خبير مصري يتحدث عن أبعاد هجوم طهران على قاعدة العديد في قطر
تحدث الخبير المصري في الشؤون الإيرانية ورئيس المنتدى العربي لتحليل السياسات الإيرانية ـ أفايب محمد محسن أبو النور عن أبعاد الضربة الإيرانية لقاعدة العديد الأمريكية في قطر، حيث أوضح أبو النور في تصريحات للقناة الروسية الضربة الإيرانية للقاعدة الأمريكية في قطر أوقفت ـ أو ربما أخرت - مفعول مخطط إسقاط النظام الإيراني، موضحا أن بذلك تكون إيران هي الدولة الوحيدة التي تضرب قواعد أمريكية منذ الحرب العالمية الثانية.
كما أضاف أبو النور أن الإعلان الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في يوم الأحد الموافق 22 يونيو 2025، من البيت الأبيض، والذي أعلن فيه عن "هجوم ناجح للغاية" على مواقع نووية إيرانية شملت فوردو وناتنز وأصفهان، كان بمثابة محاولة لحشد الرأي العام الأمريكي حول العملية العسكرية.
وتابع: "قد ظهر ترامب في البث المباشر مع عدد من كبار معاونيه، ومن بينهم نائب الرئيس مايك بنس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيجسيث، وهو ما يدل على اتخاذ القرار بإجماع القيادة العليا في الإدارة الأمريكية، في حين غاب عن المشهد المبعوث الخاص للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، مما قد يشير إلى عدم موافقته على العملية أو تركه كخيار للمفاوضات المستقبلية".
فيما يرى أبو النور أن قرار ترامب بالانضمام إلى الهجمات غير القانونية التي شنها الكيان الإسرائيلي ضد إيران يشكل انحرافاً خطيراً عن المسار الدبلوماسي الذي سبق أن اتبعته الإدارة الأمريكية، وهو ما دفع إيران أكثر نحو السعي لامتلاك السلاح النووي باعتباره ضرورة استراتيجية للردع، خاصة بعد أن بات واضحاً لإيران أن الولايات المتحدة لا تبحث عن حلول دبلوماسية بل تريد إخضاعها بالقوة العسكرية وتجريدها من أدوات قوتها الوطنية.
كذلك أشار إلى أنه على الرغم من أن هذه الهجمات قد تؤدي إلى تعطيل البرنامج النووي الإيراني بشكل مؤقت، إلا أنها في المدى القصير والمتوسط قد عززت لدى إيران قناعة راسخة بأن امتلاك السلاح النووي هو الخيار الوحيد المتاح لحمايتها، على غرار التجربة الكورية الشمالية. هذا خاصة في ظل التقييم الاستخباراتي الأمريكي قبل تنفيذ الهجوم، والذي أشار إلى أن إيران لم تتخذ بعد قراراً بالمضي قدماً في تصنيع قنبلة نووية، وأنها كانت تحتاج إلى أشهر لتطوير جهاز بدائي يمكن استخدامه عسكرياً، أي أن الاعتداء جاء على أساس مبالغ فيه في التهديد.
بالمقابل، ترى القيادة الإيرانية أن الضربات العسكرية الأمريكية لن تستطيع القضاء على المعرفة النووية العميقة التي تمتلكها طهران، لكن الثمن سيكون تعزيزاً لعزم إيران على إعادة بناء برنامجها النووي، وقد تصل إلى الانسحاب من معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية (NPT) والسعي الفوري لتصنيع السلاح النووي، إذ بات واضحاً لديها أن النظام الدولي يحكمه مبدأ القوة وليس القانون.
ويضيف أبو النور أن من المبكر جداً تقييم حجم الأضرار التي لحقت بالبرنامج النووي الإيراني نتيجة لهذه الهجمات، لأن ذلك يتطلب وقتاً طويلاً وتقييمات متخصصة، بما في ذلك عودة مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى إيران، وهو أمر مستبعد في الوقت الحالي.
كما لفت إلى أن قرار ترامب بشن الحرب على إيران من دون الحصول على تفويض قانوني من الكونغرس، وهو ما يشترطه الدستور الأمريكي، يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الداخلي في الولايات المتحدة، لكن هذا الانتهاك قد يمر داخلياً تحت ظاهرة التوافق بين الجمهوريين والديمقراطيين على تحييد إيران حتى لو كان ذلك عبر عمل غير قانوني.
ويشير أبو النور إلى أن هذه العملية تعد دليلاً قوياً على توحش الإدارة الأمريكية كما يراه المحافظون، وعلى أن التفاوض مع واشنطن فقد جدواه، وبالتالي اللجوء إلى الحلول التصعيدية أصبح خياراً استراتيجياً لدى بعض الدوائر الإيرانية. ويشير إلى تصريحات حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة كيهان المعروفة بقربها من المرشد الإيراني علي خامنئي، حيث دعا إلى الرد الفوري بضرب الأسطول الأمريكي في البحرين وإغلاق مضيق هرمز أمام السفن الأمريكية والأوروبية، مصحوباً بالإشارة إلى الآية القرآنية: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ}.
فيما اختتم أبو النور القول، إن فشل الولايات المتحدة في حل القضية النووية الإيرانية بالطرق الدبلوماسية سيؤدي إلى تقويض الثقة في النظام العالمي لمنع انتشار الأسلحة النووية، وسيفتح الباب أمام المزيد من الدول للسعي لامتلاك السلاح النووي كوسيلة للردع أمام القوى النووية الكبرى، مما يعني تحولاً جذرياً في موازين القوى الدولية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 25 دقائق
- شفق نيوز
رغم توقف الحرب.. لا قرار بإعادة فتح المجال الجوي الإيراني
شفق نيوز/ أفادت وكالة "رويترز" عن مسؤول إيراني، مساء الثلاثاء، بأن المجال الجوي الإيراني لم يُفتح بعد ولم يُتخذ قرار بعد في هذا الصدد. كما ذكر موقع "نادي الصحفيين الشبان" الإيراني، نقلاً عن المتحدث باسم وزارة الطرق والتنمية الحضرية، أن "إيران لم تُعد فتح مجالها الجوي بعد". ووفق وسائل إعلام محلية، من المقرر أن تبقي إيران مجالها الجوي مغلقاً حتى غد الأربعاء. وأوضح المتحدث أنه لم يُتخذ أي قرار في هذا الشأن. يأتي هذا النفي بعد أن ذكر موقع (فلايت رادار24) لتتبع الرحلات الجوية، اليوم الثلاثاء، أن المجال الجوي الإيراني مفتوح للرحلات الدولية القادمة والمغادرة من طهران بموافقة مسبقة. من جهتها، أعادت إسرائيل صباح الثلاثاء، فتح المجال الجوي بعد إغلاق استمر 3 ساعات، عقب موجات من الصواريخ أُطلقت من إيران. وفي وقت سابق من اليوم، أعلنت إدارة الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية، استئناف جدول رحلاتها المنتظمة إلى مختلف الوجهات التي يخدمها الناقل الوطني عبر مطاري بغداد والبصرة الدوليين، وذلك اعتباراً من يوم غد الأربعاء، بعد انتفاء الخطورة الأمنية للطيران. وكانت حكومة إقليم كوردستان، قد أعلنت، الثلاثاء، استئناف الرحلات الجوية في مطار أربيل بعد اغلاقها خلال ايام الحرب التي نشبت بين ايران واسرائيل. كما أعلنت الهيئة العامة للطيران المدني السوري، اليوم الثلاثاء، إعادة افتتاح المجال الجوي أمام حركة الملاحة الجوية، ليعود إلى حالته الطبيعية اعتباراً من الساعة 10:00 صباحاً، بعد إغلاق مؤقت استمر منذ 18 حزيران/ يونيو 2025. وأعلنت مصر للطيران عن استئناف تشغيل الرحلات الجوية إلى دول الخليج التي تأثرت مؤقتًا خلال الفترة الماضية، مع بدء إعادة فتح عدد من المجالات الجوية تدريجيًا، وذلك وفقًا للجدول المعدّل الذي يتم تحديثه بشكل مستمر . وكانت كل من قطر والإمارات والبحرين والكويت، أعلنت مساء الاثنين، إعادة فتح مجالاتها الجوية بعد تعليق قصير، بسبب الهجوم الصاروخي الإيراني على قاعدة "العديد" في قطر. ودخل اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الثلاثاء، حيز التنفيذ بين إيران وإسرائيل منذ السابعة صباحاً. وكان ترامب قد أعلن أنّ إيران وإسرائيل وافقتا على "وقف تام لإطلاق النار" يبدأ قرابة الساعة 4 من فجر الثلاثاء بتوقيت غرينيتش، مما سيضع "نهاية رسمية" لحرب استمرت 12 يوماً بين البلدين.


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
تقييم استخباراتي: ضربات أمريكا لم تدمر منشآت إيران النووية بالكامل بل أخرته لأشهر فقط
شفق نيوز/ قالت أربعة مصادر مطلعة لشبكة CNN، إن تقييمًا أوليًا أعدته وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA) أشار إلى أن الضربات الجوية التي نفذتها الولايات المتحدة على ثلاث منشآت نووية في إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع لم تدمر العناصر الأساسية لبرنامج طهران النووي، بل يُرجّح أنها أخّرته لبضعة أشهر فقط. التقييم السري الذي أعده البنتاغون استند إلى تحليل أضرار ميداني أجرته القيادة المركزية الأميركية (CENTCOM) بعد الضربات التي استهدفت منشأتي فوردو ونطنز لتخصيب اليورانيوم، وموقعًا مرتبطًا بالبحث النووي في أصفهان. ورغم الأضرار الكبيرة التي لحقت بالبنية التحتية فوق الأرض، بما في ذلك أنظمة الكهرباء وبعض المعدات الداعمة، فإن أجهزة الطرد المركزي ومخزون اليورانيوم المخصب ظلّا إلى حد كبير دون أذى، بحسب المصادر. وأفاد أحد المسؤولين: "التقييم الحالي يشير إلى أن الضربات ربما أخّرت البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر، لا أكثر". هذا التقييم يتناقض مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب الذي أكد أن "الضربات دمّرت كليًا" البنية النووية الإيرانية، بينما قال وزير الدفاع بيت هغسث إن "طموحات إيران النووية قد مُحيت تمامًا". في المقابل، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن التقييم "خاطئ تمامًا"، واعتبرته "محاولة لتقويض إنجاز الطيارين العسكريين"، متهمة من سرّب التقييم بأنه "فاشل مجهول من داخل مجتمع الاستخبارات". الولايات المتحدة استخدمت قنابل خارقة للتحصينات من طراز "30,000 باوند" أُلقيت من قاذفات B-2 على منشآت فوردو ونطنز، بينما استُخدمت صواريخ توماهوك لضرب منشأة أصفهان، نظرًا لصعوبة اختراق طبقاتها السفلية. ورغم دقة الضربات، فإن تقييم الأضرار يشير إلى أنها لم تصل إلى الأجزاء المدفونة التي تضم أنظمة الطرد المركزي الأكثر حساسية. وأكد مسؤولون أميركيون أن الضربة نُفذت بالتنسيق مع إسرائيل التي كانت قد بدأت بقصف أهداف نووية إيرانية منذ أيام، لكنها طلبت الدعم الأميركي لاستهداف المنشآت المحصنة بشكل أعمق. في ظل هذا التضارب بين التقييم الاستخباراتي والتصريحات السياسية، ألغى البيت الأبيض جلسات إحاطة سرية كان من المفترض عقدها في مجلسي النواب والشيوخ، دون تقديم تفسير رسمي. وقال النائب الديمقراطي بات رايان إن "الرئيس ألغى الإحاطة لأنه يدرك أن فريقه لا يمكنه دعم مزاعمه". يُذكر أن منشأة فوردو، الواقعة داخل جبل قرب مدينة قم، تُعد واحدة من أكثر المنشآت تحصينًا في إيران، حيث تُخزن أجهزة الطرد المركزي في أعماق يصعب اختراقها. أما منشأة أصفهان فهي مركز أبحاث نووي أساسي وتحتوي على مرافق لتحويل اليورانيوم إلى معدن، وهي خطوة حاسمة في تطوير الأسلحة النووية.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 2 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
إعادة إنتاج النازية
رامي الشاعر 'لقد التزمت الصمت حتى اللحظة التي قررت فيها أخيرا اتخاذ الخطوة الأولى بنفسي. فعندما أرى العدو يصوب بندقيته نحوي، لن أنتظر حتى يضغط على الزناد، بل أفضل أن أكون أول من يضغط على الزناد. كان هذا أصعب قرار اتخذته في حياتي قاطبة. فكل خطوة كهذه كانت تفتح بابا تخفي وراءه أسرارا، لتعرف الأجيال القادمة كيف حدث ذلك وماذا حدث'. كانت تلك كلمات أدولف هتلر في برلين 3 أكتوبر عام 1941 بعد ثلاثة أشهر من قيامه بالعدوان المباغت على الاتحاد السوفيتي فجر يوم 22 يونيو 1941، وفي هذا الخطاب مضى هتلر يحكي سرديته الأسطورية عن 'صحوة أوروبا'، وعن 'الخطر البلشفي' الداهم، وعن 'استعدادات الاتحاد السوفيتي للانقضاض على أوروبا'، يتابع هتلر في هذا الخطاب: 'لقد أخطأنا في شيء واحد فقط: لم نكن ندرك مدى ضخامة استعدادات العدو ضد ألمانيا وأوروبا، ومدى جسامة الخطر الذي لا يحصى، وكيف نجونا بأعجوبة من دمار ليس ألمانيا فحسب، بل وأوروبا أيضا'. بل كان هتلر، فيما أضمر من نوايا، خدع بها الأمة الألمانية وبعض المتواطئين والعملاء والمتعاونين معه، أمثال ستيبان بانديرا الذي أعاد الأوكرانيون الآن تأهيله ليصبح بطلا قوميا في البلاد، كان الزعيم النازي يرغب في 'تحرير الشعوب السوفيتية من البلشفية' الذين وصفهم في خطابه هذا بأنهم 'ليسوا بشرا، بل حيوانات'، بعد أن 'رأينا ما يمكن أن تفعله البلشفية بالبشر'. فما أشبه اليوم بالبارحة.. فأنت حينما تستمع إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في 'توجسه' من 'القنبلة الإيرانية' المزعومة، التي يحذر منها منذ عقدين أو يزيد، ويقول كل مرة إن إيران على وشك أن تنتجها خلال بضعة أيام أو أسبوع أو شهر على أكثر تقدير، لا يسعك سوى أن تقول: 'ألا تستحي يا رجل'. أي قنبلة، وأي عدوان، وأي قذائف، وأي أسلحة، وأنت طفل الولايات المتحدة المدلل، تبيد شعبا بأكمله في غزة، جهارا نهارا وأمام شاشات التلفزيون ووسائل الإعلام، بجيش تقول إنه 'جيش دفاع'، وتدوس يوميا على ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي والقانون الإنساني والبشري بإبادة وحشية ثقيلة، يدعمك فيها 'الفيتو' الأمريكي أمام أي مشروع قرار يمس إسرائيل. حينما تستمع إلى نتنياهو تتذكر على الفور ذلك الخطاب الشهير لأدولف هتلر، حينما 'بادر' هو الآخر بالعدوان على الاتحاد السوفيتي، لأن الاتحاد السوفيتي، على حد زعمه، كان 'ينوي' الهجوم على ألمانيا وأوروبا بأسرها. ألا يذكرك هذا أيضا بتلك الفزاعة الرهيبة التي يلوحها المسؤولون الأوروبيون في جميع أروقتهم، وعلى جميع المنصات الأوروبية بأن روسيا 'تعد العدة للحرب'، وأن روسيا تنوي الهجوم على دول البلطيق وفنلندا وبولندا وألمانيا وحتى بريطانيا. أي عبث وأي هراء يقولون؟ ألم يقرأ هؤلاء التاريخ؟ ألم يقرأوا خطابات هتلر، أم أنهم يعيدون إحياء وتأهيل النازية من جديد، بشيطنة روسيا، وشيطنة إيران، والبرنامج النووي الإيراني، الذي قرر ترامب ذات ليلة، دون حتى الرجوع إلى الكونغرس في نموذج الديمقراطية الذي يريدون على مر العقود تصديره لنا في الشرق الأوسط المسكين، أن يقضي عليه بأقوى أسلحته وطائراته. لقد صرح رئيس الأركان الأمريكي دان كين أن تحرك قاذفات B-2 وعبورها المحيط الهادئ لخداع العدو كان عملية على درجة رفيعة من السرية، في الوقت الذي أعلن فيها القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية ترامب أنه 'يمهل القيادة الإيرانية أسبوعين'، في خداع سفيه ودنئ لا يليق برئيس جمهورية موز، مع كل الاحترام لجمهوريات الموز. لقد تجاهل ترامب كل دعوات زعماء العالم أجمع، الذين حذروا من انزلاق الأوضاع في الشرق الأوسط والعالم إلى ما لا يحمد عقباه، وها هو يضع العالم كله على حافة الدمار والفوضى. فمن يمكن أن يثق بكلمة الرجل أو بسياسات الولايات المتحدة بعد اليوم؟ تقدمت روسيا والصين وباكستان بمشروع قرار لأعضاء مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم الأمريكي على إيران، بينما أعلنت الدول العربية في الخليج إدانتها وقلقها البالغ من ازدياد التوتر جراء استهداف المنشآت النووية الإيرانية، وتداعيات ذلك على أمن واستقرار المنطقة. وبرغم تفهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحاجة الملحة لعقد قمة مع نظيره الأمريكي دونالد ترامب، حتى مع كل التوتر المحيط بالعلاقات الثنائية بين البلدين، إلا أنه من الصعب في ظل الظرف الحالي شديد التعقيد والتشابك والتوتر أن يدور الحديث عن مثل هذا اللقاء. وحتى مع النبرة المتفائلة التي سادت منتدى بطرسبورغ الاقتصادي الدولي بين رئيس الصندوق الروسي للاستثمارات المباشرة ورئيس الغرفة التجارية الأمريكية بشأن العلاقات والمشاريع المشتركة وعودة الشركات الأجنبية إلى السوق الروسية وعودة خط الطيران المباشر بين روسيا والولايات المتحدة، إلا أن كل هذا أنهته، أو أظن أن الضربة الأمريكية لإيران أنهته في ليلة ظلماء، بنفس توقيت هجوم هتلر على الاتحاد السوفيتي: فجر الثاني والعشرين من يونيو، وكان يوم أحد أيضا (يا للمصادفة العابثة!). كيف سيؤثر ذلك على الأزمة الأوكرانية، وعلى تسوية القضية الفلسطينية، بل وعلى موقف الولايات المتحدة في أي أزمة تحدث حول العالم، حيث يكذب الرئيس الأمريكي، ويخادع، ويقول إنه قام بعملية مشتركة مع إسرائيل، في الوقت الذي يؤكد فيه وزير خارجيته أنه لم يكن على علم بأي خطط إسرائيلية، وأن خطوة إسرائيل كانت 'خطوة أحادية'! أتوقع أن تحاول روسيا والصين اليوم منع انزلاق العالم إلى الفوضى الشاملة، فلم يعد من المستغرب أن نستيقظ صباح يوم غد على خبر ضرب كوريا الشمالية لجارتها الجنوبية أو العكس، أو على ضربة نووية تكتيكية من الهند ضد باكستان أو العكس. ولم يعد من المستغرب أيضا أن نجد حقيبة نووية تنتقل لتصل إلى يد تنظيم إرهابي متطرف أيا كانت دوافعه الأيديولوجية. فأي عالم هذا الذي استيقظنا عليه صباح الأحد الماضي؟! بل ويشكر هذا الترامب إيران وإسرائيل صباح اليوم ويدعو إلى ما يسميه 'السلام'، وأقول إنه لا سلام من دون التنفيذ التام والشامل لمهام العملية العسكرية الروسية الخاصة بأوكرانيا، ولا سلام من دون قيام الدولة الفلسطينية المستقلة، ولا سلام من دون ضمان أمن واستقرار إيران كقوة إقليمية تحافظ على توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وأي زعزعة لاستقرارها يهدد المنطقة المشتعلة بالأساس بفوضى عارمة تذهب بالأخضر واليابس. والسلام والحب والازدهار الذي يتحدث عنه السيد ترامب، مع تجاهل الوضع في أوكرانيا، وفي ظل التدفق المستمر للأسلحة إلى النظام النازي في كييف، ومقتل ما يقترب من المليون أوكراني، وإبادة مئات الآلاف من الشعب الفلسطيني بيد جيش الاحتلال الإسرائيلي، هو محض أوهام لا أساس لها على أرض الواقع. ولن يقبل بمثل هذا 'السلام والحب والازدهار' أي أحد لا في منطقتنا ولا خارجها. ومن يقف أمام حركة التاريخ الموضوعية نحو التعددية القطبية هما ترامب ونتنياهو وهما السبب في كل التوتر وعدم الاستقرار الذي يطال الجميع اليوم. لن يعم السلام إلا بالاعتراف الرسمي والأكيد بحركة العالم نحو التعددية القطبية، والبدء فورا في مفاوضات لنزع السلاح والعودة إلى معاهدات الحد من انتشار الأسلحة الاستراتيجية النووية، وغيرها من المعاهدات التي تقوم على الندية والمساواة بين دول العالم بلا ضغوط أو إملاءات. لن يكون هناك سلام إلا بعودة احترام دور الأمم المتحدة وميثاقها الذي كتبته الدول بدماء الضحايا في أكبر حرب عرفتها البشرية، والتي قرأنا في بداية المقال تلك الأفكار المرعبة التي كانت تدور في عقل هتلر المريض، ولا زالت تدور في عقول مريضة حول العالم يحاولون حتى يومنا هذا إعادة إنتاج النازية.