logo
لعبة الكبار: أين ستقف الصين وروسيا في المواجهة بين أميركا وإيران؟

لعبة الكبار: أين ستقف الصين وروسيا في المواجهة بين أميركا وإيران؟

الجزيرة٠٦-٠٤-٢٠٢٥

اكتسبت الأزمة النووية بين الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل وإيران بعدًا جديدًا مع عودة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة.
وتفسّر طهران سعي ترامب إلى إدراج عدة قضايا – مثل الملف النووي الإيراني وتطوير الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية وعلاقات إيران مع القوى الإقليمية، مثل حزب الله وأنصار الله، ضمن أجندة المفاوضات المحتملة- على أنه "محاولة لإلغاء سيادتها أو تقييدها".
وفي حين يصرح ترامب برغبته في التوصل إلى اتفاق مع إيران، فإنه في الوقت نفسه يفضل اتباع سياسة أكثر عدوانية تجاهها.
أما إسرائيل، فتتبنى موقفًا متشددًا، مؤكدة أنه "لا يوجد خيار سوى تدمير المنشآت النووية الإيرانية، وجعلها غير صالحة للاستخدام".
وبينما يعيد ترامب تطبيق "سياسة الضغط الأقصى" على إيران، فإنه يزيد الضغط على طهران من خلال تحميلها مسؤولية العمليات التي تنفذها حركة أنصار الله اليمنية في البحر الأحمر دعمًا لغزة.
وفي ظل تصاعد التوتر بين البلدين يومًا بعد يوم، تأثرًا بالتطورات الإقليمية، أرسل ترامب رسالة إلى المرشد الإيراني آية الله خامنئي. ومع دخول العلاقات بينهما مرحلة أكثر توترًا وازدياد حدة الأزمة، زار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إيران. كما اجتمع وزراء خارجية إيران، وروسيا، والصين، في 14 مارس/ آذار 2025، في بكين؛ لمناقشة البرنامج النووي الإيراني والتطورات الجارية.
ومن جانبها، ترتبط إيران باتفاقيات تعاون إستراتيجي منفصلة مع كل من روسيا، والصين.
وفي ظل تصاعد الضغوط والتهديدات الأميركية والإسرائيلية ضد إيران، يبقى السؤال مطروحًا حول "مدى تأثير هذه الاتفاقيات الإستراتيجية بين طهران، وموسكو، وبكين لصالح إيران".
رسالة ترامب إلى خامنئي
أرسل الرئيس الأميركي دونالد ترامب، عبر دولة الإمارات، رسالة إلى المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي. ولم تصدر أي تصريحات تفصيلية من طهران أو واشنطن حول مضمون الرسالة.
ومع ذلك، أكد كل من آية الله خامنئي والرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، في العديد من الخطابات، أن "الولايات المتحدة تسعى لممارسة الضغوط على إيران، وأنهم لن يجلسوا إلى طاولة المفاوضات تحت الضغط".
كما شدد نائب وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، على أن "إيران لا ترفض المفاوضات من حيث المبدأ، لكنها لن تدخل في مفاوضات في ظل الظروف الحالية".
هل ستؤدي رسالة ترامب إلى تغيير في موقف إيران؟
حتى الآن، لم يظهر أي تغيير ملحوظ في تصريحات المسؤولين العسكريين الإيرانيين بعد وصول الرسالة إلى طهران. لكن يمكن القول إن "الرسالة لقيت معاملة جدية كبيرة في إيران".
ووفقًا لمصدر أكاديمي إيراني فضل عدم الكشف عن هويته، فقد عُقدت اجتماعات مكثفة ضمت شخصيات إصلاحية ومحافظة بارزة عقب وصول الرسالة إلى آية الله خامنئي.
وأوضح المصدر أن "الرسالة لم تُكتب بلغة دبلوماسية، بل احتوت على العديد من العبارات التهديدية". وأضاف أن ترامب قدم في رسالته شرطًا مسبقًا لاستئناف المفاوضات، يتمثل في الوقف الكامل لدعم جميع القوى الإقليمية الحليفة لإيران، كما حدد موضوع المفاوضات بأنه "التخلي التام عن تخصيب اليورانيوم وإغلاق المنشآت النووية".
وختم رسالته بالقول إنه "في حال التوصل إلى اتفاق ضمن هذا الإطار، ستُرفع العقوبات المفروضة على إيران". أما إذا لم يُتوصل إلى اتفاق، فستواجه إيران أولًا ضغوطًا اقتصادية ساحقة، تليها أقسى عملية عسكرية ضدها.
وقد تزامنت هذه الرسالة مع تصريحات ترامب الأخيرة التي حمّل فيها إيران مسؤولية التطورات في اليمن وغزة، مما يدعم صحة المعلومات التي نقلها المصدر الأكاديمي الإيراني حول مضمون الرسالة.
لكن هل تعني تلك الرسالة أن الولايات المتحدة باتت على وشك شن هجوم عسكري على إيران؟
ليس بالضرورة، فقد شهدت فترة ترامب الأولى توترات حادة مع كوريا الشمالية؛ بسبب برنامجها النووي والصواريخ الباليستية العابرة للقارات، ووصلت التهديدات إلى مستويات خطيرة. ومع ذلك، أرسل ترامب رسالة إلى الزعيم الكوري الشمالي، كيم جونغ أون، في تلك الفترة، أعقبها عقد قمة سنغافورة عام 2018، التقى فيها ترامب وكيم وجهًا لوجه لأول مرة.
لذلك، قد تكون رسالة ترامب إلى خامنئي "جزءًا من دبلوماسية التهديد والضغط"، وليست بالضرورة مؤشرًا على اقتراب مواجهة عسكرية مباشرة.
زيارة لافروف إلى طهران تثير الجدل
زار وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، العاصمة الإيرانية طهران في نهاية شهر فبراير/ شباط 2025، حيث التقى بنظيره الإيراني، عباس عراقجي، وذلك في وقت بدا فيه أن الولايات المتحدة وروسيا توصلتا إلى تفاهم مبدئي حول حل أزمة أوكرانيا، وفي ظل تبادل الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين رسائل ودية.
ولهذا السبب، فسّرت الأوساط السياسية في طهران زيارة لافروف بأنها "إشارة إلى احتمال تخلّي روسيا عن إيران، خاصة مع تصاعد التوتر بين طهران وواشنطن وازدياد تعقيد الأزمة وارتفاع احتمالات اللجوء إلى الخيار العسكري مقارنة بالسابق".
وقالت وسائل إعلام إيرانية إن لافروف عرض خلال زيارته التوسّط بين إيران والولايات المتحدة بشأن برنامج طهران النووي.
وفي ذلك الوقت، صرح نائب الرئيس الإيراني، جواد ظريف، خلال ظهوره في برنامج تلفزيوني، بأن "روسيا لعبت دورًا معرقلًا وليس بناء في المفاوضات النووية التي أُجريت خلال فترة إدارة أوباما".
وأشارَ العديد من الصحف ووسائل الإعلام الإيرانية إلى أن "زيارة لافروف عززت الشكوك بشأن نوايا موسكو تجاه طهران"، مشددة على أن "روسيا خانت إيران في سوريا، وهو ما أدّى إلى تراجع ثقة طهران في موسكو".
اتفاقية التعاون الإستراتيجي بين إيران وروسيا
قبل أيام من تولّي دونالد ترامب منصب الرئاسة في الولايات المتحدة، زار الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان موسكو، حيث وقّع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اتفاقية "الشراكة الإستراتيجية الشاملة" بين البلدين.
وتشمل الاتفاقية مجالات متعدّدة، من التجارة والطاقة إلى التعاون العسكري والثقافي. وأصدر الكرملين بيانًا حول تفاصيل الاتفاقية، وكان أبرز ما ورد فيه هو البند المتعلّق بالتعاون العسكري.
سيتحرك البلدان معًا ضد التهديدات العسكرية المشتركة، وسيجريان مناورات مشتركة، بالإضافة إلى تعزيز التعاون في المجال العسكري والتقني.
إذا تعرض أحد البلدين لهجوم، فإن الطرف الآخر يتعهد بعدم تقديم أي دعم للدولة المعتدية.
يلتزم الطرفان بعدم السماح باستخدام أراضيهما من قبل أي حركات انفصالية قد تضر باستقرار الدولة الأخرى.
سيُعزز التعاون بين أجهزة المخابرات والأمن في البلدين، مع زيادة تبادل المعلومات والخبرات.
ويتضح من بيان الكرملين أن روسيا لا تتعهد بالدفاع عن إيران في حال تعرضها لهجوم من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل أو كلتيهما معًا، بل تقتصر التزاماتها على عدم دعم الدول المهاجمة فقط.
ويمكننا القول، استنادًا إلى التجارب التاريخية، أن "التعاون العسكري والتقني بين روسيا وإيران سيكون محدودًا من قبل موسكو".
على سبيل المثال، تكشف الوثائق الاستخباراتية السوفياتية أن الاتحاد السوفياتي رفض، خلال الحرب العراقية- الإيرانية، طلب إيران تزويدَها بنظام صواريخ تكتيكية، رغم أنّ إيران كانت تعتبر قدرات إسرائيل الصاروخية تهديدًا إستراتيجيًا لها آنذاك.
وفي عام 1989، طلبت إيران من الاتحاد السوفياتي المساعدة التقنية في تصميم نظام صواريخ تكتيكية بمدى 300 كيلومتر وقدرة حمولة 500 كيلوغرام، بالإضافة إلى تزويدها بصواريخ "R-17Eh"، لكن جهاز الاستخبارات السوفياتي "KGB" رفض هذا الطلب، بحجة أنه يتعارض مع سياسة منع انتشار تكنولوجيا الصواريخ التي ناقشتها موسكو مع واشنطن.
كما تكشف الوثائق أن القيادة السوفياتية اعتبرت أن هدف إيران لم يكن مجرد الحصول على صاروخ تكتيكي بسيط، بل امتلاك التكنولوجيا اللازمة لتطوير صواريخ متوسطة المدى مشابهة لتلك التي تمتلكها إسرائيل.
وفي اجتماع مجموعة العمل الوزارية السوفياتية بتاريخ 26 أكتوبر/ تشرين الأول 1989، تقرَّر رسميًا رفض طلب إيران للحصول على المساعدة التقنية.
وفي عهد ترامب، كانت العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة مختلفة تمامًا عن تلك التي كانت في عهد بايدن.
ومن المتوقع أن يكون لهذا الاختلاف تأثير سلبي على العلاقات بين موسكو وطهران. فروسيا تسعى حاليًا إلى إعادة بناء علاقاتها مع واشنطن عبر ملف الحرب الأوكرانية.
وفي ظل هذا التقارب، من غير المرجح أن تتخذ موسكو خطوات من شأنها تعكير صفو علاقاتها مع واشنطن وتل أبيب، حتى مع تصاعد التوترات بين الولايات المتحدة وإيران.
باختصار، رغم توقيع "اتفاقية الشراكة الإستراتيجية الشاملة" بين روسيا وإيران، فإن التجارب التاريخية والتطورات الجيوسياسية تشير إلى أن "روسيا لن تخاطر بعلاقتها مع واشنطن من أجل الدفاع عن طهران".
ماذا ستفعل الصين؟
في عام 2021، وقّعت إيران والصين اتفاقية "التعاون الشامل لمدة 25 عامًا"، وهي اتفاقية اقتصادية وليست عسكرية، تتجاوز بموجبها الصين العقوبات الأميركية لشراء النفط الإيراني بأسعار منخفضة، وفي المقابل، ستستثمر في إيران.
وتعد هذه الاتفاقية جزءًا من مشروع الصين الضخم "الحزام والطريق"، الذي يهدف إلى توسيع نفوذ بكين كقوّة عالمية من خلال إنشاء روابط اقتصادية وإستراتيجية. ولذلك، فإنها لا تشمل التعاون العسكري أو الدفاع المشترك بين البلدَين.
ويمكن اعتبار هذه الاتفاقية امتدادًا للعلاقات التاريخية بين إيران والصين، والتي كانت قائمة في الغالب على التعاون الاقتصادي لا العسكري. فتاريخيًا، فضلت الصين دائمًا البقاء على مسافة من الصراعات العسكرية المباشرة، وكانت علاقتها بإيران قائمة على المصالح الاقتصادية.
وأثناء الحرب العراقية- الإيرانية (1980-1988)، لجأت إيران إلى الصين لسد احتياجاتها من الأسلحة.
ومع ذلك، لم تقتصر الصين على دعم إيران، بل سعت إلى تحقيق توازن في صادراتها العسكرية، مستغلة الصراع كفرصة اقتصادية لتوسيع نفوذها في الشرق الأوسط.
وعلى الرغم من أن الصين باعت أسلحة لإيران، فإنها لم تقف بجانبها ضد العراق.
وخلال الحرب، بلغ إجمالي مبيعات الصين العسكرية لإيران 1.843 مليار دولار، بينما باعت للعراق بأكثر من 5 مليارات دولار، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف صادراتها إلى إيران.
وكان أهم سلاح قدمته الصين لإيران خلال الحرب هو الصواريخ المضادة للسفن، التي لعبت دورًا مهمًا في الهجمات الانتقامية الإيرانية ضد السفن التي كانت تنقل النفط والسلع إلى العراق خلال ما عُرف بـ "حرب ناقلات النفط".
ورغم أهمية هذا السلاح، باعت الصين 80 صاروخًا فقط من طراز "سيلك وورم" لإيران، بينما باعت أكثر من 200 صاروخ من نفس الطراز للعراق.
ومن ناحية أخرى، لم يكن موقف الصين داعمًا لإيران في القضايا النووية أيضًا. ففي 15 فبراير/ شباط 2006، عندما صوت مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية على "إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن الدولي"، صوتت الصين ضد إيران إلى جانب روسيا والهند.
وعلى مدار السنوات، وفي العديد من قرارات مجلس الأمن المتعلقة بإيران، امتنعت الصين عن دعم طهران، بل فضلت الامتثال للعقوبات الأميركية.
في مقالته "السياسة الخارجية الصينية تجاه الحرب العراقية- الإيرانية"، يقدم الأكاديمي الإيراني، محمد حسين جمشيدي، تحليلًا مهمًا لفهم موقف الصين من إيران، سواء في الحرب الباردة، أو في العصر الحالي.
حيث يقول: "لم تدعم الصين أيًا من الطرفين المتحاربين. فمنذ اندلاع الحرب بين إيران والعراق، كان القادة البراغماتيون في الصين يوجهون سياستهم الخارجية نحو تحقيق التنمية الاقتصادية، وكانوا يتخذون مواقفهم تجاه القضايا العالمية بناء على هذه الأولوية".
وتابع: "من هذا المنظور، لم تكن الحرب سوى فرصة للصين لاختبار سياستها الخارجية المستقلة، وتحقيق مكاسب اقتصادية وسياسية كبيرة. في الواقع، استغل الصينيون الحرب لتعزيز نفوذهم الاقتصادي والسياسي في المنطقة".
وفي ظل سعي الصين المستمر لتصبح قوة عالمية، يمكننا القول إن "بكين ستواصل نهجها التاريخي في تجنب التدخل العسكري المباشر لصالح المصالح الاقتصادية".
وفي طهران، يُطرح كثيرًا تساؤل حول "ما إذا كانت الصين حليفًا حقيقيًا لإيران".
وبعد الحرب الباردة، كانت إيران تثق بالصين أكثر من روسيا، لكن في الوقت الحالي، وعلى الرغم من توقيع اتفاقيات إستراتيجية مع بكين، تدرك إيران أن الصين ليست دولة يمكن الاعتماد عليها عسكريًا في حال وقوع أزمة كبرى.
ولا سيما في حال نشوب نزاع عسكري ضد الولايات المتحدة أو إسرائيل، فإن إيران تعلم أنها ستكون وحدها في مواجهة التهديدات العسكرية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا
ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا

الجزيرة

timeمنذ 32 دقائق

  • الجزيرة

ترامب يهاتف بوتين وأنباء عن "مذكرة سلام" روسية لإنهاء حرب أوكرانيا

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب اليوم السبت أنه تحدث مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين بشأن إنهاء ما وصفها "الحرب الرهيبة" الدائرة في أوكرانيا منذ أزيد من ثلاث سنوات. كما نقل موقع أكسيوس عن مسؤولين أميركيين، أن الإدارة الأميركية ما زالت تعتقد أن الرئيس بوتين على وشك اتخاذ خطوات ملموسة نحو التوصل إلى اتفاق مع أوكرانيا. وكشف المسؤولون للموقع أن دبلوماسية الرئيس ترامب مع بوتين أقنعته بإعداد "مذكرة سلام"، الأمر الذي كان يرفضه سابقا. ونقل الموقع عن مسؤولين أوكرانيين قولهم إن واشنطن "لا تملك أي معلومات بشأن موعد أو مكان انعقاد الجولة المقبلة من المحادثات مع روسيا". وكان الرئيس ترامب قد أجرى مكالمة سابقة مع الرئيس الروسي الاثنين الماضي، أكد على إثرها أن موسكو وكييف "ستبدآن فورا مفاوضات" لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب قد تستضيفها الفاتيكان. وقال ترامب إن مكالمته مع بوتين سارت على ما يرام، وإن الفاتيكان "ممثلا في البابا، أبدى اهتمامه باستضافة المفاوضات. فلتبدأ العملية!". كما وصف بوتين محادثته مع ترامب بالصريحة والبناءة، وقال -في مؤتمر صحفي- إن الرئيس الأميركي "أقر بأن روسيا تؤيد الحل السلمي للأزمة الأوكرانية". إعلان وأعرب عن استعداد بلاده للعمل على مذكرة تفاهم مع أوكرانيا تشمل وقف إطلاق النار، داعيا للتوصل إلى "تنازلات تناسب الطرفين"، وإلى القضاء على جذور الصراع، وفق تعبيره. ويعد اتصال اليوم رابع اتصال رسمي بين الرئيسين الأميركي والروسي خلال العام الجاري، حيث تقود إدارة ترامب جهودا دبلوماسية لإنهاء النزاع الذي ترى أنه كبّد الولايات المتحدة خسائر كبيرة. ومنذ 24 فبراير/شباط 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وفي مقدمتها حلف شمال الأطلسي (ناتو)، وهو ما تعتبره كييف "تدخلا" في شؤونها.

يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟
يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

يضحون بالبشر.. من هم أنصار "تحسين النسل" في أميركا؟

"إن صورة أغنى رجل في العالم وهو يقتل أفقر أطفال العالم ليست جميلة"، قالها مؤسس مايكروسوفت، الملياردير الخيري بيل غيتس عن إيلون ماسك خلال مقابلة مع صحيفة فايننشال تايمز، في وقت سابق من هذا الشهر. وقد أشار غيتس بشكل غير مباشر إلى دور ماسك في تقويض الوكالة الفدرالية للمساعدات الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهي الوكالة التي تم توجيه مليارات الدولارات عبرها لعقود نحو الحد من الفقر العالمي، والقضاء على الأمراض. لكن ذلك تغيّر، عندما قاد ماسك الحملة لإنشاء وزارة الكفاءة الحكومية غير الرسمية التابعة للرئيس دونالد ترامب (DOGE) لتفكيك الوكالة في فبراير/ شباط. وقال غيتس في مقابلة لاحقة في برنامج (The Late Show with Stephen Colbert)، موسعًا تعليقاته السابقة: إنّه "ما لم نعكس المسار بسرعة، فإننا سنشهد وفاة أكثر من مليون طفل إضافي حول العالم". لكن بغضّ النظر عمّا يراه بيل غيتس أو غيره، فإن استخفاف إيلون ماسك بحياة البشر لا يقتصر فقط على دوره في قيادة وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE). بل إن هذا النهج الفكري لا يخصّ ماسك وحده، بل يُعبّر عن توجّه أوسع داخل إدارة ترامب وعلاقاته مع عدد من المليارديرات. فقد أفسح ترامب المجال لنفوذ مجموعة من أنصار فكر "تحسين النسل"، سواء من التيارات القديمة أو بصيغها المعاصرة. ويؤمن بعض هؤلاء بفلسفة تُعرف بـ"المدى الطويل" (longtermism)، والتي تقوم على فكرة أن بقاء البشرية وامتدادها عبر المجرة بمليارات من البشر مستقبلًا يتطلب قيادة نُخبوية تتخذ قرارات صعبة، من بينها التضحية بأعداد كبيرة من البشر المعاصرين لحماية هذا المستقبل البعيد. وضمن هذا السياق، يشارك ماسك وآخرون في توجيه السياسات الأميركية، داخليًا وخارجيًا، على أسس تجمع بين أفكار "تحسين النسل" و"المدى الطويل"، ما يجعل ملايين البشر عرضة لأخطار فعلية أو محتملة. أبرز رموز تحسين النسل التقليدي في محيط ترامب ربما أبرز مثال على فكر تحسين النسل التقليدي في دائرة ترامب، هو روبرت ف. كينيدي الابن، الذي يشغل حاليًا منصب وزير الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية (HHS). وهناك موقفان له يُظهران بوضوح تبنّيه فكرَ تحسين النسل في القرن العشرين. أولهما موقفه المعادي للقاحات على مرّ السنين، خصوصًا لقاح الحصبة والنكاف والحصبة الألمانية (MMR). ففي التسعينيات، ادعى عدد محدود من العلماء أن هذا اللقاح مسؤول عن ازدياد تشخيص التوحد لدى الأطفال. ورغم أن العديد من الدراسات فنّدت تلك المزاعم، فقد استمر مناهضو اللقاحات أمثال كينيدي في تقويض الثقة العامة في برامج اللقاحات. وقال كينيدي في عام 2015 عن لقاح MMR: "يتلقون اللقاح، وفي تلك الليلة يصابون بحمى تصل إلى 103 درجات، ينامون، وبعد ثلاثة أشهر يتلف دماغهم. هذه محرقة، ما يفعله هذا الأمر ببلدنا". وقد اعتذر لاحقًا عن مقارنته المهينة بين التوحد والمحرقة. الموقف الثاني هو نزعة التمييز ضد ذوي الإعاقة لديه، المتداخلة مع نزعة عنصرية. ففي أبريل/ نيسان، انتقد كينيدي ازدياد حالات التوحد في أميركا باعتبارها أمرًا "يدمر العائلات"، مضيفًا أن الأطفال الذين "تراجعوا.. إلى التوحد.. لن يدفعوا ضرائب أبدًا، ولن يعملوا أبدًا، ولن يلعبوا البيسبول، ولن يكتبوا شعرًا، ولن يواعدوا، والكثير منهم لن يستخدموا المرحاض دون مساعدة". أصرّ كينيدي على تجاهل البيانات العلمية التي تؤكد أن التوحد ليس مرضًا في طور الانتشار، بل إن المجتمع بات يمتلك أدوات أدق وأكثر تطورًا تساعد على تشخيص من هم ضمن طيف التوحد، وهم أشخاص يشارك كثير منهم في الحياة الاجتماعية والعقلية بشكل نشط. وفي السياق نفسه، روّج كينيدي عام 2023 لشائعة مناهضة للقاحات تنطوي على مضمون عنصري وتمييزي ونزعة تآمرية. ففي يوليو/ تموز من ذلك العام، وخلال فعالية لجمع التبرعات لحملته الرئاسية التي أُلغيت لاحقًا، ظهر في مقطع مصوّر زاعمًا أن "كوفيد-19 يستهدف البيض والسود، بينما يتمتع اليهود الأشكناز والصينيون بأعلى درجات المناعة". غير أن هذا الادعاء يفتقر تمامًا إلى أي دليل علمي؛ فلا توجد مؤامرة تستهدف أعراقًا بعينها، كما لا توجد فئة سكانية محصّنة من الفيروس بطبيعتها. ومن الواضح أن تصريحات كينيدي العنصرية تنطوي أيضًا على معاداة للسامية. استخدام بيانات خاصة لأهداف تحسين النسل في وقت سابق من هذا الشهر، أعلن كينيدي أنه خوّل برنامجَي "ميديكيد" و"ميديكير" بمشاركة البيانات الخاصة مع معاهد الصحة الوطنية (NIH) لإنشاء قاعدة بيانات وطنية للمصابين بالتوحد "لكشف الأسباب الجذرية للتوحد" – والذي يعتبره "مرضًا يمكن الوقاية منه"- بحلول سبتمبر/ أيلول. ويتجاوز هذا التصريح مجرّد الرأي ليذكّر بممارسات دعاة تحسين النسل في القرن الماضي. فقد استخدمت حكومات الولايات الأميركية، والحكومات الفاشية مثل النازية، مثل هذه القوائم لعزل المصابين بالتوحد وغيرهم من ذوي الإعاقات عن المجتمع. في الولايات المتحدة، كانت التعقيم القسري الوسيلة لحماية "نقاء الجينات"، بينما استخدم النازيون القتل الرحيم. من الواضح أن كينيدي يمثل نموذجًا تقليديًا لداعية تحسين نسل معادٍ للقاحات ولذوي الإعاقة وعنصري في آنٍ واحد. تحسين النسل الجديد: فلسفة المدى الطويل غير أن فكر "تحسين النسل" في القرن الحادي والعشرين لم يختفِ، بل أعاد إنتاج نفسه في صورة جديدة تُعرف بفلسفة "المدى الطويل" (Longtermism). هذه الفلسفة تُعد امتدادًا حديثًا لمبادئ "الداروينية الاجتماعية" و"البقاء للأصلح" والحركات الإقصائية التي نشأت عنها. وعلى الرغم من أنها لا تروّج صراحة لفكرة الحفاظ على "عرق أبيض متفوق"، فإنها تتقاطع بوضوح مع منطق تحسين النسل. يؤمن أنصار "المدى الطويل" بأن إنقاذ البشرية من الانقراض يكمن في تطوير الإنسان ذاته وخلق "بشرٍ أفضل" قادرين على حمل مشعل الحضارة نحو المستقبل البعيد. لكن هذا "التحسين" يرتكز على فرضيتين أساسيتين: الأولى أن الرجال البيض من أصحاب الثروة والنفوذ -مثل إيلون ماسك، وبيل غيتس، وجيف بيزوس- هم الأجدر باتخاذ القرارات المصيرية نيابة عن البشرية جمعاء. والثانية أن عليهم أن يُحدّدوا مَن مِن البشر يُمكنه الاستمرار في استخدام موارد الكوكب، ومن يُفترض التضحية به، إذ يُنظر إلى مليارات من البشر الحاليين على أنهم عقبة محتملة في وجه "مستقبل أفضل" يستحق -في نظرهم- إنقاذه حتى لو تطلب الأمر إقصاءهم. ماسك ونظرية "الانتحار الحضاري عبر التعاطف" كشف ماسك عن قناعته العميقة بشأن من يستحق الحياة ومن لا يستحقها خلال مقابلة مطوّلة استمرت ثلاث ساعات في بودكاست جو روغن في فبراير/ شباط. قال ماسك حينها: "نحن نعيش حالة من التعاطف الانتحاري على مستوى الحضارة.. الضعف الجوهري في الحضارة الغربية يكمن في التعاطف. إنه استغلال للتعاطف. إنهم يستغلون ثغرة في الحضارة الغربية، وهي الاستجابة العاطفية". وبحسب رؤيته، فإن أولئك الذين لا يظهرون تعاطفًا مع "الحضارة ككل" -أي من منظور شامل وبارد- يساهمون، في رأيه، في انتحارها الجماعي. أما "هم" الذين يشير إليهم ماسك وروغن طوال المقابلة، فهم فئات متعددة تشمل: المهاجرين غير النظاميين، الليبراليين البيض، التقدميين، أعضاء الحزب الديمقراطي، وغيرهم من أفراد مجتمع الميم. الضمان الاجتماعي وسياسات شيخوخية قاسية في دائرة أنصار فلسفة "المدى الطويل" ضمن عالم ترامب، يبرز اسم الملياردير التقني بيتر ثييل، الذي يصف نظام الضمان الاجتماعي الأميركي بأنه "احتيال بين الأجيال". هذا التصريح يعكس دعمه الصريح لسياسات ماسك في إطار وزارة الكفاءة الحكومية (DOGE)، التي تستهدف تقليص برامج الرعاية الاجتماعية، لا سيما تلك المخصصة لكبار السن. كما يُظهر ذلك توجه إدارة ترامب نحو تبنّي سياسات تتسم بالتمييز العمري والوظيفي، تحت غطاء "تقليص الإنفاق الحكومي"، بينما تُعد هذه السياسات في جوهرها امتدادًا لفكر تحسين النسل، حيث يجري التلميح -أو التمهيد- لإقصاء الفئات التي تُعتبر عبئًا اقتصاديًا أو غير منتجة، مثل المسنين وذوي الإعاقات. وهي مقاربة قد تفضي فعليًا إلى تعريض هذه الفئات للهلاك. إعادة تشكيل الحكومة الفدرالية على صورة دعاة تحسين النسل جنبًا إلى جنب مع ترامب، عمل كينيدي وماسك على إعادة تشكيل الحكومة الفدرالية على صورتهم الخاصة كدعاة تحسين نسل. وقد تعاون كينيدي مع DOGE التابعة لماسك لقطع التمويل عن وزارة الصحة والخدمات الإنسانية، ومعاهد الصحة الوطنية، وبرامج اللقاحات، والوقاية من الأوبئة، وأبحاث السرطان، منذ توليه منصبه في منتصف فبراير/ شباط. وهناك حاليًا أمر حظر فعلي يمنع مسؤولي مراكز مكافحة الأمراض من التحدث عن انتشار سلالات إنفلونزا الطيور بين الحيوانات والبشر العاملين في صناعة الدواجن. وعندما تم استجوابه في جلسة استماع بالكونغرس في 14 مايو/ أيار حول عمله كوزير للصحة في تفكيك الوزارة، اعترف كينيدي بأنه "ربما" سيلقّح أطفاله ضد الحصبة في عام 2025. لكنه، في الجلسة ذاتها، عاد وشكّك في لقاح MMR، مما يشير إلى موقفه المتحيز ضد الأشخاص المصابين بالتوحد، بينما تمر الولايات المتحدة، وتحديدًا ولاية تكساس، بأحد أسوأ تفشيات الحصبة خلال الخمسين عامًا الماضية، حيث سُجل أكثر من ألف حالة حتى الآن، معظمها بين الأطفال غير الملقحين، توفي منهم اثنان.

أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة
أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

أكسيوس: هيكلة مجلس الأمن القومي تفكيك للدولة العميقة

اعتبر موقع أكسيوس إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته ماركو روبيو تنفيذ عملية هيكلة جذرية لـ مجلس الأمن القومي الأميركي خطوة مفاجئة تعكس تحولا عميقا في هيكل صناعة القرار الأمني الأميركي. وأشار الموقع الأميركي إلى أن عملية الهيكلة تشمل تقليص عدد موظفيه إلى النصف تقريبا، ونقل كثير من صلاحياته إلى وزارتي الخارجية والدفاع. ونقل عن مسؤولين في البيت الأبيض قولهم إن هذه الخطوة ستحقق تقليصا للبيروقراطية "المعرقِلة"، وتصفية ما يعتبرونه "الدولة العميقة" التي تضم مسؤولين من أصحاب المناصب الدائمة، الذين لا يشاركون الرئيس رؤيته. وقال أحد هؤلاء المسؤولين لموقع أكسيوس: "مجلس الأمن القومي هو المعقل الرئيسي للدولة العميقة. إنها معركة ماركو ضد الدولة العميقة، ونحن نقوم بتفكيكها". ويأتي هذا التغيير في إطار رؤية إدارة ترامب التي ترى أن الهيكل التنظيمي التقليدي للمجلس –المكوَّن من لجان متعددة- بات معرقلا لاتخاذ القرار، ويجب استبداله بنهج أكثر مباشرة يستجيب بسرعة لتوجيهات الرئيس. روبيو: إعادة الأمور إلى أصلها وقال وزير الخارجية ماركو روبيو ، الذي يشغل أيضا منصب مستشار الأمن القومي بالوكالة، في بيان إن إعادة ضبط حجم مجلس الأمن القومي تتماشى مع هدفه الأصلي ورؤية الرئيس. و"سيكون المجلس في وضع أفضل للتعاون مع الوكالات المختلفة". إعلان وأشار مسؤولون إلى أن الموظفين الذين سيتم الاستغناء عنهم لن يُفصلوا، بل سيتم نقلهم إلى وظائف حكومية أخرى. وفي المقابل، سيتركز دور مجلس الأمن القومي على "التنسيق وتقديم المشورة، لا على تنفيذ السياسة"، بحسب مصادر مطلعة. توافق داخل الفريق الرئاسي ويرى مسؤولون في الإدارة أن تقليص الهيكل البيروقراطي للمجلس لن يكون له آثار سلبية، إذ يسيطر الانسجام والتفاهم على الفريق الحالي. وقال أحدهم: "لدينا فريق متجانس من أمثال روبيو، ووزير الدفاع بيت هيغسيث ، ووزير الخزانة سكوت بيسينت، والنائب العام بام بوندي، وكلهم يعرفون ما يريد الرئيس وينفذونه دون صراع صلاحيات". وضرب المسؤول مثالا على ذلك بقرار ترامب الأخير بإلغاء العقوبات على سوريا ، حيث تم تنفيذ القرار فورا بتوجيه مباشر من الرئيس إلى الوزراء المعنيين، دون المرور بسلسلة اللجان والهيئات التقليدية داخل المجلس. ووفقا لمصادر داخل الإدارة، فإن ترامب يرغب في بقاء روبيو في موقعه كمستشار للأمن القومي لأطول فترة ممكنة، وهو "الشخص الذي يتخذ القرارات فعليا"، بحسب أحد المطلعين. يُذكر أن روبيو، الذي أشرف في وقت سابق على تقليص وكالة التنمية الدولية ويسعى لتبسيط وزارة الخارجية، عبّر مرارا عن قلقه من تأثير الموظفين الدائمين في مؤسسات الدولة. وسبق أن قال لترامب خلال صياغة السياسة الأميركية تجاه كوبا عام 2017: "ما التزمت به بشأن كوبا لن يأتي من الكادر المهني. عليك أن تُملي ما يجب عليهم فعله". وختم الموقع تقريره قائلا إن هذه التغييرات تشير إلى نية واضحة لدى إدارة ترامب بإحكام قبضتها على عملية صنع القرار الأمني والسياسي، وتجاوز المؤسسات البيروقراطية التقليدية التي يُنظر إليها باعتبارها عائقا أمام تنفيذ أجندة الرئيس.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store