logo
تقرير من بئر الحياة إلى قبر جماعي.. جريمة إسرائيلية في جباليا النزلة

تقرير من بئر الحياة إلى قبر جماعي.. جريمة إسرائيلية في جباليا النزلة

فلسطين أون لاينمنذ 10 ساعات

غزة/ جمال غيث:
في مشهدٍ كان من المفترض أن يرمز إلى الأمل والحياة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أول من أمس (الأحد) مجزرة مروعة بحق مجموعة من النشطاء والمبادرين المدنيين، في أثناء حفرهم بئر مياه في منطقة جباليا النزلة شمال قطاع غزة.
وبعد ساعات من الجهد والعمل المضني، نجح عدد من المتطوعين في استخراج المياه من باطن الأرض، في محاولة لتخفيف معاناة السكان الذين يعانون شح المياه، نتيجة تدمير جيش الاحتلال البنية التحتية خلال توغله في المنطقة.
ولم تدم الفرحة طويلًا، إذ باغتتهم طائرة استطلاع إسرائيلية من نوع "زنانة" بصاروخ مباشر، مما أدى إلى استشهاد ثمانية منهم على الفور، إضافة إلى إصابة العشرات، وفق ما أفادت به مصادر طبية.
استهداف ممنهج
يقول محمد سعد الله، وهو أحد سكان المنطقة وشاهد على المجزرة: "ما إن تدفقت المياه وبدأت الابتسامات تعلو وجوه الجميع، حتى اخترقت السماء طائرة استطلاع وأطلقت صاروخًا قاتلًا، فتناثرت الأجساد في لحظة، وتحول موقع الأمل إلى مشهد مروّع من الدمار والدماء".
ويضيف سعد الله لصحيفة "فلسطين": "هذه المنطقة تعاني منذ فترة طويلة من انقطاع المياه، بعد أن دمر الاحتلال شبكات المياه الرئيسية وآبار الشرب خلال اجتياحه المتكرر لجباليا، واليوم، استُهدف هذا المشروع التطوعي البسيط، فقط لأنه يمثل صمودنا وحياتنا".
وتابع: "الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل يعكس سياسة ممنهجة يتبعها جيش الاحتلال لتدمير كل مقومات الحياة في غزة".
وأشار إلى أن البئر الذي تم حفره بأدوات بسيطة وبجهود شبابية تطوعية، كان يهدف إلى تزويد مئات الأسر بمياه الشرب، في ظل أزمة إنسانية خانقة يعيشها القطاع منذ شهور طويلة.
مجزرة بشعة
أما أحمد أبو وردة، وهو أحد شهود العيان، فقال: "جيش الاحتلال تعمّد استهداف البئر والمبادرين، لأنه ببساطة يريد تجفيف منابع الحياة".
ويضيف بحزن لمراسل فلسطين: "لقد اختلطت المياه بالدماء، والبئر الذي كان رمزًا للحياة تحوّل إلى شاهد على مجزرة بشعة".
وتابع: "هؤلاء النشطاء لم يكونوا يحملون سلاحًا، ولم يشكلوا أي تهديد. كانوا فقط يحاولون تأمين حاجة أساسية من حاجات الحياة، وهي الماء".
وتساءل: "لماذا يُقتَل من يسعى لتأمين المياه لعائلته؟ وبأي منطق يُستهدف المدنيون بهذه الوحشية؟".
وأوضح أن هذا الاستهداف يأتي ضمن سياسة الضغط والتجويع التي يمارسها الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، والتي شملت في الأشهر الأخيرة تدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب استهداف المخابز والمستشفيات والملاجئ.
ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مفتوحة على قطاع غزة، خلّفت حتى الآن أكثر من 173 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود.
ورغم المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية استهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية والمرافق الحيوية، في تحدٍّ سافر لكل المواثيق الدولية.
وقد استأنفت سلطات الاحتلال حربها الوحشية على القطاع في 18 مارس 2025، بعد اختراق اتفاق الهدنة الذي رعته كل من قطر ومصر، وبدعم من الولايات المتحدة، واستمر 58 يومًا.
ومنذ ذلك اليوم، ارتقى نحو 3,193 شهيدًا، وأُصيب أكثر من 8,992 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في غزة.
المصدر / فلسطين أون لاين

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير من بئر الحياة إلى قبر جماعي.. جريمة إسرائيلية في جباليا النزلة
تقرير من بئر الحياة إلى قبر جماعي.. جريمة إسرائيلية في جباليا النزلة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 10 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير من بئر الحياة إلى قبر جماعي.. جريمة إسرائيلية في جباليا النزلة

غزة/ جمال غيث: في مشهدٍ كان من المفترض أن يرمز إلى الأمل والحياة، ارتكب جيش الاحتلال الإسرائيلي مساء أول من أمس (الأحد) مجزرة مروعة بحق مجموعة من النشطاء والمبادرين المدنيين، في أثناء حفرهم بئر مياه في منطقة جباليا النزلة شمال قطاع غزة. وبعد ساعات من الجهد والعمل المضني، نجح عدد من المتطوعين في استخراج المياه من باطن الأرض، في محاولة لتخفيف معاناة السكان الذين يعانون شح المياه، نتيجة تدمير جيش الاحتلال البنية التحتية خلال توغله في المنطقة. ولم تدم الفرحة طويلًا، إذ باغتتهم طائرة استطلاع إسرائيلية من نوع "زنانة" بصاروخ مباشر، مما أدى إلى استشهاد ثمانية منهم على الفور، إضافة إلى إصابة العشرات، وفق ما أفادت به مصادر طبية. استهداف ممنهج يقول محمد سعد الله، وهو أحد سكان المنطقة وشاهد على المجزرة: "ما إن تدفقت المياه وبدأت الابتسامات تعلو وجوه الجميع، حتى اخترقت السماء طائرة استطلاع وأطلقت صاروخًا قاتلًا، فتناثرت الأجساد في لحظة، وتحول موقع الأمل إلى مشهد مروّع من الدمار والدماء". ويضيف سعد الله لصحيفة "فلسطين": "هذه المنطقة تعاني منذ فترة طويلة من انقطاع المياه، بعد أن دمر الاحتلال شبكات المياه الرئيسية وآبار الشرب خلال اجتياحه المتكرر لجباليا، واليوم، استُهدف هذا المشروع التطوعي البسيط، فقط لأنه يمثل صمودنا وحياتنا". وتابع: "الهجوم لم يكن عشوائيًا، بل يعكس سياسة ممنهجة يتبعها جيش الاحتلال لتدمير كل مقومات الحياة في غزة". وأشار إلى أن البئر الذي تم حفره بأدوات بسيطة وبجهود شبابية تطوعية، كان يهدف إلى تزويد مئات الأسر بمياه الشرب، في ظل أزمة إنسانية خانقة يعيشها القطاع منذ شهور طويلة. مجزرة بشعة أما أحمد أبو وردة، وهو أحد شهود العيان، فقال: "جيش الاحتلال تعمّد استهداف البئر والمبادرين، لأنه ببساطة يريد تجفيف منابع الحياة". ويضيف بحزن لمراسل فلسطين: "لقد اختلطت المياه بالدماء، والبئر الذي كان رمزًا للحياة تحوّل إلى شاهد على مجزرة بشعة". وتابع: "هؤلاء النشطاء لم يكونوا يحملون سلاحًا، ولم يشكلوا أي تهديد. كانوا فقط يحاولون تأمين حاجة أساسية من حاجات الحياة، وهي الماء". وتساءل: "لماذا يُقتَل من يسعى لتأمين المياه لعائلته؟ وبأي منطق يُستهدف المدنيون بهذه الوحشية؟". وأوضح أن هذا الاستهداف يأتي ضمن سياسة الضغط والتجويع التي يمارسها الاحتلال بحق سكان قطاع غزة، والتي شملت في الأشهر الأخيرة تدمير شبكات المياه والكهرباء والصرف الصحي، إلى جانب استهداف المخابز والمستشفيات والملاجئ. ومنذ السابع من أكتوبر 2023، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربًا مفتوحة على قطاع غزة، خلّفت حتى الآن أكثر من 173 ألف شهيد وجريح، معظمهم من النساء والأطفال، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود. ورغم المطالبات الدولية بوقف إطلاق النار، تواصل آلة الحرب الإسرائيلية استهداف الأحياء السكنية والبنى التحتية والمرافق الحيوية، في تحدٍّ سافر لكل المواثيق الدولية. وقد استأنفت سلطات الاحتلال حربها الوحشية على القطاع في 18 مارس 2025، بعد اختراق اتفاق الهدنة الذي رعته كل من قطر ومصر، وبدعم من الولايات المتحدة، واستمر 58 يومًا. ومنذ ذلك اليوم، ارتقى نحو 3,193 شهيدًا، وأُصيب أكثر من 8,992 آخرين، معظمهم من المدنيين، بحسب وزارة الصحة في غزة. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير خبراء: السوق العربي ورقة ضغط قوية لمقاطعة منتجات الاحتلال وداعميه
تقرير خبراء: السوق العربي ورقة ضغط قوية لمقاطعة منتجات الاحتلال وداعميه

فلسطين أون لاين

timeمنذ 10 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير خبراء: السوق العربي ورقة ضغط قوية لمقاطعة منتجات الاحتلال وداعميه

غزة/ رامي رمانة: مع تواصل حرب الإبادة على قطاع غزة، يؤكد خبراء في الاقتصاد أن المقاطعة الاقتصادية أداة ضغط فعّالة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي والدول التي تواصل دعمه، وأنها تُلحِق خسائر اقتصادية مباشرة، شريطة تنظيمها وتوسيع نطاقها على المستوى الشعبي والمؤسسي. وأكدوا أن الانتقال إلى خطوات اقتصادية حقيقية قد يدفع بعض الأطراف الداعمة للاحتلال إلى إعادة النظر في مواقفها، خاصة إذا مُسّت مصالح شركاتها الكبرى. يرى الخبير الاقتصادي د. وليد الجدي أن المقاطعة الاقتصادية لمنتجات الاحتلال الإسرائيلي والدول الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، بلغت ذروتها مع بداية العدوان، لكنها تراجعت مؤخرًا. وأكد الجدي لصحيفة "فلسطين" أهمية استعادة زخم المقاطعة عبر دعم المؤسسات والمنصات المعنية، وتوسيع حملات التوعية الشعبية. وشدد على أن توجيه المقاطعة نحو منتجات استراتيجية مثل التكنولوجيا والصناعات المتقدمة يُعد مفتاحًا حقيقيًا للتأثير، لكونه يستهدف مصالح الشركات الكبرى التي تضغط بدورها على حكوماتها. ورغم تصاعد العدوان، تشير بيانات رسمية إلى أن التبادل التجاري بين بعض الدول العربية التي أقامت علاقات تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي لم يتراجع، بل شهد ارتفاعًا ملحوظًا. فقد بلغ إجمالي التبادل التجاري بين الاحتلال الإسرائيلي ودول عربية مطبِّعة نحو 6.1 مليارات دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 حتى فبراير/شباط 2025، بينها 4.57 مليارات دولار صادرات عربية إلى الاحتلال، و1.57 مليار دولار واردات منه. تتصدّر الإمارات هذه القائمة بـ4.3 مليارات دولار، تليها مصر بـ548.4 مليون دولار، ثم الأردن، المغرب، والبحرين. أما الواردات من الاحتلال فتضمنت مواد غذائية، ألماسًا، أسمدة، ومنتجات طبية، ما يثير تساؤلات حول فعالية المقاطعة، خصوصًا في ظل استمرار العلاقات الاقتصادية النشطة رغم الكارثة الإنسانية في غزة. من جانبه، أكد الخبير الاقتصادي د. هيثم دراغمة أن المقاطعة الشعبية لا تقل أهمية عن الضغط السياسي والدبلوماسي، بل تمثّل أداة اقتصادية مباشرة قادرة على إحداث خسائر ملموسة للاحتلال الإسرائيلي والدول التي تدعمه، خاصة على المدى القريب والمتوسط. وشدد دراغمة لـ"فلسطين" على ضرورة تنظيم المقاطعة بعيدًا عن ردود الأفعال العاطفية، مؤكدًا أنها "استراتيجية اقتصادية فعّالة ومجرّبة"، إذا ما نُفِّذت بشكل مؤسسي وشعبي مستمر. ونوّه إلى أن دولة الاحتلال والدول الداعمة لها لا تواجه المقاطعة بالسكون، بل تعتمد على جملة من الأساليب للتحايل عليها والالتفاف على تأثيرها. وأبرز هذه الأساليب، وفق دراغمة، يتمثل في إعادة تصدير المنتجات عبر دول وسيطة، وتغيير بلد المنشأ أو شكل التغليف، بما يجعل المنتج يبدو كأنه وارد من دولة غير مستهدفة بالمقاطعة، ما يضلل المستهلكين. وأشار إلى أن بعض الشركات متعددة الجنسيات تقوم بتسويق منتجات إسرائيلية أو أمريكية داعمة للاحتلال تحت علامات تجارية لا تُظهر ارتباطها السياسي، ما يصعّب مهمة التمييز بين المنتجات. ونوّه دراغمة إلى أن الاحتلال وأنصاره في الدول الغربية يقودون حملات دعائية منظمة تستهدف تشويه صورة المقاطعة واتهامها بمعاداة السامية ونشر الكراهية، وهو ما يؤثر في الرأي العام ويقوّض انتشار هذه الحملات. وأضاف أن دولة الاحتلال تستغل نفوذها السياسي لفرض تشريعات تحظر دعم المقاطعة، كما يحدث في عدد من الولايات الأمريكية، حيث سُنّت قوانين تجرّم دعم حملات مثل BDS. وتُظهر البيانات الرسمية أن حجم التبادل التجاري بين الدول العربية والولايات المتحدة بلغ نحو 141.7 مليار دولار في عام 2023، منها 80.4 مليار دولار صادرات أمريكية إلى المنطقة، مقابل 61.3 مليار دولار واردات من الدول العربية، مما يمثّل فائضًا تجاريًا لصالح الولايات المتحدة قدره 19.1 مليار دولار. وتتصدّر الإمارات العربية المتحدة قائمة الدول العربية الأكثر استيرادًا من الولايات المتحدة، بحجم تبادل بلغ 34.4 مليار دولار، تليها السعودية بـ29.7 مليار دولار. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير الدفن "ممنوع" أيضًا.. "العالول" يفجع بابنته بلا وداع
تقرير الدفن "ممنوع" أيضًا.. "العالول" يفجع بابنته بلا وداع

فلسطين أون لاين

timeمنذ يوم واحد

  • فلسطين أون لاين

تقرير الدفن "ممنوع" أيضًا.. "العالول" يفجع بابنته بلا وداع

غزة/ نبيل سنونو: "وين نهى؟" بهذا السؤال، الذي سقط كالصاعقة، بدأ الغزي شحدة العالول يدرك حجم الفقد. نزح الرجل مع عائلته قسرا على دفعات تحت نيران القصف الإسرائيلي المكثف على بيت لاهيا، الجمعة، وتمكن معظمهم من الوصول إلى محيط المستشفى الإندونيسي، لكن ثلاثة من أبنائه كانوا يهمون باللحاق بهم، بينهم نهى، الطالبة في كلية الهندسة. رد إخوتها عليه: "أُصيبت... بدها إسعاف". سقطت قنبلة إسرائيلية عليها بينما كانت تمر في أرض زراعية تعرف بـ"أرض مسعود". صرخت، ثم خفت صوتها، ولم تتحرك. ومنذ تلك اللحظة، بدأت حكاية أب لا يستطيع حتى أن يودع ابنته، ولا أن يضع يده على جبينها. "ليل الجمعة الماضي، كان ثقيلا على غزة، وخاصة على تقاطع شارع السكة مع المستشفى الإندونيسي في بيت لاهيا حيث نقطن"، يقول العالول لصحيفة "فلسطين" بكلمات مدفوعة بالأسى. كانت المنطقة تتعرض لقصف عنيف من الطائرات والمدفعية الإسرائيلية، ازدادت حدته مع بزوغ الصباح. بين البيوت المتساقطة والطرقات المهجورة، وجد العالول نفسه مجبرا على النزوح مع أسرته. كأن وجعًا واحدًا لا يكفيه. وسط طريق محفوفة بالمخاطر، تلقى العالول "الضربة" مرتين: نزوح قسري تحت النيران، وخبر جاءه من حيث لا يعلم عن استشهاد ابنته بالقنبلة. حاول الإخوة الالتفاف والعودة إليها، لكن كل محاولة كانت تقابل بقصف إسرائيلي أعنف. السماء كانت تغصّ بمسيّرات "كواد كابتر"، والطائرات الحربية لا تفارق الأجواء. المكان تحول إلى منطقة موت مفتوح. "سألنا الإسعاف عن إمكانية التحرك... قالوا الوضع مستحيل". حتى طواقم الإنقاذ لم يتح لها الاقتراب. القذائف صارت تصل المستشفى ذاته، ففر الناس إلى داخله، يطلبون الحياة أو ما يشبهها. فقد العالول أي حيلة وغادر المنطقة مع 14 فردا من العائلة: "أجبرنا على أن نتركها هناك... شيء ما بيوصف، أنك تترك بنتك على الأرض، ولا تقدر حتى تحط يدك عليها". ظن العالول أن الأيام القادمة قد تحمل له فرصة دفن ابنته، أو حتى إشعار إنساني من أحد. لكن مع استمرار الكثافة النارية، لا يزال يصطدم بالعجز عن الوصول إليها. "كلمنا الهلال الأحمر... قالوا: لو كانت جريحة نحاول، أما شهيدة لا. لا تفكروا حتى تقتربوا"، يتابع سرد وجعه. في اليوم الثاني، عرف من اثنين لم ينزحا من المنطقة بعد، أنهما رأيا جثمانها، غطياه برداء بسيط، ثم فرا مجددا تحت وابل النار. في غمرة الحيرة والحزن، سألهما: "في طريقة نجيبها؟ فأجابا: مستحيل. الطائرات ترصد كل حركة، تقذف أي شيء يتحرك". ثلاثة أيام، وجسد ابنته يعلوه الغبار والقهر، وهو لا يملك إلا أن يراها في خياله، تتوسد الأرض وحدها دون أن يمكنه الاحتلال حتى من دفنها لئلا تنهش جثمانها الكلاب. لم يودعها، أو يلمس جبينها، ولم يهمس لها كما كان يفعل في صغرها. حالها في ذلك، كبقية الشهداء الغزيين الذين مارس الاحتلال الجرائم ضدهم في حياتهم وبعد ارتقائهم، وقد تجاوز عددهم الـ50 ألف شهيد منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. "التميز بالشهادة" يطرق حديث نهى، الشاعرة الحنونة، قلب أبيها، ولا يزال يتردد في أذنيه. ولطالما أبدت تأثرها بنجاحه فهو شاعر يحمل في قلبه 23 ديوانا، ومؤلف لـ20 كتاب، ومحاضر وخطيب في المساجد. كانت تقول له: "أريد أن أكون متميزة بين أقراني" لكنها استشهدت دون أن تحتضن أحلامها، وها هو القدر يمنحها التميز بالشهادة، كما يقول والدها مواسيا نفسه. ولم تكن أول فقيدة في أسرة العالول. قبلها، في نوفمبر 2023 وضمن حرب الإبادة الجماعية، استشهدت ابنته مؤتة، نازحة أيضا، حين قصف الاحتلال المبنى الذي لجأت إليه في منطقة الصحابة بغزة. استشهد معها ثلاثة من أبنائها، بينما نجا اثنان وابنة واحدة كانوا قد خرجوا لشحن هواتفهم حينها. وإن لم يكن الحزن كافيا، فإن العالول يعيش وجعا آخر، إذ أسر الاحتلال أحد أبنائه خلال اقتحامه مستشفى كمال عدوان: "كان متزوجا ولديه أربعة أولاد... أخذوه من بيننا". أما بيته في منطقة "المشروع" ببيت لاهيا، فقد دمره الاحتلال بالكامل، كما استهدف منزله الآخر الذي كان يقطن مع أبنائه وأحفاده طابقا شبه مدمر فيه بمنطقة تقاطع السكة مع "الإندونيسي". حتى محلاته التي كان يعمل فيها خبيرا في الأعشاب، أُبيدت، تماما ككل ما كان يبنيه. وبات العالول الآن أسيرا للحزن، يئن من جرحين: أحدهما في الذاكرة، والآخر على التراب، لم يُدفن بعد. المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store