيس"، تعتبره "أندوريل" نبض التكنولوجيا الخاصة بها، يستطيع أن يتتبع أي مركبة ويحدد مكانها ونوعها، وإذا قرر "لاتيس" تصنيف المركبة ومن يقودها على أنهما "مشبوهان"، فسينفتح صندوق معدني وتنطلق طائرة رباعية قوية تسمى "أنفيل" بسرعة مذهلة، لها غاية واحدة تتمثل في الاصطدام بالهدف وتدميره.
وكانت القوات الجوية الأميركية قد اختارت شركة "أندوريل" لتطوير واختبار طائرات مقاتلة صغيرة بدون طيار. وتفوقت الشركة على شركات كبرى مثل "بوينغ"، و"لوكهيد مارتن"، و"نورثروب غرومان" في الصفقة، وهو فوز كبير للشركة التي يبلغ عمرها 7 سنوات.
تصنع "أندوريل" حالياً أنظمتها في جورجيا وميسيسيبي ورود آيلاند وأوستراليا. وفي حين توفر هذه المواقع للشركة "قدرة تصنيع كبيرة"، تريد الشركة أن تصبح المنشأة الجديدة نموذجاً أولياً لمصنع أسرع وأرخص لبناء الأسلحة، وهو المصنع القادر على زيادة الإنتاج بسرعة. فشركة بالمر لا تركز على صنع عدد قليل من الأنظمة الباهظة الثمن والرائعة، بل تركز على إنتاج منتجات أرخص بكثير، والتي يمكن توسيع نطاقها بشكل مفرط.
وبينما نجحت الشركة في تأمين بعض الصفقات المهمة مع الحكومة الأميركية والجيوش الأخرى، لا تزال الشركات التقليدية تستحوذ على حصة الأسد من أموال الدفاع الأميركية. وتعتقد الشركة أن الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، فضلاً عن التوترات المتزايدة مع الصين، يمكن أن تغير هذه الحسابات.
وقد أطلقت شركة التكنولوجيا الدفاعية مؤخراً طائرة "درون" هجومية جديدة مدعومة بالذكاء الاصطناعي تقول إنه يمكن وضعها داخل حقيبة ظهر. تهدف "أندوريل" على وجه الخصوص إلى زيادة قدرة تصنيع الأسلحة الأميركية، والتي وصفتها بأنها تفتقر إلى الكثير، ساعيةً إلى تقديم نطاق التصنيع الذي كانت حكومة الولايات المتحدة تطلبه منذ سنوات.
في عالم الأعمال والتكنولوجيا، حيث يسود قانون البقاء للأقوى، برز لوكي كشاب طموح. وبصفته مؤسس "أندوريل"، نجح في تحويل فكرته إلى إمبراطورية تكنولوجية. بيع "أوكيولوس ريفت" إلى "فايسبوك" كان مجرد بداية، فمن الواضح أن لوكي لديه الكثير ليقدمه للعالم الذي يجب أن يكون حذراً مِمن يسعى صراحةً إلى الانتقام.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لبنان اليوم
منذ 2 ساعات
- لبنان اليوم
القبة الذهبية: كيف تخطط الولايات المتحدة لتحويل الفضاء إلى خط دفاعي لا يُخترق؟
أحدث إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن مشروع 'القبة الذهبية' موجة واسعة من الجدل على الساحة الدولية، حيث يمثل هذا النظام الدفاعي الطموح خطوة غير مسبوقة نحو تحويل الفضاء الخارجي إلى الدرع الأول لحماية الولايات المتحدة من التهديدات الصاروخية المتطورة. يقوم المشروع على بناء شبكة متكاملة تضم آلاف الأقمار الصناعية المتطورة، صواريخ اعتراض فائقة التقنية، ومراكز قيادة ذكية تدير عمليات الدفاع عبر الذكاء الاصطناعي. في ظل تصاعد التوترات العالمية والتنافس الشرس على التفوق التكنولوجي العسكري في الفضاء، يهدف 'القبة الذهبية' إلى توفير حماية شاملة لأراضي أميركا ضد الصواريخ الباليستية والصواريخ الفرط صوتية عبر منظومة دفاعية متعددة الطبقات. يرتكز النظام على نشر آلاف الأقمار الصناعية منخفضة المدار، مجهزة بأجهزة استشعار فائقة الدقة يمكنها رصد الأجسام التي تتحرك بسرعات تصل إلى أكثر من 20 ضعف سرعة الصوت. إلى جانب ذلك، سيتم إطلاق وحدات إطلاق صاروخية متنقلة وثابتة تعتمد تقنيات متقدمة مثل الليزر والميكروويف لاعتراض الأهداف على ارتفاعات مختلفة، وصولاً إلى المدار الأرضي القريب. العمليات الدفاعية ستكون مدعومة بشبكات ذكاء اصطناعي قادرة على اتخاذ قرارات فورية وتحليل كميات هائلة من البيانات الميدانية، مما يجعل الاستجابة لأي تهديد أسرع وأكثر دقة من أي نظام دفاعي سابق. كما أن النظام مصمم ليعمل بتكامل تام مع أنظمة الدفاع الحالية مثل Aegis وTHAAD وPatriot، ليشكل بذلك جدار حماية متماسك ومتعدد الطبقات. لكن 'القبة الذهبية' ليست مجرد منظومة دفاعية؛ بل هي جزء من استراتيجية أميركية واسعة تهدف إلى فرض السيطرة العسكرية على الفضاء، حيث يرى ترامب ومستشاروه أن السيطرة على المدار الأرضي المنخفض تعني الهيمنة الجيوسياسية في المستقبل. ومن هنا، يعكس المشروع رغبة الولايات المتحدة في إعادة رسم موازين القوة العالمية عبر التحكم في ساحة الفضاء كمنطقة استراتيجية حاسمة. أعلن البيت الأبيض عن نية إشراك الدول الحليفة في هذا المشروع ضمن تحالفات أمنية مشتركة، لتعزيز الردع الجماعي ومنح واشنطن مركز القيادة في ترتيبات الأمن الدولي المستقبلية. تُقدر الميزانية الأولية للمشروع بـ175 مليار دولار، مخصصة على مدى ثلاث سنوات، فيما تشير دراسات مستقلة إلى أن الكلفة الحقيقية قد تتجاوز التريليون دولار مع احتساب التطوير والتشغيل والصيانة المستمرة. كما تسعى الإدارة الأميركية إلى تمويل المشروع عبر خفض الإنفاق الحكومي غير الدفاعي، إعادة هيكلة الإعفاءات الضريبية، وتشجيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتصنيع مكونات النظام. منذ الإعلان، شهدت الشركات الأميركية المتخصصة في الصناعات الدفاعية والفضائية نشاطاً مكثفاً، حيث تقدمت SpaceX بمقترح لتعديل أقمار Starlink لخدمة أهداف دفاعية، وشرعت Lockheed Martin في تطوير صواريخ اعتراض فضائية، بينما تعمل Northrop Grumman وPalantir على أنظمة استشعار ومراقبة تعتمد على الذكاء الاصطناعي. هذا التنافس قد يصل إلى عقود تفوق 200 مليار دولار خلال العقد القادم، بمشاركة جامعات ومراكز بحثية متقدمة مثل DARPA. على المستوى الدولي، لاقى المشروع ترحيباً حذراً من حلفاء الناتو، بينما اتهمته روسيا بانتهاك الأمن الجماعي، ووصفت الصين المشروع بأنه تهديد خطير لاستقرار العالم، مما دفعها لتسريع تطوير منظوماتها الفضائية الدفاعية والهجومية. الأمم المتحدة عبرت عن قلقها المتزايد من سباق عسكرة الفضاء، داعية إلى استئناف المفاوضات حول معاهدة دولية تمنع نشر أسلحة هجومية في المدار، خصوصاً أسلحة الدمار الشامل. يثير المشروع أيضاً تساؤلات عميقة حول الأبعاد القانونية والأخلاقية، لا سيما في استخدام الذكاء الاصطناعي لاتخاذ قرارات الدفاع القاتلة، وقضايا السيادة الرقمية والخصوصية في الفضاء الإلكتروني الدولي. داخل الولايات المتحدة، رغم الدعم الكبير من الحزب الجمهوري، أبدى بعض الديمقراطيين مخاوفهم من ضخامة ميزانية الدفاع على حساب القطاعات الحيوية كالتعليم والصحة، محذرين من مخاطر الانغماس في سباق تسلح فضائي قد يرهق الاقتصاد الأميركي، الذي يعاني أصلاً من أزمة ديون مزمنة تؤثر على حياة الملايين. في النهاية، يمثل مشروع 'القبة الذهبية' قفزة نوعية في تصور واشنطن للفضاء كساحة معركة دفاعية متكاملة. وبينما يراه مؤيدوه أكبر إنجاز استراتيجي منذ الحرب الباردة، يخشى منتقدوه من أنه قد يفتح الباب لسباق تسلح فضائي لا يرحم، ويعيد تشكيل النظام الدولي بآثار لا يمكن التنبؤ بها.


صدى البلد
منذ 3 ساعات
- صدى البلد
حكاية الكاليفورنيوم النفيس.. الجرام بـ27 مليون دولار
عندما يُذكر مصطلح "المعادن الثمينة"، يتبادر إلى الذهن فورًا الذهب والفضة وربما الألماس، لكن خلف هذا البريق التقليدي، يختبئ معدن نادر ومذهل لا يعرفه كثيرون، رغم أنه الأغلى على وجه الأرض. إنه الكاليفورنيوم (Californium-252)، المعدن الذي تفوق قيمته المادية الخيال، ويصل سعر الجرام الواحد منه إلى 27 مليون دولار، متفوقًا بفارق شاسع على الذهب والروديوم وحتى الألماس. بداية الاكتشاف.. من قلب جامعة كاليفورنيا في عام 1950، تمكن فريق علمي في جامعة كاليفورنيا، بيركلي، من تصنيع عنصر جديد ضمن سلسلة الأكتينيدات المشعة، أطلق عليه اسم الكاليفورنيوم (Cf). استمر البحث، وبعد ثماني سنوات، تم التوصل إلى نسخة أثقل وأكثر ندرة، وهي كاليفورنيوم-252. هذا العنصر لم يكن فقط إضافة إلى الجدول الدوري، بل تحول إلى أداة نووية عالية الدقة، تفوق في خصائصها التكنولوجية كل التوقعات. معدن ذو خصائص خارقة الكاليفورنيوم معدن فضي مائل للبياض، يتمتع بمرونة عالية تجعله قابلًا للقطع بشفرة حلاقة، لكنه يتغير لونه عند تعرضه للهواء. لكن القيمة الحقيقية لا تكمن في مظهره، بل في قدرته على إصدار نيوترونات بكفاءة عالية، تُشبه ما يصدره مفاعل نووي صغير. ويمكن لجرام واحد منه أن يطلق ملايين النيوترونات، ما يجعله أداة فائقة الدقة في تحفيز التفاعلات النووية. إنتاجه المعقد ومحدودية توفره صناعة جرامات قليلة من الكاليفورنيوم تستغرق قرابة عامين كاملين، حيث يتم قصف عناصر ثقيلة مثل البلوتونيوم بالنيوترونات داخل مفاعلات نووية متخصصة. ولا يوجد سوى مركزين في العالم يمتلكان القدرة على إنتاج هذا العنصر، هما مختبر أوك ريدج الوطني (ORNL) في تينيسي بالولايات المتحدة، ومعهد أبحاث المفاعلات النووية (RIAR) في روسيا. هذه الندرة الهائلة في الإنتاج تفسر جزئيًا السعر الفلكي للمعدن. استخدامات لا تُقدّر بثمن رغم خطورته الإشعاعية، إلا أن Cf-252 يُستخدم في تطبيقات دقيقة وحيوية: الطب: يُستخدم في علاج أنواع معينة من السرطان، مثل سرطان الدماغ وعنق الرحم، من خلال استهداف الخلايا السرطانية باستخدام النيوترونات القوية. الطاقة: عند انشطار ذرة Cf-252، تُطلق نيوترونات ذات طاقة عالية، يمكن تسخيرها في أبحاث الطاقة النووية. الصناعة: يُستخدم لاختبار المتانة في الهياكل المعدنية، وتحديد مواقع حقول النفط، وكشف المتفجرات والمواد المشعة الخطرة. رغم أن اسمه لا يتردد كثيرًا خارج الأوساط العلمية، إلا أن الكاليفورنيوم يظل أحد أعظم إنجازات الكيمياء النووية الحديثة. فهو معدن لا يُقارن بثمن، ليس فقط لقيمته السوقية، بل للأدوار الحرجة التي يؤديها في الطب والصناعة والطاقة. وربما سيكون هذا العنصر، في المستقبل، أحد المفاتيح الرئيسية لفهم وتطويع الطاقة النووية في خدمة البشرية.


بيروت نيوز
منذ 7 ساعات
- بيروت نيوز
تراجع حاد… هذا ما سجلته أرباح لينوفو
أعلنت شركة لينوفو الصينية، أكبر شركة عالمياً في تصنيع أجهزة الكمبيوتر الشخصية، يوم الخميس عن تسجيل انخفاض في أرباح الربع الرابع بنسبة 64%، متجاوزًا بذلك توقعات الخبراء، وذلك بسبب انخفاض غير نقدي في قيمة شهادات خيارات شراء الأسهم. وأظهرت بيانات مجموعة بورصات لندن أن إيرادات لينوفو خلال الربع المنتهي في 31 آذار بلغت 16.98 مليار دولار، متجاوزة توقعات المحللين التي كانت عند 15.6 مليار دولار. مع ذلك، سجل صافي أرباح مالكي الشركة 90 مليون دولار فقط، وهو أقل بكثير من متوسط توقعات المحللين التي وصلت إلى 225.8 مليون دولار. وفي أيار الماضي، أطلقت لينوفو أول أجهزة كمبيوتر شخصية مدعومة بالذكاء الاصطناعي في الصين، ثم طرحتها في الأسواق الخارجية في أيلول. كما دمجت الشركة تقنيات من شركة ديب سيك الصينية الناشئة، التي تميزت بنموذج ذكاء اصطناعي منخفض التكلفة، في أجهزتها الشخصية واللوحية. وعقب إعلان النتائج، تراجعت أسهم لينوفو المدرجة في بورصة هونغ كونغ بنسبة 2.08%، مع انخفاض إجمالي بلغ 1.69% منذ بداية العام.