logo
«حرب رمادية» تخوضها الصين لاستعادة تايوان!

«حرب رمادية» تخوضها الصين لاستعادة تايوان!

الشرق الأوسطمنذ 12 ساعات
بينما بدأت تايوان مناوراتها العسكرية الأكبر منذ سنوات بمشاركة أكثر من 22 ألف جندي احتياطي، بدا واضحاً أن التحضيرات لم تعد مجرد إجراء روتيني، بل تعبير عن قلق استراتيجي في ظل التصعيد الصيني متعدد الأوجه. هذه التدريبات التي تزامنت مع تمارين للدفاع المدني، تعكس تحوّلاً في المزاج العام داخل الجزيرة، وتؤكد أن سيناريو المواجهة لم يعد محصوراً في إطار التحليل النظري، بل بات بنداً دائماً على طاولة الاستعدادات.
تايوان مشغولة هذه الأيام بمسلسل «هجوم اليوم صفر» الذي يثير الرعب؛ لأنه يحكي عن غزو صيني. ووفق مجلة «الإيكونوميست»، تشعر تشنغ هسين مي، منتجة المسلسل، بالقلق بعد حملة القمع التي شنّها الحزب الشيوعي في هونغ كونغ. وتقول: «نريد نشر الوعي فيما نتمتع بحرية الإبداع. قد نفقد حريتنا في المستقبل».
المصادر الدبلوماسية في تايبيه ترى أن الوضع تغيّر جذرياً، فالصين التي لا تُخفي نيتها «استعادة الجزيرة»، كثّفت مناوراتها البحرية والجوية، ووسّعت استخدام أدوات الحرب غير التقليدية مثل التضليل الإعلامي والتجسس السيبراني. ووفق مصدر سياسي مطّلع، فإن النخب التايوانية باتت مقتنعة بأن الخطر أصبح احتمالاً قائماً خلال العقد المقبل.
جهات دبلوماسية غربية معنية بهذا الملف ترى أن بكين تسير نحو فرض واقع جديد يعتمد على ترهيب تايوان وتفكيك ثقتها، من دون حرب شاملة. هذا النهج، المعروف بـ«الحرب الرمادية»، يشمل الطائرات المسيّرة، والتلاعب بالأخبار، وتجنيد جماعات محلية للتأثير في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية. الهدف ليس فقط نزع سلاح تايوان، بل كسر إرادتها.
وفي ظل الضغوط، يبقى السؤال الأبرز: كيف ستتصرف الولايات المتحدة؟ ومتى؟ مصادر دبلوماسية غربية تقول إن واشنطن تراهن على سياسة «الغموض البنّاء»، أي عدم إعلان نية التدخل العسكري من عدمه، لكنها تُبقي على دعمها العسكري والسياسي، وتحرص على تمرير رسائل إلى بكين مفادها أن الاجتياح لن يمر بلا تبعات.
رغم غياب معاهدة دفاع رسمية أو علاقات دبلوماسية كاملة، تبقى الولايات المتحدة المورد الأساسي للسلاح. وقد أشارت مصادر أميركية إلى صفقات تسليح جديدة تشمل طائرات مقاتلة وصواريخ مضادة للسفن وتكنولوجيا الحرب الإلكترونية. لكنها تواجه تحديات بسبب تأخير الإنتاج والنقاشات الداخلية حول الميزانية.أوساط عسكرية أميركية، من بينهم قادة سابقون في قيادة المحيطَيْن الهندي والهادئ، حذّرت من أن الصين قد تحاول غزو تايوان قبل عام 2027. تصريحات هؤلاء، التي نقلتها وسائل إعلام أميركية، تؤكد أن الصين تواصل تعزيز قدراتها البرمائية والجوية، وتنفّذ تدريبات تحاكي حصاراً بحرياً أو ضربات لمنع الإمداد الخارجي.
في المقابل، تشير مصادر أمنية تايوانية إلى أن تايوان تسعى لتحديث قدراتها، بما في ذلك تطوير أسطول غواصات محلية، وشراء طائرات مسيرة ومنظومات دفاع جوي. لكنها تعترف بأن التأخير في التسليم والخلافات السياسية أبطآ هذه الجهود. وقد شهد العام الحالي جدلاً بعد تجميد اعتمادات مالية في البرلمان، ما أجّل بعض المشاريع الحيوية.
في خلفية الأزمة، تقف الصناعة التكنولوجية عاملاً حاسماً. فشركة «تي إس إم سي» تُنتج نحو 90 في المائة من الرقائق الإلكترونية المتطورة في العالم، المستخدمة في الذكاء الاصطناعي والصناعات العسكرية، وفقدان هذه القدرة سيؤدي إلى اضطراب واسع في الأسواق.
الاستثمارات الأخيرة لبناء مصانع في أريزونا الأميركية لم تغيّر من هذه المعادلة؛ إذ تظل المهارات وسلاسل التوريد متركزة في تايوان. وترى مصادر اقتصادية تايوانية أن نقل الإنتاج «استراتيجية لتوزيع المخاطر»، لكنها لا تلغي مركزية الجزيرة في التكنولوجيا المتقدمة.
كما أن الموقع الجغرافي لتايوان بالغ الحساسية. فمضيق تايوان تمر فيه 80 في المائة من حركة الشحن الآسيوية، مما يجعل أي نزاع كارثة اقتصادية عالمية. وتؤكد مصادر دبلوماسية في طوكيو وسيول أن ضربة صينية لتايوان قد تترافق مع هجمات على قواعد أميركية في اليابان وكوريا الجنوبية، مما يُحوّل النزاع إلى حرب إقليمية.
رغم المؤشرات، لا يبدو أن الرأي العام في تايوان استوعب خطورة الموقف. يشير مسؤولون أمنيون محليون إلى أن الاستعداد المدني دون المستوى، والمواطنين يتعاملون مع التهديد كأنه بعيد. ويضيفون أن غياب الثقافة الدفاعية يعوق بناء مقاومة فعّالة إذا قررت بكين الحسم العسكري.
المصادر السياسية المقربة من واشنطن ترى أن تايوان لن تصمد وحدها في حرب واسعة، إذ إن الحصار أو منع الإمدادات سيجعل التدخل الأميركي العسكري حتمياً، سواء عبر كسر الحصار أو توفير غطاء جوي أو إدارة عمليات الإمداد، لكن ذلك يتطلّب استعداداً مسبقاً وتنسيقاً عسكرياً دقيقاً، وهو ما تفتقر إليه العلاقة الحالية، حسب شخصيات سياسية تايوانية. إذ لا توجد شبكة اتصالات عسكرية مباشرة أو تدريبات مشتركة، مما يجعل التنسيق في الطوارئ معقداً للغاية.
وفي النهاية، ترى مراكز القرار في واشنطن أن سقوط تايوان لن يغيّر فقط وجه آسيا، بل سيهزّ النظام الدولي. حماية تايوان ليست فقط مسألة جغرافيا أو سيادة، بل مسألة هيبة أميركا، واستقرار التكنولوجيا العالمية، وتوازن الأمن البحري والتجاري. ولهذا، فإن الوقت المتبقي للتحضير قد يكون أقصر مما يبدو، والسيناريوهات التي تُرسم في الغرف المغلقة قد تتحول فجأة إلى واقع.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل ينقذ الإنفاق الحكومي الاقتصاد العالمي من تعثره؟
هل ينقذ الإنفاق الحكومي الاقتصاد العالمي من تعثره؟

الاقتصادية

timeمنذ 6 دقائق

  • الاقتصادية

هل ينقذ الإنفاق الحكومي الاقتصاد العالمي من تعثره؟

لطالما كانت أفكار عالم الاقتصاد البريطاني "كينز" حاضرة في أزماتنا الاقتصادية، فكما كانت الحل السحري لخروج العالم من أسوء أزمة اقتصادية في ثلاثينيات القرن الماضي "الكساد الكبير"، فحاضرنا مازال في حاجة لها. فعالمنا يعاني طلبا منكمشا ونموا اقتصاديا ضعيفا، وقطاع خاص منهك بصدمات اقتصادية وتجارية وجيوسياسية وغير قادر على تحفيز الاستهلاك وأسواق العمل. ومن هنا فتدخل الحكومات عبر تفعيل أدواتها المالية كالإنفاق أصبحت أولوية لتفادي الدخول في دائرة من التعثرات سيكون تكلفة الخروج منها باهظة. لم تملك الحكومات الرفاهية لتنشيط الإنفاق، إنما فرض عليها، فالأسواق تعاني ضعفًا في الإنتاج والاستهلاك. ومع ارتفاع الحمائية التجارية والمخاطر الجيوسياسية، فقد وجهت السياسات أنظارها تجاه خطط تحفيز حكومية تعيد الثقة للمنتجين وتطور البنية التحتية وتدعم القدرة الشرائية للمستهلكين، وتعيد بناء سلاسل الإمداد المحلية. وتعزز من قوتها العسكرية والتكنولوجية عبر زيادة الإنفاق الدفاعي وعلى التكنولوجيا المتقدمة كالذكاء الاصطناعي. في ألمانيا حيث الإرث في التقشف الحكومي وضبط الإنفاق وفقًا لما تعارف عليه تاريخياً بسياسة "مكابح الديون" المستمرة منذ سنوات بهدف الحفاظ على الدين العام عند مستويات يسهل السيطرة عليها. جاء 2025 ليكسر القاعدة، فالحكومة الجديدة تبنت خطة إنفاق بقيمة 500 مليار يورو، بهدف تحديث البنية التحتية ورفع الإنفاق الدفاعي وتمويل مشاريع الطاقة المتجددة. تخطي السياسات المنضبطة في أكبر اقتصاد أوروبي يأتي في ظل معاناة اقتصادية مستمرة منذ أزمة كورونا، وتراجع في تنافسية القطاع الصناعي، وتآكل في الإنفاق الاستهلاكي، وضغوط خارجية على الصادرات بسبب الرسوم الجمركية. في الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، تبنت السلطات خطط إنفاق تهدف لإعادة الثقة في الاقتصاد وتعزيز الاستهلاك وتنشيط الطلب المحلي ودعم الابتكار التكنولوجي، وتقديم المعونة للشركات المتعثرة بسبب الرسوم الجمركية. كما قدمت البلاد أخيرا دعمًا للأسر بقيمة تتجاوز 500 دولار سنوياً لكل طفل دون 3 سنوات للتشجيع على الإنجاب للتغلب على أسوأ أزمة سكانية تواجه البلاد منذ عقود. في اليابان حيث ينكمش الاقتصاد بوتيرة متسارعة متأثراً بتآكل إنفاق الأسر مع ارتفاع أعداد السكان في سن الشيخوخة، فإن الحكومة تواصل إطلاق البرامج التحفيزية لتنشيط الاقتصاد ودعم الشركات. خطط الإنفاق الحكومي تواجه تحديات هائلة تهدد فاعليتها، البداية من شروط التمويل، ففي ظل ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الجدارة الائتمانية لعديد من الاقتصادات الكبرى بسبب العجز المزمن في الميزانيات الحكومية وارتفاع معدلات الديون، فإن شروط التمويل عن طريق الاقتراض ستكون قاسية، وقد تكون عائق أمام تنفيذ كافة البرامج المخطط لها. التحدي الآخر يتمثل في كفاءة تخصيص الإنفاق والعوائد السريعة على المؤشرات الاقتصادية. المخصصات المالية لتطوير البنية التحتية قادرة في المدى القصير على إعطاء دفعة قوية لأسواق العمل وتحفيز الاستثمار والتشغيل، بينما الإنفاق الدفاعي لن تخلق عوائده الاقتصادية أثر واضح في الأسواق، نظرًا لارتباطه بمشتريات من خارج الدولة. وهناك أوجه إنفاق لن تحقق آثارا اقتصادية مباشرة على المدى القصير لكنها ذات بعد إستراتيجي وحيوي للاقتصاد، ومنها دعم الابتكار والبحث والتطوير في مجالات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والرقائق المتقدمة، بجانب خطط تحول الطاقة ومكافحة التغير المناخي عبر الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة، والتوسع في البنية التحتية للتقنيات النظيفة مثل السيارات الكهربائية. ختامًا فالإنفاق الحكومي يظل ورقة رابحة في جعبة الحكومات تستخدمها عند حاجتها لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد لإعادة تشغيل محركاته، ولكن يجب أن يقتصر دور الإنفاق في كونه محفز طارئ وليس محرك دائم للنشاط الاقتصادي. لما لذلك من مخاطر على كفاءة البيئة الاقتصادية والتنافسية، بجانب مخاطر الديون. فالوضع الأفضل للحكومات في الاقتصاد أن تكون منظمة وفي بعض الأحيان داعم وليس لاعب رئيسي. مستشارة اقتصادية

كيف تستخدم الصين الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام محلياً وحول العالم؟
كيف تستخدم الصين الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام محلياً وحول العالم؟

الشرق الأوسط

timeمنذ 6 دقائق

  • الشرق الأوسط

كيف تستخدم الصين الذكاء الاصطناعي للتأثير على الرأي العام محلياً وحول العالم؟

تستخدم الحكومة الصينية شركاتٍ ذات خبرة في مجال الذكاء الاصطناعي لمراقبة الرأي العام والتلاعب به، مما يمنحها سلاحاً جديداً في حرب المعلومات، وفقاً لمسؤولين أميركيين حاليين وسابقين ووثائق كشف عنها باحثون. وبحسب صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، تُظهر وثائق داخلية لإحدى الشركات كيف قامت بحملات تأثير في هونغ كونغ وتايوان، وجمعت بيانات عن أعضاء في الكونغرس وشخصيات أميركية مؤثرة أخرى. وفي حين لم تشنّ الشركة حملات في الولايات المتحدة، فإن وكالات التجسس الأميركية راقبت نشاطها بحثاً عن أي مؤشرات على محاولتها التأثير على الانتخابات الأميركية أو المناظرات السياسية، وفقاً لمسؤولين أميركيين سابقين. وأصبح الذكاء الاصطناعي، على نحو متزايد، المجال الجديد لعمليات التجسس، حيث يسمح لأجهزة الاستخبارات بشن حملات أسرع وأكثر كفاءة وعلى نطاق أوسع من أي وقت مضى. ولطالما وجدت الحكومة الصينية بعض الصعوبة في شن حروب معلوماتية تستهدف دولاً أخرى، مفتقرة إلى عدوانية أو فعالية وكالات الاستخبارات الروسية. لكن مسؤولين وخبراء أميركيين يقولون إن التقدُّم في مجال الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد الصين على التغلب على نقاط ضعفها. ويمكن لتقنية جديدة تتبع النقاشات العامة التي تهم الحكومة الصينية، مما يتيح لها مراقبة الرأي العام على نطاق واسع. كما يمكن لهذه التقنية إنتاج دعاية ضخمة قادرة على التلاعب بالرأي العام محلياً ودولياً. وبحسب وثائق حصلت عليها «نيويورك تايمز»، تسمح التقنية الجديدة لشركة «GoLaxy» الصينية بشن حملات تأثير انتخابي في تايوان وهونغ كونغ وداخل الصين. ولا يتضح من الوثائق مدى فعالية حملات «GoLaxy»، أو ما إذا كانت تقنيتها قادرة على تحقيق كل ما تعد به. وفي بيان، نفت شركة «GoLaxy» إنشاء أي نوع من «شبكات الروبوتات أو شن حملات تأثير نفسي» أو قيامها بأي عمل يتعلق بانتخابات هونغ كونغ أو غيرها. ووصفت المعلومات التي قدمتها «نيويورك تايمز» عن الشركة بأنها «معلومات مضللة». ووفقاً للتقرير، فقد سُربت الوثائق من قِبل موظف ساخط منزعج من الأجور وظروف العمل في الشركة. وفي حين أن معظم الوثائق غير مؤرخة، فإن غالبية الوثائق التي تتضمن تواريخ تعود إلى أعوام 2020 و2022 و2023. وقد حصل عليها معهد الأمن القومي بجامعة فاندربيلت الأميركية، وهو مركز بحثي وتعليمي غير حزبي يدرس الأمن السيبراني والاستخبارات وغيرها من التحديات الحرجة. وتُسوّق «GoLaxy» نفسها علناً كشركة تجمع البيانات وتُحلل الرأي العام تجاه الشركات الصينية والحكومة. لكن في الوثائق، تزعم الشركة سراً قدرتها على استخدام تقنية جديدة لإعادة تشكيل الرأي العام والتأثير عليه نيابة عن الحكومة الصينية. وتشرح الشركة كيف يمكنها بدقة توجيه جهودها نحو مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت باستخدام تقنية تُسمى نظام الدعاية الذكية، أو «GoPro». تجمع شركة «GoLaxy» عشرات الملايين من البيانات من مواقع التواصل (رويترز) وكشف الباحثان في معهد الأمن القومي بجامعة فاندربيلت، بريت غولدشتاين وبريت بنسون، عن وجود هذه الوثائق، في مقال نُشر بقسم الرأي في صحيفة «نيويورك تايمز»، مجادلين بأن «GoLaxy» قادرة على التنقيب في حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، ثم إنشاء محتوى مُخصص يبدو حقيقياً، وغير قابل للكشف. وقالا إن النتيجة هي إنشاء «محرك دعاية» قادر على إنتاج مواد أكثر بكثير مما كان يُعتقد سابقاً. وتابعا: «لم تعد الدعاية المدعومة بالذكاء الاصطناعي تهديداً مستقبلياً افتراضياً، بل إنها عملية متطورة تُعيد بالفعل صياغة كيفية التلاعب بالرأي العام على نطاق واسع». ويقول الخبراء إن الشركة تتبنى بسرعة تقنيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة في الصين، التي، من شأنها، وفقاً لوثائق الشركة الداخلية، أن تسمح لها بالقيام بعمليات تأثير أكثر تطوراً بكثير من تلك التي كانت الحكومات الأجنبية، مثل الحكومة الروسية، قادرة على القيام بها في السابق. ففي عمليات التأثير السابقة التي قامت بها هذه الحكومات، كان لا بد من إنتاج المعلومات المضللة تدريجياً. لكن الآن، بإمكان الروبوتات الآلية فعل ذلك بسرعة وعلى نطاق أوسع. ووفقاً للوثائق، تجمع الشركة عشرات الملايين من البيانات، بما في ذلك المنشورات وبيانات المستخدمين، من منصة التواصل الاجتماعي الشهيرة «ويبو (Weibo)» و1.8 مليون مقال يومياً من «وي شات (WeChat)»، وأربعة ملايين منشور من «إكس»، و10 آلاف منشور من «فيسبوك». وبحسب الوثائق، قامت الشركة بأعمال لصالح الاستخبارات الصينية، بما في ذلك وزارة أمن الدولة - وكالة التجسس الرئيسية في البلاد - ووكالات الأمن الداخلي. وصرح مسؤولون أميركيون سابقون بأن وكالات التجسس الأميركية لديها معلومات تؤكد هذه الشراكات. وتزعم إحدى الوثائق أن الشركة جمعت ملفات تعريف افتراضية لـ117 عضواً حالياً وسابقاً في الكونغرس، بمن فيهم النواب بايرون دونالدز من فلوريدا، وتشيب روي من تكساس، وآندي بيغز من أريزونا. وجميع النواب المدرجين في الوثائق التي حصل عليها باحثو «فاندربيلت» كانوا جمهوريين، مع أنه من المرجح أن الشركة جمعت معلومات عن الديمقراطيين أيضاً. بالإضافة إلى ذلك، فقد ذكرت الوثائق أن «GoLaxy» تتتبع وتجمع معلومات عن أكثر من 2000 شخصية سياسية وعامة أميركية، و4 آلاف مؤثر يميني ومؤيد للرئيس ترمب، بالإضافة إلى صحافيين وباحثين ورجال أعمال. ولا تُظهر الوثائق ما تفعله «GoLaxy» بهذه المعلومات. لكن المسؤولين الأميركيين لطالما زعموا أن الصين تتتبع مواقف السياسيين الأميركيين بشأن القضايا التي تهم بكين. ولا تزال وكالات التجسس الأميركية تجمع معلومات عن محاولات التلاعب الأجنبي والتأثير على الانتخابات والرأي العام، لكن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب فكّكت الفرق في وزارة الخارجية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووكالة الأمن السيبراني وأمن البنية التحتية التي حذّرت الجمهور من التهديدات المحتملة.

قبضة ترمب الجمركية تخنق التجارة العالمية وتثير القلق الدولي
قبضة ترمب الجمركية تخنق التجارة العالمية وتثير القلق الدولي

الشرق الأوسط

timeمنذ 36 دقائق

  • الشرق الأوسط

قبضة ترمب الجمركية تخنق التجارة العالمية وتثير القلق الدولي

دخلت الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة حيّز التنفيذ يوم الخميس، في خطوة تُعد أحدث فصول استراتيجية الرئيس دونالد ترمب لإعادة تشكيل منظومة التجارة العالمية، لكنها في المقابل تثير الكثير من علامات الاستفهام بشأن مستقبل العلاقات التجارية للولايات المتحدة مع شركائها حول العالم. فقد أمر ترمب بفرض رسوم تصل إلى 200 في المائة على واردات الأدوية و100 في المائة على رقائق الكمبيوتر، بينما أصبحت معظم واردات النحاس والصلب والألمنيوم خاضعة لضريبة استيراد تبلغ 50 في المائة، وذلك وفقاً لما أوردته وكالة «أسوشييتد برس». ورغم التهديدات الواسعة، لم تُحسم بعد طبيعة الرسوم المفروضة على الصادرات الصينية، بينما لا تزال الهند دون اتفاق تجاري واضح، وتواجه احتمال فرض رسوم بنسبة 50 في المائة وسط ضغوط أميركية لوقف استيراد النفط من روسيا. صورة لآلة في خط إنتاج شركة «نيكسبيريا» الهولندية لصناعة أشباه الموصلات في هامبورغ ألمانيا (رويترز) قلق في الأسواق وتكاليف متصاعدة وقد أحدثت هذه القرارات حالة من القلق لدى المصدرين حول العالم في وقت بدأت فيه وتيرة الشحنات التي كانت قد شهدت تسارعاً خلال فترة التفاوض بالتباطؤ مجدداً، كما ذكرت شركات متعددة أنها تكبّدت خسائر أو زيادات ضخمة في التكاليف تُقدّر بمليارات الدولارات نتيجة ارتفاع الرسوم الجمركية. ورغم هذه التداعيات لم تُبدِ الأسواق المالية رد فعل عنيفاً، إذ ارتفعت معظم مؤشرات الأسهم الآسيوية والعقود الآجلة للأسهم الأميركية في تعاملات الخميس. الرسوم الجديدة التي أُعلن عنها في الأول من أغسطس (آب) تشمل ستاً وستين دولة إلى جانب تايوان وجزر فوكلاند، وتمثل نسخة معدّلة من سياسة الرسوم المتبادلة التي أعلنها ترمب في أبريل (نيسان)، والتي تتضمن ضرائب تصل إلى 50 في المائة على البضائع القادمة من دول لديها فائض تجاري مع الولايات المتحدة، بالإضافة إلى ضريبة أساسية بنسبة 10 في المائة على معظم الدول الأخرى. وقد سبق أن تسببت هذه الإجراءات في اضطراب الأسواق، ما دفع ترمب إلى التراجع مؤقتاً لإتاحة مساحة للمفاوضات، لكنه عاد وفعّل القرار متجاوزاً الكونغرس من خلال الاستناد إلى قانون يعود إلى عام 1977 يتيح له إعلان العجز التجاري حالة طوارئ وطنية، وهي خطوة قانونية لا تزال محل طعن قضائي. حاويات شحن في ميناء مدينة كيلونغ في تايوان (إ.ب.أ) اتفاقات جزئية مع شركاء تجاريين وفي محاولة لتفادي الرسوم الأعلى، عقد العديد من الشركاء التجاريين اتفاقات مع واشنطن، حيث وافقت المملكة المتحدة على رسوم بنسبة 10في المائة، بينما قبل كل من الاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا الجنوبية برسوم تبلغ 15 في المائة. أما الدول الآسيوية مثل تايلاند وباكستان وفيتنام وإندونيسيا والفلبين، فقد وُضعت عليها رسوم تصل إلى 20 في المائة. وقال متحدث باسم الرئاسة الإندونيسية إن بلاده ترى في صفقة الرسوم الجمركية البالغة 19 في المائة فرصة لتعزيز تنافسيتها مقارنة بدول مثل الهند والصين وبنغلاديش التي تواجه رسوماً أعلى. الهند والصين في مرمى الرسوم وعلى صعيد الصين والهند، لم يتضح بعد ما إذا كان ترمب سيمدد الموعد النهائي المحدد في الثاني عشر من أغسطس للتوصل إلى اتفاق مع بكين، حيث تُهدد الصادرات الصينية برسوم قد تصل إلى 245 في المائة، وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن الرئيس يدرس تمديداً إضافياً لمدة تسعين يوماً من أجل إبرام اتفاق يُبقي الرسوم عند 50 في المائة، ويشمل ضرائب إضافية على المنتجات المرتبطة بالاتجار غير المشروع بالفنتانيل. وفي الصين تسببت الرسوم على الطرود الصغيرة في تسريح واسع للعمال، وتشير التقديرات إلى أن نحو مائتي مليون عامل اضطروا إلى الانتقال إلى أعمال مؤقتة ضمن اقتصاد المهام، أو ما يُعرف بالعمل المرن. أما الهند فلا تزال دون اتفاق واضح، وتواجه رسوماً مجمّعة تصل إلى 50 في المائة بعد توقيع ترمب أمراً بفرض 25 في المائة إضافية على واردات النفط الروسي، في وقت تتمسك فيه نيودلهي بحقها في استيراد النفط من موسكو باعتبار أن الإمدادات التقليدية تم تحويلها إلى أوروبا بسبب الحرب في أوكرانيا. صورة توضيحية للعلمين الأميركي والصيني مع كلمة «رسوم جمركية» (رويترز) وقال اتحاد المصدرين الهنود إن الرسوم الجديدة قد تؤثر على 55 في المائة من صادرات البلاد إلى الولايات المتحدة، محذراً من أن هذه التكاليف قد تدفع الشركات إلى خسارة عملائها التاريخيين، وأوضح رئيس الاتحاد إس سي راهلان أن تحمّل هذه الزيادة المفاجئة في التكاليف أمر غير ممكن ببساطة بسبب ضعف الهوامش الربحية أساساً. عدد من الدول الأخرى وجدت نفسها أيضاً في قلب العاصفة، إذ تواجه لاوس وميانمار وسوريا رسوماً تتراوح بين 40 و42 في المائة، بينما فُرضت على البرازيل رسوم بنسبة 50 في المائة إلى حد كبير بسبب استياء ترمب من تعامل الحكومة البرازيلية مع الرئيس السابق جايير بولسونارو. أما جنوب أفريقيا فأعلنت أن الرسوم التي بلغت 30 في المائة على صادراتها من الأحجار الكريمة والمعادن الثمينة تهدد 30 ألف وظيفة، وقد أجبرت البلاد على البحث عن أسواق بديلة خارج الولايات المتحدة. حتى سويسرا، الدولة الثرية، لم تسلم من الضغوط، إذ زار وفد سويسري واشنطن هذا الأسبوع لمحاولة تفادي فرض رسوم تصل إلى 39 في المائة على الشوكولاته والساعات وغيرهما من المنتجات السويسرية. استثناء جزئي في أميركا الشمالية وبموجب اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا الموقعة في عام 2020 خلال الولاية الأولى لترمب، تُعفى السلع الملتزمة بالاتفاق من الرسوم الجمركية، وبهذا فإن غالبية صادرات كندا إلى الولايات المتحدة تظل معفاة رغم فرض رسوم بنسبة 35 في المائة على بعض السلع بعد اعتراف أوتاوا بالدولة الفلسطينية، في خطوة اعتبرها ترمب تحدياً سياسياً. وقال البنك المركزي الكندي إن 100 في المائة من صادرات الطاقة الكندية و95 في المائة من الصادرات الأخرى تفي بمعايير الاتفاقية بما يتيح لها معاملة تفضيلية. أما الصادرات المكسيكية غير المشمولة بالاتفاق فتخضع حالياً لرسوم جمركية بنسبة 25 في المائة بعدما كانت سابقاً 30 في المائة، وذلك خلال فترة تفاوض مدتها 90 يوماً بدأت الأسبوع الماضي. إشارات ضعف في قطاع الصناعة عالمياً وتشير استطلاعات مديري المصانع إلى تراجع مؤشرات الطلب والتوظيف في عدد من الاقتصادات الصناعية، ففي اليابان انكمش الإنتاج الصناعي في يوليو (تموز)، وتراجعت وتيرة التوظيف وعمليات الشراء، بحسب مؤشر مديري المشتريات الصناعي الصادر عن «ستاندرد آند بورز غلوبال»، وجُمعت هذه البيانات قبل توقيع الاتفاق الذي خفّض الرسوم الجمركية اليابانية من 25 إلى 15 في المائة. أما على المستوى العالمي، فتشير بيانات «ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى أن التصنيع يواجه تدهوراً بعد انتهاء مرحلة تكديس الطلبيات التي سبقت تطبيق الرسوم المرتفعة، في المقابل استمر قطاع الخدمات في تسجيل أداء قوي مدعوماً بتعافي النشاط الاقتصادي المحلي، وعودة السياحة في آسيا. لكن الأرباح الصافية للشركات تعرضت لضغوط شديدة، فقد أعلنت شركة «هونداً موتور» أن تكاليف الرسوم الجمركية المرتفعة بلغت نحو ثلاثة مليارات دولار، كما أفادت «تويوتا» بأن أرباحها الفصلية تراجعت بنسبة 37 في المائة نتيجة تكاليف مماثلة. وإلى جانب كل ذلك، بدأت المؤشرات الاقتصادية في الولايات المتحدة نفسها -باعتبارها أكبر سوق في العالم- تُظهر بوادر تأثر سلبي بعد شهور من التهديدات والقرارات الجمركية، ما يثير قلقاً متزايداً بشأن إمكانية دخول الاقتصاد الأميركي في دوامة من التباطؤ في حال استمرار التصعيد التجاري مع بقية دول العالم.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store