logo
عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّانية عشَرَة (٤)

عْاشُورْاءُ السَّنَةُ الثَّانية عشَرَة (٤)

شبكة النبأمنذ 13 ساعات
الذين يتحكَّمُونَ بفتحِ بابِ الفُرصةِ فيفتحُونها لزيدٍ ويُغلِقُونها بوجهِ عمرُو في عمليَّةِ تمييزٍ على أَساس الإِنتماء والولاء فهؤلاء هُم أَصحاب الرِّسالاتِ الفاسدةِ فهُم لا يُريدونَ الفُرصةَ للإِصلاحِ والتَّغييرِ وإِنَّما للإِتِّجارِ بعواطفِ النَّاسِ وللإِبتزازِ والتَّفرِقةِ وتمزيقِ المُجتمعِ عندما هيَّأ الحُسين (ع) الفُرصة لم يكُن هدفهُ الذَّات ليبحثَ عن [جماعتهِ] لأَغراضٍ...
عاشوراء كانت فرُصةً هيَّأَها الحُسين السِّبط (ع) لِمن أَراد اللِّحاقَ بهِ لإِنجازِ واحدٍ من أَعظم أَهداف السَّماء أَلا وهوَ الإِصلاح والتَّغيير (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ ۚ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ ۚ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) وبما يُحقِّقُ الحياةَ الحُرَّة الكرِيمة للإِنسانِ كإِنسانٍ بغضِّ النَّظرِ عن خلفيَّاتهِ وانتماءاتهِ واتِّجاهاتهِ.
إِنَّ المائِز الحقيقي بينَ صاحِب الرِّسالة الإِنسانيَّة عن صاحبِ الرِّسالةِ الدنيويَّة [الحزبيَّة مثلاً أَو صاحِب الطُّموح الشَّخصي] هو أَنَّ الأَوَّل يفتَح أَبواب الفُرصة التَّاريخيَّة على مصاريعِها لكُلِّ مَن أَرادَ دخُولها لتوظيفِها من أَجلِ تحقيقِ الهدفِ السَّامي من دُونِ تمييزٍ على أَساسِ الدِّين والمذهبِ والولاءاتِ الشَّخصيَّة والعشائريَّة والمناطقيَّةِ، وهذا ما فعلهُ الحُسين السِّبط (ع) حتى نُعِتَ [بابُ الله] وهي البابُ التي لم ولن توصَد بوجهِ أَحدٍ يقصُدها.
ولذلك التحَقَ برَكبهِ الإِصلاحي وفُرصتهِ للتَّغييرِ؛ الشِّيعي والسنِّي [حسبَ المفهومِ المُعاصِر] والمُسلمِ والمسيحي والسيِّدِ والعبدِ والأَسودِ والأَبيضِ والصَّغيرِ والكبيرِ والمرأَةِ والرَّجُلِ ومِن أَهل البيتِ (ع) ومنَ الصَّحابةِ ومِن كُلِّ العشائرِ وقتِها.
حتَّى من صفُوفِ العدوِّ التحقَ بهِ جماعةٌ مِن دونِ أَن يُفكِّرَ (ع) بالإِنتقامِ والتشفِّي مثلاً، فلقد التحقَ بهِ عددٌ من جنودِ العدوِّ كانَ على رأسهِم وأَبرزهِم القائِد العسكري المِغوار الحرُّ بن يزيد الرِّياحي الذي ظنَّ أَنَّ الحُسين السِّبط (ع) لا يُمكِنُ بل من المُستحيل أَن يمنحهُ فُرصة الشَّهادة في سبيلِ الله بينَ يدَيهِ والرَّواح إِلى الجنَّةِ في لحظةٍ تاريخيَّةٍ غيَّرت مجرى حياتهِ إِلى نِهايةٍ هيَ على النَّقيضِ من نواياه الأَوَّليَّة وبعدَ كُلِّ الذي فعلهُ بالإِمامِ وأَهلِ بيتهِ وعيالهِ وأَصحابهِ!.
فعِندما توجَّهَ الحرُّ نحوَ الحُسين السِّبط (ع) مُنكِّساً رأسهُ حياءً منهُ قائِلا؛ إِنِّي تائبٌ فهل ترى لي مِن توبةٍ؟! أَجابهُ (ع) نعم يتوبُ الله عليكَ! ليُحيي في قلبهِ الأَمَل.
أَمَّا الذين يتحكَّمُونَ بفتحِ بابِ الفُرصةِ فيفتحُونها لزيدٍ ويُغلِقُونها بوجهِ عمرُو في عمليَّةِ تمييزٍ على أَساس الإِنتماء والولاء فهؤلاء هُم أَصحاب الرِّسالاتِ الفاسدةِ فهُم لا يُريدونَ الفُرصةَ للإِصلاحِ والتَّغييرِ وإِنَّما للإِتِّجارِ بعواطفِ النَّاسِ وللإِبتزازِ والتَّفرِقةِ وتمزيقِ المُجتمعِ!.
عندما هيَّأ الحُسين السِّبط (ع) الفُرصة لم يكُن هدفهُ الذَّات ليبحثَ عن [جماعتهِ] لأَغراضٍ شخصيَّةٍ، أَبداً، وإِنَّما مثَّلَ (ع) حلقةِ الوصلِ بينَ الإِنسان الباحثِ عن الحريَّةِ والكرامةِ والرِّسالةِ التي تُحقِّقُ لهُ ذلكَ.
يقُولُ أَميرُ المُؤمنينَ (ع) (أَمَّا قَوْلُكُمْ؛ أَكُلَّ ذَلِكَ كَرَاهِيَةَ الْمَوْتِ؟! فَوَاللَّه مَا أُبَالِي دَخَلْتُ إِلَى الْمَوْتِ أَوْ خَرَجَ الْمَوْتُ إِلَيَّ.
وأَمَّا قَوْلُكُمْ شَكَّاً فِي أَهْلِ الشَّامِ! فَوَاللَّه مَا دَفَعْتُ الْحَرْبَ يَوْماً إِلَّا وأَنَا أَطْمَعُ أَنْ تَلْحَقَ بِي طَائِفَةٌ فَتَهْتَدِيَ بِي وتَعْشُوَ إِلَى ضَوْئِي وذَلِكَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَقْتُلَهَا عَلَى ضَلَالِهَا وإِنْ كَانَتْ تَبُوءُ بِآثَامِهَا).
فالحربُ لم تكُن من أَدواتِهِ (ع) إِلَّا إِذا تحقَّقَ قبلَها الوعيُ فلم يشأ (ع) أَن يُقاتِلَ أَحداً وهو جاهِلٌ بأَسبابِها أَو مضرُوبٌ على عقلهِ أَو مُغرَّرٌ بهِ كما كان يفعلُ الطَّاغية مُعاوية على حدِّ وصفِ أَميرِ المُؤمنينَ (ع) بقَولهِ (أَلَا وإِنَّ مُعَاوِيَةَ قَادَ لُمَةً مِنَ الْغُوَاةِ وعَمَّسَ عَلَيْهِمُ الْخَبَرَ حَتَّى جَعَلُوا نُحُورَهُمْ أَغْرَاضَ الْمَنِيَّةِ).
والنَّاسُ على صِنفَينِ؛ الأَوَّل هو الذي يحمِلُ في جيناتهِ القابليَّة على الإِستحمارِ والإِستعدادِ لقَبُولِ الخِداعِ والتَّضليلِ، والثَّاني هو الذي يؤوبُ إِلى رُشدهِ بمجرَّدِ أَن يقِفَ على الحقيقةِ ويسمع الحُجَّة الدَّامِغة.
في النصِّ التَّالي عِبرةٌ عظيمةٌ ونادِرةٌ؛
[ومِن كلامٍ لأَميرِ المُؤمنينَ (ع) في وجوبِ اتِّباعِ الحقِّ عندَ قيامِ الحُجَّةِ
كلَّمَ بهِ بعضَ العربِ وقَدْ أَرْسَلَهُ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ لَمَّا قَرُبَ (ع) مِنْهَا لِيَعْلَمَ لَهُمْ مِنْهُ حَقِيقَةَ حَالِهِ مَعَ أَصْحَابِ الْجَمَلِ لِتَزُولَ الشُّبْهَةُ مِنْ نُفُوسِهِمْ، فَبَيَّنَ لَه (ع) مِنْ أَمْرِهِ مَعَهُمْ مَا عَلِمَ بِه أَنَّهُ عَلَى الْحَقِّ، ثُمَّ قَالَ لَه؛ بَايِعْ! فَقَالَ؛ إِنِّي رَسُولُ قَوْمٍ ولَا أُحْدِثُ حَدَثاً حَتَّى أَرْجِعَ إِلَيْهِمْ، فَقَالَ (ع) (أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ الَّذِينَ وَرَاءَكَ بَعَثُوكَ رَائِداً تَبْتَغِي لَهُمْ مَسَاقِطَ الْغَيْثِ فَرَجَعْتَ إِلَيْهِمْ وأَخْبَرْتَهُمْ عَنِ الْكَلإِ والْمَاءِ فَخَالَفُوا إِلَى الْمَعَاطِشِ والْمَجَادِبِ مَا كُنْتَ صَانِعاً؟!) قَالَ؛ كُنْتُ تَارِكَهُمْ ومُخَالِفَهُمْ إِلَى الْكَلإِ والْمَاءِ! فَقَالَ (ع) فَامْدُدْ إِذاً يَدَكَ! فَقَالَ الرَّجُلُ؛ فَوَاللَّه مَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَمْتَنِعَ عِنْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيَّ فَبَايَعْتُه (ع)] والرَّجُلُ يُعْرَفُ بِكُلَيْبٍ الْجَرْمِيِّ.
أَمَّا القافِلونَ الذينَ (فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا ۖ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ) جماعة [ماكو أَوامِر] فهُم لا يُكافحُونَ من أَجلِ معرفةِ الحقيقةِ وإِنَّما يخُوضونَ الحرُوبَ الكلاميَّةَ من أَجلِ أَن يُثبِتُوا أَنَّ ما يُؤمنونَ بهِ هو [الحقيقةُ المُطلقةُ].
حتَّى وصفهُم القُرآن الكريم بقَولهِ (وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً ۚ صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ).
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان الاستقرار؟.. أمين الفتوى يجيب
هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان الاستقرار؟.. أمين الفتوى يجيب

صدى البلد

timeمنذ 34 دقائق

  • صدى البلد

هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان الاستقرار؟.. أمين الفتوى يجيب

قال الشيخ عويضة عثمان، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى سيدنا عقبة بأن "يسع بيته"، بمعنى أن يكون البيت واسعًا ومستقراً، لأن بيت الزوجية هو الملاذ والملجأ للأمان والاستقرار. وأشار أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامي مهند السادات، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الثلاثاء إلى أن من أساسيات الحياة الزوجية أن يكون للزوجين باب يغلق، فهو رمز للخصوصية والسكينة، فلا يليق أن يكون البيت مكشوفًا للجميع بدون خصوصية، حتى في حالات الاختلاف في وجهات النظر يجب أن يكون هناك احترام وحوار ضمن خصوصية البيت. أكد أن الشرع الحنيف حرص على أن يكون بيت الزوجية مستقلاً لا يشاركه أحد بدون إذن الزوجة، حتى وإن كان من المحارم كالأب أو الأم أو الأخ، فلا يجوز دخول البيت أو المشاركة فيه بدون موافقة الزوجة، لأن بيت الزوجية يجب أن يكون مهيأً لها ولراحتها، بمرافق خاصة مثل غرفة مستقلة، حمام، ومطبخ، يتيح لها حرية الحركة والخصوصية. وأوضح أن وجود الزوجة في بيت عائلة الزوج أو أي بيت لا تتوفر فيه هذه الاستقلالية غالبًا ما يسبب مشاكل واضطرابات، لما فيه من اختلاط مفرط وضيق في الحياة الخاصة، مما يؤدي إلى توتر العلاقة الزوجية. وقال: "حق الزوجة في الاستقلال في مسكن الزوجية ليس تفضلاً من الزوج، بل هو حق أساسي لضمان السكينة والاستقرار بين الزوجين، لأن مشاركة بيت العائلة بدون خصوصية قد تسبب مشاكل لا حصر لها." كما أوضح أن قرار مكان السكن يجب أن يكون بمشاركة الطرفين، مع مراعاة ظروف الزوج والزوجة، ومستوى حياة كل منهما، ولا يجوز أن يتخذ أحد الطرفين القرار منفردًا دون التفاهم، لأن الحياة الزوجية تحتاج إلى تفاهم وتعاون. وأكد أن للزوجة الحق في الاعتراض إذا لم تكن مرتاحة في السكن الحالي، خصوصًا إذا تسبب لها ضررًا معنويًا أو ماديًا، مشيرًا إلى ضرورة احترام رأيها ومراعاة مشاعرها، وأنه من الأفضل في هذه الحالات إيجاد حل يرضي الطرفين، سواء بنقل السكن أو تأمين استقلالية أكثر في البيت. وأشار إلى أن كثيرًا من مشاكل الأسر سببها عدم احترام خصوصية الزوجة في مسكن الزوجية أو فرض سكن غير ملائم عليها، مؤكداً أن تحقيق الاستقرار الأسري يبدأ باحترام الحقوق والمشاركة في اتخاذ القرارات.

بيت الزكاة يبدأ صرف إعانة يوليو للمستحقين بجميع المحافظات بتوجيه من الإمام الأكبر
بيت الزكاة يبدأ صرف إعانة يوليو للمستحقين بجميع المحافظات بتوجيه من الإمام الأكبر

صدى البلد

timeمنذ 5 ساعات

  • صدى البلد

بيت الزكاة يبدأ صرف إعانة يوليو للمستحقين بجميع المحافظات بتوجيه من الإمام الأكبر

وجَّه فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف ورئيس مجلس أمناء بيت الزكاة والصدقات، ببدء صرف الإعانة النقدية الشهرية للمستحقين، وذلك اعتبارًا من اليوم، الثلاثاء 1 يوليو 2025، في جميع محافظات الجمهورية. وأوضح بيت الزكاة والصدقات، في بيانه الصادر صباح اليوم، أن صرف إعانات شهر يوليو متاح عبر مكاتب البريد المنتشرة في أنحاء الجمهورية بدءًا من بعد عصر اليوم، وذلك للأسر الأكثر احتياجًا والأولى بالرعاية. وقال البيت إن هذه الإعانات تأتي ضمن إطار برنامج "سند"، أحد مشروعاته التنموية، الذي يهدف إلى تخفيف الأعباء المعيشية عن الفئات التي تواجه صعوبة في توفير احتياجاتها الأساسية من سكن وغذاء وعلاج. ويستند بيت الزكاة في عمله إلى التوجيه القرآني الكريم في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ... ﴾ [التوبة: 60]، مؤكدًا التزامه بمساعدة الفئات المستحقة وفق الضوابط الشرعية والتكافل المجتمعي. عقد الجامع الأزهر أمس، الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة)، تحت عنوان "العهود والمواثيق في ضوء وثيقة المدينة المنورة.. دروس من الهجرة"، بحضور: الدكتور عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، والدكتور عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الشيخ أحمد عبد العظيم الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر. في بداية الملتقى، قال فضيلة الدكتور عبد الله النجار، إن الباحث في وثيقة المدينة، يجد أنها أحد الأركان التي أقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المدينة بعد الهجرة الشريفة، من خلال بيان الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع إسلامي متكامل، فهي لم تكن مجرد تنظيم إداري، ولكن إطار يحدد الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع وتوازن، وهذا الإطار المستمد من شرع الله، هو السبب في ظهور مجتمع المدينة في شكل حضاري، لأن الإسلام لا يكره أحدًا على العقيدة، وإنما ينظم حركة الناس بما يضمن سعادة الأفراد واستقرار المجتمع.

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة نموذج رائد لبناء المجتمعات المتنوعة
الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة نموذج رائد لبناء المجتمعات المتنوعة

صدى البلد

timeمنذ 5 ساعات

  • صدى البلد

الملتقى الفقهي بالجامع الأزهر: وثيقة المدينة نموذج رائد لبناء المجتمعات المتنوعة

عقد الجامع الأزهر أمس الاثنين، اللقاء الأسبوعي للملتقى الفقهي (رؤية معاصرة)، تحت عنوان "العهود والمواثيق في ضوء وثيقة المدينة المنورة.. دروس من الهجرة"، بحضور: أد عبد الفتاح العواري، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأ.د عبد الله النجار، عضو مجمع البحوث الإسلامية، وأدار الحوار الشيخ أحمد عبد العظيم الطباخ، مدير المكتب الفني بالجامع الأزهر. في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور عبد الله النجار، إن الباحث في وثيقة المدينة، يجد أنها أحد الأركان التي أقام عليها النبي صلى الله عليه وسلم مجتمع المدينة بعد الهجرة الشريفة، من خلال بيان الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع إسلامي متكامل، فهي لم تكن مجرد تنظيم إداري، ولكن إطار يحدد الحقوق والواجبات اللازمة لبناء مجتمع وتوازن، وهذا الإطار المستمد من شرع الله، هو السبب في ظهور مجتمع المدينة في شكل حضاري، لأن الإسلام لا يكره أحدًا على العقيدة، وإنما ينظم حركة الناس بما يضمن سعادة الأفراد واستقرار المجتمع. وأوضح الدكتور عبد الله النجار، أن وثيقة المدينة المنورة لم تكن مجرد صدفة، بل جاءت كضرورة ملحة لضبط وتنظيم مجتمع المدينة الذي كان يتسم بالتنوع الكبير، هذا التنوع، الذي كان يتطلب إطارًا واضحًا لتحديد العلاقات بين الأفراد وضمان استقرار الجميع، حتى أن الدخول إلى المدينة خارج أفراده، وضع له النبي صلى الله عليه وسلم ما ينظمه، من أجل الحفاظ على هوية المجتمع واستقراره وأمانه، كما وضع الحدود المكانية للمدينة، وهو ما عرف فيما بعد باسم ترسيم الحدود، وهو رد على الدعوات التي تنادي بإزالة الحدود بين بعض الأقاليم. من جانبه قال فضيلة الدكتور عبد الفتاح العواري، إن وثيقة المدينة المنورة تمثل دستورًا يُحتذى به في بناء المجتمعات، لهذا نجد كل القوانين والدساتير التي عرفتها البشرية بعدها والتي تضمن استقرار وأمن المجتمعات، هي انعكاس لما جاءت به وثيقة المدينة المنورة، لأنها شملت الحقوقًا كاملةً للإنسان غير منقوصة، كما تضمنت على كامل الحقوق والواجبات، التي من شأنها أن تحافظ على نسيج المجتمع مهما تشابكت خيوطه، وتعددت أطيافه، وهو ترجمة مدنية لما جاء به القرآن الكريم من أوامر ونواهي، مشيرًا إلى أن وثيقة المدينة المنورة كانت خير دليل على انفتاح المجتمع المسلم وقبوله للآخر مهما كان دينه ولونه وعرقه، لهذا لا تعرف المجتمعات البشرية مجتمعًا أكثر حضارة مما كان عليه المجتمع الإسلامي. وأضاف الدكتور عبد الفتاح العواري: إن وثيقة المدينة جاءت بالمعنى الحقيقي للمواطنة التي لا تعرف العنصرية لدين أو مذهب أو التشدد لعرقٍ دون الآخر، وعززت معنى مشاركة الجميع في بناء المجتمع، من خلال توجيه التعددية إلى التكامل، مشيرًا إلى أن نقض وثيقة المدينة كان من قبل اليهود الذين خانوا العهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو التزموا بعهدهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نصت عليه وثيقة المدينة لما حدث خلاف بينهم وبين المسلمين في المدنية، لأن الإسلام بشريعته دين يحترم العهود والمواثيق، ولا يسمح لأتباعه أن يخونوا أي عهود أومواثيق قطعوها، لكنه في نفس الوقت يأمرهم أن يتعاملوا بحزم مع كل من يعتدي عليهم أو يخونهم. كما أكد فضيلة الشيخ أحمد الطباخ، مدير المكتب الفني للجامع الأزهر، أن الدين الإسلامي اهتم بالمواثيق والعهود بين البشر، لما فيها من تنظيم للعلاقات وضبها، والحفاظ على حركة الحياة في إطارها المنضبط، لهذا قال الحق سبحانه وتعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ۚ أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ ۗ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ﴾، لهذا كانت وثيقة المدينة المنورة ضمانة لكي يكون المجتمع قوي من الداخل وقادر على مواجهة التحديات من الخارج، والباحث في تاريخ المواثيق والعهود المدنية، يجد أن وثيقة المدينة هي أول شكل لأشكال هذه المواثيق والدساتير، كما كانت هذ الوثيقة شاملة ومتكاملة، بما يجعلها ضمانة لنجاح أي مجتمع. يُذكر أن الملتقى "الفقهي يُعقد الاثنين من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، ويهدف الملتقى الفقهي إلى مناقشة المسائل الفقهية المعاصرة التي تواجه المجتمعات الإسلامية، والعمل على إيجاد حلول لها وفقا للشريعة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store