المناظرة اليتيمة التي طأطأت رأس الإمامة في التاريخ!
في إطار مذهبهم الداخلي، ومكونهم الهاشمي الإمامي نعم عقدوا بعض المناظرات، وإن كانت من باب مناظرات الإكراه والتغلب والاستعراض الذي لا يقوم على الحجة بل على الإرهاب والتعبئة والتبعية، وأشهر تلك المناظرات، وإن كانت غير مهنية ولا علمية ولا متكافئة مناظرة الإمام السفاح عبدالله بن حمزة مع المطرفية، والتي حدد هو أجندتها وميدانها ونتائجها واستحقاقاتها وشروطها؛ فقد اشترط عليهم إن غلبهم أن يقتل رجالهم، ويسبى نساءهم، وييتم أطفالهم، ويهدم دورهم، ويغنم أموالهم!
إنها جرائم تاريخية فادحة لم يكن لها مثيل بين العرب ولا المسلمين، وربما حتى بين البشرية جميعاً، حتى أنه بعد تلك المناظرة كفّرهم، واستباح دماءهم، وقتل منهم مائة ألف رجل، كما جاء في السير وكتب التاريخ، حتى وإن كان الرقم مبالغاً فيه إلا أنها تظل من أبشع الجرائم في التاريخ اليمني من قبل هذا الإمام، كما سبى نساءهم وذراريهم وهدم بيوتهم، وشرد من لم يصل إليهم!
إن الأبشع من ذلك كله أنه كتب إلى كل عماله في مناطق حكمه أن يتتبعوا كل من يشتبه أنه مطرفي ويقتلونه إما جهراً وإما غيلة (اغتيال).
بل إنه تفنن في ارتكاب البشاعات بحقهم، والسبب أنهم أجازوا أن تكون الإمامة في غير البطنين لا أكثر، فاختلق لهم كل تهمة، ووصمهم بكل جريمة، وشوههم بكل نقيصة، ومن أكبر الكبائر التي ارتكبها بحقهم أيضاً أنه كان لا يعفو عن أحد منهم حتى لو أظهر اعتقاد الإمام نفسه، فإنه يشك فيهم ويقول: "إنما هروباً من السيف والقتل"!
فقد جاء في سيرته: "ولما تمكن الإمام –عليه السلام- من قتلهم أمضى فيهم حكم الله تعالى، وقال: أريد أن أجعلها سنة باقية يعمل بها من قام ودعا من أهل البيت فيما بعد إن شاء الله تعالى. وأتى برجل إلى حوث، وهو من أكثرهم فساداً وأخبثهم اعتقاداً، وهو معدود عندهم في العلماء يقال له حسان بن نعمة، فأمر الإمام –عليه السلام- به فضربت عنقه"( السيرة المنصورية: ص847).
كان عبدالله بن حمزة يرى عدم منازعتهم الإمامة مطلقاً من غير البطنين، وقعَّد لذلك قواعد القتل والاستحلال للدماء في أنه يجب محاربته وقتله، كما أفتى بذلك، واعتبر أن من قتل "دعياً" فإنه يتقرب إلى الله بدمه، وأنشأ قصيدة في حق نشوان الحميري وبنيه جاء فيها:
أما الذي عند جدودي فيه فيقطعون لُسْنَه من فيه
إذ صار حق الغير يدعيه ويؤتِّمون ضحوةً بنيه( )
وحينما تغلب هذا الإمام السفاح على الجزء الأعلى من اليمن ودخوله صنعاء عام 599ه، أيام اضطراب الدولة الأيوبية وضعفها، كان أول من أدخل صيغة "حي على خير العمل" في الأذان إلى صنعاء عبر التاريخ؛ إذ أنه لما دخل صنعاء"أقيمت الجُمَع وأُذِّن بحي على خير العمل مع كراهة الجند لذلك"، ولأول مرة يفرض المذهب الهادوي على صنعاء في تلك الأثناء، فقد كانت اليمن إما مالكية أو حنبلية وقلة شافعية، ولم يكن قد اتُّخذ المذهب الشافعي مذهباً رسمياً للبلاد إلا في عهد الملك المنصور نور الدين عمر بن علي رسول.
فرض المذهب الهادوي بالقوة، كما تفعل الحوثية اليوم من إحلال لذات المذهب المخلوط بالإثنى عشرية الخمينية، وتم التضييق على السنة، ولم تكن الهادوية لها وجود قبل ذلك إلا نادراً؛ لكون الهادي الرسي لم يستقر في صنعاء ، فقد كان يتم إخراجه فور دخولها ولم يقر له قرار فيها، ولم يستطع فرض مذهبه بالقوة كما فعل السفاح عبدالله بن حمزة.
بناءً على ذلك المذهب وتوسعه في صنعاء ، وجد بعض أدعياء العلم من الهادوية ممن كرسهم ابن حمزة ومن نشأوا بعده، وعلمهم لم يكن شاملاً كاملاً بل كما هو اليوم علم في إطار مذهبهم وسلالتهم؛ علم الولاية والبطنين وأنهم أصحاب القرآن، وأنه لا يفسر إلا من سلالتهم، ولا يؤخذ العلم من طرقهم، فأرادوا أن يستظهروا على السنة بهذا العلم لكنهم ينهزمون لكونه محصوراً في سلالة وفي مذهب.كانت السنة قد ضعفت في تلك الأثناء بضعف الدولة وتشتتها، واستظهرت الهادوية على السنة بفعل التغلب الهادوي الذي كرسه ابن حمزة في صنعاء ، ولما استعادت الدولة الأيوبية زمام الأمور وطرد عمال الإمامة بعد الحمزاوية، جاء وجهاء الهادوية إلى والي صنعاء حينئذ للأيوبيين وهو الحسن بن علي بن رسول الملقب ببدر الدين، يستعرضون علمهم وأفكارهم على السنة، ولم يكن من علماء السنة في ذلك الوقت من يشار له بالبنان في صنعاء وحواليها، فهاب السنة من مناظرتهم واعتبروه عجزاً، وهرعوا إلى الأمير الحسن بن علي رسول كونه من السنة ووالياً للملك المسعود الأيوبي على صنعاء.
كان لتلك اللحظة تأثير على العامة يمكن أن يلبِّسوا عليهم، ويمكن أن تؤدي هذه المناظرة إلى تمدد الهادوية على حساب السنة وتكريسها في صنعاء وما حولها؛ لأن معنى ذلك القتل والتهجير للسنة وليس فقط غلبة المناظرة وتمدد المذهب بشكل علمي حواري!
حتى الحسن بن علي بن رسول تردد، وأخذ في نفسه شيئاً من ذلك، فما كان منه إلا أن أرسل رسولاً إلى أخيه أمير وصاب وما حولها حينئذ نور الدين عمر بن رسول، الذي سيصبح فيما بعد مؤسس الدولة الرسولية وسلطانها، فسأل عن أفضل العلماء في ناحيته، فدل على الفقيه موسى بن أحمد بن يوسف التبعي الحميري الوصابي، وكان عالماً في الفقه والتفسير والحديث واللغة طارت شهرته الآفاق اليمنية.
حينما أقرأ أبعاد تلك المناظرة أشبهها بمناظرة موسى لفرعون في "يوم الزينة"؛ فقد كانت مشهودة جماهيرياً وسياسياً ونخبوياً، ونتائجها سيكون لها ما بعدها.
عندما اطمأن بدر الدين بن علي رسول لهذا الفقيه وافق على المناظرة، واشترط على الهادوية شرطاً وحيداً كصاحب منطق وحجة وعلم ودراية: إن غلبتم الفقيه موسى رجعنا إلى مذهبكم، وإن غلبكم الفقيه رجعتم إلى مذهبنا (السنة).
وافق علماء الهادوية على ذلك، ولم يطمئن الحسن من تسليمهم بالأمر إلا بأخذ المواثيق والعهود منهم؛ فقد كان يعلم غدرهم وخداعهم، ومَن مِن اليمنيين لا يدرك غدر الهادوية، وقد كانوا حديثي عهد وغدر بالوزير الأيوبي سيف الدين سنقر في صنعاء؟!
جمعت الهادوية أربعين عالماً هم خلاصة علمائها، وذهبوا واثقين إلى هذه المناظرة التي ستكون اليتيمة في تاريخهم على الإطلاق مع الطرف السني.
كتب الأمير بدر الدين إلى أخيه نور الدين في وصاب بذلك، وانتدبت الهادوية أربعين عالماً منهم من الذين لا يطاقون في مناظرة ولا علم، وحينما دخلوا وصاب قصدوا الحصن الذي فيه الأمير نور الدين، وأوصلوا إليه كتاب أخيه، وكان نور الدين هذا قد خبر الفقيه موسى التبعي، ولم يخالجه شك في انتصاره عليهم، وفي اليوم التالي أخذ نور الدين الوفد من حصن نعمان (ويسمى أيضاً حصن نعيمة، وهي نعيمة المسواد العريقية حاكمة المعافر في القرن الأول قبل الميلاد) بوصاب إلى قرية الفقيه ومسجده، فوجدوه يدرس في المسجد ويلقي الدروس على طلابه، وبعد السلام عليه قاطعوه من الدرس ولم يدعوه يكمل، وهذا من عدم التأدب على مجالس العلماء الذين عادة ما يتم تركهم حتى ينتهوا من إلقاء الدروس ثم التفرغ للمناظرة!
كانت العنجهية والغرور والثقة بالنفس هي الحادية بهذا الفريق للتعامل بعدم لياقة مع هذا الفقيه ومجلسه؛ فالإماميون لا يحترمون عالماً من غيرهم ولا يقيمون له وزناً، فما بالكم بعالم جاؤوا لمناظرته ودحض علمه وحجته!
كانوا أربعين عالماً منهم، في مقابل الفقيه موسى لوحده، وبدأوا يقاطعونه في درسه ويسألونه وهو يجيب ويرد مسائلهم بما يعترض مسائلهم.
لم تكن المناظرة قد بدأت بعد، فتلك المناظرة قد سُمع بها في كل اليمن ، حتى اجتمع إليها عامة الناس في ذلك المكان من أهل المنطقة عموماً، ومن حاشية الأمير نور الدين، فقد كانت موضع التحدي، ونتائجها هامة ربما تغير مستقبل اليمن في الجانب الطائفي، بحسب شرط الأمير بدر الدين، وهي بذلك مهددة لعرش الدولة الأيوبية والسنة في صنعاء.
عقدت المناظرة بعد ذلك بين الطرفين، وناظرهم على مذهبهم مناظرة كاملة؛ أسقط حججهم، وسفه رأيهم، فما كان منهم إلا أن انخذلوا، وخرست ألسنتهم، وتبين عجزهم، وكانت أول وآخر مناظرة مع السنة في اليمن.
كان من نتائج هذه المناظرة أن تجمع الأهالي عليهم، وصاحوا بهم في الطرقات، وطارت شهرة المناظرة الآفاق، وسمع بها في كل اليمن ، وخرجوا عن مجلس الفقيه مدحورين خزايا، واستطار الأمر بين الناس أنه قد قطعت حجتهم، ولم يقم لهم صورة، ولا لمذهبهم. وصاح الناس بهم في قمم الجبال وبطون الأودية وهموا بنهبهم لولا أنهم كانوا في وجه الأمير نور الدين وتحت حمياته، فامتنعوا من نهبهم، وسار ذلك الفريق خائفاً يترقب حتى خرجوا من وصاب.
لكن هل وفوا بعهودهم ومواثيقهم التي أخذها عليهم الأمير بدر الدين في صنعاء؟!
كلا لم يفعلوا، فهم أهل غدر ونكث في عهودهم ومواثيقهم؛ فقد كان الأصل أن يتم تحول الهادوية إلى السنة بحسب الشرط المبرم مع والي صنعاء بدر الدين الرسولي، إلا أنهم ظلوا يتمردون على الولاة والسلاطين؛ يتمددون تارة ويتراجعون تارات أخرى، بحسب قوة الدولة وهيبتها أو ضعفها وتراجعها.
هذه معلومة للناس جميعاً كيف ومتى دخل المذهب الهادوي صنعاء ، وقد كانت سنة 100%، ومن حينها دخل في الأذان "حي على خير العمل"، والأصل أنها سنية، وستظل سنية إن كانت هناك دولة حقيقية تعيدها إلى أصلها، ولذلك رأينا مع تمدد كل إمامة إلى صنعاء يقومون بفرض فكرهم الطائفي بالحديد والنار، لا بالمنطق والحوار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمني برس
منذ 25 دقائق
- يمني برس
عاجل.. عدوان أمريكي إسرائيلي غاشم على المنشئات المدنية بالعاصمة صنعاء (المواقع المستهدفة)
يمني برس|| صنعاء: شن طيران العدوان الأمريكي الإسرائيلي صباح اليوم الأحد 23 صفر الموافق 17 أغسطس غارات جوية إجرامية عدة على المنشئات المدنية والخدمية جنوب العاصمة صنعاء. وأفادت مصادر أمنية بأن العدوان استهدف محطة كهرباء حزيز المركزية بمديرية سنحان جنوبي العاصمة صنعاء بغارات جوية عدة أدت إلى تدمير المولدات الكهربائية التابعة للمحطة وإخراجها عن الخدمة وانقطاع التيار الكهربائي في مناطق واسعة من جنوب العاصمة. إلى ذلك أكد مصدر في مصلحة الدفاع المدني أن فرق الاطفاء تمكنت بعون الله من إخماد النيران الناجمة عن العدوان على محطة الكهرباء.


يمني برس
منذ 25 دقائق
- يمني برس
نائب رئيس الحكومة يتفقد أضرار العدوان بمحطة حزيز ويؤكد: فرق الصيانة والإصلاح بدأت عملها وسيعود التيار قريبا
يمني برس || صنعاء: نفذ النائب الأول لرئيس الوزراء العلامة محمد مفتاح صباح اليوم الأحد 23 صفر زيارة تفقدية عاجلة إلى محطة حزيز الكهربائية في مديرة سنحان جنوب العاصمة صنعاء اطلع خلالها على حجم الأضرار التي لحقت بالمحطة جراء العدوان الأمريكي الإسرائيلي الغادر عليها والذي استهدفها فجر اليوم. وأكد العلامة مفتاح في تصريح له أن فرق الصيانة والإصلاح بدأت عملها فور العدوان في إصلاح الأضرار في محطة حزيز لتوليد الكهرباء وستعود لحالتها السابقة قريباً.. من جانبه أكد مدير محطة حزيز الكهربائية على حسين العلايا: أن العدوان الذي تعرضت له المحطة دليل على فشل وتخبط العدو الإسرائيلي. وأشار إلى أن استهداف منشأة حيوية تمد المواطنين والمستشفيات بالطاقة جريمة مخالفة للقانون الدولي الانساني ويعاقب عليها. وتابع: الاستهداف المتكرر للمحطة لن يثنينا عن أداء مهامنا وأعمالنا خدمة للشعب ومؤسساته. إلى ذلك أكد مصدر بالدفاع المدني في تصريحات إعلامية له: أن فرق الدفاع المدني تمكنت بعون الله تعالى من اخماد الحريق الناجم عن استهداف محطة حزيز لتوليد الكهرباء. وأشار إلى أن العدوان العدوان استهدف مولدات الكهرباء بمحطة حزيز ما أدى لخروجها عن الخدمة. من جانبه أكد مدير عام مؤسسة الكهرباء د.مشعل الريفي: أن فرق المؤسسة تعمل على تقييم الأضرار الناجمة عن العدوان على محطة كهرباء حزيز جنوب العاصمة صنعاء بالتعاون مع الدفاع المدني.


نافذة على العالم
منذ ساعة واحدة
- نافذة على العالم
أخبار مصر : أحمد فؤاد أنور: «إسرائيل الكبرى» وهم بلا سند تاريخي أو ديني ومحاولة لابتزاز مصر بمخطط التهجير
الأحد 17 أغسطس 2025 06:40 صباحاً نافذة على العالم - أشعلت تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إيمانه بفكرة 'إسرائيل الكبرى' موجة من الجدل، خاصة لما تحمله من إشارات تهدد سيادة دول الجوار واتفاقية السلام. وفي قراءة لهذه التطورات، كشف الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ الدراسات الإسرائيلية، خطورة هذه الطروحات، معتبرًا أنها لا تستند إلى أي سند تاريخي أو ديني، وإنما تهدف لممارسة ضغوط سياسية على مصر والمنطقة بأسرها. أحمد فؤاد أنور: نتنياهو يستفز الرأي العام المصري ويعتدي على سيادة دول الجوار باتفاقية السلام قال الدكتور أحمد فؤاد أنور، أستاذ الدراسات الإسرائيلية، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد إن الجانب الإسرائيلي ينتهك اتفاقية السلام بصورة واضحة، موضحًا أن الاتفاقية قائمة على مبدأ تطبيع العلاقات وإعادة الحقوق الفلسطينية، غير أن ما يحدث الآن يتعارض كليًا مع ذلك. وأضاف أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول إيمانه بفكرة "إسرائيل الكبرى" أو "أرض إسرائيل الكاملة" تمثل اعتداءً على سيادة دول الجوار، بما في ذلك الأردن ولبنان ومصر، مشيرًا إلى أن هذه الفكرة لا تملك حدودًا واضحة وتفتح الباب لمزيد من التوسع والاعتداءات. وأكد أن ما يطرحه نتنياهو يشكل استفزازًا للرأي العام المصري، ويكشف الوجه الحقيقي للاحتلال بعيدًا عن الادعاء بمحاربة غزة أو حماس فقط، لافتًا إلى أن الحديث عن احترام إسرائيل لاتفاقية السلام في ظل هذه الأجواء غير منطقي على الإطلاق. وشدد على أن هذه التصريحات تمثل محاولة للضغط على مصر ومساومتها من خلال ورقة التهجير، حيث تحلم إسرائيل بتهجير سكان غزة، وتمتد أطماعها إلى أراضي 48، على أمل أن تقبل القاهرة أو تشارك في هذا المخطط ولو بشكل غير مباشر. وأوضح أن الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي يقودها نتنياهو، هي في حقيقتها حكومة خراب تسيطر عليها جماعة "كاخ" الإرهابية، حتى وفقًا للقانون الإسرائيلي نفسه، معتبرًا أن هذه الأجواء غير مسبوقة وتشكل معركة وعي حقيقية تتطلب التصدي لها. وتابع بالتأكيد على أن إسرائيل تحاول شن حرب نفسية وزرع الفتن الداخلية والتشكيك في الأنظمة، داعيًا إلى ضرورة الانتباه لهذه المخططات وفضح كل من يتعاون معها. وقال إن علم الآثار في حد ذاته لا يساند مزاعم الاحتلال حول ما يسمى بـ'إسرائيل الكبرى'، موضحًا أن الذكر الوحيد لبني إسرائيل على الآثار المصرية ورد في لوحة 'مرنبتاح' ابن رمسيس الثاني، والتي تحدث فيها عن هزيمتهم وإبادتهم للدرجة التي وصف فيها أنهم "لم يعد لهم زرع". وأوضح أن النقش الوارد في اللوحة المصرية القديمة يتحدث عن مجموعة بشرية أو قبيلة، وليس عن كيان سياسي أو مملكة، وهو ما ينسف الادعاء الإسرائيلي بوجود دولة تاريخية لليهود في هذه المنطقة. وأضاف أن النصوص الدينية اليهودية نفسها، وتحديدًا في سفر التثنية، تتحدث عن وعد الله لسيدنا إبراهيم بالأرض، إلا أن هذا الوعد كان مشروطًا، وليس حكرًا على قوم بعينهم، بل يخص جميع نسل سيدنا إبراهيم. وأكد أن الادعاء بأن يهودًا قدموا من أمريكا أو روسيا أو إثيوبيا هم من نسل إبراهيم أمر مشكوك فيه تمامًا، في حين أن شعوب المنطقة، وعلى رأسها المصريون والعرب، هم الامتداد الحقيقي لنسل إبراهيم عليه السلام. وأختتم تصريحاته قائلاً إن الأرض في حقيقتها هي أرض "أبي الأنبياء" إبراهيم، وبالتالي فهي ملك لجميع نسله وأتباعه، وليس من المنطقي أن تحتكرها مجموعة ادعت الانتماء، في حين أن الواقع التاريخي والآثاري والديني ينفي ذلك.