
بعض الإسرائيليين يجرون «محاسبة ذاتية» إزاء ما تفعله دولتهم في غزة
ووجهت في الإعلام، انتقادات شديدة للصحافيين الإسرائيليين، الذين يفرضون على أنفسهم رقابة ذاتية ويمتنعون عن نشر الحقائق عما تفعله أيدي إسرائيل في غزة، عادّة هذا التصرف «خيانة أمانة للمهنة»، التي تنص على قول الحقيقة، فيما يبرر هؤلاء تصرفهم، على قاعدة أن «الجمهور الإسرائيلي لا يريد أن يعرف ما يصيب أهل غزة».
من مشاهد الجوع في غزة (رويترز)
وفي هذا الصدد، كتب محرر الشؤون العربية في صحيفة «هآرتس»، تسفي برئيل، مقالاً يقول فيه، إنه «إذا كان هناك انتصار في هذه الحرب فهو انتصار (حماس)، لأن غزة نجحت في تشويه مواطني إسرائيل، وغيرت لغتهم وهويتهم. فمن مواطنين كانوا يقدرون ذات يوم حياة الإنسان أصبحوا أشخاصاً يضحون بالإنسان، ويقدمون المخطوفين من أبنائهم قرابين، ويضحون بآلاف الأشخاص من الأطفال والنساء والشيوخ من شعب آخر». و«هذا الانتصار سيزداد، كلما وسع الجيش الإسرائيلي سيطرته في قطاع غزة، ودفع بمليونين وربع المليون مدني إلى حظائر الجوع مع مواصلة ملء قوائم الموتى».
وقال: «لنفترض للحظة أن جميع أهداف الحرب تحققت وبحق: رفع علم إسرائيل فوق المساجد التي بقيت في غزة، وتم نفي جميع سكانها، وتم قتل جميع مسلحي (حماس)، والجرافات قامت بتسوية الأرض للمستوطنات وبلدات غلاف غزة أصبحت جزءاً من الريفييرا الفاخرة. مع أي شعب سنبقى للاحتفال بالنصر؟ في سنتين تقريباً غزة حولت إسرائيل إلى دولة مختلفة. باسم الحرب أصبح من المسموح سلب حرية التعبير واعتقال الصحافيين وإقالة المعلمين ومنع المعارض والعروض الثقافية (غير المناسبة) وإقالة أعضاء كنيست و/أو تنفيذ عملية (فتك) بهم وضرب أبناء عائلات المخطوفين وإحراق بيوت الفلسطينيين في الضفة الغربية وتعذيب السجناء. غزة نجحت في تغيير جينات الإسرائيليين».
الطفلة زينب أبو حليب (5 أشهر) ترقد في مستشفى ناصر بخان يونس (رويترز)
وفي الصحيفة نفسها نشر مقال افتتاحي بعنوان «وزير التجويع جدعون ساعر»، هاجمته فيه أسرة التحرير، على ما اعتبرته «تغريدة صبيانية» نفى فيها ما قاله جونتان فيتل، رئيس مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة (أُوتشا)، عن سياسة التجويع. وقالت: «لقد أمر ساعر بعدم تمديد تأشيرة الإقامة لفيتل في أعقاب السلوك المغرض والمعادي ضد إسرائيل، الذي يشوه الواقع، يعرض تقارير زائفة، يشهر بإسرائيل بل يخرق قواعد الأمم المتحدة نفسها بشأن الحيادية».
وقالت الصحيفة: «هذا القرار هو استمرار لهجمة لا لجام لها من حكومة إسرائيل على القانون الدولي والمؤسسات الدولية. الجيش الإسرائيلي يتجاهل بفظاظة قيود القانون الدولي في القطاع، وكما يذكر في بداية السنة، حظر عمل وكالة الأمم المتحدة (الأونروا) بسبب ادعاءات غير مثبتة بأنها و(حماس) عملتا بتعاون في القطاع. ويأتي قرار ساعر في توقيت بائس على نحو خاص. فقد اتضح في الأيام الأخيرة نهائياً، بأن المنظمة التابعة لإسرائيل (صندوق غزة الإنساني) فشلت فشلاً ذريعاً في توفير الغذاء للغزيين بالضبط مثلما حذر فيتل ووزراء آخرون... وأمس علم من وزارة الصحة في غزة بموت 14 شخصاً آخرين بالجوع. أكثر من 1000 شخص قتلوا حين كانوا يحاولون الوصول إلى الغذاء في مراكز التوزيع. بدلاً من أن تسمح إسرائيل للأمم المتحدة، التي أثبتت أنها الهيئة الوحيدة القادرة على منع الجوع في القطاع، بأن تواصل العمل، تدق المزيد والمزيد من العصي في دواليب الإغاثة. إن قرار ساعر هو مس جسيم بالوسائل الإنسانية، وهو سيتحمل من الآن فصاعداً مسؤولية مباشرة عن تجويع سكان غزة».
مشهد من بيت لاهيا (رويترز)
وفي صحيفة «يديعوت أحرونوت»، يكتب روتم إيزاك مقالاً ينقل فيه ما قاله الجندي «ن» (22 عاماً): «عندما بدأت الحرب قادتُ جنوداً في غزة. رابطنا أمام مستشفى في غزة واستغرق الأمر بضعة أيام إلى أن أمر قائد السرية بعدم إطلاق النار على الشيوخ والأطفال. على مدى بضعة أيام هذا ما حصل. كان واضحاً أن هذا سيئ. لكنك تحت التأثير، البعض عمل بإحساس الثأر، والبعض خاف جداً والبعض كان ببساطة منهكاً، وعندما تكون متعباً لا تفكر.. كان حدثاً ترك أثره فيّ، فقد أخذنا فتياناً واستخدمناهم دروعاً بشرية. ساروا أمام القوة، فتحوا الأبواب احترازاً من عبوة أو مخربين. أخذنا أناساً عاديين من المحور الإنساني. في كل الوقت الذي كانوا معنا، كانوا معصوبي العيون والأيدي. عليك أن تأخذهم إلى المرحاض وتفتح لهم سحاب البنطال وتراهم يرتعدون».
ويقول: «الحكومة في إسرائيل تفضل للجمهور الإسرائيلي ألا يسمع، وألا يعرف، وأن يواصل التصديق بأن الحرب والجيش والأخلاق يسيرون معاً. يواصلون كم الأفواه لكل من يتجرأ على التشكيك بصفحة الرسائل. نصر مطلق، صفر أخطاء، أخيار مطلقون وأشرار تامون. لا يوجد أبرياء في غزة، لا توجد أوامر غير قانونية على نحو ظاهر. الرحمة هي ضعف، النقد عار».
ويستنتج الكاتب: «هذه الحرب يجب إنهاؤها. من أجل إخواننا وأخواتنا ممن لا يزالون في الأسر. من أجل الجنود في النظامي والاحتياطي وعائلاتهم، من أجل الغزيين، الأطفال وكبار السن. ومن أجل الثقب في روح الشاب ابن الـ22 الذي يغمض عينيه في الليل ويرى الحقيقة».
طفلة في جباليا تأكل ما تيسر من طعام (رويترز)
وفي صحيفة «هآرتس» ينشر نير حسون مقالاً آخر عن ممارسات الجيش الإسرائيلي، وشرح كيف تتم ممارسة التجويع، وليس فقط من حكومة نتنياهو بل أيضاً من مؤسسة القضاء. ووصف الوضع هناك بأنه كارثة. وكتب يقول: «هذه الكارثة كانت متوقعة. خبراء في التغذية وفي توزيع المساعدات الإنسانية حذروا الحكومة الإسرائيلية من هذا السيناريو. وحتى الآن، رغم الأطفال الذين يموتون والكبار المجوعين والانهيار المطلق لبرنامج التغذية الذي وضع هنا، فإنه لا يوجد لدى أي شخص في المنظومة الإسرائيلية شعور بالإلحاح. هذا ينطبق أيضاً على ما يحدث في المحكمة العليا في القدس. ففي 18 مايو (أيار) الماضي قدمت 4 منظمات لحقوق الإنسان التماساً للمحكمة العليا (بعد رفض التماس سابق في هذا الشأن)، طلبت فيه السماح بإدخال الغذاء دون قيود إلى القطاع. بعد ذلك قدمت النيابة العامة 10 طلبات لرفض إعطاء إجابة على الالتماس. هذا الطلب أيضاً، مثل 9 طلبات سابقة، صادق عليه القاضي يوسف الرمان».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ 23 دقائق
- العربية
الجيش الإسرائيلي يعلن استئناف إسقاط المساعدات جواً على غزة
قال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن إسرائيل استأنفت إسقاط المساعدات جواً على غزة السبت، وذلك بعد أيام قليلة من تحذير أكثر من 100 وكالة إغاثة من انتشار مجاعة جماعية في أنحاء القطاع. وأكدت مصادر فلسطينية بدء إنزال المساعدات على شمال غزة. وذكر الجيش في بيان منفصل: "تقرر تحديد ممرات إنسانية يسمح فيها لقوافل الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الآمن لغرض إدخال المواد الغذائية والأدوية" إلى سكان غزة. ولم يحدد بيان الجيش متى ستفتح الممرات الإنسانية لقوافل الأمم المتحدة، أو أين ستفتح. وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه يستعد "لفترات من تعليق مؤقت للأعمال العسكرية لأغراض إنسانية في المناطق التي تشهد اكتظاظاً من السكان". لكن البيان شدد على أن "العمليات القتالية لم تتوقف" في غزة. وأوضح أن عمليات الإسقاط التي تنفذها دول أجنبية تستأنف "كجزء من الجهود الجارية للسماح بدخول المساعدات إلى غزة وتسهيل دخولها"، مضيفاً أن عمليات الإسقاط الأولى ستشمل سبع حمولات تحتوي على الدقيق والسكر وأغذية معلبة وفرتها منظمات دولية. وذكر الجيش في البيان أن "مسؤولية توزيع المواد الغذائية على سكان القطاع تقع على الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية". وقال إنه "يتوقع من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تحسين فعالية توزيع المساعدات وضمان عدم وصولها إلى حماس"، حسب تعبيره. وكانت وزارة الصحة في قطاع غزة قد قالت في وقت سابق من السبت إن أكثر من 125 شخصاً لقوا حتفهم بسبب سوء التغذية، بينهم 85 طفلاً. وتصاعدت الانتقادات الدولية لإسرائيل، بما في ذلك من حلفاء مقربين، مع مقتل عدة مئات من الفلسطينيين في الأسابيع الأخيرة أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات.

العربية
منذ 40 دقائق
- العربية
لبنان.. الجيش يوقف 90 سورياً لتجولهم بدون أوراق قانونية
أعلن الجيش اللبناني، السبت، توقيف 90 سورياً بسبب تجوّلهم داخل أراضي البلاد بدون أوراق قانونية. وقال الجيش اللبناني، في بيان، إن وحدات تابعة له تؤازرها دوريات من مديرية المخابرات "أوقفت 90 سورياً لتجوّلهم داخل الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية". سوريا سوريا والشرع سوريا: اللقاء مع الإسرائيليين بباريس تمحور حول "احتواء التصعيد" ولفت البيان إلى أن التوقيفات حصلت في مناطق القرعون وخربة قنافار بقضاء البقاع الغربي (شرق)، وجب فرح وكفر مشكي وضهر الأحمر وكوكبا وراشيا الوادي في قضاء راشيا (جنوب)، وبريح في قضاء الشوف (وسط). وفي وقت سابق من هذا الشهر أعلن الجيش اللبناني أيضاً أن وحداته أوقفت 56 مواطناً سورياً في عدة مناطق من لبنان بسبب تجوّلهم داخل الأراضي اللبنانية من دون أوراق ثبوتية قانونية. وتضم الحدود بين لبنان وسوريا، الممتدة على طول 375 كيلومتراً، معابر غير نظامية، غالباً ما تستخدم لتهريب الأفراد والسلع والسلاح، وشهدت أواخر مارس (آذار) الماضي توترا أوقع قتلى من الجانبين. ويأتي هذا التطور بالتزامن مع أنباء عن استياء في دمشق جراء عدم التقدم في ملف الموقوفين السوريين بالسجون اللبنانية.


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
سوريا: اللقاء مع الإسرائيليين بباريس تمحور حول "احتواء التصعيد"
قال مصدر دبلوماسي سوري السبت إن اللقاء الذي جمع في باريس وفدين من سوريا وإسرائيل بوساطة أميركية تطرّق إلى إمكانية تفعيل اتفاقية فضّ الاشتباك و"احتواء التصعيد"، بدون أن يسفر عن "اتفاقات نهائية"، مشيراً إلى لقاءات أخرى ستعقد مستقبلاً، وفق ما نقله التلفزيون السوري الرسمي. وكان مصدر دبلوماسي في دمشق قد قال لوكالة الأنباء الفرنسية الخميس إن اجتماعاً غير مسبوق جمع وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني ووزير الشؤون الاستراتيجية الاسرائيلي رون ديرمر، بينما أعلن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم برّاك في منشور على "إكس" أنه التقى بالسوريين والاسرائيليين في باريس. ونقلت القناة السورية الرسمية عن المصدر الدبلوماسي قوله إن "الحوار الذي جمع وفداً من وزارة الخارجية وجهاز الاستخبارات العامة مع الجانب الإسرائيلي جرى بوساطة أميركية وتمحور حول التطورات الأمنية الأخيرة ومحاولات احتواء التصعيد في الجنوب السوري". وتابع أن "اللقاء لم يسفر عن أي اتفاقات نهائية، بل كان عبارة عن مشاورات أولية تهدف إلى خفض التوتر وإعادة فتح قنوات التواصل في ظل التصعيد المستمر منذ أوائل ديسمبر (كانون الأول)". وقال إن الحوار تطرق إلى إمكانية إعادة تفعيل اتفاق فضّ الاشتباك" لعام 1974، "بضمانات دولية، مع المطالبة بانسحاب فوري للقوات الإسرائيلية من النقاط التي تقدمت إليها مؤخراً". عُقد اللقاء في أعقاب الاشتباكات التي اندلعت في محافظة السويداء في 13 يوليو (تموز)، والتي دخلت إسرائيل على خطها عبر شن غارات على أهداف في جنوب سوريا وفي دمشق. وتؤكد إسرائيل أنها لن تسمح بوجود عسكري في جنوب سوريا. وبحسب المصدر الدبلوماسي الذي نقلت عنه القناة الرسمية السورية، فقد شدّد الوفد السوري خلال اللقاء أن "وحدة وسلامة وسيادة الأراضي السورية مبدأ غير قابل للتفاوض، وأن السويداء وأهلها جزء أصيل من الدولة السورية، لا يمكن المساس بمكانتهم أو عزلهم تحت أي ذريعة". وتمّ الاتفاق في ختام اللقاء على "عقد لقاءات جديدة خلال الفترة المقبلة، بهدف مواصلة النقاشات وتقييم الخطوات التي من شأنها تثبيت الاستقرار واحتواء التوتر في الجنوب"، وفقاً للمصدر نفسه. وكان مصدر دبلوماسي في دمشق قد أفاد وكالة الأنباء الفرنسية بأن لقاء مباشراً عقد في 12 يوليو (تموز) بين مسؤول سوري وآخر إسرائيلي على هامش زيارة أجراها الرئيس السوري أحمد الشرع إلى أذربيجان. ومنذ وصولها إلى السلطة في ديسمبر (كانون الأول)، أقرت السلطات السورية الجديدة بحصول مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل، هدفها احتواء التصعيد، بعدما شنّت إسرائيل مئات الغارات على الترسانة العسكرية السورية وتوغلت قواتها في جنوب البلاد عقب الإطاحة ببشار الأسد من الرئاسة. وتربط دمشق هدف المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل بالعودة إلى تطبيق اتفاقية فضّ الاشتباك لعام 1974، لناحية وقف الأعمال القتالية وإشراف قوة من الأمم المتحدة على المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين الطرفين.