
شفاه باسمة وقلوب مكلومة
الكتاب صدر هذا العام بالعربية، وله مقدمة بالعربية يتحدث فيها بشكل إيجابي عن «العلاقات العربية - الإيرانية»، هذه المقدمة لم تظهر في النسخة الفارسية.
البعض يصنف ظريف في معسكر الإصلاحيين، ولكنه ينفي أن يكون؛ فهو مخلص للدولة الإيرانية، ولكن هذا الكتاب في جزء كبير منه محاولة للدفاع عن دوره، وخاصة في الاتفاق النووي الذي عُقد في عام 2015 وكان له معارضون شرسون.
عند قراءة هذا الكتاب يتبين لنا كم من السرديات العربية التي تناصر إيران، وفهمها المتواضع للشأن الإيراني، فكثير من السرديات ترى في السلوك الإيراني السياسي أنه ناسج السجادة!
في الكتاب أن هذه السجادة مليئة بالثقوب، ففي المقدمة التي كتبها الناشر يقول: «في قطار السياسة الإيرانية لا مقاعد مضمونة، بفعل التدافع أو الانقلاب أو القصور». إذن لا توجد مقاعد مضمونة في نظام الجمهورية الإسلامية، ويعرض علينا ظريف صورة شاملة لمسار الدبلوماسية الإيرانية وتقلباتها، إلى درجة أنه عندما كان المسؤول الأول في الأمم المتحدة، قرر أحمدي نجاد رئيس الجمهورية وقتها أن يمنع عنه كل الأوراق، وكان يستقي المعلومات من وسائل الإعلام، أما القرار فهو بيد المرشد. يقول إنه عندما رشحه روحاني لوزارة الخارجية، بلّغه «مسروراً» بموافقة المرشد على الترشيح!
يقول: «أمام حصاد السنوات الطويلة تعاملت مع كثير من المواقف، كان بعضها صائباً بناء على اجتهادي، والآخر تلقيت منه دروساً قاسية».
يتطرق إلى علاقة الحضارة العربية والإسلامية التي يراها «من خراسان إلى الأندلس، وعبّرت عن نفسها في العلوم والفنون»، فقد «فرض التاريخ والجغرافيا علينا مصيراً مشتركاً، وعلينا أن نبني علاقاتنا على الوئام والتسامح، وليس كميدان معركة». وهو كلام جميل، إلا أنه يستدرك بالقول: «العصر الذهبي الإسلامي مدين للتشيع، والقوى الناعمة الإيرانية»، في خلط بين «المذهبية والقومية»!
في الكتاب، وبدرجة يمكن فهمها، لا يخفي ظريف إيمانه بالمهدي المنتظر، وأيضاً إيمانه بنائبه، الممثل في الولي الفقيه، ربما ذلك نوع من التقيّة؛ فلا يستطيع كاتب إيراني نشر كتاب في إيران دون أن يؤكد تلك المقولات، إلا أنه يشتكي من «القطبية الثنائية» وتناقض سياسات الدولة بتعدد الأجهزة!
الكتاب أيضاً مليء بالمرارة، وكيف كان له أعداء كثر، بسبب التدافع نحو المناصب والسلطة في إيران الثورة، جزء منه من الصقور، وجزء منه من الحمائم، ولكن كلا الفريقين يستخدم هذا التدافع تحت ظل ولاية الفقيه. يشتكي ظريف من ضمور نمو الإنتاج والصناعة، وتراجع البلاد علمياً ومعرفياً، حتى «وقفت النخب العلمية على أعتاب الهجرة»، وبدأ الاقتصاد بالتباطؤ، وصولاً إلى حالة الشلل.
وفي موقف لافت يقارن السيد ظريف بما تم من تنمية في دول الخليج، فيقول: «في نفس الوقت كان جيران إيران يمرون بتغيّرات كبيرة، وكانت بعض الدول المجاورة في طريقها إلى جلب رؤوس الأموال الأجنبية، والتخطيط للتنمية البشرية، وقد حققت خطوات مذهلة في هذا الطريق»، ولكن «إيران لم تحقق إنجازاً استراتيجياً يُذكر».
هذه المقولة أتى عليها كاتب هذه السطور في أهمية بناء «النموذج المضاد»؛ هذا النموذج هو الذي تنظر إليه النخبة الإيرانية، وتريد أيضاً استنساخه.
لا يخفي ظريف أن إيران ليست بحاجة إلى سلاح نووي، ولكن كما يقول: «إن الحلول الواقعية في ثقافتنا نحن الإيرانيين تسير في طريق مسدود، أما التشدد فيوصف قائلوه بالأبطال، وأما الذين حاولوا تحقيق المثل الوطنية في إطار القدرات فتم وصفهم بالمساومين والمخدوعين!».
كما يرى التشوه في الثقافة الفارسية السياسية، فيشير إلى أن الذهاب إلى التسويات هو في رأي البعض تنازل عن المثل والقيم، أما الذهاب إلى التهور فهو سلوك يحظى بالإعجاب.
يطرح ظريف أهمية الموازنة بين «القدرة والرغبة»، ويقول إن إيران لها رغبة أكبر كثيراً من قدراتها؛ لذلك ذهبت الجمهورية الإيرانية في معاكسة العالم، بخطاب مزايد. كما يشتكي من البيروقراطية الشديدة التي تفضّل أن يكون المسؤول الإيراني قد اجتاز الاختبار العقائدي، قبل أن يكون مؤهلاً لوظيفته.
آخر الكلام: كتاب «صمود الدبلوماسية» واجب القراءة لكل من يريد أن يقترب من الشأن الإيراني.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 14 دقائق
- الشرق الأوسط
واشنطن نحو معاقبة مسؤولين فلسطينيين
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية، الخميس، أن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات على مسؤولين في السلطة الفلسطينية وأعضاء في «منظمة التحرير الفلسطينية» بتهمة «تدويل النزاع» مع إسرائيل، وتقويض جهود السلام الذي يسعى المسؤولون في إدارة الرئيس دونالد ترمب إلى تحقيقه، بما في ذلك وقف النار في غزة. وجاءت هذه الخطوة غداة المؤتمر الدولي الذي احتضنته الأمم المتحدة حول تنفيذ حل الدولتين، وإعلان مجموعة من الزعماء الغربيين الكبار استعدادهم للاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر (أيلول) المقبل. وأفادت وزارة الخارجية الأميركية في بيان بأنها وجهت رسالة إلى الكونغرس لإبلاغه أن منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية «لا تمتثلان» بموجب «قانون الامتثال لالتزامات منظمة التحرير الفلسطينية لعام 1989» و«قانون التزامات السلام في الشرق الأوسط لعام 2002». وينص القانون الأول الذي صدر في أبريل (نيسان) 1977 على أن الكونغرس «يُعيد تأكيد سياسة الولايات المتحدة الراسخة، أن أي حوار مع منظمة التحرير الفلسطينية مشروط باعتراف المنظمة بحق إسرائيل في الوجود، وقبولها قراري مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقمي 242 و338، وامتناعها عن كل أعمال الإرهاب ونبذها»، وفيما يتعلق بـ«سياسة تنفيذ التزامات منظمة التحرير الفلسطينية»، يرى الكونغرس أن «على الولايات المتحدة، في أي مناقشات مع منظمة التحرير الفلسطينية، أن تسعى إلى تنفيذ خطوات ملموسة من جانب المنظمة، بما يتوافق مع التزاماتها بالتحرك نحو السلام والاعتراف بإسرائيل، والابتعاد عن الإرهاب وغيره من أشكال العنف، بما في ذلك اتخاذ إجراءات ملموسة من شأنها تعزيز عملية السلام، مثل: حل الوحدات التي تورطت في الإرهاب، والإدانة العلنية لكل أعمال الإرهاب التي لا تتحمل مسؤوليتها، مع الاستمرار في الامتناع عن ارتكاب أعمال إرهابية، ووقف ترهيب الفلسطينيين الساعين إلى السلام مع إسرائيل، ودعوة الدول العربية إلى الاعتراف بإسرائيل وإنهاء مقاطعتها الاقتصادية لها، وتعديل ميثاق منظمة التحرير الفلسطينية لإزالة البنود التي تقوض شرعية إسرائيل وتدعو إلى تدميرها». ويركز القانون الثاني على محاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على الالتزامات الواردة في اتفاقيات السلام السابقة. وهدفه تحديداً «ضمان الامتثال لاتفاقات أوسلو وغيرها من الاتفاقات ذات الصلة بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني». وألزم القانون وزارة الخارجية بتقديم تقارير إلى الكونغرس حول امتثال منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية، وسمح بفرض عقوبات على الأفراد والكيانات التي تقوّض عملية السلام. وأشارت وزارة الخارجية الأميركية في بيانها إلى العقوبات التي ستمنع المستهدفين من الحصول على تأشيرات سفر إلى الولايات المتحدة. ولكنها لم تحدد هويات الأفراد المستهدفين. وأضافت أنه «من مصلحة أمننا القومي فرض عواقب ومحاسبة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية على عدم الامتثال لالتزاماتهما وتقويض آفاق السلام». واتهمت المنظمة والسلطة الفلسطينيتين بأنهما «اتخذتا إجراءات لتدويل نزاعهما مع إسرائيل»، من خلال إجراءات عدة، منها عبر المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية. واتهمتهما أيضاً بأنهما استمرتا في «دعم الإرهاب»، بما في ذلك «التحريض على العنف وتمجيده (وبخاصة في الكتب المدرسية)، وتقديم المدفوعات والمزايا لدعم الإرهاب للإرهابيين الفلسطينيين وعائلاتهم».


العربية
منذ 14 دقائق
- العربية
التغييرات الجيوسياسية سلاح واشنطن الجديد لمحاصرة إيران
فرضت تصريحات السفير الأميركي لدى تركيا توماس براك خلال الأسبوعين الأخيرين، سواء المتعلقة بالوضع اللبناني أو منطقة القوقاز الجنوبي، على جميع الدول الإقليمية وبخاصة تركيا وإيران، رفع مستوى استعداداتها لمواجهة تداعيات هذه التصريحات وكيفية تعطيل مفاعيلها، لما لها من تأثير جيوسياسي وجيوإستراتيجي في معادلات منطقة غرب آسيا برمتها. وباتجاهين كانت رسائل البيت الأبيض التي حملها براك إلى الدول المعنية بمستقبل المعادلات في غرب آسيا، فاستهدفت بالدرجة الأولى النظام الإيراني وما بقي من نفوذه الإقليمي، وبدرجة أقل النظام التركي الذي يطمح لإعادة رسم معادلات النفوذ بما يخدم مصالحه وطموحاته التي تشمل سوريا وتمتد إلى دول الهلال التركي في آسيا الوسطى، فقلل براك في طروحاته من أهمية المطلب اللبناني باستعادة سيادته على مزارع شبعا، واقترح على الجانب اللبناني إجراء تبادل بالأراضي مع الجانب الإسرائيلي، وهو مقترح قرأته طهران كجزء من دعم أميركي للمشروع الإسرائيلي الذي طغى أخيراً على الاهتمامات الإقليمية، والمتمثل في مشروع "ممر داود"، بخاصة أنه يسحب الذريعة الرئيسة التي يتمسك بها حليف طهران اللبناني للاحتفاظ بسلاحه لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلة، وقد ارتفع منسوب الترقب الإيراني بعد السيطرة الإسرائيلية على المحافظات الجنوبية لسوريا في القنطيرة والسويداء ودرعا وصولاً إلى مشارف دمشق، وأن تنفيذ هذا المشروع يسمح لإسرائيل بإعادة إحياء طموحاتها بالوصول إلى الحدود الإيرانية وتغيير معادلة "حزام النار" الذي أقامته إيران حول إسرائيل بحزام إسرائيلي جديد حول إيران، يتكامل مع نفوذها الواسع والكبير الذي بنته على مدى ثلاثة عقود في منطقة القوقاز من خلال تحالفها مع حكومة إلهام علييف في أذربيجان. والمخاوف التركية من هذا المشروع لا تقل عن المخاوف الإيرانية، لأن مشروع "ممر داود" يعني إعادة تفكيك كل التفاهمات التي عقدتها أنقره مع القوى الكردية الإقليمية (كردستان العراق) وأحزاب المعارضة في الداخل، بخاصة المصالحة الأخيرة مع حزب العمال الكردستاني بقيادة عبدالله أوجلان، لأن الوصول الإسرائيلي إلى مناطق شرق سوريا يعني عقد تفاهمات علنية بين تل أبيب والقوى الكردية السورية ذات الامتداد في الداخل التركي، وبالتالي فإن مستقبل أي تفاهم بين هذه القوى والدولة السورية الجديدة التي تحظى برعاية كبيرة من أنقرة سيكون في دائرة المجهول، ومن المحتمل أن يتحول إلى تهديد مستجد للطموحات التركية في إعادة بناء نفوذها الإقليمي. وإذا ما كان الطرفان الإيراني والتركي يتعاملان مع الطموحات والمشاريع الإسرائيلية المدعومة أميركياً بكثير من القلق والخوف من تداعياتها على أمنهما واستقرارهما ومصالحهما الإستراتيجية، فإن المعادلة تنقلب في ما يتعلق بما يرسم لمنطقة القوقاز الجنوبي وطموحات حكومة باكو في فرض تغييرات جيوسياسية على خرائط المنطقة، ويشكل الكلام الذي صدر عن براك، بصفته سفيراً لأميركا لدى تركيا، حول رغبة بلاده في لعب دور فاعل في الأزمة المزمنة بين أرمينيا وأذربيجان حول المعبر البري بين إقليم نخجوان المحاذي للحدود التركية والعاصمة باكو (شطري أذربيجان) والذي تطلق عليه اسم "ممر زنكزور"، وأن الرؤية الأميركية لحل هذه المعضلة المزمنة تمر عبر تولي شركة أميركية خاصة إقامة وبناء هذا الممر، على أن يكون مستأجراً لمصلحتها مدة 99 عاماً. وتزامن كلام السفير الأميركي مع الكشف عن وثيقة سرية مسربة يجري تداولها بين شخصيات وأوساط أرمينية تعيش في أوروبا، وتتحدث عن توافق ثلاثي الأطراف بين أميركا وأذربيجان وأرمينيا لإنشاء ممر بطول 42 كيلومتراً، يربط بين باكو ونخجوان باسم "جسر ترمب" على جزء من أراضي إقليم سيونيك الأرميني. وتضيف الوثيقة أن تحصل حكومة يريفان على 30 في المئة من عائدات التشغيل في مقابل تنازلها عن الأراضي التي يمر بها الجسر للشركة الأميركية، كما يعطي هذا الاتفاق الولايات المتحدة الأميركية الحق في نشر قوات عسكرية كبيرة على الأراضي الأرمينية، مع تخويلها استخدام القوة عندما ترى ضرورة لذلك. السهم الذي أطلقه براك أصاب ثلاثة أهداف في الوقت نفسه، فالنظام الإيراني سيجد نفسه مجبراً على التعامل مع تغييرات في التركيبة الجيوسياسية لمنطقة القوقاز الجنوبي، لأن الممر الذي تطالب به أذربيجان بدعم من تركيا والذي تسعى واشنطن إلى إقامته باسم "جسر ترمب"، سيكون على حساب الممر التاريخي في الأراضي الإيرانية المعروف بـ "ممر إرس"، على رغم أن أعمال تطويره التي تقوم بها إيران منذ عام 2022 تقترب من نهايتها، فإيران ترفض أي تغيير في الوضع الجيوسياسي لمنطقة القوقاز الجنوبي، وكانت على استعداد لخوض معركة عسكرية مع أذربيجان لمنع إحداث هذا الممر الذي يستدعي احتلال الجزء المحاذي للحدود الإيرانية في إقليم سيونيك الأرميني، مما يهدد مصالحها الجيواقتصادية التي يوفرها هذا الممر ويربطها عبر جورجيا وشرق أوروبا، وتعتبره إحدى الحلقات الأساس على خريطة المواصلات والممرات والمعابر البرية التجارية والاقتصادية. وإضافة إلى التحدي الجيوسياسي فإن تحدياً جيوإستراتيجياً أكبر ستواجهه طهران مع إحداث هذا الممر، لما سيوافره لتركيا من حرية العمل لاستكمال مشروعها والحلم ببناء "الهلال التركي" بقيادة أنقرة، والذي يضم دول العالم التركي في آسيا الوسطى ويفتح الطريق أمامها للربط البري مع باكستان والهند والصين وصولاً إلى أفغانستان، مما يعني سيطرة تركية على قلب هذه المنطقة الحيوية وبالتالي محاصرة المصالح الإيرانية الجيواقتصادية، وإذا ما كانت طهران على استعداد للتعامل مع تداعيات مثل هذا المشروع بعيداً من التفاهم معها في حال حصلت على ضمانات بعدم تهديد مصالحها الاقتصادية وتأمين ممر آمن لمواصلاتها باتجاه أوروبا الشرقية، فإنها لا تسقط من اعتباراتها الأهداف البعيدة لهذا المشروع الذي يدخل في إطار محاصرة مناطق نفوذها ومصالحها، والمستفيد الأساس منه ليس تركيا على رغم الأرباح السياسية والإستراتيجية التي ستحصل عليها، بل أميركا وإسرائيل اللتين تنظران إلى الوجود في قوقاز وآسيا الوسطى خطوة جدية على طريق التخلص من النظام في إيران. وعلى رغم محاولة طهران ابتلاع موقفها السلبي من الدور الذي لعبته باكو خلال الضربة الإسرائيلية التي تعرضت لها في يونيو (حزيران) الماضي، وتغاضيها عن المعلومات المؤكدة عن استخدام تل أبيب الأراضي والأجواء الأذربيجانية في هذه العملية، لكن عودة باكو بقيادة رئيسها إلهام علييف وبدعم من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للإصرار على إحداث هذا المعبر البري، حتى وإن كان من طريق استخدام القوة وفرضه على أرمينيا، يضع طهران ونظامها في موقف البحث عن مخارج وحلول لا تصل حد الخسارة، ولا تدفع باتجاه مزيد من التصعيد في ظل الاحتمالات الكبيرة لدى قياداتها بإمكان تجدد حربها مع إسرائيل. المساعي الأميركية للدخول المباشر على خط الأزمة الأذربيجانية - الأرمينية، وما يعنيه الوجود العسكري المباشر وإن كان تحت عنوان حماية المصالح الأميركية، يحمل في هدفه الثاني رسالة إلى القيادة الروسية التي قد ترهن موقفها من المشروع بآلية تنفيذه، وهي سترفضه وتعارضه إذا ما كان تحت إدارة واشنطن أو الـ "ناتو"، انطلاقاً من دورها التاريخي في القوقاز ومن أن هذه المنطقة شكلت وتشكل جزءاً من الحديقة الخلفية لموسكو، أما موافقتها أو صمتها التكتيكي فيعتمد على مدى توافقه مع مصالحها الجيوسياسية، وألا يكون الهدف منه عزل إيران والصين. أما الهدف الثالث لهذه الرسالة الأميركية فهو الصين التي ستعتبر أن الهدف منه هو إضعاف مشروعها الإستراتيجي "الحزام والطريق" في الجزء الخاص ببحر الخزر(قزوين)، بخاصة أن بكين سبق ووقعت عام 2013 اتفاقات تجارية مع أذربيجان وأرمينيا وجورجيا ودول آسيا الوسطى، وبالتالي فان الممر الجديد تحت إدارة وإشراف واشنطن وحمايتها سيكون منافساً للمشروع الصيني، وقد يؤدي إلى السيطرة على جزء من ممرات المواصلات من الشرق إلى الغرب، ويهدد أيضاً مصالح الصين باستثمار الموانئ وسكك الحديد في القوقاز الجنوبي للوصول إلى أوروبا، مما يفتح الطريق أمام منافسة جيوسياسية جديدة في المنطقة. وفي الخلاصة فإن الطرح الذي كشف عنه توماس براك يشكل خطوة للإدارة الأميركية على طريق محاصرة التحالف الاقتصادي الثلاثي الإيراني والروسي والصيني، لينقل هذه المرة المعركة التي تخوضها واشنطن إلى الحديقة الخلفية لكل واحدة من هذه الدول التي لا شك في أنها ستكون أمام تحدي البحث عن مخارج لإفشال أو تعطيل مفاعيل هذا المشروع.


الرياض
منذ 30 دقائق
- الرياض
لافروف: نرفض زعزعة استقرار سوريا وندعم وحدة أراضيها ورفع العقوبات فورًا
أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف دعم بلاده لتنمية العلاقات الثنائية مع سوريا، على أساس الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة، مشيرًا إلى أهمية الحفاظ على وحدة سوريا وسيادتها واستقلالها، ورفض أي محاولات لزعزعة استقرارها أو استخدامها كساحة لتصفية الحسابات. جاءت تصريحات لافروف خلال جلسة مباحثات عقدها مع وزير الخارجية والمغتربين السوري، أسعد حسن الشيباني، في قصر الضيافة بالعاصمة موسكو، حيث ناقش الجانبان سبل تعزيز التعاون الثنائي وتوسيع مجالات التنسيق المشترك. وشدد لافروف على أن دمشق تتخذ خطوات مهمة لحماية البعثات الدبلوماسية الروسية، مؤكدًا أن موسكو تثمّن هذه الجهود، كما أعرب عن تطلعه لتكثيف الحوار السياسي مع الجانب السوري، والعمل سويًا لتجاوز التحديات الراهنة. وفي هذا السياق، أعرب لافروف عن دعمه الكامل للإجراءات التي أعلن عنها الرئيس السوري أحمد الشرع، معتبراً أنها ستساهم في تمكين سوريا من الخروج من أزمتها الحالية. كما أكد دعم روسيا لجهود الحكومة السورية في تحقيق الاستقرار، بما في ذلك الإعداد لانتخابات مجلس الشعب المقررة في أيلول المقبل، لتكون ممثلة لكافة فئات الشعب السوري. وفيما يتعلق بالوضع الإقليمي، أدان لافروف الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية، معتبراً أنها تمثل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، مطالبًا بوقفها الفوري. وأشار إلى اتفاق الجانبين على إعادة النظر في جميع الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، مع التأكيد على ضرورة رفع العقوبات المفروضة على سوريا فورًا. وفي ختام اللقاء، أعرب الوزير الروسي عن تطلعه لزيارة مرتقبة للرئيس السوري أحمد الشرع إلى موسكو، مؤكدًا وقوف روسيا إلى جانب الشعب السوري في سعيه لتجاوز الأزمات وتحقيق السلام والاستقرار.