
لماذا تعجز إسرائيل عن الانتصار حتى الآن؟
التفوق الساحق
منذ اللحظة الأولى، قررت دولة الاحتلال طي صفحة عملية طوفان الأقصى بكل تأثيراتها السلبية عليها والإيجابية لأعدائها، ضمن سياسة "كيّ الوعي" وفرض نسيان ما حصل يومها من انتكاسة كبيرة لها على كافة المستويات.
كما ترسخت القناعة بالخطر الوجودي على دولة الاحتلال، ما فرض عليها تغيير تعاملها مع التهديدات التي تواجهها في المنطقة، إضافة إلى الرغبة في استعادة ثقة الجبهة الداخلية بالدولة والمؤسسة العسكرية والحكومة، فضلًا عن كون ما حصل فرصة غير مسبوقة لفرض وقائع ومسارات جديدة على المنطقة في إطار "تغيير خرائط الشرق الأوسط"، والتي كانت خطة معدة مسبقًا وُضعت في إطار التنفيذ.
تفاعل كل ما سبق ليولّد "إسرائيل" جديدة، في ذروة العدوان والوحشية والدموية، بنظرية أمنية مختلفة، لا تنتظر حصول التهديد لتتعامل معه احتواءً أو إدارةً أو إفناءً، وإنما تسعى لمنع نشوئه، ومواجهة هذا الاحتمال/ الإمكانية بالقوة الغاشمة وبأقصى دموية ممكنة، بشكل متعمد، كبديل عن معادلة الردع التي تداعت يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
تبلور ذلك إبادةً جماعيةً في غزة، ذهب ضحيتها عشرات آلاف الشهداء، وأكثر منهم من الجرحى والمصابين، ونزوح معظم سكان القطاع، وتدمير شبه كامل لمؤسساته وبنيته التحتية، وخسائر كبيرة للمقاومة الفلسطينية في العتاد والرجال، وفي القطاعات العسكرية والسياسية والحكومية.
وسعيًا للضغط بالقوة القصوى على المقاومة في المفاوضات، فرض الاحتلال حصارًا مطبقًا، وتجويعًا غير مسبوق، وتهجيرًا مستمرًّا لسكان القطاع؛ تمهيدًا لمشروع تهجير شامل إن استطاع. كل ذلك بغطاء أميركي كامل ساهم في قدرة "إسرائيل" على التعامل مع الضغوط الدولية.
وفي لبنان، شنّت دولة الاحتلال حربًا ساحقة على حزب الله؛ بغية تدميره واجتثاثه، من خلال عمليات "البيجر" والاتصالات، ثم سلسلة الاغتيالات التي طالت قيادات عسكرية وأمنية وسياسية وازنة، على رأسها أمينه العام السابق حسن نصر الله، بكل ما يمثله من ثقل ورمزية وقدرات قيادية.
وترافق ذلك مع مئات الغارات التي استهدفت أسلحته وصواريخه الإستراتيجية، وتبعها توقيع الاتفاق المجحف لوقف إطلاق النار، وإطلاق يد "إسرائيل" في لبنان قصفًا وتوغّلًا واغتيالًا، مع ضغط الجبهة الداخلية اللبنانية لتسليم سلاح الحزب. كما لا يمكن تجاهل آثار تغيير النظام في سوريا على خطوط إمداد الحزب وقدرته على التعافي.
وفي إيران، وجّهت "إسرائيل" لها خلال "حرب الـ12 يومًا" ضربات موجعة، بالاغتيالات، واستباحة الأجواء، وتدمير منظومات الدفاع الجوي، وصولًا لاستهداف المنشآت النووية بالقصف الأميركي المنسق معها.
كما استهدفت قوات الاحتلال اليمن مرات عديدة، مُوقعة خسائر فادحة في ميناء الحُديدة ذي الأهمية الإستراتيجية، فضلًا عن غارات جوية مستمرة، ومحاولات الاغتيال.
وفي سوريا، ورغم غياب أي تهديد حقيقي لها، أعلنت "إسرائيل" إلغاء اتفاق فض الاشتباك لعام 1974 من جانب واحد، واحتلت مساحات جديدة، وسيطرت على مصادر المياه، وقصفت قرب القصر الرئاسي، وهددت باغتيال الرئيس أحمد الشرع، وأعلنت جهارًا دعم الأقليات، وهددت بتقسيم البلاد، وفرضت واقعًا جديدًا في السويداء تفاوض دمشق بخصوصه، فضلًا عن تدمير معظم الأسلحة وقدرات الدولة السورية.
لا انتصارَ ساحقًا
يعطي كل ما سبق انطباعًا بأن "إسرائيل" هزمت كل أعدائها، بل وخصومها المحتملين مستقبلًا، وحقّقت الانتصار الكامل الذي طالما وعد به نتنياهو، وأنها أعادت فعلًا رسم خرائط المنطقة بالقوة والنار، على ما تبجّح به الأخير.
والحقيقة أن هذا ليس مجرد انطباع خاطئ وحسب، بل هو إيحاء تعمل على ترسيخه البروباغندا "الإسرائيلية"، لتخدم أهدافًا داخلية وخارجية على حد سواء.
في غزة، بؤرة الحرب الرئيسة والجبهة التي أذلّت الاحتلال يوم السابع من أكتوبر/ تشرين الأول، وهزّت دعائم نظريته الأمنية وتفوّقه الاستخباري والعسكري، في تلك الجبهة المحاصَرة تمامًا والمفتقدة للدعم الخارجي بالكامل، تكيّفت المقاومة بقيادة كتائب القسام بنيويًا ومؤسسيًا وميدانيًا بحيث ما زالت تُنازل الاحتلال رغم ضخامة الخسائر التي تعرضت لها.
أثبتت الكتائب قدرتها على استنزاف العدو وإيقاع خسائر كبيرة فيه، بل وطوّرت عملها لمحاولة أسر جنود إضافيين في المعركة. وما زالت المقاومة ممسكة بورقة الأسرى، والتي هي ورقتها الأقوى في مسار التفاوض، الذي يؤكد بدوره أنها ما زالت عصية على الهزيمة والانْسحاق، بما يفرض على الطرف الآخر التفاوض معها حتى اللحظة.
وفي لبنان، ورغم الخسائر صعبة التعويض، لم ينكسر حزب الله ولم يستسلم، ورغم مرونته الكبيرة- والمستغرَبة- في موضوع السلاح جنوب نهر الليطاني، حيث تتحدث التقارير عن مصادرة معظم سلاحه هناك، فإنه بعيد جدًّا عن فكرة تسليم السلاح، وما زال الرئيس جوزيف عون مصرًّا على سيناريو الحوار الداخلي بهذا الخصوص وليس المواجهة.
كما ارتفعت وتيرة تصريحات الحزب مؤخرًا، بما في ذلك تصريح أمينه العام نعيم قاسم، بأنه يتعافى ورمّم الكثير من خسائره، وبات "مستعدًّا للمواجهة" إن اضطر لها.
كما أن إيران استوعبت الصدمة الأولى وخاضت حرب استنزاف لاحقة، مستهدفة- كما كشفت تقارير لاحقة- الجبهة الداخلية "الإسرائيلية"، وبعض المواقع الحساسة بدقة فاقت التوقعات.
كما فرضت صواريخها معادلات ردع جديدة دفعت نتنياهو للدعوة إلى وقف إطلاق النار بعد الضربة الأميركية للمنشآت النووية، وهذا- من البديهي- ليس موقف مَن حقق انتصارًا كاسحًا.
كما أنه ليس من المعروف حتى اللحظة مدى الضرر الذي تعرض له المشروع النووي، بل تشير معظم التقديرات إلى عدم تدميره بالكامل، ما يعني إمكانية استعادته النشاط، وبشكل أسرع ربما، إن توفرت إرادة سياسية لذلك.
ولعل اليمن أقل الجبهات التي تعرضت لضربات "إسرائيلية" كبيرة، وهي- للمفارقة- الجبهة التي ما زالت على نشاطها وفاعليتها، مع سقف خطاب أعلى بكثير اليوم، وبوعيد بتصعيد الاشتباك مع الاحتلال؛ بسبب حرب التجويع لأهل غزة.
والخلاصة..
يتيح التفوق العسكري والاستخباري الكبير لدولة الاحتلال، والذي بنته لها الولايات المتحدة الأميركية على مدى عقود، وانخراط الأخيرة بشكل واسع في الحرب دعمًا وغطاءً ومشاركة فعلية (كما حصل في إيران وجبهات أخرى)، يتيح لها توجيه ضربات قاسية لأعدائها، بما يشمل الدمار الكبير، والاغتيالات الوازنة، والاختراقات العميقة، وبما يتسبب بخسائر بشرية كبيرة جدًّا، ولا سيما في غزة.
لكن كل ذلك لم يمكّنها من تحقيق الانتصار، ولا حتى ادعائه.
تحاول دولة الاحتلال أن تُصوّر الخسائر الكبيرة التي تسببت بها على أنها النتيجة النهائية للحرب، ويتساوق معها البعض أحيانًا، إما جهلًا بالوقائع، أو تحت ضغط الأزمة الإنسانية الخانقة، أو بسبب أجندات سياسية معروفة.
لكن ذلك غير دقيق بالمرة، ليس تقليلًا من شأن الإنسان، شهيدًا وأسيرًا ومصابًا ومهجّرًا ومجوَّعًا، ولا تقزيمًا من قدرات "إسرائيل" وأثر الدعم الذي تحظى به، ولكن لأن ذلك جزء من تقييم المعركة/الحرب، وليس نتيجتها النهائية.
لقد فصّلنا في مقالات سابقة العوامل التي تُقيّم نتائج الحروب على أساسها، والتي منها بالتأكيد الخسائر البشرية والمادية، ولكنها ليست الوحيدة، وفي أحيانٍ كثيرة ليست الأولى، فكم من دولة قدّمت خسائر أكبر بكثير من عدوّها ولكن انتصرت عليه في النهاية.
فإذا كان ذلك حال الدول، فحركات التحرر الوطني ومقاومة الاحتلال أولى وأجدر. فضلًا عن أن المبالغة في الوحشية مع المدنيين مقصودة لذاتها من قبل "إسرائيل"، ما يدفع للحذر من الوقوع في فخ التقييم الذي تنصبه.
كل ذلك في حال وُضعت الحرب أوزارها واتضحت نتائجها بشكل كامل، فما بالنا والحرب مستمرة، وهي- بالمعنى الأشمل- طويلة الأمد، قد تقف مؤقتًا، لكن مسارها ومفاعيلها مرشحة دائمًا للانفجار والتوسع، ولا سيما في ظل النوايا المعلنة لنتنياهو وشركائه؟
والإشارة الأخيرة، أنه كلما أظهر طرف من الأطراف مرونة كبيرة وسعيًا ملحوظًا لوقف الحرب، تَصَلَّب الموقف "الإسرائيلي" أكثر، وبات أكثر عدوانية ودموية. وقد تكرر الأمر في غزة، ولبنان، وسوريا، وإيران.
أخيرًا، ما زالت نتائج عملية السابع من أكتوبر/ تشرين الأول قائمة، لم تُمحَ ولم تُنسَ، وسيُبنى عليها.
وأما تفاعلاتها ومآلاتها طويلة الأمد، فما زالت لم تتبلور جميعها بشكل واضح وكامل.
قد نكون اليوم أمام نصف الساعة الأخير من الجولة الحالية من الحرب، وقد نكون أمام جولة ممتدة، لذلك فالمنطق المُجدي تركيزُ كافة الجهود لتعزيز أوراق القوة، وزيادة الضغط على "إسرائيل"، وليس العكس.
فالمطلوب حاليًّا الصمود وتعزيز الموقف، وإلّا تحوّلت الأزمة الإنسانية التي تسبب بها الاحتلال إلى انتصار إستراتيجي له، وهذا ما ينبغي منعه.
إعلان
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 19 دقائق
- الجزيرة
جدل لوحة عزل ترامب يفتح ملف "الحرب الثقافية" على متاحف واشنطن
في خضم توتر متصاعد بين إدارة الرئيس دونالد ترامب ومؤسسات ثقافية أميركية، أكد المتحف الوطني للتاريخ الأميركي في واشنطن أن إدارة ترامب لم تمارس أي ضغوط مباشرة لإزالة لوحة تشير إلى إجراءات عزل الرئيس خلال ولايته الأولى. وفي منشور عبر منصة "إكس"، أكدت مؤسسة "سميثسونيان"، التي تضم أبرز المتاحف في العاصمة، أنه "لم تطلب منا الإدارة ولا أي مسؤول حكومي سحب محتوى من المعرض". ويعود الجدل إلى قسم "الرئاسة الأميركية: عبء مجيد" الذي افتُتح عام 2000، حيث أضيفت منذ سبتمبر/أيلول 2021 لوحة تذكارية توثق محاولتي عزل ترامب. وتعود المحاولة الأولى إلى ديسمبر/كانون الأول 2019 بتهمة إساءة استخدام السلطة وعرقلة عمل الكونغرس، أما الثانية فكانت في يناير/كانون الثاني 2021 بتهمة التحريض على التمرد عقب اقتحام مؤيديه مبنى الكابيتول. وقد برّأ مجلس الشيوخ ترامب في الحالتين. وأوضحت "سميثسونيان" أن اللوحة التي أُزيلت كانت مخصصة للعرض "مؤقتا" في الأساس، وأنها "لم تكن تلبّي معايير المتحف من ناحية الشكل والموقع والتسلسل الزمني"، مضيفة أنها كانت تحجب الرؤية عن قطع أخرى معروضة. وأشار المتحف إلى أن هذا القسم "سيخضع للتحديث خلال الأسابيع المقبلة ليعكس كل إجراءات العزل" التي شهدتها الرئاسة الأميركية، من ضمنها تلك التي طالت أندرو جونسون (1868) وبيل كلينتون (1998)، وريتشارد نيكسون الذي استقال عام 1974 قبل أن يواجهها. لكن صحيفة "واشنطن بوست"، التي كشفت المسألة، أشارت إلى أن هذا التغيير كان جزءا من مراجعة للمحتوى أجرتها المؤسسة بعد ضغوط من البيت الأبيض ، الذي سبق له أن حاول إقالة مديرة المعرض الوطني للفنون قبل أن تستقيل في يونيو/حزيران. "تطهير ثقافي" أم استعادة للتاريخ؟ ويأتي هذا الجدل في سياق أوسع من التوتر الذي تشهده مؤسسة "سميثسونيان"، التي باتت هدفا للرئيس ترامب وجهوده الرامية إلى إعادة صياغة الثقافة والتاريخ الأميركيين وفق رؤيته الخاصة التي تنتقد ما يسميه "الأيديولوجيا المثيرة للانقسام". ففي مارس/آذار الماضي، وقّع ترامب أمرا تنفيذيا يهدف إلى استعادة السيطرة على محتوى متاحف "سميثسونيان"، متهما إياها بـ"التحريف التاريخي" وممارسة "التلقين الأيديولوجي" العنصري. ويسعى الأمر التنفيذي، بحسب نصه، إلى "تطهير" المؤسسة من الأفكار التي يعدّها "مناهضة لأميركا"، بما في ذلك التوجهات التي تعزز التنوع العرقي والثقافي، وتلك التي تناهض العنصرية وتناصر حقوق مجتمع الميم، وهي توجهات تجذرت في برامج المتاحف خلال السنوات الأخيرة. ووجه ترامب انتقادات مباشرة لعدد من متاحف المؤسسة، من بينها المتحف الوطني لتاريخ الأميركيين الأفارقة وثقافتهم، متهما إياه باتباع "أيديولوجيا ضارة". ووصل الأمر إلى حد الإشارة إلى "حديقة الحيوانات الوطنية" باعتبارها قد تحتاج هي الأخرى إلى "تطهير" من محتوى غير ملائم. "إعلان حرب" على رواية التاريخ أثارت هذه الإجراءات ردود فعل غاضبة من الأكاديميين والناشطين، الذين رأوا فيها محاولة لطمس التاريخ الحقيقي للولايات المتحدة والعودة إلى سردية أحادية تتجاهل معاناة فئات كاملة من المجتمع. وقال ديفيد بلايت، رئيس منظمة المؤرخين الأميركيين وأستاذ التاريخ في جامعة ييل ، إن الأمر التنفيذي "إعلان حرب"، واصفا ما يحدث بأنه "تبجّح شائن" من قبل الإدارة التي تسعى لفرض تصورها الخاص لما يجب أن يكون عليه التاريخ، "كأنها الجهة الوحيدة المخوّلة بتحديد سردية البلاد". من جهتها، رأت مارغاريت هوانغ، رئيسة مركز "ساذرن بوفرتي لوو سنتر"، أن خطوة ترامب تمثّل "محاولة فاضحة لمحو التاريخ"، مضيفة أن "تاريخ السود هو تاريخ الولايات المتحدة ، وتاريخ النساء هو تاريخها. وهذا التاريخ، رغم ما فيه من بشاعة، هو أيضا رائع ويستحق أن يُروى بالكامل". ويحذر روبرت ماكوي، أستاذ التاريخ في جامعة ولاية واشنطن، من أن هذه السياسة قد تؤدي إلى استقالات جماعية في صفوف القائمين على المؤسسة، وتقويض رسالتها التي تقوم على تمثيل كل أطياف المجتمع. ويضيف: "حين نفقد هذه المساحة المشتركة، نبدأ في تهميش كثير من المجموعات. وهذه المؤسسات لا تنقل التاريخ فقط، بل تمنح الناس إحساسا بالمعنى والانتماء". ويبدو أن ما هو على المحك يتجاوز مصير لوحة في متحف، إنه، كما يصفه ديفيد بلايت، "الحق في رواية القصة الأميركية كما هي، بكل تعقيداتها وتناقضاتها وإنجازاتها وإخفاقاتها. وحين تُصادر هذه القصة، نفقد شيئا جوهريا من هويتنا الجماعية".


الجزيرة
منذ 19 دقائق
- الجزيرة
باكستان تدعم حق إيران في برنامج نووي سلمي
قال رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف ، اليوم الأحد، إن لإيران الحق في إنشاء برنامجها النووي السلمي وفقا لميثاق الأمم المتحدة، وأكد أن باكستان تقف إلى جانب إيران المبدئي في هذا الشأن. وجاءت هذه التصريحات خلال مؤتمر صحفي مشترك بين رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف والرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ، الذي يقوم بزيارة رسمية لباكستان تستمر يومين. وأكد شريف على موقف باكستان الرسمي والشعبي الرافض للضربات الإسرائيلية على إيران، كما أشاد بالجيش الإيراني والقيادة والشعب الإيراني الذين "دافعوا بقوة في هذه الحرب عن وحدة إيران وسيادتها وأمنها"، على حد تعبيره. وتحدث شريف عن موقف باكستان وإيران الموحد ضد الإرهاب، داعيا إلى فتح الحدود المشتركة والممتدة لمئات الكيلومترات، بالتعاون والشراكة المتبادلة لمكافحة هذه الظاهرة. تضامن مع غزة وعن العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ، قال إنه "لطالما رفعت باكستان صوتها بقوة من أجل غزة والشعب الفلسطيني"، مضيفا "علينا أن نستخدم كل طاقاتنا لإحلال السلام هناك في غزة، وإلا فإن التاريخ لن يغفر لنا عدم جعل العالم يعترف بدورنا بالكلام ولكن بالأفعال". وربط شريف الوضع في غزة بالوضع في كشمير ، مؤكدا أنه يجب أن يحصل الكشميريون والفلسطينيون على الحقوق نفسها التي يتمتع بها العالم أجمع، مشيرا إلى ما يتعرض له الشعب الكشميري من انتهاكات في الشطر الهندي من كشمير. من جهته، أشاد الرئيس الإيراني بالمواقف التي اتخذتها الحكومة والبرلمان والأحزاب والحركات السياسية وشعب باكستان خلال الحرب الإسرائيلية على إيران. وشنت إسرائيل في 13 يونيو/حزيران الماضي، بدعم أميركي، هجمات جوية على إيران استمرت 12 يوما، شملت استهداف مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، بينما ردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة. وفي 22 يونيو/حزيران الماضي، هاجمت الولايات المتحدة منشآت إيران، مدعية أنها "أنهت" برنامجها النووي ، فردت طهران بقصف قاعدة العديد الجوية في قطر، ثم أعلنت واشنطن في 24 من الشهر نفسه وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران. وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، في حين تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما فيها توليد الكهرباء.


الجزيرة
منذ 19 دقائق
- الجزيرة
مستخدمو تيك توك: الأخبار هنا أبسط وأسهل وأسرع
ناقشت صحيفة أتلانتك الأميركية تزايد الإقبال على تطبيق "تيك توك" من أجل الحصول على المحتوى الإخباري، في وقت يطوّع فيه بعض المؤثرين المهتمين بالأحداث الجارية خوارزمية التطبيق الصيني لتمرير الأخبار إلى المستخدمين. واستعرض الكاتب في الصحيفة أموغ ديمري، تجارب مؤثرين ومستهلكي الأخبار عبر "تيك توك"، الذي يواصل اكتساب شعبية كوسيلة إخبارية، وسط غياب واسع لوسائل الإعلام التقليدية على التطبيق. ووفقا لاستطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في الخريف الماضي، فإن 17% من البالغين و39% من البالغين دون سن 30 عاما في الولايات المتحدة، يتابعون الأخبار الجارية على "تيك توك" بانتظام، مع الإشارة إلى أن أقل من 1% من جميع حسابات "تيك توك" التي يتابعها الأميركيون هي وسائل إعلام تقليدية. وينقل الكاتب تجربة صانع المحتوى آرون بارناس، الذي شاهد بعد الساعة 7:46 مساء منشور الرئيس الأميركي دونالد ترامب على منصة "تروث سوشيال" وأعلن فيه عن الضربات الجوية على إيران، في 21 يونيو/حزيران الماضي، لينشر بارناس في تمام الساعة 7:52 مقطع فيديو مدته دقيقة واحدة عبر "تيك توك"، يظهر فيه وهو ينظر إلى الكاميرا، ويقرأ منشور الرئيس الذي حدد المواقع النووية التي استهدفتها الولايات المتحدة، ويضيف ملاحظة تشكك بأن إيران ستستجيب لدعوة ترامب للسلام. ويقول الكاتب: مع كشف وسائل الإعلام التقليدية عن مزيد من التفاصيل في تلك الليلة، لخص بارناس نتائجها في 9 تقارير أخرى، سجل بعضها من سيارته، مضيفا أن بارناس لم يقدّم تفاصيل دقيقة أو تقارير أصلية، لكن ما كان يقدمه هو السرعة، فضلا عن فهم عميق لكيفية الوصول إلى الناس على "تيك توك". ويعتمد مستخدمو التطبيق الشهير ليس فقط على "المؤثرين الإخباريين" مثل بارناس، وفق الكاتب، ولكن أيضا على مقاطع فيديو ترويجية لأجندات سياسية، ومقاطع أخرى ذات صلة بالأخبار يصعب وصفها للأشخاص الذين لا يستخدمون "تيك توك"، الذي قد لا يبدو مصدرا واضحا أو موثوقا للأخبار، والذي يخشى المشرعون الأميركيون كذلك من إمكانية التلاعب بخوارزميته لتعزيز مصالح الصين. وتقدم خوارزمية "تيك توك" لكل مستخدم موجزا مخصصا من مقاطع فيديو قصيرة وجذابة، وهو ترتيب من غير المرجح أن يقدم تغطية شاملة للأحداث الجارية، وفق الكاتب. إعلان وقد قام بارناس، البالغ من العمر 26 عاما، بتفعيل إشعارات "إكس" و"تروث سوشيال" لتلقي منشورات كل أعضاء الكونغرس وقادة العالم البارزين، ولدى تقديره بأهمية أي تنبيه يرد إلى هاتفه، يضغط على زر التسجيل ويبدأ بتصوير فيديو. إن تعامل بارناس السريع مع الأخبار جعله عملاقا إعلاميا بمفرده، وفق وصف الكاتب، إذ لديه حاليا 4.2 ملايين متابع على "تيك توك"، في حين وصلت مقاطع الفيديو التي ينشرها على المنصة إلى أكثر من 100 مليون مستخدم أميركي في الأشهر الستة الماضية، كما أن نشرة بارناس الإخبارية "سب ستاك" هي الأكثر اشتراكا في فئة الأخبار، وقد أجرى مؤخرا مقابلة مع السيناتور كوري بوكر، ووزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو. ورغم أن نموذج بارناس على "تيك توك" يعتمد بشكل كبير على التقارير الصادرة عن وسائل إعلام أخرى، وقد يكون سيل المعلومات الذي يقدمه على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع مزعجا لأولئك الذين لم تتكيف عاداتهم في استهلاك وسائل الإعلام مع التطبيق، لكنه يصل إلى جمهور لا تصل إليه وسائل الإعلام الأخرى، إذ يعتقد بارناس أن العديد من مشاهديه هم "شباب لا يشاهدون الأخبار ولم يشاهدوها قط ولن يشاهدوها أبدا"، مضيفا: "إنهم ببساطة لا يملكون القدرة على التركيز". الإيجاز والقيمة الترفيهية وبحسب الكاتب، يصمم مستهلكو محتوى الأحداث الجارية عبر "تيك توك" على أنهم قادرون على فهم ما يجري في العالم، حتى لو اضطروا إلى استقراء الحقائق من "الميمات"، مؤكدين على أن الإيجاز والقيمة الترفيهية تعوضان عن نقص التفاصيل الواقعية. وينقل الكاتب عن مايلز مالتبيا، محلل أمن سيبراني، يبلغ من العمر 22 عاما من شيكاغو قوله: "الكثير من الأشياء موضحة بعبارات أبسط على تيك توك"، ويؤكد مايلز أن هذا الاعتبار، بالإضافة إلى سهولة الاستخدام، يجعله المكان المثالي للحصول على جميع الأخبار بالنسبة له. صانع المحتوى على تيك تيوك بارناس لديه حاليا 4.2 ملايين متابع، في حين وصلت مقاطع الفيديو التي ينشرها على المنصة إلى أكثر من 100 مليون مستخدم أميركي في الأشهر الستة الماضية. بواسطة أما أشلي أكوستا، وهي طالبة في السنة الأخيرة بجامعة بنسلفانيا، فأشادت باستقلالية بارناس، وأنه رئيس نفسه، خارج عالم وسائل الإعلام المؤسسية، وقارنته بوسائل إعلام مثل "إيه بي سي" التي طردت مؤخرا مراسلها "تيري موران"، بسبب منشور له على منصة "إكس" وصف فيه ترامب بـ"كاره عالمي". وبالنسبة لنيك باريجي، خريج جامعة تكساس في أوستن، فيرى كذلك أن بارناس مصدر أخبار قيم، معبرا بالقول "تتلقى دعاية أقل، لا يروج لأجندة معينة". وواصل الكاتب استعراض تجارب مستخدمين وتضمين آرائهم، إذ سأل العشرينية أوليفيا سترينجفيلد، وتعمل في مجال التسويق، إذا كانت تعتبر "تيك توك" أفضل مصدر للأخبار، لتجيب بالنفي، لكنها عبرت عن أن تقديم الأخبار يجري على المنصة بطريقة أكثر جاذبية وسرعة وأريحية، مضيفة "ليس لدي الوقت للجلوس وقراءة الصحف كما كان يفعل والداي". تكييف مع الخوارزمية ويقول روبرت كوزينيتس، أستاذ في جامعة جنوب كاليفورنيا، وقد أحرى دراسة استهلاك "جيل زد" لوسائل الإعلام على "تيك توك"، إن المستخدمين نادرا ما يبحثون عن الأخبار، بل هي التي تجدهم، إذ يزيّن المؤثرون الأخبار لجعلها صديقة للخوارزمية. وفي ختام تقريره، قال الكاتب إن مستخدمي المنصة يواصلون توسيع تعريف الأخبار عليها، في حين سيواصل من وصفهم بالمبدعين الرياديين المهتمين بالأحداث الجارية اختبار صيغ تقديم الأخبار لجذب المزيد من المشاهدين إلى المنصة، ويضيف أنه حتى إذا تم بيع "تيك توك" أو إغلاقه، فمن المؤكد أن تطبيقات مشابهة ستملأ الفراغ، ويختم "يبدو أن التحدي المتمثل في تغليف الأخبار لتوزيعها بواسطة خوارزمية الصندوق الأسود سيستمر".