
عصر الدعاية بالذكاء الاصطناعي بدأ... فما الذي ينبغي فعله أردنيا؟
لقد دخلنا عصراً جديداً، حيث باتت أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي بيد بعض الجهات المعادية، أدوات قادرة على إنتاج دعاية ذكية، دقيقة، وشخصية للغاية، لم يعد التهديد في كذبة تنتشر بين الناس، بل في منظومة كاملة قادرة على التلاعب بالرأي العام الأردني، خطوة بخطوة، ومن دون أن نلاحظ.
أصبح الذكاء الاصطناعي كأداة حرب غير معلنة لدى جهات معادية تقليديا للدول ومنها للأردن، سواء دول أو جماعات إقليمية، تمتلك اليوم القدرة على استخدام الذكاء الاصطناعي لخلق سرديات مزيفة تُزرع داخل الفضاء الرقمي الأردني، يمكن لتلك الجهات أن تطوّر روبوتات وحسابات وهمية تحاكي المستخدمين الأردنيين، تتحدث بلهجتنا، تعرف اهتماماتنا، وتستغل انقساماتنا السياسية أو الاجتماعية.
تخيل مثلاً أن هناك حساباً يعلّق في مجموعة واتساب محلية، يناقش أحداثاً أردنية، يتحدث عن الفساد، البطالة، الأسعار، أو حتى مواضيع اجتماعية كالشرف والهوية والعشيرة، لكنه لا يسعى للحل، بل للتأجيج. لا يصرخ أو يهدد، بل يتسلل بصمت ويزرع الشكوك في عقول المواطنين.
السلاح الجديد اليوم هو محتوى يبدو حقيقياً، نحن لا نتحدث عن منشورات مفضوحة أو صور مفبركة بجودة منخفضة مثل الذي تنتجة إحدى المنصات التابعة لاحدى الجماعات الأسلامية المعادية للأردن، نحن أمام محتوى يولده ذكاء اصطناعي يُراعي الحالة النفسية للمواطن، ويستهدفه بناءً على قيمه، مزاجه، وسلوكياته. منشورات تُصمم لتشبه أفكارك، لتلمس غضبك، لتحاكي إحباطك، فتشاركها دون أن تشك، وتبني مواقفك بناءً عليها.
هذه التكنولوجيا، لو استخدمها أعداء الأردن، فقد تتمكن من، تأجيج مشاعر الإحباط تجاه المؤسسات الوطنية، وضرب الثقة في الإعلام المحلي وصناع القرار بشكل كلي، وتعزيز الانقسامات بين المحافظات والمناطق وشرائح المجتمع ومكوناته، إضافة إلى التشكيك المتكرر في قدرة الدولة على حماية سيادتها واستقرارها.
تجربة GoLaxy والحصانة الأردنية
في الصين، ظهرت شركة تدعى GoLaxy تُجسد هذا الخطر بوضوح، الشركة طورت أنظمة تراقب المستخدمين، تحلل شخصياتهم، وتبني محتوى مخصصاً لكل واحد منهم، استخدمتها بكين للتأثير على الرأي العام في هونغ كونغ وتايوان. واليوم، حسب وثائق مسربة، الشركة تتوسع نحو أمريكا وربما تبيع منتجاتها لجهات في الخليج.
في الأردن، لا شيء يمنع جهة معادية من فعل المثل، لدينا جيل كامل يعيش على "السوشال ميديا"، يعتمد عليها في تكوين رأيه، ثقته، ومعلوماته، وأي ضعف في الوعي أو البنية الرقمية سيسمح بتسلل هذه الخوارزميات إلى عقول الناس.
ما هو المطلوب أردنياً
إذا أردنا أن نحمي سيادتنا واستقرارنا، فنحن بحاجة لتحرك جاد وعلى أكثر من مستوى:
1. وعي شعبي: لا بد من حملات توعوية حقيقية تبسط هذا النوع من المخاطر للمواطن العادي، وتكشف طرق التلاعب الحديثة.
2. دور أكاديمي وإعلامي: الجامعات والصحفيون يجب أن يكونوا في طليعة المواجهة، بتحليل السرديات الموجهة وكشف مصادرها.
3. شراكات تكنولوجية: على الدولة بناء شراكات مع شركات محلية وخبراء أردنيين لرصد ومنع هذا النوع من التدخل.
4. تشريع وطني جديد: الذكاء الاصطناعي يتطلب قوانين جديدة تنظم المحتوى المولد، وتُلزم المنصات بالكشف عن الحسابات والأنشطة المشبوهة.
5. تعزيز السيادة الرقمية: الاستثمار في الذكاء الاصطناعي الأردني لمواجهة الذكاء الاصطناعي الأجنبي هو أداة دفاع ذكية وطويلة الأمد.
نحن أمام شكل جديد من الحروب، حروب لا تُخاض بالأسلحة، بل بالمحتوى، لا تسفك الدماء، بل تسلب الثقة وتهدمها.
فهل سننتظر حتى نرى نتائج هذه المعركة في شوارعنا وبيوتنا، أم سنتحرك الآن ونحن نملك فرصة الحماية المسبقة؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 28 دقائق
- الرأي
الإدارة الذاتية تطالب بإشراك "قسد" في العملية السياسية
أكدت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الثلاثاء، على ضرورة مشاركة قوات سوريا الديمقراطية "قسد" كطرف رئيسي في أي عملية سياسية. وأشارت الإدارة الذاتية في بيان إلى أنها جاهزة "للمشاركة في تنفيذ قرار مجلس الأمن 2254، وتشكيل هيئة حكم انتقالي شاملة". وأضاف البيان أن: "إقصاء القوى الفاعلة التي تمثل ملايين السوريين سيؤدي إلى فشل العملية السياسية". وتابع: "نعتبر قرار مجلس الأمن 2254 الإطار الوحيد لتحقيق انتقال سياسي حقيقي في سوريا". ودعا البيان إلى "وقف العمليات العسكرية والتهديدات من أي طرف كان". واختتم البيان بالقول: "مستعدون للمساهمة في أي جهد دولي لحماية المدنيين ومحاسبة مرتكبي الجرائم". وكانت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع السورية، قد قالت يوم الثلاثاء، إن مجموعتين من قوات "قسد" تسلّلتا نحو نقاط انتشار الجيش السوري في منطقة تل ماعز شرق حلب، خلال الليل، ما أدى إلى اندلاع اشتباكات عنيفة أسفرت عن مقتل جندي من الجيش.


الرأي
منذ 28 دقائق
- الرأي
بوتين يطلع الزعيم كيم على معلومات عن قمته المرتقبة مع ترامب
تعهّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون خلال مكالمة هاتفية الثلاثاء بــ"تعزيز التعاون" بين بلديهما، بحسب ما أعلنت بيونغيانغ. وقالت وكالة الأنباء الكورية الشمالية الرسمية الأربعاء إن كيم وبوتين أشادا باتفاقية الشراكة الاستراتيجية المبرمة بين البلدين في 2024 والتي تشمل "كل المجالات"، بما في ذلك معاهدة الدفاع المشترك، وأكدا "استعدادهما لتعزيز التعاون في المستقبل". وتأتي هذه المكالمة قبيل بضعة أيام من القمة المقررة الجمعة في ألاسكا بين بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب للبحث في سبل وقف الحرب في أوكرانيا. وفي موسكو أكّد الكرملين في بيان أن بوتين "تبادل مع كيم جونغ أون معلومات في سياق المحادثات المرتقبة" بينه وبين ترامب. وتوطّدت العلاقات بين موسكو وبيونغيانغ بقوة منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022.


الرأي
منذ 42 دقائق
- الرأي
القبة الذهبية..كشف تفاصيل جديدة عن مشروع ترامب لحماية أميركا
كشف عرض تعريفي أعدته الحكومة الأميركية عن مشروع القبة الذهبية، تفاصيل تتعلق بمنظومة الدفاع الصاروخي الرائدة تلك التي تسعى الإدارة الأميركية بقيادة الرئيس دونالد ترامب لتشييدها. وستتألف القبة الذهبية من أربع طبقات - واحدة في الفضاء وثلاث على الأرض - فضلا عن 11 بطارية قصيرة المدى موزعة في جميع أنحاء البر الرئيسي للولايات المتحدة وألاسكا وهاواي. وجرى تقديم العرض الذي حمل عنوان "انطلق بسرعة، فكر بشكل كبير!" على 3000 متعاقد دفاعي في هانتسفيل بولاية ألاباما الأسبوع الماضي، ويكشف عن تعقيد غير مسبوق للنظام الذي طلب ترامب اتمامه في 2028، بحسب "رويترز". وتقدر تكلفة المنظومة بما يصل إلى 175 مليار دولار، لكن العرض التعريفي أظهر أن الشكوك لا تزال تلوح في الأفق حول البنية الأساسية للمشروع في ظل عدم تحديد عدد منصات الإطلاق، والصواريخ الاعتراضية، والمحطات الأرضية، ومواقع الصواريخ اللازمة للنظام. وقال مسؤول أميركي "لديهم الكثير من المال، ولكن ليس لديهم هدف لتكلفة المشروع حتى الآن".