logo
الحَربُ القادمة..الشرق الأوسط خارج الصندوق

الحَربُ القادمة..الشرق الأوسط خارج الصندوق

اليوم الثامنمنذ 13 ساعات
تحويل المستحيل الى ممكن في الشرق الأوسط، هكذا تسمى الاستراتيجية الأميربكية الجديدة في الشرق الأوسط ،والتي تعد جزء لايتجزء من استراتيجية الفوضى الخلاقة.
الشرق الأوسط حسب مراكز الأبحاث الأميريكية والبريطانية هي الجغرافيا من المغرب حتى الحدود الصينية ليشمل المغرب العربي، آسيا الوسطى الإسلامية ، آسيا العربية، أما مفهوم مشروع الشرق الاوسط هو إدارة المنطقة الحساسة، و إعادة هيكلة بلدان الشرق الأوسط حسب الرؤية الأميريكية ،ومنها على سبيل المثال : إنشاء نظام اقليمي جديد ،و دولة فلسطينية خارج الحدود الفلسطينية.
_المشروع مر بمرحلتين..
الانقسامات العرقية والدينية داخل الدول العربية لإعادة إعادة رسم خريطة المنطقة على أساس عرقى ودينى، بما يضمن استمرار الحروب والمنازعات بلا توقف والقضاء على فكرة القوميات المتماسكة، وغرس بذور التعصب والكراهية والإرهاب بدلاً منها..
السيناريو مبنى على عدم توقف الحرب فى المنطقة، فلا تكاد تهدأ حرب، حتى تندلع أخرى إلى أن يتم القضاء على المنطقة بأكملها.تفتيت البلدان الواقعه فيه، ثم الهيمنة على مقدراتها وحماية المصالح الأميريكية أولًا والإسرائيلية ثانيًا.
انطلاقة المشروع ركزت على أن دول الشرق الأوسط تشكو من نقص حرية الرأي والمساءلة وضعف التنمية البشرية .رسامو المشروع يرون أن الابتعاد عن «القوة الخشنة «Hard Power»والاتجاه إلى «القوة الي تعتقد أن تديّن الشعوب الجاهلة هو المسار الوحيد للسيطرة عليها، وهذا خطأ استراتيجي يصعب الخلاص منه اليوم، ومع ذلك تبقى أن القوةالناعمة «Soft Power»كانت ومازالت التي ستمكنها من تنفيذ المخططات بالكامل دون أي خسائر بالأرواح والأموال من جانبها ،لذلك فقد عمدت إلى تغيير الأنظمة عبر تحريك الشارع العربي، بينما الهدف في حقيقة الأمر هو رسم لوحة اللا استقرار وحالة اليأس و اللا عودة إلى ما كان عليه الأوضاع قبل استبدال النظام فيها ،وذلك بإطالة أمد الصراع المصحوب بالأسلوب الدموي للقتل والدمار الناتج عن هذا الصراع والفوضى .
والهدف الثاني للمشروع هو إنشاء مجتمع مثالي بعد التخلص من حركة المقاومة الإسلامية حماس ، جماعة الأخوان المسلمين، الاحزاب الإسلامية الشيعية،إضعاف الأنظمة السياسية العربية ، تطويع الأنظمة السياسية الأقليمية تركيا وإيران.
_الأبعاد والاهداف المتعددة للمشروع..
أهداف ظاهرها مشروعة بإمتياز بأجواء حقوق الإنسان، لكنها مرسومة بدقة لنشر الأنقسام الداخلي داخل الدول، والتي جاءت مع التمويل الغربى للحركات الثورية التي تتكون من ناشطي الإنترنت والمنظمات غير الحكومية وناشطي حقوق الإنسان، الذين ساهموا في تفريخ الفتنة في الوطن العربي، ومع تشظي الأنظمة العربية وسقوطها، جاءت القوى الغربية لتضخيم حالة الاضطراب.
البندول« Pendulum» الاستراتيجي لهذا المشروع سنة 2025 توقف وفق رؤية أي تحالفات أو صراعات في الشرق الأوسط على المدى المدى المتوسط ، ستكون أطرافها دولًا، وليست كيانات أخرى، ولايعني ذلك انهيار وأختفاء الفاعلين من غير الدول بشكل كامل أو خروجها من المعادلة نهائيًا ، وإنما ستظل تلك الكيانات موجودة وحاضرة ،لكن بدرجة تأثير وفاعلية أقل بكثير مماكانت عليه.
وبماأن الدول العريية ذات اقتصاد استهلاكي، وليس انتاجي ،حيث تعتمد على تصدير الثروات الطبيعية، وهذا يلخص لنا البعد سياسي الاقتصادي في استعباد الدول الضعيفة ،وإرهاق الدول الفقيرة ،ثم بعد اجتماعي ثقافي تدميري نابع من أن الوعي الفكري والثقافي عملية شبه مفقودة في عالمنا العربي ،فإنه أصبح من السهل إيهام الشعوب العربية بأن شكلًا ديمقراطيًّا يشبه الغرب يمكن أن يقوم في المنطقة العربية بمجرد إحداث الفوضى ،وتغيير القيادات السياسية ،وتغذية البلدان العربية بأفكار الديموقراطية مستغلين التهميش، بينما حقيقة المشروع هي نشر الفوضى بغطاء ديموقراطية الاسلام السياسي، والذي نجح في تأجيج الفوضى الخلاقة، واسقاط الامن والاستقرار.
_المنظور الاستراتيجي للشرق الأوسط.
قام في" أيلول" سبتمبر ٢٠٢٤ رئيس الوزراء الحالى بنيامين نتنياهو برفع خريطة تتجه فيها خطوط الطاقة والثروات من الخليج العربى فى سهم كبير يتجاهل قناة السويس (!) ، بحيث يكون رأس السهم للبحر المتوسط هو إسرائيل ذاتها. كان نتنياهو قد تحدث فيما سبق عام ۲۰۲۰ عن شرق أوسط جديد مع توقيع الاتفاقيات الإبراهيمية، وسبق أن رفع في " ايلول "سبتمبر ۲۰۲۳ خريطة للشرق الأوسط من دون الضفة وقطاع غزة.وعليه، يبدو أن حلم الشرق الأوسط الجديد بدأت إرهاصاته مبكرًا وترتكز الآن عليه - بعد تعديلات رؤى الحكومة الإسرائيلية الحالية للشرق الأوسط مستهدفة السير نحو هدفها على ساقين: الأولى ساق أمريكية، حيث تسعد تل أبيب بتصريحات لترامب ومعاونيه عن «توسعة قادمة لحدود إسرائيل الضيقة»، والساق الأخرى أفكار اليمين العنصرى الاستيطاني الإسرائيلى بشأن «أرض إسرائيل الكاملة». ولهذه الرؤى الجنينية أيضا ذراعان: الأولى هى «الأمن» الذى يتحقق بالردع والبطش والأخرى «الابتزاز» للجميع وتجاوز كل الخطوط الحمر والحد الأدنى لقواعد القانون الدولى بتجويع الفلسطينيين، وجعل بيئتهم الطبيعية مدمرة وخربة، ولا يمكن احتمال العيش فيها ، ما يسهل اقتلاع السكان في ترحيل جماعي مع ابتزاز الدول اقتصاديًا أو الضغط عليها سياسيا لقبول الفلسطينيين وتصفية القضية.
_الرأي الاستراتيجي خارج الصندوق ..
حرب الظل التي كانت دائرة بين إسرائيل و إيران تحولت اليوم الى صدام مباشر ،وسيتجدد الصدام المدمر مع دخول فصل الشتاء ،حيث ذلك يسهل مهام الجيش الإسرائيلي من بوابة بقاء الإسرائيليون في الملاجيء في جوء غيرحار ،وهذا مصلحة إسرائيلية، بينما المصلحة الإيرانية في احتياج أوروبا للغاز في فصل الشتاء بديل عن الغاز الروسي بعد قرار كييف بعدم تجديد اتفاقية نقل الغاز المُوقعة مع موسكو عام 2019 ،وبالمناسبة هي ورقة ضغط على الموردين للغاز من الشرق الأوسط ،وفي نفس الوقت تصب في مصلحة الروس الشركاء الاستراتيجيين لإيران.
الحرب الإيرانية الإسرائيلية ليست في مصلحة العرب، ولذلك على العرب الوقوف على الحياد ،فأي تدخل عربي مباشر بصورة أو بأخرى يصب في مصلحة الطرفين ، بما أن شبح الحرب المتعدة يسهل لإسرائيل تدخل الغرب المباشر، ولايختلف الأمر على إيران فهي مستفيدة من نقل المعارك من أرضيها صوب الارضي العربية وهي ذات الاستراتيجية التي تبنتها منذ عقود.
خلاصة خارج الصندوق الاستراتيجية؛ بأن جر قدم الدول العربية الى الحرب يصب في صالح إيران وإسرائيل، تمامًا ماتفعله حركة حماس وإسرائيل بغية مآرب شتى، قد يكون منها جر العرب لمشاكل داخلية وخارجية، والحليم بالإشارة يفهم.
ملاحظة: المادة المنشروة تحمل بصمات عدد من الباحثين.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الإسرائيلي يقرّ خطة المرحلة التالية للحرب... ويستعد لنقل سكان غزة جنوباً
الجيش الإسرائيلي يقرّ خطة المرحلة التالية للحرب... ويستعد لنقل سكان غزة جنوباً

الرأي

timeمنذ 2 ساعات

  • الرأي

الجيش الإسرائيلي يقرّ خطة المرحلة التالية للحرب... ويستعد لنقل سكان غزة جنوباً

- زامير يُلمح إلى توسيع الحرب في المنطقة مجدداً: المعركة الحالية ليست موضعية خرج عشرات آلاف الإسرائيليين إلى الشوارع، مطالبين بإنهاء الحرب، وإبرام اتفاق لإعادة الرهائن، في حين أقر جيش الاحتلال، خطة المرحلة التالية للحرب، وبدأ تحضيراته لتهجير الفلسطينيين من مدينة غزة إلى الجنوب، في خطوة وصفت بأنها جزء من خطة أوسع لإعادة احتلال القطاع بالكامل، والتي تواجه رفضاً وانتقادات دولية واسعة. وبدأ تنفيذ الخطة صباح اليوم، مع إعلان الجيش توفير خيام ومعدات إيواء للمهجرين عبر معبر كرم أبوسالم، بزعم نقلها بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة. ووصف رئيس الأركان إيال زامير، مخطط احتلال مدينة غزة بأنه مرحلة أخرى لعملية «عربات جدعون» العسكرية، التي أعلن قبل أسبوع أنها وصلت إلى نهايتها. وقال خلال جولة في القطاع، «سنشن قريباً المرحلة القادمة لعملية عربات جدعون، وفي إطارها سنعمق استهداف حماس في مدينة غزة حتى هزيمتها». وعلى عكس التقارير التي أكدت فيها وسائل إعلام ومحللون عسكريون فشل «عربات جدعون»، إلا أن زامير ادعى، أن هذه العملية «حققت غاياتها، وحماس لا تملك اليوم القدرات نفسها التي كانت لديها قبل العملية، واستهدفناها بشدة. وواجب الجيش إعادة المخطوفين، الأحياء والأموات، على حد سواء». وشرح زامير خلال لقائه قادة كتائب وألوية ميدانية خطط الجيش لاستمرار الحرب. وقال وفقاً لبيان صادر عن الناطق العسكري، «نصادق اليوم (الأحد) على خطة المرحلة القادمة في الحرب. وكما كان في العمليات العسكرية الأخيرة، في إيران واليمن ولبنان ويهودا والسامرة وغزة، فإننا سنستمر في تغيير الواقع الأمني». وتابع «سنعمل بموجب إستراتيجية ذكية ومدروسة ومسؤولة. وسيستخدم الجيش قدراته في الجو والبحر من أجل استهداف حماس بقوة بالغة». وألمح زامير إلى توسيع الحرب في المنطقة مجدداً، وقال إن «المعركة الحالية ليست موضعية، وهي دعامة أخرى في خطة طويلة المدى ومخطط لها، من خلال رؤية متعددة الجبهة لاستهداف كل مُركبات المحور وفي مقدمتها إيران». نقل سكان القطاع إلى الجنوب وأعلن جيش الاحتلال، انه سيزود سكان القطاع بخيام ومعدات إيواء، استعدادا لنقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع «حفاظاً على أمنهم». وقال الناطق أفيخاي أدرعي، «سيتم نقل المعدات عن طريق معبر كيرم شالوم (كرم أبوسالم) بواسطة الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية بعد خضوعها لتفتيش دقيق من قبل أفراد سلطة المعابر البرية التابعة لوزارة الدفاع». وأحجم عن التعليق عندما سُئل عما إذا كانت معدات الإيواء مخصصة لسكان مدينة غزة الذين يقدر عددهم بنحو مليون نسمة، في الوقت الحالي، وما إذا كان الموقع الذي سيُنقلون إليه هو منطقة رفح. وعبر ناطق باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عن قلقه بسبب خطط إسرائيل لنقل الأشخاص إلى الجنوب، قائلاً إن ذلك لن يؤدي إلا إلى زيادة المعاناة. من جانبها، وصفت حركة «حماس»، خطط نقل سكان مدينة غزة بأنها «موجة جديدة من الإبادة الوحشية وعمليات التهجير الإجرامي». لمئات الآلاف من سكان مدينة غزة والنازحين إليها. وأضافت في بيان«تترافق خطوات ومحاولات... نتنياهو وحكومته لتهجير شعبنا واقتلاعه من أرضه مع الكشف الصريح عن نواياه الحقيقية بإقامة ما يسمى بإسرائيل الكبرى». وذكرت حركة «الجهاد الإسلامي»، أن إعلان «جيش الاحتلال عن إدخال خيام إلى جنوب قطاع غزة، في إطار هجومه الوحشي لاحتلال مدينة غزة هو استهزاء فجّ ووقح بالمواثيق الدولية وامتهان صارخ لما يسمى بالمؤسسات الأممية التي تدّعي أنها وُجدت لحماية المدنيين وضمان حقوق الشعوب تحت الاحتلال». الاحتجاجات تعم إسرائيل في موازاة ذلك، عمت الاحتجاجات المدن الإسرائيلية، منذ الفجر، للمطالبة بوقف الحرب وإعادة الرهائن والتراجع عن قرار توسيع العمليات. وأغلق المتظاهرون الطرق، بما في ذلك طريق سريع رئيسي في تل أبيب، ملوحين بالأعلام الإسرائيلية وأعلام صفراء ترمز إلى التضامن مع الأسرى. ودعا المتظاهرون ومنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين إلى إضراب شامل في كل أنحاء إسرائيل. واستجابت محلات تجارية في كل من القدس وتل أبيب للدعوة وأغلقت أبوابها. وجاء في بيان لمنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين«مئات الآلاف من المواطنين الإسرائيليين سيوقفون العمل بنداء واحد واضح: إعادة الخمسين رهينة، وإنهاء الحرب». وبالإضافة إلى 49 رهينة محتجزين منذ هجوم«حماس»، يطالب المتظاهرون باستعادة جثمان جندي قُتل في العام 2014 ومحتجز لدى «حماس». وفي تل أبيب، وصل الرئيس إسحاق هيرتسوغ إلى أحد التجمعات الاحتجاجية وأكد«نريد عودتهم (الرهائن) في أسرع وقت ممكن»، داعياً إلى ممارسة مزيد من الضغط الدولي على حماس. وادعى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، خلال اجتماع حكومي، إن «أولئك الذين يدعون اليوم إلى إنهاء الحرب من دون هزيمة حماس، لا يتسببون بتشديد موقف حماس ويبعدون تحرير مخطوفينا فحسب، وإنما هم يضمنون أن 7 أكتوبر (2023) ستكرر نفسها وسنضطر إلى القتال في حرب من دون نهاية». واعتبر وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إن الاحتجاجات هي «حملة سيئة تلعب في صالح حماس». واعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن الدعوة إلى الإضراب «فشلت». ورأى في منشور عبر «تلغرام» أن الإضراب «يقوي حماس ويستبعد إمكان عودة الرهائن». في المقابل، رفض زعيم المعارضة يائير لابيد اتهامات الوزيرين وخاطبهما متسائلاً «الا تخجلان؟ لا أحد عزز (من وجود) حماس أكثر منكم». واعتبر أن«الشيء الوحيد الذي سيُضعف حماس هو إسقاط هذه الحكومة الفاسدة والفاشلة». إلى ذلك، عززت الشرطة قواتها في أنحاء إسرائيل، وأكدت إنها لن تتسامح مع أي«إخلال بالنظام العام». وذكرت في بيان أنها أوقفت «38 شخصا بعد الإخلال بالنظام العام».

الملك «بيبي»... دخّلهم في الحيط!
الملك «بيبي»... دخّلهم في الحيط!

الرأي

timeمنذ 3 ساعات

  • الرأي

الملك «بيبي»... دخّلهم في الحيط!

لطالما نظرنا، وكما تعلمنا وورثنا من المسيري -رحمه الله- في منهجنا التحليلي، إلى الصهيونية ليس كحركة «تحرر قومي» كما تزعم، بل كظاهرة استعمارية استيطانية حديثة، تجسد أقصى درجات «العلمانية الشاملة» التي تختزل الإنسان والأرض في معادلات مادية قابلة للتملك والإزاحة... واليوم، نلمس تجلياً صارخا لهذه الحقيقة في غزة، حيث تُختبر الإنسانية كل يوم، وتنفجر موجة غضب عالمي غير مسبوقة تُزلزل أركان الخطاب الصهيوني وأساطيره التأسيسية. غزة التي تحولت إلى مسلخ الحداثة المادية الصهيونية، وأرقامها التي تشي بانهيار الأخلاق، حيث لا يمكن فهم الغضب العالمي إلا من خلال تشريح الواقع المادي الذي تفرضه آلة الحرب الصهيونية. رقم مرعب يتجاوز 62 ألف شهيد، وفق أحدث البيانات الصادرة عن وزارة الصحة في غزة (مع التأكيد على استمرار ارتفاع الرقم بشكل يومي مروع). هذا الرقم ليس إحصاء مجرداً، بل هو شاهد حي على اختزال الإنسان الفلسطيني إلى «عائق ديموغرافي» في المعادلة الصهيونية الميكانيكية. وطفولة مذبوحة على مذبح التوسع، بما يقارب 20 ألف طفل قضوا نحبهم تحت القصف والدمار ليكونوا ضحايا وشهداء «المنطق الأمني» الصهيوني الذي يرى في كل طفل فلسطيني تهديداً مستقبلياً، تجسيداً للرؤية العنصرية التي تحول البشر إلى أرقام في معادلة السيطرة. شباب أُزهقت أحلامهم... عشرات الآلاف من الشباب الذين كانوا يمثلون مستقبل المجتمع، سُحقوا تحت أنقاض بيوتهم وجامعاتهم وتدمير ممنهج للبنية الديموغرافية والاجتماعية، سياسة قديمة متجددة للاستعمار الاستيطاني. ليس ذلك فقط، بل عجائز وذوو إعاقة استهدافوا بشكل متعمد للهشاشة والضعف وآلاف المسنين وذوي الإعاقة (بالآلاف) لقوا حتفهم عطشاً أو جوعاً أو تحت الأنقاض، عاجزين عن الفرار. هذا ليس «ضرراً جانبياً»، بل هو تعبير عن اللامبالاة الأخلاقية المطلقة التي تولدها أيديولوجيا تضع «أمن» المستوطن فوق حياة «الآخر» كلياً. هذه الأرقام الكارثية، المصحوبة بصور الدمار الشامل وحصار الغذاء والدواء، أحدثت شرخاً عميقاً في الرواية الصهيونية السائدة لعقود حيث انهيارت سردية احتكار «معاداة السامية» وبات الغضب موجهاً بوضوح نحو المشروع الصهيوني وممارساته، وليس نحو اليهودية كدين أو جماعات يهودية عالمية... الحمد لله لقد تم تفكيك هذه الآلية الدفاعية التي طالما استُخدمت لإسكات النقد. كذلك فضح «الديمقراطية الوحيدة» في المنطقة، والممارسات الوحشية كشفت زيف ادعاءات «القيم الديمقراطية والأخلاقية» التي تتستر بها إسرائيل، أمام عجز غربي واضح عن محاسبتها، مما أثار سخطاً حتى داخل المجتمعات الغربية. بعيداً عن الذين هم مع «حماس» أو ضدها في ما فعلت، فقد تحولت غزة إلى رمز عالمي للمقاومة ضد الظلم والتظاهرات المليونية من طوكيو إلى نيويورك، تحركات المجتمع المدني، مواقف دول الجنوب، وحتى التمرد داخل المؤسسات الغربية - كلها دلائل على صحوة أخلاقية تعترف بإنسانانية الفلسطيني المُسْتَبَاح... قبل حماس وبعدها... في غزة وفي الضفة وفي والأحلام. لقد ساهمت وسائل التواصل في كسر حصار الإعلام، فالعالم يرى -مباشرة- فظائع كان يتم إخفاؤها أو تبريرها، مما ولّد تعاطفاً غير مسبوق وحملاً دولياً على حكومات تتواطأ صمتاً أو دعماً... انتهت اللعبة! ها هنا نصل إلى لب الرؤية التي تزاوج بين التحليل المادي العميق والإيمان بالسنن الإلهية في الخلق حيث يقول تعالى في محكم كتابه: «إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا» (الإسراء). الطغيان في الأرض -ممثلاً هنا في المشروع الصهيوني بآلته العسكرية الوحشية وأيديولوجيته الاستعلائية- لا يمكن أن يكون مصيره إلا السقوط الأخلاقي أولاً، ثم السياسي والحضاري لاحقاً، مهما بدا جباراً في لحظته. هذا الغضب العالمي ليس مجرد رد فعل سياسي عابر؛ إنه ريح التغيير التي تهب عندما تتجاوز القوة المستبدة كل الحدود، إنه الصوت الإنساني الجماعي الذي يعلن «كفى!». إنه الإعلان على أن الملك «بيبي» دخّل الصهونية في الحيط... وعن فشل ذريع للمشروع الصهيوني في كسب شرعيته الأخلاقية أو قبوله الإنساني، مهما بلغت قوته العسكرية أو دعم القوى العظمى. هذا الغضب، تحقيق لوعد إلهي نطق به القرآن: أن الظلم لا يدوم، وأن صرخة المظلوم لا تذهب سدى، وأن سُنَّة الله في نصر المظلوم وهزيمة الظالم -مهما طال الزمن- آتية لا ريب فيها. غزة، برغم جراحها العميقة وأعداد شهدائها المرعبة، تضع العالم أمام مرآته وتدفعه لاختيار موقف لا لبس فيه: إما مع الحياة والكرامة والعدل، أو مع آلة الموت والطغيان والنسيان. وفي هذا الاختيار تكمن بداية النهاية لأي مشروع طاغٍ... وكل ما لم يُذكر فيه اسم الله...أبتر... وكل ما لا يُراد به وجه الله... يضمحل.

«حرب غزة» تحاصر نتنياهو.. مظاهرات وإضراب واسع للمطالبة بوقف النار وإعادة الأسرى
«حرب غزة» تحاصر نتنياهو.. مظاهرات وإضراب واسع للمطالبة بوقف النار وإعادة الأسرى

الأنباء

timeمنذ 3 ساعات

  • الأنباء

«حرب غزة» تحاصر نتنياهو.. مظاهرات وإضراب واسع للمطالبة بوقف النار وإعادة الأسرى

شهدت إسرائيل إضرابا واسعا أمس، شل سوق العمل وأصاب مختلف مرافق الحياة بالجمود، بعدما امتنع أكثر من مليون إسرائيلي عن العمل ليوم كامل، وذلك احتجاجا على استمرار الحرب في غزة، ولمطالبة حكومة بنيامين نتنياهو بوقف القتال والتركيز على المفاوضات للتوصل إلى اتفاق مع حركة المقاومة الفلسطينية الإسلامية (حماس) يضمن تبادل الأسرى وإعادة جميع الرهائن الإسرائيليين. وقاد الإضراب «منتدى عائلات الأسرى»، وحركات احتجاجية ونقابات مهنية متعددة، كما انضمت إليه أحزاب من معسكر المعارضة الإسرائيلية. ورغم أن اتحاد النقابات (الهستدروت) امتنع عن الدعوة إلى الإضراب رسميا، فإنه ترك للنقابات حرية المشاركة، وهو ما انعكس بإغلاق مئات آلاف المصالح التجارية التي منحت موظفيها عطلة اختيارية مدفوعة الأجر. جاء ذلك غداة «مظاهرات السبت» الأسبوعية في ميدان الرهائن بتل أبيب الذي أصبح رمزا للاحتجاجات خلال الحرب، حيث رفع المتظاهرون صورا للرهائن المحتجزين في غزة. وأغلق المحتجون طرقا رئيسية في المدينة، من بينها الطريق السريع الذي يربط تل أبيب بالقدس المحتلة، وأشعلوا إطارات متسببين في اختناقات مرورية وفقا لوسائل إعلام محلية. وأظهرت لقطات لوكالة فرانس برس متظاهرين في كيبوتس «بئيري» قرب الحدود مع قطاع غزة. وقالت الشرطة الإسرائيلية في بيان إنها أوقفت «32 شخصا بعد الإخلال بالنظام العام». ودعا المتظاهرون ومنتدى عائلات الرهائن والمحتجزين إلى إضراب شامل. وبالفعل استجابت محلات تجارية في كل من القدس وتل أبيب للدعوة وأغلقت أبوابها. وقال دورون ويلفاند (54 عاما) خلال تظاهرة في القدس لوكالة فرانس برس أمس «أعتقد أن الوقت حان لإنهاء الحرب ولتحرير الرهائن ومساعدة إسرائيل على التعافي والوصول إلى شرق أوسط اكثر استقرارا». وبالتوازي، دعا منتدى عائلات الرهائن والمحتجزين في بيان أمس إلى «إعادة الخمسين رهينة، وإنهاء الحرب». وتعهد المنتدى بـ«تصعيد نضالنا وفعل كل ما بوسعنا لإعادة أحبائنا». من جانبه، الرئيس الإسرائيلي إسحق هرتسوغ امام أحد التجمعات الاحتجاجية «نريد عودتهم (الرهائن) في أسرع وقت ممكن»، داعيا إلى ممارسة مزيد من الضغط الدولي على حركة «حماس». في المقابل، رأى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن المتظاهرين الذين يطالبون بإنهاء الحرب في غزة «يعززون» موقف حركة حماس. وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته «أولئك الذين يدعون إلى إنهاء الحرب دون إلحاق الهزيمة بحماس، لا يعززون موقفها ويؤخرون تحرير رهائننا فحسب، بل يضمنون أيضا أن تتكرر مآسي السابع من أكتوبر 2023». وهاجم وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش التظاهرات، وقال «استيقظ شعب إسرائيل على حملة مشوهة وضارة تخدم مصالح حماس التي تخفي الرهائن في الأنفاق وتسعى لدفع إسرائيل إلى الاستسلام لأعدائها وتعريض أمنها ومستقبلها للخطر». واعتبر وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أن الإضراب «يقوي حماس ويستبعد إمكان عودة الرهائن». لكن زعيم المعارضة يائير لابيد، رفض اتهامات الوزيرين وخاطبهما متسائلا «ألا تخجلان؟ لا أحد عزز من وجود حماس أكثر منكما». واعتبر لابيد أن «الشيء الوحيد الذي سيضعف حماس هو إسقاط حكومة نتنياهو الفاسدة والفاشلة». في هذه الأثناء، أعلن الجيش الإسرائيلي إقرار الخطة التي تتناول المرحلة التالية للحرب في القطاع، مؤكدا التركيز على مدينة غزة بهدف «القضاء على حركة حماس». ونقل بيان عسكري عن رئيس الأركان إيال زامير قوله أمس (نقر الخطة للمرحلة التالية في الحرب. سنحافظ على الزخم الذي تحقق في عملية «عربات جدعون» مع تركيز الجهد في مدينة غزة. سنواصل الهجوم حتى القضاء على حماس، والمختطفون أمام أعيننا)، في إشارة إلى أن تحرير الرهائن الذين لا يزالون محتجزين في غزة هو الأولوية. وبحسب زامير فإن عملية «عربات جدعون» حققت أهدافها، و«حماس لم تعد تملك القدرات التي كانت لديها قبل العملية، وقد ألحقنا بها أضرارا جسيمة». وأضاف أن الجيش سيعمل وفق «استراتيجية ذكية ومتوازنة ومسؤولة. وسيشغل كل قدراته في البر والجو والبحر من أجل توجيه ضربات قوية لحماس».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store