
هذا أو الطوفان…دعوة لإنقاذ الوطنْ
دخلت الحرب في السُودان مراحل خطيرة جداً ونوعيّة ، وهي تقترب شئياً فشئياً ليس من حسمها ونهايتها كما ظلّ يُصرح قيادات طرفيها العسكريين ومن يتحالفون معهم سواء من إسلاميين أو غيرهم من مدنيين ، وإنما من إتساع رقعتها وتحويل بلادنا إلي ساحة حرب حقيقية دولية ودخول جيوش وأطراف أخري خارجية فيها ، وذلك طبيعي في ظل الصرّاع للنفوذ وعلي حماية المصالح للدول الإقليمية والدولية ، أو حتي لحماية حدود بعض الدول المجاورة للسُودان وأمنها ، أو للصرّاع في منطقتي البحر الأحمر و القرن الأفريقي ، ولوجود الأطمّاع والتآمرات للذين ظلوا يدعمون الحرب ويطيلون أمدها من القوي الخارجية والأقليمية في بلادنا وفي مواردها وثرواتها وموقعها…
إن دخول الحرب مناطق جديدة في غرب كردفان وقبلها محاولات توسيع دائرتها في النيل الأبيض إضافة لشمال كردفان ، مع التحول الكبير والمفاجئ في موازين القوي لطرف المليشيا بعد أن ظنّ طرف الجيش وحلفاؤه في مليشيات الإسلاميين والحركات أنه بتحرير الجزيرة واجزاء واسعة من الخرطوم وجزء من ولاية النيل الأزرق أنهم قد كسبوا المعركة وأصبحوا يتحدثون عن حسم خلال أيام قليلة ، وأنهم في طريقهم لدارفور لحسم وطرد المليشيا منها ، ولكن الواقع يقول أن دارفور والفاشر لاتزال مُحتلة و محاصرة من عناصر مليشيا الدعم السريع ، وفي الوقت الذي تطلق فيه الآلة الإعلامية للكيزان وبعض قياداتهم سيطرتها والتبشير بعهد جديد من الإستبداد والإنتقام من كُل معارض لهم ولمنهجهم وتوجههم الذي حكموا به البلاد بالحديد والنار لثلاثون عام ولايزالوا يقولون ( وهل من مزيد ) ، في هذا التوقيت دخلت بلادنا ونتيجة للدعم الذي تتلقاه المليشيا ممن يدعمونها بالعتاد والسلاح المتطور مرحلة جديدة من حرب ( المُسيرات ) والمطارات ثم إستهداف لمدن جديدة ( النهود والخوي) ينسحب منها الجيش بنفس سيناريو الجزيرة ومدني والنيل الأزرق وتفعل المليشيا نفس ماظلت تفعله بالشعب في تلك المناطق التي تدخلها من إنتهاكات ، ثم لتعود كتائب الإسلاميين والجيش وإستخباراته في حال تحريرها مُجدداً لتقوم بالتصفيات ضد المواطنين داخل تلك المناطق بتهمة التعاون مع المليشيا المُجرمة ، في حرب هي بكل المقاييس ضد البلاد وشعبها وضد خصوم الحركة الإسلامية وضد كُل من ثار ضد نظام المؤتمر الوطني من طرفين رئيسين فيها أحدهم صنع الآخر فانقلب عليه وإقتتلوا حول السُلطة ولتمرير أجندة خارجية وتحولوا لأدوات لتقسيّم بلادنا ونشر الفوضي فيه وإعادة إحتلاله وإضعافه لتسهيل سرقته ونهبه والسيطرة عليه.
هاهي المليشيا تنفذ وعدها وتهديدها بضرب عمق بورتسودان معقل الكيزان والجيش وحلفاؤه ، فضربت مُسيراتها مطار بورتسودان ويهددون بمزيد من التصعيّد فيها رداً علي إستهداف الجيش بالمُسيرات أيضاً مطار نيالا وطائرة تحمل أسلحة للمليشيا بحسب ما تم إيراده ، وكانت مليشيا الدعم السريع أيضاً قبلها بساعات قد إستهدفوا مطار كسلا ومحطة الوقود فيه ، دخول الحرب منطقة الشرق تحديداً هو تهديد وتطور خطير ، ويمكن أن يكون مسوقاً لدخول أريتريا وأثيوبيا معاً للحرب وكذلك مصر وبشكل رسمي وعلني وليس من وراء ستار ، وهذا حتماً سيتم في حال إستمرار هذه الحرب وبهذا المنحي ، وهنالك تهديدات مُسبقة بإستهداف الشمالية ولعلها مسألة زمن ليس إلا وأمر متوقع في أي لحظة.
كُل هذا الواقع الماثل والحالي والمتوقع له يذهب لنتيجة واحدة وهي الخطر الكبير علي الدولة السُودانية وجوداً وعلي الشعب السُوداني حاضراً ومُستقبلاً ، وإستهدافاً عظيّماً ومُباشراً لوحدة بلادنا ولسيادتها ومصالح جميّع شعبها ، وتخريباً له ونشراً كبيراً للفوضي فيه وعلي أقلّ الإحتمالات سؤاً هو إضعافه الكبير وإعادة إحتلال أجزاء منه ، وأسؤا الإحتمالات هو تقسيّمه وإحتلاله معاً وتلاشئ لدولة السُودان الحالية ، هذا الواقع الخطيّر والمُخيف إن لم يُحرك السُودانيّن الآن شعباً وقيادة وجميّع القوي السياسية والفاعلة فيه وكل من يهمّه أمر الوطن فسيحل الندم بالجميّع بتضييع الوطن ومسؤلية حمايته والحفاظ عليه ، وستلعننا لا قدر الله دون أدني شك الأجيّال القادمة بسبب هذا المصيّر إن قُدر لها المجئ فوق أشلائه يوماً ما مُستقبلاً بالتفريّط فيه!
ولا زلنا نقول أن تدراك هذا المصيّر القاتم لايزال بأيدينا كسُودانين وكشعب وفي كل قواه السياسِية والمدنية والثورية والفاعلة والمجتمعية وكل وطني حقيقي وغيور علي هذا الوطن ويهمه أمره.
إن تقديم مصلحة بلادنا في هذا المُنعطف الخطير وهذه المرحلة ومصلحة جميّع السُودانيين تتطلب ودون أي تباطؤ أو تلكؤ أو إنتظار التحرك العاجل لإنقاذ الوطن وعدم الإلتفات للوراء أو الإستسلام ، وهذا يعني تحول كُلي في التفكير والفعل معاً ، وتنازلات كُبري من الجميّع لأجل الوطن وللمحافظة عليه وعدم إعطاء الطامعيّن والأعداء وأداواتهم بالداخل والخارج فرصة الظفر ببلادنا والنيّل منها وقطع الطريق أمام جميّع المؤامرات وضد كُل خطوات تقسيّمه وتكسيره وتلاشيه وسرقته والسيطرة عليه.
إنها دعوة لإنقاذ الوطن والعمل علي وحدته و وقف هذه الحرب فوراً وبكل الوسائل المُمكنة والمشرّوعة والمحافظة علي الشعب السُوداني من الإبادة والفناء والتهجيّر.
دعوة لكل القوي الحزبية بمن فيهم عُقلاء الإسلاميين إن وجدوا والوطنيين من كُل الشعب السُوداني بتحمل المسؤلية ونفض اليد عن هذه الحرب وطرفيها والوحدة كحائط الصد القوي والمتاريس ضد إستمرارها ، ولا يعني هذا باي حال القبول أو الإنكسار لإرادة طرفيها وإنما لفرض إرادة السُودانيون في المُحافظة علي بلادهم و وحدتها وأرواح السُودانيين أنفسهم وعدم جعلهم وقود لحرب تُدار بالوكالة أو من أجل سُلطة وصراع عليها.
إنها دعوة لكل القوي السياسية والحزبية والمدنية والثورية وكل الفاعليّن لهزيمة اليأس والأطماع الذاتية والفردية والإقصاء والتمترس في المواقف والإتكالية والإنتظار والهشاشة والضعف والخنوع والإستتباع للخارج والتوجه الصادق والمسؤول للعمل الجماعي المُخلص لأجندة الوطن ومصلحته العُليا التي لاتقبل المساومة ولا الإنتظار ولا التأجيل ولصالح جميّع السُودانين دونما فرز وفي كُل أجزائه ومع كُل تنوعنا فيه.
غير مقبول في هذه المرحلة الفارقة التخندق والتعصب في المواقف والأراء والإنغلاق في الماضي وصراعاته وإختلافاته ، وغير مقبول النظر بعيّن الأجندة الحزبية الضيّقة مهماً كانت في رأي مُعتنقيها صائبة فالصواب الآن فقط للقبول ببعضنا جميّعاً والعمل المُشترك المُخلص لإنقاذ الوطن و لوحدته أرضاً وشعباً ولوقف الحرب والإقتتال والصرّاع الدموي المُسلح ، والمحافظة علي الشعب ووقف جميّع مُعاناته ولهزيمة كُل الأطمّاع فيه لتقسيّمه ولتلاشيه ونهبه.
إنها دعوة لكُل السُودانيين في الداخل والخارج للعمل الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، ولنفض اليد من الحرب أو الدعم لإستمرارها وإعطاء المسوق لمزيد من سفك الدماء وتمدد خطابات الكراهية وبذور التقسيّم والتشظي الإجتماعي المهدد الأكبر لوحدتنا كشعب عظيّم عاش ويعيش في بلدٍ عظيّم أسمه السُودان ، ولتُحل جميّع خلافاتنا ومشاكلنا فيه بلغة الحوار والقبول بذلك والتواضع له بدلاً عن البندقية والسلاح والمُسيرات والطائرات والحرب المُدمرة وصولاً للسلام المُستدام و التحول الديمُقراطي في وطن مُوحد مُستقر وآمن يسع الجميّع…
دعوتنا صادقة في لحظة حاسمة من تاريخنا لاتقبل التأجيّل بالإيمان المُطلق بالحل الداخلي ، و للعمل الوطني الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، وكلنا يقيناً بعظمة شعبنا وهمته وعلو روح الوطنية لديه في أوقات الخطر العظيّمة!.
والمجد للسُودان وشعبه حاضراً ومُستقبلاً……

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


التغيير
منذ 14 ساعات
- التغيير
كامل إدريس.. الماسخ المكرور!
ظاهرة توزيع الوزارات على النطيحة والمتردية، واضطراب حكومة بورتسودان، لم تغب حتى عن فطنة وفراسة (القونات) والمغنين الانتهازيين الذين خبروا حكمة الشاب الثائر في أن الكوز كائن متحوّل! وعلموا أن انتفاخ الجيوب بالدولارات والتكسب من وراء التعيينات الوزارية لا يحتاج سوى جهد (شوية مع دول، وشوية مع دول)!! والصحفي الهندي عزالدين لا يرضى لنفسه أن يكون من (الخوالف)، فبينما ضجّ الرأي العام في وسائط التواصل الاجتماعي مجمعًا بأغلبية على رفض تعيين الجنرال وحكومة بورتسودان السيد كامل إدريس رئيسًا للوزراء المرتقب، كتب صحفي المساجلات الجوفاء، في صفحة أكس/ تويتر (عاد البعض في بورتسودان إلى الأسطوانة المشروخة.. يسمعون ويرددون، أخذوا يسرحون في الوسائط بخبر تعيين الدكتور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، وبعض هذا البعض من الدائرة المحيطة بالرئيس البرهان من ساسة بورتسودان!! أتعجب لهذا العبث والهرجلة التي تسود العاصمة الإدارية بشكل مزعج، يكشف عن اضطراب وانقسام في مركز القرار، فقد أصدر مجلس السيادة قبل أسبوعين قرارًا بتكليف السفير دفع الله الحاج رئيسًا للوزراء، ومن المفترض أن يتسلم موقعه نهاية هذا الشهر، فكيف يعودون إلى مسلسل 'كامل إدريس الماسخ المكرور'؟؟ كامل يشبه حمدوك، ولذا رشحناه في أكتوبر 2021، لكنه لا يصلح لقيادة الحكومة في أتون حرب مستعرة. لا يستطيع. البرهان لا يعرفه، ولا كباشي. احترموا دماء الشهداء يا هؤلاء، واستشعروا عذابات أهل السودان) أنتهي.. حدثنا الحكيم الهندي أن تعيين السيد كامل إدريس من قبيل (الماسخ المكرور) إذ إن بالبلاد حربًا مستعرة وهو لا يستطيع، بل لا يصلح لقيادة البلاد في هذا الظرف، فهو شبيه حمدوك، رئيس الوزراء السابق، أي كلاهما ضعيف! والأخطر من ذلك، بحسب تصريحات الهندي، أن الدكتور كامل إدريس المرشح لرئاسة الوزارة، مجهول النسب المعرفي للجنرال البرهان وكذلك للجنرال كباشي، وأنه قد تم تعيينه من قبل السياسيين والدائرة المحيطة بالبرهان، في تأكيد على قبضة الحركة الإسلامية وجماعة علي كرتي على خناق الجنرال وقادة الجيش، وكذلك السيطرة على القرارات والتعيينات الوزارية في حكومة بورتسودان. وهو القول الفصل الذي فترت الأقلام وبحت الحناجر في قوله خلال عامي الحرب الكريهة بين الجيش و(خارج رحمه) الدعم السريع. وقبل أن نثمِّن شجاعة الصحفي عزالدين وحرصه على عدم زيادة عذابات أهل السودان، إذا به، في أقل من سويعات، عاد (الكائن المتحوّل) بأثواب جديدة (ن كان هناك من ميزة وحيدة لتعيين البروفيسور كامل إدريس رئيسًا للوزراء، فهي انتهاء عهد (الشبيحة) وسماسرة السياسة في بورتسودان) انتهي.. يا للعجب!! أولم تُحدثنا أنت أن تعيين الرجل له علاقة ب(الشبيحة) في بورتسودان، وتحسّرت على الجنرالات خيالات المآتة! الخائرين عن مواجهتهم! أي سوط جعل الصحفي يبلع صوته في عجالة؟! هل كتائب جهاز الأمن أم كتائب الجنرالات؟ ولا ينقضي للعجب وطَر، عاد الهندي في فيلم (الماسخ المكرور) ليحدثنا أنه صديق البطل والزعيم المرتقب! فالبطل في الأفلام الهندية لا يُهزم، وخارق في الانتصارات، وبالطبع معبود الجماهير! وكذلك هندي الإنقاذ! كتب صديق البطل مجدداً (أستمعت إلى رؤية السيد رئيس الوزراء الجديد البروفسور كامل الطيب إدريس خلال اتصال هاتفي جرى بيننا عصر اليوم. أوضحت له وجهة نظري بشأن تعيينه في ظل تعقيدات كبيرة في المشهد السياسي والعسكري في السودان وكيفية التعامل معها، ودعوت له بالتوفيق والسداد. علاقتي ببروف كامل تمتد لنحو عشرين عامًا) انتهي.. شهد الله، الإخوان المسلمون وكُتّابهم يكذبون ويداهنون كما يتنفسون، ولا يستحون ولو قيل لهم بينكم والموت فرسخًا!! الآن يخاطب الهندي الدكتور كامل إدريس بكامل الألقاب، بلغة العالم ببواطن الأمور، يبارك المنصب بعد أن تيقن أنه قد توهّط في كرسي الوزارة، وأن لا أحدًا ينتظر رأيه في تعيينه، ولا الشبيحة به يعبأون! وأدرك أن أقصر الطرق للتعيينات الوزارية من باب الإعلام، أن تكون (للاعيسر) الوزير حوارًا في الطريق، فهذه أسرع الدروب الواصلة والموصلة إليها. قولًا واحدًا، إن صدق الهندي في عمر صداقته للسيد الوزير كامل إدريس، فهذا أدعى للرأي العام ألا يثق في الرجل، بعد أن حدثنا أنه ضعيف (لا يصلح لقيادة الحكومة في أتون حرب مستعرة)! فهل توقفت الحرب بعد تعيينه المتسارع يا ترى؟ أم قد أسرّ السيد الوزير لصديقه أنه المخلّص للبلاد من حربها؟! ونحن، كأهل السودان المعذّب، لا عداوة لنا مع الوزير شخصية! ولا ندري مدي صحة قول الذين يمسكون عليه أدلة وسوابق مهنية، تطعن في أهليته، لكننا نعلم يقيناً أن الحكومة التي عُيِّن فيها لا تعبأ بالسلام، ولو استمرت حربها مئة عام بحسب زعمهم، ولا يهمها الدمار الشامل للوطن، ولا كرامة السودانيين التي أُهينت وتُمرّغت بالتراب في دول الجوار. كما نجزم بأن كل الذين انضموا لركابها جبناء عن مصلحة الشعب، ولو قدموا من بلدان السلام. فهي حكومة يستميت وزراؤها على كراسي السلطة، وتتضخم جيوبهم من استمرار حرب عنصرية وقبلية مقيتة بدعم دعاة استمرارها، ولذا نقول بقول رسول الله صلى الله عليه سلم (دعوها فإنها منتنة)


التغيير
٠٤-٠٥-٢٠٢٥
- التغيير
هذا أو الطوفان…دعوة لإنقاذ الوطنْ
دخلت الحرب في السُودان مراحل خطيرة جداً ونوعيّة ، وهي تقترب شئياً فشئياً ليس من حسمها ونهايتها كما ظلّ يُصرح قيادات طرفيها العسكريين ومن يتحالفون معهم سواء من إسلاميين أو غيرهم من مدنيين ، وإنما من إتساع رقعتها وتحويل بلادنا إلي ساحة حرب حقيقية دولية ودخول جيوش وأطراف أخري خارجية فيها ، وذلك طبيعي في ظل الصرّاع للنفوذ وعلي حماية المصالح للدول الإقليمية والدولية ، أو حتي لحماية حدود بعض الدول المجاورة للسُودان وأمنها ، أو للصرّاع في منطقتي البحر الأحمر و القرن الأفريقي ، ولوجود الأطمّاع والتآمرات للذين ظلوا يدعمون الحرب ويطيلون أمدها من القوي الخارجية والأقليمية في بلادنا وفي مواردها وثرواتها وموقعها… إن دخول الحرب مناطق جديدة في غرب كردفان وقبلها محاولات توسيع دائرتها في النيل الأبيض إضافة لشمال كردفان ، مع التحول الكبير والمفاجئ في موازين القوي لطرف المليشيا بعد أن ظنّ طرف الجيش وحلفاؤه في مليشيات الإسلاميين والحركات أنه بتحرير الجزيرة واجزاء واسعة من الخرطوم وجزء من ولاية النيل الأزرق أنهم قد كسبوا المعركة وأصبحوا يتحدثون عن حسم خلال أيام قليلة ، وأنهم في طريقهم لدارفور لحسم وطرد المليشيا منها ، ولكن الواقع يقول أن دارفور والفاشر لاتزال مُحتلة و محاصرة من عناصر مليشيا الدعم السريع ، وفي الوقت الذي تطلق فيه الآلة الإعلامية للكيزان وبعض قياداتهم سيطرتها والتبشير بعهد جديد من الإستبداد والإنتقام من كُل معارض لهم ولمنهجهم وتوجههم الذي حكموا به البلاد بالحديد والنار لثلاثون عام ولايزالوا يقولون ( وهل من مزيد ) ، في هذا التوقيت دخلت بلادنا ونتيجة للدعم الذي تتلقاه المليشيا ممن يدعمونها بالعتاد والسلاح المتطور مرحلة جديدة من حرب ( المُسيرات ) والمطارات ثم إستهداف لمدن جديدة ( النهود والخوي) ينسحب منها الجيش بنفس سيناريو الجزيرة ومدني والنيل الأزرق وتفعل المليشيا نفس ماظلت تفعله بالشعب في تلك المناطق التي تدخلها من إنتهاكات ، ثم لتعود كتائب الإسلاميين والجيش وإستخباراته في حال تحريرها مُجدداً لتقوم بالتصفيات ضد المواطنين داخل تلك المناطق بتهمة التعاون مع المليشيا المُجرمة ، في حرب هي بكل المقاييس ضد البلاد وشعبها وضد خصوم الحركة الإسلامية وضد كُل من ثار ضد نظام المؤتمر الوطني من طرفين رئيسين فيها أحدهم صنع الآخر فانقلب عليه وإقتتلوا حول السُلطة ولتمرير أجندة خارجية وتحولوا لأدوات لتقسيّم بلادنا ونشر الفوضي فيه وإعادة إحتلاله وإضعافه لتسهيل سرقته ونهبه والسيطرة عليه. هاهي المليشيا تنفذ وعدها وتهديدها بضرب عمق بورتسودان معقل الكيزان والجيش وحلفاؤه ، فضربت مُسيراتها مطار بورتسودان ويهددون بمزيد من التصعيّد فيها رداً علي إستهداف الجيش بالمُسيرات أيضاً مطار نيالا وطائرة تحمل أسلحة للمليشيا بحسب ما تم إيراده ، وكانت مليشيا الدعم السريع أيضاً قبلها بساعات قد إستهدفوا مطار كسلا ومحطة الوقود فيه ، دخول الحرب منطقة الشرق تحديداً هو تهديد وتطور خطير ، ويمكن أن يكون مسوقاً لدخول أريتريا وأثيوبيا معاً للحرب وكذلك مصر وبشكل رسمي وعلني وليس من وراء ستار ، وهذا حتماً سيتم في حال إستمرار هذه الحرب وبهذا المنحي ، وهنالك تهديدات مُسبقة بإستهداف الشمالية ولعلها مسألة زمن ليس إلا وأمر متوقع في أي لحظة. كُل هذا الواقع الماثل والحالي والمتوقع له يذهب لنتيجة واحدة وهي الخطر الكبير علي الدولة السُودانية وجوداً وعلي الشعب السُوداني حاضراً ومُستقبلاً ، وإستهدافاً عظيّماً ومُباشراً لوحدة بلادنا ولسيادتها ومصالح جميّع شعبها ، وتخريباً له ونشراً كبيراً للفوضي فيه وعلي أقلّ الإحتمالات سؤاً هو إضعافه الكبير وإعادة إحتلال أجزاء منه ، وأسؤا الإحتمالات هو تقسيّمه وإحتلاله معاً وتلاشئ لدولة السُودان الحالية ، هذا الواقع الخطيّر والمُخيف إن لم يُحرك السُودانيّن الآن شعباً وقيادة وجميّع القوي السياسية والفاعلة فيه وكل من يهمّه أمر الوطن فسيحل الندم بالجميّع بتضييع الوطن ومسؤلية حمايته والحفاظ عليه ، وستلعننا لا قدر الله دون أدني شك الأجيّال القادمة بسبب هذا المصيّر إن قُدر لها المجئ فوق أشلائه يوماً ما مُستقبلاً بالتفريّط فيه! ولا زلنا نقول أن تدراك هذا المصيّر القاتم لايزال بأيدينا كسُودانين وكشعب وفي كل قواه السياسِية والمدنية والثورية والفاعلة والمجتمعية وكل وطني حقيقي وغيور علي هذا الوطن ويهمه أمره. إن تقديم مصلحة بلادنا في هذا المُنعطف الخطير وهذه المرحلة ومصلحة جميّع السُودانيين تتطلب ودون أي تباطؤ أو تلكؤ أو إنتظار التحرك العاجل لإنقاذ الوطن وعدم الإلتفات للوراء أو الإستسلام ، وهذا يعني تحول كُلي في التفكير والفعل معاً ، وتنازلات كُبري من الجميّع لأجل الوطن وللمحافظة عليه وعدم إعطاء الطامعيّن والأعداء وأداواتهم بالداخل والخارج فرصة الظفر ببلادنا والنيّل منها وقطع الطريق أمام جميّع المؤامرات وضد كُل خطوات تقسيّمه وتكسيره وتلاشيه وسرقته والسيطرة عليه. إنها دعوة لإنقاذ الوطن والعمل علي وحدته و وقف هذه الحرب فوراً وبكل الوسائل المُمكنة والمشرّوعة والمحافظة علي الشعب السُوداني من الإبادة والفناء والتهجيّر. دعوة لكل القوي الحزبية بمن فيهم عُقلاء الإسلاميين إن وجدوا والوطنيين من كُل الشعب السُوداني بتحمل المسؤلية ونفض اليد عن هذه الحرب وطرفيها والوحدة كحائط الصد القوي والمتاريس ضد إستمرارها ، ولا يعني هذا باي حال القبول أو الإنكسار لإرادة طرفيها وإنما لفرض إرادة السُودانيون في المُحافظة علي بلادهم و وحدتها وأرواح السُودانيين أنفسهم وعدم جعلهم وقود لحرب تُدار بالوكالة أو من أجل سُلطة وصراع عليها. إنها دعوة لكل القوي السياسية والحزبية والمدنية والثورية وكل الفاعليّن لهزيمة اليأس والأطماع الذاتية والفردية والإقصاء والتمترس في المواقف والإتكالية والإنتظار والهشاشة والضعف والخنوع والإستتباع للخارج والتوجه الصادق والمسؤول للعمل الجماعي المُخلص لأجندة الوطن ومصلحته العُليا التي لاتقبل المساومة ولا الإنتظار ولا التأجيل ولصالح جميّع السُودانين دونما فرز وفي كُل أجزائه ومع كُل تنوعنا فيه. غير مقبول في هذه المرحلة الفارقة التخندق والتعصب في المواقف والأراء والإنغلاق في الماضي وصراعاته وإختلافاته ، وغير مقبول النظر بعيّن الأجندة الحزبية الضيّقة مهماً كانت في رأي مُعتنقيها صائبة فالصواب الآن فقط للقبول ببعضنا جميّعاً والعمل المُشترك المُخلص لإنقاذ الوطن و لوحدته أرضاً وشعباً ولوقف الحرب والإقتتال والصرّاع الدموي المُسلح ، والمحافظة علي الشعب ووقف جميّع مُعاناته ولهزيمة كُل الأطمّاع فيه لتقسيّمه ولتلاشيه ونهبه. إنها دعوة لكُل السُودانيين في الداخل والخارج للعمل الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، ولنفض اليد من الحرب أو الدعم لإستمرارها وإعطاء المسوق لمزيد من سفك الدماء وتمدد خطابات الكراهية وبذور التقسيّم والتشظي الإجتماعي المهدد الأكبر لوحدتنا كشعب عظيّم عاش ويعيش في بلدٍ عظيّم أسمه السُودان ، ولتُحل جميّع خلافاتنا ومشاكلنا فيه بلغة الحوار والقبول بذلك والتواضع له بدلاً عن البندقية والسلاح والمُسيرات والطائرات والحرب المُدمرة وصولاً للسلام المُستدام و التحول الديمُقراطي في وطن مُوحد مُستقر وآمن يسع الجميّع… دعوتنا صادقة في لحظة حاسمة من تاريخنا لاتقبل التأجيّل بالإيمان المُطلق بالحل الداخلي ، و للعمل الوطني الجماعِي المُخلِص لإنقاذ الوطن ، وكلنا يقيناً بعظمة شعبنا وهمته وعلو روح الوطنية لديه في أوقات الخطر العظيّمة!. والمجد للسُودان وشعبه حاضراً ومُستقبلاً……


التغيير
٠١-٠٥-٢٠٢٥
- التغيير
المؤتمر الوطني يرتب السياسة الداخلية والخارجية بعد تعيين دفع الله، وصديق
بينما لم يمر أكثر من يوم على تصريحه بأن قيادة الجيش لا علاقة لها بالحركة الإسلامية، أصدر البرهان قرارين بتعيين اثنين من منسوبي الحركة الإسلامية في الخدمة المدنية. أحدهما صار رئيساً لمجلس الوزراء المؤقت، والثاني كلف بان يكون وزيرا للخارجية. وتزامن هذان القراران بتسريبات لم تنفها بورتسودان حتى الآن فحواها ان البرهان عقد اجتماعاً مع قادة الحركة الإسلامية في مقر ما. وخلص الاجتماع إلى عدد من القرارات المتعلقة بالحرب، وكذا شؤون أخرى تهم المتحالفين هناك. والحقيقة أننا لا نحتاج إلى هذه التسريبات فقط لنتبين علاقة التنسيق بين قيادة الجيش والإسلاميين، خصوصاً بعد الفترة التي تلت انقلاب البرهان – حميدتي في الخامس والعشرين من أكتوبر 2021. فالبرهان اعتمد على حاضنته الكيزانية الجديدة في كل مرفق حكومي منذ ذلك التاريخ. فقد أعاد كل الذين فصلتهم لجنة إزالة التمكين في مرافق الدولة، ونقض كل قراراتها، وأعاد المنصب، والمال، والنفوذ، للذين تورطوا في سرقة المال العام، وغيرها من أشكال الفساد التي برع فيها الكيزان. ولا يحتاج أي مراقب للأوضاع في السودان بعد سطوة البرهان على مقاليد الحكم أن يكتشف أنه – ومن خلفه الكيزان – استداروا بمكر على ما ترتب على ثورة ديسمبر من إجراءات إصلاحية. والمتابع لمواقف غالب الإسلاميين بعد الانقلاب والحرب يلحظ الدفاع الحميم عن قرارات البرهان ضد الثورة، وكذلك التعاون الوثيق بينهم والجيش، وتوحد مواقفهم السياسية، والإعلامية، والحربية، مع موقف البرهان. لا ننسى لدفع الله الحاج الذي تقلد منصب رئيس الوزراء دوره البالغ للدفاع عن الدعم السريع في المنظمة الدولية حينما كان ممثلاً للسودان رغم الانتهاكات الموثقة. أما عمر الصديق الذي أصبح وزيراً للخارجيّة فقد خدم الدبلوماسية مدافعاً عن نظام البشير لمدى تجاوز ثلاثة عقود. وكما نعلم أن استمرارهما في أداء الدور الدبلوماسي طوال زمن الإنقاذ كفيل بولائهما للمؤتمر الوطني. إذن فكذب البرهان بأنه لا علاقة لمشيئته العسكرية والسياسية بالحركة الإسلامية محاولة اعتباطية لإخفاء المعلوم بالضرورة. فلا حاضنة للبرهان في هذه الحرب ترسم له المسار، وتدافع عنه الآن، خلاف كوادر المؤتمر الوطني. البرهان فاقد للأهلية العسكرية، والسياسية، ولذلك يعتمد المكر، والخداع، والبهتان، وسائلَ للحفاظ على السلطة لا غير. وبهذا النهج قاد البلاد إلى هذا الوضع الذي لا يحسد عليه، ومع ذلك ما يزال كثيرون يصدقون أن جيشه سيقود البلد إلى بر الأمان خلال إدارته للحرب. ولو عذرنا دعم الإسلاميين له الآن، فلا عذر لمثقفين لم يكشفوا خداعه، ومكر الحركة الإسلامية على حد سواء. بالتعيين الجديد لدفع الله، وصديق، يكون المؤتمر الوطني قد حقق اختراقاً كبيراً في عودته الظاهرة لاستعادة سلطة بورتسودان. ووفقاً لهذا الإجراء سترتب الأوضاع الداخلية والخارجية وفقاً لإملاءات قادة الحزب المنحل على المسؤولين الجدد.