
حين يكون الموت 'آخر المصائب'.. خبراء ومنظمات يحذرون: 'المراكز الإنسانية' ضد الإنسانية
في منطقة 'نتساريم' الواقعة في وسط القطاع، يعمل مركز التوزيع التابع للصندوق الإنساني لغزة جي.اتش.اف، وهو المركز الوحيد في شمال ووسط القطاع. في الأسابيع الأخيرة، تجمع آلاف الأشخاص حول المركز، وكثيرون بقوا هناك لأيام على أمل العودة بشيء لإطعام عائلاتهم. وهناك من أقاموا مأوى مؤقتاً مصنوعاً من القمامة، وآخرون استخدموا الأكياس التي جلبوها لحمل الطعام كغطاء للرأس. ينامون تحت أشعة الشمس أياماً على أمل الوصول في الوقت المناسب لجلب الطعام لعائلاتهم رغم الخطر المحدق بهم: نار الجيش الإسرائيلي.
الخبراء والمنظمات الإنسانية حذرت إسرائيل من أن برنامج الصندوق سيؤدي إلى كارثة، لأنه يخرق كل المبادئ الإنسانية التي تبلورت خلال عشرات السنين لتوزيع المساعدات الإنسانية على التجمعات السكانية في مناطق القتال. المبدأ الأول، أنه يجب إيصال الغذاء إلى السكان، وليس العكس. ولكن إسرائيل والولايات المتحدة والمنظمات التي أقامت جي.اتش.اف، تجاهلت هذه التحذيرات، وحتى الآن قتل مئات الأشخاص في محيط مراكز توزيع المساعدات.
بعد ادعاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع بأن تقرير 'هآرتس' حول قتل المدنيين في محيط مراكز توزيع المساعدات هو 'فرية' ونفوا وجود أي مشكلة، فقد اعترف الجيش أمس بحدوث 'أحداث مأساوية'، وحتى إنهم وضعوا لافتات وجدراناً جديدة في الطريق إلى مراكز المساعدات. ولكن بالنسبة لعبد الكريم الكحلوت، أصبح هذا الأمر متأخراً جداً. قصة الكحلوت (35 سنة)، وهو أب لبنتين من مدينة غزة، تجسد الضائقة والوحشية التي وجد فيها سكان غزة أنفسهم.
الكحلوت، الذي يمتهن الحدادة، اشترى قبل الحرب معدات لفتح محددة. وحتى أثناء الحرب، بدأ العمل. 'بنى ورشة، وسارت الأمور بشكل جيد، إلى أن أغلقوا المعابر فانقطع كل شيء'، قال شقيقه صفوت، الذي هرب من القطاع مع عائلته. أثناء الحرب، هدم بيت عبد الكريم وانتقل للعيش في منزل شقيقه مع أبناء العائلة. وقال صفوت إنه هني بإرسال الأموال من الخارج لشقيقه، لكنها أموال لم تكن كافية. حسب قوله، لاستخدام الأموال التي أرسلت من الخارج، المطلوب التنازل عن عشرات النسب المئوية منها لصالح الوسطاء، وبعد ذلك تتآكل قيمة الأموال.
'ذات يوم، كانت المئة شيكل تكفي لكل احتياجاتك. أما الآن، فتكفي لكيلو ونصف من الطحين'، قال شقيق عبد الكريم، صفوت. وحسب أقواله، توجه شقيقه في الأسابيع الأخيرة إلى مركز توزيع الغذاء في 'نتساريم' مرتين. في المرة الثانية، الأربعاء، وصل إلى المركز هو وآلاف الأشخاص اليائسين مثله. ومثلما حدث في بعض الأحيان، في الشهر الأخير تم إطلاق النار على من ينتظرون على الرمال، كما يبدو من أجل إبعادهم. لم ينجح عبد الكريم في الحصول على الطعام، وأصيب بإطلاق النار.
وأضاف صفوت بأن شقيقه عاد إلى بيته مصاباً في المؤخرة. ويبدو أنها طفيفة. ولكن بعد بضع ساعات، قال أبناء العائلة، إنه بدأ يشعر بالألم وذهب إلى مستشفى الشفاء. 'قال الأطباء إن الإصابة سطحية وسرحوه. الآن في غزة، إذا لم تكن بحاجة إلى بتر القدم أو اليد، فلا يهتمون بك'، قال صفوت. 'عاد إلى البيت، ولكن بدأ كل جسده يؤلمه ولم يستطع الوقوف على رجليه'. أضاف صفوت بأن شقيقاً آخر له، أخذ عبد الكريم مرة أخرى إلى المستشفى، وهناك وجدوا رصاصة في جسده، وتم إجراء عملية له بنجاح. في أي مستشفى معقول في مكان طبيعي، كان سيتعافى خلال بضعة أيام ويعود إلى عائلته، لكن بعد سنة ونصف على القتال، فإن مستشفى الشفاء لم يعد مستشفى معقولاً.
مثل كل المستشفيات في القطاع، مستشفى الشفاء يواجه أعباء القليل من المستشفيات في العالم اضطرت لمواجهتها، مئات وآلاف المصابين يملأون المستشفى كل يوم. كثيرون منهم بحاجة إلى علاج معقد بسبب إصابة الشظايا والصدمة وإطلاق النار، وآخرون يعانون من النقص الغذائي وأمراض معدية وأمراض مزمنة تفاقمت بسبب ظروف السكن. مشكلة المستشفيات هي إمكانية إجراء صور طبقية. لم يبق في القطاع إلا القليل جداً من أجهزة الأشعة، وهي تعمل أيضاً تقريباً لسنتين متواصلتين، ووضع صيانتها سيئ. المرضى الذين يحتاجون إلى صور طبقية ينقلون أحياناً إلى مسافة بضعة كيلومترات لفحصهم.
وضع عبد الكريم لا يظهر أنه خطير إلى درجة تبرر وجوده لدقائق ثمينة في الجهاز، والأطباء لم يقوموا بعملية الفحص. 'جهاز واحد وكثير من المصابين'، قال شقيقه. كان يعاني من نزف داخلي لم يلاحظه الأطباء، وبعد يوم على العملية توفي متأثراً بجروحه. المشكلة الآن في غزة ليست من مات. فنحن نقول من مات ارتاح، لكن المشكلة هي من سيبقى مع الألم، قال.
العائلة الآن قلقة على وضع الأب الذي يعاني من مرض القلب، ويحتاج إلى الدواء. 'الأدوية نفدت منذ فترة، وقد يتوفى في أي لحظة. محظور عليه بذل أي جهد. نخاف عليه الآن، لأن حزنه على ابنه يهاجم قلبه'، قال صفوت. 'الأكثر ألماً المؤلم عنده هما البنتان، 3 و5 سنوات. كل مرة أفكر فيهن، أبكي. ماذا ستفعلان بدون الأب؟ كيف ستتدبران أمرهما؟ غزة ليست إسرائيل أو فرنسا، بوجود حكومة تهتم. إذا كنت بدون أب، فلست بشيء. كل يوم تنامان على يديه، ولكن من لهما بلا أب. كيف يمكن شرح ذلك لهما؟'.
هآرتس 1/7/2025

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 10 ساعات
- القدس العربي
صحيفة إسرائيلية: كفى… حتى الأمريكيون حضروا بأنفسهم لقتل الأبرياء وتوسيع دائرته في غزة
سكان غزة يقتلون باستمرار. أفادت وزارة الصحة في قطاع غزة بقتل أكثر من 300 شخص في الـ 48 ساعة السابقة. وفي الظهيرة، علم أنه منذ ساعات الصباح من يوم أمس، أضيف 39 قتيلاً آخر في هجمات إسرائيلية. 17 قتيلاً كانوا في مدرسة تستخدم كملجأ. 39 قتلوا في طابور المساعدات الإنسانية، 9 وهم ينتظرون شاحنات المساعدات في مكان آخر. العقل لا يحتمل هذه الأعداد التي أصبحت يومية. لم يعد هناك أحد يدعي بأن الحديث لا يدور عن أغلبية مطلقة من الأبرياء، ولا أحد يدعي بأنه قتل جماعي. وكالة الأنباء AP نشرت أمس، أن حراساً أمريكيين أيضاً يستخدمون النار الحية وقنابل الصوت ضد السكان الذين يأتون للحصول على الغذاء. وتروي الشهادات بأن العاملين في هذا المجال عديمو التأهيل. مشروع صندوق المساعدات لغزة باء بفشل دامٍ. تحقيق 'هآرتس' الذي جلب شهادات لمقاتلين رووا بأن الجيش الإسرائيلي يطلق النار عن قصد نحو سكان أبرياء يحتشدون في طوابير غير إنسانية قرب مراكز المساعدات، تحقيق وصفه رئيس الوزراء ووزير الدفاع بأنه 'فرية دم حقيرة'، حظي منذئذ بالتأكيد حتى على لسان الجيش الإسرائيلي: مسؤول كبير في الجيش اعترف بأن السكان يقتلون بنار قذائف مدفعية وأن الجيش 'يصلح هذا'. لقد تحول الواقع في غزة إلى المدينة الفاسدة. فحقيقة أن غالبية وسائل الإعلام الإسرائيلية تخفيه بنية مبيتة عن ناظر الجمهور لا يجعله أقل رعباً. هذا واقع يجب أن يتوقف وفوراً. وتضاف إليه بالطبع معاناة المخطوفين والثمن الباهظ الذي يدفعه الجيش. أمس، نشر توم لفنسون في 'هآرتس' شهادات لخمسة مقاتلين وصفوا واقعاً صادماً يتراوح فيه الجنود في غزة بين اليأس، ونوبات الغضب، والخوف المرعب. من السابق لأوانه قياس الثمن النفسي الذي سيدفعه جنود الجيش الإسرائيلي طوال حياتهم. كل شيء في غزة يصرخ لوقف الحرب فوراً، عديمة الجدوى وعديمة الأهداف ووحشية جداً، من الواجب إنهاء هذه الحرب بأي ثمن. الدم في الطرفين يسفك عبثاً، ولا أحد يخرج رابحاً. اختبار الزعيم أو القائد العسكري ليس في القرار للخروج إلى الحرب. لا يقل عن هذا اختبار الزعامة في وضع حد للحرب في التوقيت السليم. عشية سفر رئيس الوزراء إلى واشنطن، عليه حمل الحرب في غزة إلى منتهاها. كما أن رئيس الأركان ملزم بإلقاء كل صلاحياته المهنية من أجل إنهائها. هذه الحرب تجبي أثماناً زاهدة لم يعد ممكناً قبولها. أسرة التحرير هآرتس 4/7/2025


القدس العربي
منذ 3 أيام
- القدس العربي
انقسام داخل حكومة إسرائيل بشأن مقترح اتفاق لتبادل الأسرى في غزة
القدس المحتلة: كشف مقترح اتفاق لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة عن انقسام حاد داخل الحكومة الإسرائيلية، في وقت سارعت فيه المعارضة لتجديد تعهدها بتوفير 'شبكة أمان' لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لدعمه في حال قرر المضي قدما لإبرام الاتفاق. والثلاثاء، ادعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن إسرائيل قبلت 'الشروط اللازمة' لوقف إطلاق النار لمدة 60 يوما في قطاع غزة، معربا عن أمله في أن توافق عليها حركة 'حماس'. ومرارا أعلنت 'حماس' استعدادها لإطلاق سراح الأسرى مقابل إنهاء الإبادة، وانسحاب جيش الاحتلال الإسرائيلي من غزة، لكن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتهرب بطرح شروط جديدة، ويرغب فقط بصفقات جزئية تضمن استمرار الحرب. في المقابل، جدد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، معارضتهما للمقترح، وأعلنت صحيفة 'هآرتس' العبرية أنهما سيعقدان اجتماعا خلال ساعات لمناقشة خطة تهدف إلى منع إتمام صفقة الأسرى ووقف إطلاق النار بين إسرائيل و'حماس'. ولطالما رفض بن غفير وسموتريتش، وهما من قادة اليمين الإسرائيلي المتطرف، أي صيغة لوقف إطلاق النار، كما يدعوان إلى إعادة احتلال قطاع غزة وإقامة مستوطنات وتهجير الفلسطينيين. ويقول مسؤولون في المعارضة إن الوزيرين المتشددين سبق أن ساهما في منع نتنياهو من إبرام اتفاقات مماثلة في مرات سابقة، لكن لم يتضح بعد مدى تأثيرهما هذه المرة، لا سيما مع دعم ترامب للخطة المطروحة. وفيما بدا أنه رد غير مباشر على رفض بن غفير وسموتريتش، قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر عبر منصة 'إكس' إن 'هناك أغلبية كبيرة داخل الحكومة، وكذلك بين الشعب، تؤيد خطة إطلاق سراح الرهائن'، وأردف: 'إذا أتيحت لنا فرصة لذلك فلا يجوز أن نضيعها'. من جهتها، أكدت المعارضة الإسرائيلية مجددا استعدادها لتوفير دعم برلماني لنتنياهو، يجنبه السقوط السياسي حال قرر المضي في الاتفاق. وقال زعيم المعارضة يائير لبيد مخاطبا نتنياهو على منصة إكس: 'مقابل أصوات بن غفير وسموتريتش الثلاثة عشر لديك 23 صوتا مني لضمان شبكة أمان لصفقة الرهائن، علينا أن نعيد الجميع لديارهم الآن'. ويملك حزبا بن غفير وسموتريتش 13 مقعدا من أصل 120 في الكنيست، بينما يمتلك حزب 'هناك مستقبل' الذي يقوده لبيد 23 مقعدا. ولا يمكن لبن غفير وسموتريتش إسقاط الحكومة في حال منحت المعارضة نتنياهو شبكة أمان، على الأقل طوال فترة تنفيذ الاتفاق. وفي السياق ذاته، قال وزير الدفاع الأسبق وزعيم حزب 'إسرائيل بيتنا' أفيغدور ليبرمان، على إكس: 'يجب أن نعيد جميع الرهائن الآن'. وقد يشير ذلك إلى استعداد ليبرمان لمنح نتنياهو شبكة أمان في الكنيست، رغم أنه لم يصرح بذلك بشكل مباشر. ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 ترتكب إسرائيل بدعم أمريكي مطلق إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 191 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، فضلا عن مئات آلاف النازحين. (الأناضول)


القدس العربي
منذ 3 أيام
- القدس العربي
حين يكون الموت 'آخر المصائب'.. خبراء ومنظمات يحذرون: 'المراكز الإنسانية' ضد الإنسانية
نير حسون في منطقة 'نتساريم' الواقعة في وسط القطاع، يعمل مركز التوزيع التابع للصندوق الإنساني لغزة جي.اتش.اف، وهو المركز الوحيد في شمال ووسط القطاع. في الأسابيع الأخيرة، تجمع آلاف الأشخاص حول المركز، وكثيرون بقوا هناك لأيام على أمل العودة بشيء لإطعام عائلاتهم. وهناك من أقاموا مأوى مؤقتاً مصنوعاً من القمامة، وآخرون استخدموا الأكياس التي جلبوها لحمل الطعام كغطاء للرأس. ينامون تحت أشعة الشمس أياماً على أمل الوصول في الوقت المناسب لجلب الطعام لعائلاتهم رغم الخطر المحدق بهم: نار الجيش الإسرائيلي. الخبراء والمنظمات الإنسانية حذرت إسرائيل من أن برنامج الصندوق سيؤدي إلى كارثة، لأنه يخرق كل المبادئ الإنسانية التي تبلورت خلال عشرات السنين لتوزيع المساعدات الإنسانية على التجمعات السكانية في مناطق القتال. المبدأ الأول، أنه يجب إيصال الغذاء إلى السكان، وليس العكس. ولكن إسرائيل والولايات المتحدة والمنظمات التي أقامت جي.اتش.اف، تجاهلت هذه التحذيرات، وحتى الآن قتل مئات الأشخاص في محيط مراكز توزيع المساعدات. بعد ادعاء رئيس الحكومة ووزير الدفاع بأن تقرير 'هآرتس' حول قتل المدنيين في محيط مراكز توزيع المساعدات هو 'فرية' ونفوا وجود أي مشكلة، فقد اعترف الجيش أمس بحدوث 'أحداث مأساوية'، وحتى إنهم وضعوا لافتات وجدراناً جديدة في الطريق إلى مراكز المساعدات. ولكن بالنسبة لعبد الكريم الكحلوت، أصبح هذا الأمر متأخراً جداً. قصة الكحلوت (35 سنة)، وهو أب لبنتين من مدينة غزة، تجسد الضائقة والوحشية التي وجد فيها سكان غزة أنفسهم. الكحلوت، الذي يمتهن الحدادة، اشترى قبل الحرب معدات لفتح محددة. وحتى أثناء الحرب، بدأ العمل. 'بنى ورشة، وسارت الأمور بشكل جيد، إلى أن أغلقوا المعابر فانقطع كل شيء'، قال شقيقه صفوت، الذي هرب من القطاع مع عائلته. أثناء الحرب، هدم بيت عبد الكريم وانتقل للعيش في منزل شقيقه مع أبناء العائلة. وقال صفوت إنه هني بإرسال الأموال من الخارج لشقيقه، لكنها أموال لم تكن كافية. حسب قوله، لاستخدام الأموال التي أرسلت من الخارج، المطلوب التنازل عن عشرات النسب المئوية منها لصالح الوسطاء، وبعد ذلك تتآكل قيمة الأموال. 'ذات يوم، كانت المئة شيكل تكفي لكل احتياجاتك. أما الآن، فتكفي لكيلو ونصف من الطحين'، قال شقيق عبد الكريم، صفوت. وحسب أقواله، توجه شقيقه في الأسابيع الأخيرة إلى مركز توزيع الغذاء في 'نتساريم' مرتين. في المرة الثانية، الأربعاء، وصل إلى المركز هو وآلاف الأشخاص اليائسين مثله. ومثلما حدث في بعض الأحيان، في الشهر الأخير تم إطلاق النار على من ينتظرون على الرمال، كما يبدو من أجل إبعادهم. لم ينجح عبد الكريم في الحصول على الطعام، وأصيب بإطلاق النار. وأضاف صفوت بأن شقيقه عاد إلى بيته مصاباً في المؤخرة. ويبدو أنها طفيفة. ولكن بعد بضع ساعات، قال أبناء العائلة، إنه بدأ يشعر بالألم وذهب إلى مستشفى الشفاء. 'قال الأطباء إن الإصابة سطحية وسرحوه. الآن في غزة، إذا لم تكن بحاجة إلى بتر القدم أو اليد، فلا يهتمون بك'، قال صفوت. 'عاد إلى البيت، ولكن بدأ كل جسده يؤلمه ولم يستطع الوقوف على رجليه'. أضاف صفوت بأن شقيقاً آخر له، أخذ عبد الكريم مرة أخرى إلى المستشفى، وهناك وجدوا رصاصة في جسده، وتم إجراء عملية له بنجاح. في أي مستشفى معقول في مكان طبيعي، كان سيتعافى خلال بضعة أيام ويعود إلى عائلته، لكن بعد سنة ونصف على القتال، فإن مستشفى الشفاء لم يعد مستشفى معقولاً. مثل كل المستشفيات في القطاع، مستشفى الشفاء يواجه أعباء القليل من المستشفيات في العالم اضطرت لمواجهتها، مئات وآلاف المصابين يملأون المستشفى كل يوم. كثيرون منهم بحاجة إلى علاج معقد بسبب إصابة الشظايا والصدمة وإطلاق النار، وآخرون يعانون من النقص الغذائي وأمراض معدية وأمراض مزمنة تفاقمت بسبب ظروف السكن. مشكلة المستشفيات هي إمكانية إجراء صور طبقية. لم يبق في القطاع إلا القليل جداً من أجهزة الأشعة، وهي تعمل أيضاً تقريباً لسنتين متواصلتين، ووضع صيانتها سيئ. المرضى الذين يحتاجون إلى صور طبقية ينقلون أحياناً إلى مسافة بضعة كيلومترات لفحصهم. وضع عبد الكريم لا يظهر أنه خطير إلى درجة تبرر وجوده لدقائق ثمينة في الجهاز، والأطباء لم يقوموا بعملية الفحص. 'جهاز واحد وكثير من المصابين'، قال شقيقه. كان يعاني من نزف داخلي لم يلاحظه الأطباء، وبعد يوم على العملية توفي متأثراً بجروحه. المشكلة الآن في غزة ليست من مات. فنحن نقول من مات ارتاح، لكن المشكلة هي من سيبقى مع الألم، قال. العائلة الآن قلقة على وضع الأب الذي يعاني من مرض القلب، ويحتاج إلى الدواء. 'الأدوية نفدت منذ فترة، وقد يتوفى في أي لحظة. محظور عليه بذل أي جهد. نخاف عليه الآن، لأن حزنه على ابنه يهاجم قلبه'، قال صفوت. 'الأكثر ألماً المؤلم عنده هما البنتان، 3 و5 سنوات. كل مرة أفكر فيهن، أبكي. ماذا ستفعلان بدون الأب؟ كيف ستتدبران أمرهما؟ غزة ليست إسرائيل أو فرنسا، بوجود حكومة تهتم. إذا كنت بدون أب، فلست بشيء. كل يوم تنامان على يديه، ولكن من لهما بلا أب. كيف يمكن شرح ذلك لهما؟'. هآرتس 1/7/2025