logo
لماذا إيران الآن؟

لماذا إيران الآن؟

عمونمنذ 4 ساعات

لم تعد الأخبار المتصاعدة من إيران ومحيطها الإقليمي مجرد تطورات عابرة، لقد تحولت إلى بؤرة ملتهبة تشغل صنّاع القرار والمحللين والرأي العام العالمي. من تصعيد برنامجها النووي المثير للقلق إلى دعم شبكات عسكرية تمتد من بيروت إلى صنعاء، وتحديها الصارخ للمصالح الغربية في قلب الشرق الأوسط، تطل طهران بقوة على المشهد الدولي في هذه اللحظة بالذات. السؤال المحوري: لماذا إيران؟ ولماذا الآن؟
الإجابة تكمن في تفاعل مُعقَّد بين ثوابت استراتيجية عميقة الجذور وظروف آنية خلقت "لحظة فارقة" قد تُعيد تشكيل المنطقة.
إيران ليست وافدًا جديدًا على المسرح الجيوسياسي، فموقعها الفريد كقلب نابض للشرق الأوسط يمنحها نفوذًا استراتيجيًا لا يُستهان به. سيطرتها على مضيق هرمز – شريان حي لنحو 30% من تجارة النفط العالمية – وقربها من بؤر الصراع في العراق وأفغانستان ودول الخليج، جعل منها لاعبًا قادرًا على تحويل جغرافيتها إلى سلاح. لكن قوة طهران لا تقوم على الجغرافيا وحدها؛ فمشروعها القائم على أيديولوجيا الثورة الإسلامية حوّلها إلى دولة ذات رسالة تتجاوز حدودها. رؤية "ولاية الفقيه" كمرجعية دينية وسياسية للمسلمين الشيعة، وعداؤها للغرب وإسرائيل تحت شعار محاربة "الاستكبار العالمي"، يدفعانها لتمويل ما يُعرف بـ"محور المقاومة". هذه الشبكة من الحلفاء – من حزب الله في لبنان بترسانته الصاروخية المروعة، إلى الحوثيين في اليمن الذين يعطلون الملاحة الدولية، والميليشيات في العراق وسوريا – تمنح إيران قدرةً على الضرب بيد طويلة مع الحفاظ على إنكار المسؤولية المباشرة. وراء هذا كله يقف السعي المحموم للردع النووي كضامن نهائي لبقاء النظام. تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، القابلة للتحول السريع إلى درجة التسلح، لم يعد مجرد تهديد نظري بل كابوسًا ملموسًا لإسرائيل وجيران الخليج.
ما حوّل هذه الثوابت التاريخية إلى أزمة طارئة اليوم هو اشتعال أربعة عوامل متداخلة. الحرب في غزة كانت الشرارة التي فجّرت الديناميت الإقليمي، فالهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر – وهي حركة تربطها بإيران عقود من الدعم – أعقبه تحرك متزامن لأذرع "المحور": هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، تبادل القصف اليومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، واستهداف الميليشيات للقواعد الأمريكية في العراق وسوريا. هنا لا تقدم طهران الدعم لحماس فحسب، بل تحوّل الأزمة إلى منصة لتعزيز نفوذها وإثبات أنها القوة التي لا يُمكن تجاوزها في أي تسوية إقليمية. في ذات الوقت، تهزّ إيران داخليًا بسبب التحولات المفاجئة، فحادث تحطم طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي في مايو الماضي دفع إلى انتخابات رئاسية مُعجَّلة في يونيو، وضعت النظام أمام اختبار مزدوج: إثبات الاستقرار الداخلي لشعب منهك بالعقوبات، وإبراز القوة الخارجية لترسيخ شرعيته. التصعيد الإقليمي والتقدم النووي هما رسائل موجهة للداخل قبل الخارج، تصرخ بأن "النظام باقٍ وقادر".
يزيد الأمر تعقيدًا الجمود الكامل في الملف النووي، فمحادثات إحياء الاتفاق النووي أشبه بجثة هامدة، بينما تواصل إيران تخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم تكفي لصنع أسلحة متعددة لو اتخذت القرار. هذا الركود يخلق "نافذة خطر" ضيقة ترفع احتمالات الضربة العسكرية الوقائية، خاصة مع تقارير عن تقدمها في تطوير رؤوس حربية. وفي الخلفية، تحولات كبرى في تحالفات القوى العظمى تمنح طهران هامشًا غير مسبوق، فالانشغال الأمريكي بمواجهة الصين في المحيط الهادئ، واستنزاف روسيا وأوروبا في حرب أوكرانيا، وفشل الضربات الغربية في ردع الحوثيين، خلقت لدى القيادة الإيرانية إحساسًا بفرصة تاريخية للتمدد. تحالفها الاستراتيجي مع موسكو – الذي يمدها بطائرات مسيّرة مقابل درونز لإطلاق النار على أوكرانيا – والشراكة العميقة مع بكين كشريان حياة للنفط والاستثمارات، يضعانها في قلب تحدي جديد للنظام العالمي الغربي.
سؤال "لماذا إيران الآن؟" يُجاب عليه بهذا التشابك المرعب بين طموحات إمبراطورية قديمة وظروف دولية استثنائية. المخاطر هنا ليست مجرد تصعيد عابر، فالفشل في احتواء الأزمة قد يشعل حربًا إقليمية شاملة، وامتلاك طهران سلاحًا نوويًا سيهزّ موازين القوى إلى الأبد. لكن النظام يدرك أن مغامرته قد تدفع ثمنًا باهظًا: من ثورة شعبية جائعة إلى ضربة عسكرية مدمرة. العالم يقف على حافة الهاوية، إما دبلوماسية جريئة تُطفئ النار، أو حريقٌ لا يُبقي ولا يذر.
وسلامتكم ..

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حرب إيران وإسرائيل: التحديات والفرص
حرب إيران وإسرائيل: التحديات والفرص

عمون

timeمنذ ساعة واحدة

  • عمون

حرب إيران وإسرائيل: التحديات والفرص

تصاعد التوترات بين إيران وإسرائيل في ظل تصريحات متبادلة وتهديدات بالحرب. هذا الصراع له تأثيرات كبيرة على المنطقة والعالم أجمع، ويطرح العديد من التحديات والفرص التي يجب مواجهتها. في هذا السياق، يبرز دور مجلس الأمن الدولي في الحفاظ على السلم والأمن الدوليين. تأثير الاستقرار الإقليمي بسبب الحرب قد يؤدي الى زعزعة الاستقرار في المنطقة، خاصة في دول مثل العراق وسوريا ولبنان واليمن. الأمن العالمي: قد يؤدي الصراع بين إيران وإسرائيل إلى تهديد الأمن العالمي، خاصة إذا أدت هذه الخلافات إلى صراعات عسكرية. الاقتصاد العالمي: قد يؤدي الصراع بين إيران وإسرائيل إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد العالمي، خاصة إذا أدت هذه الخلافات إلى اضطرابات في أسواق الطاقة. هناك العديد من التوترات المتبادلة بين الدولتين واهمها تخصيب اليورانيوم وامتلاك الاسلحة النووية ، هذه التوترات المتبادلة بين إيران وإسرائيل قد تؤدي إلى تصعيد الصراع وتزيد من حدة التوتر في المنطقة. التدخلات الخارجية، قد تؤدي التدخلات الخارجية إلى تعقيد الصراع وتزيد من حدة التوتر في المنطقة. التأثيرات الإنسانية: قد يؤدي الصراع بين إيران وإسرائيل إلى تأثيرات إنسانية كبيرة، خاصة فيما يتعلق بالنازحين واللاجئين. على الدول تفعيل الحوار والتفاوض قد يؤدي الحوار والتفاوض بين إيران وإسرائيل إلى إيجاد حلول سلمية للصراع وتخفيف التوتر في المنطقة. التعاون الإقليمي: قد يؤدي التعاون الإقليمي إلى تعزيز الاستقرار في المنطقة وتخفيف حدة التوتر بين إيران وإسرائيل. الدعم الدولي قد يؤدي الدعم الدولي إلى تعزيز جهود الحوار والتفاوض وتخفيف حدة التوتر في المنطقة. مجلس الامن واتخاذ القرارات: يمكن لمجلس الأمن الدولي اتخاذ قرارات ملزمة لجميع الأطراف، بما في ذلك قرارات فرض وقف إطلاق النار أو نشر قوات حفظ سلام. فرض العقوبات: يمكن لمجلس الأمن الدولي فرض عقوبات على الأطراف التي ترفض الامتثال لقراراته، مما يمكن أن يساهم في الضغط على الأطراف للتوصل إلى حل سلمي. دعم جهود الحوار: يمكن لمجلس الأمن الدولي دعم جهود الحوار والتفاوض بين الأطراف،أن يساهم في التوصل إلى حل سلمي للنزاع. من المتوقع ان الخاسر الأكبر في هذه الحرب؟ الخاسر الأكبر في هذه الحرب سيكون الشعب في المنطقة، خاصة في إيران وإسرائيل وفلسطين. الحرب ستؤدي إلى خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، وستؤثر على استقرار المنطقة وأمنها. المدنيون: المدنيون في المنطقة سيكونون الأكثر تضررًا من الحرب، خاصة فيما يتعلق بالنزوح واللاجئين والخسائر في الأرواح والممتلكات. الاقتصاد: الحرب ستؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصاد في المنطقة، خاصة فيما يتعلق بالتجارة والاستثمار والتنمية. تأثير الاستقرار الإقليمي الحرب ستؤدي إلى زعزعة الاستقرار في المنطقة، مما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الصراعات والتوترات. ما جاء بالقرآن عن علو إسرائيل، هل هذه بداية نهاية إسرائيل؟ هناك العديد من التفسيرات حول الآية الكريمة "وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا" (سورة الإسراء: 4). يرى البعض أن هذه الآية تشير إلى نهاية إسرائيل، بينما يرى آخرون أنها تشير إلى فترة من الزمن ستشهد فيها إسرائيل علوًا كبيرًا، ولكن ليس بالضرورة أن تكون هذه هي النهاية. هل الحرب ستعمل على حل القضية الفلسطينية وقضية غزة؟ الحرب بين إيران وإسرائيل قد تؤدي إلى تأثيرات كبيرة على القضية الفلسطينية وغزه وتحقيق السلام العادل في المنطقة على اساس حل الدولتين والقرارات الدولية . ان غدا لناظره لقريب . وللحديث بقية..

روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..
روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..

سرايا الإخبارية

timeمنذ 4 ساعات

  • سرايا الإخبارية

روشان الكايد يكتب: فلنكن مع الوطن بالكلمة والموقف ..

بقلم : في وقتٍ تتزايد فيه التحديات الإقليمية وتشتد الحملات الممنهجة ضد الأردن، بات من الضروري أن نُجدد موقفنا، شعباً وقيادة، بأن أمن الأردن خط أحمر، وسماؤه لن تكون ممراً ولا مسرحاً لحروب الآخرين . ما صرّحت به الدولة الأردنية مؤخراً "سنواجه منتهكي سماء المملكة، ولن نكون ساحة معركة"، ليس مجرد بيان سياسي، بل هو موقف سيادي راسخ يُعبّر عن عقيدة الدولة وجيشها وشعبها . في موازاة هذه المواقف الحازمة، نشهد هجمات إلكترونية مشبوهة على منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف جيشنا العربي الباسل، وتُحاول النيل من موقف الأردن وثوابته الوطنية، مصدر هذه الحملات ليس مجهولاً، بل ذات الفئة المأجورة التي لا تترك فرصة إلا وتُشكك في نوايا الأردن، وتحاول تصويره كعدو لفلسطين أو شريك في مؤامرات وهمية . لكن الحقيقة أوضح من أن تُطمس فالأردن لم يكن يوماً ساحة لأي عدوان، ولم تُطلق رصاصة من أراضيه نحو غزة، ولا نحو دمشق، ولا ضد حزب الله، ولا حماس، ولا حتى إيران. الأردن وقف دوماً في صف قضايا أمته، ولكن دون أن يفرّط بسيادته أو يُساوم على أمنه الوطني . من يتطاول على الأردن، هم ذاتهم الذين رضوا بأن تُصبح أراضيهم مستباحة من جيوش أجنبية وميليشيات مرتزقة دول لا تملك سيادة على أجوائها، ولا على حدودها، أصبحت أدوات تُدار عن بُعد في صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل، أما الأردن فليس ملعباً لأحد، ولن يسمح لأي طرف أن يحوّله إلى منصة لإرسال الرسائل أو تصفية الحسابات . في هذه المرحلة الدقيقة، المصلحة الوطنية الأردنية يجب أن تطغى على كل العواطف والانفعالات . لم يعُد مقبولاً أن يُزايد علينا أحد، أو أن يتطاول من اعتاد على خيانة الداخل والخارج، وحدتنا الداخلية هي السلاح الحقيقي، الكلمة الحرة المخلصة، والصوت النزيه على المنصات، والوقوف مع الجيش وقيادته، هي جزء من معركة الكرامة والسيادة . الخاتمة: الأردن أولاً.. وسيبقى شامخاً أردن النشامى، وقيادة الهاشميين، لا يحتاج إلى شهادة من أحد، تاريخه يشهد له، ومواقفه لا تُشترى ولا تُباع فليعلم الجميع أن سماء الأردن ليست مسرحاً، وأن جيشه العربي سياج من نار . حمى الله الأردن، وحمى مليكه، وجيشه الباسل، وأرضه الطاهرة من كل حاقد . #حمى_الله_الاردن_ارضا_وشعبا_وقيادة #روشان_الكايد #محامي_كاتب_وباحث_سياسي

لماذا إيران الآن؟
لماذا إيران الآن؟

عمون

timeمنذ 4 ساعات

  • عمون

لماذا إيران الآن؟

لم تعد الأخبار المتصاعدة من إيران ومحيطها الإقليمي مجرد تطورات عابرة، لقد تحولت إلى بؤرة ملتهبة تشغل صنّاع القرار والمحللين والرأي العام العالمي. من تصعيد برنامجها النووي المثير للقلق إلى دعم شبكات عسكرية تمتد من بيروت إلى صنعاء، وتحديها الصارخ للمصالح الغربية في قلب الشرق الأوسط، تطل طهران بقوة على المشهد الدولي في هذه اللحظة بالذات. السؤال المحوري: لماذا إيران؟ ولماذا الآن؟ الإجابة تكمن في تفاعل مُعقَّد بين ثوابت استراتيجية عميقة الجذور وظروف آنية خلقت "لحظة فارقة" قد تُعيد تشكيل المنطقة. إيران ليست وافدًا جديدًا على المسرح الجيوسياسي، فموقعها الفريد كقلب نابض للشرق الأوسط يمنحها نفوذًا استراتيجيًا لا يُستهان به. سيطرتها على مضيق هرمز – شريان حي لنحو 30% من تجارة النفط العالمية – وقربها من بؤر الصراع في العراق وأفغانستان ودول الخليج، جعل منها لاعبًا قادرًا على تحويل جغرافيتها إلى سلاح. لكن قوة طهران لا تقوم على الجغرافيا وحدها؛ فمشروعها القائم على أيديولوجيا الثورة الإسلامية حوّلها إلى دولة ذات رسالة تتجاوز حدودها. رؤية "ولاية الفقيه" كمرجعية دينية وسياسية للمسلمين الشيعة، وعداؤها للغرب وإسرائيل تحت شعار محاربة "الاستكبار العالمي"، يدفعانها لتمويل ما يُعرف بـ"محور المقاومة". هذه الشبكة من الحلفاء – من حزب الله في لبنان بترسانته الصاروخية المروعة، إلى الحوثيين في اليمن الذين يعطلون الملاحة الدولية، والميليشيات في العراق وسوريا – تمنح إيران قدرةً على الضرب بيد طويلة مع الحفاظ على إنكار المسؤولية المباشرة. وراء هذا كله يقف السعي المحموم للردع النووي كضامن نهائي لبقاء النظام. تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، القابلة للتحول السريع إلى درجة التسلح، لم يعد مجرد تهديد نظري بل كابوسًا ملموسًا لإسرائيل وجيران الخليج. ما حوّل هذه الثوابت التاريخية إلى أزمة طارئة اليوم هو اشتعال أربعة عوامل متداخلة. الحرب في غزة كانت الشرارة التي فجّرت الديناميت الإقليمي، فالهجوم الذي نفذته حماس في السابع من أكتوبر – وهي حركة تربطها بإيران عقود من الدعم – أعقبه تحرك متزامن لأذرع "المحور": هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر، تبادل القصف اليومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية، واستهداف الميليشيات للقواعد الأمريكية في العراق وسوريا. هنا لا تقدم طهران الدعم لحماس فحسب، بل تحوّل الأزمة إلى منصة لتعزيز نفوذها وإثبات أنها القوة التي لا يُمكن تجاوزها في أي تسوية إقليمية. في ذات الوقت، تهزّ إيران داخليًا بسبب التحولات المفاجئة، فحادث تحطم طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي في مايو الماضي دفع إلى انتخابات رئاسية مُعجَّلة في يونيو، وضعت النظام أمام اختبار مزدوج: إثبات الاستقرار الداخلي لشعب منهك بالعقوبات، وإبراز القوة الخارجية لترسيخ شرعيته. التصعيد الإقليمي والتقدم النووي هما رسائل موجهة للداخل قبل الخارج، تصرخ بأن "النظام باقٍ وقادر". يزيد الأمر تعقيدًا الجمود الكامل في الملف النووي، فمحادثات إحياء الاتفاق النووي أشبه بجثة هامدة، بينما تواصل إيران تخصيب كميات كبيرة من اليورانيوم تكفي لصنع أسلحة متعددة لو اتخذت القرار. هذا الركود يخلق "نافذة خطر" ضيقة ترفع احتمالات الضربة العسكرية الوقائية، خاصة مع تقارير عن تقدمها في تطوير رؤوس حربية. وفي الخلفية، تحولات كبرى في تحالفات القوى العظمى تمنح طهران هامشًا غير مسبوق، فالانشغال الأمريكي بمواجهة الصين في المحيط الهادئ، واستنزاف روسيا وأوروبا في حرب أوكرانيا، وفشل الضربات الغربية في ردع الحوثيين، خلقت لدى القيادة الإيرانية إحساسًا بفرصة تاريخية للتمدد. تحالفها الاستراتيجي مع موسكو – الذي يمدها بطائرات مسيّرة مقابل درونز لإطلاق النار على أوكرانيا – والشراكة العميقة مع بكين كشريان حياة للنفط والاستثمارات، يضعانها في قلب تحدي جديد للنظام العالمي الغربي. سؤال "لماذا إيران الآن؟" يُجاب عليه بهذا التشابك المرعب بين طموحات إمبراطورية قديمة وظروف دولية استثنائية. المخاطر هنا ليست مجرد تصعيد عابر، فالفشل في احتواء الأزمة قد يشعل حربًا إقليمية شاملة، وامتلاك طهران سلاحًا نوويًا سيهزّ موازين القوى إلى الأبد. لكن النظام يدرك أن مغامرته قد تدفع ثمنًا باهظًا: من ثورة شعبية جائعة إلى ضربة عسكرية مدمرة. العالم يقف على حافة الهاوية، إما دبلوماسية جريئة تُطفئ النار، أو حريقٌ لا يُبقي ولا يذر. وسلامتكم ..

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store