
"كاري".. مبدع عراقي يصنع السفن والطائرات بيديه وهدفه "الف قطعة" (صور)
شفق نيوز/ من إحدى المدارس الابتدائية في محافظة ميسان، كانت نقطة الانطلاق لفنان فريد من نوعه، لم يكن يملك أدوات احترافية ولا مواد باهظة، بل يحمل موهبة فطرية و يدًا تحول بقايا الخدرة إلى كنز ثمين.
"كاري المالكي"، واسمه الحقيقي كرار جبر، هو اليوم أحد أبرز صانعي المجسمات اليدوية الدقيقة في العراق، أعماله تجاوزت حدود الهواية، وتحولت إلى أدوات تعليمية، ومشاركات فنية، ومشاريع تخرج جامعية.
الشرارة الأولى
وقال المالكي في حديث لوكالة شفق نيوز، إن "كل شيء بدأ عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، حين طلب منا معلم الفنية تنفيذ عمل يدوي، أنجزتُ عملاً بسيطًا، لكنه كان يحمل شيئًا من روحي، وكانت النتيجة مفاجِئة للمعلم إلى درجة أنه شجّعني بكلمات ظلت محفورة في ذاكرتي، منذ تلك اللحظة، شعرت بأن لديّ شيئًا يجب أن أعمل عليه".
وأضاف، أن "المرحلة المتوسطة، كانت مشاركاتي فيها قليلة ومتقطعة، لكن الشغف لم يفارقني، في كل مرة أرى فيها قطعة خشب أو سلكًا أو معدنًا، أتخيل ما الذي يمكن أن أصنعه منها، كانت البدايات بسيطة، ولم تتجاوز كونها تجارب فردية".
وأوضح كرار، أن "مرحلة الإعدادية والجامعة كانت انطلاق الذروة، هناك بدأت أعمالي تتحسن بشكل ملحوظ، وبدأ الناس يلاحظون ذلك، وأصبح فني يأخذ طابعًا أكثر واقعية ودقة، كنت أحاول في كل قطعة أن أطور نفسي، وأتعلم من كل تفصيلة".
وتابع، أن "انشغالي بالدراسة، لم يجعلن أترك الفن، كنت أدرس وأعمل في الوقت نفسه، حتى إن قلّت ساعات نومي، فالأهم بالنسبة لي كان إنجاز المجسم، لقد أصبح الفن جزءًا من يومي، ومن روحي".
شغف بهوية ثلاثية
واكد كرار، بالقول: "عملي يكون على ثلاثة مسارات فنية: أولاً، أنجز أعمالًا لهوايتي الخاصة وأحتفظ بها، و ثانيًا، أستخدم المجسمات كمحتوى أعرضه عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو أشارك به في مهرجانات ومسابقات، وثالثًا، أنفّذ أعمالاً بطلب من الناس، وأحوّل العائد المادي إلى تطوير أدواتي وورشتي".
وأشار، إلى أن "كل مسار من هذه المسارات يمثل جانبًا مهمًا من حياتي الفنية، ومن خلال الطلبات تمكّنت من شراء معدات جديدة وتطوير نفسي، حتى في ورشة صغيرة جدًا تُعد المصنع والمعرض والمخزن في آنٍ واحد".
وذكر بالقول، ان "أنواعًا مختلفة من المواد، كالألمنيوم، الخشب، الحديد، البلاستيك، وحتى أدوات بسيطة من الخردة، أرى في كل مادة إمكانية حياة مصغّرة يمكن أن تحيكها أناملي لعمل فنيّ يلاقي استحسان الناس و اندهاشهم، وأعمالي متنوعة منها نماذج لمصانع، مضخات، محطات طاقة، سفن، سيارات، وحتى طائرات، بعض المجسمات أنجزها بحيث تعمل فعليًا، تتحرك وتحاكي الواقع، و تؤدي أدواراً أشبه بدورها الحقيقي لكن بشكل مصغر، و لا تقتصر على الجانب الجمالي فقط".
واستدرك قائلاً: "العديد من أساتذة الجامعات والطلاب يستخدمون أعمالي كمجسمات تعليمية، لا سيما في مجالات العلوم والهندسة، حتى بعض مشاريع التخرج اعتمدت على نماذجي، وعدد الأعمال الموثقة لدي حاليًا يبلغ نحو 300 عمل، وتتراوح أحجامها من 10 سنتيمترات إلى مترين، ومشكلتي الوحيدة أنني أحتفظ بغالبية هذه الأعمال في ورشتي الصغيرة جدًا، ولا تتوفر مساحة كافية للعرض".
وأشار كرار إلى جانب آخر من تجربته قائلاً، إن "أكثر ما يُتعبني هو الإصابات، خصوصًا من الأدوات الحادة، مثل السكاكين والمثاقب، لكن كل جرح في يدي يذكّرني أن هذا التعب لن يذهب هدرًا".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
"السعفة الذهبية" لمخرج إيراني و"أفضل ممثلة" لفرنسية عن دور "مسلمة مثلية"
شفق نيوز/ توج المخرج الإيراني المعارض، جعفر بناهي، يوم السبت، بجائزة السعفة الذهبية في مهرجان كان السينمائي، فيما حصلت الممثلة الفرنسية نادية مليتي البالغة 23 عاما على جائزة "أفضل ممثلة". وجاء فوز المخرج الإيراني عن فيلمه "مجرد حادث" الذي صُوّر في السر، ويقدّم قصة أخلاقية حول سعي مجموعة من السجناء السابقين للانتقام من جلاديهم، فيما كان تتويج الممثلة الفرنسية عن أول دور سينمائي لها في فيلم "La petite derniere" ("الأخت الصغيرة") للمخرجة حفصية حرزي. وحضر المخرج بناهي، البالغ من العمر 64 عاما، المهرجان للمرة الأولى منذ 15 عاما، حيث صعد إلى المنصة لتسلم أرفع جوائز المهرجان. واغتنم هذه اللحظة ليوجه نداء من أجل الحرية في بلاده. وقال المخرج باللغة الفارسية، وفق الترجمة التي قدمها المهرجان: "أعتقد أن هذه اللحظة مناسبة لسؤال كل الناس، جميع الإيرانيين، بكل آرائهم المختلفة، داخل إيران وخارجها، أن يضعوا جانبا كل الخلافات، فالأمر الأهم في هذه اللحظة هو بلدنا وحرية بلدنا." ويخيم الغموض على مستقبل بناهي في إيران بعد صدور فيلمه الحادي عشر، خاصة أن السلطات الإيرانية سبق أن حكمت عليه في عام 2010 بالسجن ست سنوات، ومنعته من الإخراج والسفر لمدة عشرين عاما. ومع ذلك، واصل صنع أفلامه سرا. وفي حديث لوكالة فرانس برس قبل أيام، قال بناهي: "الأهم هو أن الفيلم أُنتج. لم أفكر في ما قد يحدث بعد ذلك. أشعر بأني حيّ ما دمت أصنع أفلاما." وخلال تسليم الجائزة، أشادت رئيسة لجنة التحكيم الممثلة الفرنسية جولييت بينوش بدور الفن في مواجهة التحديات، قائلة: "الفن يستفز ويطرح الأسئلة ويبدّل الأوضاع. إنه يحرك الطاقة الإبداعية لأثمن وأحيا ما فينا. إنها قوة قادرة على تحويل الظلام إلى غفران وأمل وحياة جديدة." ويُعد هذا التتويج محطة جديدة في مسيرة بناهي الحافلة، حيث سبق له الفوز بـ"الدب الذهبي" مرتين في مهرجان برلين، إضافة إلى ثلاث جوائز في مهرجان كان، وأخرى في مهرجان البندقية، رغم القيود المشددة التي تفرضها السلطات الإيرانية على تحركاته. فيما جاء حصول الممثلة الفرنسية نادية مليتي على جائزة أفضل ممثلة، عن دور فاطمة ابنة السبعة عشر عاما، وهي شابة مسلمة تكتشف مثليتها الجنسية. الفيلم مقتبس من رواية سيرة ذاتية للكاتبة فاطمة دعاس صادرة عام 2020. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مليتي قولها: "عندما قرأت الكتاب، شعرت فورا بتواصل مع القصة لأنها أثرت فيّ بعمق، وكذلك مع هذا السعي للتحرر. لقد شعرت بالقرب منها كثيرا (...) بسبب محيطها وخلفيتها الاجتماعية".


شفق نيوز
منذ يوم واحد
- شفق نيوز
"الجمال والخدمات".. دهوك تستعد لمهرجان شامل للإحتفاء بالمحافظة (صور)
شفق نيوز/ أعلنت دائرة الثقافة والفن في محافظة دهوك، يوم السبت، عن استكمال الاستعدادات لإحياء مهرجان "يوم المحافظة"، بمشاركة مؤسسات وفرق فنية مختلفة. وقال حسن فتاح، مسوول الإعلام في الدائرة، لوكالة شفق نيوز، إن "المهرجان سينطلق في الـ27 من هذا الشهر تحت شعار، دهوك الجمال وتوفير الخدمات، بنسخته الـ11". وأضاف "يهدف المهرجان الى تسليط الضوء على الانجازات التي حققتها المحافظة في مختلف المجالات الى جانب تعزيز روح الانتماء والتعائيش والاعتزاز بهوية دهوك الثقافية والاجتماعية". وأوضح أن "المهرجان يتضمن ثلاثة محاور رئيسية، الأول رياضي يتمثل بالاحتفاء بفوز نادي دهوك الرياضي بكأس بطولة أندية الخليج، والثاني تعريفي يركز على ابراز جهود الدوائر الحكومية من خلال عرض المشاريع الخدمية والتنموية المنجزة، فيما يتمحور الثالث حول الفنون والتراث من خلال تنظيم حفلات غنائية وعروض موسيقية تقدمها فرق محلية، بالاضافة الى فقرات فلكلورية ودبكات تعكس التنوع الثقافي للمنطقة". واختتم حديثه بـ"الاشارة الى ان يوم دهوك يحمل بعدا رمزيا كبيرا، إذ تم اعلانها كمحافظة رسمية في عام 1969 بعد ان كانت تابعة لمحافظة نينوى، ومنذ ذلك الحين شهدت دهوك تطورا كبيرا في قطاعات متعددة جعلها احدى المحافظات البارزة في اقليم كوردستان العراق، والبلد بالكامل".

شفق نيوز
منذ 2 أيام
- شفق نيوز
"ثورة ناعمة" على سفين في اربيل.. نساء يتسلقن الجدران الجيرية كسرا للتقاليد (صور)
شفق نيوز/ في ظل جبل سفين في اربيل، تنكشف ثورة هادئة ولكن حازمة ليس من خلال الاحتجاجات أو السياسة، ولكن من خلال النساء اللواتي يربطن الحبال، ويتشبثن بالجدران الجيرية، ويتسلقن إلى ارتفاعات غير مستكشفة. لا تزال رياضة تسلق الصخور في أربيل في بداياتها مقارنةً بمناطق أخرى في إقليم كوردستان، مثل السليمانية، حيث ثقافة تسلق الجبال أكثر تطورًا وتنظيمًا، لكن مجموعة صغيرة من المتسلّقات لا يقتصر دورهن على تسلق الصخور، بل يتجاوزنه لكسر الحواجز أيضًا. من بينهن مينا أياد، المتسلقة الشابة المتدربة احترافيا، وأصبحت من أوائل الشخصيات النسائية المعترف بها في مجتمع تسلق الجبال الناشئ في أربيل. تقول مينا لوكالة شفق نيوز: "انضممتُ لأول مرة إلى تدريب التسلق والإنقاذ الذي يقدمه اتحاد تسلق الجبال الكوردستاني عام 2022، من بين جميع المشاركات، كانت هناك ثلاث نساء فقط وكنتُ واحدةً منهن، حطمتُ الرقم القياسي في وقت الإنقاذ". منذ ذلك الحين، شاركت مينا في تدريبات متقدمة على التسلق، بل وحتى في تسلق الجليد والإنقاذ، لكن الرحلة لم تكن دائمًا سلسة، تقول: "توقفت عن التسلق لفترة لأنني كنت الأنثى الوحيدة في المجموعة، شعرتُ بالعزلة". لم يمنعها ذلك من العودة بعزيمة أكبر، تتدرب مينا الآن أسبوعيًا مع فريق تسلق اتحاد متسلقي الجبال في أربيل، إلى جانب متسلقات أخريات مثل هداية آزاد، 25 عامًا، التي انضمت إلى الفريق عام 2024 بعد تجربة تسلق غيّرت حياتها في وادي الموسيقى. تتذكر هداية بالقول: "التقيت بمينا على جبل سفين، وعلمتني كيفية التسلق، شعرت بتدفق هائل من الأدرينالين، فسألتها على الفور متى سنعود لنتسلق؟ ومنذ ذلك الحين، أتسلق أربع مرات أسبوعيًا". تتدرب هداية ومينا لتصبحا متسلقتين رئيسيتين، مع التركيز على تقنيات التثبيت وتثبيت المرساة والإنقاذ، كما تسعيان للحصول على شهادة كمرشدتين في التسلق، ليس فقط لرياضة التسلق، بل لبناء جيل جديد من المتسلقات. ويوجد في أربيل حاليًا موقعان رسميان للتسلق، وهما "ربن بويا"، الذي تم تطويره في عام 2010، و"مسارات وادي الموسيقى" بالقرب من جبل سفين، التي تم إنشاؤها في عام 2019. ووفقًا لسيامند جعفر، المتسلق المخضرم ورئيس قسم التعليم في مركز أربيل لاتحاد تسلق الجبال الكوردستاني، فإن هذه المواقع آمنة ولكنها لا ترقى إلى المعايير الدولية بعد. يؤكد سيامند لوكالة شفق نيوز: "بدأت رياضة التسلق في أربيل رسميًا بأول تدريب لنا عام 2022، ومنذ ذلك الحين، قمنا بتكوين فرق إنقاذ وتقديم دورات تسلق الصخور والجليد، لكن التحديات لا تزال قائمة، ولا سيما في توفير التمويل اللازم لتطوير هذا القطاع". وبالنسبة للعديد من النساء، لا تزال الضغوط المجتمعية تُشكّل عائقًا كبيرًا، حيث تشير مينا الى ان "بعض العائلات تتردد في السماح لبناتها بالتسلق، يعتقدن أنه أمرٌ خطيرٌ للغاية أو غير مناسب، لكن بمجرد أن تختبريه الأدرينالين، والثقة بالنفس، والتقنية تُدركين كم يُمكّنكِ ويرفع معنوياتكِ." يوافق سيامند هذا الرأي قائلاً: "لا يزال مجتمعنا يتمسك بآراء تقليدية حول مشاركة المرأة في الأنشطة الخارجية والجبلية، لكننا نعمل جاهدين لتغيير ذلك، نحتاج إلى المزيد من المتسلقات، ونشجعهن دائمًا على الانضمام لأن المرأة نصف المجتمع". تتدرب مينا وزميلاتها بانتظام في جدار التسلق في حديقة البيشمركة في أربيل وفي وادي الموسيقى، خلف جبل سفين. توضح هداية: "إنه أمر مخيف عندما تنظر للأعلى وأنت تتسلق، لكن عليك أن تدرب عقلك على الثقة بجسدك ومعدّاتك، تكتشف في جسدك أشياء لم تتوقعها أبدًا، يجعلك ذلك تشعر وكأنه لا حدود لك، وكأنك تطير." واحدى العوائق الرئيسية هي التكلفة، فمعدات التسلق باهظة الثمن، وتطوير المسارات يتطلب استثمارًا كبيرًا مثل البراغي، والمراسي، وأدوات السلامة، والتدريب. ويتدرّب اتحاد تسلّق الجبال الآن ثلاث مرات في الأسبوع، وتُجرى حاليًا خطط لزيادة التعليم في مجال التسلّق، وتهيئة المزيد من المسارات بشكل رسمي، واستضافة مسابقات وفعاليات دولية في المستقبل. قال سيامند: "جبال كوردستان تتمتع بإمكانيات هائلة، جبل سفين وحده قادر على استضافة العشرات من مسارات التسلق عالمية المستوى، لكننا نحتاج إلى الدعم والأدوات والتمويل والتوعية المجتمعية" وأضافت هداية: "لطالما عاش الكورد في الجبال، وهذا يمنحنا أفضلية. يمكن أن تصبح كوردستان من أفضل الأماكن في العالم لتسلّق الجبال. نحن فقط بحاجة إلى الاستثمار فيها." بالنسبة لمينا، لا يقتصر حلمها على تحقيق إنجاز شخصي فحسب حيث تقول: "أريد الوصول إلى المستوى الذي يُمكّنني من تمثيل وطني في مسابقات التسلق الدولية، بل أكثر من ذلك، أريد بناء ثقافة تسلق آمنة وشاملة وقوية، حيث تشعر النساء بالانتماء."