logo
كامل إدريس: الحكومة السودانية ستعود للخرطوم قبل نهاية أكتوبر

كامل إدريس: الحكومة السودانية ستعود للخرطوم قبل نهاية أكتوبر

الجزيرةمنذ 2 أيام
أعلن رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس انتقاله من بورتسودان وعودة حكومته إلى الخرطوم بحلول نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، واشتكى من تقاطعات وتغلغل ما وصفه "ب الطابور الخامس" في أجهزة الدولة.
وقال إدريس خلال لقائه مجموعة من الصحفيين السودانيين بمقر إقامة السفير السوداني بالقاهرة ، استمر حتى الساعات الأول من فجر اليوم الجمعة، إن مطار الخرطوم سيستأنف نشاطه خلال شهرين، حيث تُجرى حاليا أعمال إعادة التأهيل والترميم لاستقبال الرحلات الجوية.
وأعلن رئيس الوزراء عن عودة الحكومة بشكل نهائي إلى العاصمة الخرطوم قبل نهاية أكتوبر المقبل، وأشار إلى الدمار الكبير الذي لحق بمؤسسات الدولة بوسط الخرطوم التي توجد بها غالبية الوزارات ومؤسسات الدولة، موضحا أن الوزارات لن تعود إليها، وستتم إعادة تخطيطها وكذلك شارع النيل بأحدث الخطط والأنظمة العالمية المتطورة، وفق تعبيره.
واشتكى إدريس من كثرة ما قال إنها "تقاطعات وتغلغل الطابور الخامس داخل أجهزة الدولة"، واصفا المعاكسات والتعقيدات والضغوطات بأنها كبيرة جدا، وأشار إلى أن هذه التحديات لن تعيق جهود الحكومة في تحقيق استقرار الأوضاع وتطبيع الحياة وتوفير الخدمات.
وعن تأخر استكمال تشكيل حكومته رغم تكليفه في منتصف مايو/أيار الماضي، أوضح رئيس الوزراء أنه لم يتأخر بسبب حرصه على اختيار وزراء من الكفاءات الوطنية المستقلة، وأجرى معهم مقابلات شخصية، وأن أي وزير سيتم مراجعة عمله بعد 3 شهور، وكل وزير تقل نسبة أدائه عن 80% سيتم تغييره.
ملفات ساخنة
وعن شغور منصب وزير الخارجية حتى الآن، أوضح رئيس الوزراء أن المعلومات المتداولة حول توليه وزارة الخارجية لفترة مؤقتة غير صحيحة، وقال إن انشغاله اليومي بحل القضايا الداخلية يجعل هذا الأمر مستحيلا، لأن الوزارة تتطلب التفرغ الكامل، لافتا إلى أن وزير الدولة للخارجية عمر صديق يرافقه في زيارته الحالية إلى مصر ، مما يعكس توزيع المهام داخل الحكومة.
وكشف إدريس أنه سيغير وزيرا -لم يسمه- لتخلفه عن أداء اليمين الدستورية، ونفى المعلومات الرائجة في مواقع التواصل الاجتماعي بأنه يحمل جنسية دولة معادية للسودان، وقال "حتى لا نظلمه فإنه لا يحمل جنسية تلك الدولة، لكن لتقديرات سيتم تسمية وزير آخر في موقعه".
وأكد أن خروج المجموعات المسلحة من الخرطوم تم بسلاسة وبالتنسيق مع حركات اتفاق سلام جوبا ، نافيا وجود أي خلافات مع هذه الحركات، وأشار إلى أن وزراء الحركات يعملون بتنسيق تام مع الحكومة، وأنهم عالجوا القضية مع الحركات المسلحة بخطة الحكمة وليس الفتنة.
وأقر رئيس الوزراء بأن وتيرة عودة المواطنين النازحين أو اللاجئين بدول الجوار أسرع من تحسن الخدمات، وتعهد بحل المشكلات المتعلقة بالمياه والكهرباء والأمن التي يعمل عليها ليلا ونهارا، وتتصدر أولوياته، فيما تأتي بقية الملفات لاحقا، ووعد بتغيير الأوضاع في الخرطوم خلال أسابيع.
وعن تعثر الموسم الزراعي مما يهدد بفشله، أعلن رئيس الوزراء عن زيارة مرتقبة ل ولاية الجزيرة الأسبوع المقبل، مشيرا إلى نجاح الموسم الصيفي بنسبة 80%، وبدء الترتيبات للموسم الشتوي.
وتحدث إدريس عن خطة قومية لإعادة إعمار الولايات الأخرى، مؤكدا أن الوضع فيها أفضل نسبيا من الخرطوم، وأشاد بتحسن الأوضاع في أم درمان، قائلا "الآن أم درمان أفضل من باريس ، في الجانب الأمني"، مضيفا أن الوضع هناك أكثر استقرارا.
وعن علاقته بالقوى السياسية، ذكر أنه أجرى مشاورات مع بعضهم من أجل إنشاء مجلس شورى أو مجلس تشريعي خلال المرحلة المقبلة، لكنه لا يمارس السياسة وإنما يكرس وقته لمعالجة ملفات ساخنة مرتبطة بالمواطنين، وفرض هيبة الدولة وتشغيل مؤسساتها.
كما نفى رئيس الوزراء علمه بوجود أي مفاوضات حاليا مع دولة الإمارات لاحتواء التوتر بين البلدين على أي مستوى.
زيارة القاهرة
وعن نتائج زيارته إلى مصر قال إدريس إنه أجرى محادثات مثمرة وناجحة مع الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء مصطفى مدبولي، وأشاد بالتسهيلات التي قدمتها الحكومة المصرية للسودانيين في مجالات التعليم والصحة وعبر المعابر الحدودية، إلى جانب معالجة متأخرات ديون الكهرباء "الربط الكهربائي"، مما يعكس عمق العلاقات بين البلدين.
وكشف أن الحكومة المصرية وعدت بإطلاق سراح جميع الموقوفين من السودانيين في السجون المصرية على ذمة قضايا الهجرة، وسيتم ترحيلهم إلى السودان وتسهيل عودتهم إلى مناطقهم بالتنسيق مع السفارة السودانية.
ووصل رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس إلى القاهرة، أمس الخميس، في أول زيارة خارجية رسمية له منذ تولى منصبه.
وفي 31 مايو/أيار الماضي، أدى إدريس اليمين الدستورية أمام رئيس " مجلس السيادة" عبد الفتاح البرهان ، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، عقب إصدار البرهان في 19 من الشهر ذاته مرسوما دستوريا بتعيينه.
وإدريس (71 عاما) مسؤول سابق بالأمم المتحدة وشغل عدة مناصب دبلوماسية، كما خاض انتخابات الرئاسة عام 2010 أمام الرئيس السابق عمر البشير.
وتأتي هذه الزيارة وسط استمرار المعارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي).
وأسفرت الحرب عن مقتل عشرات آلاف الأشخاص وأكثر من 13 مليون نازح ولاجئ، وأغرقت البلاد البالغ عدد سكانها 50 مليون نسمة في أزمة إنسانية حادة، حسب الأمم المتحدة التي تشير إلى انتشار المجاعة تدريجيا.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رئيس غينيا بيساو يقيل رئيس الوزراء قبيل الانتخابات الرئاسية
رئيس غينيا بيساو يقيل رئيس الوزراء قبيل الانتخابات الرئاسية

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

رئيس غينيا بيساو يقيل رئيس الوزراء قبيل الانتخابات الرئاسية

أقال رئيس غينيا بيساو، عمر سيسوكو إمبالو، يوم الخميس، رئيس الوزراء روي دوارتي دي باروس، وعيّن برايما كامارا خلفا له، في خطوة اعتبرها مراقبون جزء من ترتيبات السلطة استعدادا للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. وجاءت الإقالة بموجب مرسوم رئاسي أنهى مهام دي باروس، الذي تولى رئاسة الحكومة في ديسمبر/كانون الأول 2023، ليحل محله كامارا، المنسق السابق لحزب "مادم جيه-15" المعارض، الذي يُعد من أبرز الشخصيات السياسية في البلاد. جدل دستوري وتصاعد التوترات تأتي هذه التغييرات في ظل جدل متصاعد بشأن مدة ولاية الرئيس إمبالو، الذي يواجه انتقادات من المعارضة حول شرعية بقائه في الحكم. وينصّ دستور البلاد على أن مدة الرئاسة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بينما تؤكد المعارضة أن ولاية إمبالو انتهت في 27 فبراير/شباط الماضي. لكن المحكمة العليا قضت باستمرار ولايته حتى الرابع من سبتمبر/أيلول، وهو ما أثار مزيدا من الجدل، خاصة بعد إعلان الرئيس في وقت سابق أن الانتخابات ستُجرى في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، وأن ولايته الأولى ستنتهي في ذلك التاريخ. أزمة سياسية ومخاوف إقليمية وترفض المعارضة منذ أشهر الاعتراف بإمبالو رئيسا شرعيا، في ظل تصاعد التوترات السياسية التي دفعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) إلى إرسال بعثة وساطة إلى البلاد في مارس/آذار الماضي. غير أن البعثة غادرت بشكل مفاجئ، مشيرة إلى تلقيها تهديدات من السلطات بالطرد. وتشهد غينيا بيساو، الدولة الصغيرة الواقعة في غرب أفريقيا، اضطرابات سياسية متكررة منذ استقلالها عن البرتغال قبل أكثر من نصف قرن، بما في ذلك سلسلة من الانقلابات العسكرية التي زعزعت استقرارها.

ترامب وأفورقي.. ما تخفيه الرسائل المتبادلة بين إريتريا والولايات المتحدة
ترامب وأفورقي.. ما تخفيه الرسائل المتبادلة بين إريتريا والولايات المتحدة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

ترامب وأفورقي.. ما تخفيه الرسائل المتبادلة بين إريتريا والولايات المتحدة

كشف الدبلوماسي الإريتري السابق، فتحي عثمان، في مقال نشره في يوليو/تموز 2024، أن الرئيس أسياس أفورقي أحد أبرز خصوم السياسات الأميركية في أفريقيا ، وخلال عقدين من حكمه، بعث برسالتين فقط لرؤساء أميركيين. كانت الرسالة الأولى بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، عزى فيها الشعب الأميركي وأكد وقوف بلاده إلى جانب الولايات المتحدة في "حملتها ضد الإرهاب"، وأما الثانية فكانت رسالة تهنئة لدونالد ترامب بفوزه في انتخابات 2016. وفي الأول من أغسطس/آب 2024، أضاف وزير الإعلام الإريتري يماني غبريمسقل، عبر تغريدة، رسالة ثالثة إلى القائمة، كاشفا أن أفورقي بعث بتهنئة "حارة" لترامب بمناسبة "عودته التاريخية"، وأن الأخير رد عليها بترحيب لافت. هذه اللفتة تثير التساؤلات حول المكانة الخاصة التي يحظى بها ترامب في أروقة "عدي هالو"، المقر الذي اعتاد أفورقي المكوث فيه. يزداد هذا التساؤل وجاهة عند النظر إلى أنه عبر ما يزيد على عقدين من العلاقات المتوترة بين واشنطن وأسمرة شهدت ولاية ترامب الأولى نمطا مختلفا من التعاطي بين الطرفين، حتى وصفها الرئيس الإريتري بأنها كانت "فرصة سانحة" لانخراط أسمرة في حوار جوهري ومفتوح قوبل "برد فعل إيجابي" من واشنطن. الرجل القوي وفي سبيل البحث عن إجابة، يشير بعض المراقبين إلى أنه رغم التباين الكبير بين موقفي إريتريا والولايات المتحدة من العديد من القضايا ومؤشر العلاقة الذي يتذبذب منذ عقدين بين البرود والعداء الصريح، فإن من المفارقات اللافتة للنظر وجود سمات شخصية وفكرية مشتركة تجمع بين كل من أفورقي وترامب، والتي تمهد الأرضية للتقارب بينهما. يأتي على رأس هذه السمات النزعة الواضحة نحو نموذج "الرجل القوي" وما يرتبط به من شخصنة السياسات، حيث يصف العديد من الدبلوماسيين الإريتريين السابقين عملية صنع السياسة الخارجية في إريتريا بأنها شديدة المركزية ومرتبطة بمكتب أفورقي مباشرة والذي يضع خططها العامة والتفصيلية في بعض الملفات. من جانبه، ورغم عمله في نظام ديمقراطي، فغالبا ما دأب الرئيس الأميركي على النقد المرير لمؤسسات الدولة والدعوة إلى إعادة تنظيمها وفقا لرؤيته الخاصة، وتشير دراسة صادرة عن مجلة "أوروبا الوسطى للدراسات الدولية والأمنية" إلى تعزيز ترامب مركزية القرار في يده وحده عند إدارته للسياسة الخارجية مبتعدا عن الهياكل الرسمية التقليدية. هذا الإعجاب بنموذج الرجل القوي أشار إليه أستاذ التاريخ بجامعة نورث كارولينا بنيامين سي. ووترهاوس، متحدثا عن أن منتقدي ترامب لاحظوا أنه كان يُشيد باستمرار بالحكام المستبدين والدكتاتوريين الأجانب، بينما يبدو أنه يُسيء إلى حلفائه التقليديين والقادة الأجانب المنتخبين ديمقراطيا، مُعتبرا إياهم ضعفاء وغير فعالين. سمات فكرية مشتركة هذا الموقف من المؤسسات الداخلية نجد أصداء شبيهة له في ما يتعلق بموقف الزعيمين من "الخلل" في النظام الدولي ومؤسساته، فأفورقي عرف بانتقاده اللاذع لما يراه هيمنة غربية، واعتباره المؤسسات الدولية، كالأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي، غير فعالة في معالجة قضايا التنمية أو الأمن في أفريقيا بشكل عادل. أما ترامب، فإنه لم يتردد في وصف هذه المؤسسات بأنها "بالية" أو "منحازة" ضد الولايات المتحدة، متهما إياها باستنزاف موارد بلاده دون مردود حقيقي. جانب آخر من التوافق بين الرئيسين يتمثل في موقفهما من سياسات الحزب الديمقراطي ولا سيما الثنائي أوباما وبايدن، حيث شهدت أسمرة في عهد الأول المساهمة الأميركية في تعرضها لعقوبات دولية لمرتين في حين فرضت إدارة بايدن عقوبات أخرى عام 2021 طالت عددا من كبار الشخصيات في المؤسسات العسكرية والاقتصادية والحزب الحاكم في إريتريا. هذا الموقف الإريتري من إدارتي أوباما وبايدن يعزوه تحليل على موقع "ديموكراسي إن أفريكا" إلى محاولتها فرض الأجندة المتعلقة بالديمقراطية و حقوق الإنسان من خلال أدوات الدبلوماسية الخارجية، في حين يشير البروفيسور إندرجيت بارمر إلى رفض إدارة ترامب "القاطع" منهجية الليبراليين في تغيير الأنظمة، رغم الانتقائية التي وسمت جهودها. الخطاب المفعم بالحديث عن أهمية السيادة الوطنية يمثل عاملا مشتركا آخر يربط بين الرجلين، حيث يؤكد أفورقي في مقابلاته وخطاباته على أهمية السيادة الوطنية ورفض التدخلات الخارجية، في حين يمثل "اجعل أميركا عظيمة مرة أخرى" جوهر خطاب ترامب القائم على إعادة تمركز السياسة الأميركية حول المصالح الوطنية والأمن الاقتصادي والسياسي. نوبل للسلام.. حلم قديم تبدو دوافع ترامب للتعاطي الإيجابي مع الرسالة الإريترية متعددة ومتشابكة، وفي مقال له يشير قائد فريق أفريقيا لمشروع التهديدات الحرجة في معهد "أميركان إنتربرايز"، وليام كار، إلى أن تصاعد التوترات في شمال إثيوبيا ينذر باندلاع صراع جديد قد يُعرّض أولويات واشنطن في منطقة القرن الأفريقي للخطر. وقد يمثل إحداث اختراق في جدار الأزمة الإريترية الإثيوبية الصلب بطاقة الفوز بجائزة نوبل للسلام التي طالما تطلع إليها ترامب، والتي عبرت عنها صراحة المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت قائلة "حان الوقت كي ينال دونالد ترامب نوبل السلام"، موضحة أن ترامب أشرف منذ 20 يناير/كانون الثاني على إبرام " وقف إطلاق النار أو اتفاق سلام في الشهر الواحد". هذه التطلعات تتجاوب مع "خيبة أمل" قديمة عبر عنها ترامب بنفسه في يناير/كانون الثاني 2020 تعليقا على فوز آبي أحمد بجائزة نوبل للسلام في العام السابق قائلا "لقد عقدتُ صفقة، وأنقذتُ بلدا، وسمعتُ للتو أن رئيس ذلك البلد سيحصل الآن على جائزة نوبل للسلام لإنقاذه البلاد. فقلتُ ماذا! هل لي علاقة بالأمر؟ نعم، لكن كما تعلمون، هكذا تجري الأمور". من الجدير بالذكر أن اتفاق السلام الإريتري الإثيوبي المبرم عام 2018 تم إبان ولاية ترامب الأولى وهو المعني بكلامه السابق حول جائزة نوبل للسلام. وكان من المثير للانتباه أن تلميحات لدور ما لترامب في السلام وردت في تهنئة أفورقي للرئيس الأميركي، واصفا انتخابه بأنه "جاء في مرحلة حرجة، حيث أصبح السلام العالمي أكثر أهمية من أي وقت مضى". بوادر سياسة أميركية لاحتواء أسمرة مثلت المواجهة مع الصين ملمحا بارزا في تشكيل إستراتيجيات الشؤون الخارجية لإدارة ترامب الأولى، حيث شكل القرن الأفريقي إحدى الساحات المحتدمة لهذه المواجهة، عندما أطلقت استضافة جيبوتي للقاعدة العسكرية الأولى لبكين بالخارج عام 2017 أجراس الإنذار في واشنطن ودفعت إدارة الرئيس الأميركي إلى إصدار إستراتيجيتها الأفريقية عام 2018. وبالنظر إلى استحواذ العمل على الحد من النفوذ الصيني في المناطق الإستراتيجية، ومنها القرن الأفريقي، على جانب رئيسي من سياسات ترامب الدولية، فإن العمل على احتواء أسمرة قد يعد إستراتيجية بديلة عن عصا العقوبات التي رفعتها إدارة جو بايدن في وجه النظام الإريتري، الذي وقع عام 2021 على مذكرة تفاهم مع بكين للانضمام إلى مبادرة الحزام والطريق عقب مغادرة ترامب البيت الأبيض وبعد تأجيل لسنوات. هذا التوجه الأميركي نحو محاولة احتواء أسمرة والابتعاد عن سياسة العقوبات التي اتبعتها الإدارة الديمقراطية السابقة تجسده تعبيرات رسالة ترامب التي ركزت على "عكس الضرر السلبي والضار الذي أحدثته إدارة بايدن في جميع أنحاء العالم". في حين أبرزت تداعيات طوفان الأقصى الأهمية الأمنية المركبة للقرن الأفريقي فيما يتعلق بمجموعة من الملفات الإستراتيجية لواشنطن، على رأسها أمن الملاحة الدولية مع الاضطراب الذي أثاره استهداف الحوثيين للمصالح الإسرائيلية العابرة من باب المندب، ومن جهة أخرى كشف استهداف الحوثيين لإسرائيل مباشرة عن التشابك الأمني الوثيق بين جنوب البحر الأحمر والشرق الأوسط. وفي هذا السياق، كان لافتا إشارة ترامب في رسالته إلى أفورقي إلى استعداد إدارته لإعادة تأسيس علاقة وطنية محترمة ومنتجة بين الولايات المتحدة وإريتريا "على أساس الصدق والاحترام والفرص لتحسين السلام والازدهار في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر". دوافع أفورقي رغم الغموض الذي يحيط بالدوافع المحركة للرئيس الإريتري في محاولة التقارب مع الولايات المتحدة، فإن العديد من المراقبين يرون أن أسمرة قادرة على طرح نفسها كشريك يوصف بأنه جزيرة مستقرة في محيط مضطرب تهدد الحروب فيه الوحدة الترابية لأكبر دولتين في الجوار إثيوبيا والسودان. ويعيش جنوب البحر الأحمر حالة من القلقلة الأمنية على وقع الهجمات الحوثية، ووسط كل ذلك تنخرط أسمرة بعمق في ملفات المنطقة الساخنة في السودان والصومال وإثيوبيا وحوض النيل. كما أن هذه المرحلة تعد فرصة للتواصل مع واشنطن التي لم تتضح بعد ملامح إستراتيجيتها تجاه القرن الأفريقي وجنوب البحر الأحمر، حيث تواردت الأنباء عن نشاطات دبلوماسية للعديد من الأطراف في المنطقة ساعية لموضعة نفسها ضمن الرؤية الأميركية للمنطقة. وبالنظر إلى الصراع الإريتري الإثيوبي المزمن والذي تراقص فيه الخصمان على حافة الحرب طوال العام الماضي فإن تحسين العلاقات مع واشنطن وسيلة لإقناع الأخيرة بصحة موقف أسمرة ولقطع الطريق على الأطراف ذات الخصومة معها التي تمارس، وفقا لأفورقي، "ضغوطا نشطة ضد أهدافنا المنشودة، وتُروّج للتشويهات، وتسعى إلى عرقلة أي مشاركة جادة" لبلاده مع الولايات المتحدة. وكانت صحيفة أديس ستاندارد الإثيوبية نشرت في مطلع يوليو/تموز نداء دبلوماسيا من وزير الخارجية الإثيوبي جيديون تيموثوس إلى نظيره الأميركي ماركو روبيو اتهم فيه إريتريا بـ"الاستفزازات المتكررة" و"الاحتلال الإقليمي" ورعاية وكلاء من الجماعات المسلحة لزعزعة استقرار إثيوبيا، فيما وصفته وزارة الإعلام الإريترية بأنه "خدعة مكشوفة" لتبرير "أجندة حرب طويلة الأمد". وفي مقابلته مع التلفزيون المحلي قبل أيام من الكشف عن الرسائل المتبادلة بينه وبين ترامب، شن أفورقي هجوما غير مسبوق على رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد واصفا تصريحاته بـ"الطفولية" وبالهرب من أزماته الداخلية. وفي هذا السياق، يرى مراقبون أن أسمرة ستعمل على إقناع واشنطن ببذل الجهود للحيلولة دون لجوء إثيوبيا إلى أي خيارات عسكرية ضد إريتريا، حيث أشار أفورقي إلى أن الروايات الإثيوبية عن دعم واشنطن لمساعي أديس أبابا في الوصول إلى منفذ بحري "مضللة وبعيدة كل البعد عن الموقف الأميركي الفعلي". وكان وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو قد أكد في اتصال هاتفي مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في 22 يوليو/تموز على "أهمية الحوار والاستقرار الإقليمي" للاستثمارات الأميركية المحتملة في بلاده. الرقص وسط حقل من الألغام بعد كل ما سبق، تبدو التحركات الأميركية الإريترية في مرحلتها الأولى، حيث وضح أفورقي أن خطته هي استئناف التعامل مع الإدارة الأميركية في العام القادم في مخاض يبدو أنه لن يكون يسيرا، وهو ما يستشف من وصفه للمناخ السياسي في واشنطن بأنه "في حالة من التقلب"، وأن التطورات عرضة للتأثر بالعديد من الشكوك. وقد رجحت ورقة بحثية بعنوان "سياسة ترامب المحتملة تجاه القرن الأفريقي: أولوية المصالح الأميركية وسط الرهانات الإقليمية" نشرت مطلع هذا العام، تشديد إدارة ترامب العزلة على أسمرة لأسباب منها تزايد تقاربها مع المحور الصيني الروسي وتراجع حماسة حلفاء واشنطن الإقليميين لأداء أدوار فاعلة لجهة إعادة إدماج إريتريا مع محيطها الإقليمي، وتأزُّم علاقاتها مع جارتها الإثيوبية. وفي هذا السياق، تبدو العلاقة مع بكين وموسكو حقلا من الألغام تسير عليه هذه المحاولات الوليدة، حيث يشير الدبلوماسي الإريتري السابق فتحي عثمان إلى أن المقابل الذي سيطلبه ترامب سيكون التخلي عن الحليف الصيني وطرد الشركات الصينية من البلاد، إضافة إلى تجاهل مبادرة طريق الحرير الصينية، مع إمكانية غض النظر عن علاقات إريترية روسية بسقف محدود. ويرى مراقبون إريتريون أن هذا الثمن سيكون من الصعب على أسمرة تقبله نظرا لعدم الثقة العميقة بينها وبين واشنطن، و"العقيدة" الرسمية المتكررة في كل مقابلات الرئيس الإريتري والتي تنص على استهداف الولايات المتحدة للكيان الإريتري منذ خمسينيات القرن الـ20، وانحيازها الدائم طوال تلك الأعوام إلى جانب إثيوبيا حليفها التقليدي في المنطقة، وهو اختبار قد يتكرر من جديد في حال اتخاذ التوتر بين أسمرة وأديس أبابا منحى دمويا من جديد.

مسؤولة أممية: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة لمساعدات
مسؤولة أممية: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة لمساعدات

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

مسؤولة أممية: 30 مليون شخص بالسودان بحاجة لمساعدات

قالت مديرة قسم العمليات والمناصرة بمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إديم وسورنو، إن 30 مليون شخص في السودان بحاجة لمساعدات إنسانية. وقالت وسورنو في تصريحات صحفية إن "السودان يمثل أكبر أزمة إنسانية في العالم، ويضم 30 مليون شخص بحاجة إلى المساعدات، وما رأيته في الخرطوم كان مروعا، إنها مدينة مدمرة. بعد أن كانت مفعمة بالحياة، أصبحت مدينة أشباح". وأضافت "ما نطلبه هو 55 سنتا يوميا لكل شخص في السودان. هذا كل شيء. عندما يُسمح لنا بالوصول الإنساني، وعندما يتوفر الأمن والسلامة والضمانات، وعندما يكون لدينا ما يكفي من الإمدادات والتمويل، سنتمكن من المساعدة". وتحدثت المسؤولة الأممية عن الوضع في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور (غرب)، وقالت إن "المدينة محاصرة منذ عام، والوضع بمخيم زمزم للنازحين صعب للغاية". ويؤوي المخيم نحو 25 ألف نازح، بحسب موقع الأمم المتحدة. وفي الثالث من أغسطس/آب 2024، أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسيف" انتشار المجاعة في مخيم زمزم للنازحين. ومنذ العاشر من مايو/أيار 2024، تشهد الفاشر اشتباكات بين الجيش السوداني و قوات الدعم السريع ، رغم تحذيرات دولية من تداعيات المعارك في المدينة التي تعد مركز العمليات الإنسانية لولايات دارفور الخمس. وخلال الأيام الماضية ازدادت وتيرة المعارك، وتمكن الجيش السوداني من صد جميع هجمات قوات الدعم السريع المتكررة على الفاشر. وأشارت وسورنو إلى دعوة وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر لتنفيذ "هدنة إنسانية" في الفاشر. كما دعت المسؤولة الأممية إلى مواصلة الاهتمام الدولي بالوضع في السودان. وشددت على "الحاجة إلى السماح بالوصول الإنساني دون عوائق، لتوصيل المساعدات إلى المحتاجين". وحثت وسورنو على استمرار تمويل الجهود الإنسانية بالسودان وإنهاء الحرب. إعلان ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان 2023 حربا أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء نحو 15 مليونا، بحسب الأمم المتحدة والسلطات المحلية، بينما قدّرت دراسة أعدتها جامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألفا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store