
د. ذيب القرالة : الجهاديون ومعركة (نزع السلاح)
اعادت المواجهة المسلحة التي حدثت بين قوات الامن العراقية ، وافراد من حزب الله المرتبط بالحشد الشعبي، الى الواجهة موضوع (نزع السلاح) من الاطراف التي تملكه خارج اطار الدولة، وهو الامر الذي يتزامن مع دعوات محلية واقليمية ودولية لنزع سلاح حزب الله في لبنان.
وجاءت تلك المواجهة، لتعزز فكرة (نزع السلاح) وتعطيها مبررا وزخما - سياسيا واعلاميا - داخليا وخارجيا، بعد ان كانت الفكرة تُدرس وتُحلل في اروقة ودوائر صنع القرار في اكثر من عاصمة، خاصة بعد تزايد قصف (المُسيرات المجهولة) لحقول النفط في شمال العراق، التي تديرها شركات امريكية وغربية، اضطر بعضها للرحيل وجمًد بعضها الآخر نشاطاته.
ويجب ان لا يغيب عن بالنا، ان موضوع نزع سلاح الحشد الشعبي، والفصائل المسلحة العراقية ، هو هدف قديم وليس جديدا ، للولايات المتحدة الامريكية واسرائيل ، كون هذه القوات تُعتبر عمليا ، جزءا من الاذرع الايرانية في المنطقة التي يجب بترها (ان عاجلا او اجلا) في اطار الحرب المستمرة على ايران.
وفي هذا السياق، لا يتوقف هذا الامر على موضوع (بتر الذراع) فقط، بل هو من وجهة نظر الكثير من الدول ومنها (دول عربية) يعتبر مقدمة لانهاء النفوذ الايراني في العراق، الذي يستمد قوته من ( سطوة ) الحشد والفصائل على القرار السياسي في بغداد ، والسيطرة الميدانية العسكرية ، على مساحات واسعة من الجغرافيا العراقية.
لكن واقع الحال في العراق اليوم يؤكد ان هذه المهمة ليست بالسهولة التي يتوقعها الراغبون بانجازها، وذلك لعدة اسباب اهمها ، ان الحشد الشعبي اصبح من حيث العدد جيشا جرارا ، حيث ارتفع عدد عناصره من ١٢٢ ألفًا إلى ٢٣٨ ألفًا، وزادت مخصصاته المالية من ٢،١٦ مليار دولار عام ٢٠٢٢ إلى ٣،٤ مليار دولار في موازنة العام الماضي.
ويتمثل ثاني تلك الاسباب بان الحشد الشعبي أصبح جزءاً من المنظومة الأمنية الرسمية بعد دمجه في القوات المسلحة العراقية بقرار من الحكومة عام ٢٠١٦ مما أعطاه شرعية قانونية.
وثالث تلك الاسباب ، هو ان للحشد الشعبي قوة سياسية كبيرة عبر تحالف (الإطار التنسيقي) وغيره من الكتل الشيعية التي تشارك في الحكومة والبرلمان، ورابعها ان محاولة نزع سلاح الحشد قد تؤدي إلى صراع داخلي، أو فراغ أمني، خاصة في المناطق التي يسيطر فيها على الأرض أو يواجه تهديدات مفترضة من قِبل تنظيم داعش.
ولذلك، فان الامر المتاح حاليا، بناء على هذه المعطيات، هو ان يتم الاحتفاظ بالحشد كجزء من القوات الرسمية، مع تعزيز الضبط المؤسسي، والتركيز على تقليص دور الفصائل غير المنضبطة،وهذا الاحتمال هو الاقرب للواقع ، اذ انه يرضي القوى السياسية الشيعية ، ويُطمئن - جزئيا - الاطراف الخارجية.
وفي حال انتجت الانتخابات العراقية القادمة بعد اشهر ، واقعا سياسيا مختلفا ، او طرأ امر جديد اثًرً فعليا على ميزان القوى الاقليمي ، فمن الممكن ان يتم اضعاف الحشد الشعبي على مراحل، من خلال التقاعد المبكر لعناصره ، أو نقل المقاتلين إلى وزارات ومؤسسات مدنية أخرى، تجنبا لمحاولة فرض نزع السلاح بالقوة، الذي قد يؤدي إلى صدامات مسلحة داخل العراق، وارتدادات أمنية وانسانية ،قد تطال دول الجوار.
واذا ما تطلبت المرحلة ، وتطورات الاوضاع في الاقليم ، ضرورة الانتهاء من هذا الملف الشائك باعتباره ( خطوة حتمية لا بد منها ، رغم تداعياتها الامنية الكبيرة ) فمن المتوقع ان يتم مواجهة الحشد والفصائل المسلحة بداية، من خلال تنظيمات جهادية تأخذ من مناطق الصحراء والحدود السورية - العراقية مقرا ومنطلقا لنشاطاتها، وبما يفتح الباب على مصراعيه لمواجهة سُنيًة - شيعية ، تعيد في نهاية المطاف ، رسم موازين القوى في العراق ، بحيث يتم انتاج حالة من التوازن بين السُنة والشيعة كي لا تطغى طائفة على اخرى.
وفيما يخص نزع سلاح حزب الله ، فمن الواضح انه سيتم استبعاد فكرة ان يقوم الجيش اللبناني بهذه المهمة ، ولذلك من المتوقع ان نشهد خلال الفترة القادمة الاعلان عن تشكيل تنظيمات جهادية سُنية جديدة ، في لبنان، ستكون مهمتها الرئيسية محاربة حزب الله، وإنهاكه داخليا ، مع حصولها على ( مَدَد ) من الشام ، فيما تستمر اسرائيل بمهمة القيام بالعمليات النوعية ضده.
وعلى الارجح، فان الضبابية التي تمارسها الولايات المتحدة الاميركية ، حيال ملف نزع السلاح في كل من لبنان والعراق، والايحاء احيانا بانها غير مهتمة ، وان الموضوع شأن داخلي ، هي خطة محكمة تهدف الى دفع حزب الله والحشد الشعبي ، الى مزيد من التشدد في مواقفهما ، تمهيدا لتوريطهما ، كما ورطت واشنطن العراق باحتلال الكويت، عندما اوحت له ان الامر لا يعنيها و (اوقعته في الفخ).
*theeb100@yahoo.com

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 2 ساعات
- سرايا الإخبارية
إيكونوميست: ترامب لن يسمح للعالم بالتخلص من رسومه الجمركية
سرايا - في الثاني من أبريل/نيسان الماضي، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أمام البيت الأبيض ما سماه 'رسوم يوم التحرير'، وذلك في خطوة أربكت الأسواق العالمية وهددت سلاسل التوريد. لكنْ بعد أسبوع، خفّض ترامب النسب إلى 10% لمعظم الدول، وللصين لاحقًا في مايو/أيار، مما أعاد بعض الاستقرار مؤقتًا. ورغم محاولة الأسواق تجاوز الصدمة، تؤكد إيكونومست أن ترامب لم يتوقف عند ذلك الحد. ففي الأيام الأخيرة أصدر أوامر تنفيذية جديدة ألغى بموجبها الإعفاء المعروف بـ'دي مينيميز' للطرود دون 800 دولار بعدما كان قد ألغاه فقط للصين، كما رفع 'رسم الفنتانيل' على كندا من 25% إلى 35%، معتبرا أنه عقوبة لفشلها في وقف تهريب المخدرات، وردا على دعمها لإقامة دولة فلسطينية، بحسب ما نقلت إيكونومست. وفي سلوك عقابي مشابه، فرض ترامب رسوما بنسبة 50% على أكثر من نصف واردات أميركا من البرازيل، مبررا ذلك بما وصفه بـ'الاضطهاد السياسي' للرئيس السابق جايير بولسونارو، وهو ما شبّهه بالمعاملة التي تعرّض لها شخصيا بعد مغادرته البيت الأبيض عام 2021. رسوم شاملة.. و18% متوسط جديد وتشير إيكونومست إلى أن الرسوم الجديدة التي تطال دولا من الهند إلى آيسلندا، تستهدف شركاء أميركا التجاريين ممن يسجّلون فوائض. وتدخل هذه الرسوم حيز التنفيذ في 7 أغسطس/آب، مما يرفع متوسط الرسوم -وفقًا لتقديرات 'بدجت لاب' في جامعة ييل- إلى نحو 18%. وفي محاولة لتفادي الأسوأ، وقّع الاتحاد الأوروبي في 27 يوليو/تموز اتفاقًا مع ترامب خفّض الرسوم إلى 15% بدلًا من 20% التي أُعلنت في أبريل/نيسان أو 50% التي لوّح بها لاحقًا. وتفيد إيكونومست أن دولا كاليابان وكوريا الجنوبية سلكت المسار ذاته، بينما تواجه الهند احتمال فرض رسوم بنسبة 25% وفق أمر تنفيذي صدر في 31 يوليو/تموز، وسط انتقادات ترامب لـ'قيودها الوقحة'. ويأمل المسؤولون الهنود في خفض هذه النسبة بالتفاوض، خاصة بعد أن منحت إدارة ترامب باكستان، خصمها الإقليمي، رسوما أخف بنسبة 19%. دول صغيرة تُهمّش.. وأخرى تُعاقب ترصد إيكونومست أن دولًا صغيرة مثل ليسوتو وبوتسوانا حظيت بـ'إهمال حميد' حيث فُرضت عليها رسوم موحدة عند 15%، دون 50% التي أُعلنت في أبريل/نيسان. وفي المقابل، رُفعت الرسوم على تركيا من 10% إلى 15%. وتُضاف هذه الإجراءات إلى رسوم سابقة على السيارات والمعادن، وغيرها من الرسوم التي أعاد ترامب تفعيلها منذ عودته للرئاسة. ومع أن بعض السلع مثل الإلكترونيات مستثناة، تؤكد إيكونومست أن متوسط الرسوم يتراوح الآن بين أقل من 3% على إيرلندا وأكثر من 40% على الصين. تباطؤ الوظائف يفضح الأثر الاقتصادي بعد تطبيق الرسوم، أظهرت بيانات مكتب إحصاءات العمل الأميركي أن الاقتصاد أضاف فقط 73 ألف وظيفة في يوليو/تموز، وهو رقم دون التوقعات بكثير. وترى إيكونومست أن هذا التراجع يعكس أثر عدم اليقين التجاري، مما دفع الشركات إلى تأجيل استثماراتها. كما تحُد الرسوم من قدرة الفدرالي على تحفيز الاقتصاد، فبحسب المجلة، تجاهل جيروم باول -رئيس الاحتياطي الفدرالي– ضغوط ترامب وأبقى أسعار الفائدة ثابتة، مشيرا إلى أن أثر الرسوم في التضخم 'لن يكون صفريا'. عبء الرسوم يظهر في سلاسل الإمداد تُبرز إيكونومست أن التأثير لا يتوقف عند حدود التجارة، بل يتسرب إلى المستهلك الأميركي حتى عند شراء منتجات محلية. إذ تتحمّل فئات مثل الحواسيب والأجهزة اللوحية رسوما تُقدّر بـ17% من إجمالي إنفاق المستهلكين، كما شملت التأثيرات الأجهزة المنزلية وماكينات الحلاقة الكهربائية. ورغم أن الأسواق المالية بدت غير مكترثة إذ تعافت سريعا بعد 'يوم التحرير'، تحذّر إيكونومست من أن تجاهل هذه الرسوم سيصبح مستحيلا حين تبدأ العائلات الأميركية بدفع ثمن أعلى لكل سلعة اعتادت شراءها.


الوكيل
منذ 3 ساعات
- الوكيل
"صنداي تايمز": الاتحاد الأوروبي أبرم "صفقة مريعة" مع...
الوكيل الإخباري- اعتبرت صحيفة "صنداي تايمز" أن رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين وافقت على "صفقة مريعة" مع واشنطن حول الرسوم، خشية من خفض القوات الأمريكية في أوروبا. ونقلت الصحيفة عن جاكوب كيركيجارد، وهو من كبار العاملين في مركز بروغل للدراسات في بروكسل قوله: "يعترف الجميع بأن هذه الاتفاقية كانت سيئة للغاية من الناحية التجارية بالنسبة لأوروبا. ولكن إذا كنتَ قائدا مسؤولا، فلا خيار أمامك سوى إبقاء القوة العسكرية الرائدة في الناتو، أي قوة أمريكا بقيادة ترامب، إلى جانبك". ووفقا للمقالة، كانت فون دير لاين تستعد لرد صارم على تهديدات واشنطن بفرض رسوم جمركية، لكنها "تراجعت" بعد ذلك من خلال الموافقة على صفقة خلال اجتماعها الأخير مع دونالد ترامب في اسكتلندا. اضافة اعلان وقالت صحيفة التايمز إن هذا القرار جاء جزئيا لحماية الشركات الأوروبية، ولكن أيضا خوفا من أن يستخدم الرئيس الأمريكي الموضوع كذريعة لخفض الدعم العسكري لأوكرانيا أو الإضرار بالأمن الأوروبي. وبحسب الصحيفة، كان القلق الرئيسي لدى بروكسل يكمن في أن مراجعة واشنطن لاستراتيجيتها العسكرية، والتي من المقرر أن ينشر تقرير عنها في الأسابيع المقبلة، قد تؤدي إلى انسحاب جزء من القوات الأمريكية التي يبلغ قوامها 800 ألف جندي من أوروبا. قارنت الصحيفة فون دير لاين مع ترامب في اسكتلندا بسلوك أمين عام الناتو مارك روته، الذي وصف ترامب بـ"أبتاه". وصرح كيركيغارد للصحيفة: "كان عليها أن ترتكب هذه الفعلة القذرة لأنها كانت ضرورية". وكانت فون دير لاين قد أعلنت عقب محادثاتها مع ترامب في اسكتلندا أنها وعدت الولايات المتحدة، من بين أمور أخرى، باستبدال النفط والغاز الروسيين بالكامل بالغاز الطبيعي المسال والوقود النووي الأمريكيين، وذلك مقابل تخفيض الرسوم الأمريكية من 30% إلى 15%. وسينفق الاتحاد الأوروبي خلال ثلاث سنوات 750 مليار دولار على شراء مصادر الطاقة الأمريكية. ومن جانبه، أضاف ترامب أن الدول الأوروبية ستستثمر 600 مليار دولار إضافية إلى ما تم استثماره بالفعل في الاقتصاد الأمريكي بموجب الاتفاق. كما ذكر أن دول الاتحاد الأوروبي وافقت على شراء "كميات هائلة" من الأسلحة من الولايات المتحدة في المستقبل القريب بقيمة إجمالية تصل إلى مئات المليارات من الدولارات. RT


الوكيل
منذ 6 ساعات
- الوكيل
مصر.. قناة السويس تتخلى عن تفاؤلها بتعافي حركة الملاحة...
الوكيل الإخباري- قال رئيس هيئة قناة السويس الفريق أسامة ربيع، إن من الصعب حاليا تحديد موعد لعودة حركة الملاحة في القناة إلى طبيعتها، نظرا للتطورات في البحر الأحمر. ووصف ربيع في تصريحات تلفزيونية أمس الجمعة، الوضع الراهن بـ"الضبابي" بسبب تغير المعطيات الإقليمية وتصاعد التوترات، منوها إلى أن التقديرات السابقة لهيئة قناة السويس والتي صدرت في أبريل الماضي، توقعت تحسن الوضع تدريجيا بحلول يونيو الماضي. وأوضح أن التوقعات كان تشير إلى عودة شبه كاملة للحركة الملاحية بحلول نهاية العام الجاري، وذلك بناء على معطيات لحركة الخطوط الملاحية واستنادا إلى توقف هجمات الحوثيين في اليمن على السفن في البحر الأحمر منذ ديسمبر الماضي، وإعلان الجماعة وقف استهداف السفن التجارية بعد الاتفاق مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فضلا عن مؤشرات كانت توحي بالتوصل إلى اتفاق وهدنة في غزة. اضافة اعلان وأشار إلى تغير هذه المعطيات حاليا بعد تجدد هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، وإغراق سفينتين يونانيتين، بجانب تدهور الأوضاع في قطاع غزة، بعد مؤشرات سابقة بقرب التوصل إلى اتفاق. وأكد أن الأمور أصبحت معقدة حاليا ولا يبدو أنها في طريقها إلى الحل، مضيفا أنه لا يمكنه تقديم أرقام الآن، وأن الهيئة تعيد حساباتها من جديد بعد تغير المعطيات، لكنه أعرب عن عدم تفاؤله بحدوث تغير كبير في الحركة الملاحية إذا استمر الوضع الإقليمي الراهن على حاله. وفي وقت سابق أوضح ربيع، أن قناة السويس خسرت 66% من دخلها بسبب التوترات في البحر الأحمر واستهداف الحوثيين للسفن؛ ما أدى إلى تراجع عدد السفن العابر في القناة، فيما تشير البيانات الحكومية إلى خسائر تقدر بـ7 مليارات دولار العام الماضي. وأشار البنك المركزي المصري، يوم الثلاثاء الماضي، إلى تراجع حاد في إيرادات قناة السويس خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024-2025 (يوليو - مارس)، بنسبة 54.1% لتسجل 2.6 مليار دولار؛ نتيجة انخفاض أعداد السفن العابرة بنسبة 44.8% على خلفية استمرار التوترات الجيوسياسية في منطقة البحر الأحمر. RT