
ترامب وكواليس الحيرة الأميركية في حرب إسرائيل وإيران
مساء الثلاثاء، بتوقيت العاصمة واشنطن، سادت أجواء من الترقب الدولي بانتظار ما إذا كانت الولايات المتحدة ستُعلن انخراطها العسكري إلى جانب إسرائيل في الحرب التي بدأتها قبل أسبوع، مستهدفة منشآت نووية وعسكرية داخل الأراضي الإيرانية.
فالقائد الأعلى للجيش الأميركي الرئيس دونالد ترامب ، عاد إلى واشنطن بعد مغادرته المفاجئة لقمة مجموعة السبع في كندا، ليعقد اجتماعا مغلقا مع فريقه للأمن القومي، غير أن الاجتماع لم يفضِ إلى إعلان أو تغيير ملموس في نهج الإدارة الأميركية تجاه الأزمة المتصاعدة في الشرق الأوسط.
وفي اليوم التالي، ترأس ترامب اجتماعا ثانيا في غرفة العمليات في البيت الأبيض، إلا أن الاجتماع انتهى أيضا دون قرار واضح، لتواصل واشنطن في إرسال إشارات متضاربة بشأن نيتها المشاركة في عملية " الأسد الصاعد".
ضبابية في البيت الأبيض
مع انطلاق أولى الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت مواقع حيوية في العاصمة الإيرانية طهران، صرّح ترامب أنه طلب من رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"تأجيل توجيه ضربة لإيران"، بهدف منح واشنطن مزيدا من الوقت لدفع المسار الدبلوماسي، على أمل التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع طهران.
في الأيام التالية، نفي الرئيس الأميركي أي تورط مباشر لإدارته في الغارات، أو تقديم دعم عسكري لإسرائيل. لكن في الوقت نفسه أشار، إلى أن "إيران أُعطيت مهلة 60 يوما وقد انتهى الموعد".
ومع تسارع العمليات العسكرية الإسرائيلية، أخذ خطاب ترامب منحى آخر اتسم بالتناقض، ففي إحدى التصريحات، وجّه ضغطا علنيا على القيادة الإيرانية وطالبها بـ"الاستسلام غير المشروط"، ومشيرا إلى أن المرشد الأعلى علي خامنئي"هدف سهل"، قبل أن يستدرك: "لن نقتله، على الأقل ليس الآن".
واعتبر مراقبون هذا التصريح تحولا من موقف الرفض المبدئي للضربات إلى القبول الضمني بها وربما تشجيعها.
لاحقا، طرح عليه الصحفيون سؤالا مباشرا حول احتمال قيام الولايات المتحدة بضرب إيران، فكان رده: "قد أقوم بذلك، وقد لا أفعل. لا أحد يعرف ما الذي سأفعله"، وهو ما تم تداوله في وسائل الإعلام بأنه إشارة إلى إبقاء جميع السيناريوهات مفتوحة.
ورغم تكرار محاولات الصحفيين استخلاص موقف واضح، حافظ ترامب على موقف حذر، قائلا: "أفضل اتخاذ القرار النهائي قبل موعده بثانية واحدة، خاصة في أوقات الحرب، حين تتأرجح الأمور بين طرفين متناقضين" مضيفا أن البعض لا يريد تدخلا أميركيا لكن من الممكن أن "نُجبَر على القتال لمنع إيران من امتلاك سلاح نووي".
وكان الرئيس الأميركي كتب منشورا على منصته "تروث سوشيال" رفع التوقعات بتدخل أميركي وشيك، حذر فيه الإيرانيين من البقاء في العاصمة طهران، داعيا إلى "إخلاء المدينة فورًا" دون تقديم توضيحات إضافية.
وبحسب ما أوردته شبكة "سي إن إن"، فإن إدارة ترامب كانت في تلك اللحظات تتابع عن كثب الاتصالات الواردة من إسرائيل بشأن خططها لتوسيع نطاق الهجمات. وتشير المصادر إلى أن تحذير ترامب قد استند إلى إشارات ميدانية محددة نقلها حلفاء واشنطن في تل أبيب، مما عزّز احتمالات التصعيد.
وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال يوم الأربعاء أن الرئيس ترامب أبلغ كبار مساعديه في وقت متأخر من يوم الثلاثاء أنه وافق على خطط هجوم على إيران، لكنه امتنع عن إصدار أمر نهائي لمعرفة ما إذا كانت طهران ستتخلى عن برنامجها النووي.
لماذا التردد؟
يسعى ترامب في ولايته الثانية لترسيخ صورته كزعيم يؤمن بالسلام، ويدرك أن الناخب الأميركي لا يرغب في حروب خاصة في مناطق لا تشكل تهديدا إستراتيجيا مباشرا للولايات المتحدة.
ويذهب محللون إلى أن التردد الظاهر في الموقف الأميركي يعكس صراعا داخل الدوائر المقربة لقائد الجيش. ففي حين يُحذر القادة العسكريون من الانجرار إلى صراع مفتوح مع إيران، ترى الدائرة السياسية المحيطة بترامب أن توجيه ضربات محدودة قد يكون كافيا لإعادة طهران إلى طاولة المفاوضات، وفق شروط أميركية أكثر صرامة.
وتتباين مواقف صناع القرار في مبنى الكابيتول بين من يدعو إلى التروي في التدخل عسكريا، ومن يمارس ضغطا علنيا خاصة من أوساط اليمين المحافظ والجماعات المؤيدة لإسرائيل لدفع الرئيس نحو تدخل أوسع.
وكان المستشار السابق لترامب ستيف بانون قد حذر من أن أي انخراط عسكري مباشر في الشرق الأوسط سيقوّض القاعدة الشعبية لترامب التي تأسست على "وعود بإنهاء التورط الخارجي وتقييد الهجرة غير الشرعية، وتقليص العجز التجاري".
وكتب نائب الرئيس جيه دي فانس على منصة "إكس" مدافعا عن موقف الرئيس قائلا إنه أظهر تركيزا واضحا على "حماية قواتنا ومواطنينا"، مضيفا أنه "رغم تباين الآراء حول التدخل الأميركي، يبقى القرار النهائي بيد ترامب. وهذا هو واقع الحال. ما يجري في ذهن ترامب لا يمكن لأحد توقعه".
لكن تقريرا نشرته صحيفة "نيويورك تايمز" مؤخرا، كشف أبعادا أخرى لموقف الإدارة الأميركية، فبحسب الصحيفة، كان ترامب مترددا في بداية الأمر، لرغبته في إدارة الملف الإيراني وفق أجندته الخاصة، وليس تبعا لأجندة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، رغم اطلاعه على تفاصيل الهجوم وخططه المستقبلية، بما في ذلك وجود قوات إسرائيلية سرية داخل الأراضي الإيرانية.
وبحسب التقرير، لم يُقدّم ترامب أي التزامات مباشرة، لكنه قال لمساعديه في وقت لاحق: "أعتقد أننا قد نضطر إلى مساعدته" في إشارة إلى إمكانية دعم العملية إذا تصاعدت المواجهة.
مسارات ترامب
يجمع غالبية المراقبين للسياسات الأميركية أن مواقف ترامب في التعامل مع التصعيد الإيراني الإسرائيلي تسير ضمن 4 مسارات رئيسية، بعضها اتُّخذ بالفعل، بينما تبقى الأخرى مطروحة على طاولة القرار، وهي:
الدعم غير المباشر: وهو المسار القائم والأقل كلفة سياسيا، إذ تُقدم واشنطن لإسرائيل دعما استخباريا وتسهيلات لوجستية، دون أن تنخرط بشكل مباشر في العمليات العسكرية الجارية.
توجيه ضربة محدودة: يتضمن هذا الخيار تنفيذ عملية أميركية عسكرية تستهدف منشآت نووية أو بطاريات دفاع جوي إيرانية. يهدف إلى إرسال رسالة رادعة، دون الانزلاق إلى مواجهة.
حملة جوية مشتركة: في هذا السيناريو، تنخرط الولايات المتحدة بشكل كامل إلى جانب إسرائيل في حملة جوية موسعة، قد تمتد أسابيع.
المسار الدبلوماسي: وهو خيار لا يزال حاضرا في الداخل الأميركي، ويتضمن ممارسة ضغوط متزامنة على تل أبيب لتقليص نطاق هجماتها، وعلى طهران لاستئناف المفاوضات النووية.
ويرى محللون أن ضبابية الموقف الأميركي لا ترتبط فقط بقرار التدخل، بل تتعداه إلى طبيعة الأهداف المحتملة في حال حصوله. إذ تتراوح الخيارات المطروحة بين استهداف منشآت نووية، وتقليص قدرات إيران الاستخباراتية، أو توجيه ضربة رمزية لهيكل القيادة السياسية الإيرانية، قد تطال المرشد الأعلى الإيراني.
وأفادت تقارير إعلامية أميركية بأن الإدارة تدرس فعليا خيار الانضمام إلى العمليات الجوية، بما يشمل توجيه ضربة محتملة إلى منشأة فوردو النووية، إحدى أكثر المواقع الإيرانية تحصينا، مما يجعل استهدافها يتطلب قدرات جوية لا تملكها سوى الولايات المتحدة.
وفي وقت سابق، أفادت أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن منشأة التخصيب الإيرانية المدفونة على عمق كبير في فوردو، والتي تقع في عمق الجبل "لم تتضرر إلا قليلا أو لم تتضرر على الإطلاق".
وذكرت رويترز أنه في حين أن فوردو لا تحتوي إلا على نحو ألفي جهاز طرد مركزي قيد التشغيل، فإنه ينتج الغالبية العظمى من اليورانيوم الإيراني المخصب بنسبة تصل إلى 60%، باستخدام عدد أجهزة الطرد المركزي نفسه تقريبا مثل نطنز، لأنه يغذي اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 20% في تلك الشلالات، مقارنة بنحو 5% في نطنز بحسب وكالة الأنباء.
إيران تلوّح بالرد
في العاصمة الإيرانية طهران، أحدثت التصريحات الملتبسة للرئيس ترامب حالة من الارتباك والقلق بين المواطنين، ودفعت السلطات إلى رفع درجة الاستنفار داخل منظومات الدفاع الجوي، وتعزيز الاستعدادات في مواقع إستراتيجية تحسّبا لأي تطور.
وهدد مسؤولون إيرانيون بالتلويح برد غير مباشر، مؤكدين استعداد بلادهم لاستهداف قواعد أميركية في المنطقة إذا ما قررت واشنطن الانخراط عسكريا في الهجمات التي تنفذها ضدهم.
ورغم أن اللهجة الإيرانية تعكس استعدادا لمواجهة محتملة، فإن طهران تبدو حذرة، فهناك من يرى أن واشنطن تتبع تكتيكا يقوم على دفع إسرائيل إلى تصعيد محسوب، في محاولة لاستفزاز إيران ودفعها إلى رد عنيف، يُوظف لاحقًا كمبرر لتدخل أميركي محدود لكنه حاسم.
وألقى المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي خطابا متلفزا شنّ فيه هجوما على ترامب، وحذر من عواقب أي مغامرة عسكرية.
وقال خامنئي "على الأميركيين أن يدركوا أن أي تدخل عسكري سيُلحق ضررا لا يمكن إصلاحه"، مضيفا أن "الأمة الإيرانية لن تخضع للابتزاز، ولن تستسلم".
وفي سياق متصل، نقلت وكالة "رويترز" عن السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة تأكيده أن طهران أبلغت واشنطن رسميا بأنها سترد "بكل حزم" إذا ثبت وجود تدخل مباشر في الحملة العسكرية الإسرائيلية.
كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، لقناة الجزيرة الإنجليزية قائلا: "أي تدخل أميركي سيكون سببا لحرب شاملة في المنطقة، تخلف عواقب كارثية على المجتمع الدولي بأسره".
وعلى الجانب الآخر، لا يتوقف نتنياهو عن توجيه رسائل متكررة إلى البيت الأبيض أن الولايات المتحدة وحدها من تملك القدرة الحاسمة على إنهاء البرنامج النووي الإيراني"بلا رجعة".
ويقرأ مراقبون هذه التصريحات على أنها محاولة لإقناع إدارة ترامب بتجاوز التردد والانضمام إلى حربه على إيران.
ورغم الطبيعة الهجومية التي ميزت النهج الإسرائيلي في الملف الإيراني، فإن تل أبيب تتابع الموقف الأميركي بكثير من الحذر. فوفقا لتحليلات سياسية، تدرك القيادة الإسرائيلية أن المضي في تصعيد واسع من دون تنسيق واضح مع واشنطن قد يعرّض دعمها الدولي للخطر، ويقوّض شرعية حملتها العسكرية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إيران وروسيا والصين.. تحالف لإنهاك أميركا أم شراكة تكتيكية؟
تتسم العلاقات بين روسيا والصين وإيران بكونها إحدى أبرز الظواهر الجيوسياسية في عالم اليوم، هذه العلاقة، التي تُوصف غالبا بأنها "تحالف تكتيكي"، تتطور بشكل متسارع، مدفوعة بالرغبة المشتركة في كبح الهيمنة الغربية وتعزيز نظام دولي متعدد الأقطاب. ومع تصاعد التوترات الدولية، خاصة بعد الحرب الأوكرانية والعقوبات الغربية المتزايدة على طهران وموسكو، وصولا إلى المواجهات العسكرية المحتدمة بين إسرائيل وإيران، أصبحت هذه الشراكة أكثر أهمية. تسعى كل من موسكو وبكين لاستغلال الموقع الجيوسياسي لإيران لتعقيد الإستراتيجيات الأميركية في الشرق الأوسط، وتحويل الصراع إلى جبهة استنزاف جديدة تُعيق القدرة الغربية على التركيز على ساحات أخرى، وفق تقرير نشره معهد كارينغي. وتظل هذه العلاقة محكومة بالمصالح الآنية والبراغماتية، وتكشف عن تناقضات عميقة في المبادئ المعلنة، كما يشير محلل السياسة الخارجية الأميركية دانيال ديفيس، مما يثير تساؤلات حول مدى قدرتها على الصمود أمام اختبارات التصعيد الإقليمي الفعلي. الأسس الأيديولوجية والسياسية للتحالف الهش على الرغم من التلاقي الظاهري في الخطاب المناهض للغرب، فإن هذه العلاقة تفتقر إلى عمق قيمي أو حضاري مشترك، مما يجعل تماسكها الأيديولوجي موضع تساؤل، كما تقول دراسة نشرتها مؤسسة هربرت سميث فريهيلز كرامر القانونية. تجد الأطراف الثلاثة أرضية مشتركة في رفض الهيمنة الغربية، لا سيما الأميركية، وفي الدعوة إلى تعددية الأقطاب، وقد تعزز هذا التوجه بشكل كبير منذ اندلاع الحرب الأوكرانية عام 2022 وتصاعد التوترات في بحر جنوب الصين. تمثل إيران بالنسبة لروسيا والصين شريكا أساسيا في مساعيهما لإعادة تشكيل النظام الدولي، وهو ما تجلى في انضمام إيران الكامل لمنظمة شنغهاي للتعاون في قمة أوزبكستان عام 2022. ويوفر هذا الانضمام لطهران مظلة حيوية لمقاومة الضغوط الغربية المتزايدة، خاصة في ظل العقوبات الممتدة منذ انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي عام 2018، كما نشرت وزارة الخارجية الأميركية. هذا التلاقي الأيديولوجي هو أقرب إلى كونه تكتيكيًا وذا طبيعة براغماتية أكثر منه قناعة قيمية عميقة. مبدأ السيادة.. انتقائية التطبيق وحدود التضامن تستخدم روسيا والصين خطاب "احترام السيادة وعدم التدخل" كحاجز أمام العقوبات الأحادية الجانب المفروضة على طهران، خاصة في المحافل الأممية. ومع ذلك، يكشف هذا الالتزام عن انتقائية واضحة؛ فقد انتهكت روسيا مبدأ السيادة في أوكرانيا عام 2022 من وجهة نظر الدول الغربية، في حين تواجه بكين اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان في إقليم شنغيانغ، وفق هيومن رايتس ووتش. هذا التناقض الجوهري يؤكد أن مبدأ السيادة ليس التزامًا قيميا مطلقًا لهذه الدول، بل هو أداة سياسية براغماتية تُوظَف لخدمة المصالح الذاتية لكل طرف. غياب الروابط الأيديولوجية والحضارية العميقة على الرغم من التلاقي في المواقف السياسية المعارضة للغرب، فإنه لا توجد روابط حضارية أو أيديولوجية متينة تجمع بين روسيا والصين وإيران. تُبدي الصين حذرًا واضحا من نزعة "تصدير الثورة الإسلامية" الإيرانية خشية تأثيراتها المحتملة على مسلمي الإيغور في إقليم شنغيانغ. أما روسيا، فترى في إيران شريكا مصلحيا بحتا، لا سيما في ملف سوريا، حيث رافق دعم الدولتين نظام بشار الأسد تنافس خفي على النفوذ الاقتصادي والعسكري منذ التدخل الروسي المباشر عام 2015. هذا الغياب للروابط الأيديولوجية العميقة يجعل التضامن بين هذه الأطراف محدودا وضعيفا، ويعكس طبيعة التحالف القائمة على المصالح الآنية والمتقلبة بدلًا من القيم المشتركة الراسخة. المحددات الجيوسياسية والإستراتيجية تُستخدم إيران من قبل روسيا والصين كأداة ضغط إستراتيجية لتعقيد السياسات الغربية، إلا أن الدعم الأمني يظل محدودًا وحسابيا لتجنب التصعيد المباشر، خاصة مع إسرائيل والولايات المتحدة. تُوظَّف إيران كأداة ضغط متقدمة في المواجهة الجيوسياسية مع الغرب، فالنسبة لروسيا توفر طهران مسرحا مهما لزيادة تعقيد الإستراتيجية الأميركية في الشرق الأوسط، وتحويل الأنظار والموارد بعيدا عن الجبهة الأوكرانية الحاسمة. أما بالنسبة للصين، فتمثل إيران حاجزًا جيوسياسيا أمام التمدد الأميركي المحتمل في آسيا الوسطى والخليج، بالإضافة إلى كونها حليفًا مهما في حماية خطوط الطاقة الحيوية العابرة لآسيا. هذه الاستفادة المتبادلة من الموقع الجيوسياسي لإيران تعزز أهميتها التكتيكية، لكنها في الوقت نفسه تجعل من طهران ورقة مساومة قد تُستخدم أو يُتخلى عنها. على الرغم من الدعم السياسي العلني والتدريبات العسكرية المشتركة، يظل الالتزام الأمني الروسي والصيني تجاه إيران محدودًا ومحسوبا. فقد زودت روسيا إيران بمنظومات إس-300 الدفاعية، لكنها امتنعت عن تزويدها بأنظمة أكثر تطورا لتجنب أي صدام مباشر مع إسرائيل. وتقدم الصين تقنيات مراقبة متطورة لطهران، لكنها تحرص على الحفاظ على توازن دقيق لتجنب استفزاز شركائها الخليجيين الرئيسيين كمصادر أساسية للطاقة. تخفي هذه الشراكة الظاهرة بين روسيا والصين وإيران تنافسًا مكتوما على النفوذ، فروسيا كانت تشعر بقلق متزايد من التوسع الإيراني في سوريا، لا سيما في القطاعات الاقتصادية والعسكرية، مما يهدد هيمنتها في المشهد السوري. من جانبها، تراقب الصين بحذر تحركات موسكو العسكرية واللوجستية مع إيران في آسيا الوسطى خشية أن تؤثر هذه التحركات سلبًا على مبادرتها الإستراتيجية مبادرة "الحزام والطريق". يبرز هذا التنافس الخفي الطبيعة البراغماتية للتحالف، مما يحد من عمق التعاون الإستراتيجي الشامل ويعيق تحوله إلى شراكة حقيقية. المحددات الاقتصادية التجارية يرتكز التعاون الاقتصادي على الطاقة وآليات تجاوز العقوبات عبر العملات البديلة، لكن الخلل التجاري الكبير يعزز تبعية إيران الاقتصادية. تعتمد الصين بشكل كبير على النفط الإيراني، الذي تستورده بخصم يبلغ 30% منذ تشديد العقوبات الأميركية عام 2019، مما يجعل طهران ثاني أكبر مزود نفطي لبكين بعد السعودية بحلول عام 2024. في المقابل، ترى روسيا في إيران منافسًا محتملًا في سوق الطاقة العالمية، خصوصًا بعد تزايد صادرات موسكو النفطية إلى آسيا لتعويض خسائرها في السوق الأوروبية بعد العقوبات الغربية بين عامي 2022 و2023، ويعكس هذا التنافس على أسواق الطاقة ديناميكية معقدة داخل التحالف. يتعاون الثلاثي بنشاط في إنشاء قنوات مالية ولوجستية بديلة لتجاوز العقوبات الغربية، وأحد أبرز مظاهر هذا التعاون هو الارتفاع الملحوظ في استخدام اليوان والروبل في التعاملات التجارية بين موسكو وطهران وبكين. بالإضافة إلى ذلك، يتم تطوير شبكات لوجستية عبر بحر قزوين وشبكات لتهريب التكنولوجيا عبر آسيا الوسطى. تهدف هذه الآليات إلى تقليل الاعتماد على النظام المالي الغربي وتوفير شريان حياة اقتصادي لإيران، مما يعزز مرونة هذه الدول في مواجهة الضغوط الخارجية، ويؤكد على أهمية الشراكة الاقتصادية في ظل العقوبات كعامل أساسي في استمرارية هذا التحالف. تُظهر الأرقام المتعلقة بالحجم التجاري بين الأطراف الثلاثة خللاً واضحا يكرس تبعية إيران المتزايدة للصين. ويؤكد التفاوت الكبير في الميزان التجاري أن الصين هي الشريك الاقتصادي الأكبر لإيران، مما يمنح بكين نفوذًا أكبر في العلاقة، ويجعل طهران أكثر عرضة للتأثر بالسياسات الاقتصادية الصينية، ويحد من تنوع خياراتها الإستراتيجية. العلاقة بالولايات المتحدة تشكل المواجهة مع واشنطن حافزا رئيسيا لعلاقة الدول الثلاث، مع التزام روسيا والصين بسياسة "الإنهاك غير المباشر" للنفوذ الأميركي دون المخاطرة بمصالحهما الحيوية مع الغرب. تشكل المواجهة مع الولايات المتحدة الأميركية الحافز الأبرز لتنسيق مواقف موسكو وبكين مع طهران، خصوصًا مع تصاعد الضغوط الغربية منذ عام 2022. ومع ذلك، تظل الاعتبارات الاقتصادية للصين أكبر من ميلها للصدام المباشر مع واشنطن. واستفادت بكين من العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بزيادة وارداتها من الطاقة بأسعار منخفضة، لكنها تتجنب إثارة مواجهة اقتصادية مفتوحة مع الولايات المتحدة، في حين تسعى موسكو عبر تحالفها مع طهران إلى تحويل الشرق الأوسط إلى جبهة استنزاف للنفوذ الأميركي. تدرك إيران أنها في موقع أضعف، وتبحث عن شركاء يحصنونها من تداعيات المواجهة الحالية مع إسرائيل، مما يعكس طبيعة العلاقة النفعية والبراغماتية. تُوظف كل من روسيا والصين وإيران إستراتيجية متناغمة تستهدف إنهاك النفوذ الأميركي بشكل غير مباشر في مناطق حيوية، دون الدخول في مواجهة عسكرية شاملة. فموسكو تستخدم علاقتها بطهران لزيادة تعقيد التحديات التي تواجه واشنطن في الشرق الأوسط، مما يحوّل الأنظار والموارد بعيدًا عن جبهات أخرى كأوكرانيا. بدورها، تستفيد بكين من أي ضعف أميركي في المنطقة لتعزيز مبادرتها الاقتصادية الكبرى وتأمين مواردها من الطاقة دون الاحتكاك المباشر. يسعى هذا التكتيك المشترك لتقويض النظام الأحادي القطب تدريجيًا، مع تجنب التصعيد الذي قد يهدد مصالحهم الاقتصادية أو الأمنية المباشرة. مبادرة الحزام والطريق تمثل إيران عقدة إستراتيجية لمبادرة الحزام والطريق، حيث توفر ممرات برية بديلة عن الممرات البحرية الخطرة، وتعزز أمن إمدادات الطاقة الصينية عبر آسيا الوسطى. تسعى بكين بنشاط لتحويل إيران إلى بوابة برية بديلة عن الممرات البحرية المحفوفة بالمخاطر الجيوسياسية والأمنية، مثل مضيقي هرمز و باب المندب. ويعكس هذا الاهتمام الصيني بالبنية التحتية الإيرانية رؤية بكين الإستراتيجية لتعزيز أمن ومرونة طرقها التجارية والنفطية، مما يمنح إيران أهمية جيواقتصادية خاصة في سياق المبادرة الصينية العالمية، ويجعل استقرارها حيويًا بالنسبة لبكين. أبعاد أمن الطاقة وتعزيز المسارات البديلة يتجاوز دور إيران في مبادرة الحزام والطريق مجرد كونها ممرا بريًّا إلى أوروبا؛ فهي تشكل عنصرًا حيويا في إستراتيجية الصين لتنويع وأمن إمدادات الطاقة. ويجعل الاعتماد المفرط على الممرات البحرية التقليدية -لا سيما مضيقي هرمز وباب المندب- بكين عرضة للاضطرابات الإقليمية أو الحصار المحتمل في أوقات الأزمات. لذلك، توفر المسارات البرية عبر إيران بديلاً إستراتيجيا يقلل من هذه المخاطر، ويعزز من مرونة سلسلة إمدادات الطاقة الصينية، مما يدفع بكين لتقديم دعم اقتصادي وتقني أكبر لطهران يضمن استمرارية هذه المسارات الحيوية. الموازنات الإقليمية تواجه موسكو وبكين تحديًا في الموازنة بين دعم إيران والحفاظ على شراكات حيوية مع قوى إقليمية عبر سياسة "عدم الاختيار" الحاسمة. تواجه روسيا والصين تحديًّا دقيقا في إدارة توازن علاقاتهما مع إيران دون الإضرار بعلاقاتهما الحيوية مع قوى إقليمية رئيسية مثل تركيا والسعودية. هذه الاعتبارات المعقدة تجعل الدعم الصيني الروسي لإيران تكتيكيا ومحدودًا، وتعكس حرص الدولتين على الحفاظ على مصالحهما الأوسع في المنطقة، وتجنب أي توترات تهدد شبكة علاقاتهما. تُظهر كل من روسيا والصين ميلًا نحو سياسة "عدم الاختيار" الصارم بين أطراف إقليمية متنافسة في الشرق الأوسط، بما في ذلك إيران وتركيا والسعودية. وتهدف هذه السياسة إلى الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع اللاعبين لتعظيم المصالح المشتركة وتقليل المخاطر. يمنع هذا التوازن الدقيق التحول إلى تحالفات صلبة، ويجعل العلاقة مع إيران مرتبطة بسياق إقليمي أوسع ومعقد. المواجهة مع إسرائيل وتداعياتها كشفت المواجهة العسكرية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران عن حدود هذا التحالف، معززةً شعور طهران بالعزلة، ومثيرة تساؤلات حول طبيعة الدعم المستقبلي. تدرك موسكو وبكين أن احتمال انهيار النظام الإيراني أو استبداله بنظام موالٍ للغرب سيكون كارثيا على مصالحهما، وسيخلق فراغًا أمنيا هائلًا واضطرابات واسعة قد تهدد تدفقات الطاقة الحيوية. ومع تصاعد المواجهة مع إسرائيل، تتزايد مخاوف موسكو وبكين من انزلاق الوضع في إيران إلى حالة فوضى قد تعيد تموضع النفوذ الغربي في المنطقة. وتفضل العاصمتان -حتى الآن- عدم المجازفة بالتدخل المباشر الذي قد يجرهما إلى صراع أوسع. ويعكس هذا الحذر أولوية الحفاظ على الاستقرار الإقليمي الذي يخدم مصالحهما حتى لو كان ذلك على حساب دعم أعمق لطهران. تشكل المواجهة المتصاعدة بين إسرائيل وإيران اختبارا عمليا لنوعية العلاقة بين طهران وكل من موسكو وبكين. حتى الآن، اكتفت روسيا والصين بمواقف سياسية حذرة دون تقديم دعم عسكري مباشر، رغم دخول المعركة مرحلة تصعيد غير مسبوقة بعد استهداف منشآت نووية وعسكرية إيرانية ورد إيران بضرب منشآت إسرائيلية إستراتيجية. يؤكد هذا الحذر أن حدود التحالف تتمثل في حماية المصالح الذاتية مع الغرب. فبكين تخشى عرقلة خطوط التجارة والطاقة القادمة من الخليج، في حين تسعى موسكو لتجنب استفزاز إسرائيل والولايات المتحدة في توقيت حساس على الجبهة الأوكرانية، مما يقلص من فعالية الدعم العملي. كلما تصاعدت المواجهة مع إسرائيل دون دعم فعال وملموس من روسيا والصين، ازداد إدراك إيران الطبيعة الهشة والتكتيكية لعلاقتها بموسكو وبكين، كما يعمق شعورها بالعزلة، ويقلل من ثقتها في هذا المحور. قد يدفع هذا الإدراك طهران إلى مزيد من السعي وراء تحالفات إقليمية جديدة، أو حتى إلى العودة لقنوات تفاوضية مع الغرب لتخفيف الضغط المتزايد. أدت الضربات الإسرائيلية إلى تهديد مباشر لبعض المشاريع الصينية الحيوية في إيران، مثل خط السكك الحديدية من طهران إلى بندر عباس. إعلان نتيجة لذلك، أصبحت بكين أكثر حرصًا على ضبط علاقتها بطهران ضمن الحدود الاقتصادية الصرفة، دون الانزلاق نحو التورط في صراع عسكري مفتوح يهدد استقرار مبادرة "الحزام والطريق" بأكملها. يعكس هذا التنامي في الحذر الصيني قلق بكين من أن يؤثر التصعيد الإقليمي على استثماراتها الضخمة ومشاريعها الكبرى. سيناريوهات المستقبل المحتملة توجد 3 مسارات رئيسية لمستقبل العلاقات الروسية الصينية الإيرانية تتأثر بعوامل إقليمية ودولية متعددة. يرجح هذا السيناريو استمرار الوضع الراهن للعلاقات الروسية الصينية الإيرانية. سيبقى الدعم السياسي العلني لإيران قائمًا، لكن دون أي تورط عسكري مباشر. تستفيد موسكو وبكين من بقاء إيران كـ"شوكة في خاصرة الغرب"، دون المخاطرة بتصعيد شامل قد يضر بمصالحهما الأوسع، ويعكس هذا السيناريو الطبيعة البراغماتية للعلاقة. إذا ما تحولت المواجهة الحالية مع إسرائيل إلى حرب إقليمية شاملة تهدد بانهيار النظام الإيراني بشكل حقيقي، قد تضطر روسيا والصين إلى رفع مستوى الدعم المقدم لطهران. قد يشمل هذا الدعم مساعدات اقتصادية عاجلة أو شحنات أسلحة نوعية، وذلك بهدف تفادي سقوط إيران بالكامل في فلك الغرب. ومع ذلك، سيظل هذا الدعم في إطار "دعم غير مباشر" لتجنب مواجهة مفتوحة ومباشرة مع واشنطن، ولن يتحول إلى التزام إستراتيجي كامل يهدد مصالح موسكو وبكين الأوسع مع القوى الغربية. يعد هذا السيناريو الأخطر بالنسبة لطهران، والأكثر احتمالا على المدى المتوسط، ويفضي إلى انهيار التحالف الثلاثي. في حال نجاح مفاوضات نووية جديدة بين إيران والغرب تؤدي إلى انفراجة في العلاقات الدولية، وفي حال حدوث تغيير جذري في النظام السياسي الإيراني ستتخلى بكين وموسكو عن الشراكة سريعًا. ستعيد روسيا ترتيب أولوياتها في الساحة الأوكرانية، وستركز الصين على استقرار علاقاتها مع الأسواق الغربية والخليجية. تحالف المصالح لا المبادئ ختاما، يكشف التحليل أن العلاقات الروسية الصينية الإيرانية تمثل تحالفًا تكتيكيا هشا قائمًا على مصالح آنية أكثر من كونه شراكة إستراتيجية متجذرة. فبينما تعتمد موسكو وبكين على إيران كورقة ضغط ضد الغرب وتأمين مصالح نفطية، تظل التزاماتهما الأمنية محدودة وحذرة، وتتأكد هذه الرؤية في ظل المواجهة الإسرائيلية الإيرانية المتصاعدة. __________________________________ أهم المراجع: – منظمة هيومن رايتس ووتش – موقع منظمة العفو الدولية – موقع الأمم المتحدة – موقع البنك الدولي – موقع صندوق النقد الدولي – موقع وزارة الخارجية الأميركية – سجلات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة – مجموعة الازمات الدولية – موقع الرئاسة الروسية/ الكرملين – مجلس العلاقات الخارجية – مؤسسة هربرت سميث فريهيلز كرامر – مجلة جينز الدفاعية الأسبوعية – موقع منظمة شنغهاي للتعاون


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
الجبهة الداخلية الإسرائيلية: إطلاق إنذارات لسكان مناطق الشمال لا سيما الكرمل وخليج حيفا
الجبهة الداخلية الإسرائيلية: إطلاق إنذارات لسكان مناطق الشمال لا سيما الكرمل وخليج حيفا الجبهة الداخلية الإسرائيلية: صفارات الإنذار تدوي في الجولان والجليل الأعلى والأوسط والكرمل وخليج حيفا يسرائيل هيوم عن مصدر عسكري: تقديرات بإطلاق إيران من 10 لـ15 صاروخا التفاصيل بعد قليل..


الجزيرة
منذ ساعة واحدة
- الجزيرة
إيكونوميست: نجاح القنبلة الأميركية الخارقة في إيران غير مؤكد
شكك تقرير نشرته مجلة إيكونوميست البريطانية في نجاح القنبلة الأميركية الخارقة للتحصينات (جي بي يو-57) بتدمير منشأة فوردو النووية الإيرانية التي تقع تحت سطح الأرض. ويأتي التقرير في سياق حرب إسرائيل وإيران، إذ نجحت إسرائيل في تدمير بعض الأبنية السطحية في عدة منشآت إيرانية نووية ، غير أن تدمير منشآت إيران الأساسية يتطلب قنابل خارقة للتحصينات لا تملكها إلا الولايات المتحدة. وأشار التقرير إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ألمح إلى احتمال تدخل بلاده، مما أثار أسئلة حول فاعلية القنبلة. الخرسانة فائقة الأداء وتزن "جي بي يو-57" حوالي 13 طنا، حسب الصحيفة، وهو وزن يفوق كثيرا القنابل التقليدية التي لا تتجاوز عادة الطن الواحد، وتعتمد على قوة الاصطدام الهائلة الناتجة عن وزنها لاختراق الصخور والخرسانة. ويُشكّل غلاف القنبلة الفولاذي -المصنوع من سبيكة خاصة فائقة الصلابة- حوالي 80% من وزنها، وفق التقرير. وأضاف التقرير أن القنبلة تستطيع اختراق 60 مترا من الخرسانة المسلحة، لكن فاعليتها تنخفض إلى 8 أمتار فقط أمام الخرسانة فائقة الأداء (UHPC). وهنا تكمن المشكلة، وفق التقرير، إذ طورت إيران نوعا متقدما من الخرسانة فائقة الأداء تفوق قوة الخرسانة التقليدية بكثير، مما قد يُعيق قدرة القنبلة على اختراق تحصينات المنشآت النووية. وأكد التقرير أن البنتاغون كان على علم بنقطة ضعف القنبلة منذ 2014، لكنه من غير المؤكد ما إذا استطاعت الولايات المتحدة تطوير القنبلة بما يكفي لمجاراة تطوّر أداء الخرسانة فائقة الأداء. معضلة الدقة وقال التقرير إن المشكلة الرئيسية الثانية في أداء "جي بي يو-57" هو اعتمادها على نظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس"، فبينما يضمن النظام دقة الهدف، فإنه معرض للتشويش الإلكتروني. وأوضح التقرير أن هذه المشكلة برزت في الحرب الأوكرانية، حيث تأثرت دقة بعض القنابل الأميركية بفعل التشويش الروسي، مما أدى إلى انحرافها عن أهدافها بمئات الأمتار، وانخفاض دقتها من 20 مترا إلى 1200 متر قبل أن يتم إصلاحها. وتعتمد إسرائيل على أنظمة توجيه بديلة مثل نظام "سبايس"، الذي يستخدم الكاميرات والذكاء الاصطناعي لتوجيه القنابل بدقة أكبر، وقد استخدمت هذا النظام في هجماتها الأخيرة، وتدرس الولايات المتحدة إمكانية تزويد قنابلها بنظام توجيه مماثل، لكن قد يستغرق ذلك بعض الوقت، وفق التقرير.