logo
هل ينجح أصفري في حكم سوريا التي لا يعرفها... نجاحه في "البزنس"؟

هل ينجح أصفري في حكم سوريا التي لا يعرفها... نجاحه في "البزنس"؟

النهار٢٦-٠٢-٢٠٢٥

عندما سُئل رجل الأعمال السوري البريطاني أيمن أصفري (66 عاماً) في مقابلة أخيرة بعد سقوط نظام الأسد عن طموحاته المستقبلية في ما يتصل بوطنه الأم، قال "أريد أن أكون جزءاً من سوريا الجديدة". التقى الرئيس أحمد الشرع في دمشق أوائل العام الحالي ولفتت إطلالته من القصر الجمهوري الأنظار كأحد كبار رجال الأعمال والمموّلين السوريين ممن أدوا دوراً في حياة بلادهم خلال السنوات التي سبقت رحيل الطاغية. إلا أنه مرشح الآن لرئاسة أولى وزارات العهد الحالي، ما سيساعده على رسم معالم "سوريا الجديدة" بحق.
ليس من المستبعد أن يكون هذا الدور عُرض عليه فعلاً. فهو رجل أعمال له سجلّ حافل من النجاح على امتداد ثلاثة عقود بنى فيها شركة "بتروفاك" النفطية المهمة. والنظام الحالي الذي يحتاج إلى الصدقية السياسية والمعالجة الجادة المثمرة للاقتصاد المنهار ومشاكله ربما لن يجد أفضل من هذا الملياردير ليعطيه الصدقية التي يحتاج إليها ويطلق ورشة الإصلاح والبناء.
لكن هل يقبل أصفري أن يؤدي هذا الد ور؟
قد تحول دون ذلك اعتبارات شتى متناقضة. فهو لا يبحث عن أمجاد ينوء سلفاً بحمل ما حققه منها بجهده الخاص. و"لن يرضى بأن يكون مطيّة لأحد ولا أن تستعمله الإدارة الحالية لتبييض صفحتها في الخارج" على حد تعبير أحد عارفيه. ولفت الرجل الذي تحدثت إليه "النهار" إلى أن أصفري لم يرث ملايينه عن أبيه الدكتور أديب. فالأخير كان يحظى باحترام أبناء مدينته، إدلب، وحلب حيث عمل، قبل أن يسافر إلى الخارج للعمل في البعثات الديبلوماسية السورية في دول منها تركيا وعمان وتشيكوسلوفاكيا السابقة، لكنه لم يكن ثرياً جداً.
والابن يحمل شهادات عليا في الهندسة، كما درس ماجستير إدارة أعمال من "كلية وارتون للأعمال" التابعة لجامعة بنسلفانيا، التي تخرّج منها الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك أيضاً. كما أنه "يحتفظ بشبكة علاقات واسعة مع صناع قرار عرب وأجانب" حسبما ذكر ديبلوماسي سوري في اتصال من لندن أجرته معه "النهار". وإذ قال: "عرفت أيمن منذ زمن طويل كاقتصادي ناجح ورجل أعمال من العيار الثقيل" أعتبر أن تسلمه رئاسة الحكومة سيعني أن ثمة فرصة أفضل "بتعافي الاقتصاد السوري المعتل".
غير أن مسيرته في بريطانيا، حيث أغدق التبرّعات بسخاء على حزب المحافظين وزعمائه، ديفيد كاميرون وتيريزا ماي وبوريس جونسون، شابتها مشاكل خطيرة تتعلق بالفساد. فقد اتُهم موظفون في "بتروفاك" بتقديم الرشى لأشخاص في الشرق الأوسط للفوز بعقود سمينة. وجرى التحقيق معه كما جُرد من وظائفه الشرفية في حزب المحافظين كمتبرع من المستوى الرفيع. وتمت تبرئته في 2022 بعد مساءلة استمرت سنوات وحملته على الاستقالة من الشركة التي أسسها.
من ناحية أخرى، يُعدّ أصفري "غريباً" عن سوريا، بما فيها مدينته الأصلية. فقد قال لـ"النهار" أحد أبنائها الذين تربطهم علاقة قرابة بعيدة بأيمن، إنه لا يعرف إدلب وهي بالكاد تعرفه بفضل البصمات الخيرية التي تركها فيها. وأضاف: "كنا نعرف والده الدكتور أديب رحمه الله ونحترمه، أما أيمن فلم تكن لنا أي علاقة معه لأنه لم يكن يعيش بيننا بل أمضى عمره في الخارج".
ويثير "الاغتراب" الطويل تساؤلات رائجة في أوساط المعارضة السورية حول "شرعية" إسناد ثاني أرفع وظيفة في البلاد لشخص "أجنبي" لا يعرف عن كثب مشاكل البلاد ولا حاجات أهلها.
زيد سفوك، القيادي في "الحركة الكوردستانية المستقلة في سوريا" رأى في ردّ على سؤال لـ"النهار" عن رأيه في احتمال تعيين أصفري في هذا المنصب "لا يمكن جلب مغترب من عشرات السنين (...) ليشكل حكومة تليق بخصوصية الشعب السوري". ولم يفته أن يأخذ على المرشح المزعوم أنه "حين قدم المساعدات أثناء الثورة السورية كان دعمه محصوراً بمكان ولادته ومناطق تتعلق بانتمائه".
وفعلاً، من الانتقادات التي وُجّهت إلى أصفري أنه لم يكن محايداً تماماً خلال الثورة، ليس فقط لتجاهله فئات كثيرة من السوريين، بل أيضاً لدعمه مجموعات بعينها في محافظة إدلب.
كان أصفري صديقاً لنظام الأسد قبل أن يعارضه بشجاعة. وله علاقة تبدو طيبة بالإدارة الراهنة التي يبالغ أحياناً في الثناء عليها. ففي مقابلة أخيرة اعتبر أن النظام "يتجه إلى [تطبيق] نظام ديموقراطي"، في الوقت الذي قال فيه الرئيس بعظمة لسانه إنه مقتنع بوجوب الاحتفاظ بحكم "اللون الواحد". ووصف الشرع "المتطرّف سابقاً" بـ"المؤمن بالتعددية". ورأى أن السوريين "معتدلون جداً" ولا يريدون نظاماً إسلامياً!

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

قبلنا قالها المتنبي العظيم
قبلنا قالها المتنبي العظيم

شبكة النبأ

timeمنذ ساعة واحدة

  • شبكة النبأ

قبلنا قالها المتنبي العظيم

ومع ان العالم غابة، لكن السياسية تحتم عليك التعامل معها، وليس عزل نفسك بما يجعلك هدفا سهلا، فكر كيف تعيد نفسك للغابة لتؤدي دورا فاعلا لنفسك، عليك ان تبدو مثل أهل الغابة، وان مس ذلك بعض ثوابتك، كن مرنا في التعاطي مع الأعداء لكسب الوقت وتجنب ما يحتمل من أخطار، كن واقعيا وغادر الشعارات... رحم الله المتنبي وأسكنه فسيح جناته، فقد أتحفنا بالكثير من الحكم، فهو شاعر الحكمة بلا منازع، البصير في الظلمة، والخبير في صناعة المعاني، والمبتكر لصور لا تخطر لك على بال، فقد خبر عميق الحياة حتى تقول في نفسك: يا لهذه العبقرية الفذة، ففي بيت واحد يختصر لك ما يعادل أياما من الكلام، ومن نكد الدنيا أن ينزوي هذا العظيم الذي لن يتكرر في نهاية زقاق مطل على نهر دجلة وليس في قلب بغداد، زاوية لا يراه فيها الا من يوصفون بالمثقفين الذين يبددون يومهم الاسبوعي في سماع كلمات المجاملة وتقليب الكتب القديمة، والتفرج على المارة، وينتهي بهم المطاف الى تناول وجبة من (الگص) بالشحم الزائد في مطعم الاخلاص. لا أدري ما الذي جعلني أردد في هذا الصباح المبارك الذي تشير اليه الكثير من رسائل الواتساب التي تصلني مع خيوط فجر يوم الجمعة، بيت المتنبي الذي يقول فيه: (ومن نكد الدنيا على الحر أن يرى… عدوا له ما من صداقته بد)، ربما يأتي ذلك باللاوعي الذي دارت فيه على مدى يومين ماضيين صور الاستقبال الفخم للرئيس ترامب في السعودية وقطر والامارات، مع انهم يعرفون كغيرهم ان ما تمر به الأمة من نكبات، وما تتعرض له أرضنا من احتلال، وما تكابده مجتمعاتنا من تخلف سببه الفاسدون من حكامنا أولا وبعدهم تأتي أمريكا التي تنظر لنا بعيون صهيونية. لذا لابد أن يعم الخراب هذه المنطقة بلدا بعد آخر، ولا يُستثنى منها أحد بضمنها التي استقبلته بالتهليل وحالة الزهو البائنة، وكأن ترامب فضلهم على كل البشرية، وليس للأموال التي يسيل لها كل لعاب، صدقوني ان مكة والمدينة هما الهدف الأخير بعد ان تتساقط البلدان التي يشعرون انها تشكل تهديدا لكيانهم، او التي يمكن لها أن تتعافى في أقصر وقت، وأولها العراق الذي يجب أن يظل عليلا، لا هو بالميت، ولا هو بالصاحي، يجب أن تهدر ثرواته، وتدمر عوامل النهوض فيه ويُسلط الفاسدون عليه. فجميعنا نحن المسلمين هدفا للتدمير، ووصل الدور لايران وبعدها تركيا ومصر وغيرها، حتى وان كانت لحكوماتها راهنا أوثق العلاقات مع الصهاينة، لأنهم يتحسبون للمستقبل، فقد يتوافر لهذه البلدان يوم ما قادة وطنيون يغيرون المعادلات الظالمة، وستذكر الأجيال ما أكتبه جازما. فعندما تتأمل ما يجري تجد ان العالم ليس كما يوصف (أسرة دولية)، بل غابة، قويها يأكل ضعيفها، وغنيها يسحق فقيرها، وان المنظمات المكلفة باشاعة الأمن والسلام، هي كذبة الكبار على الصغار، فلا حق مغتصب يرجع من خلالها، ولا وقفة تصد لظالم متعجرف تتحقق عبرها. ومع ان العالم غابة، لكن السياسية تحتم عليك التعامل معها، وليس عزل نفسك بما يجعلك هدفا سهلا، فكر كيف تعيد نفسك للغابة لتؤدي دورا فاعلا لنفسك، عليك ان تبدو مثل أهل الغابة، وان مس ذلك بعض ثوابتك، كن مرنا في التعاطي مع الأعداء لكسب الوقت وتجنب ما يحتمل من أخطار، كن واقعيا وغادر الشعارات البراقة، فلا جدوى منها، لا تكن واضحا مع الأعداء، عليك بالمراوغة لتحفظ شعبك وعقيدتك وأهدافك، الناس أمانة في عنقك فلا تذهب بهم الى الهاوية، سيأتي اليوم الذي تكون فيه قادرا على أخذ حقك واعادة المجد لأمتك ان كنت قائدا غيورا. فدنيا اليوم نكد، ونكدها يوجب على الأحرار مسايرة الأعداء، فدعونا نتحاور مع وحوش الغابة، فلا سبيل أمامنا سواه، ولا تعيبون علينا دعوة من يوصفون بالاخوان والأصدقاء لبيتنا، وان كنا غير مقتنعين ببعضهم، نعم ما زال دخان المفخخات يزكم انوفنا، وما زال بريق سيوف الارهاب أمام الأنظار، لكن هكذا هي السياسة، وعلينا التكيف مع الغابة الى حين ميسرة.

الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي
الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي

المركزية

timeمنذ 2 ساعات

  • المركزية

الحوثيون يعلنون فرض حظر بحري على ميناء حيفا الإسرائيلي

أعلنت ميليشيا الحوثي، الاثنين، فرض "حظر بحري" على ميناء حيفا الإسرائيلي، ردا على استمرار التصعيد الإسرائيلي في غزة. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع في بيان: "ردا على تصعيد العدو الإسرائيلي عدوانه الوحشي على إخواننا وأهلنا في غزة، وارتكاب العشرات من المجازر يوميا ووقوع المئات من الضحايا في جريمة إبادة جماعية لم يشهد لها العالم مثيلا، وردا على استمرار الحصار والتجويع، وردا على رفض العدو وقف عدوانه ورفع حصاره، فإن القوات المسلحة اليمنية بالتوكل على اللهِ وبالاعتماد عليه قررت بعون الله تنفيذ توجيهات القيادة بِبدء العمل على فرض حظر بحري على ميناء حيفا"، وفق تعبيره. وأضاف سريع: "وعليه.. تنوه إلى كل الشركات التي لديها سفن موجودة في هذا الميناء أو متجهة إليه بأن الميناء المذكور صار منذ ساعة إعلان هذا البيان ضمن بنك الأهداف وعليها أخذ ما ورد في هذا البيان وما سيرد لاحقا بعين الاعتبار" بحسب قوله.

إسرائيل تسمح لمزيد من الفلسطينيين بمغادرة غزة... وتساؤلات عن العلاقة بخطة ترامب
إسرائيل تسمح لمزيد من الفلسطينيين بمغادرة غزة... وتساؤلات عن العلاقة بخطة ترامب

النهار

timeمنذ 2 ساعات

  • النهار

إسرائيل تسمح لمزيد من الفلسطينيين بمغادرة غزة... وتساؤلات عن العلاقة بخطة ترامب

على مدى أكثر من عام، منعت السلطات الإسرائيلية عايد أيوب من الفرار من الجوع والحرب في غزة مع أسرته للحصول على زمالة أكاديمية في فرنسا، لكنه غادر القطاع أخيرا في الشهر الماضي بعد أن خففت إسرائيل قبضتها على الحدود على نحو غير متوقع. كان أيوب وزوجته وأطفالهما الأربعة من بين نحو 1000 فلسطيني غادروا غزة بعد تخفيف القيود في الأشهر القليلة الماضية. وتبين من مقابلات أجريت مع سكان غزة الذين غادروا ودبلوماسيين أجانب أنهم خرجوا من القطاع بحافلات، قبل السفر جوا لأوروبا وأماكن أخرى. وقال أيوب، وهو مهندس يبلغ من العمر 57 عاما: "الوضع في قطاع غزة لا يطاق". كان أيوب قد حصل على الدكتوراه والماجستير من إحدى الجامعات الفرنسية بعد انتقاله إليها في أوائل العقد الأول من القرن الحالي. وكانت عودته إلى فرنسا ضمن مجموعة من 115 شخصا من غزة قبلتهم باريس في نيسان/أبريل الماضي. وصارت المغادرة تتطلب تقديم طلب من حكومة أجنبية إلى إسرائيل، ولا تزال أعداد الطلبات قليلة نسبيا. ولم يتسن لرويترز تحديد سبب سماح إسرائيل الآن بمغادرة المزيد من الفلسطينيين من غزة، والذي يأتي في وقت يتزايد فيه الاحتجاج الدولي بشأن الأوضاع الإنسانية هناك. غير أن تخفيف القيود يتوازى مع هدف الحكومة الإسرائيلية المعلن بتسهيل إعادة توطين سكان غزة في بلدان أخرى. وبالنسبة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، فإن الحديث عن إعادة التوطين الجماعي للفلسطينيين خارج غزة يساعد في حشد دعم الحلفاء من تيار اليمين المتطرف الذين يعارضون التوصل إلى هدنة أخرى مع "حماس" ويريدون العودة لإنشاء مستوطنات يهودية هناك. ووصف وزير الداخلية الإسرائيلي موشيه أربيل مغادرة سكان غزة في الآونة الأخيرة إلى دول أوروبية بأنها محاولة لإخلاء قطاع غزة مؤقتا وبشكل طوعي للسماح بإعادة إعماره، وهي عملية قال إنها مستوحاة من دونالد ترامب. وكان الرئيس الأميركي الجمهوري قد اقترح تطوير القطاع بتحويله إلى منتجع ساحلي بدون الفلسطينيين. وقال أربيل في الأول من نيسان/أبريل بعد إشرافه على مغادرة رحلة جوية تنقل سكانا من غزة إلى ألمانيا: "أشكر الرئيس ترامب على تفكيره في هذه المبادرة المهمة... معا، وبتضافر جهودنا، سنحول هذا المكان إلى جنة. دعونا ننجح بعون الله". ولم يرد المتحدث باسمه على طلب للتعليق. وبعد عملية الإجلاء التي كانت أسرة أيوب جزءا منها، قالت وزارة الخارجية الفرنسية إن فرنسا لا تزال تعارض التهجير القسري لسكان غزة. وحذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن فكرة ترامب قد تصل إلى حد التطهير العرقي. وعلى الرغم من تصريحات أربيل، قال خمسة مسؤولين إسرائيليين لرويترز إن تخفيف القيود لم يكن استجابة مباشرة لاقتراح ترامب بشأن غزة أو جزءا من أي خطة من هذا القبيل. وقال أحد المسؤولين الإسرائيليين إن إسرائيل لا تحاول تقليل عدد سكان غزة، بل تستجيب لطلبات متزايدة من الدول التي تسعى إلى مساعدة الناس على الوصول إلى وجهة آمنة. تاريخ عالق في الأذهان بالنسبة لكثير من الفلسطينيين، فإن فرصة الخروج تعيد للأذهان ذكريات تاريخ سلب أراضيهم. وقال أيوب وآخرون ممن غادروا في الآونة الأخيرة لرويترز إن مغادرتهم مؤقتة فقط. ومع ذلك، خلص استطلاع رأي فلسطيني أجري مؤخرا إلى أن ما يقرب من نصف سكان غزة تقريبا يفكرون الآن في المغادرة، وذلك بعد أن أدى الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ 19 شهرا إلى تدمير معظم القطاع ونزوح غالبية سكانه واعتمادهم على إمدادات المساعدات الآخذة في التناقص. وتفاقمت حدة الضغط على سكان غزة بسبب السياسات المتبعة منذ أن خرقت إسرائيل في الثاني من آذار/مارس وقف إطلاق النار الهش الذي استمر ستة أسابيع، حتى في الوقت الذي يضغط فيه الوسطاء الأميركيون والعرب من أجل إنهاء الحرب. وزادت احتمالات حدوث مجاعة نتيجة الحصار الذي تفرضه إسرائيل منذ شهرين على جميع شحنات المساعدات في غزة. وجددت حملة القصف، مما أسفر، بحسب وزارة الصحة في غزة، عن مقتل 464 شخصا الأسبوع الماضي. وشنت هجوما بريا "مكثفا" جديدا أمس الأحد، وذلك بعد يومين من اختتام ترامب جولة في دول الخليج. وقالت إسرائيل أمس أيضا إنها ستخفف الحصار وتسمح بدخول مساعدات محدودة. ويشيد نتنياهو بفكرة ترامب بشأن غزة لكنه يشير إلى وجود عقبة كبيرة، إذ قال لمجموعة متشددين من قدامى المحاربين في حرب غزة يوم الثلاثاء: "لدينا مشكلة واحدة.. نحتاج إلى دول مستقبلة". ولا ترغب الأردن وسوريا المجاورتان، اللتان تضمان أعدادا كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين منذ عقود، ومصر في استقبال أعداد كبيرة من سكان غزة. ولإعداد هذا التقرير، تحدثت رويترز مع خمسة من سكان غزة الذين غادروا في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى تسعة دبلوماسيين أجانب وسبعة مسؤولين إسرائيليين للحصول على تفاصيل عن تأثير القواعد الجديدة المتعلقة بالخروج من غزة. وقال الدبلوماسيون الأجانب إن إسرائيل بدأت في إبلاغ حكومات دول أخرى أواخر العام الماضي، قبل تولي ترامب منصبه وطرح اقتراحه، بأنها ستخفف القيود قريبا. وطلب الدبلوماسيون عدم الكشف عن هوياتهم لأنهم غير مصرح لهم بالتحدث إلى وسائل الإعلام. ودخل تخفيف القيود حيز التنفيذ إلى حد كبير في بداية العام. وقال الدبلوماسيون ذوو الصلة إن الأمر أصبح يستغرق الآن أياما وليس أسابيع أو شهورا لكي يوافق المسؤولون الإسرائيليون على الطلبات الخاصة بالفلسطينيين الحاصلين على جنسية أجنبية وأقاربهم والحاصلين على منح دراسية أجنبية. وأضافوا أن من بين المسموح لهم بالمغادرة فلسطينيين سبق أن رفضت إسرائيل السماح لهم بالمغادرة لأسباب أمنية. ولم يرد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ولا وزارة الدفاع ولا وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق، وهي وحدة تابعة للوزارة معنية بالتنسيق مع الفلسطينيين، على استفسارات رويترز بشأن نطاق أو سبب تخفيف القيود في الآونة الأخيرة. وقالت حركة "حماس"، التي حثت سكان غزة على عدم المشاركة في أي عروض لإعادة التوطين، إنها تنظر في التقارير التي تفيد بتخفيف القيود. انخفاض عدد سكان غزة بحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، انخفض عدد سكان غزة بالفعل بنحو 160 ألفا خلال فترة الحرب إلى 2.1 مليون نسمة تقريبا. ويشمل العدد أكثر من 53 ألفا قتلتهم الحملة العسكرية الإسرائيلية فيما نزح الباقون ومنهم من سُمح لهم بالخروج لحالات الطوارئ الطبية. وتمكن آخرون من المغادرة من خلال نظام مكلف ماديا يتضمن وسطاء مصريين. وفرّ الآلاف من المواطنين الأجانب في بدايات الحرب إلا أن الحصول على تصريح بالمغادرة بات صعبا بعد سيطرة إسرائيل على معبر رفح مع مصر في أيار/مايو من العام الماضي وفرضها إغلاقا شبه كامل لحدود غزة. وفي أواخر آذار، أنشأت الحكومة الإسرائيلية وكالة جديدة قالت إنها لمساعدة سكان غزة الراغبين في إعادة توطينهم في بلدان ثالثة. ولم تتمكن رويترز من تحديد ما إذا كانت تلك الوكالة تعمل أم لا. ولم تتمكن رويترز من التأكد بدقة من عدد من تمكنوا من المغادرة بموجب المعايير الجديدة. وقدر ثلاثة دبلوماسيين عددهم بما لا يقل عن ألف، بينما قال آخرون إن بإمكانهم فقط تأكيد عدد من يحملون جنسيات بلدانهم مشيرين إلى أنهم بالمئات. لم ترد السلطات الإسرائيلية على استفسار حول الأعداد. وقال جميع الدبلوماسيين إن أكثر من 12 دولة، معظمها أوروبية، تمكنت حتى الآن من إخراج أشخاص من غزة وحدثت معظم عمليات الخروج منذ آذار. وقالت منظمة "جيشاة-مسلك"، وهي منظمة إسرائيلية للدفاع عن حرية الفلسطينيين في الحركة والتنقل، إن تخفيف إسرائيل للقيود "جزئي وغير متسق وغير شفاف"، مضيفة أنه يتعين السماح لعدد أكبر من الأشخاص بالمغادرة. وقالت المتحدثة باسم المنظمة شاي غروندبرغ لرويترز: "ما قد يبدو أنه 'تنازلات' هو في الواقع استجابات انتقائية ومحدودة للضغوط الدولية والإجراءات القانونية". وتقدر المنظمة أن الآلاف من الفلسطينيين، الذين لا يزالون في غزة، يحملون جنسيات أجنبية أو إقامات أو تأشيرات طلبة أو مؤهلون للدخول إلى بلد ثالث من خلال تأشيرات لم الشمل أو برامج مماثلة. "راح نرجع" لا يستوفي سوى جزء بسيط من سكان غزة المعايير الإسرائيلية الحالية للسماح لهم بالخروج. وبالنسبة لأولئك الذين يستوفونها، فإن الخيار ليس سهلا. يخشى الكثيرون من أن يؤدي ترك أرضهم إلى "نكبة" أخرى كالتي حدثت في حرب عام 1948 عندما أجبر مئات الآلاف من الفلسطينيين على ترك منازلهم مع قيام دولة إسرائيل. ولا يزال كثيرون منهم لاجئين بعدما كانوا يأملون في العودة خلال أسابيع. وقالت الشاعرة دنيا الأمل إسماعيل، وهي أرملة عمرها 53 عاما خرجت ضمن مجموعة أيوب مع ابنتها التي تبلغ من العمر 21 عاما وابنها (18 عاما): "راح نرجع لغزة لما الظروف تسمح، راح نرجع لغزة في أقرب وقت بنقدر فيه نرجع". حصلت دنيا الأمل على مكان في البرنامج الأكاديمي الفرنسي نفسه الذي يساعد الباحثين والفنانين وعائلاتهم على الخروج من مناطق النزاع. ويخوض المغادرون رحلة محفوفة بالمخاطر عبر القطاع الذي تنتشر فيه الصواريخ والقذائف غير المنفجرة. وقال الأشخاص الذين تحدثت إليهم رويترز إن الفلسطينيين يستقلون جميعا مركبات قبل الفجر لنقلهم إلى معبر حدودي تديره إسرائيل، حيث يخضعون للتفتيش الأمني الإسرائيلي قبل إجراء مقابلات مع دبلوماسيين أجانب. وتسمح إسرائيل للمغادرين بحمل حقيبة صغيرة واحدة فقط لكل منهم. وقال أربعة دبلوماسيين إنهم يسافرون في حافلات تحت حراسة عسكرية إسرائيلية إلى الحدود الأردنية. وذكر الدبلوماسيون أنهم يجلبون معهم شطائر ومشروبات للمغادرين من غزة إدراكا منهم لأزمة شح الطعام في القطاع. وقال أحد الدبلوماسيين إن فلسطينيا كان يأكل شطيرة محشوة بلحم الدجاج علق قائلا إنه نسي طعم اللحم. وأوضح أحد الأكاديميين من المجموعة التي وصلت إلى فرنسا في الآونة الأخيرة أن اللقاء مع الدبلوماسيين تم في الصحراء. وقال لرويترز: "أنت في الصحرا وفجأة بتظهر ثلاجة من اللامكان، بتفتحها بتلاقي فيها كل شي كنت محروم منه لأشهر". وأضاف: "أكلت لكن بغصة وألم في صدري من أجل كل الناس إللي موجودين وتركناهم في غزة". "تركت العزيزين على قلبي" وطلب عدة فلسطينيين تحدثت إليهم رويترز عدم الكشف عن هوياتهم خوفا من انتقام "حماس" وجماعات مسلحة أخرى. وأشار عدد من الدبلوماسيين إلى أن وثائق السفر تمثل تحديات لوجستية. فقد فُقدت بعض الأوراق في الحرب في حين أن هناك حاجة إلى إصدار وثائق أخرى للأطفال الذين ولدوا منذ بدء الحرب. وأضافوا أنه يتعين أن يحمل البعض وثائق سفر صادرة عن السلطة الفلسطينية في رام الله أو القاهرة. ومن الأردن يسافرون على متن رحلات جوية إلى البلدان التي ساعدتهم على المغادرة، لكن بعض الرحلات تقلع من إسرائيل، وفقا للدبلوماسيين وبيانات الطيران ووزارة الداخلية الإسرائيلية. بالنسبة لأيوب، فإن الذكريات المؤلمة تثقل قلبه بالهموم إذ قُتلت شقيقته وزوجها وابنهما في القصف في بداية الحرب. وحصل ابن شقيقة أيوب، وهو مهندس معماري، على زمالة في فرنسا بالآونة الأخيرة لكنه توفي يوم الخميس الماضي متأثرا بجروح أصيب بها في غارة جوية إسرائيلية. وأصدر البرنامج الفرنسي الداعم للزمالة بيانا نعاه فيه. وكان قلب أيوب مشتتا بين ارتياحه لتمكنه من الخروج سعيا لتأمين مستقبل أفضل لأولاده، وبين عذابه لترك أحبائه خلفه قائلا: "تركت أختي وأولادها وكتير من الناس العزيزين على قلبي". وقال أيوب: "في لحظة أكون سعيدا، وفي اللحظة التالية أتذكر ما يحدث في غزة".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store