ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟لؤي صوالحة
ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟
لؤي صوالحة
في تصعيد هو الأخطر منذ عقود، دخلت المواجهة بين إيران والولايات المتحدة طورًا جديدًا، تحوّل فيه الخطاب السياسي إلى صواريخ عابرة للقارات، وجاء الرد الإيراني فجر الأحد على شكل موجة صاروخية كثيفة استهدفت العمق الإسرائيلي، في أعقاب الضربة الأمريكية التي طالت منشآت نووية في فوردو ونطنز وأصفهان داخل الأراضي الإيرانية.
موجة 'الوعد الصادق 3': حين تتكلم الصواريخ
مع ساعات الصباح الأولى، أعلنت إيران عن إطلاق نحو 30 صاروخًا في إطار ما سُمّي بـ'الموجة العشرين' من عملية 'الوعد الصادق 3″، حيث طالت الصواريخ مطار اللد، ومركز الأبحاث البيولوجية، وعددًا من قواعد دعم النظام ومراكز القيادة والسيطرة، في استهداف مباشر للبنية التحتية الحساسة.
وسجلت وسائل إعلام عبرية سقوط صواريخ في أكثر من 10 نقاط، أبرزها حيفا، نس تسيونا، وتل أبيب، حيث أشارت تقارير أولية إلى وقوع دمار هائل في تل أبيب، بالتزامن مع فرض الرقابة العسكرية تعتيمًا إعلاميًا على مواقع السقوط.
الإحصاءات الأولية أفادت بإصابة 15 إسرائيليًا على الأقل، بينهم اثنان في حالة حرجة، فيما ما تزال طواقم الإنقاذ تبحث في أنقاض الأبنية المستهدفة.
اللافت أن صواريخ إيران أصابت أهدافًا نوعية بدقة، وأن بعضها سبق صافرات الإنذار، ما يعكس اختراقًا جديدًا في المنظومة الدفاعية الإسرائيلية، ويعيد تقييم قدرة 'القبة الحديدية' على مواجهة تهديدات ذات طابع استراتيجي.
إسرائيل: نجاح أمريكي.. وهشاشة داخلية
في تل أبيب، ورغم الاحتفاء العلني بالضربة الأمريكية التي استهدفت منشآت نووية إيرانية، بدا القلق يتسلل من النوافذ المحصنة. فالصواريخ التي أصابت قلب تل أبيب، وأحدثت دمارًا هائلًا، لم تكن مجرد رد فعل. لقد كانت رسالة صريحة بأن قواعد الاشتباك تغيّرت، وأن الداخل الإسرائيلي لم يعد بعيدًا عن مرمى النيران الإيرانية.
وتعترف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أن الضربة الأمريكية 'أنقذت إسرائيل من مهمة مستحيلة'، متمثلة في استهداف منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض. لكن الواقع الجديد كشف أن إسرائيل، رغم الدعم الأمريكي، ما زالت عاجزة عن حماية مراكزها الحيوية.
إيران.. الرد بضبط النفس وبذكاء استراتيجي
الموقف الإيراني جاء موزونًا بدقة: استهداف مؤلم لكنه محسوب. الصواريخ لم تكن عشوائية، بل اختارت بعناية مراكز القيادة والسيطرة، ومواقع لها طابع ردعي ونفسي. وبحسب مصادر إيرانية، فإن المنشآت التي قُصفت في الداخل كانت 'مفرغة من المواد الخطرة مسبقًا'، مما يشير إلى أن طهران كانت تتوقع الهجوم، واستعدت له دون إعلان.
وفي الوقت الذي صعد فيه الإعلام الرسمي من لهجته، مهددًا بأن 'كل مواطن أمريكي بات هدفًا مشروعًا'، حافظت وزارة الخارجية الإيرانية على خطابها القانوني، مؤكدة أن 'الرد على العدوان الأمريكي قادم، لكنه ليس انفعاليًا'.
ماذا عن واشنطن؟ بين عضلات ترامب وحذر البنتاغون
الضربة التي نفذتها واشنطن فجر السبت استهدفت منشآت نووية تُعدّ جوهر المشروع النووي الإيراني، وهو ما أثار جدلًا داخل الولايات المتحدة نفسها. فقد وُصف الهجوم بأنه قرار من الرئيس ترامب تم بمعزل عن المؤسسة العسكرية التقليدية، وجاء في توقيت حرج – بالتزامن مع عطلة البورصة – تفاديًا لانهيار الأسواق.
لكن مع الرد الإيراني، يُطرح سؤال داخلي في واشنطن: هل نذهب إلى حرب شاملة؟ أم نكتفي بضربات استباقية متفرقة؟ حتى اللحظة، يبدو أن البيت الأبيض يحاول ضبط الإيقاع، لكن المفاجآت الإيرانية لا تترك مجالًا طويلًا للارتياح.
مستقبل الصراع.. حافة الهاوية أم جولة مفتوحة؟
المرحلة القادمة مرشحة لتوسيع رقعة الاشتباك، لا بالضرورة من خلال حرب شاملة، بل عبر حرب استنزاف متعددة الجبهات: من لبنان، حيث يحتفظ حزب الله بترسانة استراتيجية، إلى العراق، حيث الفصائل المسلحة باتت جاهزة، مرورًا بغزة التي قد تندفع لإشعال جبهة الجنوب.
ومع انكشاف هشاشة العمق الإسرائيلي أمام صواريخ دقيقة، فإن إسرائيل تُدفع تدريجيًا إلى وضع دفاعي. واللافت أن 'بنك الأهداف' الإسرائيلي في إيران – بحسب الإعلام العبري – قد تم استنفاده تقريبًا، ما يجعل إسرائيل رهينة الفعل الإيراني أكثر من كونها صاحبة المبادرة.
الكلمة الأخيرة: تحولات غير قابلة للعكس
ما بعد الضربة الأمريكية والرد الإيراني ليس كما قبله. لقد انهار حاجز 'الردع النفسي'، وتمت تجربة إطلاق نار مباشر بين قوتين إقليميتين مدعومتين عالميًا. وربما الأخطر هو أن الرشقات القادمة قد لا تسبقها صافرات إنذار.
إننا أمام واقع جديد: إيران ترد داخل تل أبيب، وإسرائيل تلوذ بواشنطن، وواشنطن تمضي في استعراض عضلاتٍ قد يتحول إلى مأزق استراتيجي، لا سيما إن تورطت في حرب استنزاف طويلة تفقد فيها السيطرة تدريجيًا.
المعادلة الآن باتت: إما ضبط جماعي للتصعيد، أو انزلاق لا يمكن وقفه نحو اشتباك إقليمي واسع، تُرسم فيه حدود النفوذ بالنار، وتُدفن فيه مشاريع السلام والتنمية لعقود قادمة.
2025-06-24
The post ماذا بعد الضربة الأمريكية لإيران؟لؤي صوالحة first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
"حوار استثنائي".. هدنة إيران تشعل مكالمة ترامب مع نتنياهو
شفق نيوز/ كشف موقع "أكسيوس"، يوم الثلاثاء، كواليس مكالمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين لوقف إطلاق النار مع إيران. ونقل "أكسيوس" عن مصدر في البيت الأبيض أن "ترامب كان غاضبا وتحدث مع نتنياهو بطريقة حازمة ومباشرة بشكل استثنائي". وذكر المصدر أن "ترامب أوضح لنتنياهو ما يجب القيام به للحفاظ على وقف إطلاق النار، وقد أدرك الأخير خطورة الموقف". وبعد المكالمة، قال ترامب إن إسرائيل تراجعت عن شن هجوم جديد على إيران، لكن تل أبيب أكدت أن مقاتلاتها هاجمت مواقع في طهران. وقالت إذاعة الجيش الإسرائيلي: "الجيش هاجم موقع رادار قرب طهران" كما قالت وسائل إعلام إيرانية: "مدينة بابلسر شمالي البلاد تتعرض لهجوم إسرائيلي". من جانبه، أفاد مكتب نتنياهو بأن إسرائيل امتنعت عن شن المزيد من الضربات في أعقاب محادثة ترامب مع رئيس الوزراء".

وكالة أنباء براثا
منذ 3 ساعات
- وكالة أنباء براثا
خبير مصري يتحدث عن أبعاد هجوم طهران على قاعدة العديد في قطر
تحدث الخبير المصري في الشؤون الإيرانية ورئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب محمد محسن أبو النور عن أبعاد الضربة الإيرانية لقاعدة العديد الأمريكية في قطر، حيث أوضح أبو النور في تصريحات للقناة الروسية الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية في قطر أوقفت ـ أو ربما أخرت - مفعول مخطط إسقاط النظام الإيراني، موضحا أن بذلك تكون إيران هي الدولة الوحيدة التي تضرب قواعد أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية. كما أضاف أبو النور أن الإعلان الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوم الأحد الموافق 22 يونيو 2025، من البيت الأبيض، والذي أعلن فيه عن "هجوم ناجح للغاية" على مواقع نووية إيرانية شملت فوردو وناتنز وأصفهان، كان بمثابة محاولة لحشد الرأي العام الأمريكي حول العملية العسكرية. وتابع: "قد ظهر ترامب في البث المباشر مع عدد من كبار معاونيه، ومن بينهم نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وهو ما يدل على اتخاذ القرار بإجماع القيادة العليا في الإدارة الأمريكية، في حين غاب عن المشهد المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مما قد يشير إلى عدم موافقته على العملية أو تركه كخيار للمفاوضات المستقبلية". فيما يرى أبو النور أن قرار ترامب بالانضمام إلى الهجمات غير القانونية التي شنها الكيان الإسرائيلي ضد إيران يشكل انحرافاً خطيراً عن المسار الدبلوماسي الذي سبق أن اتبعته الإدارة الأمريكية، وهو ما دفع إيران أكثر نحو السعي لامتلاك السلاح النووي باعتباره ضرورة استراتيجية للردع، خاصة بعد أن بات واضحاً لإيران أن الولايات المتحدة لا تبحث عن حلول دبلوماسية بل تريد إخضاعها بالقوة العسكرية وتجريدها من أدوات قوتها الوطنية. كذلك أشار إلى أنه على الرغم من أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشكل مؤقت، إلا أنها في المدى القصير والمتوسط قد عززت لدى إيران قناعة راسخة بأن امتلاك السلاح النووي هو الخيار الوحيد المتاح لحمايتها، على غرار التجربة الكورية الشمالية. هذا خاصة في ظل التقييم الاستخباراتي الأمريكي قبل تنفيذ الهجوم، والذي أشار إلى أن إيران لم تتخذ بعد قراراً بالمضي قدماً في تصنيع قنبلة نووية، وأنها كانت تحتاج إلى أشهر لتطوير جهاز بدائي يمكن استخدامه عسكرياً، أي أن الاعتداء جاء على أساس مبالغ فيه في التهديد. بالمقابل، ترى القيادة الإيرانية أن الضربات العسكرية الأمريكية لن تستطيع القضاء على المعرفة النووية العميقة التي تمتلكها طهران، لكن الثمن سيكون تعزيزاً لعزم إيران على إعادة بناء برنامجها النووي، وقد تصل إلى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) والسعي الفوري لتصنيع السلاح النووي، إذ بات واضحاً لديها أن النظام الدولي يحكمه مبدأ القوة وليس القانون. ويضيف أبو النور أن من المبكر جداً تقييم حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني نتيجة لهذه الهجمات، لأن ذلك يتطلب وقتاً طويلاً وتقييمات متخصصة، بما في ذلك عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي. كما لفت إلى أن قرار ترامب بشن الحرب على إيران من دون الحصول على تفويض قانوني من الكونغرس، وهو ما يشترطه الدستور الأمريكي، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الداخلي في الولايات المتحدة، لكن هذا الانتهاك قد يمر داخلياً تحت ظاهرة التوافق بين الجمهوريين والديمقراطيين على تحييد إيران حتى لو كان ذلك عبر عمل غير قانوني. ويشير أبو النور إلى أن هذه العملية تعد دليلاً قوياً على توحش الإدارة الأمريكية كما يراه المحافظون، وعلى أن التفاوض مع واشنطن فقد جدواه، وبالتالي اللجوء إلى الحلول التصعيدية أصبح خياراً استراتيجياً لدى بعض الدوائر الإيرانية. ويشير إلى تصريحات حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان المعروفة بقربها من المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث دعا إلى الرد الفوري بضرب الأسطول الأمريكي في البحرين وإغلاق مضيق هرمز أمام السفن الأمريكية والأوروبية، مصحوباً بالإشارة إلى الآية القرآنية: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}. فيما اختتم أبو النور القول، إن فشل الولايات المتحدة في حل القضية النووية الإيرانية بالطرق الدبلوماسية سيؤدي إلى تقويض الثقة في النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية، وسيفتح الباب أمام المزيد من الدول للسعي لامتلاك السلاح النووي كوسيلة للردع أمام القوى النووية الكبرى، مما يعني تحولاً جذرياً في موازين القوى الدولية.


موقع كتابات
منذ 4 ساعات
- موقع كتابات
إدارة ترمب تفاجأت وقطر تتوسط .. 'نيويورك تايمز' تكشف كواليس وقف إطلاق النار بين إيران والكيان
وكالات- كتابات: أفادت صحيفة (نيويورك تايمز)؛ بأن كبار مسؤولي إدارة الرئيس الأميركي؛ 'دونالد ترمب'، تفاجئوا بإعلان 'ترمب'، فجر اليوم الثلاثاء، وقف إطلاق النار بين 'إيران' وكيان الاحتلال الإسرائيلي، في حين كشفت عن تدخل قطري في المفاوضات التي انتهت بالسلام بين البلدين. ووفق مسؤول كبير في 'البيت الأبيض'، فقد فاجأ الإعلان، الذي صدَّر بعد دقائق من الساعة السادسة مساءً بتوقيت شرق 'الولايات المتحدة'، حتى بعض كبار مسؤولي إدارة 'ترمب'، باستثناء نائب الرئيس؛ 'جيه. دي فانس'، ووزير الخارجية؛ 'ماركو روبيو'، و'ستيف ويتكوف'، المبعوث الخاص لـ'ترمب'، الذي قاد الجهود على مدار الشهرين الماضيين للتوصل إلى اتفاق لكبح البرنامج النووي الإيراني. وأوضح المسؤول الكبير في 'البيت الأبيض'؛ أن 'فانس' و'روبيو' و'ويتكوف' عملوا عبر قنوات: 'مباشرة وغير مباشرة' للتواصل مع الإيرانيين، مضيفًا أن 'إسرائيل' وافقت على وقف إطلاق النار، شريطة ألا تتعرض لهجمات أخرى من 'طهران'. وقبل تأكيده أن 'إيران' و'إسرائيل' اتفقتا على وقف إطلاق النار، تحدث 'ترمب' مع رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ 'بنيامين نتانياهو'، والمسؤولين الإيرانيين، بمساعدة 'قطر' في التوسّط. وأضاف المسؤول؛ الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن الشيخ 'تميم بن حمد آل ثاني'، أمير 'قطر'، لعب دورًا في مناقشات وقف إطلاق النار. وأشاد المسؤول الكبير في 'البيت الأبيض' بالضربات العسكرية الأميركية على ثلاثة مواقع إيرانية لتخصيّب (اليورانيوم)؛ يوم السبت، والتي يزعم أنها مهدّت الطريق لمناقشة وقف إطلاق النار. وأعلن 'ترمب'؛ أنّ 'إيران' و'إسرائيل' وافقتا على: 'وقف تام لإطلاق النار' يبدأ قرابة الساعة الرابعة من فجر الثلاثاء بتوقيت (غرينتش)؛ ما سيضع نهاية محتملة لحرب استمرت (12) يومًا بين البلدين. وكتب 'ترمب' على منصّته للتواصل الاجتماعي؛ (تروث سوشيال) إنّه: 'تمّ الاتفاق بشكلٍ تامّ بين إسرائيل وإيران على وقف شامل وكامل لإطلاق النار'.