
تسريب وثائق فرنسية توثق دعم المغرب للجزائر لطرد المستعمر
هذه الوثائق، الموجهة من رئاسة الحكومة الفرنسية إلى مكتب الجنرال شال في الجزائر، ترصد بدقة غير معهودة حجم ونوعية الدعم الذي قدّمه المغرب، ملكًا وحكومةً وشعبًا، لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في أوج معركتها ضد الاستعمار الفرنسي، مما يجعل من المغرب ليس فقط حليفًا، بل شريكًا فعليًا في مشروع التحرر الجزائري.
وتكشف الوثائق أن دعم المغرب للثورة الجزائرية كان نابعًا من رؤية استراتيجية تبناها الملك الراحل محمد الخامس، تقوم على التوفيق بين ثلاث أولويات كبرى: تأكيد ريادة مغربية في شمال إفريقيا مستقلة عن المحور القاهري الناصري، الحفاظ على هيبة العرش المغربي داخل المحيط العربي من خلال دعم ملموس للثوار، ثم تجنب التصعيد مع فرنسا من خلال الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات المالية والتقنية معها، هذه المعادلة الدقيقة، التي نسجها محمد الخامس ببراعة، جعلت من المغرب قاعدة خلفية للثورة الجزائرية، وجعلت منه في نظر عواصم القرار العربي والدولي وسيطًا موثوقًا بين الشرق والغرب.
وبحسب نفس الوثائق، فإن حكومة عبد الله إبراهيم لعبت دورًا مفصليًا في تنفيذ هذا الانخراط، إذ تشير التقارير إلى أن الدعم المغربي لم يكن رمزيًا ولا ظرفيًا، بل مؤسساتيًا واستراتيجياً، أقرّه مجلس الوزراء بشكل صريح.
وقد شمل هذا الدعم السماح بإقامة قواعد عسكرية للثوار الجزائريين فوق التراب المغربي، وتوفير جوازات سفر مغربية لعناصر الجبهة، واستعمال الحقيبة الدبلوماسية لنقل المراسلات السرية، فضلًا عن إنشاء محطة إذاعية في الناظور، وتوفير بنية لوجستية متكاملة لنقل السلاح وتخزينه، وتشييد مراكز للتدريب والاستشفاء، ومعسكرات لأسرى الحرب.
وتسلط الوثائق الفرنسية المسربة الضوء أيضًا على موقف عبد الرحيم بوعبيد، الذي عبّر خلال لقاء رسمي مع فرحات عباس عن التزام المغرب بدعم 'شامل وكامل' لجبهة التحرير، في موقف يترجم الإجماع السياسي المغربي آنذاك حول أولوية دعم كفاح الجزائريين من أجل الاستقلال، رغم كل ما قد يترتب عن ذلك من توترات محتملة مع باريس.
وتبرز الوثائق أن هذا الدعم لم يكن محصورًا في دوائر الدولة، بل شمل أيضًا المجتمع المدني المغربي بمختلف مكوناته، فقد واصل الحزب الشيوعي المغربي، رغم حظره منذ 1952، دعم الجبهة دعائيًا، فيما قدم الاتحاد المغربي للشغل دعمًا ماديًا ومعنويًا لنقابة العمال الجزائريين UGTA، أما الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فتكفل بتوفير وثائق مزورة، وصناديق بريد، ودعم لوجستي وبشري موجه لصالح العمل الثوري داخل وخارج الجامعة.
ومن أخطر ما توثقه هذه الوثائق هو وجود شبكة استخباراتية تابعة لجبهة التحرير داخل التراب المغربي، منذ أكتوبر 1958، تتولى التنسيق الأمني، والمراقبة، وجمع المعلومات، والتحقيق مع المعتقلين، بتنسيق غير معلن مع الأجهزة الأمنية المغربية، كما تشير أيضا إلى أن هذه البنية كانت بقيادة شخص يُدعى لاغا الزاوي، وأن بعض عناصرها كانت ترتبط بعلاقات مباشرة مع جهاز الأمن الوطني المغربي، وهو ما يكشف عن حجم التداخل بين الجبهة ومؤسسات الدولة المغربية في تلك المرحلة.
على المستوى العسكري، تؤكد الوثائق أن المغرب استقبل على أراضيه هياكل قيادية رئيسية لجيش التحرير الوطني، بما في ذلك هيئة أركان الغرب في الناظور، وهيئة الولاية الخامسة في وجدة، وقيادة المنطقة الثامنة في فكيك، إلى جانب إنشاء قواعد لوجستية استراتيجية في مناطق مثل بوبكر – تويسيت وفكيك – بوعنان، كما تم إحداث مراكز لصناعة الألغام والذخيرة، ومستشفيات ميدانية، ومعسكرات لتأطير الأسرى. وتقدر الوثيقة عدد المقاتلين الجزائريين المتواجدين بالمغرب آنذاك بما بين 3000 و4000 رجل، كانوا يشكلون قوة احتياطية مهمة على مشارف الحدود عشية المفاوضات بين محمد الخامس والرئيس الفرنسي شارل ديغول.
ومع ذلك، لم تكن العلاقة بين المغرب والجبهة خالية من التوترات، حيث توثق الوثائق الفرنسية بعض الخلافات التي نشأت بسبب مطامع ترابية لعناصر من الجبهة في المناطق الحدودية، ووقوع اشتباكات بين الثوار والقوات الفرنسية انطلاقًا من التراب المغربي، بالإضافة إلى تحفظات مغربية على نشاط استخبارات الجبهة داخل المملكة، ووجود شكوك رسمية حول موقف الجبهة من أحداث الريف المغربي، إلى جانب عدم رضا السلطات المغربية عن أداء ممثل الجبهة في الرباط، خير الدين، الذي وُصف في الوثائق بأنه 'فشل في كسب ثقة الحكومة المغربية'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ألتبريس
منذ 2 أيام
- ألتبريس
إصدار جديد: 'انتفاضة الريف 1958، نهاية حلم الخطابي'
صدر حديثًا عن دار النشر 'سيلكي أخوين' مؤلَّف جديد للباحث مصطفى أعراب بعنوان 'انتفاضة الريف 1958، نهاية حلم الخطابي'، الذي جاء في 212 صفحة من الحجم العادي. يركز الكتاب على واحدة من أكثر الفترات تعقيدًا في تاريخ المغرب الحديث، مرحلة ما قبل وما بعد الاستقلال، حيث يمثل حلقة محورية لفهم الصراعات السياسية والاجتماعية التي ميزت تلك المرحلة الحرجة من تاريخ البلاد يتناول المؤلف في هذا العمل الدور البارز الذي لعبه محمد بن عبد الكريم الخطابي، زعيم المقاومة الريفية، في مشهد سياسي متشابك، إذ يصور الصراع بين مشروعين متناقضين لمستقبل المغرب؛ الأول هو مشروع الحركة الوطنية التي اعتمدت على التسوية مع فرنسا، والثاني مشروع الخطابي الذي كان يدعو إلى التحرير الكامل دون أي تنازلات أو شروط. يرصد الكتاب خلفيات هذا الصراع الحاد بين القوى الوطنية وحلفائها الاستعماريين، مع تسليط الضوء على المناورات الفرنسية التي رعتها حكومة 'إدغار فور' لتطويق الخطر الثوري القادم من القاهرة. في هذا السياق، كان الخطابي ينشط سياسيًا وعسكريًا بالتعاون مع مناضلين من المغرب وتونس والجزائر، في محاولة لتوحيد جهود المقاومة ضد الهيمنة الاستعمارية. كما يوثق المؤلف بعمق سياقات اندلاع انتفاضة الريف سنة 1958، التي تُعتبر محاولة ثانية لاستكمال مشروع التحرير الوطني بعد تجربة الريف في الفترة ما بين 1921 و1926. يبرز الكتاب أهمية هذه الانتفاضة في تاريخ المقاومة المغربية، باعتبارها حلقة أساسية في المواجهة مع الاستعمار، ومؤشرًا على استمرار نضال الشعوب المغاربية من أجل الحرية والاستقلال. يُعد هذا الإصدار إضافة مهمة إلى المكتبة التاريخية المغربية، حيث يعزز من قيمة قضايا الذاكرة والتاريخ في تشكيل الوعي الجماعي وحفظ إرث المقاومة، كما يفتح الباب أمام الأجيال الجديدة لقراءة الأحداث التاريخية بمنظور نقدي بعيدًا عن الروايات الرسمية التي غالبًا ما تخضع لسياسات التعتيم أو التوجيه.


أخبارنا
٠٤-٠٨-٢٠٢٥
- أخبارنا
وثائق سرية.. فرنسا تكشف حجم انخراط المغرب في دعم الثورة الجزائرية
في تسريب جديد يُشكل صفعة قوية للنظام الجزائري، نشر الإعلامي المعارض وليد كبير، اليوم، وثائق استخباراتية فرنسية مصنفة 'سري للغاية'، صادرة عن جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية DECE بتاريخ 27 يوليوز 1959، تكشف بوضوح حجم ونوعية الدعم الذي قدمه المغرب، ملكًا وحكومة وشعبًا، لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في أوج كفاحها المسلح ضد الاستعمار الفرنسي. الوثائق، الموجهة من رئاسة الحكومة الفرنسية إلى مكتب الجنرال شال في الجزائر، تُبرز أن المغرب لم يكن مجرّد حليف تقليدي، بل شريك فعلي في مشروع التحرر الوطني الجزائري، من خلال انخراط مؤسساتي واستراتيجي، قاده الملك الراحل محمد الخامس، الذي تبنّى رؤية دقيقة تقوم على ثلاث أولويات: إثبات ريادة مغربية في شمال إفريقيا بعيدًا عن المحور القاهري، ترسيخ مكانة العرش المغربي في العالم العربي من خلال دعم ملموس للثوار، والحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات مع فرنسا لتفادي القطيعة التامة. الوثائق نفسها تشير إلى أن حكومة عبد الله إبراهيم كانت الذراع التنفيذية لهذه الرؤية الملكية، حيث أقرّ مجلس الوزراء المغربي دعم الثورة بشكل رسمي، ما تُرجم على أرض الواقع في شكل سماح بإقامة قواعد عسكرية فوق التراب المغربي، وتوفير جوازات سفر مغربية لعناصر الجبهة، واستعمال الحقيبة الدبلوماسية لنقل المراسلات الحساسة، إلى جانب إنشاء محطة إذاعية بالناظور، وتوفير منظومة لوجستية متكاملة لنقل السلاح وتخزينه، وبناء مراكز تدريب ومستشفيات ميدانية ومخيمات لأسرى الحرب. وتتحدث الوثائق أيضًا عن لقاء رسمي جمع الزعيم المغربي عبد الرحيم بوعبيد بفرحات عباس، حيث أكد له التزام المغرب بدعم 'شامل وكامل' لجبهة التحرير، ما يُعكس الإجماع السياسي الوطني آنذاك حول أولوية دعم كفاح الجزائريين، رغم إدراك السلطات المغربية لخطورة ما قد ينتج عن ذلك من توترات مع باريس. أما المفاجأة الكبرى، فتتجلى في ما كشفته الوثائق حول وجود شبكة استخباراتية تابعة لجبهة التحرير تنشط داخل المغرب منذ أكتوبر 1958، تولت التنسيق الأمني، وجمع المعلومات، والتحقيق مع المعتقلين، بل وأقامت علاقات غير معلنة مع بعض الأجهزة الأمنية المغربية. وتذكر الوثيقة اسم 'لاغا الزاوي' كقائد لهذه البنية السرية، وتشير إلى أن بعض عناصرها كانوا على تواصل مباشر مع جهاز الأمن الوطني المغربي. الدعم المغربي للثورة لم يقتصر على مؤسسات الدولة، بل شمل كذلك المجتمع المدني بمختلف مكوناته، حيث واصل الحزب الشيوعي المغربي دعمه الإعلامي للجبهة رغم حظره منذ 1952، وقدم الاتحاد المغربي للشغل مساعدات مادية ومعنوية لنقابة العمال الجزائريين، فيما قام الاتحاد الوطني لطلبة المغرب بتوفير وثائق مزورة، وصناديق بريد، ودعم لوجستي موجه لصالح العمل الثوري. كما توضح الوثائق أن المغرب احتضن على أراضيه مراكز قيادية تابعة لجيش التحرير الجزائري، منها هيئة أركان الغرب في الناظور، وهيئة الولاية الخامسة بوجدة، وقيادة المنطقة الثامنة في فكيك، إلى جانب إنشاء قواعد استراتيجية في بوبكر، تويسيت، وفكيك – بوعنان، ومراكز لصناعة الألغام، ومستشفيات ميدانية، ومعسكرات تأطير الأسرى، مشيرة إلى أن عدد المقاتلين الجزائريين المتواجدين بالمغرب آنذاك بلغ ما بين 3000 و4000 رجل. ورغم هذا الدعم غير المسبوق، توثق الوثائق بعض التوترات التي ظهرت بين الجانبين، بسبب تجاوزات لعناصر جبهة التحرير على الحدود، واشتباكات مع القوات الفرنسية انطلاقا من التراب المغربي، إلى جانب تحفظات رسمية مغربية على نشاط استخبارات الجبهة داخل البلاد، وشكوك حول موقف الجبهة من أحداث الريف، بالإضافة إلى انزعاج الرباط من ضعف أداء ممثل الجبهة بها، المدعو خير الدين، الذي وصفته الوثائق الفرنسية بأنه فشل في كسب ثقة الحكومة المغربية.


بلبريس
٠١-٠٨-٢٠٢٥
- بلبريس
تسريب وثائق فرنسية توثق دعم المغرب للجزائر لطرد المستعمر
في وثائق استخباراتية فرنسية مصنفة 'سري للغاية'، نشرها الإعلامي الجزائري المعارض وليد كبير اليوم، نقلاً عن جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية المعروف اختصارًا بـSDECE، بتاريخ 27 يوليوز 1959، توثق واحدة من أبرز المحطات السياسية والإنسانية في تاريخ المنطقة المغاربية. هذه الوثائق، الموجهة من رئاسة الحكومة الفرنسية إلى مكتب الجنرال شال في الجزائر، ترصد بدقة غير معهودة حجم ونوعية الدعم الذي قدّمه المغرب، ملكًا وحكومةً وشعبًا، لجبهة التحرير الوطني الجزائرية في أوج معركتها ضد الاستعمار الفرنسي، مما يجعل من المغرب ليس فقط حليفًا، بل شريكًا فعليًا في مشروع التحرر الجزائري. وتكشف الوثائق أن دعم المغرب للثورة الجزائرية كان نابعًا من رؤية استراتيجية تبناها الملك الراحل محمد الخامس، تقوم على التوفيق بين ثلاث أولويات كبرى: تأكيد ريادة مغربية في شمال إفريقيا مستقلة عن المحور القاهري الناصري، الحفاظ على هيبة العرش المغربي داخل المحيط العربي من خلال دعم ملموس للثوار، ثم تجنب التصعيد مع فرنسا من خلال الحفاظ على الحد الأدنى من العلاقات المالية والتقنية معها، هذه المعادلة الدقيقة، التي نسجها محمد الخامس ببراعة، جعلت من المغرب قاعدة خلفية للثورة الجزائرية، وجعلت منه في نظر عواصم القرار العربي والدولي وسيطًا موثوقًا بين الشرق والغرب. وبحسب نفس الوثائق، فإن حكومة عبد الله إبراهيم لعبت دورًا مفصليًا في تنفيذ هذا الانخراط، إذ تشير التقارير إلى أن الدعم المغربي لم يكن رمزيًا ولا ظرفيًا، بل مؤسساتيًا واستراتيجياً، أقرّه مجلس الوزراء بشكل صريح. وقد شمل هذا الدعم السماح بإقامة قواعد عسكرية للثوار الجزائريين فوق التراب المغربي، وتوفير جوازات سفر مغربية لعناصر الجبهة، واستعمال الحقيبة الدبلوماسية لنقل المراسلات السرية، فضلًا عن إنشاء محطة إذاعية في الناظور، وتوفير بنية لوجستية متكاملة لنقل السلاح وتخزينه، وتشييد مراكز للتدريب والاستشفاء، ومعسكرات لأسرى الحرب. وتسلط الوثائق الفرنسية المسربة الضوء أيضًا على موقف عبد الرحيم بوعبيد، الذي عبّر خلال لقاء رسمي مع فرحات عباس عن التزام المغرب بدعم 'شامل وكامل' لجبهة التحرير، في موقف يترجم الإجماع السياسي المغربي آنذاك حول أولوية دعم كفاح الجزائريين من أجل الاستقلال، رغم كل ما قد يترتب عن ذلك من توترات محتملة مع باريس. وتبرز الوثائق أن هذا الدعم لم يكن محصورًا في دوائر الدولة، بل شمل أيضًا المجتمع المدني المغربي بمختلف مكوناته، فقد واصل الحزب الشيوعي المغربي، رغم حظره منذ 1952، دعم الجبهة دعائيًا، فيما قدم الاتحاد المغربي للشغل دعمًا ماديًا ومعنويًا لنقابة العمال الجزائريين UGTA، أما الاتحاد الوطني لطلبة المغرب فتكفل بتوفير وثائق مزورة، وصناديق بريد، ودعم لوجستي وبشري موجه لصالح العمل الثوري داخل وخارج الجامعة. ومن أخطر ما توثقه هذه الوثائق هو وجود شبكة استخباراتية تابعة لجبهة التحرير داخل التراب المغربي، منذ أكتوبر 1958، تتولى التنسيق الأمني، والمراقبة، وجمع المعلومات، والتحقيق مع المعتقلين، بتنسيق غير معلن مع الأجهزة الأمنية المغربية، كما تشير أيضا إلى أن هذه البنية كانت بقيادة شخص يُدعى لاغا الزاوي، وأن بعض عناصرها كانت ترتبط بعلاقات مباشرة مع جهاز الأمن الوطني المغربي، وهو ما يكشف عن حجم التداخل بين الجبهة ومؤسسات الدولة المغربية في تلك المرحلة. على المستوى العسكري، تؤكد الوثائق أن المغرب استقبل على أراضيه هياكل قيادية رئيسية لجيش التحرير الوطني، بما في ذلك هيئة أركان الغرب في الناظور، وهيئة الولاية الخامسة في وجدة، وقيادة المنطقة الثامنة في فكيك، إلى جانب إنشاء قواعد لوجستية استراتيجية في مناطق مثل بوبكر – تويسيت وفكيك – بوعنان، كما تم إحداث مراكز لصناعة الألغام والذخيرة، ومستشفيات ميدانية، ومعسكرات لتأطير الأسرى. وتقدر الوثيقة عدد المقاتلين الجزائريين المتواجدين بالمغرب آنذاك بما بين 3000 و4000 رجل، كانوا يشكلون قوة احتياطية مهمة على مشارف الحدود عشية المفاوضات بين محمد الخامس والرئيس الفرنسي شارل ديغول. ومع ذلك، لم تكن العلاقة بين المغرب والجبهة خالية من التوترات، حيث توثق الوثائق الفرنسية بعض الخلافات التي نشأت بسبب مطامع ترابية لعناصر من الجبهة في المناطق الحدودية، ووقوع اشتباكات بين الثوار والقوات الفرنسية انطلاقًا من التراب المغربي، بالإضافة إلى تحفظات مغربية على نشاط استخبارات الجبهة داخل المملكة، ووجود شكوك رسمية حول موقف الجبهة من أحداث الريف المغربي، إلى جانب عدم رضا السلطات المغربية عن أداء ممثل الجبهة في الرباط، خير الدين، الذي وُصف في الوثائق بأنه 'فشل في كسب ثقة الحكومة المغربية'.