logo
وداعا فادي سوداح.. حارس اقتصاد الوطن في زمن الحرب السيبرانية

وداعا فادي سوداح.. حارس اقتصاد الوطن في زمن الحرب السيبرانية

الغد١٩-٠٦-٢٠٢٥
غادرنا أبو أيوب، ولو كان الأمر بيدي لما سمحت له بالرحيل، لكنها سنن الله في كونه.
"احبب من شئت فإنك مفارقه"
اضافة اعلان
عرفتُ المهندسَ فادي سوداح – أبو أيوب – منذ أكثر من عقدين، ووجدته دائما كما عهدتُه: عالِمًا وخبيرا مُتفانيًا، وحارسًا يقظًا على ثغرَةٍ من ثُغور الوطن. كان رجلًا من أولئك الذين يُمسكون بمفاتيح الأمن الاقتصادي بين أيديهم، فلا يغفلون، ولا يُفرِّطون في أمن الوطن واقتصاده وحقوق الخلق فيه.
في سوق رأس المال الأردني، حيث تُدار ملياراتُ الدولارات، وتُبنى الثروات، تُهاجم الأنظمةُ السيبرانية بلا توقف. كان فادي درع الحماية، وسدًّا منيعًا ضدَّ أي اختراق. كُنتُ أراه في مؤسسات السوق المختلفة – مديرًا لتكنولوجيا المعلومات، ثم في مركز إيداع الأوراق المالية، وأخيرًا في بورصة عمان – فلا أجده إلا حريصًا على عمله أشدَّ الحرص، مُتابعًا لأدقِّ التفاصيل، كأنَّما الأمانةُ حِمل اختاره طوعا لأنه يريد أن يقدم لبلده شيئا مما يبرع فيه.
حتى المرض الخبيث لم يُثنه عن مهمته. أصابَه الداء، فما ازداد إلا إصرارًا. كُنتُ أزوره في مركز الحسين للسرطان، وهو يُكمل جلسةَ العلاج الكيماوي، ثم يهمُّ بالخروج لاحتساء القهوة (أميريكان بحليب ساخن)، وكأنَّ شيئًا لم يكن. أذكرُ يومًا سألته – وأنا الصحفي الذي يعرف هشاشة الأنظمة أمام الهجمات الإلكترونية –: "هل أنت مطمئن أن نغادر المبنى؟"، فضحك ضحكتَه الساخرة التي تختزن ثقةً من نوعٍ آخر: "أتظنُّ أني أترك ثغراتٍ في نظام البورصة؟"
كان جنديًّا مجهولا بكلِّ ما تحمله الكلمة من معنى. حتى في أسوأ أيام علاجه، كان يتابعُ أدواتِ الحماية، ويتأكَّد من سَلامة جلسات التداول، وكأنَّ الهجمات السيبرانية عدوٌّ شخصيٌّ له. وعندما بدأت الهجماتُ تستهدفُ المؤسسات التي تحمل اسم "الأردن"، كان فادي في الصفِّ الأول، مُتأهبًا، كأنَّه يقاتل في خندق، يقدم تضحيات لا تقل عما يقدمه الجنود الأشاوس في خنادق الحرب التقليدية.
لو أردت أن أمنحه وساما، لاقترحت إنشاء وسام "النشمي" – فهو في الصفوف الأولى في كتيبة النشامى.
تعلمتُ منه – حتى في مرضه – معنى الانضباط، والولاء للوظيفة. كان يذكرني دائمًا بزملائه الذين يقفون معه في الخندق: سمير جرادات في مركز الإيداع، وسارة الطراونة في الشؤون القانونية وحاليا مديرة مركز الايداع ، ومازن الوظائفي في بورصة عمان. كان فريقًا واحدًا، يعملون كالجسد الواحد، لأنَّهم يعرفون أنَّهم يحمون أكثر من مجرد "بيانات" – يحمون اقتصادَ وطن.
فشل العلاج الكيماوي في النهاية. استسلم الجسد، لكن الروح لم تستسلم. حتى في أيامه الأخيرة، كان يُراجع، يُحقق، يتأكَّد. مات كما عاش: مُقاتلًا.
رحمك الله يا فادي. لقد كنتَ رجلًا من الرجال الذين لا يتكررون. كنتَ حارسًا للوطن من حيث لا يراك الناس. وسيبقى سوقُ رأس المال الأردني – بكلِّ أرقامه وأسهمه وأنظمته – شاهدًا على أنَّ رجالًا مثلك صنعوا الأمنَ في الظل.
وداعا أيها النشمي، وداعا فادي.
للمزيد من مقالات الكاتب انقر هنا
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

توقيف عشريني ضرب طفلا في الشارع العام
توقيف عشريني ضرب طفلا في الشارع العام

رؤيا نيوز

timeمنذ 6 ساعات

  • رؤيا نيوز

توقيف عشريني ضرب طفلا في الشارع العام

أفاد الناطق باسم مديرية الأمن العام، بأنّ الأجهزة الأمنية ضبطت عشرينيا اعتدى بالضرب على طفل يبلغ من العمر 13 عاما في الشارع العام في منطقة جبل الجوفة. وأضاف الناطق في بيان السبت، أنه جرى متابعة الشكوى وضبط الشخص وإيداعه للقضاء والذي قرّر توقيفه داخل أحد مراكز الإصلاح والتأهيل لمدة أسبوع.

غزة.. استشهاد أصغر أسير في العالم
غزة.. استشهاد أصغر أسير في العالم

الغد

timeمنذ 7 ساعات

  • الغد

غزة.. استشهاد أصغر أسير في العالم

استشهد الفتى الفلسطيني يوسف الزق (17 عاما)، الذي يُعد أصغر أسير محرر في العالم، إثر قصف بطائرة مسيرة استهدف شقة عائلته بمدينة غزة، فجر السبت، بحسب ما أفاد "مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني". وقال المكتب في بيان: "استشهاد يوسف الزق، أصغر أسير في العالم، بعد استهداف الاحتلال شقة عائلته في شارع الثورة وسط مدينة غزة". وأضاف: "يوسف ولد داخل سجون الاحتلال عام 2008، وارتبط اسمه بقصة نضال والدته الأسيرة المحررة فاطمة الزق، التي أنجبته خلف القضبان". اضافة اعلان وعام 2007 اعتقلت إسرائيل فاطمة الزق أثناء خروجها من قطاع غزة للعلاج، وهي حامل بطفلها يوسف، قبل أن تضعه داخل السجن، وفق "الأناضول". ولم تكن الفلسطينية (56 عاما) تتوقع أن تكون حاملا عند اعتقالها، حيث اكتشفت ذلك داخل سجون إسرائيل، دون أن يشاركها زوجها وأبناؤها الـ8 فرحة انتظار الطفل، الذي ولد لاحقا خلف القضبان، حسب تصريحات سابقة لها. وعاشت الزق ظروفا قاسية مع طفلها يوسف داخل السجن، حيث قضت نحو عامين تربيه بين القضبان، في زنزانة ضيقة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. كانت تعاني من نقص الغذاء والرعاية الصحية، دون أي مساحة آمنة لرعاية مولودها. ولم يكن يسمح لها بالخروج إلا مقيدة اليدين، وكانت تعاني الإهمال الطبي، فيما تعرض طفلها لحالات مرضية متكررة وسط غياب الرعاية الصحية اللازمة، وفق رصد مراسل الأناضول بيانات سابقة صدرت عن مراكز حقوقية. وفي 2008 تحررت فاطمة الزق مع طفلها من سجون إسرائيل، ضمن صفقة أفرج خلالها عن 19 أسيرة فلسطينية، مقابل تسليم حركة حماس شريط فيديو يظهر الجندي الإسرائيلي الأسير جلعاد شاليط، الذي أطلق سراحه في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، مقابل الإفراج عن نحو ألف أسير فلسطيني.

حملة لإزالة البسطات غير المرخصة في إيدون
حملة لإزالة البسطات غير المرخصة في إيدون

رؤيا نيوز

timeمنذ 10 ساعات

  • رؤيا نيوز

حملة لإزالة البسطات غير المرخصة في إيدون

نظمت بلدية بني عبيد، بالتعاون مع مركز أمن إربد الغربي، اليوم السبت، حملة مشتركة لإزالة البسطات غير المرخصة والاعتداءات على الطرق والأرصفة في منطقة إيدون. وأوضح رئيس قسم الأسواق في البلدية، معاوية الشياب، أن الحملة أسفرت عن مصادرة عدد من عربات البيع غير المرخصة، وإزالة البضائع التي كانت تعيق حركة المرور على الممرات والجزر الوسطية، ما يشكل خطرا على سلامة السائقين والمواطنين. وأكد استمرار البلدية في مراقبة الاعتداءات من قبل أصحاب البسطات وبعض التجار على الطرق ضمن حدود البلدية، مشددا على أن البلدية لن تسمح بأي حال من الأحوال بانتهاك حقوق المواطنين في الاستمتاع بالمساحات العامة والاستفادة منها بأمان.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store