logo
مخاطرة ترامب التي وضعت أمريكا في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل

مخاطرة ترامب التي وضعت أمريكا في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل

BBC عربيةمنذ 5 ساعات

اتخذ دونالد ترامب، الرئيس الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي متعهّدًا بأن يكون "صانع سلام"، خطوة دراماتيكية بزجّ الولايات المتحدة في الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل.
فبدلًا من جلب السلام إلى الشرق الأوسط منذ تولّيه السلطة، يُشرف ترامب الآن على منطقة على شفا حرب أوسع، حيث أصبحت أمريكا طرفًا نشطا فيها.
وفي خطاب تلفزيوني وجّهه إلى الأمة من البيت الأبيض، بعد ما يزيد قليلا على ساعتين من إعلانه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن القوات الأمريكية قصفت ثلاثة مواقع نووية في إيران، وصف الرئيس الأمريكي العملية بأنها "نجاح مذهل".
وأعرب ترامب عن أمله بأن تفتح خطوته الباب أمام سلامٍ طويل الأمد، حيث لن تملك إيران بعد الآن إمكانية التحول إلى قوة نووية.
لكن إيران أعلنت أن موقعها النووي المحصن في فوردو لم يلحق به سوى أضرار طفيفة، وقد يتضح لاحقا أي الطرفين كان محقا في روايته.
وخلال مؤتمر صحفي، كان موجودا فيه نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، حذر ترامب إيران من أنه إذا لم تتخلَّ عن برنامجها النووي، فسوف تواجه ضربات مستقبلية "أسوأ بكثير وأسهل تنفيذًا".
وأضاف ترامب أن "هناك أهدافًا عديدة متبقية"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستلاحقها "بسرعة، ودقة، ومهارة".
ورغم نبرة الفخر عند الرئيس ترامب، فإن استمرار التدخل العسكري الأمريكي في إيران قد يشكل سيناريو كارثيا بالنسبة للولايات المتحدة، وللمنطقة، وللعالم.
وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من "دوامة من الفوضى" التي قد تنجم عن قرار واشنطن بتصعيد الصراع، مشيرًا إلى أن الشرق الأوسط "يقف على حافة الهاوية".
وإذا ردّت إيران على الهجوم، كما حذّر المرشد الأعلى علي خامنئي، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للرد على التصعيد.
"أسبوعان" أصبحا يومين
وقد وضعت تصريحات ترامب مطلع هذا الأسبوع، التي قال فيها إن على إيران "الاستسلام دون قيد أو شرط"، الرئيس في موقف يصعُب عليه التراجع عنه، في حين وجدت إيران نفسها، من خلال تهديداتها، في زاوية مشابهة.
وهكذا تبدأ الحروب، وهكذا يمكن أن تتّسع لتخرج عن نطاق السيطرة، وتتجاوز حدود خيال الأطراف المعنية.
ويوم الخميس الماضي، منح دونالد ترامب الإيرانيين مهلة أسبوعين، لكن تبيّن أنها أقصر مما توقّعه الجميع — يومان فقط؛ ففي ليلة السبت، أعلن الرئيس الأمريكي أنه اتخذ قراره.
فهل كانت مهلة الأسبوعين مجرد خدعة؟ وهل كانت محاولة لاستدراج الإيرانيين إلى شعور زائف بالأمان خلال عطلة نهاية الأسبوع؟ أم أن المفاوضات التي جرت خلف الكواليس، بقيادة مبعوث ترامب للسلام، ستيف ويتكوف، قد انهارت تمامًا؟
بعد الضربات مباشرة، لم تتضح الكثير من التفاصيل. لكن ترامب حاول، من خلال منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي وخطابه التلفزيوني، فتح باب للسلام.
وربما يبدو هذا التصوّر مفرطًا في التفاؤل؛ ففي الوقت الذي تبذل فيه إسرائيل جهودًا كبيرة لإضعاف القدرات العسكرية الإيرانية، لا يزال المرشد الأعلى يمتلك عدة أوراق عسكرية يمكن استخدامها.
وقد تتدهور الأمور بسرعة.
والآن تبدأ لعبة الانتظار: كيف ستردّ إيران على الهجمات التي استهدفت ثلاثة من مواقعها، بينها منشأة فوردو، التي تُعدّ جوهرة برنامجها النووي؟
ويأمل ترامب، على ما يبدو، أن تؤدي هذه الضربات إلى دفع إيران نحو تقديم تنازلات أكبر على طاولة المفاوضات. لكن من غير المرجّح أن تكون دولة رفضت الحوار أثناء الهجمات الإسرائيلية أكثر استعدادًا له بينما تتساقط عليها القنابل الأمريكية كذلك.
ورغم محاولة ترامب الإيحاء بأن الضربة الأمريكية كانت عملية واحدة وناجحة، فإن فشل هذا التصور قد يضاعف الضغط عليه لشنّ ضربات إضافية، وإلا سيكون قد خاض مغامرة سياسية كبيرة مقابل مكسب عسكري محدود.
الرئيس "صانع السلام" يخاطر برد فعل سياسي
هذا الخطر يشمل مخاوف على الصعيد السياسي الداخلي، وكذلك مسائل تتعلق بالأمن الدولي.
فاحتمالية شنّ هجوم أمريكي على إيران كانت قد أثارت انتقادات حادة، ليس من الديمقراطيين وحسب، بل من داخل حركة ترامب نفسها "أمريكا أولًا".
وقد يكون قرار الرئيس غير المعتاد بإلقاء خطابه محاطًا بثلاثة من أقرب مستشاريه محاولةً لإظهار وحدة الصف داخل حزبه.
عُرف جي دي فانس بمواقفه المؤيدة لسياسة خارجية أمريكية أقل تدخلًا. ومؤخرًا، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مدافعًا عن فكرة أن ترامب ما يزال مؤمنًا بعدم التدخل، ويستحق من مؤيديه أن يمنحوه الفرصة وحسن الظن.
وإذا كانت هذه الضربة عمليةً واحدة، فقد يتمكن ترامب من تهدئة الانقسامات داخل قاعدته الشعبية. أما إذا جرّت هذه الخطوة الولايات المتحدة إلى صراع أوسع، فقد يواجه الرئيس تمرّدًا من داخل صفوف مؤيديه.
فالهجوم الذي نُفذ يوم السبت يُعدّ خطوة عدائية من قبل رئيس تفاخر طوال ولايته الأولى بعدم خوض حروب جديدة، وكثيرًا ما انتقد سلفه على جرّ البلاد إلى صراعات خارجية أثناء حملته الانتخابية العام الماضي.
لقد اتخذ ترامب خطوته، لكن المرحلة المقبلة ليست بالكامل تحت سيطرته.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ماذا نعرف عن الضربة الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية؟
ماذا نعرف عن الضربة الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية؟

BBC عربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • BBC عربية

ماذا نعرف عن الضربة الأمريكية للمفاعلات النووية الإيرانية؟

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أن الجيش الأمريكي نفذ "هجوماً ناجحاً للغاية" على ثلاثة مواقع نووية إيرانية، بينها منشأة فوردو لتخصيب اليورانيوم تحت الأرض. وجاء إعلان ترامب بعد يومين فقط من قوله إنه سيقرر "خلال أسبوعين" ما إذا كان سينضم إلى حليفته إسرائيل في مهاجمة إيران. قال وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، في أول تعليق بعد الضربات الأمريكية على منشآت نووية إيرانية، إن الضربات "حققت نجاحًا باهرًا وساحقًا"، مشيراً إلى أن تنفيذها استغرق شهوراً وأسابيع من التخطيط.

من هو رضا شاه بهلوي ولي عهد إيران السابق؟
من هو رضا شاه بهلوي ولي عهد إيران السابق؟

BBC عربية

timeمنذ 3 ساعات

  • BBC عربية

من هو رضا شاه بهلوي ولي عهد إيران السابق؟

جدد رضا بهلوي، نجل آخر ملوك إيران، دعوته لتغيير النظام الحاكم في طهران، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية باتت على وشك الانهيار. وفي بيان نشر على منصة التواصل الاجتماعي "إكس"، زعم بهلوي أن المرشد الأعلى، آية الله علي خامنئي، "اختبأ في الملاجئ تحت الأرض" ولم يعد يظهر علنًا، ولم يعد يسيطر على البلاد. ورضا بهلوي هو الابن الأكبر لمحمد رضا بهلوي، آخر شاه من سلالة بهلوي التي حكمت إيران لمدة 53 عاماً، وهو مؤسس وزعيم المجلس الوطني الإيراني، وهو جماعة معارضة في المنفى، ويشارك في حركة الديمقراطية الإيرانية، وبعدّ من أبرز منتقدي حكومة الجمهورية الإسلامية في إيران. وقد قضى بهلوي معظم حياته في المنفى بالولايات المتحدة. وعلى الرغم من أنه لا يسعى لإعادة النظام الملكي، إلا أنه يؤدي دوراً رمزياً داخل الجالية الإيرانية في الخارج، وينظر إليه من قبل بعض جماعات المعارضة كشخصية محتملة لقيادة المرحلة الانتقالية. ويُعد بهلوي من أشد المنتقدين للجمهورية الإسلامية، وغالبًا ما يدعو إلى إيران علمانية وديمقراطية. وفي وقت سابق من هذا الشهر، حمّل خامنئي مسؤولية جرّ البلاد إلى صراع مع إسرائيل، واصفًا النظام بأنه "ضعيف ومنقسم". وفي مخاطبته للقوات المسلحة الإيرانية، دعا أفراد الجيش والشرطة والأمن إلى "الانفصال عن النظام" و"الانضمام إلى الشعب". البدايات وُلد رضا بهلوي في العاصمة الإيرانية طهران في 31 أكتوبر/ تشرين الأول من عام 1960 وهو الابن الأكبر لمحمد رضا بهلوي، شاه إيران، والشهبانو فرح ديبا، وقد تم تعيينه رسميًا وليًا لعهد إيران عام 1967 أثناء تتويج والده. وفي عام 1971، شارك في مراسم إحياءً للذكرى 2500 لتأسيس الإمبراطورية الفارسية، وكان ولي العهد، البالغ من العمر حينها 10 أعوام، واقفًا إلى أقصى اليمين بجانب والديه. وتلقى تعليمه في "مدرسة رضا بهلوي"، وهي مدرسة خاصة تقع في القصر الملكي، وكانت مخصصة فقط لأفراد الأسرة الإمبراطورية والمقربين من البلاط. وتدرّب على الطيران، وفي عام 1973، التُقطت له صورة كطالب في سلاح الجو الإمبراطوري الإيراني. وفي أغسطس/ آب من عام 1978، أُرسل إلى الولايات المتحدة لمواصلة تدريبه على الطيران العسكري في تكساس. وكان والده الشاه الراحل محمد رضا بهلوي قد حكم إيران من عام 1941 حتى عام 1979، باستثناء فترة قصيرة في عام 1953 عندما أطاح به رئيس الوزراء محمد مصدق. وفي عام 1979، شهدت إيران تحوّلاً سياسياً كبيراً أجبر الشاه على مغادرة البلاد في يناير/ كانون الثاني من ذلك العام بعد الاضطرابات التي أدت إلى عودة الزعيم الروحي الشيعي آية الله الخميني إلى إيران، بعد 14 عاما في المنفى، وإعلانه قيام جمهورية إسلامية. وقد اصطحب الشاه عائلته إلى مصر، ثم المغرب، فجزر البهاما، والمكسيك، قبل أن يدخل الولايات المتحدة عام 1979 لتلقي العلاج من سرطان الغدد اللمفاوية. وعندها، استولى متشددون إيرانيون على السفارة الأمريكية في طهران، واحتجزوا أكثر من 50 رهينة أمريكية، وطالبوا بتسليم الشاه. وعندما تمت الإطاحة بوالده، كان رضا بهلوي في ولاية تكساس، يُكمل تدريبه في سلاح الجو في قاعدة ريس الجوية السابقة. فغادر بهلوي القاعدة في مارس/ آذار من عام 1979، قبل 4 أشهر من الموعد المقرر لمغادرته. وبعد ذلك التحق بكلية ويليامز في ماساتشوستس في الولايات المتحدة لدراسة الفلسفة والسياسة، ثم انتقل إلى الجامعة الأمريكية في القاهرة قبل أن يكمل دراسته في جامعة جنوب كاليفورنيا، ويتخرج منها بشهادة في العلوم السياسية. النشاط السياسي في المنفى التحق رضا بهلوي بعائلته في المنفى في العاصمة المصرية القاهرة في مارس/ آذار من عام 1980، وكان والده، محمد رضا بهلوي، مريضًا جدًا، وعندما توفي الشاه في 27 يوليو/ تموز من عام 1980، أعلنت فرح بهلوي نفسها وصية على العرش. وفي عيد ميلاده العشرين، في 31 أكتوبر، أعلن رضا بهلوي نفسه ملكًا جديدًا لإيران، ولقّب نفسه بـ"رضا شاه الثاني"، وقال إنه الوريث الشرعي لعرش أسرة بهلوي. وقد أعلنت الحكومة الأمريكية حينئذ أنها لا تدعمه، بل اعترفت بالحكومة الإيرانية الجديدة. وفي في مارس/ آذارمن عام 1981، أصدر بهلوي، بمناسبة رأس السنة الفارسية، بيانا دعا فيه جميع معارضي الحكومة الإيرانية إلى الاتحاد، وأطلق دعوة لـ"مقاومة وطنية". ومنذ تلك اللحظة، دخل رضا بهلوي في معترك السياسة من بوابة المنفى، معتمدًا على إرثه العائلي، وشبكات الدعم الملكي في أوروبا والولايات المتحدة، وكذلك الدعم من بعض التيارات الإيرانية المعارضة للنظام الإسلامي. وبعد أن عاش لعدة سنوات في مصر والمغرب، انتقل عام 1984 إلى إحدى ضواحي العاصمة الأمريكية واشنطن في ولاية ماريلاند، حيث لا يزال يعيش هناك مع زوجته وبناته الثلاث. وقال بهلوي وفي أغسطس/ آب من عام 1981 إنه كان يخطط سرًا للإطاحة بالحكومة الإيرانية، مشيرا إلى أن: "الكثير من تحركاتنا لم تكن معروفة لكم، لكنني أؤكد لكم أن الخطوات اللازمة لإنقاذ إيران جارية". وفي عام 1986، أعلن بهلوي أنه شكّل حكومة في المنفى، هدفها إعادة النظام الملكي الدستوري إلى إيران. وفي موقعه الرسمي، يقول بهلوي إن إيران يجب أن تكون دولة ديمقراطية وعلمانية، أي تفصل بين الدين والحكم، ويؤمن بأن حقوق الإنسان يجب أن تُحترم، وأن على الشعب الإيراني أن يقرر ما إذا كان يريد ملكية دستورية أم جمهورية. ويدعو بهلوي إلى وحدة الإيرانيين، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة للجميع، كما يحث جميع الجماعات المؤيدة للديمقراطية على التعاون معًا. ونشر رضا بهلوي في عام 2002 كتابًا بعنوان "رياح التغيير"، دعا فيه إلى تحرك شعبي سلمي يقود إلى نظام ديمقراطي، مع التأكيد على أهمية فصل الدين عن الدولة. وقد تميزت مواقفه في ذلك الوقت بالابتعاد عن الدعوة الصريحة لعودة الحكم الملكي، مكتفيًا بوصف نفسه بأنه "إيراني مهتم بمستقبل وطنه"، في محاولة لجذب فئات أوسع من الشعب الإيراني الذي لا يزال يحمل ذكريات متباينة عن حقبة الشاه. وأنشأ لاحقًا المجلس الوطني الإيراني في المنفى، وهي محاولة لتوحيد فصائل المعارضة، وضم خبراء وسياسيين ومثقفين إيرانيين من مختلف التوجهات. غير أن هذا المجلس لم يحظَ بزخم فعلي على الأرض داخل إيران، وبقي محصورًا في نطاق الإعلام والمنصات الإلكترونية، على الرغم من محاولات رضا بهلوي المستمرة لتفعيله وتقديمه كهيئة انتقالية محتملة في حال سقوط النظام الحالي. وفي فبراير/ شباط من عام 2011، اندلعت احتجاجات في إيران، وقال بهلوي إن الشباب الإيرانيين يسعون للتخلص من النظام الحالي، ويأملون في إقامة ديمقراطية، وصرح لصحيفة ديلي تلغراف البريطانية بأن التغيير مطلوب في المنطقة، وكان يعتقد أن انتصار الديمقراطية في المنطقة مسألة وقت فقط. وفي يونيو/ حزيران من عام 2018، صرح قائلاً: "أعتقد أن إيران يجب أن تكون ديمقراطية برلمانية علمانية، وعلى الشعب أن يقرر الشكل النهائي للدولة". وفي ديسمبر/ كانون الأول من عام 2018، تحدث في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، ودعا إلى دعم غير عسكري للإيرانيين الذين يحاولون استبدال النظام الحالي بديمقراطية علمانية. وقال: "أنا مستعد لخدمة بلدي". وبرز مجددًا خلال الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في أعقاب مقتل مهسا أميني في سبتمبر/ أيلول من عام 2022، إذ أجرى عشرات المقابلات الإعلامية، ودعا المجتمع الدولي إلى دعم الشعب الإيراني، بل وطلب صراحةً من الغرب التخلي عن سياسات المهادنة مع طهران. وتوقع بهلوي سقوط الحكومة الحالية، وقال إن أحداثًا مثل ارتفاع أسعار الغذاء أثارت غضب الناس. ودعا أعضاء القوات المسلحة الإيرانية الذين يعارضون الحكومة إلى التحرك بطرق سلمية، وطالب بجبهة موحدة ضد النظام. وأضاف: "أنا لا أُملي عليهم ما يفعلونه، لست قائدًا سياسيًا". وفي فبراير/ شباط من عام 2023، تحدث بهلوي إلى صحيفة ديلي تلغراف البريطانية حيث طالب الحكومات البريطانية والأوروبية بحظر الحرس الثوري الإيراني، معتبرًا أن ذلك سيضعف الحكومة الحالية. وقال أيضًا إن العديد من المعارضين الإيرانيين يريدون الآن إسقاط النظام بالكامل، وكرر أنه سيترك للشعب الإيراني القرار بشأن استعادة الملكية، ولن يترشح لأي منصب سياسي إذا سقطت الحكومة. وفي مارس/ آذار من عام 2023، زار بهلوي المملكة المتحدة وألقى خطابًا في اتحاد أكسفورد، أكد فيه أن العلمانية ضرورية للديمقراطية، كما دعا إلى وسائل غير عنيفة لإسقاط الحكومة الإيرانية. وفي 17 أبريل/ نيسان من عام 2023، زار رضا بهلوي وزوجته ياسمين إسرائيل، في محاولة لإعادة بناء العلاقات التاريخية بين إيران وإسرائيل حيث زار حائط المبكى ومتحف ياد فاشيم، كما التقى بالرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو. وقد برر بهلوي زيارته بأنها تهدف إلى بناء جسور مع الشعب اليهودي، خصوصًا الإيرانيين اليهود الذين غادروا بلادهم بعد الثورة، مؤكدًا أن إيران المستقبل ستكون حليفة لجميع دول المنطقة باستثناء "نظام الإرهاب"، حسب وصفه. "على وشك الانهيار" في ضوء الضربات العسكرية المتكررة التي تتعرض لها إيران، سواء في الداخل أو عبر مواقع نفوذها في سوريا والعراق ولبنان اليمن، يعتقد بهلوي أن اللحظة التاريخية قد اقتربت، فقد أعلن صراحة أن ما كان مستحيلاً قبل 5 سنوات بات اليوم ممكنًا، مشيرًا إلى أن انهيار الاتحاد السوفيتي لم يكن متوقعًا، لكنه وقع في أيام. وفي 17 يونيو/ حزيران الجاري، ووسط الحرب بين إسرائيل وإيران، أصدر رضا بهلوي بيانًا أعلن فيه أن "الجمهورية الإسلامية الإيرانية على وشك الانهيار"، مؤكدًا أن الانقسامات الداخلية والانشقاقات داخل النظام تدل على سقوط وشيك. وأعرب عن ثقته بأن الشعب الإيراني، الذي قاوم القمع طويلًا، سيحقق حريته قريبًا، كما أكد أن هناك خططًا جاهزة لتحويل إيران إلى نظام ديمقراطي بمجرد سقوط النظام، وخاطب بهلوي القوات المسلحة والشرطة الإيرانية، داعيًا إياها إلى التخلي عن النظام والانضمام إلى حركة الشعب من أجل التغيير. واعتبر أن الأزمات الاقتصادية والسياسية المتراكمة، إضافة إلى الضغط الدولي والعزلة المتزايدة، تجعل النظام في وضع هش وغير مستقر. وكتب أيضا في حسابه على منصة التواصل الاجتماعي "إكس" يقول إن "نهاية الجمهورية الإسلامية تعني نهاية حربها المستمرة منذ 46 عامًا ضد الأمة الإيرانية". ودعا الإيرانيين إلى "الانتفاضة" و"استعادة إيران"، مشيرًا إلى ما يراه فرصة لانتقال سياسي. وفي تصريحات حصرية لبي بي سي قال بهلوي إن الجمهورية الإسلامية أصبحت في أضعف وضع لها بعد الهجمات الإسرائيلية، وإن هذه "فرصة غير مسبوقة للإطاحة بالنظام". وقال في تصريحاته للورا كونزبرغ، مقدمة البرنامج السياسي يوم الأحد على القناة الأولى في بي بي سي، إنه بسبب "إضعاف بنية السلطة وخاصة إزالة الشخصيات الرئيسية في النظام"، تغير التوازن بين الحكومة والشعب وأن "وقت العمل" قد حان. ومضى قائلا:"يعلم الشعب الإيراني، وعلى العالم أن يعلم، أن أصل هذه المشكلة يكمن في النظام نفسه وطبيعته، والحل المنطقي الوحيد الذي سيفيد الشعب الإيراني والعالم الحر هو زوال هذا النظام، لقد أكدتُ منذ البداية أن الحل النهائي هو تغيير النظام". وقال: "أعتقد أن الشعب الإيراني رأى أن العالم قد صبر كثيرًا حتى الآن، بل وحثّ النظام مرارًا وتكرارًا، من خلال المفاوضات، على التصرف بعقلانية، لقد رأى أن علي خامنئي مسؤول عن الوضع الراهن بسبب عناده، وما كان ينبغي لإيران أن تصل إلى هذه المرحلة، ولكن من يتحمل المسؤولية النهائية؟ إنه علي خامنئي". وتابع قائلا: "هذه حربه، وليست حرب الشعب الإيراني، لذلك في نهاية المطاف، أي شيء يُضعف النظام هو أمرٌ يرحب به الشعب لأسبابٍ بديهية، لأنه يُخفف قليلاً من وطأة الخناق عليهم، وهذا أمرٌ إيجابي، وليس سلبيا". وأشار إلى أنه يعتقد أن الهجمات الإسرائيلية لم تكن تهدف إلى "إيذاء المدنيين الإيرانيين" بل إلى "تحييد تهديدات النظام بشكل أساسي"، وأنه في حين أن "النظام أصبح ضعيفا بشكل غير مسبوق ويتجه نحو الانهيار، فإن الشعب الإيراني لديه فرصة لتحرير نفسه، بشرط ألا يكون العالم غير مبال هذه المرة". وعندما سألته كونزبرغ عن دوره، خاصةً وأن "عائلتك كانت ذات يومٍ تُمسك بزمام الأمور في إيران، هل هدفك العودة إلى السلطة والقيادة في إيران؟ هل هذه فرصة سياسية لك؟". أجاب: "لقد حددتُ دوري ووضحتُ هدفي مرارًا وتكرارًا على مدار الـ 44 عامًا الماضية، وهدفي هو تحرير إيران من هذا النظام الديني، وأن يتمكن الشعب من تقرير مصيره بحرية عبر صناديق الاقتراع في عملية ديمقراطية، عملية برلمانية تتيح للشعب الإيراني جميع الخيارات بعد سقوط النظام، ليتمكن من الاختيار بنفسه". وقال:"أتلقى اتصالات من داخل البلاد، وخاصة من الجيش، وأعتقد أن هذا تطور مهم للغاية". بين مؤيد ومعارض على مدار العقود الأربعة الماضية، حاول بهلوي تقديم نفسه كخيار ثالث بين نظام الجمهورية الإسلامية والفوضى أو الانقلابات العسكرية، لكنه واجه تحديات كبيرة، أهمها غياب قاعدة شعبية فعلية داخل إيران، والانقسامات العميقة بين التيارات المعارضة في الخارج، إضافة إلى الصورة السلبية التي ارتبطت بحكم والده بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وهيمنة جهاز السافاك الأمني في تلك الفترة. ويعتبر عدد من المحللين أن تقاربه مع إسرائيل قد يؤدي إلى فقدانه الدعم الشعبي داخل البلاد، لا سيما بين الفئات المحافظة أو القومية التي ترى في إسرائيل عدوًا استراتيجيًا. كما أن تيارات أخرى من المعارضة الإيرانية، مثل مجاهدي خلق، ترفض فكرة إعادة الملكية أو حتى التعامل مع بهلوي كزعيم انتقالي، مشيرة إلى أنه يفتقر إلى الكاريزما السياسية والإمكانات التنظيمية التي تؤهله لقيادة تحالف واسع النطاق. وفي المقابل، يرى أنصاره أن علاقاته الدولية، وصورته المعتدلة، وخلفيته العلمانية، تضعه في موقع مناسب لقيادة عملية انتقال سلسة قد تجنب إيران السيناريوهات الدموية التي عرفتها دول مثل سوريا وليبيا والعراق. ويرى البعض أن رضا بهلوي بات اليوم، رغم الانتقادات، أكثر حضورًا في المشهد الإيراني من أي وقت مضى، خصوصًا في ظل ضعف باقي فصائل المعارضة، وانعدام ثقة الشارع في الحلول القادمة من داخل النظام. وفي خضم كل ذلك، لا يزال رضا بهلوي يسير على خيط رفيع بين الرمزية التاريخية والدور السياسي المباشر، في وقت تتسارع فيه الأحداث وتتكشف فيه تصدعات متزايدة داخل النظام الإيراني.

مخاطرة ترامب التي وضعت أمريكا في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل
مخاطرة ترامب التي وضعت أمريكا في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل

BBC عربية

timeمنذ 5 ساعات

  • BBC عربية

مخاطرة ترامب التي وضعت أمريكا في قلب المواجهة بين إيران وإسرائيل

اتخذ دونالد ترامب، الرئيس الذي عاد إلى البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني الماضي متعهّدًا بأن يكون "صانع سلام"، خطوة دراماتيكية بزجّ الولايات المتحدة في الصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل. فبدلًا من جلب السلام إلى الشرق الأوسط منذ تولّيه السلطة، يُشرف ترامب الآن على منطقة على شفا حرب أوسع، حيث أصبحت أمريكا طرفًا نشطا فيها. وفي خطاب تلفزيوني وجّهه إلى الأمة من البيت الأبيض، بعد ما يزيد قليلا على ساعتين من إعلانه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أن القوات الأمريكية قصفت ثلاثة مواقع نووية في إيران، وصف الرئيس الأمريكي العملية بأنها "نجاح مذهل". وأعرب ترامب عن أمله بأن تفتح خطوته الباب أمام سلامٍ طويل الأمد، حيث لن تملك إيران بعد الآن إمكانية التحول إلى قوة نووية. لكن إيران أعلنت أن موقعها النووي المحصن في فوردو لم يلحق به سوى أضرار طفيفة، وقد يتضح لاحقا أي الطرفين كان محقا في روايته. وخلال مؤتمر صحفي، كان موجودا فيه نائب الرئيس جي دي فانس ووزير الخارجية ماركو روبيو ووزير الدفاع بيت هيغسيث، حذر ترامب إيران من أنه إذا لم تتخلَّ عن برنامجها النووي، فسوف تواجه ضربات مستقبلية "أسوأ بكثير وأسهل تنفيذًا". وأضاف ترامب أن "هناك أهدافًا عديدة متبقية"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستلاحقها "بسرعة، ودقة، ومهارة". ورغم نبرة الفخر عند الرئيس ترامب، فإن استمرار التدخل العسكري الأمريكي في إيران قد يشكل سيناريو كارثيا بالنسبة للولايات المتحدة، وللمنطقة، وللعالم. وقد حذّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من "دوامة من الفوضى" التي قد تنجم عن قرار واشنطن بتصعيد الصراع، مشيرًا إلى أن الشرق الأوسط "يقف على حافة الهاوية". وإذا ردّت إيران على الهجوم، كما حذّر المرشد الأعلى علي خامنئي، فقد تجد الولايات المتحدة نفسها مضطرة للرد على التصعيد. "أسبوعان" أصبحا يومين وقد وضعت تصريحات ترامب مطلع هذا الأسبوع، التي قال فيها إن على إيران "الاستسلام دون قيد أو شرط"، الرئيس في موقف يصعُب عليه التراجع عنه، في حين وجدت إيران نفسها، من خلال تهديداتها، في زاوية مشابهة. وهكذا تبدأ الحروب، وهكذا يمكن أن تتّسع لتخرج عن نطاق السيطرة، وتتجاوز حدود خيال الأطراف المعنية. ويوم الخميس الماضي، منح دونالد ترامب الإيرانيين مهلة أسبوعين، لكن تبيّن أنها أقصر مما توقّعه الجميع — يومان فقط؛ ففي ليلة السبت، أعلن الرئيس الأمريكي أنه اتخذ قراره. فهل كانت مهلة الأسبوعين مجرد خدعة؟ وهل كانت محاولة لاستدراج الإيرانيين إلى شعور زائف بالأمان خلال عطلة نهاية الأسبوع؟ أم أن المفاوضات التي جرت خلف الكواليس، بقيادة مبعوث ترامب للسلام، ستيف ويتكوف، قد انهارت تمامًا؟ بعد الضربات مباشرة، لم تتضح الكثير من التفاصيل. لكن ترامب حاول، من خلال منشوره على وسائل التواصل الاجتماعي وخطابه التلفزيوني، فتح باب للسلام. وربما يبدو هذا التصوّر مفرطًا في التفاؤل؛ ففي الوقت الذي تبذل فيه إسرائيل جهودًا كبيرة لإضعاف القدرات العسكرية الإيرانية، لا يزال المرشد الأعلى يمتلك عدة أوراق عسكرية يمكن استخدامها. وقد تتدهور الأمور بسرعة. والآن تبدأ لعبة الانتظار: كيف ستردّ إيران على الهجمات التي استهدفت ثلاثة من مواقعها، بينها منشأة فوردو، التي تُعدّ جوهرة برنامجها النووي؟ ويأمل ترامب، على ما يبدو، أن تؤدي هذه الضربات إلى دفع إيران نحو تقديم تنازلات أكبر على طاولة المفاوضات. لكن من غير المرجّح أن تكون دولة رفضت الحوار أثناء الهجمات الإسرائيلية أكثر استعدادًا له بينما تتساقط عليها القنابل الأمريكية كذلك. ورغم محاولة ترامب الإيحاء بأن الضربة الأمريكية كانت عملية واحدة وناجحة، فإن فشل هذا التصور قد يضاعف الضغط عليه لشنّ ضربات إضافية، وإلا سيكون قد خاض مغامرة سياسية كبيرة مقابل مكسب عسكري محدود. الرئيس "صانع السلام" يخاطر برد فعل سياسي هذا الخطر يشمل مخاوف على الصعيد السياسي الداخلي، وكذلك مسائل تتعلق بالأمن الدولي. فاحتمالية شنّ هجوم أمريكي على إيران كانت قد أثارت انتقادات حادة، ليس من الديمقراطيين وحسب، بل من داخل حركة ترامب نفسها "أمريكا أولًا". وقد يكون قرار الرئيس غير المعتاد بإلقاء خطابه محاطًا بثلاثة من أقرب مستشاريه محاولةً لإظهار وحدة الصف داخل حزبه. عُرف جي دي فانس بمواقفه المؤيدة لسياسة خارجية أمريكية أقل تدخلًا. ومؤخرًا، ظهر على وسائل التواصل الاجتماعي مدافعًا عن فكرة أن ترامب ما يزال مؤمنًا بعدم التدخل، ويستحق من مؤيديه أن يمنحوه الفرصة وحسن الظن. وإذا كانت هذه الضربة عمليةً واحدة، فقد يتمكن ترامب من تهدئة الانقسامات داخل قاعدته الشعبية. أما إذا جرّت هذه الخطوة الولايات المتحدة إلى صراع أوسع، فقد يواجه الرئيس تمرّدًا من داخل صفوف مؤيديه. فالهجوم الذي نُفذ يوم السبت يُعدّ خطوة عدائية من قبل رئيس تفاخر طوال ولايته الأولى بعدم خوض حروب جديدة، وكثيرًا ما انتقد سلفه على جرّ البلاد إلى صراعات خارجية أثناء حملته الانتخابية العام الماضي. لقد اتخذ ترامب خطوته، لكن المرحلة المقبلة ليست بالكامل تحت سيطرته.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store