logo
31 عاما على مجزرة الحرم الابراهيمي

31 عاما على مجزرة الحرم الابراهيمي

الشاهين٢٥-٠٢-٢٠٢٥

الشاهين الاخباري
يصادف اليوم الثلاثاء، الذكرى الـ31 لمجزرة الحرم الابراهيمي، التي أسفرت عن استشهاد 29 مصليا، وإصابة 150 آخرين.
ففي يوم الجمعة الخامس والعشرين من شباط/ فبراير 1994، الخامس عشر من شهر رمضان، نفذ المستعمر الإرهابي باروخ غولدشتاين، المجزرة عندما دخل إلى الحرم الابراهيمي، وأطلق النار على المصلين.
وأغلق جنود الاحتلال الإسرائيلي المتواجدون في الحرم أبواب المسجد لمنع المصلين من الخروج، كما منعوا القادمين من خارج الحرم من الوصول إلى ساحته لإنقاذ الجرحى، وفي وقت لاحق استشهد آخرون برصاص جنود الاحتلال خارج المسجد وأثناء تشييع جنازات الشهداء، ما رفع مجموعهم إلى 50 شهيدا، 29 منهم استشهدوا داخل المسجد.
وفي اليوم ذاته، تصاعد التوتر في مدينة الخليل وقراها وكافة المدن الفلسطينية، وبلغ عدد الشهداء الذين سقطوا نتيجة المواجهات مع جنود الاحتلال إلى 60 شهيدا ومئات الجرحى.
وإثر المجزرة، أغلقت قوات الاحتلال الحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة لمدة ستة أشهر كاملة، بدعوى التحقيق في الجريمة، وشكلت ومن طرف واحد لجنة 'شمغار'، للتحقيق في المجزرة وأسبابها، وخرجت في حينه بعدة توصيات، منها: تقسيم الحرم الإبراهيمي إلى قسمين، وفرضت واقعا احتلاليا صعبا على حياة المواطنين في البلدة القديمة، ووضعت الحراسات المشددة على الحرم، وأعطت للاحتلال الحق في السيادة على الجزء الأكبر منه، حوالي 60% بهدف تهويده والاستيلاء عليه، وتكرر منع الاحتلال رفع الأذان في الحرم الإبراهيمي مرات عديدة.
ويضم القسم المغتصب من الحرم: مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن الحرم، وهي المنطقة المكشوفة فيه.
كما وضعت سلطات الاحتلال بعدها كاميرات وبوابات إلكترونية على كافة المداخل، وأغلقت معظم الطرق المؤدية إليه في وجه المسلمين، باستثناء بوابة واحدة عليها إجراءات عسكرية مشددة، إضافة إلى إغلاق سوق الحسبة، وخاني الخليل وشاهين، وشارعي الشهداء والسهلة، وبهذه الإجراءات فصلت المدينة والبلدة القديمة عن محيطها.
يذكر أن الإرهابي باروخ غولدشتاين الذي كان يبلغ من العمر (42 عاما) عند ارتكابه المجزرة يعد من مؤسسي حركة 'كاخ' الدينية، وقد قدِم من الولايات المتحدة الأميركية عام 1980، وسكن في مستوطنة 'كريات أربع' المقامة على أراضي مدينة الخليل.
'ولد بنيامين غولدشتاين في نيويورك، لعائلة يهودية متشددة، تلقى تعليمه في مدارس 'يشيفا' اليهودية في بروكلين، ونال درجة الشرف من كلية ألبرت اينشتاين للطب في جامعة يشيفا، وحقق نجاحات باهرة في مجال الطب، ثم غير اسمه إلى 'باروخ' في خطواته الأولى للعنصرية والإرهاب.'
لا عفوية قط في مجزرة الحرم الابراهيمي، ليس جنونا فرديا ذلك الذي قام به 'باروخ غولدشتاين'، لأن الجنون الفردي ليس قادرا على حساب التفاصيل بدقة، والتخطيط لها، فاختيار الخليل وبالذات الحرم الابراهيمي، واختيار فجر الجمعة من رمضان، ولحظة سجود المصلين لتكون لحظة الذبح، لا يمكن أن يكون اختيارا من شخص مجنون. من كتاب 'الجمعة الدامية.. عقيدة غولدشتاين'.
ويضيف الكتاب، الذي صدر عام 1994، وهو من تأليف: مازن حماد وعامر طهبوب ونادر طهبوب، أن المجزرة جزء من جنون جماعي، فالقاتل لم يوقفه الجنود على بوابات ومداخل الحرم، كما أنه استطاع الوصول بسهولة إلى مصلى المسلمين، وإطلاق عدة صليات من الرصاص لمدة عشر دقائق دون تدخل جنود الاحتلال المرابطين على الحرم.
ترك الجيش غولدشتاين ينفذ مجزرته كاملة. رغم نقاط المراقبة المكثفة في محيط مسرح الجريمة، واستعدادهم الدائم للتحرك تجاه أي حركة أو نشاط مشبوه، وفوق ذلك كله شاركوا في اطلاق الرصاص على المصلين والمئات الذين هرعوا لنقل الاصابات وانقاذ المتبقين، ما أدى إلى ارتقاء شهداء آخرين وصل عددهم إلى أكثر من سبعة شهداء في باحات الحرم ومحيطه، وهم ينقلون الشهداء والجرحى.
وقد سبق للارهابي غولدشتاين، الاعتداء على الحرم الابراهيمي، وتم تبليغ رئيس وزراء الاحتلال آنذاك 'رابين'، بإجرامه وحقده العلني والواضح، وخطورة تصرفات غولدشتاين ومستعمرين آخرين متطرفين.
وجاء في رسالة بعثتها 'الهيئة الاسلامية العليا''، أن عددا من المستعمرين اعتدوا على ستة من حراس المسجد الابراهيمي وأحد المصلين، مساء الجمعة 8 تشرين الأول 1993، وقام المتطرف غولدشتاين بقطع آذان العشاء بعد اعتدائه على المؤذن.
قبلها بعام، في مساء الخميس 14 تشرين الأول 1992، قام غولدشتاين بإلقاء مواد كيميائية حارقة على سجاد المسجد، ولولا يقظة الحراس والمصلين، لوقعت مذبحة.
وما زال الاحتلال الإسرائيلي يحاول، ضمن سياسة ممنهجة، السيطرة على المسجد الإبراهيمي وإلغاء السيادة الفلسطينية، وإلغاء اعتباره وقفا إسلاميا خالصا، ففي عام 2020، أغلق الاحتلال المسجد الإبراهيمي 77 يوما، ومنع رفع الأذان فيه 599 وقتا.
كما شهد المسجد، طيلة العام المذكور، اقتحام العشرات من جنود جيش الاحتلال، إضافة إلى قيام رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، يرافقه عدد من وزرائه، باقتحامه، وهو أمر أدى إلى زيادة الاقتحامات والانتهاكات للمسجد، وأدى إلى تجرؤ المستعمرين على نصب 'شمعدان' كبير على سطح الحرم الابراهيمي.
ولم تتوقف سلطات الاحتلال عن تنفيذ مخططاتها الخبيثة فيه منذ احتلال الخليل عام 67، فعلى سبيل المثال لا الحصر منعت دائرة الأوقاف الإسلامية من فرشه بالسجاد في تشرين الثاني 1967، وبعد أقل من شهر أدخلت إليه خزانة حديدية فيها أدوات عبادة يهودية، ثم أدخلت كراسي خاصة بهم إلى القاعة الإبراهيمية في حزيران 1968، وبتاريخ 25/9/1968 سمحت سلطات الاحتلال لفئة يهودية بالصلاة فيه، في تحدٍّ سافر لمشاعر المسلمين، وبعد أقل من شهر نسفت سلطات الاحتلال درع الحرم الإبراهيمي والبوابة الرئيسية المؤدية إليه وهما أثران تاريخيان.
وبتاريخ 11/10/1971 أدخل المستعمرون طاولة خشبية إلى القاعة الإبراهيمية، وفي 9/9/1972 مُنع المصلون المسلمون من أداء صلاة العصر في الحرم لأن المستعمرين كانوا ينشدون الأناشيد الدينية بأصوات مرتفعة وينفخون في البوق، وفي 17/12/1972 أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أوامره بإغلاق الباب الشرقي للحرم الشريف.
وبتاريخ 1/10/1973 سمح الحاكم العسكري في الخليل بإدخال 50 كرسيًّا خشبيًّا إلى القاعة اليعقوبية من الحرم الشريف، وقامت سلطات الاحتلال بتغطية صحن الحرم 10/11/1973 في محاولة لتغيير معالمه الإسلامية.
وفي حزيران 1974 قامت سلطات الاحتلال بسلسلة من الحفريات في محيط الحرم الإبراهيمي، وأسفل الباب الثلاثي إلى الداخل، وإلى الغرب منه، وأسفل المدرسة الحنفية.
وفي مطلع عام 1976 اقتحم ثلاثة مسلحين يهود الحرم برفقة سبعة مستعمرين وعبثوا بمحتوياته، وبتاريخ 16/3/1976 منع المستعمرون المسلمين من أداء الصلاة في القاعتين اليعقوبية والإبراهيمية.
وفي 21/10/1976، حول جنود الاحتلال قسما من الحرم إلى ثكنة عسكرية، ووضعوا فيه أسرَّة وأمتعة للنوم، وفي 2/11/1976 اعتدى مستعمرون على الحرم وداسوا نسخا من القرآن بأقدامهم، واعتدوا على المصلين بالضرب، وفي 18/11/1976 أعلن الحاخام المتطرف مائير كهانا أنه سيحوِّل الحرم الإبراهيمي إلى قلعة للمتطرفين اليهود بهدف ترحيل المواطنين الفلسطينيين من مدينة الخليل.
وفي 8/3/1977 أعلنت الهيئة الإسلامية عن اختفاء مفقودات ذات قيمة بعد فترة من منع المسلمين دخول الحرم الشريف، وبتاريخ 16/5/1977 اقتحم عدد من المستعمرين الحرم برفقة الحاخام ليفنجر وقاموا بالرقص داخل القاعة الإبراهيمية، وأشهر أحد المستعمرين مسدسه تجاه عدد من المصلين أثناء صلاة الظهر بتاريخ 4/7/1977.
وفي 27/2/1978 اقتحم أحد المستعمرين الحرم وعبث بمحتوياته، وفي 24/4/1978 أدخل مستعمران إليه نسخة جديدة من التوراة وأقاما احتفالاً كبيراً بحماية جنود الاحتلال.
وفي 31 /5/1979 اقتحم جنود الاحتلال القاعة الإبراهيمية، ووضعوا فيها الكراسي، ومنعوا المسلمين من الوصول إلى الحرم، وفي 27/2/1979 اقتحم 20 مستعمرا الحرم وهم يرفعون الأعلام الإسرائيلية، وفي 24/6/1984 أجرى المستعمرون ختان طفل في القاعة الإبراهيمية، وفي 11/9/1984 قام الجنود بتركيب عدسات تلفزيونية داخل الحرم لمراقبة المصلين.
انتهاكات وممارسات سلطات الاحتلال وأذرعها المختلفة في مدينة الخليل لم تتوقف، فقد زرعت فيها عددا من البؤر الاستعمارية وأغلقت شوارعها، وارتكبت فيها أفظع الانتهاكات لحقوق الإنسان، من قتل وتدمير، وحظر للتجول، وحصار اقتصادي متواصل أدى إلى شلّ الحركة التجارية في أسواقها القديمة، كما تستمر الاعتداءات على ممتلكات أهلها بهدم المباني الأثرية والتاريخية في أبشع مذبحة تستهدف طمس معالمها الحضارية وتغيير هويتها العربية الإسلامية، وبشق طريق استعماري يربط بين مستعمرة 'كريات أربع' والحرم الإبراهيمي الشريف وجميع البؤر الاستعمارية، بهدف تهويد المدينة.
وفا

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هآرتس العبرية: 82% من الإسرائيليين يؤيدون تهجير سكان غزة
هآرتس العبرية: 82% من الإسرائيليين يؤيدون تهجير سكان غزة

وطنا نيوز

timeمنذ يوم واحد

  • وطنا نيوز

هآرتس العبرية: 82% من الإسرائيليين يؤيدون تهجير سكان غزة

وطنا اليوم:كشف تقرير موسّع نشرته صحيفة 'هآرتس' العبرية أن الرؤية التي طرحها الحاخام اليميني المتطرف يتسحاق غينزبورغ قبل 20 عامًا لتفكيك مؤسسات 'الدولة الإسرائيلية' وإقامة نظام ديني قائم على التفوق اليهودي، بدأت تتحقق فعليًا مع تصاعد سيطرة التيار الديني القومي المتطرف على مفاصل الحكم في دولة الاحتلال. غينزبورغ، الذي يعتبر المرجعية الروحية لما كان يُعرف بـ'شبيبة التلال'، الميليشيات الاستيطانية المسلحة التي تنفذ جرائم أسبوعية بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، نشر في العام 2005 'خطة عمل' بعنوان 'الوقت لتكسير القشرة'، اعتبر فيها أن 'الدولة اليهودية الديمقراطية' هي قشرة فارغة يجب تحطيمها لإطلاق ما وصفه بـ'النور الإلهي المحتجز داخلها'. تتكون هذه 'القشرة' وفق رؤيته من أربع طبقات: الإعلام، القضاء، مؤسسات الدولة، والجيش. ثلاث منها (الإعلام، القانون، والحكومة) يجب 'تحطيمها بالكامل'، بينما يمكن 'تطهير الجيش' من القيم الأخلاقية الغربية، خصوصًا 'نقاء السلاح'، لصالح تنفيذ أوامر دينية تدعو للقتل الانتقامي دون قيود. وغينزبورغ أشاد صراحة بمرتكب مجزرة الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين، وشرّع في كتاباته قتل النساء والأطفال الفلسطينيين، بل دعا لتصفية الوجود الفلسطيني في كامل الأرض. وفق التقرير، فإن التغيرات التي طرأت على دولة الاحتلال منذ أكتوبر 2023 تُظهر تقدمًا واضحًا في تنفيذ هذا المشروع.المؤسسات الإعلامية العبرية تبنّت خطاب التحريض والانتقام، وتخلت عن 'التوازن المهني'. أما القضاء الإسرائيلي بات يُشرعن الحرب الإبادية على غزة، كما حدث عندما صادق قضاة من مستوطنات على منع إدخال المساعدات الإنسانية، واعتبروا العدوان 'حربًا توراتية'. في قطاع التعليم، تتزايد مؤشرات التحوّل نحو خطاب قومي ديني متشدد، حيث يتعرض المعلمون الداعون للمساواة للفصل، ويُربى جيل كامل على مفاهيم التطهير العرقي وتبرير الإبادة. وتظهر الاستطلاعات أن الجيل الشاب في إسرائيل هو الأكثر دعمًا للترانسفير الجماعي والقتل الجماعي للفلسطينيين، مقارنة بجيل آبائهم. وبحسب استطلاع أجرته 'هآرتس' بالتعاون مع جامعة 'بن ستيت'، فإن: 82% من الإسرائيليين يؤيدون التهجير القسري للفلسطينيين في غزة 56% يدعمون طرد الفلسطينيين داخل أراضي المحتلة عام 1948 47% يؤيدون تكرار 'مجزرة أريحا التوراتية' بحق مدنيي المدن الفلسطينية في حال اقتحامها 69% من الإسرائيليين العلمانيين يدعمون الترحيل الجماعي لغزة 31% منهم يبررون الإبادة الجماعية على غرار أسطورة تدمير أريحا التقرير يُظهر أن لغة غينزبورغ الدينية – التي تُشرعن القتل الجماعي باسم 'محو ذكر عمّالِيق' – باتت مفهومة ومستساغة على نطاق واسع، ليس فقط بين المتدينين، بل أيضًا بين اليهود العلمانيين الذين فشلوا في طرح بديل إنساني أو حقوقي لمشروع التفوق اليهودي. ويشير التقرير إلى أن هذه التحولات ليست رد فعل على أحداث 7 أكتوبر، بل نتيجة مسار أيديولوجي طويل، تغذّيه منظومة كاملة من التعليم والإعلام والقضاء، وتمنح شرعية سياسية و'إلهية' لجرائم الحرب والتطهير العرقي. ويختم التقرير بالتحذير من أن استمرار هذا النهج قد يقود دولة الاحتلال إلى نظام استبدادي ديني مغلق، شبيه بالنموذج الإيراني، ما لم يُطرح بديل مدني جذري يُفكك 'نظام التفوق اليهودي' ويؤسس لشراكة متساوية بين سكان الأرض من النهر إلى البحر. تأتي هذه النتائج في وقت تشهد فيه الأراضي الفلسطينية المحتلة عدوانًا متصاعدًا، يرافقه تصعيد في الخطاب التحريضي من قبل مسؤولين وسياسيين عبريين، ما يثير مخاوف جدية من تفاقم الانتهاكات بحق المدنيين الفلسطينيين

'المعبد الثالث' المزعوم والاقتحامات غير المسبوقة للمسجد الأقصى
'المعبد الثالث' المزعوم والاقتحامات غير المسبوقة للمسجد الأقصى

سواليف احمد الزعبي

time١٩-٠٤-٢٠٢٥

  • سواليف احمد الزعبي

'المعبد الثالث' المزعوم والاقتحامات غير المسبوقة للمسجد الأقصى

#سواليف جاء موسم عيد الفِصح العبري هذا العام في ظلّ أحداث ملتهبة، وباقتحامات غير مسبوقة من حيث الكمّ والنوع. فمن حيث الكم، كانت أعداد #المقتحمين #المسجد_الأقصى المبارك هذا العام في هذا الموسم أعلى منها في العام الماضي 2024 بنسبة تصل إلى حوالي 30٪ تقريبًا، وهذه نسبة مرتفعة جدًا في عام واحد، بل ووصلت نسبة الارتفاع عن العام الذي سبقه 2023 إلى أكثر من 90٪. ولا غرابة في هذه التّصعيدات المحمومة، فالفِصح العبري يعتبر واحدًا من المحطات المركزية السنوية للاعتداء على المسجد الأقصى، وتغيير الوضع القائم فيه جذريًا. في ساعة واحدة فقط خلال أيام هذا الاقتحام هذا العام، وتحديدًا في اليوم الثالث لهذا الموسم، وصل مجموع #المستوطنين الموجودين داخل المسجد الأقصى في نفس اللحظة إلى أكثر من 600 مستوطن، وهذا عدد غير مسبوق فعليًا، وكان في تلك اللحظة يفوق مجموع أعداد المسلمين الموجودين داخل المسجد، خاصةً في ظل المنع المستمر لموظفي الأوقاف والحراس والمصلين المسلمين من دخول المسجد في أوقات دخول المستوطنين تطبيقًا لسياسة التقسيم الزماني. أما من حيث النوعية، فقد ترافقت هذه الاقتحامات مع أداء صلوات علنية ورقصات كبيرة استفزازية في المسجد الأقصى، ولا سيما في ساحته الشرقية التي باتت تشبه كنيسًا غير مرئي مقامًا على أرض المسجد الأقصى. وهذا ما حدا بعضو الكنيست المتطرف عن حزب الليكود #عميت_هاليفي للتصريح لموقع القناة السابعة الإسرائيلية، بأن هذا الحدث يمثل 'انتصارًا كاملًا' لإسرائيل، مستعيرًا هذا التعبير من رئيس حكومته نتنياهو الذي ينادي دائمًا بما يسميه 'النصر الكامل' في حربه على قطاع غزة. وللمفارقة، فهذا الشخص هو صاحب مقترح تقسيم الأقصى بنسبة 30٪ للمسلمين، و70٪ لليهود، الذي قدمه للكنيست منتصف عام 2023. في نفس اليوم تناقلت نشرات الأخبار صورَ #الاقتحامات الضخمة – التي قامت بها مجموعات المستوطنين، بقيادة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير- المسجدَ الإبراهيمي في الخليل الذي أغلق بالكامل في وجه المسلمين لصالح المستوطنين، بزعم احتفالهم بالفصح العبري. علمًا أن هذا الإغلاق يأتي بعد انتهاء شهر رمضان المبارك الذي شهد بالمقابل رفض سلطات الاحتلال لأول مرة إغلاق المسجد الإبراهيمي في وجه المستوطنين لصالح المسلمين، في أيام الجمعة في شهر رمضان، كما كان معمولًا به ضمن سياسة التقسيم الزمني التي تعمل بها منذ خمسين عامًا في المسجد الإبراهيمي، فتم بذلك تجاوز هذه السياسة وبات المسجد الإبراهيمي كنيسًا بالكامل حسب التعامل الإسرائيلي. هذه الأحداث تفتح سؤالًا حول جدلية الاقتحامات نفسها، ولماذا تصرّ عليها جماعات المعبد المتطرّفة، وما هي ظروف القيام بها بهذا الشكل والكمّ، وماذا تعني زيادة أعداد المقتحمين المسجدَ الأقصى كل عام؟ خاصةً إذا علمنا أن الحاخامية الرسمية لدولة الاحتلال لا تزال لا تعترف بهذه الاقتحامات، ولا بالطقوس التي تتم خلالها. لدراسة هذا الأمر ينبغي أن نفهم أن الخلاف على موضوع دخول اليهود منطقة المسجد الأقصى بين التيارات الدينية في إسرائيل قديمٌ فعليًا، ونحن نتحدث هنا عن تيارين رئيسيين: الأول هو التيار الديني التقليدي الذي تمثله في هذه المعادلة مؤسسة الحاخامية الكبرى لدولة الاحتلال، والثاني هو التيار الديني الخَلاصي الذي يمثل آراءَه الدينية التقاءُ مدرستين متطرفتين كبيرتين هما: مدرسة الحاخام غرشون سلمون بتركيزه على ضرورة إقامة المعبد الثالث لقدوم المسيح، ومدرسة الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة 'كاخ' الإرهابية بتركيزه على ضرورة 'تطهير' منطقة المسجد الأقصى من الوجود الإسلامي، للتمهيد لقدوم المسيح، وما تفرع عنها من مؤسسات متطرفة ينضوي أغلبها اليوم ضمن ما يسمى تيار 'الصهيونية الدينية'. فمؤسسة الحاخامية الرسمية الكبرى في إسرائيل ما زالت تتمسك برأيها التقليدي في منع اليهود من دخول منطقة المسجد الأقصى بالكامل؛ بسبب ما يسمى 'نجاسة الموتى' التي لا يتم التطهر منها إلا برماد #بقرة_حمراء، الأمر الذي يعتبر معجزةً منتَظرةً لدى التيار الديني الحريدي التقليدي في العالم. ففي أعراف هذه الأوساط، لم تظهر في الأرض بقرة حمراء كاملة مطابقة للشروط الشرعية منذ ألفَي سنة إلى اليوم، وهنا أتت قصة #البقرات_الحمراء_الخمس التي ولدت في تكساس بالولايات المتحدة وأُتي بها إلى البلاد عام 2022 لتضفي المزيد من الانقسام على المجتمع المتدين في هذا الموضوع. حيث إن الأسطورة الدينية التي تؤمن بها الأوساط الدينية بشكل عام تقول إن طقس التطهير ذلك قد تم في التاريخ اليهودي تسع مرات، ويفترض أن المرة العاشرة القادمة ستكون على يد #المسيح_المنتظر. وهو الأمر الذي جعل المؤسسة الدينية التقليدية ترفض الاعتراف بالبقرات الحمراء أميركية المولد. وترى هذه المؤسسة التقليدية أنه عندما يحين الوقت المناسب فإن المعجزات المنتظرة ستظهر من تلقاء نفسها، سواء البقرة الحمراء، أو نزول المسيح المخلص المنتظر، أو نزول بيت الرب (المعبد الثالث) من السماء ليحل على الأرض. في مقابل هذه المدرسة، تأتي مدرسة التيار الديني الخَلاصي الذي يقود عملية الاقتحامات، وتغيير الوضع القائم في الأقصى، والذي ينطلق من فكرة أنه هو الذي يقع عليه واجب 'تنفيذ إرادة الرب' في إحداث المعجزات التي ينتظرونها. وهذه النظرية تنطلق منها فكرة الاقتحامات تحت عنوان أن المقتحمين يمثلون 'يد الله العظمى'. وتقوم هذه النظرية في الأساس على أن المعجزات الإلهية المذكورة في الكتب المقدسة لا بدّ لها من يد تنفذها وتجعلها حقيقةً واقعةً، وهو الأمر الذي كان ينادي به كل من الحاخام مائير كاهانا زعيم حركة كاخ، والحاخام غرشون سلمون زعيم جماعة أمناء جبل المعبد. بخلاف واحد أساسي بين الطرفين؛ حيث كان كاهانا يرى أن الأولوية يجب أن تكون 'لتطهير' الأرض المقدسة من الفلسطينيين وتخصيصها لليهود فقط أولًا، وهو ما سيكون مقدمة نزول المسيح ليبني المعبد الثالث. وبالمقابل كان سلمون يرى أولوية العمل على بناء بيت الرب (المعبد الثالث) في المسجد الأقصى، وهو ما سيكون مقدمة نزول المسيح. ويزاوج اليوم تيار الصهيونية الدينية بين آراء الطرفين، حيث يعمل على صعيد إزالة الوجود الإسلامي من المسجد الأقصى، والفلسطيني بالكامل من الأراضي الفلسطينية، في نفس الوقت الذي يعمل فيه على إقامة #المعبد_الثالث داخل المسجد الأقصى. وبالرغم من التّباين الواضح بين كاهانا وسلمون، فإن تيار الصهيونيّة الدينية نجح في دمج الآراء تحت عنوان موحّد، هو تغيير الوضع الراهن في المسجد الأقصى، وتحقيق السيادة اليهوديّة الكاملة عليه. هذا الأمر هو الذي تنطلق منه فكرة الاقتحامات المتعددة للمسجد الأقصى، فتيار الصهيونية الدينية الذي تتبع له جماعات المعبد المتطرفة، يرى أن تغيير الوضع القائم لا بدّ أن يمرّ من بوابة العدد، وتحقيق الأمر الواقع على الأرض. والخطوة الأولى في هذا السياق تتمثل بالطبع في جمع أكبر عدد من اليهود اليوم داخل المسجد الأقصى، بحيث تتحوّل القضية إلى قضيةِ رأي عامّ، ومسألة لا نقاش فيها على المستوى الإسرائيلي. فتكثيف الوجود اليهودي في الأقصى عبر كثرة الاقتحامات، وأداء الطقوس الدينية كاملةً داخل المسجد لا بد أن يعد – في نظر هذه الجماعات – معجزةً إلهيةً بحد ذاته. لأنه يعطي إشارةً للرب على جدية الشعب اليهودي في بناء بيت الرب (المعبد الثالث) واستئناف الحياة الدينية في المنطقة كما ترويها النصوص الدينية المقدسة لديهم، وهو ما سيُلجِئ الرب في النهاية – حسب تعبير هذه الجماعات – إلى الاستجابة لشعبه والإذن بنزول المسيح المخلص عليهم. وهكذا تكون هذه الجماعات قد 'أجبرت' الرب على تنفيذ وعوده المكتوبة في النصوص المقدسة. بناءً على ذلك، فإن أفراد هذه الجماعات يرون في كسر فتوى الحاخامية التقليدية، والتوجه بأعداد كبيرة إلى المسجد الأقصى، تثبيتًا لكونهم 'رسلًا' لله في بيته، يقيمون كافة الشعائر الدينية حتى يضطر الإله إلى الاستجابة لهم، بل إن هذه الجماعات ترى أنه كلما ازدادت الأعداد، فإنها تفسر ذلك على أنه إشارةٌ إلهيةٌ خفيةً بالموافقة على نهجهم، وإلا لكان الرب قد أرسل عليهم عقابًا وقوةً قاهرةً تمنعهم من دخول بيته المقدس. هذه النظرية الخطيرة تعني أن المؤمنين بها لا يرون خطورةً فيما يفعلونه من تصعيد داخل المسجد الأقصى، لأنهم يؤمنون بأنهم أداةٌ إلهية في مهمة إلهية لمساعدة الرب على تنفيذ وعوده، وهذه مسألة خطيرة أدت في السابق إلى كوارث لم يكن أقلّها إحراق الجامع القبلي في المسجد الأقصى في أغسطس/ آب عام 1969 على يد المسيحي الأسترالي المتطرف دينيس مايكل روهان، الذي ادعى أثناء محاكمته أنه أحرق المسجد الأقصى تنفيذًا لنبوءة في سِفر زكريا بالتوراة، وأنه كان مجرد أداة لتنفيذ مشيئة الرب، وهذا يعني أن تيار الصهيونية المسيحية لا يقل خطورةً في آرائه الرعناء عن هذه الجماعات، فهو يدعمها بكل قوته ويرى فيها أملًا بعودة المسيح. إن الحقيقة التي يجب أن نفهمها هي أن الصمت العربي والإسلامي على هذه التطورات، تفسره هذه الجماعات المتطرفة على أنه إشارةٌ إلهيةٌ بالرضا عن تحركاتها، مما يغريها بالمزيد من التقدم في مشاريعها، وهذا عكس ما يظن الداعون إلى الصمت بدعوى 'عدم استفزاز' الاحتلال، والذين يدعون أن أي تحرك مضاد للاحتلال في المسجد الأقصى يعتبر 'استفزازًا'، وأن الصمتَ والصبرَ على ما يفعله سيجعلانه فاقدًا للمبررات. فالاحتلال – عبر تيار الصهيونية الدينية – لا ينتظر المبررات، وإنما يرى أن هذا الصمت المخيم على الحكومات والشعوب العربية والمسلمة فيما يتعلق بما يجري في المسجد الأقصى يعتبر إشارةً إلهيةً للمضي قدمًا أكثر وأكثر في فرض السيادة الإسرائيلية الكاملة التي كان يطالب بها مائير كاهانا، وبناء المعبد الثالث مكان المسجد الأقصى، كما كان ينادي غرشون سلمون. والعكس صحيح، فإن تصاعد الرفض والمقاومة الشعبية العارمة لهذه المشروعات، كما حدث في عدة هبّات جماهيرية سابقة في القدس يفسره أفراد هذه الجماعات على أنه إشارةٌ إلهية برفض تحركاتهم وعدم الرضا عنها، وبالتالي التوقف عن الاعتداء على المسجد الأقصى.

أزمة التسريب من الشاباك.. إسرائيل 2025 أكثر قومجية وتطرفاً وانقساماً.. وقيادتها 'أقل جودة ونظافة يد'
أزمة التسريب من الشاباك.. إسرائيل 2025 أكثر قومجية وتطرفاً وانقساماً.. وقيادتها 'أقل جودة ونظافة يد'

أخبارنا

time١٦-٠٤-٢٠٢٥

  • أخبارنا

أزمة التسريب من الشاباك.. إسرائيل 2025 أكثر قومجية وتطرفاً وانقساماً.. وقيادتها 'أقل جودة ونظافة يد'

أخبارنا : تتفاعل قضية التسريب من الشاباك في إسرائيل، وتؤجّج الخلافات بين معسكرين متصارعين على هويتها والسلطة فيها، وهي، إلى حد بعيد، تعكس تغيّرات عميقة تعصف بها وتهدّد بتعميق انقساماتها، إلى درجة قد تصل إلى "دولتين إسرائيليتين مختلفتين'، وفقًا لمراقبين إسرائيليين. واليوم الأربعاء، طلبت وحدة التحقيق مع أفراد المؤسسة الأمنية داخل وزارة القضاء، المعروفة بـ "ماحاش'، تمديد اعتقال الضابط في "الشاباك'، المكنّى بـ "أ'، الذي سرّب معلومات سرية إلى وزير وصحافيين اثنين، تتعلق بإدارة تحقيق سري حول تسلل الكاهانيين (أتباع الحاخام العنصري الراحل مئير كهانا، مؤسس حركة "كاخ' الإرهابية) إلى قيادة الشرطة. كما سرّب مستندات داخلية من الشاباك بشأن "السابع من أكتوبر'، تتناقض مع الرواية الرسمية للجهاز ذاته حول مسؤوليته عن الحدث الجلل، الذي تسبّب بخسائر فادحة وإهانة غير مسبوقة لإسرائيل، فاقت ما تعرّضت له في حروبها المتعددة مع العرب منذ نكبة فلسطين عام 1948. هارئيل: القضية تدلّ على بداية تفتت داخلي في جهاز الشاباك.. ونتنياهو هو المستفيد الوحيد منها، كونها تصرف الأنظار عن الفضائح التي تحاصره وعن الحرب الفاشلة في غزة ويُشار إلى أن الضابط "أ'، المعتقل منذ أسبوعين، قد اعترف بتورّطه في التسريب، وهو فعل محظور قانونيًا، إلا أنه يدّعي أنه قام بذلك "لإطلاع الجمهور على معلومات بالغة الأهمية'، في حين يزعم محاميه أن موكله اتخذ خطوة شرعية لأن "الديمقراطية تعني، من جملة ما تعنيه، الدفاع عن حق الجمهور في المعرفة'. ويحاول طرفا الصراع الداخلي في إسرائيل توظيف هذه القضية للطعن في مصداقية ومكانة الطرف الآخر. فرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تحاشى التدخّل في القضية خشية التورط في "تضارب مصالح'، خاصة في ظل التحقيق مع أحد مستشاريه المقربين من قبل الشاباك نفسه في قضية تتعلق بالمال والاختراق القطري. ورغم ذلك، شارك نتنياهو تغريدة نشرها عضو كنيست من حزبه (الليكود) دعت إلى التحقيق مع رئيس الشاباك، رونين بار. أما "الليكود'، فقد جدد حملته على الشاباك، في بيان رسمي قال فيه: "أجزاء من الشاباك تحوّلت إلى ميليشيا خاصة تابعة للدولة العميقة'. ويواصل وزير الأمن الداخلي، إيتمار بن غفير، هجومه العنيف على المؤسسة الأمنية، داعيًا الإسرائيليين إلى شكر الضابط المسرّب "أ'. مقاطعة رئيس الشاباك وفي ظل هذا التوتر المتصاعد، وكجزء من حملة المستوى السياسي ضد المؤسسة الأمنية، امتنع نتنياهو، أمس، بشكل غير مسبوق، عن دعوة مندوب من الشاباك لمرافقته في جولة أمنية ميدانية على حدود قطاع غزة. والأدهى من ذلك، أنه ألغى جلسة الكابنيت التي كانت مقررة ليل أمس، بسبب رفض الوزير المستوطن المتشدد بتسلئيل سموتريتش المشاركة فيها، معلنًا رفضه الجلوس إلى جانب رونين بار. ورغم الحديث عن أن معظم وزراء الكابنيت يعارضون مقاطعة بار، فإن الاجتماع المخصص لمناقشة الحرب على غزة، ومستقبل صفقة التبادل، لم يُعقد، ما دفع عائلات المحتجزين الإسرائيليين إلى شن هجوم مضاد على الحكومة، متهمين إياها بالعبث بمصائر أبنائهم. وفي تعليقه على التطورات، اتهم زعيم المعارضة، يائير لبيد، نتنياهو "بالسعي لتحويل الشاباك إلى شرطة سرية لحمايته الشخصية'. ويعكس كاريكاتير نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت'، اليوم الأربعاء، موقف المعسكر المعارض لنتنياهو، حيث يظهر الأخير محاطًا بالوزراء، وهو يقول: "نحن على بعد خطوة من تفكيك الشاباك'، في سخرية من تصريحه السابق، قبل عام، حين قال: "نحن على بعد خطوة واحدة من النصر المطلق وتدمير حماس'. وفي مشهد يلخص الحالة الراهنة لإسرائيل عام 2025، يستعد وزير الأمن الداخلي، المدان سابقًا بالإرهاب، للسفر إلى الولايات المتحدة برفقة مستوطن متشدد من مستوطنة يتسهار، رغم حظر دخولهما إلى أمريكا سابقًا، لضلوعهما في الاعتداءات على الفلسطينيين واليساريين اليهود، إضافة إلى اتهامات إسرائيلية له بالتحريض على اغتيال رابين. نتنياهو ينتصر على الشاباك يدفع هذا التسريب الخطير عددًا كبيرًا من المراقبين والمعلّقين في إسرائيل إلى الانشغال المكثف بالقضية، التي تعمّق حالة التشظي والانقسام الداخلي. ويذهب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس'، عاموس هارئيل، إلى حد القول إن القضية تدلّ على بداية تفتت داخلي في جهاز "الشاباك'، مشيرًا إلى أن نتنياهو هو المستفيد الوحيد منها، كونها تصرف الأنظار عن الفضائح التي تحاصره وعن الحرب الفاشلة في غزة، معتبرًا أنه يحاول اليوم الانتصار على الشاباك بعدما فشل في تدمير "حماس'. أما البروفيسور مردخاي كرمنتسر، المعلق للشؤون القضائية في "هآرتس'، فيرى أن تسريب المعلومات يمسّ ليس فقط بالشاباك، بل بالبنية التحتية القيمية للدولة، مشددًا على ضرورة التحقيق الجاد في القضية. ويحمّل الحكومة مسؤولية خطيرة، قائلًا إنها ترعى باستمرار تعاملًا مستهترًا مع أسرار الدولة، وسط حملة شرسة على رئيس الشاباك، رونين بار. ويضيف كرمنتسر: "تسريب معلومة سرية هو مخالفة جنائية، بل جريمة'. في السياق نفسه، تؤكد المعلّقة السياسية البارزة في صحيفة "يديعوت أحرونوت'، أريئيلا هوفمان، في مقال بعنوان "عندما تشرق الشمس على ميامي' (في إشارة إلى نجل نتنياهو الذي يعيش في ميامي على نفقة الدولة، ويشتهر بتصريحاته المستفزة)، أن الضابط "أ' ليس بطلًا، ولا كاشفًا للفساد، ولا مناضلًا من أجل العدالة، بل هو شخص ذو دوافع سياسية، خان الأمانة والثقة، وانضم إلى قائمة غير مشرفة من المسرّبين. وفي ظل هذا السجال، الذي تفجّر بقوة منذ عام 2023، وما يزال يتواصل حتى اليوم، باتت إسرائيل في عام 2025 تبدو وكأنها دولتان مختلفتان، غارقتان في صراع داخلي يتجاوز مجرد التنافس على مقاليد الحكم. فالنقاشات حول "التسريب' وأمثاله لم تعد من باب "الخلاف الديمقراطي الصحي'، بل هي، وفق عدد من المحللين، انعكاس لصراع خطير وجودي، وليدة تحوّلات عميقة تهزّ ركائز الدولة. ويذهب بعض المراقبين إلى القول إن إسرائيل اليوم تكابد حالة من التشظي والتمزق الداخلي تهددها أكثر من مجمل التهديدات الخارجية، على غرار ما حذّر منه رئيس الدولة السابق رؤوفين ريفلين عام 2015، خلال مؤتمر هرتزليا للمناعة القومية، حين قال: "إن انقسامات الأسباط والقبائل داخل إسرائيل أخطر عليها من القنبلة الإيرانية'. عوامل الانقسام عميقة ومركّبة يعكس هذا السجال حول قضية تسريب الشاباك، إضافة إلى قضية الاختراق القطري، وغيرها من الملفات الخلافية، رواسب صراع مبدئي وعميق بين المستوى السياسي والمؤسسة الأمنية، تفجّر بشكل صارخ منذ أن انحازت الأخيرة، علنًا، إلى جانب المعارضة ضد خطة "الإصلاح القضائي' التي طرحتها حكومة نتنياهو مطلع عام 2023، والتي اعتُبرت "انقلابًا على النظام السياسي'. ضمن هذا الصراع، تدافع المؤسسة الأمنية عن دورها ومكانتها في الحكم بصفتها جزءًا من النخبة التقليدية (التي يسميها نتنياهو "الدولة العميقة')، المهددة اليوم من قبل نخب جديدة صاعدة، بفعل تحوّلات اجتماعية وسياسية، أبرزها تراجع نسبة اليهود الغربيين (الأشكناز) والليبراليين، في مقابل ازدياد نفوذ اليهود الشرقيين (المزراحيم)، والمتدينين والمستوطنين. وتتجلى جذور هذا الانقسام غير المسبوق في تورّط عدد كبير من السياسيين في قضايا فساد، دفعهم لمهاجمة "حراس العتبة'- القضاء، الشرطة، النيابة العامة، الإعلام- بعد أن رفض هؤلاء التساهل في محاكماتهم. ويصف بعض المحللين هذا الصراع بأنه "خصومة الحرامي مع الناطور'، في ظل استفحال الاستبداد السياسي واستشراء الفساد. لكن ربما الأخطر من كل ذلك، هو الصراع على "الوعي الجماعي' للإسرائيليين، وبالتحديد في الإجابة على السؤال الكبير: من المسؤول عن الفشل المدوي في 7 أكتوبر؟ مردخاي كرمنتسر: تسريب معلومة سرية هو مخالفة جنائية، بل جريمة.. والحكومة ترعى باستمرار تعاملًا مستهترًا مع أسرار الدولة المؤسسة الأمنية، من جهتها، تعترف بمسؤوليتها عن الفشل، على المستوى الاستخباراتي والعسكري والعملياتي، لكنها ترى أن الفشل الجوهري هو فشل سياسي من الدرجة الأولى. فقد راهن المستوى السياسي، بشكل وهمي، على أن حركة "حماس' مرتدعة، وأنه يمكن احتواؤها بالمال، بل تم السعي إلى إبقاء حكمها في غزة كأداة جيوسياسية لتكريس الانقسام الفلسطيني ومنع قيام دولة فلسطينية. علامة فارقة في ظل هذه السجالات، والكثير من القرائن، باتت إسرائيل عام 2025 مختلفة، فهي أكثر تطرّفاً وقومجية وتديّناً، وأقل ديموقراطية تجاه مواطنيها، قادتها أقل جودة ونظافة يد، ترجّح كفّة المصالح الفئوية على مصالح الدولة، وهذا يفسّر عدم وقف الحرب، وتعطيل صفقة التبادل بمنهجية. هذا صحيح على الأقل في مقارنة القيادة الحالية مع جيل سابق من ساستها، وربما هي جزء من ظاهرة عالمية اليوم. وفي سياق التأثّر بالعالم الآخر لا بدّ من السؤال؛ هل كانت مثل هذه الانقسامات، التي تتجاوز حدود الخلاف في الرأي، لولا الربيع العربي منذ 2011، وكذلك والتطبيع العربي؟ وهما حدثان قد تسبّبا بتراجع تهديد الأعداء الخارجيين.. وسؤال آخر: يرى الإسرائيليون، اليوم، أن السابع من أكتوبر حدثٌ جللٌ له ما قبله وله ما بعده، وهذا ينطبق على واقع حال فلسطينيي الداخل (19%)، الذين باتوا يواجهون تهديدات غير مسبوقة على تشكيلة حقوقهم الوطنية والمدنية، فهل ينتظمون سياسياً، ويرتّبون صفوفهم لمحاولة إسقاط هذا الائتلاف، الأشد تطرفاً وعدوانية للشعب الفلسطيني، من خلال زيادة مشاركتهم في الانتخابات العامة بعد عام؟ هذا بيد فلسطينيي الداخل، في ظلّ حالة شبه التعادل بين المعسكرين المتصارعين، وقد سبق لهم أن حالوا دون تشكيل نتنياهو حكومة عدة مرات منذ 2018، وساهموا في إسقاطه في انتخابات 1999.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store