logo
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب

الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب

الأياممنذ 3 أيام
Getty Images
لطالما ارتبطت الكوفية بلونيها الأبيض والأسود بالـ"قضية الفلسطينية"، وأصبحت رمزاً لـ "المقاومة والنضال" عند الفلسطينيين ومناصريهم، وتحولت من مجرد لباس تقليدي إلى رمز لدعم الفلسطينيين في كل مكان.
فما هي حكاية الكوفية، وكيف أصبحت جزءاً من الهوية الفولكلورية ورمزاً للفلسطينيين؟
يروي لنا الباحث والكاتب في التاريخ الفلسطيني، حمزة العقرباوي، حكاية الكوفية الفلسطينية بمراحلها الفاصلة، فيقول:
تبدأ الحكاية عام 1936 عندما اندلعت "الثورة الفلسطينية الكبرى (1936-1939) ضد الانتداب البريطاني".
كانت الكوفية اللباس التقليدي لأهل القرى الفلاحين، أما الطربوش العثماني فتميز به أهل المدن الفلسطينية.
شكّل المقاتلون الفلاحون - أو كما عُرفوا فلسطينياً بـ "الثوار" - عماد تلك الثورة، فـ"نصبوا الكمائن وأطلقوا النيران ونفذوا عمليات اغتيال ضد القوات البريطانية في المدن الفلسطينية".
ومن أجل إخفاء هويتهم وتجنب الاعتقال، ارتدى المقاتلون الكوفية على كامل رؤوسهم لتغطية وجوههم، وحينها لم يكن للكوفية لون محدد، فمنهم من لبسها بيضاء اللون أو سوداء أو صفراء أو حتى مخططة، كما يروي العقرباوي.
"الحطة والعقال بـ 5 قروش.. والنذل لابس طربوش"
Getty Images
كان الطربوش العثماني غطاء رأس أهل المدن الفلسطينية
ويكمل العقرباوي الحديث عن مرحلة أخرى من مراحل الكوفية، فيقول: بعد فترة من الزمن تنبهت القوات البريطانية إلى أن من يقومون بالتصدي لهم هم الملثمون، فبدأت بملاحقة واعتقال كل من يرتدي الكوفية وحاولت حظرها، ليصدر بعدها بيان من "قيادة الثورة الفلسطينية" في شهر أغسطس/آب 1938، يمنع لبس الطربوش في المدن ويلزم كل الفلسطينيين الذكور بلبس الكوفية أو كما تعرف بـ"الحَطّة" والعقال؛ حتى يتعذر تمييز المقاتلين عن عموم الناس.
بدأ الباعة والأطفال ينادون على المارة: "الحطة والعقال بـ 5 قروش.. والنذل لابس طربوش. الحطة والعقال بـ 10 قروش.. والنذل لابس طربوش"، فارتدى جميع الفلسطينيين الكوفية "تضامناً مع المقاتلين"، حتى حلّت تدريجياً محل الطربوش العثماني.
ومن عام 1938، لعبت الكوفية أول دور "سياسي مقاوم"، فبها "يبرز المقاتل فعله ويخفي وجهه"، كما يقول الباحث والكاتب في التراث الفلسطيني حمزة العقرباوي.
Getty Images
من أجل إخفاء هويتهم وتجنب الاعتقال، ارتدى المقاتلون الكوفية على كامل رؤوسهم لتغطية وجوههم
لم تنته فصول الحكاية عند هذا الحد، إذ أن للون الكوفية فصل آخر.
يقول العقرباوي: ظل الفلسطينيون يرتدون كافة ألوان الكوفية "حتى حلّ عام نكبتهم"، عندما أصبح نحو 750 ألف فلسطيني لاجئاً خارج الأرض التي أصبحت لإسرائيل عام 1948.
وبعد "النكبة" جاءت أولى إشارات التحول للكوفية المقلمة باللون الأبيض والأسود المعروفة حالياً، عندما بدأ الفلسطينيون بـ "التعلّق بكل ما يربطهم بالوطن، من طبق القش إلى الثوب المطرز وصولاً للكوفية".
ظلت الكوفية باللون الأبيض والأسود حتى منتصف ستينيات القرن الماضي، كدلالة على "الهوية الفلسطينية"، ومنذ عام 1965 نالت الكوفية زخماً كبيراً كـ"رمز ثوري للكفاح المسلح" عند الفلسطينيين كما يقول العقرباوي.
وفي ذلك العام أيضاً، بدأت حركة فتح الفلسطينية نشاطها العسكري ضد إسرائيل، فارتدى مقاتلوها الكوفية السوداء والبيضاء. ويشير أرشيف الصور للفنان التشكيلي الفلسطيني إسماعيل شموط بأن فاروق القدومي، أحد مؤسسي حركة فتح، كان أول شخصية ترتدي الكوفية، حتى قبل الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
ولا شك في أن الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات كان له فضل في شهرة الكوفية، فـ"الختيار" - كما يلقبه الفلسطينيون - لم يظهر في أي مناسبة وطنية أو سياسية، دون ارتداء الكوفية على طريقته الخاصة.
وعلى سبيل المثال، كان السياح يسألون الباعة في سوق خان الخليلي في القاهرة عما تعنيه الكوفية، فيجيبون: عرفات، عرفات.
وفي حين مال ناشطو ومؤيدو حركة فتح إلى ارتداء الكوفيات باللون الأسود والأبيض، حمل ناشطوا ومؤيدو اليسار الفلسطيني مثل "الجبهتين الشعبية والديمقراطية لتحرير فلسطين" الكوفيات الحمراء والبيضاء بحسب العقرباوي.
"الكوفية إلى العالمية"
Getty Images
انتهت الانتفاضة الفلسطينية الأولى في 13 سبتمبر/ أيلول 1993، عندما وقعت إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية اتفاقية أوسلو، التي وفرت إطارا لمفاوضات السلام.
ويكمل الباحث والكاتب في التراث الفلسطيني، حمزة العقرباوي، الحكاية ويقول: شكّل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الأولى (1987 – 1993) نقطة مفصلية في الدور السياسي للكوفية، حيث "جذبت مشاهد الشبان الفلسطينيين الملثمين بالكوفية وهم يلقون الحجارة والقنابل الحارقة على الجنود الإسرائيليين انتباه العالم"، وهو ما كان نقطة بداية للشهرة العالمية للكوفية كرمز لـ "التضامن والتعاطف مع الفلسطينيين".
ويضيف العقرباوي أنه وخلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى، قرر مقاتلو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، ارتداء الكوفية الحمراء بغية تفريقهم عن حركة فتح.
وعندما حظرت إسرائيل رفع العلم الفلسطيني (1967-1993)، خضعت الكوفية بالأبيض والأسود للتحول، لتصبح "العلم غير الرسمي" عند الفلسطينيين.
"شبكة الصيد وورق الزيتون"
وبحلول العقد الأول من القرن الـ 21 أصبحت الكوفية قطعة من الأزياء الرائجة التي يتزين بها الشباب، وظهرت على منصات الأزياء العالمية بتصاميم وألوان مبتكرة غير تقليدية.
لكن الخياطة السوداء المميزة على الكوفية التقليدية تشير للعديد من المعاني الرمزية، رغم عدم التحقق من أي منها، كما يقول مؤرخون.
وفي الروايات المتداولة يرمز نمط شبكة صيد السمك إلى البحر الأبيض المتوسط، والخطوط الحدودية العريضة تمثل طرق التجارة، أما الخطوط المتموجة تمثل أوراق الزيتون، التي ترمز إلى المرونة والقوة.
وللباحث والكاتب في التراث الفلسطيني، حمزة العقرباوي، رأي مغاير للتفسيرات المتداولة، فهذه الأنماط، بحسب العقرباوي، ما هي إلا مجرد خيوط عادية، اجتهدها من خاط الكوفية لإظهار بعد جمالي فقط.
Getty Images
كان زعيم جنوب أفريقيا المناهض للفصل العنصري نيلسون مانديلا، الذي كان مؤتمره الوطني الأفريقي مقرباً من منظمة التحرير الفلسطينية، يرتدي الكوفية في بعض الأحيان
"الكوفية والسابع من أكتوبر"
ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، طغت الكوفية الفلسطينية بلونيها الأسود والأبيض على معظم مشاهد الاحتجاجات التي خرجت في العديد من دول العالم رفضاً للحرب، وارتدى المحتجون الكوفية الفلسطينية كـ "تعبير عن الدعم للفلسطينيين".
لكن الكوفية أيضاً أثارت حفيظة مؤيدي إسرائيل، الذين اعتبروها "استفزازاً وعلامة على دعم الإرهاب"، حتى أن صحيفة "زود دويتشه تسايتونج" الألمانية وصفت الكوفية بأنها "قماش المشكلة"، واقترحت على المتظاهرين الألمان المؤيدين للفلسطينيين ارتداء "الزي النازي" بدلاً منها.
وفي بداية الحرب أفاد نشطاء لوكالة رويترز بأن الشرطة في فرنسا وألمانيا، حذرت وفرضت غرامات واحتجزت أشخاصاً كانوا يضعون الكوفية.
ورغم المتاعب التي قد تلحق بمن يرتديها، إلا أن الطلب على شراء الكوفية زاد في الولايات المتحدة بنسبة 75 في المئة، منذ السابع من أكتوبر بحسب رويترز.
من أين جاءت فكرة الكوفية وما تاريخها؟
اعتادت العرب قديماً تغطية الرأس، فارتدى الرجال أغطية بطرق مختلفة، بغية حماية أنفسهم من أشعة الشمس وبرد الشتاء.
وتنوعت الأغطية بين العمائم التي قال عنها الخليفة عمر بن الخطاب إنها "تيجان العرب"، والكوفية التي اشتهر بها رجال البادية والفلاحون في بلاد الشام والعراق وشبه الجزيرة العربية، وصولاً إلى الطربوش العثماني الذي ميّز أهل المدن أو الحضر.
وبالنسبة للكوفية التي تُعرف أيضاً باسم "الحَطّة" أو "الشماغ" أو "الغترة"، فهي قطعة قماش مربعة الشكل تتميز بألوان ونقوش مختلفة، ولعلّ أشهرها الكوفية باللون الأبيض والأسود أو الأبيض والأحمر، ولكل منها حكاية منفصلة.
ويسود اعتقاد بأن أصل كلمة الكوفية يعود إلى مدينة الكوفة في العراق، بينما تقول روايات تاريخية أخرى إن الكوفية لها أصول تسبق الإسلام، عندما ارتداها الكهنة السومريون والبابليون قبل نحو 5000 عام.
Getty Images
صورة غير مؤرخة لمجموعة من الرجال البدو يرتدون الكوفية أو "الحطة" والعقال.
وقدم الرحال وعالم الآثار الألماني، ماكس فون أوبنهايم، في تسعينيات القرن التاسع عشر، وصفاً دقيقاً للكوفية، حين قال: "غطاء الرأس الوطني للعرب البدو هو الكوفية أو الشاشية، وهو عبارة عن نسيج قطني أو حريري للأشخاص المتميزين، تبلغ مساحته نحو متر مربع، يطوى بشكل مثلث ويوضع على الرأس بحيث يتدلى طرفاه على الجانبين وطرفه الثالث على الظهر، يُثبت هذا القماش على الرأس بواسطة حبل من شعر الماعز [العقال]، غالباً ما يكون أسود اللون وصلباً بشكل ملحوظ، يلف مرتين حول الرأس".
وجاء في الموروث الشعبي لأهل بلاد الشام أنه من المعيب على الرجل أن يخرج حاسراً رأسه، حتى أن البعض كان يرفض تزويج بناته لمن لا يرتدي الكوفية أو غيرها من أغطية الرأس.
أعلنت وزارة الثقافة الفلسطينية، الأحد 17 نوفمبر/تشرين الثاني، إدراج الكوفية على قائمة التراث الثقافي غير المادي التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، إذ اعتبر وزير الثقافة الفلسطيني، عماد حمدان، إدراج الكوفية الفلسطينية "إنجازاً وطنياً لصون هذا التراث الثقافي، الذي أصبح رمزاً للهوية الوطنية".
ويشير التراث الشعبي الفلسطيني إلى أن الكوفية كانت تدل على المكانة والقدرة المادية، إذ كان يحرص مختار القرية أو المقتدر على شراء أفضل أنواعها المصنوعة من الحرير أو القطن الخالص، من مدينة حلب ودمشق والقاهرة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد توقيعهما 'اتفاق سلام'، ما هي جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ؟
بعد توقيعهما 'اتفاق سلام'، ما هي جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ؟

الأيام

timeمنذ 4 ساعات

  • الأيام

بعد توقيعهما 'اتفاق سلام'، ما هي جذور الصراع بين أرمينيا وأذربيجان في ناغورنو كاراباخ؟

EPA سلطات ناغورنو كاراباخ استسلمت لأذربيجان بعد يوم من القتال العنيف تعهّدت أرمينيا وأذربيجان، أمس الجمعة، في واشنطن وضع حد 'نهائي' لنزاع دائر بينهما منذ عقود بشأن إقليم ناغورنو كاراباخ ، وفق ما أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. و استضاف ترامب قمة جمعت رئيس أذربيجان إلهام علييف، ورئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان، اللذين اعتبرا أن وساطة ترامب 'تستحق منحه جائزة نوبل للسلام'. وقال ترامب 'تلتزم أرمينيا وأذربيجان وقفاً نهائياً للقتال'، وكذلك التعاون التجاري، وفتح مجال السفر، وإقامة 'علاقات دبلوماسية والاحترام المتبادل لسيادة وسلامة أراضيهما'. ويحظى إقليم ناغورنو كاراباخ باعتراف دولي باعتباره جزءاً من أذربيجان، لكن مناطق واسعة منه كانت تخضع لسيطرة السكان من العرقية الأرمنية طوال ثلاثة عقود. وهو في قلب واحد من أطول الصراعات في العالم. أين يقع إقليم ناغورنو كاراباخ؟ يقع الإقليم في منطقة جنوب القوقاز الجبلية بين البحرين الأسود وقزوين. وقد خاضت أذربيجان وأرمينيا حرباً دموية من أجل السيطرة على ناغورنو كاراباخ في أواخر ثمانينيات وأوائل تسعينيات القرن الماضي، وكان السبب في اندلاع المزيد من العنف في السنوات اللاحقة. Getty Images مواطنون من أذربيجان يضعون أكاليل الزهور على قبور من قضوا في حرب ناغورنو كاراباخ الثانية في الذكرى السنوية الثالثة لاندلاعها وآخر تصعيد كبير في الصراع حدث في 2020 عندما أشارت التقارير إلى مقتل آلاف الأشخاص خلال ستة أسابيع من القتال العنيف. وأدى نشر قوات روسية لحفظ السلام إلى توقف القتال في حينه، لكن التوترات كانت تتصاعد طوال أشهر قبيل العملية العسكرية الأخيرة. ما الذي أدى إلى اندلاع الموجة الأخيرة؟ كانت المخاوف من اندلاع موجة عنف جديدة قد زادت عندما ضربت أذربيجان حصاراً فعالاً على طريق حيوي يؤدي إلى الإقليم في ديسمبر/كانون الأول 2022. ويعتبر ممر لاتشين الطريق الوحيد الذي يربط جمهورية أرمينيا بإقليم ناغورنو كاراباخ. وهو شريان أساسي للإمدادات، وقد أفاد سكان المنطقة بحدوث نقص حاد في المواد الغذائية الأساسية والأدوية الطبية خلال الحصار. واتهمت أذربيجان أرمينيا باستخدام الطريق في إدخال إمدادات عسكرية، الأمر الذي نفته أرمينيا. وقالت باكو إنها قدمت مواد غذائية ومساعدات عدة مرات عبر طريق آخر لكن الأرمن في ناغورنو كاراباخ رفضوها. واعتمد الحفاظ على إمكانية الدخول عبر ممر لاتشين وطريق آخر هو طريق أغدام من أذربيجان بشدة على وجود قوات حفظ السلام الروسية المنتشرة في المنطقة منذ 2020. لكن اهتمام موسكو ومواردها العسكرية جرى تحويلها بفعل غزوها لأوكرانيا. واتهم رئيس الوزراء الأرميني روسيا بـ 'مغادرة المنطقة بطريقة عفوية'. وقالت سلطات الإقليم إن 200 شخص على الأقل لقوا مصرعهم في القتال، بينما قالت أذربيجان إن 192 من جنودها قتلوا. لماذا يفر الناس من الإقليم؟ أعلنت أذربيجان والأرمن في ناغورنو كاراباخ عن وقف لإطلاق النار، توسطت فيه روسيا، في 20 سبتمبر/أيلول، وأنهى قتالاً استمر 24 ساعة. ونص الاتفاق على أن القوات المحلية الأرمينية ستُحل وسيُنزع سلاحها بالكامل. ومنذ توقيع الاتفاق، شرعت أذربيجان وسلطات كاراباخ في محادثات حول دمج الإقليم في أذربيجان. لكن الزعيم الانفصالي في المنطقة، سامفيل شهرامنيان، وقع أيضاً على أمر يحل بموجبه كافة مؤسسات الإقليم اعتباراً من العام المقبل، وهو ما ينهي فعلياً كفاح المنطقة من أجل الاستقلال. وقال شهرامنيان إن قرار الحل 'استند إلى أولوية ضمان الأمن الجسدي والمصالح الحيوية للشعب'، في إشارة إلى اتفاق أذربيجان على أن 'السفر الحر والطوعي دون إعاقة مضمون للسكان'. Reuters عشرات الآلاف من السكان فروا منذ استسلام ناغورنو كاراباخ وقالت أرمينيا إن أكثر من نصف سكان الإقليم من الأرمن الذين يقدر عددهم بـ 120,000 فروا من المنطقة خلال الأسبوع الذي تلا توقيع وقف إطلاق النار، بدافع من خوفهم من عدم وجود مستقبل لهم في ناغورنو كاراباخ. وكان ممر لاتشين مكتظاً بمئات الحافلات والسيارات التي تحمل أناساً يحاولون المغادرة. وقال رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشنيان إنه يتوقع ألّا يبقى أرمن في ناغورنو كاراباخ في المستقبل القريب. وقالت أذربيجان إنها ترغب بدمج سكان المنطقة 'كمواطنين متساوين' ونفت مزاعم أرمينيا بحصول تطهير عرقي. وقال الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف أيضاً إن المواطنين الأذربيجانيين، الذين كانوا قد شردوا عن المنطقة خلال الصراع الذي امتد لعقود، سيكون لديهم الخيار بالعودة. ولم توقع الدولتان أبداً على اتفاق سلام. وعلى الرغم من المفاوضات طوال السنين، لا تقيمان علاقات دبلوماسية. ما الذي قاد إلى الحرب؟ أصبحت أرمينيا وأذربيجان (المعروفتان حالياً) جزءاً من الاتحاد السوفييتي في عشرينيات القرن الماضي. وكانت المنطقة المسماة ناغورنو كاراباخ تضم أغلبية أرمينية لكنها كانت تخضع لسيطرة أذربيجان. وصوّت برلمان إقليم ناغورنو كاراباخ لصالح أن يصبح الإقليم جزءاً من أرمينيا عندما بدأ الاتحاد السوفييتي بالانهيار في أواخر ثمانينيات القرن الماضي. وسعت أذربيجان إلى إخماد الحركة الانفصالية، بينما دعمتها أرمينيا. وهذا أدى إلى وقوع صدامات عرقية – وبعد إعلان أرمينيا وأذربيجان استقلالهما عن روسيا – إلى حرب شاملة. وتبع ذلك سنوات من سفك الدماء والمعاناة. وتتذكر محررة الخدمة الأذربيجانية في بي بي سي، كونول خليلوفا، كيف أُجبر مئات الآلاف من العرقية الأذرية على مغادرة أرمينيا، وأصبحوا لاجئين في أذربيجان. وفي فبراير/شباط 1992، قتل سكان البلدة الأذربيجانية 'خوجالي' الواقعة في أقليم ناغورنو كاراباخ، على يد القوات الأرمينية، بمساعدة البعض في الجيش الروسي. فقتل أكثر من 600 شخص حسب الرواية الأذربيجانية. لكن أرمينيا تشكك في الرواية وفي عدد القتلى. وعلى مر السنين، قتل عشرات الآلاف من الأشخاص، وشُرّد أكثر من مليون شخص وسط تقارير تحدثت عن وقوع تطهير عرقي ومجازر ارتكبت من كلا الطرفين. AFP القوات الأرمينية طردت القوات الأذربيجانية من ناغورنو كاراباخ في تسعينيات القرن الماضي وتقول خليلوفا إنها تتفاجأ أحياناً بكم المعلومات الضيلة التي يعرفها الجيل الشاب عن الفظائع التي ارتكبت. وتقول إنه لا أحد يخبر الأرمينيين عن الأذربيجانيين الذين قتلوا، وبالمثل، لا يسمع الشباب الأذربيجانيون اليوم عن المذابح بحق الأرمن التي ارتكبت في المدن الأذربيجانية، مثل سومغاييت وباكو في نهاية سنوات الثمانينيات من القرن الماضي. وتشكك أذربيجان في الروايات التي تتحدث عن تلك المذابح. وكانت الحرب الأولى في ناغورنو كاراباخ قد انتهت بوقف لإطلاق النار بوساطة روسية في 1994، بعد أن سيطرت القوات الأرمينية على ناغورنو كاراباخ والمناطق المحاذية لها. وبموجب الاتفاق، ظل إقليم ناغورنو كاراباخ جزءاً من أذربيجان، ولكن منذ ذلك التاريخ كان يُحكم معظم الوقت من قبل جمهورية انفصالية معلنة من جانب واحد، يديرها الأرمن وتحظى بدعم من الحكومة الأرمينية. ما ذا جرى في 2020؟ كان الوضع ملتهباً منذ ذلك الحين، في ظل موجات من القتال كانت تقطع فترات من الهدوء النسبي. وأكبر مواجهة عسكرية عنيفة منذ أوائل تسعينيات القرن الماضي، حصلت قبل ثلاث سنوات واستمرت لمدة ستة أسابيع. استعادت أذربيجان بعض المناطق. ومع حلول الوقت الذي اتفق الطرفان فيه على توقيع اتفاق سلام توسطت فيه روسيا في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، كانت قد استعادت السيطرة على كافة المناطق المحيطة بناغورنو كاراباخ التي كانت تسيطر عليها أرمينيا منذ 1994. وبموجب الاتفاق، اضطرت القوات الأرمينية إلى الانسحاب من هذه المناطق وانحصرت منذ ذلك الحين في جزء صغير من المنطقة. Getty Images آلاف الأشخاص قضوا في حرب 2020 بين أرمينيا وأذربيجان من هو الطرف الذي تدعمه روسيا وتركيا؟ كانت القوى الإقليمية ضالعة بشكل مكثف في الصراع على مر السنين. فتركيا لديها علاقات ثقافية وتاريخية وثيقة مع أذربيجان. ويقال بأن الطائرات بدون طيار التركية الصنع من طراز بيرقدار لعبت دوراً حيوياً في القتال في 2020، وهو ما سمح لأذربيجان بتحقيق مكاسب على الأرض. ومن جهة أخرى، تحتفظ أرمينيا تقليدياً بعلاقات جيدة مع روسيا. فهناك قاعدة عسكرية روسية في أرمينيا، والدولتان عضوتان في منظمة معاهدة الأمن الجماعي، وهو تحالف عسكري يضم ست دول من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق. لكن العلاقات بين أرمينيا وروسيا توترت منذ أن أصبح نيكول باشنيان، الذي قاد احتجاجات مناهضة للحكومة في 2018، رئيساً لوزراء أرمينيا. وكان قد قال أخيراً إن اعتماد أرمينيا على روسيا كمصدر وحيد للأمن بالنسبة لها كان خطأ استراتيجياً'. وقد أجرت أرمينيا مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الأمريكية في وقت سابق من هذا الشهر. وفي أعقاب القتال في ناغورنو كاراباخ، انتقد باشنيان الدور الذي لعبته قوات حفظ السلام الروسية وشكك علناً فيما إذا كان بقاء أرمينيا عضواً في منظمة معاهدة الأمن الجماعي يخدم المصلحة الأرمينية. ورفضت روسيا تصريحات باشنيان واعتبرتها 'نوبات غضب غير مقبولة موجهة ضد روسيا ولا يمكنها أن تثير سوى الرفض'. وقالت وزارة الخارجية الروسية إن 'القيادة في ييرفان ترتكب خطأ فادحاً من خلال محاولتها عن عمد تدمير علاقات أرمينيا متعددة الأوجه التي تعود لقرون مع روسيا، ومن خلال وضع البلاد رهينة للألعاب الجيوسياسية للغرب'. وانتقد الكريملين كذلك التحركات 'المعادية للغاية' من قبل أرمينيا للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية، التي أصدرت مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.

ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا: هل سيكون هناك اتفاق سلام؟
ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا: هل سيكون هناك اتفاق سلام؟

الأيام

timeمنذ 4 ساعات

  • الأيام

ترامب وبوتين يلتقيان في ألاسكا: هل سيكون هناك اتفاق سلام؟

Getty Images قال ترامب يوم الجمعة إنه يتوقع "تبادلاً للأراضي" بين روسيا وأوكرانيا. يعتزم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين عقد لقاء في ألاسكا يوم الجمعة المقبل، لبحث مستقبل الحرب في أوكرانيا. وأعلن ترامب عن الاجتماع المقرر في 15 أغسطس/آب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن يؤكد المتحدث باسم الكرملين الموعد، مشيراً إلى أن اختيار ألاسكا "منطقي" نظراً لقربها النسبي من روسيا. وأضاف المتحدث أن ترامب تلقى دعوة لزيارة روسيا لعقد قمة ثانية محتملة، دون أن يصدر أي رد فعل فوري من أوكرانيا. وجاء الإعلان عن اللقاء بعد ساعات من إشارة ترامب إلى أن أوكرانيا قد تضطر للتخلي عن أراضٍ لإنهاء الحرب التي بدأت مع الغزو الروسي الشامل لجارتها في فبراير/شباط 2022. وقال ترامب من البيت الأبيض الجمعة: "نتحدث عن أراضٍ دارت حولها معارك منذ ثلاث سنوات ونصف، سقط خلالها عدد كبير من الروس وعدد كبير من الأوكرانيين". وأضاف: "الأمر معقد جداً، وسنستعيد بعض المناطق، ونتبادل أخرى بما يخدم مصلحة الطرفين". ولم يوضح الرئيس الأمريكي مزيداً من التفاصيل حول هذا المقترح، لكن شبكة "سي بي إس" الأمريكية، نقلاً عن مصادر مطلعة على المناقشات، أفادت بأن البيت الأبيض يحاول إقناع القادة الأوروبيين بقبول اتفاق يتضمن سيطرة روسيا الكاملة على إقليم دونباس شرقي أوكرانيا واحتفاظها بشبه جزيرة القرم، مقابل تخليها عن مناطق خيرسون وزابوريجيا التي تحتل أجزاءً منها. وبحسب "وول ستريت جورنال"، عرض بوتين ترتيباً مشابهاً على مبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، خلال اجتماع مؤخراً في موسكو. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت أوكرانيا وحلفاؤها الأوروبيون سيقبلون بهذا الاتفاق، خاصة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وبوتين يختلفان بشدة حول شروط السلام، إذ يرفض زيلينسكي تماماً أي شروط مسبقة تتضمن تنازلات إقليمية. ونقلت "سي بي إس" عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض قوله إن التحضيرات للقاء الجمعة لا تزال غير نهائية، وهناك احتمال لمشاركة زيلينسكي بشكل ما. Getty Images ترامب: أعتقد أن زيلينسكي يريد السلام ورغم أن موسكو لم تحقق اختراقاً حاسماً في غزوها الشامل، فإنها تسيطر على نحو 20 في المئة من أراضي أوكرانيا، فيما فشلت الهجمات الأوكرانية المضادة في دفع القوات الروسية إلى التراجع. وفشلت ثلاث جولات من المحادثات المباشرة بين أوكرانيا وروسيا في إسطنبول في تقريب وجهات النظر، بينما ترى كييف وحلفاؤها أن الشروط العسكرية والسياسية التي تضعها موسكو للسلام تمثل عملياً استسلاماً أوكرانياً. وتشمل المطالب الروسية أن تصبح أوكرانيا دولة محايدة، وتقلص قوتها العسكرية بشكل كبير، وتتخلى عن مساعي الانضمام إلى حلف الناتو، إضافة إلى رفع العقوبات الغربية المفروضة على روسيا. كما تطالب موسكو بانسحاب الجيش الأوكراني من المناطق الأربع التي تحتل أجزاءً منها في جنوب شرق البلاد، وتسريح جنوده. مع ذلك، أكد ترامب الجمعة أن الولايات المتحدة لديها "فرصة" للتوصل إلى اتفاق سلام ثلاثي بين الدول الثلاث، مضيفاً: "القادة الأوروبيون يريدون السلام، والرئيس بوتين – أعتقد – يريد السلام، وزيلينسكي يريد السلام". وتابع: "على الرئيس زيلينسكي أن يحصل على كل ما يحتاجه، لأنه سيتعين عليه أن يكون مستعداً لتوقيع شيء ما، وأعتقد أنه يعمل جاهداً لتحقيق ذلك". وكان ترامب قد اقر الشهر الماضي لبي بي سي بأن بوتين خيّب آماله بعد كل زيارة من زيارات ويتكوف الأربع السابقة، إذ بدأت المحادثات بشكل إيجابي قبل أن تتبدد الآمال. وشدد ترامب في الأسابيع الأخيرة موقفه تجاه الكرملين، مانحاً روسيا مهلة حتى الجمعة للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا أو مواجهة عقوبات أشد، لكن مع اقتراب الموعد، طغت أنباء الاجتماع المرتقب بينه وبين بوتين على التهديد الاقتصادي. ولم يعلن البيت الأبيض الجمعة عن أي عقوبات جديدة على روسيا. يُذكر أن ترامب وبوتين تحدثا هاتفياً في فبراير/شباط في أول اتصال مباشر بينهما منذ الغزو الروسي الشامل. ويشار إلى أن آخر لقاء لرئيس أمريكي مع بوتين كان في عام 2021، حين اجتمع الرئيس جو بايدن مع نظيره الروسي في قمة في جنيف.

هل يسمح حزب الله للحكومة اللبنانية بحسم ملف السيادة لصالح الدولة؟
هل يسمح حزب الله للحكومة اللبنانية بحسم ملف السيادة لصالح الدولة؟

الأيام

timeمنذ 17 ساعات

  • الأيام

هل يسمح حزب الله للحكومة اللبنانية بحسم ملف السيادة لصالح الدولة؟

Getty Images في عرض صحف اليوم، نستعرض مجموعة من مقالات الرأي، ما بين مخاوف من عودة الصراع الطائفي في لبنان بعد أن طالبت الحكومة حزب الله بنزع سلاحه، وما بين قرارات ترامب بفرض رسوم جمركية جديدة على بعض الدول، وأخيراً مقال رأي يطالب الأمير هاري بأن يحذو حذو والدته الراحلة الأميرة ديانا. ونستهل جولة عرض الصحف بمقال في صحيفة الوول ستريت جورنال الأمريكية، كتبه الفريق التحريري بعنوان "مواجهة لبنان مع حزب الله"، عن نزع سلاح حزب الله، الذي من المقرر أن يُنجز نهاية الشهر الحالي، وفقاً لخطة الدولة اللبنانية. ويتساءل المقال: هل سيسمح حزب الله باستعادة الحكومة اللبنانية السيادة على أراضيها؟ ووفقاً للمقال، فإن حزب الله "سيبذل قصارى جهده للتأخير والعرقلة، مُبقياً الدولة ضعيفة، والجيش متفرجاً على الحرب التي تُشنّ من لبنان نيابةً عن إيران". وتقول الصحيفة إن حزب الله اتخذ موقفاً دفاعياً في الداخل، بعد أن أحرجته إسرائيل في الخريف الماضي، بقتلها زعيمه حسن نصر الله وجميع قادته تقريباً، وتدميرها معظم ترسانته الصاروخية. ويرى المقال أن حسن نصر الله كان مصدر نجاةٍ للحزب؛ بعد أن استطاع حشد جماهير الطائفة الشيعية، الأمر الذي بدا جلياً في جنازته في فبراير/شباط الماضي، وأيضاً خلال الانتخابات البلدية في مايو/أيار الماضي. واستعان المقال بديفيد داوود من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، الذي قال: "لا يزال لدى حزب الله العديد من الأوراق ليلعب بها"، وأهمها "الورقة الشيعية". ورجح المقال ألا يلجأ حزب الله إلى العنف الداخلي أو "قمصانه السوداء" للحيلولة دون نزع سلاحه، بل قد يكفيه التلويح بعودة الصراع الطائفي. وهذا الأمر، كفيل بأن يُعرقل أجندة رئيس الوزراء نواف سلام والرئيس جوزاف عون، بحسب المقال، لاسيما وأن لبنان لا يزال يعاني من آثار الحرب الأهلية التي وقعت ما بين عامي 1965 و 1990. ويوضح المقال كيفية هذا التلويح بأنه "إذا استطاع حزب الله، بمساعدة حلفائه في حركة أمل، تصوير نزع السلاح على أنه هجوم على الشيعة، فقد يتمكن من ممارسة حق النقض الطائفي"، بمعنى أن يعيق تنفيذ القرارات الحكومية. وأشار المقال إلى رفض نعيم قاسم، الزعيم الجديد لحزب الله، نزع السلاح في خطاب ألقاه يوم الثلاثاء، داعياً الحكومة اللبنانية إلى "عدم إضاعة الوقت في العواصف التي تثيرها الإملاءات الخارجية". وترى الصحيفة الأمريكية أن الضغط الأمريكي على الحكومة اللبنانية، إلى جانب الغارات الإسرائيلية، لعب "دوراً أساسياً في دفع لبنان إلى مواصلة الضغط على حزب الله". وحث المقال على ضرورة مواصلة هذا الضغط الأمريكي، مضيفاً أن مقترح المبعوث الأمريكي توم باراك يتضمن مواعيد نهائية صارمة للتحرك اللبناني، لكن هذا في المقابل "سيخفف عملياً الضغط على حزب الله بتجميد الضربات الإسرائيلية الموجهة إليه". ويقترح المقال، في إطار الضغط الأمريكي، على إدارة ترامب بألا تجدد تفويض مهمة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، "التي لا تنتهي أبداً، والتي تُغطي حزب الله". ويختتم المقال بأن على لبنان أن يُقرر: "هل لديه الإرادة للعودة إلى العمل كدولة حقيقية؟" انتصار الرسوم الجمركية "باهظ الثمن" ما زلنا مع الصحافة الأمريكية، ونطالع مقالاً آخر في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان "انتصار ترامب في قضية التعريفات الجمركية ليس كما يبدو"، كتبه إساور بارساد، أستاذ السياسية التجارية في كلية دايسون بجامعة كورنويل الأمريكية، والزميل الأول في مؤسسة بروكينغز. ويفتتح بارساد مقالته قائلاً إنه يبدو أن الرئيس ترامب ينتصر في الحروب التجارية، وأن "الاتفاقيات مع الاتحاد الأوروبي واليابان وبريطانيا والعديد من الشركاء التجاريين الآخرين، التي دخلت حيز التنفيذ، تبدو أنها لصالح طرف واحد فقط" وأوضح المقال أن الولايات المتحدة تفرض رسوماً جمركية على الواردات من دول أخرى، "وتتفق هذه الدول على أن هذه الدول على إلغاء رسومها الجمركية على بعض الواردات الأمريكية تماماً، وشراء المزيد من الطاقة الأمريكية ومنتجات أخرى، والالتزام بزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة". غير أن بارساد يقول إن هذا الانتصار، في نهاية المطاف، سيكون "باهظ الثمن"، خاصة بالنسبة للأسر والشركات الأمريكية وللولايات المتحدة نفسها، نظراً للأضرارالمتوقعة لعلاقاتها مع البلدان الأخرى ومكانتها في العالم. فالبنسبة للكاتب، لا تزال نقطة اتفاقيات الدول لزيادة استثماراتها في الولايات المتحدة غامضة. علاوة على ذلك، لم يوقع سوى عدد قليل من الدول هذه الاتفاقيات. كما يواجه فرض ترامب الأحادي للرسوم الجمركية، الذي تخطى خلاله صلاحيات الكونغرس، تحديات قانونية، بحسب المقال. ومن ثم، فإن الكاتب يرى أن الآمال في أن تُسهم الرسوم الجمركية في خلق فرص عمل وخفض العجز التجاري الأمريكي قد تتأثر سلباً بسياسات ترامب الأخرى. ويوضح ذلك قائلاً:" قد تجد العديد من الشركات، مثل شركات صناعة السيارات الأمريكية، نفسها في وضع أسوأ مقارنةً بمنافسيها الأجانب نظراً لمواجهتها رسوماً جمركية مرتفعة على واردات الصلب والألمنيوم والمحركات ومكونات أخرى". ومن وجهة نظر كاتب المقال، إساور بارساد، فمن غير الواضح مدى صمود اتفاقيات التجارة التي جرى التفاوض عليها حتى الآن، وذلك لأن حالة عدم اليقين ستُعيق الاستثمار التجاري. ويعلق قائلاً:" لا شيء من هذا يُسهم في نمو الوظائف". ويختتم الكاتب مقاله بأن وعود الدول الأخرى بتشجيع شركاتها على الاستثمار في الولايات المتحدة، "مجرد وعود جوفاء"، مرجعاً ذلك إلى أن كل الشكوك التي أثارها ترامب في السياسات الأمريكية، بالإضافة إلى "تزايد هشاشة سيادة القانون"، قد تدفع الشركات الأجنبية إلى "التردد في توسيع عملياتها في الولايات المتحدة رغم حثّ حكوماتها على فعل ذلك". على الأمير هاري أن يحذو حذو والدته Max Mumby/Indigo/Getty Images صورة للأمير هاري ونختتم جولتنا بصحيفة التغراف البريطانية ومقال رأي لجوديث وودز بعنوان "على الأمير هاري أن يحذو حذو ديانا ويستخدم قوته من أجل الخير". في المقال، تتطرق الكاتبة إلى ما أثير إعلامياً بخصوص مؤسسة "سينتيبالي" الخيرية التي شارك الأمير هاري في تأسيسها عام 2006 لمساعدة الشباب والأطفال في جنوب أفريقيا، خاصةً المصابين بفيروس نقص المناعة البشرية والإيدز. وقد انسحب الأمير هاري من "سينتيبالي" عقب صدور تقرير لاذع من مفوضية الجمعيات الخيرية في بريطانيا، يكشف عن أزمة داخلية حادة شملت اتهامات بالعنصرية والتنمر وسوء الإدارة. ومع ذلك، فإن هيئة تنظيمية للجمعيات الخيرية توصلت إلى عدم وجود دليل على انتشار التنمر أو التحرش أو كراهية النساء على نطاق واسع في مؤسسة "سينتيبالي"الخيرية. وتوضح الكاتبة في مقالها أن هذه المؤسسة خرجت إلى النور بعد زيارة مؤثرة للغاية عام 2004 إلى ليسوتو، تلك الدولة غير الساحلية، التي أُصيب ربع سكانها بفيروس نقص المناعة البشرية، عندما كان الأمير هاري في التاسعة عشرة من عمره. وتضيف: "كان متأثراً للغاية ومتفانياً تماًماً، حيث عاد إلى البلاد عدة مرات، مسلطاً الضوء على محنة جيل كامل، وجذب مانحين أثرياء من خلال كأس بولو سنوي، جمع أكثر من 13 مليون دولار (ما يقرب من10 ملايين جنيه إسترليني). وفي نهاية مقالها، تقول جوديث "إن الأمير كان راعياً مثالياً؛ يُحسن معاملة الأغنياء، ويُظهر عطفه، ويُعنى بهم"،. وقارنت بينه وبين والدته الراحلة الأميرة ديانا "التي عرفت في جميع أعمالها الخيرية كيف تُسخّر قوتها الفريدة للخير "ولم تتجاوز الحدود قط، ولم تُصبح قصةً تُروى".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store