
"سندات الكوارث": هل بات تمويل مخاطر المناخ حمّى الذهب الجديدة في أمريكا؟
ومنذ بداية العام، تم إصدار "سندات كوارث" بقيمة إجمالية بلغت 18.1 مليار دولار، وفقا لما ذكرته صحيفة فاينانشال تايمز في مقال نُشر في 15 يوليو/تموز. وهذا يفوق في ستة أشهر ما أُصدر في العام 2024 بأكمله، أي 17.7 مليار دولار. الأمر الذي يمثل بالفعل عاما قياسيا لهذه المنتجات المالية.
صدمة إعصار أندرو
ويؤكد أنطوان أندرياني، مدير الأبحاث في شركة "إكس تي بي" للوساطة المالية لفرانس24 قائلا إن "سندات الكوارث" هذه، والتي تُثير شهية المستثمرين، تُعدّ "أدوات مالية حديثة نسبيا". فقد ظهرت في العام 1992 بعد إعصار أندرو، أحد أكثر الكوارث الطبيعية تدميرا في تاريخ الولايات المتحدة. وقد شكل هذا الإعصار صدمة حقيقية لقطاع التأمين، الذي شرع في البحث عن سبل جديدة لتخفيف عبء المخاطر التي يتحملها من خلال اقتراح خدمة تأمين مبتكرة ضد الكوارث الطبيعية.
وإلى ذلك، نشأت فكرة "سندات الكوارث"، التي يوضح بشأنها أنطوان أندرياني قائلا: "تُصدر شركات التأمين هذا النوع من الأوراق المالية، واعدة بمداخيل ثابتة وعالية، مقابل موافقة المستثمرين المحتملين على تحمّل بعض، أو كل المخاطر المالية المرتبطة بحدث مُحدد في السند".
بدوره، يوضح زاك تايلور، الأخصائي في التمويل المناخي بجامعة دلفت الهولندية لفرانس24: "في بعض الكوارث باهظة التكلفة، على غرار حرائق كاليفورنيا أو أعاصير فلوريدا، لا تستطيع شركات التأمين ضمان سداد التكاليف بالكامل"، ويردف: "توفر هذه السندات مصدر تمويل إضافي".
بطبيعة الحال، يُعد الأمر بالنسبة للمستثمرين رهانا حقيقيا، إذ يودِعون مبلغا يطلبه مُصدِّر السند كأداة مالية مُخصصة للسند نفسه. فإذا لم يتم تفعيل بند "الحدث المُسبب للكارثة" المُحدد في السند خلال فترة متفق عليها تتراوح عادة بين سنة وثلاث سنوات، فلن يحدث شيء، وسيحصل المستثمرون على فوائد بطريقة منتظمة ويستعيدون استثماراتهم في نهاية المطاف.
أما في حال وقوع كارثة طبيعية، فقد يخسر المستثمرون "كل إيداعاتهم أو جزءًا منها"، وفق أنطوان أندرياني. وستذهب هذه الأموال إلى شركة التأمين لتغطية التعويضات التي اضطرت إلى دفعها لحاملي وثائق التأمين.
فعلى سبيل المثال، قد ينص أحد بنود السند على أنه في حال ضرَب زلزال بقوة 6 درجات منطقة مُعينة وفي فترة محددة، سيتعيّن على المستثمر الدفع.
وإذا كانت هذه الحالة واردة، تبقى ضئيلة بحسب دراسة حول تطور سندات الكوارث نشرها خبيران اقتصاديان من جامعة كاتوفيتشي البولندية. وعادة ما تُفعّل هذه الآلية عندما تتجاوز تكلفة الكارثة الطبيعية مبلغا معينا لقطاع التأمين بأكمله، أو إذا بلغت مدفوعات مُصدِّر هذه الورقة المالية حدا معينا.
هل يُقلّل المستثمرون من مخاطر المناخ؟
ويشير مؤلفا الدراسة البولندية إلى أن النجاح لم يكن في الموعد في أواخر تسعينيات القرن الماضي. ويعود ذلك إلى حد كبير للاحتباس الحراري، الذي لم يكشف آنذاك عن جميع أضراره.
ولكن على مر السنين، استطاع واقع تغير المناخ أن يفرض نفسه. وبعد ما بدأ الاهتمام بـ"سندات الكوارث" يتزايد خاصة خلال الأزمة المالية للعام 2008، "شهد إصدار هذا النوع من المنتجات المالية تسارعا منذ جائحة كوفيد-19"، وفق أنطوان أندرياني.
وبدت أهمية "سندات الكوارث" صريحة لدى شركات التأمين، التي اضطرت على مدى العشر سنوات الماضية، إلى دفع حوالي 100 مليار دولار سنويا كتعويضات خاصة بالكوارث الطبيعية، وفقا لصحيفة فاينانشال تايمز. لذلك قد يصبح استخدام هذه السندات شريان حياة حقيقي بالنسبة لهذه الشركات. إلا أنها ليست الوحيدة التي تستخدمها، إذ تُصدرها جهات أخرى أيضا، مثل شركة غوغل التي استخدمت هذه السندات كوسيلة لحماية نفسها ماليا في حال (مثلا) تعرضت منشآتها إلى الضرر جراء زلزال يضرب كاليفورنيا.
لكن، من هم المستثمرون الذين يراهنون على عدم وقوع كوارث طبيعية؟ يُقر أنطوان أندرياني: "لدينا انطباع بأن هؤلاء المستثمرين في السوق المالية يُقللون من مخاطر المناخ".
في الواقع، جلبتهم إمكانية تحقيق عوائد استثمارية مجزية، إذ تُقدم "سندات الكوارث" أسعار فائدة تصل إلى نحو 10%، "وهو مستوى مرتفع بالنسبة لسند"، كما يؤكده أنطوان أندرياني.
"من لا يخاطر، لا يفعل شيئا"
من جانبه، يرى زاك تايلور أن العوائد المرتفعة "مرتبطة بالمخاطر التي يتحملها المستثمرون". فالكوارث الطبيعية مكلِفة للغاية، لذا فإن احتمال خسارتهم يصبح كبيرا جدا إذا ما تم تفعيل "الحدث المُسبب للكارثة". قد يدرك المستثمر جيدا عواقب الاحتباس الحراري، لكنه يؤمن على المدى القصير بأن الأمر لا يزال يستحق المراهنة- فالسندات لا تتجاوز فترة ثلاث سنوات.
وتتميز هذه المنتجات المالية عن غيرها من المنتجات الأخرى لأنها، وفق زاك تايلور، "غير مرتبطة بالاقتصاد الحقيقي، وهو أمر مهم في استراتيجية تنويع المحفظة..." ما يعني أن هذه الأصول لن تفقد قيمتها في حالة حدوث أزمة اقتصادية، وهو ما شكل أحد أسباب رواج "سندات الكوارث" بعد الأزمة المالية للعام 2008.
وما حقيقة المخاطر الناجمة عن الكوارث الطبيعية سوى تجسيد لهذه السندات في سوق الأسهم ، وفقا لمقولة "من لا يخاطر، لا يفعل شيئا". وقد اقترحت الهيئة التنظيمية الأوروبية، في هذا الشأن، تصنيف هذه الأصول ضمن فئة "الاستثمارات البديلة"، التي تشمل إيداعات المضاربة عالية المخاطر.
لكن، يبقى ذلك شكلا من أشكال المضاربة و"يشبه اليانصيب أكثر من أي شيء آخر"، على حد تعبير أنطوان أندرياني. وبالفعل، ما يميّز الكوارث الطبيعية هو عدم القدرة على التنبؤ بحدوثها، فيما تعتمد الأحداث الأخرى التي يراهن عليها المضاربون، كأسعار الطاقة أو خطر تخلف الحكومة عن سداد ديونها، "بشكل أكبر على عوامل جيوسياسية قابلة للتحليل"، بحسب الخبير.
ويلخص أنطوان أندرياني قائلا إن شعبية "سندات الكوارث" تدخل في إطار ما يشبه اليوم "كازينو سوق للأسهم" مع تضاعف الأصول ذات التحركات غير المتوقعة، على غرار العملات المشفرة ورموز "إن إف تي" (NFT).
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


فرانس 24
منذ 3 ساعات
- فرانس 24
محادثات أمريكية صينية مطولة في ستوكهولم لاحتواء الحرب التجارية
عقد في ستوكهولم الإثنين لقاء مطول بين كبار المسؤولين الاقتصاديين من الولايات المتحدة والصين ، واستغرق الحوار أكثر من خمس ساعات، في محاولة لمعالجة الخلافات الاقتصادية التي تقف وراء الحرب التجارية بين أكبر قوتين اقتصاديتين عالميتين، وسط جهود لتمديد الهدنة التجارية لثلاثة أشهر إضافية. ضم الوفد الأمريكي وزير الخزانة سكوت بيسنت، الذي وصل ظهر الإثنين إلى مقر رئاسة الوزراء السويدية، فيما أظهرت لقطات مصورة حضور نائب رئيس الوزراء الصيني خه لي فنغ إلى المكان. وتواجه بكين مهلة محددة تنتهي في 12 آب/أغسطس للتوصل إلى تسوية دائمة حول الرسوم الجمركية مع إدارة الرئيس دونالد ترامب، بعد اتفاقين مبدئيين أبرما في أيار/مايو وحزيران/يونيو لوقف التصعيد المتبادل في فرض الرسوم ووقف تصدير المعادن الأرضية النادرة. وغادر المشاركون من الجانبين مبنى الاجتماع عند الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي، دون الإدلاء بتصريحات للصحفيين، مع توقعات باستكمال المشاورات يوم الثلاثاء. وتطرق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى سير المحادثات خلال مؤتمر مع رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في إسكتلندا، قائلا: "أود رؤية الصين تفتح أسواقها. نحن نتفاوض معهم في الوقت الراهن". وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق نهائي، قد تعود الاضطرابات إلى سلاسل الإمدادات العالمية مع إعادة فرض رسوم جمركية أمريكية مرتفعة، ما قد يؤدي لتقييد التجارة الثنائية بشكل غير مسبوق. من جانبه، صرح الممثل التجاري الأمريكي جيميسون جرير لشبكة (سي.إن.بي.سي) بأنه لا يتوقع نتائج بارزة من لقاء ستوكهولم، مشيرا إلى أهمية مراقبة تنفيذ الاتفاقات السابقة وضمان استمرار تدفق المعادن الحيوية، مع التركيز على تأسيس أرضية متينة لتجارة متوازنة مستقبلا. وشهدت الأيام الأخيرة توصل الرئيس ترامب إلى اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي، تضمن فرض رسوم بنسبة 15% على معظم صادرات التكتل، بما في ذلك السيارات، إلى الولايات المتحدة. لقاء مرتقب بين ترامب وشي؟ وتوقع محللون في قطاع التجارة احتمال تمديد الهدنة الجمركية وضوابط التصدير بين بكين وواشنطن لمدة 90 يوما إضافية بناء على الاتفاق الذي أبرم في منتصف أيار/مايو. ومن شأن التمديد أن يسهم في احتواء التصعيد بين الطرفين ويمهد الطريق للترتيب لاجتماع محتمل بين الرئيس دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جينبينغ في أواخر تشرين الأول/أكتوبر أو مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر. وذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن الولايات المتحدة علقت بعض القيود على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، في خطوة تهدف لمنع تعطيل مسار المفاوضات التجارية ودعم جهود ترتيب لقاء قمة بين الزعيمين. في الوقت نفسه، يستعد أعضاء في مجلس الشيوخ الأمريكي—من الحزبين—لتقديم مشاريع قوانين جديدة تستهدف الصين بسبب قضايا تتعلق بحقوق الإنسان والأمن ومعاملة الأقليات وتايوان، مما قد يضع المزيد من العراقيل أمام محادثات ستوكهولم. تركزت اللقاءات السابقة بين الوفود الأمريكية والصينية في جنيف ولندن خلال شهري أيار/مايو وحزيران/يونيو على تقليص الرسوم المتبادلة واستعادة تدفق المعادن الأرضية النادرة، كما ناقش الطرفان استئناف تصدير رقائق الذكاء الاصطناعي H20 التي تنتجها انفيديا، إلى جانب سلع أخرى أوقفتها واشنطن. حتى الآن، لم تشمل النقاشات القضايا الاقتصادية الأوسع مثل اعتراضات واشنطن على النموذج الاقتصادي الصيني الذي يعتمد على دعم الدولة للصادرات ويغرق الأسواق العالمية بالسلع الرخيصة، أو شكاوى بكين من القيود الأمريكية المفروضة بذريعة الأمن القومي التي تستهدف التكنولوجيا الصينية. يرى سكوت كنيدي، الخبير في قضايا الاقتصاد الصيني بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، أن اجتماعات جنيف ولندن كانت تهدف بالأساس إلى إعادة العلاقات الثنائية إلى مسارها الصحيح، تمهيدا لبحث الملفات الجوهرية المثيرة للخلاف. وكان وزير الخزانة الأمريكي قد لمح مسبقا إلى احتمالية تمديد المهلة، مؤكدا على ضرورة أن تعيد الصين التوازن لاقتصادها عبر تعزيز الاستهلاك المحلي وتقليل اعتمادها على التصدير، وهو مطلب قديم لصناع القرار الأمريكيين. وبحسب محللين، فإن التفاهمات التجارية بين الصين والولايات المتحدة أعقد بكثير من المفاوضات مع شركاء آسيويين آخرين، وتتطلب زمنا أطول، مشيرين إلى أن امتلاك الصين لاحتياطات ضخمة من المعادن الأرضية النادرة يمثل ورقة ضغط بارزة تؤثر في الصناعات الأمريكية من الدفاع إلى التصنيع المدني.


فرانس 24
منذ 14 ساعات
- فرانس 24
فيليب شالمان: الاتفاق التجاري الأوروبي الأمريكي... "فون دير لاين تشكر الذئب" ترامب "لأنه افترسها"
ما هو مصير الاتفاق التجاري الذي وقعته رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نهاية الأسبوع الماضي والذي ينص على فرض رسوم جمركية على السلع الأوروبية بنسبة 15 بالمائة؟ هل سيعود بالنفع على دول الاتحاد الأوروبي كما تزعم رئيسة المفوضية أم أنه سيشكل عبءا إضافيا على صادرات الاتحاد، لا سيما في مجال الخدمات والمواد الاستهلاكية والمشروبات الروحية. وتباينت ردود الفعل بين مرحب ومندد بهذا الاتفاق. فيما يرى المختص في الأسواق العالمية فيليب شالمان أنه كان من المفروض التصدي لترامب لأنه لا يؤمن سوى بالقوة. في هذا الحوار يشرح هذا المختص تداعيات الاتفاق. فرانس24: بعد إبرام الاتفاق التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، تباينت ردود الفعل بين مرحب ومنتقد. كيف تقيمه؟ فيليب شالمان: الاتحاد الأوروبي لم يجن أي فائدة من هذا الاتفاق. بل أن المشهد الذي تشكر فيه رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين دونالد ترامب كان سرياليا لاسيما عندما ندرك بأن الرسوم الجمركية ستتضاعف ثلاث مرات وأن الاتحاد الأوروبي لم يتحصل على أي امتياز في مجال صناعة وتصدير السيارات إلى الولايات المتحدة الأمريكية. هذا ليس اتفاقا بل استسلاما لأوامر دونالد ترامب. رئيسة المفوضية الأوروبية قالت بأن الاتفاق متوازن ويخدم مصالح الطرفين. هل هذا صحيح؟ يجب الانتظار بعض الوقت لتقييم دقيق لمزايا وعيوب هذا الاتفاق كوننا لا نملك كل التفاصيل. كما يجب أيضا عدم أخذ جميع التصريحات التي يدلي بها ترامب على محمل الجد، كونها تتسم في بعض الأحيان بالمبالغة. صحيح أنه قال بأن دول الاتحاد الأوروبي ستشتري ما يقارب 750 مليار دولار من الغاز، لكن هذا أمر متوقع عموما لا سيما بعدما توقفت عن شراء الغاز الروسي. الأمر الأخطر بالنسبة لي هو أن دول الاتحاد ستشترى مواد أخرى من الولايات المتحدة. ما سيجعل دونالد ترامب هو المنتصر في هذه الصفقة. أقارن أورسولا فون دير لاين بـ"عنزة السيد سوغان" (وهي قصة للروائي الفرنسي ألفونس دوديه) التي شكرت الذئب لأنه افترسها. هكذا يمكنني وصف صورة الاتفاق التجاري الموقع بين بروكسل وواشنطن. 01:36 ما هي الانعكاسات المباشرة على اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي خاصة في مجال صناعة الطائرات وسوق النبيذ والمشروبات الروحية؟ فيما يتعلق بالطيران، يبدو أن ترامب لا يريد فرض الرسوم لأن شركة بوينغ الأمريكية تحتاج لصناعة طائراتها إلى قطع الغيار الأوروبية. فهناك استثمارات مشتركة في هذا المجال بين مقاولين أوروبيين وأمريكيين. لذا يعتبر مجال الطيران حساسا بالنسبة لترامب وبالتالي لم يفكر في فرض رسوم جمركية عليه. أما فيما يتعلق بالمشروبات الروحية والنبيذ، فدونالد ترامب تحدث عن بعض الإعفاءات الجمركية في مجال الزراعة. فهل هذا يعني أن هذه الإعفاءات ستشمل النبيذ والمشروبات الروحية؟ لغاية الآن لا نعرف بشكل دقيق كيف سيكون مصير هذا المجال الزراعي الحساس بالنسبة لفرنسا. لكن صمت الرئيس ماكرون إزاء الاتفاق الذي وقعته رئيسة المفوضية الأوروبية يوحى كأن هناك اتفاق لعدم فرض رسوم جمركية كبيرة على النبيذ الفرنسي والمشروبات الكحولية. تجدر الإشارة إلى أن ألمانيا هي التي ستخسر الكثير في الاتفاق الموقع بين الطرفين. إذ ستبلغ نسبة الرسوم الجمركية التي ستفرض على بيع السيارات الألمانية إلى الولايات المتحدة 15 بالمائة. وهذا قد يؤدي إلى تراجع صادرات ألمانيا في هذا المجال. بشكل عام، الانعكاسات على الاقتصاد الأوروبي والعالمي ستكون سلبية. بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي كون أن الأسعار سترتفع وهذا ليس بالخبر المفرح للمستهلكين الأمريكيين. لكن رئيسة المفوضية الأوروبية تشدد وتكرر أن الاتفاق مع الولايات المتحدة هو اتفاق مثمر.. لا. أعيد وأكرر بأنه ليس اتفاقا جيدا لدول الاتحاد الأوروبي. في الحقيقة دونالد ترامب لا يفهم سوى لغة القوة. الاتحاد الأوروبي اتفق الأسبوع الماضي على حزمة من العقوبات الاقتصادية على الولايات المتحدة بقيمة 93 مليار دولار، لكن أورسولا فون دير لاين لم تستخدمها. نفس الشيء أيضا بالنسبة لمادتي الصلب والحديد، الدول الأوروبية كانت قد اتفقت على حزمة من العقوبات المالية على الولايات المتحدة، لكن لم تستخدمها. أكرر، إنه اتفاق سيء: اتفاق بين مهيمن هو دونالد ترامب ومطيع وهي رئيسة المفوضية الأوروبية. كان المفروض عدم قبول مقترحات ترامب وعدم الانصياع له. كان يتوجب التصدي له نظرا لأسباب عديدة، أبرزها أن الاتحاد الأوروبي يمثل سوقا كبيرا، لا سيما في مجال الخدمات والتكنولوجيا. 01:25 كان يتوجب على رئيسة المفوضية الأوروبية أن تهدد ترامب بتطبيق رسوم جمركية مرتفعة على الشركات التكنولوجية الأمريكية على غرار غوغل وأمازون وميتا إلخ. لكن أوروبا لم تستطع أن تقوم بذلك لأنها منقسمة. فجورجيا ميلوني مثلا رحبت بهذا الاتفاق في حين التزم ماكرون الصمت. فون دير لاين، عندما فازت بعهدة ثانية على رأس المفوضية الأوروبية، قامت بإبعاد كل المسؤولين ذوي وزن سايسي واقتصادي كبير. فعلى سبيل المثال قامت بإبعاد تيري بروتون الذي تم تعيينه في 2019 مفوضا أوروبيا في مجال السياسة الصناعية والسياحة والدفاع قبل أن يستقيل من منصبه في 2024 بسبب الضغوطات التي مارستها عليه فون دير لاين. في السابق، كان المتفاوضون الأوروبيين يتميزون بوزن سياسي كبير في المفوضية وحنكة اقتصادية دقيقة، مثل باسكال لامي أو بيتر ماندلسون. أما اليوم فغالبية المتفاوضين ينحدرون من دول أوروبا الشرقية سابقا، مثل سلوفاكيا. في الحقيقة، أورسولا فون دير لاين لم تشارك بشكل مباشر وجدّي في المفاوضات مع الجانب الأمريكي. لقد تركت هذه المهمة لمسؤولين من الدرجة الثانية. ما جعل الطرف الأوروبي ضعيفا أمام دونالد ترامب الذي يجيد لعبة البوكر.


فرانس 24
منذ 18 ساعات
- فرانس 24
الاتفاق التجاري مع واشنطن... ردود أوروبية متضاربة وفرنسا تعتبره "إذعانا" للولايات المتحدة
أبدى رئيس وزراء فرنسا فرانسوا بايرو الاثنين أسفه "ليوم قاتم أذعنت فيه" أوروبا لواشنطن بإبرامها الاتفاق التجاري الذي أعلن عنه الأحد بين التكتل والولايات المتحدة. وقال بايرو في منشور على منصة إكس: "إنه ليوم قاتم يقرر فيه تحالف شعوب حرة مجتمعة لتأكيد مبادئها والدفاع عن مصالحها، الإذعان". ونص الاتفاق خصوصا على فرض رسوم جمركية أمريكية بنسبة 15 بالمئة على السلع الأوروبية، في مقابل تعهد أوروبي شراء منتجات طاقة من واشنطن بقيمة 750 مليار دولار والقيام باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار في الولايات المتحدة. إيطاليا ترحب بالاتفاق وتنتظر التفاصيل من جانبها، رحبت روما مساء الأحد بالاتفاق ورأت أنه يجنّب حربا تجارية، مع بقائها حذرة في انتظار معرفة التفاصيل. وقال وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني إن "الاتفاق بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ينهي مرحلة من عدم اليقين ويجنّب حربا تجارية. سندرس جميع التفاصيل". كما صدر موقف مماثل عن رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني التي تزور إثيوبيا لحضور قمة للأمم المتحدة بشأن الأمن الغذائي. وقالت من أديس أبابا: "أعتبر أن التوصل إلى اتفاق أمر إيجابي، لكن لا يمكنني إصدار حكم أفضل حتى أرى التفاصيل"، وفق وسائل إعلام إيطالية. كذلك، قالت ميلوني ونائباها تاياني وماتيو سالفيني في بيان مشترك: "ترحب الحكومة الإيطالية بالاتفاق الذي يجنّب حربا تجارية داخل الغرب ذات عواقب لا يمكن التنبؤ بها". وأضاف البيان أن الاتفاق يضمن "الاستقرار، وهو جانب أساسي للعلاقات بين الأنظمة الاقتصادية والشركات المترابطة للغاية"، معتبرا أن الرسوم الجمركية البالغة 15 بالمئة "يمكن تحملها". وأكد المسؤولون الثلاثة أنهم مستعدون "لتفعيل إجراءات دعم على المستوى الوطني" للقطاعات الاقتصادية التي ستعاني أكثر من غيرها، لكنهم دعوا أيضا إلى اتخاذ إجراءات "على المستوى الأوروبي". ألمانيا: الاتفاق "يجنب تصعيدا غير ضروري" بدوره، رحب المستشار الألماني فريدريش ميرتس الأحد بالاتفاق معتبرا أنه "يجنب تصعيدا غير ضروري في العلاقات التجارية عبر الأطلسي، فيما انتقده القطاع الصناعي. وصرّح المستشار في بيان: "لقد تمكنا بذلك من الحفاظ على مصالحنا الأساسية، رغم أنني كنت آمل أن أرى المزيد من التسهيلات في التجارة عبر الأطلسي". وتعد الولايات المتحدة أكبر شريك تجاري لألمانيا. وأضاف ميرتس "يساعد هذا الاتفاق في تجنب نزاع تجاري كان من شأنه أن يؤثر بشدة على الاقتصاد الألماني"، معربا عن ارتياحه خصوصا بشأن قطاع صناعة السيارات "حيث سيتم خفض الرسوم الجمركية الحالية البالغة 27,5 بالمئة إلى النصف تقريبا، لتغدو 15بالمئة". كما قال زعيم أكبر اقتصاد في أوروبا: "في هذا المجال على وجه التحديد يكتسب الخفض السريع للرسوم الجمركية أهمية قصوى". "أفضل شيء كان يمكن الحصول عليه" كما دافعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين هي الأخرى عن الاتفاق التجاري المبرم مع الولايات المتحدة واصفة إياه بأنه "أفضل شيء كان يمكن الحصول عليه". وشددت على ضرورة عدم التقليل من شأن الاتفاق في ظل التهديدات الأمريكية بفرض رسوم جمركية 30 بالمئة على التكتل. وأكدت لاين أن الاتفاق ينص على فرض رسوم أساسية 15 بالمئة على معظم السلع الأوروبية المصدرة إلى الولايات المتحدة ومنها السيارات وأشباه الموصلات والمنتجات الدوائية. وردا على سؤال عن رأيها فيما إذا كانت نسبة 15 بالمئة صفقة جيدة لمصنعي السيارات الأوروبيين، قالت فون دير لاين للصحافيين: "15 بالمئة ليست بالأمر الهيّن، لكنها أفضل شيء كان يمكن الحصول عليه". وفي أسواق المال، ارتفعت الأسهم الأوروبية إلى أعلى مستوياتها في أربعة أشهر اليوم الاثنين بقيادة قطاعي السيارات والأدوية، غداة الاتفاق الذي تم التوصل إليه قبل انتهاء مهلة محددة لذلك في الأول من أغسطس/آب متجنبا حربا تجارية أوسع نطاقا.