
أقصبي: الدولة سمحت باستنزاف الفرشة المائية لصالح نموذج فلاحي موجه للتصدير
قال المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي إن المغرب يعيش اللاسيادة الغذائية، إذ أنه منذ جفاف بداية الثمانينات السيناريو معروف مع الأسف، يأتي الجفاف فتقع التعبئة على جميع المستويات، وبمجرد هطول الأمطار ننسى كل شيء إلى حين أن يحل الجفاف المقبل.
وأكد أقصبي خلال مشاركته نهاية الأسبوع المنصرم في الجامعة الربيعية التي نظمتها 'فدرالية اليسار الديمقراطي' بمدينة الجديدة، أنه لا تجوز في الأصل المقارنة بين فترة الثمانينات والظرفية الحالية بسبب النمو الديمغرافي وما يوازيه من ارتفاع للطلب، إلى جانب التدهور في الفرشة المائية نتيجة التغيرات المناخية.
وأضاف ' يجب أن لا نكذب على أنفسنا بالقول إن لدينا مؤهلات فلاحية، لأنه مع الأسف عشنا مع خدعة طيلة 50 سنة، لأن الفلاحة المغربية لا يمكن أن تضمن الأمن الغذائي لحوالي 40 مليون مغربي، وأن تضمن العيش الكريم لحوالي 13 مليون من المواطنين القاطنين بالعالم القروي، كما أنها لا يمكن أن تكون محرك النمو الاقتصادي'.
وأشار أننا اليوم لا نعيش التغيرات المناخية فقط بل دخلنا في عصر التقلبات الجيوسياسية، طابعها الأساسي هو اللايقين، وهو ما يدفعنا إلى اللجوء للسوق الدولية بالنسبة للكثير من المواد التي لا يمكن أن يكون لنا اكتفاء ذاتي منها.
وتحدث أقصبي عن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة ندرة المياه، ومنها مشاريع النقل بين الأحواض المائية، مؤكدا أنها ليست بديلا يمكن التعويل عليه في مواجهة أزمة الماء.
واستغرب كيف أن المغرب من البلدان القليلة التي أعطت الأولوية للفلاحة، علما أن معظم الدول ركزت على الصناعة، كما أنه أعطى الأولوية لتعبئة المياه وسياسة السدود في الثمانينات وفي النهاية وصلنا للعجز المائي، لأن التركيز كان على بناء السدود الكبرى التي عبأت لها إمكانيات مالية وبشرية وتنظيمية هائلة في مجال محدود جدا.
وتابع ' اليوم إذا جمعنا المناطق المسقية كلها فإنها لا تتجاوز 800 ألف هكتار، وهو ما يمثل 12 في المائة فقط من الأراضي، مما يعني أن 86 في المائة من الأراضي بما فيها الموجودة في العالم القروي جرى تهميشها'.
وتحدث أقصبي أيضا على مشاكل اختيار نظام السقي، ذلك أن 40 في المائة من المياه تتبخر في طريقها من السدود إلى الضيعات الفلاحية، مؤكدا أنه كانت هناك أخطاء كبرى سواء على مستوى أنظمة السقي ولا نوعية الزراعات.
وشدد على أن هذه المشاريع خصصت لها الدولة موارد مالية مهمة من أموال المغاربة، لذلك جرى التركيز على نموذح فلاحي موجه للخارج يحقق الربحية ويجلب العملة الصعبة، لافتا أن الدولة وفي إطار حرية السوق سمحت للفلاحين الكبار أن يفعلوا ما يشاؤوا، سواء بتوسيع قفة المواد المصدرة للخارج أو الأخطر من هذا وهو توسيع دائرة المناطق المسقية ليس من السدود بل من الفرشة المائية.
وسجل أنه قبل مخطط 'المغرب الأخضر' أسس صندوق التنمية الفلاحية سنة 1986 وأعطى دعما كبيرا للسقي وحفر الآبار، مشيرا أنه من البداية نهجنا سياسية تغذي التبعية الغذائية واستمررنا فيها بشكل أكثر حدة مع مخطط 'المغرب الأخضر' الذي لا يمكن تسميته سوى بـ'الهروب إلى الأمام'، لأنه شكل استمرارا للسياسات المتبعة من قبل والأدهى من ذلك أنه أهمل بشكل كلي قضية الماء.
وأكد أقصبي أنه وقع انحراف خطير جدا في مخطط 'المغرب الأخضر' لأنه قدم الكثير من الدعم بلا حسيب ولا رقيب ودون دفتر تحملات واضح، مضيفا ' اليوم فقط يتحدثون عن عقد مرتبط بالفرشة المائية، والسؤال لماذا لم نفعل ذلك منذ 40 سنة كي نحافظ على مواردنا المائية؟'.
واعتبر أن المغرب اتبع سياسة إجرامية اتجاه الموارد المائية خاصة أن الإمكانيات الموضوعية للمغرب سواء على مستوى الأرض والمياه والمناخ لا تسمح له بأن ينتج كل ما يريد، مؤكدا في ذات الوقت أن السيادة لها كلفة لكن ليس لديها ثمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- لكم
أقصبي: الدولة سمحت باستنزاف الفرشة المائية لصالح نموذج فلاحي موجه للتصدير
قال المحلل الاقتصادي نجيب أقصبي إن المغرب يعيش اللاسيادة الغذائية، إذ أنه منذ جفاف بداية الثمانينات السيناريو معروف مع الأسف، يأتي الجفاف فتقع التعبئة على جميع المستويات، وبمجرد هطول الأمطار ننسى كل شيء إلى حين أن يحل الجفاف المقبل. وأكد أقصبي خلال مشاركته نهاية الأسبوع المنصرم في الجامعة الربيعية التي نظمتها 'فدرالية اليسار الديمقراطي' بمدينة الجديدة، أنه لا تجوز في الأصل المقارنة بين فترة الثمانينات والظرفية الحالية بسبب النمو الديمغرافي وما يوازيه من ارتفاع للطلب، إلى جانب التدهور في الفرشة المائية نتيجة التغيرات المناخية. وأضاف ' يجب أن لا نكذب على أنفسنا بالقول إن لدينا مؤهلات فلاحية، لأنه مع الأسف عشنا مع خدعة طيلة 50 سنة، لأن الفلاحة المغربية لا يمكن أن تضمن الأمن الغذائي لحوالي 40 مليون مغربي، وأن تضمن العيش الكريم لحوالي 13 مليون من المواطنين القاطنين بالعالم القروي، كما أنها لا يمكن أن تكون محرك النمو الاقتصادي'. وأشار أننا اليوم لا نعيش التغيرات المناخية فقط بل دخلنا في عصر التقلبات الجيوسياسية، طابعها الأساسي هو اللايقين، وهو ما يدفعنا إلى اللجوء للسوق الدولية بالنسبة للكثير من المواد التي لا يمكن أن يكون لنا اكتفاء ذاتي منها. وتحدث أقصبي عن الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة ندرة المياه، ومنها مشاريع النقل بين الأحواض المائية، مؤكدا أنها ليست بديلا يمكن التعويل عليه في مواجهة أزمة الماء. واستغرب كيف أن المغرب من البلدان القليلة التي أعطت الأولوية للفلاحة، علما أن معظم الدول ركزت على الصناعة، كما أنه أعطى الأولوية لتعبئة المياه وسياسة السدود في الثمانينات وفي النهاية وصلنا للعجز المائي، لأن التركيز كان على بناء السدود الكبرى التي عبأت لها إمكانيات مالية وبشرية وتنظيمية هائلة في مجال محدود جدا. وتابع ' اليوم إذا جمعنا المناطق المسقية كلها فإنها لا تتجاوز 800 ألف هكتار، وهو ما يمثل 12 في المائة فقط من الأراضي، مما يعني أن 86 في المائة من الأراضي بما فيها الموجودة في العالم القروي جرى تهميشها'. وتحدث أقصبي أيضا على مشاكل اختيار نظام السقي، ذلك أن 40 في المائة من المياه تتبخر في طريقها من السدود إلى الضيعات الفلاحية، مؤكدا أنه كانت هناك أخطاء كبرى سواء على مستوى أنظمة السقي ولا نوعية الزراعات. وشدد على أن هذه المشاريع خصصت لها الدولة موارد مالية مهمة من أموال المغاربة، لذلك جرى التركيز على نموذح فلاحي موجه للخارج يحقق الربحية ويجلب العملة الصعبة، لافتا أن الدولة وفي إطار حرية السوق سمحت للفلاحين الكبار أن يفعلوا ما يشاؤوا، سواء بتوسيع قفة المواد المصدرة للخارج أو الأخطر من هذا وهو توسيع دائرة المناطق المسقية ليس من السدود بل من الفرشة المائية. وسجل أنه قبل مخطط 'المغرب الأخضر' أسس صندوق التنمية الفلاحية سنة 1986 وأعطى دعما كبيرا للسقي وحفر الآبار، مشيرا أنه من البداية نهجنا سياسية تغذي التبعية الغذائية واستمررنا فيها بشكل أكثر حدة مع مخطط 'المغرب الأخضر' الذي لا يمكن تسميته سوى بـ'الهروب إلى الأمام'، لأنه شكل استمرارا للسياسات المتبعة من قبل والأدهى من ذلك أنه أهمل بشكل كلي قضية الماء. وأكد أقصبي أنه وقع انحراف خطير جدا في مخطط 'المغرب الأخضر' لأنه قدم الكثير من الدعم بلا حسيب ولا رقيب ودون دفتر تحملات واضح، مضيفا ' اليوم فقط يتحدثون عن عقد مرتبط بالفرشة المائية، والسؤال لماذا لم نفعل ذلك منذ 40 سنة كي نحافظ على مواردنا المائية؟'. واعتبر أن المغرب اتبع سياسة إجرامية اتجاه الموارد المائية خاصة أن الإمكانيات الموضوعية للمغرب سواء على مستوى الأرض والمياه والمناخ لا تسمح له بأن ينتج كل ما يريد، مؤكدا في ذات الوقت أن السيادة لها كلفة لكن ليس لديها ثمن.


بيان اليوم
٢٥-٠٣-٢٠٢٥
- بيان اليوم
تضارب أرقام الحكومة يفضي إلى إفلاس قطاع اللحوم الحمراء
تستمر اللحوم الحمراء في إثارة الجدل بالمغرب. فرغم بداية عرض الماشية التي كانت موجهة لعيد الأضحى بالأسواق الأسبوعية، إلا أن مؤشرات الأسعار لم تتزحزح إلا ببعض السنتيمات، بل لم تتغير قيد أنملة ببعض المدن من قبيل الدار البيضاء. وحمل محمد الذهبي الكاتب العام لاتحاد المقاولات والمهن بالمغرب، مسؤولية هذا الوضع إلى «التضارب الواضح في الأرقام بين السنة الماضية وهذه السنة، وما رافق ذلك من تضليل للرأي العام من قبل وزارة الفلاحة، حول وجود القطيع وادعاء أن الاستيراد سيكون حلا لتعزيزه». وقال محمد الذهبي، في تصريح لجريدة بيان اليوم، «إن السؤال الجوهري الذي يجب طرحه هو أين ذهب القطيع المغربي، رغم مليارات الدراهم التي خصصت لدعم سلسلة تربية الماشية؟»، مؤكدا على ضرورة فتح تحقيقات في سبب هذا الإفلاس، وفتح نقاش جدي حول مدى نجاح برنامج المغرب الأخضر، مضيفا «نحن لا نريد اليوم الأرقام التي يتم تضخيمها، والتي لا علاقة لها بما يوجد في الواقع، والدليل الأثمنة الخيالية للخضر والفواكه، ومن ثم فإن المخطط الأخضر فشل في تأمين غذائنا». وأوضح الذهبي، أنه لا يمكن تعليق الشماعة على الجفاف فقط، لأن الجفاف ليس بالمستجد الطارئ على المغرب، الذي عاش هذه الظرفية منذ سنوات، بيد أنه لم يصل في يوم من الأيام لهذا الحجم من الخصاص في الغذاء الذي تلجأ الحكومة إلى استيراده لسد العجز. ويشير الكاتب العام لاتحاد المقاولات والمهن بالمغرب، إلى أنه رغم التوقعات التي تحدثت عن انخفاض أسعار اللحوم بعد تعليق شعيرة ذبح الأضاحي، إلا أن ذلك لن يحل الأزمة، لاسيما بعد المنع الرسمي لذبح إناث الأغنام والماعز ابتداء من 19 مارس الجاري حتى نهاية مارس 2026. ولأن المغاربة يرفضون استهلاك اللحوم المستوردة، ويتشبثون بالسلع المحلية، اضطر الكثير من الجزارين إلى إغلاق محلاتهم، بفعل عدم القدرة على الاستمرار في تحمل التكاليف الباهظة للإنتاج وتقلص هامش الربح، استنادا إلى تصريح محمد الذهبي. ويدعو المهنيون إلى ضرورة إطلاق حوار وطني حقيقي مع جميع الهيئات المدنية والسياسية والتجارية من أجل تشخيص حقيقي، ومحاولة إيجاد الحلول الكفيلة بتفادي تكرار نفس السيناريو، خصوصا أن المخطط الأخضر ركز على الإبهار بأحجام وأشكال المنتجات الفلاحية بدل توفير الغذاء الجيد لعامة الناس بأثمنة مناسبة. ويرى اتحاد المقاولات والمهن بالمغرب أن الحاجة باتت ماسة إلى إعادة تكوين مهنيي الجزارة، في ظل المستجدات الجديدة، إثر التراجع الخطير في المنتج الوطني من اللحوم الحمراء، وذلك عبر اعتماد تقنيات جديدة في بيع اللحوم، كما هو الحال في المحلات التجارية الكبرى، بدل السخاء في بيع قطع اللحم بأثمنة موحدة، حيث يشدد محمد الذهبي على أن محلات الجزارة التقليدية تُعتبر جزءا من التراث الثقافي والاجتماعي المغربي.


برلمان
٢٤-٠٣-٢٠٢٥
- برلمان
قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز يثير جدلًا واسعًا بين المربين وسط غياب الدعم الحكومي
الخط : A- A+ إستمع للمقال أثار قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، الذي فرضته كل من وزارة الفلاحة والداخلية في بلادنا، جدلًا واسعًا بين المربين، إذ رغم أن الهدف من هذا القرار هو الحفاظ على الثروة الحيوانية في ظل الجفاف الذي تعرفه البلاد، إلا أنه لم يُرفَق بأي دعم مباشر للمربين، مما أثار مخاوفهم من تفاقم أوضاعهم الاقتصادية. وبينما يعتبر البعض أن هذه الخطوة ضرورية للحد من تدهور القطيع، يرى آخرون أنها غير كافية، مطالبين الحكومة بتوفير دعم مالي وهيكلي، مثل منح وقروض ميسرة، لمساعدتهم على مواجهة التحديات المتزايدة. وتواجه الثروة الحيوانية في المغرب تراجعًا كبيرًا بسبب التغيرات المناخية، حيث انخفض عدد الإناث من الأغنام والماعز من 11 مليون رأس في 2016 إلى 8.7 مليون في 2024، ويعود هذا التراجع إلى عوامل عدة، أبرزها الجفاف المتكرر وارتفاع تكاليف الأعلاف. ورغم الدعم الحكومي لاستيراد الماشية، إلا أن ذلك لم يساهم بشكل ملموس في استقرار أسعار السوق المحلية، مما زاد من معاناة 'الكسابة'. وفي سياق متصل، يرى عدد من المهتمين بتربية الماشية أن قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز لا يعكس واقع القطاع، ويفتقر إلى حلول ملموسة للمربين الذين يعانون من ضغوط اقتصادية متزايدة، لا سيما المربين الصغار، الذين يعانون من ارتفاع أسعار المدخلات الزراعية وغياب الدعم المالي. في المقابل، ففي ظل فشل وزارة الفلاحة في حماية القطيع الوطني، دخلت وزارة الداخلية على الخط، لتشرف على تنفيذ قرار منع ذبح إناث الأغنام والماعز، في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث قامت بتعبئة مواردها لضمان تطبيقه بشكل صارم، مما جعلها تتولى دورًا بارزًا في تنفيذ السياسة الزراعية التي يقودها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الذي فشلت خطته 'المغرب الأخضر' رغم الميزانية الضخمة المرصودة لها.