
كيف مهّدت العواصم العربية الطريق لفرنسا؟
الاعتراف الفرنسي المرتقب بدولة فلسطين، لا يُعد استجابة ظرفية، بل يمثل ثمرة لمسار دبلوماسي عربي هادئ، قائم على التنسيق والتراكم، لا على المبادرات الانفرادية أو الخطاب الانفعالي.
إعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عزمه اتخاذ هذه الخطوة رسمياً خلال انعقاد الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/أيلول المقبل، يعكس نضجاً سياسياً وأخلاقياً تبلور بفعل تفاعل عربي متكامل، اتّسم بالرصانة والفاعلية، بعيداً عن الاستعراض. وفي هذا الإطار، برزت الإمارات من خلال قوتها الناعمة، والسعودية بتحركها السياسي الوازن، وقطر بوساطاتها النشطة، ومصر بثقلها التاريخي، والأردن بمكانته القانونية، وسلطنة عُمان بحكمتها الدبلوماسية. وقد عملت هذه العواصم بتناغم ملحوظ، من دون سعي للتصدر، بل بروح جماعية تهدف إلى تثبيت منطق الحلول العادلة والمستدامة.
لم يكن التحرك العربي عشوائياً، بل كان موجّهاً نحو عاصمة أوروبية ذات ثقل سياسي وموقف متوازن نسبياً تجاه القضية الفلسطينية. فرنسا، كعضو دائم في مجلس الأمن، وقوة فاعلة في أوروبا، وإحدى دول مجموعة السبع، لطالما كانت أكثر استعداداً لسماع الصوت العربي العقلاني. ووفقاً لتصريح وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو، فإن «فرنسا تؤمن بأن الاعتراف بدولة فلسطين هو خطوة ضرورية لإحياء آفاق السلام». ومع أن خطابها ليس جديداً، فإن ترجمة هذا الموقف إلى خطوة عملية تضع باريس في موقع ريادي يعزز المسار العربي دولياً.
الإمارات: تأثير صامت، لكنه فعّال
برز الدور الإماراتي الهادئ بفضل علاقاتها الاستراتيجية مع باريس في مجالات عدة. نقلت موقفاً عربياً متزناً داعماً للاعتراف كخطوة بناءة نحو الاستقرار، بعيداً عن المزايدات. وعلى الأرض، عززت هذا التأثير بمبادرات إنسانية خلال حرب غزة، مثل جسر جوي للمساعدات واستقبال الجرحى، ما لفت أنظار الإعلام الفرنسي. وعند إعلان ماكرون نيته، رحبت الإمارات رسمياً، ما يعكس تنسيقاً مسبقاً يركز على النتائج أكثر من الواجهة.
تناغم عربي متعدد الأطراف
إلى جانب الإمارات، لعبت السعودية دوراً سياسياً بارزاً من خلال اتصالاتها المباشرة مع باريس، تُوّجت بزيارة وزير خارجيتها قبيل الإعلان الفرنسي. أما قطر، فكان لها دور محوري في الوساطة الإنسانية، ونقل صوت الضحايا إلى المنابر الدولية، فيما ركزت مصر على تثبيت مرجعية حل الدولتين في خطابها الدبلوماسي داخل المحافل الدولية، وسلطنة عمان عززت المسار السياسي عبر قنواتها المباشرة، داعية لحلول سلمية لا تصعيدية، بينما وظّف الأردن مكانته القانونية والتاريخية في ملف القدس واللاجئين لدعم المسار العربي بأدوات دبلوماسية فعالة.
حين تحدّثت غزة بصمت
لم يكن الدافع الفرنسي سياسياً فقط، بل كان أخلاقياً أيضاً، بعد تصاعد صور المأساة في غزة، وخاصة قصف مستشفى الشفاء في إبريل/نيسان 2024، التي أثرت بعمق في الرأي العام الفرنسي.
وسائل إعلام ك France 24 وTV5Monde ساهمت في فتح نقاش حول «المسؤولية الدولية». العواصم العربية دعمت هذه اللحظة بالفعل الميداني عبر مساعدات وإجلاء طبي، ما مهد الأرضية النفسية والسياسية لخطوة باريس.
رفض الاختزال وتثبيت الرؤية الجماعية
سارع بعض المحللين إلى نسب الاعتراف لطرف عربي واحد، متجاهلين الجهود المتكاملة التي اشتغلت بصمت. السياسة الدولية تُبنى على تنسيق دقيق وصبر تراكمي، لا على ضغوط فردية أو صخب إعلامي. وقد برهنت الإمارات بتحركها الهادئ والمنظم أن التأثير الحقيقي يعتمد على الثقة والتوقيت. كما أكّد مقال صحيفة الخليج (6 يوليو/تموز 2025)، بعنوان: «ديناميات التباين في الإقليم العربي: بين الفرصة والتحدي»، أن التنوع في الأداء العربي فرصة للتكامل، لا للتنافس. وهذا يتجلى في مشهد الاعتراف الفرنسي كنتاج لحراك عربي جماعي متكامل.
ما الذي يمكن البناء عليه؟ الموقف الفرنسي يفتح الباب أمام حراك دبلوماسي عربي لدفع دول أوروبية أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة. وإن كانت إيطاليا وألمانيا من بين الأسماء المطروحة، فإن استمرار النجاح مرتبط بقدرة العرب على الحفاظ على نسق جماعي يرتكز على التنسيق والتكامل بعيداً عن التنافس أو المبادرات الانفرادية، لأن الحضور الموحد والمتوازن هو ما يصنع الفارق الحقيقي في الساحات الدولية. فالاستمرار في الوحدة هو ضمان التأثير الحقيقي على مستوى السياسة الدولية.
الاعتراف الفرنسي المرتقب ليس حدثاً لحظياً، بل نتيجة نضج سياسي وأخلاقي تراكمي شاركت فيه عدة عواصم عربية بحكمة وصمت. وإن كانت بعض الأطراف تركز على من يصرّح أكثر، فإن الفاعلين الحقيقيين هم من يعرفون متى يتحدثون ومتى يكتفون بالتأثير. ففي السياسة، كما في الظلال، كثيراً ما يكون الصمت هو من يوجّه النتيجة. وكما يُقال: «القوة الحقيقية تكمن في القدرة على التنسيق والعمل خلف الكواليس، وليس في التصريحات الصاخبة».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 15 دقائق
- البيان
وزير المالية الألماني: اتفاقية الجمارك مع الولايات المتحدة كشفت نقاط ضعف أوروبية
بعد اتفاقية الجمارك بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ذكر وزير المالية الألماني، لارس كلينجبايل، أنه يتعين على ألمانيا استخلاص النتائج. وقال كلينجبايل في تصريحات لمحطة «دويتشلاند فونك» الألمانية قبل اجتماعه مع نظيره الأمريكي في واشنطن: «أعتقد أن نقاط ضعفنا قد انكشفت بالفعل في نزاعنا مع الأمريكيين بشأن قضية الرسوم الجمركية، وعلينا استخلاص النتائج من ذلك»، مؤكداً ضرورة العمل بشكل أوثق مع شركاء آخرين مثل كندا وبريطانيا، وقال: «يجب أن نصبح أقوى». وأكد كلينجبايل مجدداً أنه من الجيد حالياً التوصل إلى حل، مضيفاً في المقابل أنه حان الوقت أيضاً أن يتدبر الأوروبيون «ماذا حدث بالفعل في الأسابيع القليلة الماضية؟»، مشيراً إلى أن إنهاء محتملاً للتجارة العالمية الحرة سيكون بمثابة «انتكاسة». وأكد كلينجبايل، الذي يشغل أيضاً منصب نائب المستشار الألماني فريدريش ميرتس، أنه كان يتمنى نتيجة أفضل في المفاوضات مع الولايات المتحدة. وبصفته وزيراً للمالية يرى كلينجبايل أنه من الضروري الآن معرفة ما هو ممكن لحماية الوظائف والقوة الاقتصادية في ألمانيا، وخصوصاً في قطاع الصلب، موضحاً أنه نفسه لديه علامات استفهام حول الاتفاق فيما يتعلق بقطاع الصلب ونظام الحصص المحتمل. وتوجه كلينجبايل، الذي يتزعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إلى الولايات المتحدة، أمس الأحد، للقاء وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت، اليوم الاثنين، من بين أمور أخرى. وتوصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخراً إلى اتفاق بشأن النزاع حول الرسوم الجمركية، وينص الاتفاق بين الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، على فرض رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.

سكاي نيوز عربية
منذ 24 دقائق
- سكاي نيوز عربية
وزير المالية الألماني: الاتفاق مع واشنطن كشف نقاط ضعف أوروبا
وقال كلينغبايل في تصريحات لمحطة "دويتشلاند فونك" الألمانية قبل اجتماعه مع نظيره الأميركي في واشنطن: "أعتقد أن نقاط ضعفنا قد انكشفت بالفعل في نزاعنا مع الأميركيين بشأن قضية الرسوم الجمركية. وعلينا استخلاص النتائج من ذلك"، مؤكدا ضرورة العمل بشكل أوثق مع شركاء خرين مثل كندا وبريطانيا. وشدد قائلا: "يجب أن نصبح أقوى". وأكد كلينغبايل مجددا أنه من الجيد حاليا التوصل إلى حل، مضيفا في المقابل أنه حان الوقت أيضا أن يتدبر الأوروبيون "ماذا حدث بالفعل في الأسابيع القليلة الماضية؟"، مشيرا إلى أن إنهاء محتملا للتجارة العالمية الحرة سيكون بمثابة "انتكاسة". وأكد كلينغبايل، الذي يشغل أيضا منصب نائب المستشار الألماني فريدريش ميرتس ، أنه كان يتمنى نتيجة أفضل في المفاوضات مع الولايات المتحدة. وبصفته وزيرا للمالية، يرى كلينغبايل أنه من الضروري ال ن معرفة ما هو ممكن لحماية الوظائف والقوة الاقتصادية في ألمانيا، وخاصة في قطاع الصلب ، موضحا أنه نفسه لديه علامات استفهام حول الاتفاق فيما يتعلق بقطاع الصلب ونظام الحصص المُحتمل. وتوجه كلينغبايل، الذي يتزعم الحزب الاشتراكي الديمقراطي ، إلى الولايات المتحدة أمس الأحد للقاء وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت اليوم الاثنين، من بين أمور أخرى. وتوصل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مؤخرا إلى اتفاق بشأن النزاع حول الرسوم الجمركية. وينص الاتفاق بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين على فرض رسوم جمركية بنسبة 15 بالمئة على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة.


صحيفة الخليج
منذ 29 دقائق
- صحيفة الخليج
ثوابت الإمارات تجاه فلسطين
إنّ الثوابتَ التاريخيةَ الراسخةَ التي عبّرت عنها القيادةُ السياسيةُ في دولةِ الإماراتِ العربيةِ المتحدة، خلال مختلفِ اللقاءاتِ والاجتماعاتِ مع قادةِ العالم، تجاهَ تعزيزِ السلامِ والعدالةِ وصَونِ حقوقِ الشعبِ الفلسطينيّ الشقيق، تَنبعُ من إيمانٍ عميقٍ لدى قيادتِها الرشيدة بضرورةِ رفعِ المعاناة عن الأشقاءِ الفلسطينيين واحترامِ قراراتِ الشرعيةِ الدولية وتمكينِ الشعبِ الفلسطينيّ من إقامةِ دولتِه المستقلةِ ذاتِ السيادة. ولا يخفى أنّ الحديثَ عن المواقفِ الإماراتيةِ الثابتةِ في دعمِ القضيةِ الفلسطينيةِ سياسياً ومادياً وإنسانياً، لا يمكن حصرُه في هذه العجالة، إذ إنّ صفحاتِ التاريخِ قد سطّرت مواقفَ وإنجازاتِ دولةِ الإماراتِ، منذُ تأسيسِها على يدِ القائدِ المؤسسِ المغفورِ له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيّب الله ثراه وحتى يومنا هذا، حيث شكَّلت القضيةُ الفلسطينيةُ محوراً رئيساً في السياسةِ الخارجيةِ للدولة، ومنهجاً ثابتاً في دعمِ الحقوقِ المشروعةِ للشعبِ الفلسطينيّ. ومع بدءِ التصعيدِ العسكريّ الإسرائيليّ في أكتوبر من عام 2023، كثّفت دولةُ الإماراتِ جهودَها الإغاثيةَ والإنسانيةَ لدعمِ أهالي قطاعِ غزة، من خلالِ إطلاقِ سلسلةٍ من المبادراتِ النوعية، بدءاً بحملةِ «تراحم من أجل غزة»، ثم عملية «الفارس الشهم 3»، التي انبثقت عنها مساهماتٌ ميدانيةٌ واسعةٌ شملت تسيير جسورٍ جويةٍ وبحريةٍ وبريةٍ لنقلِ المساعداتِ الغذائيةِ والطبيةِ، إلى جانبِ إنشاءِ المستشفياتِ ومحطّاتِ تحليةِ المياهِ والأفرانِ وغيرها من المشاريعِ الداعمةِ لصمودِ الشعبِ الفلسطينيّ. وقد عبّر المغفورُ له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، عن هذا الموقفِ الثابتِ في مناسباتٍ عدة، حين قال: «إن القضية الفلسطينية قضية العرب جميعاً وموقفنا منها نابع من التزامنا القومي والديني والإنساني» وفي السياقِ ذاته، جاءت تدوينةُ سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، عبر منصة «إكس»، لتؤكّد استمرارَ الجهودِ الإغاثيةِ لدولةِ الإماراتِ رغمَ التحدياتِ والصعوباتِ التي تفرضُها العملياتُ القتالية، مشدّداً على أنّ إيصالَ المساعداتِ المنقذةِ للحياةِ، بمختلفِ الوسائلِ والآلياتِ، يُعدّ أولويةً قصوى لا تقبلُ التراخي أو التأجيل، في ظل أوضاعٍ إنسانيةٍ متفاقمة ونقص حادٍّ في مقوّماتِ الحياةِ الأساسية. وتُجسّد هذه التدوينةُ تأكيداً جديداً على التزام دولة الإماراتِ العربيةِ المتحدة، عبرَ أذرُعها الإنسانيةِ ومبادراتِها الميدانية، بمواصلةِ تنفيذِ عملياتِ الإنزالِ الجويّ والبحريّ للمساعداتِ الغذائيةِ والطبية، دعماً للمتضرّرين في قطاعِ غزة، وترسيخاً للموقفِ الإماراتيّ الثابتِ تجاهَ القضيةِ الفلسطينية، واستمراراً لجهودِ الدولةِ في دعمِ الحقوقِ المشروعةِ للشعبِ الفلسطينيّ، والمساهمة في تحقيقِ سلامٍ عادل وشامل يَكفلُ قيام دولتِه المستقلة على ترابهِ الوطنيّ. وتؤكِّد تلك الجهود البارزة مواصلة دولةُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةُ دورَها الرياديَّ في المحافلِ الدوليةِ للدفاعِ عن حقوقِ الشعبِ الفلسطيني والذي لا يخفى على أحد من خلالِ الحراكِ الدبلوماسيّ النشطِ في مجلسِ الأمنِ الدوليّ والجمعيةِ العامة للأممِ المتحدةِ ومجلسِ حقوقِ الإنسانِ، حيثُ ما فتئت تؤكّد على ضرورة الوقف الفوريّ لإطلاق النار وتوفيرِ الحمايةِ الدوليةِ للمدنيين ورفعِ الحصارِ عن قطاعِ غزة، إلى جانبِ الدعوةِ المستمرةِ لإحياءِ مسارِ السلامِ العادلِ والشاملِ استناداً إلى قراراتِ الشرعيةِ الدولية ومبادرةِ السلامِ العربية. حيث تأتي مشاركة الإمارات الفاعلة في جلسات مجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية، امتداداً لمسار دبلوماسي نشط، هدفه التصدي للانتهاكات ضد الشعب الفلسطيني والدفع نحو وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات وتهيئة الظروف الملائمة لإطلاق عملية سلام عادلة وشاملة تُفضي إلى حل الدولتين وفقاً لقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وقد حرصت القيادة الإماراتية على توجيهِ الجهودِ نحوَ تعزيزِ العملِ المشتركِ مع الوكالاتِ الإنسانيةِ الأمميةِ كالأونروا وبرنامجِ الغذاء العالميّ، وتقديمِ الدعمِ المالي المستدامِ لضمانِ استمراريةِ خدماتِ الإغاثة والتعليمِ والرعايةِ الصحيةِ في الأراضي الفلسطينية وتواكبُ الجهودَ الإنسانيةَ على الأرض. تحركاتٌ سياسيةٌ مكثّفةٌ تقودها الدولة عبر وزارة الخارجية والبعثات الدبلوماسية، لتأمين الاستجابة الدولية السريعة لمعاناة الفلسطينيين والتأكيد على أهمية احترام المواثيق والاتفاقيات الدولية التي تضمن حماية المدنيين وحقهم في الحياة الكريمة والعيش بأمان وتُعدُّ هذه المقاربةُ الثنائية، الإنسانية والدبلوماسية، نهجاً فريداً تتفرّد به الإمارات، يجمعُ بين الإغاثةِ العاجلةِ والرؤيةِ السياسيةِ طويلة الأمد. ولا يمكن إغفال الدورِ الكبيرِ الذي تقومُ به المؤسساتُ الإعلاميةُ والثقافيةُ في دولةِ الإماراتِ في إبرازِ معاناةِ الشعبِ الفلسطينيّ والدفاعِ عن قضيتهِ العادلة، من خلالِ منصّاتِها المختلفةِ، ما يعكسُ وعياً مجتمعياً متجذراً تجاهَ القضايا العادلةِ وعلى رأسِها القضية الفلسطينية، ويجسّدُ تلاحمَ القيادةِ والشعبِ في نصرة الحقوقِ الإنسانيةِ والمبادئِ الأخلاقيةِ والمواثيقِ الدوليةِ. وتسعى هذه المبادرات والمواقف إلى ترسيخ صورة دولة الإمارات كنموذج عالمي في التضامن مع الشعوب المظلومة وفي مقدمتها الشعب الفلسطيني، حيث يُمثّل هذا الدعم إحدى ركائز السياسة الإماراتية، المستندة إلى إرثٍ تاريخيّ أصيل أرساه الآباءُ المؤسسون ويتجدد كل يوم بإرادةِ قيادة تؤمن بأنّ القيم الإنسانية لا تتجزّأ وبأنّ الوقوف إلى جانب المظلومين واجبٌ أخلاقيٌّ لا يقبلُ المساومة. وبهذا النهجِ المتكامل، تؤكدُ دولةُ الإماراتِ العربيةِ المتحدةُ، قيادةً وشعباً، التزامَها التاريخيّ والمبدئيَّ والثابتَ تجاهَ نصرةِ الشعبِ الفلسطينيّ، ودعمِ نضالهِ المشروعِ لنيلِ حقوقهِ غيرِ القابلةِ للتصرف وتحقيق حلمِه في بناءِ دولتِه المستقلةِ بعاصمتها القدس الشرقية، بما يرسّخ السلامَ والاستقرارَ في المنطقةِ ويعكس المكانةَ الإنسانيةَ والقياديةَ لدولةِ الإماراتِ على الصعيدِين الإقليمي والدولي.